مسلم بن عقبة بن رياح بن أسعد
ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن يربوع بن غيظ ابن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، أبو عقبة المري، المعروف مسرف.
أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يحفظ أنه رآه، وشهد صفين مع معاوية وكان على الرجالة، وهو صاحب وقعة الحرة، وكانت داره بدمشق موضع فندق الخشب الكبير قبلي دار البطيخ.
قال ابن سميع: في الطبقة الثانية من التابعين مسلم بن عقبة، ولاه معاوية خراج فلسطين.
عن جري بن حازم، قال: لما أخرج أهل المدينة بني أمية ومروان، نزلوا حقلاً، وكتب مروان إلى يزيد بالذي كان من رأي القوم، فأمر يزيد بقبة فضربت له خارجاً من قصره، وقطع البعوث على أهل الشام مع مسلم بن عقبة المري، فلم تمضه ثالثة حتى فرغ، ثم أصبح في اليوم الثالث فعرض عليه الكتائب، وقد كان بلغه أن ابن الزبير يسميه السكير.
قال: فجعلت تمر به الكتائب وهو يقول: " من الرجز "
أبلغ أبا بكر إذا الجيش ابرى ... وأشرف القوم على وادي القرى
أجمع نشوان من القوم ترى
عن عبد الله بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: لما بلغ يزيد بن معاوية وثوب أهل المدينة وإخراجهم عامله وأهل بيته عنها، وجه إليهم مسلم بن عقبة المري - وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة، كانت به النوطة - ووجه في جيش كثيف، فكلمه عبد الله بن جعفر في أهل المدينة، وقال: إنما تقتل بهم نفسك. فقال: أجل، أقتل بهم نفسي، ولك عندي واحدة، آمر مسلم بن عقبة أن يتخذ المدينة طريقاً، فإن هم تركوه ولم يعرضوا له ولم ينصبوا الحرب تركهم ومضى إلى ابن الزبير فقاتله، وإن هم منعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب بدأ بهم فناجزهم القتال، فإن ظفر بهم قتل من أشراف له، وأنهبها ثلاثاً، ثم مضى إلى ابن الزبير.
فرأى عبد الله بن جعفر أن في هذا فرجاً كبيراً، وكتب بذلك إليهم وأمرهم أن لا يعرضوا لجيشه إذا مر بهم حتى يمضي عنهم إلى حيث أرادوا؛ وأمر يزيد مسلم بن عقبة بذلك وقال له: إن حدث بك حدث فحصين بن نمير على الناس؛ فورد مسلم بن عقية المدينة فمنعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب، وقالوا: من يزيد؟ فأوقع بهم وأنهبها ثلاثاً، ثم خرج يريد ابن الزبير، وقال: اللهم، إنه لم يكن قوم أحب إلي أن أقاتلهم من
قوم خلعوا أمير المؤمنين ونصبوا له الحرب، اللهم فكما أقررت عيني من أهل المدينة فأبقتني حتى تقر عيني من ابن الزبير، ومضى.
فلما كان بالمشلل نزل به لموت، فدعا حصين بن نمير فقال له: يا بردعة الحمار، لولا عهد أمير المؤمنين إلي فيك لما عهدت إليه، اسمع عهدي: لا تمكن قريشاً من أذنك، ولا تزدهم على ثلاث، الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف. فأعلم الناس أن الحصين واليهم، ومات مكانه، فدفن على ظهر المشلل لسبع بقين من المحرم سنة أربع وستين، ومضى حصين بن نمير.
عن مغيرة، قال: أنهب مسرف بن عقبة المدينة ثلاثة أيام، وأنه افتض منها ألف عذراء، وكان قدوم مسلم المدينة لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، فأنهبوها ثلاثاً حتى رأوا هلال المحرم.
عن ابن الاعرابي، قال: قال مسلم بن عقبة لرجل: والله لأقتلنك قتلة تتحدث بها العرب، فقال له: إنك والله لنتدع لؤم القدرة وسوء المثلة لأحد بهما منك.
عن يزيد بن عياض، عن أبيه، قال: استؤمن لعباس بن سهل بن سعد الساعدي من مسلم بن عقبة المري يوم الحرة، فأبى مسلم أن يؤمنه؛ فأتوه به، ودعا بالغداء، فقال عباس: أصلح الله الأمير، والله لكأنها جفنة أبيك، كان يخرج عليه مطرف خز حتى يجلس بفنائه، ثم توضع جفنته بين يدي من حضر، قال: وقد رأيته؟ قال: لشد ما. قال: صدقت، كان كذلك، أنت آمن.
فقيل للعباس: كان أبوه كما قلت؟ قال: لا والله، ولقد رأييته في عباءة يجرها على الشوك، ما نخاف على ركابنا ومتاعنا أن يسرقه غيره.
عن ابن أخي جابر بن عبد الله، أن جابر بن عبد الله كان قد ذهب بصره، فلما كان يوم الحرة خرج فأتاه حجر،
وهو بيني وبين ابنه، فقال: حسن، تعس من أخاف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: ومن أخاف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جبيني ".
عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: اللهم، من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل من صرف ولا عدل ".
قال ذكوان مولى مروان: شرب مسلم بن عقبة دواء بعدما أنهب المدينة، ودعا بالغداء؛ فقال له الطبيب: لا تعجل فإني أخاف عليك إن أكلت قبل أن يعمل الدواء. قال: ويحك، إنما كنت أحب البقاء حتى أشفي نفسي من قتلة أمير المؤمنين عثمان، فقد أدركت ما أردت، فليس شيء أحب إلي من الموت على طهارتي، فإني لا أشك أن الله عز وجل قد طهرني من ذنوبي بقتل هؤلاء الأرجاس.
عن جعفر بن خارجة، قال: خرج مسرف من المدينة يريد مكة، وتبعته أم ولد ليزيد بن عبد الله بمزمعة تسير وراء العسكر بيومين أو ثلاثة، ومات مسرف فدفن بثنية المشلل، وجاءها الخبر، فانتهت إليه فنبشته ثم صلبته على المشلل.
وفي رواية: فأخرج وأحرق بالنار.
مات مسلم في صفر سنة أربع وستين.
ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن يربوع بن غيظ ابن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، أبو عقبة المري، المعروف مسرف.
أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يحفظ أنه رآه، وشهد صفين مع معاوية وكان على الرجالة، وهو صاحب وقعة الحرة، وكانت داره بدمشق موضع فندق الخشب الكبير قبلي دار البطيخ.
قال ابن سميع: في الطبقة الثانية من التابعين مسلم بن عقبة، ولاه معاوية خراج فلسطين.
عن جري بن حازم، قال: لما أخرج أهل المدينة بني أمية ومروان، نزلوا حقلاً، وكتب مروان إلى يزيد بالذي كان من رأي القوم، فأمر يزيد بقبة فضربت له خارجاً من قصره، وقطع البعوث على أهل الشام مع مسلم بن عقبة المري، فلم تمضه ثالثة حتى فرغ، ثم أصبح في اليوم الثالث فعرض عليه الكتائب، وقد كان بلغه أن ابن الزبير يسميه السكير.
قال: فجعلت تمر به الكتائب وهو يقول: " من الرجز "
أبلغ أبا بكر إذا الجيش ابرى ... وأشرف القوم على وادي القرى
أجمع نشوان من القوم ترى
عن عبد الله بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: لما بلغ يزيد بن معاوية وثوب أهل المدينة وإخراجهم عامله وأهل بيته عنها، وجه إليهم مسلم بن عقبة المري - وهو يومئذ ابن بضع وتسعين سنة، كانت به النوطة - ووجه في جيش كثيف، فكلمه عبد الله بن جعفر في أهل المدينة، وقال: إنما تقتل بهم نفسك. فقال: أجل، أقتل بهم نفسي، ولك عندي واحدة، آمر مسلم بن عقبة أن يتخذ المدينة طريقاً، فإن هم تركوه ولم يعرضوا له ولم ينصبوا الحرب تركهم ومضى إلى ابن الزبير فقاتله، وإن هم منعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب بدأ بهم فناجزهم القتال، فإن ظفر بهم قتل من أشراف له، وأنهبها ثلاثاً، ثم مضى إلى ابن الزبير.
فرأى عبد الله بن جعفر أن في هذا فرجاً كبيراً، وكتب بذلك إليهم وأمرهم أن لا يعرضوا لجيشه إذا مر بهم حتى يمضي عنهم إلى حيث أرادوا؛ وأمر يزيد مسلم بن عقبة بذلك وقال له: إن حدث بك حدث فحصين بن نمير على الناس؛ فورد مسلم بن عقية المدينة فمنعوه أن يدخلها ونصبوا له الحرب، وقالوا: من يزيد؟ فأوقع بهم وأنهبها ثلاثاً، ثم خرج يريد ابن الزبير، وقال: اللهم، إنه لم يكن قوم أحب إلي أن أقاتلهم من
قوم خلعوا أمير المؤمنين ونصبوا له الحرب، اللهم فكما أقررت عيني من أهل المدينة فأبقتني حتى تقر عيني من ابن الزبير، ومضى.
فلما كان بالمشلل نزل به لموت، فدعا حصين بن نمير فقال له: يا بردعة الحمار، لولا عهد أمير المؤمنين إلي فيك لما عهدت إليه، اسمع عهدي: لا تمكن قريشاً من أذنك، ولا تزدهم على ثلاث، الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف. فأعلم الناس أن الحصين واليهم، ومات مكانه، فدفن على ظهر المشلل لسبع بقين من المحرم سنة أربع وستين، ومضى حصين بن نمير.
عن مغيرة، قال: أنهب مسرف بن عقبة المدينة ثلاثة أيام، وأنه افتض منها ألف عذراء، وكان قدوم مسلم المدينة لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين، فأنهبوها ثلاثاً حتى رأوا هلال المحرم.
عن ابن الاعرابي، قال: قال مسلم بن عقبة لرجل: والله لأقتلنك قتلة تتحدث بها العرب، فقال له: إنك والله لنتدع لؤم القدرة وسوء المثلة لأحد بهما منك.
عن يزيد بن عياض، عن أبيه، قال: استؤمن لعباس بن سهل بن سعد الساعدي من مسلم بن عقبة المري يوم الحرة، فأبى مسلم أن يؤمنه؛ فأتوه به، ودعا بالغداء، فقال عباس: أصلح الله الأمير، والله لكأنها جفنة أبيك، كان يخرج عليه مطرف خز حتى يجلس بفنائه، ثم توضع جفنته بين يدي من حضر، قال: وقد رأيته؟ قال: لشد ما. قال: صدقت، كان كذلك، أنت آمن.
فقيل للعباس: كان أبوه كما قلت؟ قال: لا والله، ولقد رأييته في عباءة يجرها على الشوك، ما نخاف على ركابنا ومتاعنا أن يسرقه غيره.
عن ابن أخي جابر بن عبد الله، أن جابر بن عبد الله كان قد ذهب بصره، فلما كان يوم الحرة خرج فأتاه حجر،
وهو بيني وبين ابنه، فقال: حسن، تعس من أخاف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: ومن أخاف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جبيني ".
عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: اللهم، من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل من صرف ولا عدل ".
قال ذكوان مولى مروان: شرب مسلم بن عقبة دواء بعدما أنهب المدينة، ودعا بالغداء؛ فقال له الطبيب: لا تعجل فإني أخاف عليك إن أكلت قبل أن يعمل الدواء. قال: ويحك، إنما كنت أحب البقاء حتى أشفي نفسي من قتلة أمير المؤمنين عثمان، فقد أدركت ما أردت، فليس شيء أحب إلي من الموت على طهارتي، فإني لا أشك أن الله عز وجل قد طهرني من ذنوبي بقتل هؤلاء الأرجاس.
عن جعفر بن خارجة، قال: خرج مسرف من المدينة يريد مكة، وتبعته أم ولد ليزيد بن عبد الله بمزمعة تسير وراء العسكر بيومين أو ثلاثة، ومات مسرف فدفن بثنية المشلل، وجاءها الخبر، فانتهت إليه فنبشته ثم صلبته على المشلل.
وفي رواية: فأخرج وأحرق بالنار.
مات مسلم في صفر سنة أربع وستين.