Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154598#826736
هجيمة ويقال جهيمة بنت حيي
ويقال: حي - الأوصابية - ويقال: الوصابية، أم الدرداء، زوج أبي الدرداء صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأوصاب بطن من حمير، حي من اليمن، كانت زاهدة فقيهة.
حدثت عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أصبح معافى بدنه، آمناً سربه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدني. يا بن جعشم، يكفيك منها ما سد جوعك، ووارى عورتك، وإن كان ثوباً يواريك فذاك، وإن كانت دابة تركبها فبخ. فلق الخبز، وماء الجر. وما فوق ذلك حساب عليك.
قال أحمد بن حنبل: أم الدرداء الصغرى هجيمة، والكبرى خيرة بنت أبي حدرد. وهجيمة أشعرية، وهما جميعاً كانتا تحت أبي الدرداء. وكانت أم الدرداء يتيمة في حجر أبي الدرداء، تختلف مع أبي الدرداء في برنس تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حلق القرآن تعلم القرآن حتى قال أبو الدرداء يوماً: الحقي بصفوف النساء.
قال إبراهيم بن أدهم: قال أبو الدرداء لأم الدرداء: إذا غضبت أرضيتك، وإذا غضبت فأرضيني، فإنك
إن لم تفعلي ذلك فما أسرع أن نفترق، ثم قال إبراهيم بن أدهم لبقية بن الوليد - وكان يؤاخيه - يا أخي، هكذا الإخوان إن لم يكونوا كذا ما أسرع ما يفترقون.
وعن أم الدرداء أنها قالت: اللهم، إن أبا الدرداء خطبني، فتزوجني في الدنيا، اللهم، فأنا أخطبه إليك، فأسألك أن تزوجنيه في الجنة. فقال لها أبو الدرداء: فإن أردت ذلك فكنت أنا الأول، فلا تتزوجي بعدي. فمات أبو الدرداء - وكان لها جمال وحسن - فخطبها معاوية، فقالت: لا والله لا أتزوج زوجاً في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة.
زاد في حديث آخر: وقال عليك بالصيام، فإنه محسمة.
خطب معاوية أم الدرداء فقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " المرأة للآخر من أزواجها "، وإني سألت أبا الدرداء يسأل الله أن يجعلني زوجته في الجنة فقال: ذلك إن لم تحدثي بعدي زوجاً.
وفي حديث آخر: فقال لها معاوية: ما الذي تكرهين مني؟ فقالت: لأني سمعت عويمراً - تعني: أبا الدرداء - وهو يقول: إن المرأة لآخر زوجها، قالت: فقلت له: فلي الله عليك إن اجتهدت بعدك في العبادة ثم مت، فدخلت الجنة، فعرضت عليك لتقبلني، فقال: نعم.
وفي حديث آخر: " إن المرأة لآخر أزواجها "، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً. وعن أم الدرداء قالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي أحداً شيئاً، فقلت: إن احتجت؟ قال: تتبعي الحصادين، فانظري ما يسقط منهم، فخذيه، فاخبطيه، ثم اطحنيه، ثم اعجنيه، ثم كليه. ولا تسألي أحداً شيئاً.
قال مكحول: كانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل، وكانت فقيهة.
قال عون بن عبد الله: جلسنا إلى أم الدرداء فقلنا لها: أمللناك، فقالت: أمللتموني! لقد طلبت العبادة في كل شيء، فما أصبت شيئاً أشفى من مجالسة العلماء ومذاكرتهم، ثم احتبت، وأمرت رجلاً أن يقرأ، فقرأ: " ولقد وصلنا لهم القول ".
وفي رواية: فاتكأت ذات يوم، فقيل لها: لعلنا أن نكون قد أمللناك، فجلست، فقالت: أزعمتم أنكم أمللتموني! وقد طلبت العبادة بكل شيء، فما وجدت شيئاً أشفى لصدري، ولا أحرى أن أدرك ما أريد من مجالسة أهل الذكر. ويروى: من مجالسة الذكر.
وكانت أم الدرداء تقول: أفضل العلم المعرفة.
وعن عبد ربه بن سليمان بن عمير بن زيتون قال: كتبت لي أم الدرداء في لوحتي فيما تعلمني: تعلموا الحكمة صغاراً تعملوا بها كباراً. وإن كل زارع حاصد، ما زرع من خير أو شر.
قال ابن أبي السائب: سمعت أبي يذكر أن أم الدرداء كانت تشرق إذا قرأت. قال ميمون: دخلت على أم الدرداء فرأيتها مختمرة بخمار صفيق، قد ضربت على
حاجبها، وكان فيه قصر، فوصلته بسير. قال: وما دخلت عليها في ساعة صلاة إلا وجدتها مصلية. وكان النساء يتعبدن مع أم الدرداء، فإذا ضعفن عن القيام في سلاتهن تعلقن بالحبال. قال إبراهيم بن أبي عبلة: رأيت أم الدرداء جالسة مع نساء المساكين في بيت المقدس، فجاء إنسان، فقسم بينهن فلوساً، فأعطى أم الدرداء فلساً، فقالت لجاريتها: اشتري لنا بهذا جروزاً، فقالت: أوليس صدقة؟ قالت: إنه إنما جاءنا عن غير مسألة.
الجروز: البقل.
وعن أم الدرداء قالت: إن أحدهم يقول: اللهم، ارزقني، وقد علم أن الله لا يمطر عليه ديناراً ولا درهماً، وبعضهم - يعني - يرزق من بعض، فإذا أتى أحدكم شيء فليقبل، فإن كان غنياً عنه فليضعه في ذي الحاجة من إخوانه، وإن كان إليه محتاجاً فليستعن به على حاجته، ولا يرد على الله تعالى رزقه الذي رزقه.
وعن أم الدرداء قالت: ولذكر الله أكبر، فإن صليت فهو من ذكر الله، وإن صمت فهو من ذكر الله، وكل خير تعمله فهو من ذكر الله، وكل شيء تحسنه فهو من ذكر الله، وكل شيء تحسنه فهو من ذكر الله، وأفضل ذلك تسبيح الله عز وجل.
قال ابن أبي زكريا الخزاعي: خرجنا مع أم الدرداء في سفر، فصحبنا رجل، فقالت له أم الدرداء: ما يمنعك أن تقرأ، أو تذكر الله كما يصنع أصحابك؟! فقال: ما معي من القرآن إلا سورة، وقد رددتها حتى قد أدبرتها. فقالت: وإن القرآن ليدبر؟! ما أنا بالتي أصحبك، إن شئت أن تتقدم، وإن شئت أن تتأخر. فضرب دابته، وانطلق. ثم صحبنا رجل آخر، فقال: يا أم الدرداء، دعاء كان يدعو به: اللهم، اجعلني أرجو رحمتك، وأخاف عذابك، إذ يأمنك من لا يرجو رحمتك، ولا يخاف عذابك، وأسألك الأمن يوم يخافون، فقالت لي أم الدرداء: اكتبه، فكتبته.
جاء رجل إلى أم الدرداء فقال لها: إنه قد نال منك رجل عند عبد الملك، فقالت: إن نؤبن بما فينا فطالما زكينا بما ليس فينا. وكانت أم الدرداء تصلي وهي جالسة متربعة.
قال سفيان: عوتبت أم الدرداء في شيء، فقيل لها: لم فعلت كذا وكذا؟ قالت: نقص الناس فنقصت كما نقصوا.
قال إسماعيل بن عبيد الله: قالت لي أم الدرداء: يا بني، ما يقول الناس في الحارث الكذاب؟ قال إسماعيل: يا أمه، يزعمون أنك قد بايعته. قال: فلم تسل أم الدرداء من الذي قال لئلا يكون في صدرها غل لأحد.
قال عثمان بن حيان: أكلنا مع أم الدرداء طعاماً، فأغفلنا الحمد لله، فقالت: يا بني، لا تدعوا أن تأدموا طعامكم بذكر الله، أكلاً وحمداً خير من أكل وصمت.
قال هزان: قالت لي أم الدرداء: يا هزان، ألا أحدثك ما يقول الميت إذا وضع على سريره؟ قال: قلت: بلى، قالت: فإنه ينادي: يا أهلاه، يا جيراناه، يا حملة سريراه، لا تغرنكم الدنيا كما غرتني، ولا تلعبن بكم كما تلعبت بي، فإن أهلي لم يحملوا عني من وزري شيئاً، ولو حاجوني اليوم عند الجبار لحجوني. ثم قالت أم الدرداء: الدنيا أسحر لقلب العبد من هاروت وماروت، وما آثرها عبد قط غلا أضرعت خده.
بعث عبد الملك بن مروان إلى أم الدرداء، فكانت عنده. فلما كانت ذات ليلة قام عبد الملك من الليل، فدعا خادمه، فكأنه أبطأ عنه، فلعنه. فلما أصبح قالت له أم الدرداء: قد سمعتك الليلة لعنت خادماً! قال: إنه أبطأ عني، قالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة ".
كانت أم الدرداء تتكىء على عبد الملك بن مروان إذا خرجت من صخرة بيت لمقدس.
قال إسماعيل بن عبيد الله: كان عبد الملك بن مروان جالساً في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسة حتى إذا نودي للمغرب قام عبد الملك، وقامت أم الدرداء تتوكأ على عبد الملك بن مروان حتى يدخل بها المسجد، فإذا دخلت جلست مع النساء، ومضى عبد الملك إلى المقام فصلى بالناس.