مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أبو الخطاب الشاعر، المعروف بالجبلي :
كان من أهل الأدب، حسن الشعر، فصيح القول، مليح النظم، سافر في حداثته إلى الشام فسمع بدمشق من أبي الحسين المعروف بأخي تبوك، ثم عاد إلى بغداد وقد كف بصره، فأقام بها إلى حين وفاته، سمعت منه الحديث وعلقت عنه مقطعات من شعره وقيل: إنه كان رافضيا شديد الترفض.
قَالَ لي أبو القاسم الأزهري: كان أبو الخطاب الجبلي معي في المكتب، فكان أحسن الناس عينين، كأنهما نرجستان ثم سافر وعاد إلينا وقد عمى.
أخبرني أبو الخطّاب الجبليّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْن الْحَسَنِ بْن الوليد الكلابي- بدمشق- أخبرنا طاهر بن محمّد بن الحكم التميميّ، أخبرنا هشام بن عمّار، نبأنا الوليد، نبأنا الأوزاعي، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمِ النَّاسُ مَا فِي صَلاةِ الْغَدَاةِ وَالْعَتَمَةِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا »
. أنشدنا القاضي أَبُو القاسم علي بْن المحسن التنوخي قَالَ: أنشدنا أبو العلاء أحمد ابن عبد الله بن سليمان المقرئ، لنفسه- يجيب أبا الخطاب الجَبُّلي عن أبيات كان مدحه بها عند وروده مَعَرَّةَ النعمان:
أشفقت من عبء البقاء وعابه ... ومللت من أري الزمان وصابه
ووجدت أحداث الليالي أولعت ... بأخي الندى تثنيه عن آرابه
وأرى أبا الخطاب نال من الحجى ... خطّا رواه الدّهر عن خطابه
لا تطلبنّ كلامه متشبّها ... فالدر ممتنع على طلابه
أثنى وخاف من ارتجال ثنائه ... عني فقيد لفظه بكتابه
كلم كنظم العقد يحسن تحته ... معناه حسن الماء تحت حبابه
فتشوقت شوقا إلى نغماته ... أفهامنا ورنت إلى آدابه
والنخل ما عكفت عليه طيوره ... إلا لما عَلِمَتْهُ من إرطابه
ردت لطافته وحدة ذهنه ... وحش اللغات أوانسا بخطابه
والنحل يجنى المرّ من نور الرّبا ... فتصير شهدا في طريق رضابه
عجب الأنام لطول همة ماجد ... أوفى به قصر وما أزري به
سهم الفتى أقصى مدى من سيفه ... والرمح يوم طعانه وضرابه
هجر العراق تطربا وتغربا ... ليفوز من سمط العلا بغرابه
والسمهرية ليس يشرف قدرها ... حتى يسافر لدنها عن غابه
والعضب لا يشفي امرأ من ثاره ... إلّا بعقد نجاده وقرابه
والله يرعى سرح كل فضيلة ... حتى يروحه إلى أربابه
يا من له قلم حكى في فعله ... أيم الغضا لولا سواد لعابه
عرفت جدودك إذ نطقت وطالما ... لفظ القطا فأبان عن أنسابه
وهززت أعطاف الملوك بمنطق ... رد المسن إلى اقتبال شبابه
ألبستني حلل القريض وَوَشْيَهُ ... متفضلا فرفلت في أثوابه
وظلمت شعرك إذ حبوت رياضه ... رجلا سواه من الورى أولى به
فأجاب عنه مقصرا عن شأوه ... إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه
مات أبو الخطاب في ليلة الاثنين ودفن في يوم الاثنين التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
كان من أهل الأدب، حسن الشعر، فصيح القول، مليح النظم، سافر في حداثته إلى الشام فسمع بدمشق من أبي الحسين المعروف بأخي تبوك، ثم عاد إلى بغداد وقد كف بصره، فأقام بها إلى حين وفاته، سمعت منه الحديث وعلقت عنه مقطعات من شعره وقيل: إنه كان رافضيا شديد الترفض.
قَالَ لي أبو القاسم الأزهري: كان أبو الخطاب الجبلي معي في المكتب، فكان أحسن الناس عينين، كأنهما نرجستان ثم سافر وعاد إلينا وقد عمى.
أخبرني أبو الخطّاب الجبليّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْن الْحَسَنِ بْن الوليد الكلابي- بدمشق- أخبرنا طاهر بن محمّد بن الحكم التميميّ، أخبرنا هشام بن عمّار، نبأنا الوليد، نبأنا الأوزاعي، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمِ النَّاسُ مَا فِي صَلاةِ الْغَدَاةِ وَالْعَتَمَةِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا »
. أنشدنا القاضي أَبُو القاسم علي بْن المحسن التنوخي قَالَ: أنشدنا أبو العلاء أحمد ابن عبد الله بن سليمان المقرئ، لنفسه- يجيب أبا الخطاب الجَبُّلي عن أبيات كان مدحه بها عند وروده مَعَرَّةَ النعمان:
أشفقت من عبء البقاء وعابه ... ومللت من أري الزمان وصابه
ووجدت أحداث الليالي أولعت ... بأخي الندى تثنيه عن آرابه
وأرى أبا الخطاب نال من الحجى ... خطّا رواه الدّهر عن خطابه
لا تطلبنّ كلامه متشبّها ... فالدر ممتنع على طلابه
أثنى وخاف من ارتجال ثنائه ... عني فقيد لفظه بكتابه
كلم كنظم العقد يحسن تحته ... معناه حسن الماء تحت حبابه
فتشوقت شوقا إلى نغماته ... أفهامنا ورنت إلى آدابه
والنخل ما عكفت عليه طيوره ... إلا لما عَلِمَتْهُ من إرطابه
ردت لطافته وحدة ذهنه ... وحش اللغات أوانسا بخطابه
والنحل يجنى المرّ من نور الرّبا ... فتصير شهدا في طريق رضابه
عجب الأنام لطول همة ماجد ... أوفى به قصر وما أزري به
سهم الفتى أقصى مدى من سيفه ... والرمح يوم طعانه وضرابه
هجر العراق تطربا وتغربا ... ليفوز من سمط العلا بغرابه
والسمهرية ليس يشرف قدرها ... حتى يسافر لدنها عن غابه
والعضب لا يشفي امرأ من ثاره ... إلّا بعقد نجاده وقرابه
والله يرعى سرح كل فضيلة ... حتى يروحه إلى أربابه
يا من له قلم حكى في فعله ... أيم الغضا لولا سواد لعابه
عرفت جدودك إذ نطقت وطالما ... لفظ القطا فأبان عن أنسابه
وهززت أعطاف الملوك بمنطق ... رد المسن إلى اقتبال شبابه
ألبستني حلل القريض وَوَشْيَهُ ... متفضلا فرفلت في أثوابه
وظلمت شعرك إذ حبوت رياضه ... رجلا سواه من الورى أولى به
فأجاب عنه مقصرا عن شأوه ... إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه
مات أبو الخطاب في ليلة الاثنين ودفن في يوم الاثنين التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.