Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154016&book=5516#8adfe2
مخرمة بن نوفل بن أهيب
ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب أبو صفوان، ويقال: أبو المسور، ويقال: أبو الأسود ويقال: أبو مسعود، الزهري، والد المسور بن مخرمة له صحبة، وكان من المؤلفة قلوبهم، قدم دمشق في الجاهلية، وكان في عير قريش التي خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طلبها، وكانت وقعة بدر بسببها.
حدث عن أمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم، وكانت لدة عبد المطلب، قالت: تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأرقت العظم، فبينا أنا راقدة - اللهم - أو مهمومة، إذا هاتف يصرخ بصوت صخل يقول: معشر قريش، أن هذا النبي المبعوث صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منكم، وقد أظلتكم أيامه، وهذا أوان نجومه، فحي هلا بالحيا والخصب،
ألا فانظروا رجلاً منكم وسيطاً عظاماً حساماً أبيض بضاً، أوطف الأهداب، سهل الخدين، أشعر العرنين، له فخر يكظم عليه وسنة تهدى إليه، فليخلص هو وولده، وليهبط إليه من كل بطن رجل، فليسنوا عليهم الماء، وليمسوا من الطيب، ثم ليتسلموا الركن، ثم ليرتقوا أبا قبيس، ثم ليدع الرجل وليؤمن القوم، فغثتم ما شئتم.
فأصبحت - علم الله - مذعورة، قد اقشعر جلدي ووله عقلي، فاقتصصت رؤياي، ونمت في شعاب مكة في الحرمة والحرم، ما بقي بها أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد؛ وتناهت إليه رجالات قريش، وهبط إليه من كل بطن رجل، فسنوا، ومسوا، واستلموا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفقوا حوله، ما يبلغ سعيهم مهلة، حتى إذا استوى بذروة الجبل قام عبد المطلب ومعه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غلام قد أيفع أو كرب، فرفع يديه وقال: لاهم ساد الخلة، وكاشف الكربة، أنت معلم غير معلم، ومسؤول غير مبخل، وهذه عبداؤك وإماؤك بغدران حرمك يشكون إليك سنتهم، أذهبت الخف والظلف، فاسمعن اللهم وأمطرن غيثاً مغدقاً مريعاً.
فوالكعبة ما زالوا حتى تفجرت السماء بمائها، واكتظ الوادي بثجيجه؛ فسمعت شيخان قريش وجلتها عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب: هنيئاً لك أبا البطحاء، أي عاش بك أهل البطحاء.
وفي ذلك تقول رقيقة: " من البسيط "
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا ... وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر
فجاد بالماء جوني له سبل ... سحا فعاشت به الأنعام والشجر
منا من الله بالميمون طائرة ... وخير من بشرت يوماً به مضر
مبارك الأمر يستسقى الغمام به ... ما في الأنام له عدل ولا خطر
عن مخرمة بن نوفل، قال: لما لحقنا بالشام أدركنا رجل من جذام فأخبرنا أن محمداً قد كان عرض لغيرنا في
بدأتنا، وأنه تركه مقيماً ينتظر رجعتنا، قد حالف علينا أهل الطريق ووادعهم.
قال مخرمة: فخرجنا خائفين، نخاف الرصد، فتبعنا ضمضم بن عمرو حين فصلنا من الشام.
وكان عمرو بن العاص يحدث يقول: لما كنا بالزرقاء - والزرقاء بالشام ناحية معان من أذرعات على مرحلتين - ونحن منحدرون إلى مكة -، لقينا رجلمن جذام، فقال: قد كان عرض لكم محمد في بدأتكم. فذكر الحديث بطوله.
قال الزبير: وكان مخرمة من مسلمة الفتح، وكان لهسن عالية، وعلم بالنسب، كان يؤخذ عنه النسب.
وقال محمد بن سعد: أسلم مخرمة عند فتح مكة، وكان عالماً بنسب قريش وأحاديثها، وكانت له معرفة بأنصاب الحرم، فكان عمر بن الخطاب يبعثه هو وسعيد بن يربوع أبو هود وحويطب بن عبد العزى وأزهر بن عبد عوف فيجددون أنصاب الحرم لعلمهم بها، وكانوا يبدون في بواديها؛ ثم بعثهم عثمان بن عفان حين ولي الخلافة فجددوا أنصاب الحرم إلا سعيد بن يربوع فإن بصره كان قد ذهب فلم يرسله معهم.
عن المسور بن مخرمة، عن أبيه، قال: لقد أظهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإسلام فأسلم أهل مكة كلهم، وذلك قبل أن تفرض الصلاة، حتى إن كان ليقرأ بالسجدة فيسجد ويسجدون، وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام وضيق المكان لكثرة الناس، حتى قدم رؤوس قريش الوليد بن المغيرة وأبو جهل وغيرهما وكانوا بالطائف في أرضهم، فقالوا: تدعون دين آبائكم؛ فكفروا.
عن ابن عباس: أن جبريل أرى إبراهيم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موضع أنصاب الحرم، فنصبها، ثم جددها قصي بن كلاب، ثم جددها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن يحيى بن عبد الرحمن بن خاطب، عن أبيه، قال: ذهب بصر مخرمة بن نوفل في خلافة عثمان ببن عفان، وكان قبل ذلك فيمن يجدد أنصاب الحرم معرفة بها.
قال محمد بن عمر: شهد مخرمة بن نوفل مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين، وأعطاه من غنائم حنين خمسين بعيراً.
قال: ورأيت عبد الله بن جعفر ينكر أن يكون مخرمة أخذ منها شيئاً، وقال: ما سمعت أحداً من أهلي يذكر ذلك.
عن أم بكر بنت مسور؛ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسم قسماً فأخطأ ذلك مخرمة، فقال له مخرمة: أي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كنت أرى أن تقسم قريش قسماً فتخطئني. قال: " فإني فاعل يا خالي إذا جاءني شيء ". فما لبث أن جاءه قباء من ديباج أو حرير مزرور بالذهب، فوضعه بين يديه، فجعل كلما جاء إنسان يخشى أن يسأله قال: " هذا لخالي مخرمة " حتى جاء مخرمة فأعطاه.
عن عمرو، قال: كسا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخرمة حلة، وقال: ما أرى العبقري مثلها، وقال له: " إن قدمت مكة اشتراها منك صفوان بن أبي أمية أو حكيم بن حزام بأربعين أوقية ". قال فقدم مكة، فاشتراها أحدهما بذاك.
عن عائشة، قالت: جاء مخرمة بن نوفل، فلما سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوته قال: " بئس أخو العشيرة " فلما دخل بش به حتى خرج؛ قالت: قلت له: يا رسول الله قلت له وهو بالباب، فلما دخل بششت به حتى خرج. قالت: أظنه قال: " أعهدتني فحاشاً؟ إن شر الناس من يتقى لشره ".
عن مصعب بن عثمان، قال: لما حضرت مخرمة بن نوفل الوفاة بكته ابنته فقالت: وا أبتاه، كان هيناً ليناً. فقال: من النادبة؟ فقالوا: ابنتك. قال: تعالي، فجاءت، فقال: ليس هكذا يندب مثلي، قولي: وا أبتاه كان شهماً شيظماً، كان أبياً عصياً.
قال محمد بن عمر: ومات مخرمة بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وكان يوم مات ابن مئة وخمس عشرة. وقيل: سنة خمس وخمسين.