وهب بن وهب بن كبير
ابن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد أبو البختري الأسدي القاضي بالمدينة وبغداد كبير: بفتح الكاف، وكسر الباء المعجمة بواحدة.
والبختري: بباء مفتوحة، وخاء معجمة، وتاء باثنتين.
حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: إن أول سورة تعلمتها من القرآن " طه " وكنت إذا قلت: " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا شقيت يا عائش.
ولاه هارون المدينة، وجعل إليه صلاتها وحربها وقضاءها.
وكان سخياً مرياً من رجال قريش، وروى منكرات.
وتوفي ببغداد سنة مئتين.
قال أبو البختري: لأن أكون في قوم أعلم مني أحب إلي من أن أكون في قوم أنا أعلم منهم، لأني إن كنت أعلمهم لم أستفد، وإن كنت مع من هم أعلم مني استفدت.
دخل شاعر على أبي البختري وهب بن وهب، فأنشده: من الطويل
إذا افتر وهب خلته برق عارض ... تنفق في الأرضين أسعده السكب
وما ضر وهباً ذم من خالف الملا ... كما لا يضر البدر ينبحه الكلب
لكل أناس من أبيهم ذخيرةٌ ... وذخر بني فهر عقيد الندى وهب
فاستهل أبو البختري ضاحكاً، وسر سروراً شديداً، ثم دعا عوناً له، فأسر له شيئاً، فأتاه بصرة، فيها خمس مئة دينار، فدفعها إليه.
وكان إذا أعطى عطاء قليلاً أو كثيراً أتبعه عذراً إلى صاحبه، وكان يتهلل عند طلب الحاجة إليه، حتى لو رآه من لا يعرفه لقال: هذا الذي قضيت حاجته.
وكان أبو البختري جواداً سمحاً.
قال محمد بن يزيد النحوي: دخل رجل باذ الهيئة على قوم، وهم على شراب لهم، فحطوا مرتبته في الشراب، فقال: من المتقارب
نبيذان في مجلس واحد ... لإيثار مثر على مقتر
ولو كنت تفعل ذا في الطعام ... لرمت قياسك في المسكر
ولو كنت تفعل فعل الكرام ... سلكت سبيل أبي البختري
تتبع إخوانه في البلاد ... فأغنى المقل عن المكثر
فبعث إليه أبو البختري بألف دينار.
ويروى قبل البيت الأول:
تأمل قبيح الذي جئته ... تجده خلوف فم الأبخر
وهذا من قبيح الهجاء، وفيه مبالغة في الذم. وفي هذا المعنى: من المتقارب
رأيت نبيذان في مجلس ... فقلت لساق لنا ما السبب
فقال الذي نحن في بيته ... يفضل قوماً بسوء الأدب
كان أبو البختري قد مدحه الشعراء لسماحته وسعة عطائه ومكارمه وأخلاقه. وذمه الأئمة الأكابر وأعلام المحدثين، ونسبوه إلى الكذب فيما يرويه، ووضع كثيراً من الحديث الذي كان يمليه. قال أبو سعيد العقيلي - وكان من ظرفاء الناس وشعرائهم - قال: لما قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قباء أسود ومنطقة، فقال أبو البختري: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: نزل جبريل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه قباء ومنطقة محتجزاً فيها بخنجر، فقال المعافى التميمي، وقال الجازري: المعادي التميمي: من السريع
ويل وغول لأبي البختري ... إذا توافى الناس للمحشر
من قوله الزور وإعلانه ... بالكذب في الناس على جعفر
والله ما جالسه ساعةً ... للفقه في بدو ولا محضر
ولا رآه الناس في دهر ... يمر بين القبر والمنبر
يا قاتل الله ابن وهب لقد ... أعلن بالزور وبالمنكر
يزعم أن المصطفى أحمداً ... أتاه جبريل النقي البري
عليه خف وقباً أسود ... محتجزاً في الحقو بالخنجر
وقف يحيى بن معين على حلقة أبي البختري، فإذا هو يحدث بهذا الحديث عن جعفر عن أبيه عن جابر، فقال له: كذبت يا عدو الله على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأخذني الشرط، فقلت لهم: هذا يزعم أن رسول رب العالمين نزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه قباء، فقالوا لي: هذا - والله - قاض كذاب، وأفرجوا عني.
دخل أبو البختري على الرشيد، وهو قاض، وهارون إذ ذاك يطير الحمام، فقال: هل تحفظ في هذا شيئاً.
فقال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يطير الحمام.
فقال هارون: اخرج عني، ثم قال: لولا أنه رجل من قريش لعزلته.
قال هارون لأبي البختري: أليس أخبرتني أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يقول إذا رأى الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وإذا رأى بعد الزوال فهو للمستقبلة؟ فقال: لا، فقال له المأمون: بلى والله لقد حدثتنا به في البستان، قال: صدقت.
قال دحيم: كذابا هذه الأمة: صاحب طبرية وصاحب صيدا، الوليد بن سلمة وأبو البختري.
قال إبراهيم الحربي لأحمد بن حنبل: تعلم أحداً روى: لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح؟ قال: ما روى هذا إلا ذاك الكذاب أبو البختري.
ولما بلغ عبد الرحمن بن مهدي موت أبي البختري قال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه. وهذا وهم، فإن ابن مهدي مات سنة ثمان وتسعين ومئة، وأبو البختري مات سنة مئتين.
ابن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد أبو البختري الأسدي القاضي بالمدينة وبغداد كبير: بفتح الكاف، وكسر الباء المعجمة بواحدة.
والبختري: بباء مفتوحة، وخاء معجمة، وتاء باثنتين.
حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: إن أول سورة تعلمتها من القرآن " طه " وكنت إذا قلت: " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا شقيت يا عائش.
ولاه هارون المدينة، وجعل إليه صلاتها وحربها وقضاءها.
وكان سخياً مرياً من رجال قريش، وروى منكرات.
وتوفي ببغداد سنة مئتين.
قال أبو البختري: لأن أكون في قوم أعلم مني أحب إلي من أن أكون في قوم أنا أعلم منهم، لأني إن كنت أعلمهم لم أستفد، وإن كنت مع من هم أعلم مني استفدت.
دخل شاعر على أبي البختري وهب بن وهب، فأنشده: من الطويل
إذا افتر وهب خلته برق عارض ... تنفق في الأرضين أسعده السكب
وما ضر وهباً ذم من خالف الملا ... كما لا يضر البدر ينبحه الكلب
لكل أناس من أبيهم ذخيرةٌ ... وذخر بني فهر عقيد الندى وهب
فاستهل أبو البختري ضاحكاً، وسر سروراً شديداً، ثم دعا عوناً له، فأسر له شيئاً، فأتاه بصرة، فيها خمس مئة دينار، فدفعها إليه.
وكان إذا أعطى عطاء قليلاً أو كثيراً أتبعه عذراً إلى صاحبه، وكان يتهلل عند طلب الحاجة إليه، حتى لو رآه من لا يعرفه لقال: هذا الذي قضيت حاجته.
وكان أبو البختري جواداً سمحاً.
قال محمد بن يزيد النحوي: دخل رجل باذ الهيئة على قوم، وهم على شراب لهم، فحطوا مرتبته في الشراب، فقال: من المتقارب
نبيذان في مجلس واحد ... لإيثار مثر على مقتر
ولو كنت تفعل ذا في الطعام ... لرمت قياسك في المسكر
ولو كنت تفعل فعل الكرام ... سلكت سبيل أبي البختري
تتبع إخوانه في البلاد ... فأغنى المقل عن المكثر
فبعث إليه أبو البختري بألف دينار.
ويروى قبل البيت الأول:
تأمل قبيح الذي جئته ... تجده خلوف فم الأبخر
وهذا من قبيح الهجاء، وفيه مبالغة في الذم. وفي هذا المعنى: من المتقارب
رأيت نبيذان في مجلس ... فقلت لساق لنا ما السبب
فقال الذي نحن في بيته ... يفضل قوماً بسوء الأدب
كان أبو البختري قد مدحه الشعراء لسماحته وسعة عطائه ومكارمه وأخلاقه. وذمه الأئمة الأكابر وأعلام المحدثين، ونسبوه إلى الكذب فيما يرويه، ووضع كثيراً من الحديث الذي كان يمليه. قال أبو سعيد العقيلي - وكان من ظرفاء الناس وشعرائهم - قال: لما قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قباء أسود ومنطقة، فقال أبو البختري: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: نزل جبريل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه قباء ومنطقة محتجزاً فيها بخنجر، فقال المعافى التميمي، وقال الجازري: المعادي التميمي: من السريع
ويل وغول لأبي البختري ... إذا توافى الناس للمحشر
من قوله الزور وإعلانه ... بالكذب في الناس على جعفر
والله ما جالسه ساعةً ... للفقه في بدو ولا محضر
ولا رآه الناس في دهر ... يمر بين القبر والمنبر
يا قاتل الله ابن وهب لقد ... أعلن بالزور وبالمنكر
يزعم أن المصطفى أحمداً ... أتاه جبريل النقي البري
عليه خف وقباً أسود ... محتجزاً في الحقو بالخنجر
وقف يحيى بن معين على حلقة أبي البختري، فإذا هو يحدث بهذا الحديث عن جعفر عن أبيه عن جابر، فقال له: كذبت يا عدو الله على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأخذني الشرط، فقلت لهم: هذا يزعم أن رسول رب العالمين نزل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه قباء، فقالوا لي: هذا - والله - قاض كذاب، وأفرجوا عني.
دخل أبو البختري على الرشيد، وهو قاض، وهارون إذ ذاك يطير الحمام، فقال: هل تحفظ في هذا شيئاً.
فقال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يطير الحمام.
فقال هارون: اخرج عني، ثم قال: لولا أنه رجل من قريش لعزلته.
قال هارون لأبي البختري: أليس أخبرتني أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يقول إذا رأى الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وإذا رأى بعد الزوال فهو للمستقبلة؟ فقال: لا، فقال له المأمون: بلى والله لقد حدثتنا به في البستان، قال: صدقت.
قال دحيم: كذابا هذه الأمة: صاحب طبرية وصاحب صيدا، الوليد بن سلمة وأبو البختري.
قال إبراهيم الحربي لأحمد بن حنبل: تعلم أحداً روى: لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح؟ قال: ما روى هذا إلا ذاك الكذاب أبو البختري.
ولما بلغ عبد الرحمن بن مهدي موت أبي البختري قال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه. وهذا وهم، فإن ابن مهدي مات سنة ثمان وتسعين ومئة، وأبو البختري مات سنة مئتين.