هابيل بن آدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو الذي قتله أخوه قابيل بجبل قاسيون عند مغارة الدم.
قيل: إنه كان يسكن سطرا.
لما هبط آدم إلى الأرض هبطت معه حواء وإبليس، فولدت لآدم هابيل وقابيل.
وكان هابيل صاحب ماشية، وكان قابيل صاحب حرث. وكان قربانهما أن يتقربا بقربان، ثم يلقيانه على وجه الأرض، حتى تأتي نار فتأكله، أو يبليه الدهر.
وكان هابيل يتقرب بجلة عنمه وخيارها، وكان قابيل يتقرب بزؤان ونفاية الحنطة، فتأتي نار من السماء فتأكل قربان هابيل، ولا تقرب قربان قابيل؛ فغاظه ذلك.
فلقي إبليس، فقال: يا إبليس أتقرب أنا وأخي بقربانين، فتأتي نار، فتأكل قربانه، ولا تقرب قرباني.
قال له إبليس: اقتله، تكون ملكاً تبحبح في الأرض، قال: وما القتل؟ قال: إذا رأيته راقداً فآذني به.
فلما رقد هابيل أتى قابيل إلى إبليس، فآذنه، فانطلق معه حتى وقف على رأسه، فقال: خذ حجراً، فاضرب به رأسه، ففعل.
فلما قتله حمله ثلاثة أيام، يطوف به الأرض، يظعن به إذا ظعن، وينزل به إذا نزل حتى بعث الله الغرابين، فاقتتلا، وقابيل ينظر إليهما، فقتل أحدهما صاحبه، فحفر له حتى أعمق، فدفنه، فقال الله تعالى: " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " الآيات.
وعن ابن عباس قال: كان لآدم عليه السلام أربعة توءم، ذكر وأنثى من بطن، وذكر وأنثى من بطن، فكانت أخت صاحب الحرث جميلة، وكانت أخت صاحب الغنم قبيحة، فقال صاحب الحرث: أنا أحق بها، وقال صاحب الغنم: أنا أحق بها، أتريد أن تستأثر بوضاءتها علي؟ فتعال نقرب قرباناً، فإن تقبل قربانك فأنت أحق بها، وإن تقبل قرباني فأنا أحق بها.
فقربا قربانهما، فجاء صاحب الغنم بكبش أبيض أعين أقرن، وجاء صاحب الطعام بصبرة من طعامه. فتقبل الكبش، فخزنه الله في الجنة أربعين خريفاً، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السلام.
فقال صاحب الحرث: " لأقتلنك "، فقال: " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين " فقتله، فولد آدم كلهم من ذلك الكافر.
وكان آدم يزوج ذكر هذا البطن من أنثى هذا البطن الآخر، وأنثى هذا البطن من ذكر هذا البطن الآخر.
كان خارج باب الساعات صخرة يوضع عليها القربان، فما تقبل منه جاءت نار، فأخذته، وما لم يتقبل بقي على حاله.
وكان هابيل صاحب غنم في سطرا، وكان قابيل في قينية صاحب زرع، وكان آدم في بيت أبيات، وكانت حواء في بيت لهيا.
فجاء هابيل بكبش سمين من غنمه، فجعله على الصخرة، فأخذته النار، وجاء قابيل بقمح علث، فوضعه على الصخرة، فبقي على حاله، فحسده، وتبعه في الجبل، فأراد قتله، فلم يدر كيف يقتله، فجاء إبليس فأخذ حجراً، فجعل يضرب به رأس نفسه، فذهب، فأخذ حجراً ضرب رأس أخيه، فقتله، فصاحت حواء، فقال لها آدم: عليك وعلى بناتك، لا علي ولا على بني.
قال الأوزاعي: من قتل مظلوماً كفر الله عنه كل ذنب، وذلك في القرآن: " إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ".
قال الزهري: الكبش الذي فدى الله به إسماعيل كان الكبش الذي قربه هابيل.
وعن وهب: أن الأرض نشفت دم ابن آدم، فلعن آدم الأرض، فمن أجل ذلك لا تنشف الأرض دماً بعد دم هابيل إلى يوم القيامة.
كان كعب الأحبار يقول: الدم الذي على جبل قاسون هو دم ابن آدم.
وعن أبي موسى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اكسر قسيكم - يعني في الفتنة - واقطعوا أوتاركم، والتزموا أجواف البيوت، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم.
وعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ما يمنع أحدكم إذا جاءه من يريد قتله أن يكون مثل ابني آدم؟ القاتل في النار، والمقتول في الجنة.
وعن سعد بن أبي وقاص أنه قال عند فتنة عثمان: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. قال له الرجل: أفرأيت يا رسول الله إن دخل علي بيتي، وبسط إلي يده ليقتلني؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كن كابن آدم.
قال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم، وأول من يفر من أمه إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح، وأول من يفر من أخيه هابيل بن آدم، وأول من يفر من صحابته نوح ولوط، وتلا هذه الآية: " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه "، فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم.
قال سالم بن أبي الجعد: إن آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر مكث عامه لا يضحك حزناً عليه، فأتى على رأس المئة، فقيل له: حياك الله وبياك، وبشر بغلام، فعند ذلك ضحك. قلت: ما بياك؟ قال: أضحكك.
وقيل: إنه مكث مئة سنة لا يضحك، وقال: من الوافر
تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم ... وقل بشاشة الوجه الصبيح
قتل قابيل هابيلاً أخاه ... فواحزناً مضى الوجه المليح
فأجابه إبليس: من الوافر
تنح عن البلاد وساكنيها ... فبي في الأرض ضاق بك الفسيح
وكنت بها وزوجك في رخاء ... وقلبك من أذى الدنيا مريح
فما انفكت مكايدتي ومكري ... إلى أن فاتك الثمن الربيح
فلولا رحمة الجبار أضحى ... بكفك من جنان الخلد ريح
وهو الذي قتله أخوه قابيل بجبل قاسيون عند مغارة الدم.
قيل: إنه كان يسكن سطرا.
لما هبط آدم إلى الأرض هبطت معه حواء وإبليس، فولدت لآدم هابيل وقابيل.
وكان هابيل صاحب ماشية، وكان قابيل صاحب حرث. وكان قربانهما أن يتقربا بقربان، ثم يلقيانه على وجه الأرض، حتى تأتي نار فتأكله، أو يبليه الدهر.
وكان هابيل يتقرب بجلة عنمه وخيارها، وكان قابيل يتقرب بزؤان ونفاية الحنطة، فتأتي نار من السماء فتأكل قربان هابيل، ولا تقرب قربان قابيل؛ فغاظه ذلك.
فلقي إبليس، فقال: يا إبليس أتقرب أنا وأخي بقربانين، فتأتي نار، فتأكل قربانه، ولا تقرب قرباني.
قال له إبليس: اقتله، تكون ملكاً تبحبح في الأرض، قال: وما القتل؟ قال: إذا رأيته راقداً فآذني به.
فلما رقد هابيل أتى قابيل إلى إبليس، فآذنه، فانطلق معه حتى وقف على رأسه، فقال: خذ حجراً، فاضرب به رأسه، ففعل.
فلما قتله حمله ثلاثة أيام، يطوف به الأرض، يظعن به إذا ظعن، وينزل به إذا نزل حتى بعث الله الغرابين، فاقتتلا، وقابيل ينظر إليهما، فقتل أحدهما صاحبه، فحفر له حتى أعمق، فدفنه، فقال الله تعالى: " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق " الآيات.
وعن ابن عباس قال: كان لآدم عليه السلام أربعة توءم، ذكر وأنثى من بطن، وذكر وأنثى من بطن، فكانت أخت صاحب الحرث جميلة، وكانت أخت صاحب الغنم قبيحة، فقال صاحب الحرث: أنا أحق بها، وقال صاحب الغنم: أنا أحق بها، أتريد أن تستأثر بوضاءتها علي؟ فتعال نقرب قرباناً، فإن تقبل قربانك فأنت أحق بها، وإن تقبل قرباني فأنا أحق بها.
فقربا قربانهما، فجاء صاحب الغنم بكبش أبيض أعين أقرن، وجاء صاحب الطعام بصبرة من طعامه. فتقبل الكبش، فخزنه الله في الجنة أربعين خريفاً، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السلام.
فقال صاحب الحرث: " لأقتلنك "، فقال: " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين " فقتله، فولد آدم كلهم من ذلك الكافر.
وكان آدم يزوج ذكر هذا البطن من أنثى هذا البطن الآخر، وأنثى هذا البطن من ذكر هذا البطن الآخر.
كان خارج باب الساعات صخرة يوضع عليها القربان، فما تقبل منه جاءت نار، فأخذته، وما لم يتقبل بقي على حاله.
وكان هابيل صاحب غنم في سطرا، وكان قابيل في قينية صاحب زرع، وكان آدم في بيت أبيات، وكانت حواء في بيت لهيا.
فجاء هابيل بكبش سمين من غنمه، فجعله على الصخرة، فأخذته النار، وجاء قابيل بقمح علث، فوضعه على الصخرة، فبقي على حاله، فحسده، وتبعه في الجبل، فأراد قتله، فلم يدر كيف يقتله، فجاء إبليس فأخذ حجراً، فجعل يضرب به رأس نفسه، فذهب، فأخذ حجراً ضرب رأس أخيه، فقتله، فصاحت حواء، فقال لها آدم: عليك وعلى بناتك، لا علي ولا على بني.
قال الأوزاعي: من قتل مظلوماً كفر الله عنه كل ذنب، وذلك في القرآن: " إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ".
قال الزهري: الكبش الذي فدى الله به إسماعيل كان الكبش الذي قربه هابيل.
وعن وهب: أن الأرض نشفت دم ابن آدم، فلعن آدم الأرض، فمن أجل ذلك لا تنشف الأرض دماً بعد دم هابيل إلى يوم القيامة.
كان كعب الأحبار يقول: الدم الذي على جبل قاسون هو دم ابن آدم.
وعن أبي موسى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اكسر قسيكم - يعني في الفتنة - واقطعوا أوتاركم، والتزموا أجواف البيوت، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم.
وعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ما يمنع أحدكم إذا جاءه من يريد قتله أن يكون مثل ابني آدم؟ القاتل في النار، والمقتول في الجنة.
وعن سعد بن أبي وقاص أنه قال عند فتنة عثمان: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. قال له الرجل: أفرأيت يا رسول الله إن دخل علي بيتي، وبسط إلي يده ليقتلني؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كن كابن آدم.
قال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم، وأول من يفر من أمه إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح، وأول من يفر من أخيه هابيل بن آدم، وأول من يفر من صحابته نوح ولوط، وتلا هذه الآية: " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه "، فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم.
قال سالم بن أبي الجعد: إن آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر مكث عامه لا يضحك حزناً عليه، فأتى على رأس المئة، فقيل له: حياك الله وبياك، وبشر بغلام، فعند ذلك ضحك. قلت: ما بياك؟ قال: أضحكك.
وقيل: إنه مكث مئة سنة لا يضحك، وقال: من الوافر
تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم ... وقل بشاشة الوجه الصبيح
قتل قابيل هابيلاً أخاه ... فواحزناً مضى الوجه المليح
فأجابه إبليس: من الوافر
تنح عن البلاد وساكنيها ... فبي في الأرض ضاق بك الفسيح
وكنت بها وزوجك في رخاء ... وقلبك من أذى الدنيا مريح
فما انفكت مكايدتي ومكري ... إلى أن فاتك الثمن الربيح
فلولا رحمة الجبار أضحى ... بكفك من جنان الخلد ريح