محمد بن عبد الرحمن بن هشام
ابن يحيى ابن هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو خالد المخزومي المكي القاضي المعروف بالأوقص قدم الشام غازياً.
حدث عن ابن جريح بن عطاء عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل من مصلاه.
وحدث عن خالد بن سلمة قال: لما كان يوم الفتح جاء هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكشف ثوبه عن ظهره، ثم وضع يده على خاتم النبوة؛ قال: فأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده فأجاله فأقعده بين يديه، ثم ضرب في صدره ثلاثاً ثم قال: " اللهم أذهب عنه الغل والحسد ثلاثاً " فكان الأوقص يقول: نحن أقل أصحابنا حسداً.
قال الأوقص المخزومي: خرجت مع الرشيد إلى الغزو فنزلنا في ظل قصرٍ بالشام فأشرفت جاريةٌ فقالت:
هل فيكم من أهل مكة أحد؟ فسكتنا فقالت: هل فيكم من بني مخزوم أحد؟ قال: فقلت للغلام: قل لها: ما حاجتك؟ قالت: ما فعل محمد بن عبد الرحمن الأوقص؟ قال: فقلت لها: حي في عافية، من أين تعرفينه؟ قالت: كنت لابنة عمه فباعتني، فقلت لها: أي بنات عمه؟ قالت: فاخته كيف هي؟ قلت سالمةٌ؛ وسألت عن ولدها النساء والرجال فقلت له: سلها من أبوها وأمها؟ فأخبرته وعرفتها؛ ثم تنفست الصعداء وأنشدت: من البسيط
من كان ذا شجنٍ بالشام يحبسه ... فإن في غيرها أمسى لي الشجن
وإن ذا القصر حقاً ما به شجنٌ ... لكن بمكة أمسى الأهل والوطن
فدعوت مولىً لي فقلت: اذهب إلى صاحب هذا القصر فأعلمه بموضعي واشتر لي منه هذه الجارية، فذهب فأعلمه فقال: أنا أصير إليه، فإذا هو شاب من بني أمية، فأتى إلي وسلم علي، وقال: لم أعلم بموضعك، وذكر الجارية، فأخبرته بالذي كان منها، فذهب إلى منزله وقال: لا آخذ لها ثمناً.
قال: ثم مضيت بها إلى مكة فأقامت عندنا حيناً.
كان الأوقص قصيراً دميماً قبيحاً، وكانت أمه عاقلةً فقالت له: يا بني إنك خلقت خلقةً لا تصلح فيها لمعاشرة الفتيان، فعليك بالدين فإنه يتم النقيصة ويرفع الخسيسة؛ فنفعني الله بقولها، فتعلمت الفقه فصرت قاضياً.
كان الأوقص عنقه داخلاً في بدنه، وكان منكباه خارجين كأنهما زجان فقالت له أمه: يا بني لا تكون في قومٍ إلا كنت المضحوك منه، المسخور به، فعليك بطلب العلم فإنه يرفعك؛ فطلب العلم فولي قضاء مكة عشرين سنةً؛ فكان الخصم إذا جلس بين يديه يرعد حتى يقوم.
وأتاه الدارمي في شيءٍ فتحامل عليه، فبينا الأوقص يوماً في المسجد الحرام ينادي ربه، ويقول: يا رب أعتق رقبتي من النار؛ فقال له الدارمي: أو لك رقبةٌ تعتق لا والله ما جعل الله لك وله الحمد من عتقٍ ولا رقبةٍ فقال له الأوقص: من أنت؟ قال: أنا الدارمي قتلتني وجرت علي؛ قال: لا تقول ذلك ائتني أحكم لك.
وتوفي الأوقص القاضي سنة تسع وستين ومئة.
ابن يحيى ابن هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو خالد المخزومي المكي القاضي المعروف بالأوقص قدم الشام غازياً.
حدث عن ابن جريح بن عطاء عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل من مصلاه.
وحدث عن خالد بن سلمة قال: لما كان يوم الفتح جاء هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكشف ثوبه عن ظهره، ثم وضع يده على خاتم النبوة؛ قال: فأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده فأجاله فأقعده بين يديه، ثم ضرب في صدره ثلاثاً ثم قال: " اللهم أذهب عنه الغل والحسد ثلاثاً " فكان الأوقص يقول: نحن أقل أصحابنا حسداً.
قال الأوقص المخزومي: خرجت مع الرشيد إلى الغزو فنزلنا في ظل قصرٍ بالشام فأشرفت جاريةٌ فقالت:
هل فيكم من أهل مكة أحد؟ فسكتنا فقالت: هل فيكم من بني مخزوم أحد؟ قال: فقلت للغلام: قل لها: ما حاجتك؟ قالت: ما فعل محمد بن عبد الرحمن الأوقص؟ قال: فقلت لها: حي في عافية، من أين تعرفينه؟ قالت: كنت لابنة عمه فباعتني، فقلت لها: أي بنات عمه؟ قالت: فاخته كيف هي؟ قلت سالمةٌ؛ وسألت عن ولدها النساء والرجال فقلت له: سلها من أبوها وأمها؟ فأخبرته وعرفتها؛ ثم تنفست الصعداء وأنشدت: من البسيط
من كان ذا شجنٍ بالشام يحبسه ... فإن في غيرها أمسى لي الشجن
وإن ذا القصر حقاً ما به شجنٌ ... لكن بمكة أمسى الأهل والوطن
فدعوت مولىً لي فقلت: اذهب إلى صاحب هذا القصر فأعلمه بموضعي واشتر لي منه هذه الجارية، فذهب فأعلمه فقال: أنا أصير إليه، فإذا هو شاب من بني أمية، فأتى إلي وسلم علي، وقال: لم أعلم بموضعك، وذكر الجارية، فأخبرته بالذي كان منها، فذهب إلى منزله وقال: لا آخذ لها ثمناً.
قال: ثم مضيت بها إلى مكة فأقامت عندنا حيناً.
كان الأوقص قصيراً دميماً قبيحاً، وكانت أمه عاقلةً فقالت له: يا بني إنك خلقت خلقةً لا تصلح فيها لمعاشرة الفتيان، فعليك بالدين فإنه يتم النقيصة ويرفع الخسيسة؛ فنفعني الله بقولها، فتعلمت الفقه فصرت قاضياً.
كان الأوقص عنقه داخلاً في بدنه، وكان منكباه خارجين كأنهما زجان فقالت له أمه: يا بني لا تكون في قومٍ إلا كنت المضحوك منه، المسخور به، فعليك بطلب العلم فإنه يرفعك؛ فطلب العلم فولي قضاء مكة عشرين سنةً؛ فكان الخصم إذا جلس بين يديه يرعد حتى يقوم.
وأتاه الدارمي في شيءٍ فتحامل عليه، فبينا الأوقص يوماً في المسجد الحرام ينادي ربه، ويقول: يا رب أعتق رقبتي من النار؛ فقال له الدارمي: أو لك رقبةٌ تعتق لا والله ما جعل الله لك وله الحمد من عتقٍ ولا رقبةٍ فقال له الأوقص: من أنت؟ قال: أنا الدارمي قتلتني وجرت علي؛ قال: لا تقول ذلك ائتني أحكم لك.
وتوفي الأوقص القاضي سنة تسع وستين ومئة.