هدبة بن الخشرم بن كرز
ابن أبي حية بن الكاهن، وهو سلمة بن الأسحم؟؟؟ شاعر فصيح متقدم من شعراء بادية الحجاز.
هدبة: بضم الهاء وسكون الدال وفتح الباء المعجمة بواحدة. وحية: حاء مهملة وياء مشددة معجمة باثنتين من تحتها.
وهو الذي قتل زيادة بن زيد، وزيادة بن زيد أحد بني الحارث بن سعد إخوة عذرة. وهو القائل:
وإذا معد أوقدت نيرانها ... للمجد أغضت عامر فتقنعوا
وعامر رهط هدبة بن خشرم، وهم من بني الحارث بن سعد إخوة عذرة.
وكان سعيد بن العاص كره الحكم بين هدبة وعبد الرحمن بن زيد أخي زيادة بن زيد، فحملهما إلى معاوية. فنظر في القصة، ثم ردهما إلى سعيد بن العاص وهو والي المدينة لمعاوية. فلما صاروا بين يدي معاوية قال عبد الرحمن أخو زيادة: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي، وقتل أخي، وترويع نسوتي، فقال له معاوية: يا هدبة، قل، قال: إن هذا رجل سجاعة، فإن شئت أن أقص عليك قصتنا كلاماً أو شعراً، قال: لا، بل شعراً، فقال هذه القصيدة ارتجالاً حتى بلغ قوله:
رمينا فرامينا فصادف رمينا ... منا يا رجال في كتاب وفي قدر
وأنت أمير المؤمنين فما لنا ... وراءك من معدى ولا عنك من قصر
فإن تك في أموالنا لم نضق بها ... ذراعاً وإن صبر فنصبر للصبر
فقال له معاوية: أراك قد أقررت بقتل صاحبهم، ثم قال لعبد الرحمن: هل لزيادة ولد؟ قال: نعم، المسور، وهو غلام جفر، لم يبلغ، وأنا عمه، وولي دم أبيه، فقال: إنك لا تؤمن على أخذ الدية أو قتل الرجل بغير حق، والمسور أحق بدم أبيه، فرده إلى المدينة، فحبس ثلاث سنين حتى بلغ المسور.
وفي حديث: فكره معاوية قتله، وضن به عن القتل.
وقيل: إن سعيداً هو الذي حكم بينهما من غير أن يحملهما إلى معاوية.
وعن ابن المنكدر أن هدبة أصاب دماً فأرسل إلى أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن استغفري لي، فقالت: إن قتل استغفرت له.
قال ابن دريد: وهو أول من أقيد بالحجاز.
ولما مضي بهدبة إلى الحرة ليقتل لقيه عبد الرحمن بن حسان، فقال: أنشدني، فقال: أعلى هذه الحال؟ قال: نعم، فأنشده:
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ... ولا جازع من صرفه المتقلب
ولا أتبغى الشر والشر تاركي ... ولكن متى أحمل على الشر أركب
وحربني مولاي حتى غشيته ... متى ما يحربك ابن عمك تحرب
ومما وقف عليه من قسوته قوله:
ولما دخلت السجن يا أم مالك ... ذكرتك والأطراف في حلق سمر
وعند سعيد غير أن لم أبح به ... ذكرتك إن الأمر يعرض للأمر
فسئل عن ذلك فقال: لما رأيت ثغر سعيد، وكان سعيد حسن الثغر جداً ذكرت به ثغرها. ويقال: إنه عرض عليه سعيد عشر ديات فأبى إلا القود، وكان ممن عرض الديات عليه الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، وسائر القوم من قريش والأنصار. فلما خرج به ليقاد منه بالحرة جعل ينشد الأشعار، فقالت له حبى المدينة: ما رأيت أقسى قلباً منك، أتنشد الشعر وأنت يمضى بك لتقتل؟؟؟؟ وهذه خلفك كأنها ظبي عطشان تولول - تعني: امرأته - فوقف، ووقف الناس معه، وأقبل على حبى فقال:
فما وجدت وجدي بها أم واحد ... ولا وجد حبى بابن أم كلاب
رأته طويل الساعدين شمردلأ ... كما انتعتت من قوة وشباب
فأغلقت حبى في وجهه الباب وسبته. ولما قدم نظر إلى امرأته فدخلته غيرة، وقد كان جدع في حربهم، فقال:
فإن يك أنفي بان منه جماله ... فما حسبي في الصالحين بأجدعا
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
ضروباً بلحييه على عظم زوره ... إذا القوم هموا بالفعال تقنعا
فسألت القوم أن يمهلوه قليلاً، ثم أتت جزاراً، فأخذت منه مدية، فجدعت بها أنفها ثم أتته قبل أن يقتل مجدوعة الأنف، وقالت: ما عسى أن يكون بعد هذا؟ وقيل: إنها قالت: أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال: الآن طاب الموت، ثم أقبل على أبويه فقال:
أبلياني اليوم صبراً منكما ... إن حزناً منكما اليوم لشر
ما أظن الموت إلا هيناً ... إن بعد الموت دار المستقر
اصبرا اليوم فإني صابر ... كل حي لقضاء وقدر
ثم قال:
إذا العرش إني عائذ بك مؤمن ... مقر بزلاتي إليك فقير
وإني وإن قالوا أمير مسلط وحجاب أبواب لهم صرير
لأعلم أن الأمر أمرك إن تدن ... فرب وإن تغفر فأنت غفور
ثم أقبل على ابن زيادة فقال: أثبت قدميك وأجد الضربة، فإني أيتمتك صغيراً، وأرملت أمك شابة، وسأل فك قيوده ففكت، فذاك حيث يقول:
فإن تقتلوني في الحديد فإنني ... قتلت أخاكم مطلقاً لم يقيد
زاد في غيره: فمد عنقه فضربت.
لما نزل بعبد الله بن شداد الموت دعا ابناً له، يقال له محمد، فأوصاه فقال: يا بني، إذا أحببت حبيباً فلا تفرط، وإذا أبغضت بغيضاً فلا تشطط، فإنه كان يقال: أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما، وكن كما قال هدبة العذري:
وكن معقلاً للحلم واصفح عن الخنا ... فإنك راء ما عملت وسامع
وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً ... فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضاً مقارباً ... فإنك لا تدري متى أنت راجع
ومن شعر هدبة:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفك عان ... ويأتي أهله النائي الغريب
ابن أبي حية بن الكاهن، وهو سلمة بن الأسحم؟؟؟ شاعر فصيح متقدم من شعراء بادية الحجاز.
هدبة: بضم الهاء وسكون الدال وفتح الباء المعجمة بواحدة. وحية: حاء مهملة وياء مشددة معجمة باثنتين من تحتها.
وهو الذي قتل زيادة بن زيد، وزيادة بن زيد أحد بني الحارث بن سعد إخوة عذرة. وهو القائل:
وإذا معد أوقدت نيرانها ... للمجد أغضت عامر فتقنعوا
وعامر رهط هدبة بن خشرم، وهم من بني الحارث بن سعد إخوة عذرة.
وكان سعيد بن العاص كره الحكم بين هدبة وعبد الرحمن بن زيد أخي زيادة بن زيد، فحملهما إلى معاوية. فنظر في القصة، ثم ردهما إلى سعيد بن العاص وهو والي المدينة لمعاوية. فلما صاروا بين يدي معاوية قال عبد الرحمن أخو زيادة: يا أمير المؤمنين، أشكو إليك مظلمتي، وقتل أخي، وترويع نسوتي، فقال له معاوية: يا هدبة، قل، قال: إن هذا رجل سجاعة، فإن شئت أن أقص عليك قصتنا كلاماً أو شعراً، قال: لا، بل شعراً، فقال هذه القصيدة ارتجالاً حتى بلغ قوله:
رمينا فرامينا فصادف رمينا ... منا يا رجال في كتاب وفي قدر
وأنت أمير المؤمنين فما لنا ... وراءك من معدى ولا عنك من قصر
فإن تك في أموالنا لم نضق بها ... ذراعاً وإن صبر فنصبر للصبر
فقال له معاوية: أراك قد أقررت بقتل صاحبهم، ثم قال لعبد الرحمن: هل لزيادة ولد؟ قال: نعم، المسور، وهو غلام جفر، لم يبلغ، وأنا عمه، وولي دم أبيه، فقال: إنك لا تؤمن على أخذ الدية أو قتل الرجل بغير حق، والمسور أحق بدم أبيه، فرده إلى المدينة، فحبس ثلاث سنين حتى بلغ المسور.
وفي حديث: فكره معاوية قتله، وضن به عن القتل.
وقيل: إن سعيداً هو الذي حكم بينهما من غير أن يحملهما إلى معاوية.
وعن ابن المنكدر أن هدبة أصاب دماً فأرسل إلى أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن استغفري لي، فقالت: إن قتل استغفرت له.
قال ابن دريد: وهو أول من أقيد بالحجاز.
ولما مضي بهدبة إلى الحرة ليقتل لقيه عبد الرحمن بن حسان، فقال: أنشدني، فقال: أعلى هذه الحال؟ قال: نعم، فأنشده:
ولست بمفراح إذا الدهر سرني ... ولا جازع من صرفه المتقلب
ولا أتبغى الشر والشر تاركي ... ولكن متى أحمل على الشر أركب
وحربني مولاي حتى غشيته ... متى ما يحربك ابن عمك تحرب
ومما وقف عليه من قسوته قوله:
ولما دخلت السجن يا أم مالك ... ذكرتك والأطراف في حلق سمر
وعند سعيد غير أن لم أبح به ... ذكرتك إن الأمر يعرض للأمر
فسئل عن ذلك فقال: لما رأيت ثغر سعيد، وكان سعيد حسن الثغر جداً ذكرت به ثغرها. ويقال: إنه عرض عليه سعيد عشر ديات فأبى إلا القود، وكان ممن عرض الديات عليه الحسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، وسائر القوم من قريش والأنصار. فلما خرج به ليقاد منه بالحرة جعل ينشد الأشعار، فقالت له حبى المدينة: ما رأيت أقسى قلباً منك، أتنشد الشعر وأنت يمضى بك لتقتل؟؟؟؟ وهذه خلفك كأنها ظبي عطشان تولول - تعني: امرأته - فوقف، ووقف الناس معه، وأقبل على حبى فقال:
فما وجدت وجدي بها أم واحد ... ولا وجد حبى بابن أم كلاب
رأته طويل الساعدين شمردلأ ... كما انتعتت من قوة وشباب
فأغلقت حبى في وجهه الباب وسبته. ولما قدم نظر إلى امرأته فدخلته غيرة، وقد كان جدع في حربهم، فقال:
فإن يك أنفي بان منه جماله ... فما حسبي في الصالحين بأجدعا
فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا ... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
ضروباً بلحييه على عظم زوره ... إذا القوم هموا بالفعال تقنعا
فسألت القوم أن يمهلوه قليلاً، ثم أتت جزاراً، فأخذت منه مدية، فجدعت بها أنفها ثم أتته قبل أن يقتل مجدوعة الأنف، وقالت: ما عسى أن يكون بعد هذا؟ وقيل: إنها قالت: أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال: الآن طاب الموت، ثم أقبل على أبويه فقال:
أبلياني اليوم صبراً منكما ... إن حزناً منكما اليوم لشر
ما أظن الموت إلا هيناً ... إن بعد الموت دار المستقر
اصبرا اليوم فإني صابر ... كل حي لقضاء وقدر
ثم قال:
إذا العرش إني عائذ بك مؤمن ... مقر بزلاتي إليك فقير
وإني وإن قالوا أمير مسلط وحجاب أبواب لهم صرير
لأعلم أن الأمر أمرك إن تدن ... فرب وإن تغفر فأنت غفور
ثم أقبل على ابن زيادة فقال: أثبت قدميك وأجد الضربة، فإني أيتمتك صغيراً، وأرملت أمك شابة، وسأل فك قيوده ففكت، فذاك حيث يقول:
فإن تقتلوني في الحديد فإنني ... قتلت أخاكم مطلقاً لم يقيد
زاد في غيره: فمد عنقه فضربت.
لما نزل بعبد الله بن شداد الموت دعا ابناً له، يقال له محمد، فأوصاه فقال: يا بني، إذا أحببت حبيباً فلا تفرط، وإذا أبغضت بغيضاً فلا تشطط، فإنه كان يقال: أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما، وكن كما قال هدبة العذري:
وكن معقلاً للحلم واصفح عن الخنا ... فإنك راء ما عملت وسامع
وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً ... فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضاً مقارباً ... فإنك لا تدري متى أنت راجع
ومن شعر هدبة:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفك عان ... ويأتي أهله النائي الغريب