- ومحمد بن المنكدر بن الهدير بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة. أمه أم ولد، يكنى أبا عبد الله. مات سنة ست وثلاثين ومائة.
82467. محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان1 82468. محمد بن المنذر بن عبيد الله2 82469. محمد بن المنذر بن عبيد الله الزبيري1 82470. محمد بن المنكدر7 82471. محمد بن المنكدر التيمي1 82472. محمد بن المنكدر بن الهدير182473. محمد بن المنكدر بن عبد الله2 82474. محمد بن المنكدر بن عبد الله القرشي2 82475. محمد بن المنكدر بن عبد الله القرشي التيمي...1 82476. محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير...2 82477. محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير التيمي...2 82478. محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن محرز بن عبد العزي بن عام...1 82479. محمد بن المنهال2 82480. محمد بن المنهال أبو عبد الله البصري2 82481. محمد بن المنهال أبو عبد الله المجاشعي الضرير البصري...1 82482. محمد بن المنهال ابو عبد الله البصري الضرير وليس باخ لحجاج بن منها...1 82483. محمد بن المنهال ابو عبد الله الضرير البصري...1 82484. محمد بن المنهال ابو عبد الله الضرير البصري...1 82485. محمد بن المنهال البصري الضرير1 82486. محمد بن المنهال البصري العطار1 82487. محمد بن المنهال السلمي البرساني العطار البصري...1 82488. محمد بن المنهال الضرير1 82489. محمد بن المنهال الضرير ابو عبد الله البصري...1 82490. محمد بن المنهال الضرير البصري1 82491. محمد بن المنهال الضرير التميمي1 82492. محمد بن المهاجر2 82493. محمد بن المهاجر ابو عبد الله القاضي1 82494. محمد بن المهاجر البغدادي1 82495. محمد بن المهاجر القرشي1 82496. محمد بن المهلب الحراني1 82497. محمد بن المهلب الحراني لقبه غندر1 82498. محمد بن المهلب السرخسي ابو عبد الله1 82499. محمد بن المهلب الكوفي1 82500. محمد بن المهلب غندر ابو الحسن الحراني...1 82501. محمد بن المهلب غندر الحراني1 82502. محمد بن المهنا بن محمد ابو عبد الله وقيل ابو بكر البناني الازجي...1 82503. محمد بن النصر الحارثي1 82504. محمد بن النصر الموصلي النحاس1 82505. محمد بن النصر بن مساور المروزي1 82506. محمد بن النضر4 82507. محمد بن النضر أبو عبد الرحمن الحارثي...1 82508. محمد بن النضر ابو عبد الرحمن الحارثي...1 82509. محمد بن النضر الجارودي النيسابوري1 82510. محمد بن النضر الحارثي أبو عبد الرحمن الكوفي العابد...1 82511. محمد بن النضر العسكري1 82512. محمد بن النضر بن احمد بن حبيب1 82513. محمد بن النضر بن شريح الحارثي أبو عبد الرحمن الكوفي العابد...1 82514. محمد بن النضر بن محمد بن سعيد بن رزين بن عبيد الله بن عثمان ابن ا...1 82515. محمد بن النضر بن مر بن الحر1 82516. محمد بن النضر بن مساور1 82517. محمد بن النضر بن نصر بن سيار1 82518. محمد بن النعمان5 82519. محمد بن النعمان ابو اليمان البصري1 82520. محمد بن النعمان بن بشير2 82521. محمد بن النعمان بن بشير الأنصاري أبو سعيد المدني...1 82522. محمد بن النعمان بن بشير الانصاري2 82523. محمد بن النعمان بن بشير السقطي1 82524. محمد بن النعمان بن بشير بن سعد2 82525. محمد بن النعمان بن بشير بن سعد الانصاري...1 82526. محمد بن النعمان بن بشير بن سعيد الانصاري...1 82527. محمد بن النعمان بن عبد السلام التيمي...1 82528. محمد بن النعمان بن نصير1 82529. محمد بن النفيس بن بقاء الخدمي1 82530. محمد بن النفيس بن محمد بن عطاء ابو الفتح بن ابي المعالي الصوفي...1 82531. محمد بن النفيس بن محمد بن عطاء ابو الفتح بن المعالي...1 82532. محمد بن النوشجان أبو جعفر البغدادي1 82533. محمد بن النوشجان ابو جعفر السويدي1 82534. محمد بن النوشجان ابو جعفر السويدي البغدادي...1 82535. محمد بن النوشجان البغدادي السويدي3 82536. محمد بن النيل الفهري2 82537. محمد بن النيل الفهري1 82538. محمد بن الهذيل بن عبيد الله بن مكحول ابو الهذيل العلاف...1 82539. محمد بن الهيثم أبو الأحوص1 82540. محمد بن الهيثم ابو الاحوص العكبري2 82541. محمد بن الهيثم ابو بكر الانماطي المقرئ...1 82542. محمد بن الهيثم بن السري ابو الحسين الكلوذاني...1 82543. محمد بن الهيثم بن القاسم ابو جعفر الجوري...1 82544. محمد بن الهيثم بن حماد1 82545. محمد بن الهيثم بن حماد بن واقد ابو عبد الله...1 82546. محمد بن الهيثم بن خالد ابو عيسى المخرمي الوراق...1 82547. محمد بن الهيثم بن كعب الذراع1 82548. محمد بن الواقدي ابي عبد الله محمد بن عمر بن واقد...1 82549. محمد بن الورد الدمشقي1 82550. محمد بن الورد بن زنجويه ابو جعفر1 82551. محمد بن الورد بن عبد الله ابو جعفر التميمي...1 82552. محمد بن الوزير أبو الحسين الحافظ1 82553. محمد بن الوزير بن الحكم1 82554. محمد بن الوزير بن الحكم الدمشقي السلمي...1 82555. محمد بن الوزير بن قيس ابو عبد الله1 82556. محمد بن الوزير بن قيس السلمي1 82557. محمد بن الوزير بن قيس الواسطي ابو عبد الله...1 82558. محمد بن الوضاح ابو عبد الله1 82559. محمد بن الوضيء بن بلال1 82560. محمد بن الوليد2 82561. محمد بن الوليد أبو بكر الرملي1 82562. محمد بن الوليد ابو بكر الطرطوشي المغربي الاندلسي...1 82563. محمد بن الوليد الاموي الخياط1 82564. محمد بن الوليد البسري3 82565. محمد بن الوليد البسري ابو عبد الله1 82566. محمد بن الوليد البسري القرشى البصري1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
محمد بن المنكدر بن عبد الله
ابن الهدير ابن محرز بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بنمرة أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر التيمي المدني حدث عن جابر، قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن، قال: " إذا هم أحدكم بالأمر، وأراد الأمر فليصل ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت نتعلم هذا الأمر تسمية بغيته خيراً لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلمه شراً لي مثل ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ".
وحدث هو وجماعةٌ من أمثاله:
خرجوا إلى الوليد، وكان أرسل إليهم يستفتيهم في شيءٍ، فكانوا يجمعون بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس.
وكان الوليد بن يزيد استقدم محمد بن المنكدر الشام مع جماعةٍ من فقهاء المدينة يستفتيه في طلاق زوجته أم سلمة.
قال صدقة بن عبد الله: جئت إلى محمد بن المنكدر وأنا مغضب، فقلت له: أنت أحللت للوليد بن يزيد أم سلمة؟ قال: أنا ولكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حدثني جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا طلاق لما لا تملك، ولا عتق لما لا تملك ".
كان المنكدر خال عائشة، فشكى إليها الحاجة، فقالت له: أول شيءٍ يأتيني أبعث به إليك؛ فجاءتها عشرة آلاف درهمٍ فبعثت بها إليه، فاشترى المنكدر جاريةً من العشرة آلاف، فولدت له محمداً وأخويه.
وكان ابن المنكدر من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون، وكان سفيان يقول: لم ندرك أحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من محمد بن المنكدر؛ وكان ابن المنكدر هو الغاية في الإتقان والحفظ والزهد، وهو حجةٌ.
قال سفيان: تعبد ابن المنكدر وهو غلام، وكانوا أهل بيت عبادةٍ.
قال ابن بكير: محمد، وأبو بكر، وعمر، بنو المنكدر لا يدري أيهم أفضل قالت أم محمد بن المنكدر: يا بني، لو نمت، فقد طال سهرك فقال لها: يا أمه إني لأرى الليل قد أقبل فيهولني سواده، فأصبح ولم تنقض منه نهمتي بعد قال إبراهيم: رأيت محمد بن المنكدر يصلي في مقدم المسجد، فإذا انصرف مشى قليلاً ثم استقبل القبلة فمد يديه ودعا، ثم يمشي ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو؛ قال: كان يفعل ذلك حتى يخرج من المسجد فعل المودع.
وكان ابن المنكدر ربما قام الليل يصلي، ويقول: كم من عين الآن ساهرةٍ في رزقي؛ وكان له جارٌ مبتلى، قال: فكان يرفع صوته من الليل يصيح، فكان محمد يرفع صوته بالحمد؛ فقيل له في ذلك، فقال: يرفع صوته بالبلاء، وأرفع صوتي بالنعمة.
كان محمد بن المنكدر إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه، ويقول: بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع.
وقال محمد: قال الله عز وجل: " نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة " قال: تأكله النار
حتى تبلغ فؤاده وهو حي؛ قال: وما لأهل النار راحةٌ غير العويل والبكاء.
قال عباد المنقري: قرأت على محمد بن المنكدر آخر الزمر، فبكى الشيخ بكاءً غير متباكٍ؛ ثم قال: حدثني عبد الله بن عمر قال: قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخر الزمر وهو على المنبر، فتحول المنبر من تحته مرتين.
كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه، وكان يصيبه صماتٌ، فكان يقوم ويضع خده على قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يرجع، فعوتب في ذلك فقال: إنه يصيبني خطرةٌ، فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان يأتي موضعاً من المسجد في السحر، يتمرغ فيه، ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الموضع؛ أراه قال: في النوم.
قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنةً حتى استقامت.
وكان محمد بن المنكدر يستقرض ويحج؛ فقيل: أتستقرض وتحج؟ قال: نعم، أرجو قضاءها.
وكان يحج كل سنةٍ، ويحج معه عددٌ من أصحابه؛ فبينا هو يوماً في منزلٍ من منازل مكة إذ قال لغلامٍ له: اذهب فاشتر لنا كذا؛ فقال الغلام: ما أصبح عندنا درهمٌ فما فوقه؛ قال: اذهب فإن الله يأتي به؛ قال: من أين؟ قال: سبحان الله؛ ثم رفع صوته بالتلبية، وكذا أصحابه الذين معه؛ وكان إبراهيم بن هشام قد حج تلك السنة، فسمع أصواتهم، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل له: محمد بن المنكدر وأصحابه حجوا، ومحمد يحتمل مؤونتهم ويحملهم فقال: ما بد من أن يعان محمدٌ على هذا الذي يصنع؛ فبعث إليه بأربعة آلاف درهم من ساعته، فدفعها محمد إلى غلامه، وقال له: ألم أقل لك: اشتر لنا ما أمرتك فإن الله يأتي بهذا؟ وقد أتانا الله بما ترى.
قيل لمحمد بن المنكدر: أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخال السرور على المؤمن.
وقيل له: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.
وكان إذا حج أخرج نساءه وصبيانه في الحج؛ فقيل: لم ذلك؟ فقال: أعرضهم لله عز وجل.
وكان يحج وعليه دين، فقيل له في ذلك، فقال: هو أقضى للدين؛ يعني إذا حججت قضى الله عني ديني.
وقال محمد بن المنكدر:
لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان.
قال محمد بن المنكدر: لذة الدنيا قضاء حوائج الإخوان، وإدخال السرور على الناس، والتنفيس عن المكروب.
بعث محمد بن المنكدر إلى صفوان بن سليم أربعين ديناراً ثم قال لبنيه: يا بني ما ظنكم برجلٍ فرغ صفوان لعبادة ربه كان محمد بن المنكدر قد ضاق، فبينا صفوان بن سليم يصلي في المسجد ينتظر الليل، أتاه آتٍ، فوضع على نعله خمسين ديناراً، فأخذها وحمد الله، وانصرف صفوان إلى بيته؛ فقال لمولاته سلامة: إن أخي محمداً أمسى مضيقاً، اذهبي إليه بهذه الدنانير، فإنه يكفينا أن نأخذ منها خمسةً أو أربعةً فقالت: الساعة؟ قال: نعم، إنك تجدينه الساعة في محرابه يسأل الله، يقول: ائتني بها من حيث شئت، وكيف شئت، وأنى شئت، فخرجت بستةٍ وأربعين ديناراً، أو بخمسةٍ وأربعين، فأتته بها، فوقفت تسمع، فإذا هو يقول: اللهم ائتني بها من حيث شئت وأنى شئت وكيف شئت من ساعتي هذه، يا إلهي؛ قالت: فدققت الباب عليه، فدفعتها إليه، فحمد الله على ذلك.
قدم رجلٌ بمالٍ المدينة، فقال: دلوني على رجلٍ من قريش أعطيه هذا المال؛ فدلوه
على عمر بن المنكدر، فأعطاه، فأبى أن يقبله؛ فقال: هذا أبى، فمن بعده؟ فدلوه على أبي بكر بن المنكدر، فأعطاه فأبى أن يقبل؛ قال: فمن بعدهما؟ قالوا: محمد بن المنكدر؛ قال: فأتاه فأبى أن يقبل؛ فقال الرجل: يا أهل المدينة إن استطعتم أن يلدكم كلكم المنكدر فافعلوا.
قال محمد بن المنكدر: بات أخي عمر يصلي الليل، وبت أغمز قدمي أمي، فما يسرني أن ليلتي ليلته.
قال: ودخل أعرابي المدينة فرأى حال بني المنكدر، وموقفهم من الناس، وفضلهم، ثم خرج فسأله رجلٌ: كيف تركت أهل المدينة؟ قال: بخيرٍ، وإن استطعت أن تكون من آل المنكدر فكن.
وكان محمد بن المنكدر يضع خده على الأرض، ثم يقول لأمه: يا أمه قومي ضعي قدمك على خدي.
قال ابن المنكدر: لا تمازح الصبيان فتهون عليهم، ويستخفون بك.
قال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن المنكدر: أي الخصال أوضع للمرء؟ قال: كثرة كلامه، وإذاعته أسراره، وثقته بكل أحدٍ.
تبع محمد بن المنكدر جنازة رجلٍ كان يسفه بالمدينة، فعوتب في ذلك، وقيل له: أمثلك يحضر جنازة مثل هذا؟ فقال: إني لأستحيي من الله أن يراني أرى رحمته عجزت عن أحدٍ من خلقه.
قيل لمحمد بن المنكدر: أتصلي على فلان وكان لا يدع لله محرماً إلا انتهكه؟ فقال: إني لأستحيي من الله أني أرى أن رحمته لا تسع فلاناً.
خرج قومٌ غزاةً، وخرج معهم محمد بن المنكدر، وكانت صائفةً؛ فبينا هم يسيرون في الساقة قال رجل منهم: أشتهي جنباً طرياً فقال محمد بن المنكدر: استطعموا الله يطعمكم، فإنه القادر؛ فدعا القوم فلم يسيروا إلا قليلاً حتى وجدوا مكتلاً مخيطاً، كأنما أتي
به من السيالة أو الروحاء، فإذا هو جبنٌ رطبٌ فقال بعض القوم: لو كان عسلاً؛ فقال محمد: إن الذي أطعمكم جبناً ها هنا قادرٌ على أن يطعمكم عسلاً، فاستطعموا؛ فدعا القوم، فساروا قليلاً فوجدوا فاقرة عسلٍ على الطرق؛ فنزلوا فأكلوا.
استودع محمد بن المنكدر وديعةً، فاحتاج إليها، فأنفقها، فجاء صاحبها يطلبها، فقام فتوضأ وصلى، ثم دعا فقال: يا ساد الهواء بالسماء، ويا كابس الأرض على الماء، ويا واحد قبل كل أحدٍ كان، ويا واحد بعد كل أحدٍ يكون، أد عني أمانتي؛ فسمع قائلاً يقول: خذ هذه فأد بها عن أمانتك، واقصر في الخطبة فإنك لن تراني.
أودع رجلٌ محمد بن المنكدر خمس مئة دينارٍ، فاستفقها محمد بن المنكدر، فقدم الرجل فجعل ابن المنكدر يدعو ويقول: اللهم إنك تعلم أن فلاناً أودعني خمس مئة دينارٍ، فاستنفقتها، وقد قدم وليست عندي، اللهم فاقضها عني ولا تفضحني؛ فسمع عامر بن عبد الله بن الزبير دعاءه، فصر خمس مئة دينارٍ، ووضعها بين يدي محمد بن المنكدر وهو مشغولٌ بالصلاة والدعاء لا يشعر، فانصرف محمد من صلاته، فرآها فأخذها؛ قال عامر: فخشيت أن يفتتن، فأخبرته بها وأخبرته بما خفت عليه من الفتنة.
قال ابن المنكدر لأبي حازم: ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بخيرٍ وما أعرفهم، وما صنعت إليهم خيراً قط؛ فقال أبو حازم: لا تظن أن ذلك من قبلك، ولكن انظر إلى الذي من قبله فاشكره.
قال ابن زيد:
كان المرهب الخبيث يتبدا لابن المنكدر فيما بينه وبين المنبر في المسجد، ويرعبه، فأصبح ذات يوم فأتى إلى أبي فقال: يا أبا أسامة، ألا أخبرك خبراً؛ إني رأيت الخبيث أتاني في النوم، فقاتلني فقاتلته، ثم إني أخذت بشعفةٍ في رأسه، فشقها الله بشقتين،
فرميت شقةً ها هنا وشقةً ها هنا، فأرجو أن يكون الله قد أعانني عليه؛ قال: فما رآه ابن المنكدر بعد ذلك.
وقال محمد بن المنكدر: يا رب، أرني كيف الدنيا عندك حتى أعرفها؛ قال: فأتي في منامه، فقيل له: ابن المنكدر سألت الله أن يريك الدنيا كيف هي عنده، فإن هذا شيءٌ لا يكون أبداً.
قال ابن المنكدر: أمحلنا بالمدينة إمحالاً شديداً، وتوالت سنون؛ قال محمد: فإني لفي المسجد بعد شطر الليل وليس في السماء سحابةٌ، وأنا في مقدم المسجد، فدخل أمامي متقنعٌ برداءٍ عليه، فأسمعته يلح في الدعاء، إلى أن سمعته يقول: أقسمت عليك أي رب قسماً، ويردده؛ قال: فما زال يردد هذا القسم: أقسم عليك أي رب من ساعتي هذه؛ قال: فوالله إن مشينا حتى رأيت السحاب يتألف، وما رأينا قبل ذلك في السماء قزعةً ولا شيئاً، ثم مطرت فسحت، فكانت السماء عزالي وأودع مطرٍ رأيته قط، فأسمعه يقول: أي رب لا هدم فيه ولا غرق ولا ملأ فيه ولا محق؛ قال: ثم سلم الإمام من الصبح، وتقنع الرجل منصرفاً، وتبعته حتى جاء زقاق اللبادين، فدخل في مسربةٍ له، فلما أصبحت سألت عنه، قالوا: هذا زياد النجار، هذا رجلٌ ليس له فراشٌ، إنما هو يكابد الليل صلاةً ودعاءً وهو من الدعائين، وكل عملٍ عمله أخفاه جهده؛ قال محمد بن المنكدر: فذكرت قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رب ذي طمرين خفي، لو أقسم على الله لأبره " قال محمد: فزارني بعد ذلك وخالني، فكره بعض ما ذكرت له، وقال: اطو هذا يا أبا عبد الله، فإنما جزاؤه عند الذي عملناه له؛ قال محمد بن المنكدر: فما ذكرته بعد أن نهاني باسمه؛ وقلت: رجل كذا، ليرغب راغبٌ في الدعاء ويعلم أن في الناس صالحين.
وفي آخر بمعناه: وانصرف حتى أتى دار أنسٍ فدخل موضعاً، فأخرج مفتاحاً، ففتح ثم دخل؛ قال: ورجعت، فلما سبحت أتيته فإذا أنا أسمع نجراً في بيته، فسلمت، ثم قلت: أدخل؟ قال: ادخل؛ فإذا هو ينجر أقداحاً يعملها؛ فقلت: كيف أصبحت أصلحك
الله؟ فاستشهرها وأعظمها مني، فلما رأيت ذلك قلت: إني قد سمعت أقسامك البارحة على الله يا أخي، هل لك في نفقةٍ تغنيك عن هذا وتفرغك لما تريد من الآخرة؟ قال: لا، ولكن غير ذلك، لا تذكرني لأحدٍ ولا تذكر هذا لأحدٍ حتى أموت، ولا تأتني يا بن المنكدر، فإنك إن تأتني شهرتني للناس؛ فقلت: إني أحب أن ألقاك؛ قال: القني في المسجد؛ وكان فارسياً، فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحدٍ حتى مات الرجل؛ قال: ثم انتقل من تلك الدار فلم ير ولم يدر أين ذهب، فقال أهل تلك الدار: الله بيننا وبين ابن المنكدر، أخرج عنا الرجل الصالح.
قال محمد بن المنكدر: إن الله تعالى ليصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وداره، حتى يصل إلى الدويرات حوله، ما يزالون في حفظٍ من الله؛ وفي روايةٍ: ما يزالون في ستر الله وحفظه.
قال ابن المنكدر: لو أن رجلاً صام الدهر لا يفطر، وقام الليل لا يفتر، وتصدق بماله، وجاهد في سبيل الله، واجتنب محارم الله، غير أنه يؤتى به يوم القيامة على رؤوس الخلائق، في ذلك الجمع الأعظم بين يدي رب العالمين، فيقال: إن هذا عظم في عينيه ما صغر الله، وصغر في عينيه ما عظم الله، كيف ترى تكون حاله؟ فمن منا ليس هكذا الدنيا عظيمة عنده مع ما اقترفنا من الذنوب والخطايا.
قال ابن المنكدر: العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل.
اجتمعوا حول ابن المنكدر وهو يصلي، وكان رجلاً عابداً، فانصرف إليهم، فقال: قد أتعبتم الواعظين، إلى متى تساقون سوق البهائم قال ابن المنكدر: نعم العون على تقوى الله الغنى.
وعن محمد بن المنكدر: أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟ قال: أخشى آيةً من كتاب الله، قال الله عز وجل: " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " وإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أحتسب.
وذكرت هذه الحكاية عن أحد أخوي محمد، أبي بكر أو عمر، وأنه قال: ما أبكي أن أكون أتيت شيئاً ركبته من معاصي الله عز وجل اجتراءً على الله سبحانه، ولكني أخاف أن أكون أتيت شيئاً أحسبه هيناً وهو عند الله عظيمٌ؛ قال: وبكى الآخر عند الموت، فقيل له مثل ذلك، فقال: إني سمعت الله عز وجل يقول لقومٍ: " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " وأنا أنتظر ما ترون، والله ما أدري ما يبدو لي.
جاء صفوان إلى محمد بن المنكدر، وهو في الموت، فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت فما زال يهون عليه وينجلي عنه، حتى لكأن في وجهه المصابيح؛ ثم قال له محمد: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك؛ ثم قضى.
توفي محمد بن المنكدر في خلافة مروان بن محمد، قالوا: سنة ثمانٍ وعشرين؛ وقيل: سنة ثلاثين ومئة؛ وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومئة؛ وقيل: سنة ست وثلاثين ومئة.
قال المنكدر بن محمد بن المنكدر: رأيت في منامي كأني دخلت مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا الناس مجتمعون على رجلٍ في الروضة، فقلت: من هذا؟ فقيل: رجلٌ قدم من الآخرة يخبر الناس عن موتاهم؛ فإذا الرجل صفوان بن سليم، والناس يسألونه وهو يخبرهم؛ وفي آخر: فأراني أهاب أن أسأله عن أبي لأني ما أدري ما يخبرني، فقال: أما ها هنا أحدٌ يسألني عن محمد بن المنكدر؟ وطفق الناس يقولون: هذا ابنه، هذا ابنه؛ ففرجت الناس فقلت: أخبرنا رحمك الله؛ قال: أعطاه الله من الجنة كذا، وأعطاه كذا، وأعطاه، وأرضاه، وأسكنه منازل في الجنة وبوأه، ولا طعن عليه ولا موت.
ابن الهدير ابن محرز بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بنمرة أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر التيمي المدني حدث عن جابر، قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن، قال: " إذا هم أحدكم بالأمر، وأراد الأمر فليصل ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت نتعلم هذا الأمر تسمية بغيته خيراً لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلمه شراً لي مثل ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ".
وحدث هو وجماعةٌ من أمثاله:
خرجوا إلى الوليد، وكان أرسل إليهم يستفتيهم في شيءٍ، فكانوا يجمعون بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس.
وكان الوليد بن يزيد استقدم محمد بن المنكدر الشام مع جماعةٍ من فقهاء المدينة يستفتيه في طلاق زوجته أم سلمة.
قال صدقة بن عبد الله: جئت إلى محمد بن المنكدر وأنا مغضب، فقلت له: أنت أحللت للوليد بن يزيد أم سلمة؟ قال: أنا ولكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حدثني جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا طلاق لما لا تملك، ولا عتق لما لا تملك ".
كان المنكدر خال عائشة، فشكى إليها الحاجة، فقالت له: أول شيءٍ يأتيني أبعث به إليك؛ فجاءتها عشرة آلاف درهمٍ فبعثت بها إليه، فاشترى المنكدر جاريةً من العشرة آلاف، فولدت له محمداً وأخويه.
وكان ابن المنكدر من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون، وكان سفيان يقول: لم ندرك أحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من محمد بن المنكدر؛ وكان ابن المنكدر هو الغاية في الإتقان والحفظ والزهد، وهو حجةٌ.
قال سفيان: تعبد ابن المنكدر وهو غلام، وكانوا أهل بيت عبادةٍ.
قال ابن بكير: محمد، وأبو بكر، وعمر، بنو المنكدر لا يدري أيهم أفضل قالت أم محمد بن المنكدر: يا بني، لو نمت، فقد طال سهرك فقال لها: يا أمه إني لأرى الليل قد أقبل فيهولني سواده، فأصبح ولم تنقض منه نهمتي بعد قال إبراهيم: رأيت محمد بن المنكدر يصلي في مقدم المسجد، فإذا انصرف مشى قليلاً ثم استقبل القبلة فمد يديه ودعا، ثم يمشي ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو؛ قال: كان يفعل ذلك حتى يخرج من المسجد فعل المودع.
وكان ابن المنكدر ربما قام الليل يصلي، ويقول: كم من عين الآن ساهرةٍ في رزقي؛ وكان له جارٌ مبتلى، قال: فكان يرفع صوته من الليل يصيح، فكان محمد يرفع صوته بالحمد؛ فقيل له في ذلك، فقال: يرفع صوته بالبلاء، وأرفع صوتي بالنعمة.
كان محمد بن المنكدر إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه، ويقول: بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع.
وقال محمد: قال الله عز وجل: " نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة " قال: تأكله النار
حتى تبلغ فؤاده وهو حي؛ قال: وما لأهل النار راحةٌ غير العويل والبكاء.
قال عباد المنقري: قرأت على محمد بن المنكدر آخر الزمر، فبكى الشيخ بكاءً غير متباكٍ؛ ثم قال: حدثني عبد الله بن عمر قال: قرأ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخر الزمر وهو على المنبر، فتحول المنبر من تحته مرتين.
كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه، وكان يصيبه صماتٌ، فكان يقوم ويضع خده على قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يرجع، فعوتب في ذلك فقال: إنه يصيبني خطرةٌ، فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان يأتي موضعاً من المسجد في السحر، يتمرغ فيه، ويضطجع، فقيل له في ذلك، فقال: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الموضع؛ أراه قال: في النوم.
قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنةً حتى استقامت.
وكان محمد بن المنكدر يستقرض ويحج؛ فقيل: أتستقرض وتحج؟ قال: نعم، أرجو قضاءها.
وكان يحج كل سنةٍ، ويحج معه عددٌ من أصحابه؛ فبينا هو يوماً في منزلٍ من منازل مكة إذ قال لغلامٍ له: اذهب فاشتر لنا كذا؛ فقال الغلام: ما أصبح عندنا درهمٌ فما فوقه؛ قال: اذهب فإن الله يأتي به؛ قال: من أين؟ قال: سبحان الله؛ ثم رفع صوته بالتلبية، وكذا أصحابه الذين معه؛ وكان إبراهيم بن هشام قد حج تلك السنة، فسمع أصواتهم، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل له: محمد بن المنكدر وأصحابه حجوا، ومحمد يحتمل مؤونتهم ويحملهم فقال: ما بد من أن يعان محمدٌ على هذا الذي يصنع؛ فبعث إليه بأربعة آلاف درهم من ساعته، فدفعها محمد إلى غلامه، وقال له: ألم أقل لك: اشتر لنا ما أمرتك فإن الله يأتي بهذا؟ وقد أتانا الله بما ترى.
قيل لمحمد بن المنكدر: أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخال السرور على المؤمن.
وقيل له: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.
وكان إذا حج أخرج نساءه وصبيانه في الحج؛ فقيل: لم ذلك؟ فقال: أعرضهم لله عز وجل.
وكان يحج وعليه دين، فقيل له في ذلك، فقال: هو أقضى للدين؛ يعني إذا حججت قضى الله عني ديني.
وقال محمد بن المنكدر:
لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان.
قال محمد بن المنكدر: لذة الدنيا قضاء حوائج الإخوان، وإدخال السرور على الناس، والتنفيس عن المكروب.
بعث محمد بن المنكدر إلى صفوان بن سليم أربعين ديناراً ثم قال لبنيه: يا بني ما ظنكم برجلٍ فرغ صفوان لعبادة ربه كان محمد بن المنكدر قد ضاق، فبينا صفوان بن سليم يصلي في المسجد ينتظر الليل، أتاه آتٍ، فوضع على نعله خمسين ديناراً، فأخذها وحمد الله، وانصرف صفوان إلى بيته؛ فقال لمولاته سلامة: إن أخي محمداً أمسى مضيقاً، اذهبي إليه بهذه الدنانير، فإنه يكفينا أن نأخذ منها خمسةً أو أربعةً فقالت: الساعة؟ قال: نعم، إنك تجدينه الساعة في محرابه يسأل الله، يقول: ائتني بها من حيث شئت، وكيف شئت، وأنى شئت، فخرجت بستةٍ وأربعين ديناراً، أو بخمسةٍ وأربعين، فأتته بها، فوقفت تسمع، فإذا هو يقول: اللهم ائتني بها من حيث شئت وأنى شئت وكيف شئت من ساعتي هذه، يا إلهي؛ قالت: فدققت الباب عليه، فدفعتها إليه، فحمد الله على ذلك.
قدم رجلٌ بمالٍ المدينة، فقال: دلوني على رجلٍ من قريش أعطيه هذا المال؛ فدلوه
على عمر بن المنكدر، فأعطاه، فأبى أن يقبله؛ فقال: هذا أبى، فمن بعده؟ فدلوه على أبي بكر بن المنكدر، فأعطاه فأبى أن يقبل؛ قال: فمن بعدهما؟ قالوا: محمد بن المنكدر؛ قال: فأتاه فأبى أن يقبل؛ فقال الرجل: يا أهل المدينة إن استطعتم أن يلدكم كلكم المنكدر فافعلوا.
قال محمد بن المنكدر: بات أخي عمر يصلي الليل، وبت أغمز قدمي أمي، فما يسرني أن ليلتي ليلته.
قال: ودخل أعرابي المدينة فرأى حال بني المنكدر، وموقفهم من الناس، وفضلهم، ثم خرج فسأله رجلٌ: كيف تركت أهل المدينة؟ قال: بخيرٍ، وإن استطعت أن تكون من آل المنكدر فكن.
وكان محمد بن المنكدر يضع خده على الأرض، ثم يقول لأمه: يا أمه قومي ضعي قدمك على خدي.
قال ابن المنكدر: لا تمازح الصبيان فتهون عليهم، ويستخفون بك.
قال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن المنكدر: أي الخصال أوضع للمرء؟ قال: كثرة كلامه، وإذاعته أسراره، وثقته بكل أحدٍ.
تبع محمد بن المنكدر جنازة رجلٍ كان يسفه بالمدينة، فعوتب في ذلك، وقيل له: أمثلك يحضر جنازة مثل هذا؟ فقال: إني لأستحيي من الله أن يراني أرى رحمته عجزت عن أحدٍ من خلقه.
قيل لمحمد بن المنكدر: أتصلي على فلان وكان لا يدع لله محرماً إلا انتهكه؟ فقال: إني لأستحيي من الله أني أرى أن رحمته لا تسع فلاناً.
خرج قومٌ غزاةً، وخرج معهم محمد بن المنكدر، وكانت صائفةً؛ فبينا هم يسيرون في الساقة قال رجل منهم: أشتهي جنباً طرياً فقال محمد بن المنكدر: استطعموا الله يطعمكم، فإنه القادر؛ فدعا القوم فلم يسيروا إلا قليلاً حتى وجدوا مكتلاً مخيطاً، كأنما أتي
به من السيالة أو الروحاء، فإذا هو جبنٌ رطبٌ فقال بعض القوم: لو كان عسلاً؛ فقال محمد: إن الذي أطعمكم جبناً ها هنا قادرٌ على أن يطعمكم عسلاً، فاستطعموا؛ فدعا القوم، فساروا قليلاً فوجدوا فاقرة عسلٍ على الطرق؛ فنزلوا فأكلوا.
استودع محمد بن المنكدر وديعةً، فاحتاج إليها، فأنفقها، فجاء صاحبها يطلبها، فقام فتوضأ وصلى، ثم دعا فقال: يا ساد الهواء بالسماء، ويا كابس الأرض على الماء، ويا واحد قبل كل أحدٍ كان، ويا واحد بعد كل أحدٍ يكون، أد عني أمانتي؛ فسمع قائلاً يقول: خذ هذه فأد بها عن أمانتك، واقصر في الخطبة فإنك لن تراني.
أودع رجلٌ محمد بن المنكدر خمس مئة دينارٍ، فاستفقها محمد بن المنكدر، فقدم الرجل فجعل ابن المنكدر يدعو ويقول: اللهم إنك تعلم أن فلاناً أودعني خمس مئة دينارٍ، فاستنفقتها، وقد قدم وليست عندي، اللهم فاقضها عني ولا تفضحني؛ فسمع عامر بن عبد الله بن الزبير دعاءه، فصر خمس مئة دينارٍ، ووضعها بين يدي محمد بن المنكدر وهو مشغولٌ بالصلاة والدعاء لا يشعر، فانصرف محمد من صلاته، فرآها فأخذها؛ قال عامر: فخشيت أن يفتتن، فأخبرته بها وأخبرته بما خفت عليه من الفتنة.
قال ابن المنكدر لأبي حازم: ما أكثر من يلقاني فيدعو لي بخيرٍ وما أعرفهم، وما صنعت إليهم خيراً قط؛ فقال أبو حازم: لا تظن أن ذلك من قبلك، ولكن انظر إلى الذي من قبله فاشكره.
قال ابن زيد:
كان المرهب الخبيث يتبدا لابن المنكدر فيما بينه وبين المنبر في المسجد، ويرعبه، فأصبح ذات يوم فأتى إلى أبي فقال: يا أبا أسامة، ألا أخبرك خبراً؛ إني رأيت الخبيث أتاني في النوم، فقاتلني فقاتلته، ثم إني أخذت بشعفةٍ في رأسه، فشقها الله بشقتين،
فرميت شقةً ها هنا وشقةً ها هنا، فأرجو أن يكون الله قد أعانني عليه؛ قال: فما رآه ابن المنكدر بعد ذلك.
وقال محمد بن المنكدر: يا رب، أرني كيف الدنيا عندك حتى أعرفها؛ قال: فأتي في منامه، فقيل له: ابن المنكدر سألت الله أن يريك الدنيا كيف هي عنده، فإن هذا شيءٌ لا يكون أبداً.
قال ابن المنكدر: أمحلنا بالمدينة إمحالاً شديداً، وتوالت سنون؛ قال محمد: فإني لفي المسجد بعد شطر الليل وليس في السماء سحابةٌ، وأنا في مقدم المسجد، فدخل أمامي متقنعٌ برداءٍ عليه، فأسمعته يلح في الدعاء، إلى أن سمعته يقول: أقسمت عليك أي رب قسماً، ويردده؛ قال: فما زال يردد هذا القسم: أقسم عليك أي رب من ساعتي هذه؛ قال: فوالله إن مشينا حتى رأيت السحاب يتألف، وما رأينا قبل ذلك في السماء قزعةً ولا شيئاً، ثم مطرت فسحت، فكانت السماء عزالي وأودع مطرٍ رأيته قط، فأسمعه يقول: أي رب لا هدم فيه ولا غرق ولا ملأ فيه ولا محق؛ قال: ثم سلم الإمام من الصبح، وتقنع الرجل منصرفاً، وتبعته حتى جاء زقاق اللبادين، فدخل في مسربةٍ له، فلما أصبحت سألت عنه، قالوا: هذا زياد النجار، هذا رجلٌ ليس له فراشٌ، إنما هو يكابد الليل صلاةً ودعاءً وهو من الدعائين، وكل عملٍ عمله أخفاه جهده؛ قال محمد بن المنكدر: فذكرت قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رب ذي طمرين خفي، لو أقسم على الله لأبره " قال محمد: فزارني بعد ذلك وخالني، فكره بعض ما ذكرت له، وقال: اطو هذا يا أبا عبد الله، فإنما جزاؤه عند الذي عملناه له؛ قال محمد بن المنكدر: فما ذكرته بعد أن نهاني باسمه؛ وقلت: رجل كذا، ليرغب راغبٌ في الدعاء ويعلم أن في الناس صالحين.
وفي آخر بمعناه: وانصرف حتى أتى دار أنسٍ فدخل موضعاً، فأخرج مفتاحاً، ففتح ثم دخل؛ قال: ورجعت، فلما سبحت أتيته فإذا أنا أسمع نجراً في بيته، فسلمت، ثم قلت: أدخل؟ قال: ادخل؛ فإذا هو ينجر أقداحاً يعملها؛ فقلت: كيف أصبحت أصلحك
الله؟ فاستشهرها وأعظمها مني، فلما رأيت ذلك قلت: إني قد سمعت أقسامك البارحة على الله يا أخي، هل لك في نفقةٍ تغنيك عن هذا وتفرغك لما تريد من الآخرة؟ قال: لا، ولكن غير ذلك، لا تذكرني لأحدٍ ولا تذكر هذا لأحدٍ حتى أموت، ولا تأتني يا بن المنكدر، فإنك إن تأتني شهرتني للناس؛ فقلت: إني أحب أن ألقاك؛ قال: القني في المسجد؛ وكان فارسياً، فما ذكر ذلك ابن المنكدر لأحدٍ حتى مات الرجل؛ قال: ثم انتقل من تلك الدار فلم ير ولم يدر أين ذهب، فقال أهل تلك الدار: الله بيننا وبين ابن المنكدر، أخرج عنا الرجل الصالح.
قال محمد بن المنكدر: إن الله تعالى ليصلح بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وداره، حتى يصل إلى الدويرات حوله، ما يزالون في حفظٍ من الله؛ وفي روايةٍ: ما يزالون في ستر الله وحفظه.
قال ابن المنكدر: لو أن رجلاً صام الدهر لا يفطر، وقام الليل لا يفتر، وتصدق بماله، وجاهد في سبيل الله، واجتنب محارم الله، غير أنه يؤتى به يوم القيامة على رؤوس الخلائق، في ذلك الجمع الأعظم بين يدي رب العالمين، فيقال: إن هذا عظم في عينيه ما صغر الله، وصغر في عينيه ما عظم الله، كيف ترى تكون حاله؟ فمن منا ليس هكذا الدنيا عظيمة عنده مع ما اقترفنا من الذنوب والخطايا.
قال ابن المنكدر: العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل.
اجتمعوا حول ابن المنكدر وهو يصلي، وكان رجلاً عابداً، فانصرف إليهم، فقال: قد أتعبتم الواعظين، إلى متى تساقون سوق البهائم قال ابن المنكدر: نعم العون على تقوى الله الغنى.
وعن محمد بن المنكدر: أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟ قال: أخشى آيةً من كتاب الله، قال الله عز وجل: " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " وإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أحتسب.
وذكرت هذه الحكاية عن أحد أخوي محمد، أبي بكر أو عمر، وأنه قال: ما أبكي أن أكون أتيت شيئاً ركبته من معاصي الله عز وجل اجتراءً على الله سبحانه، ولكني أخاف أن أكون أتيت شيئاً أحسبه هيناً وهو عند الله عظيمٌ؛ قال: وبكى الآخر عند الموت، فقيل له مثل ذلك، فقال: إني سمعت الله عز وجل يقول لقومٍ: " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " وأنا أنتظر ما ترون، والله ما أدري ما يبدو لي.
جاء صفوان إلى محمد بن المنكدر، وهو في الموت، فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت فما زال يهون عليه وينجلي عنه، حتى لكأن في وجهه المصابيح؛ ثم قال له محمد: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك؛ ثم قضى.
توفي محمد بن المنكدر في خلافة مروان بن محمد، قالوا: سنة ثمانٍ وعشرين؛ وقيل: سنة ثلاثين ومئة؛ وقيل: سنة إحدى وثلاثين ومئة؛ وقيل: سنة ست وثلاثين ومئة.
قال المنكدر بن محمد بن المنكدر: رأيت في منامي كأني دخلت مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا الناس مجتمعون على رجلٍ في الروضة، فقلت: من هذا؟ فقيل: رجلٌ قدم من الآخرة يخبر الناس عن موتاهم؛ فإذا الرجل صفوان بن سليم، والناس يسألونه وهو يخبرهم؛ وفي آخر: فأراني أهاب أن أسأله عن أبي لأني ما أدري ما يخبرني، فقال: أما ها هنا أحدٌ يسألني عن محمد بن المنكدر؟ وطفق الناس يقولون: هذا ابنه، هذا ابنه؛ ففرجت الناس فقلت: أخبرنا رحمك الله؛ قال: أعطاه الله من الجنة كذا، وأعطاه كذا، وأعطاه، وأرضاه، وأسكنه منازل في الجنة وبوأه، ولا طعن عليه ولا موت.
مُحَمَّد بْن المنكدر بْن عَبْد اللَّه بْن الهدير قرشي تيمي
مدني
سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وابْن الزبير وعمه ربيعة سَمِعَ منه الثوري
وشُعْبَة وعُمَرو بْن دينار، كنيته أَبُو بكر وقال اسمعيل كنيته أَبُو عَبْد اللَّه، الْقُرَشِيّ، قَالَ لي الأويسي حدثني مالك قَالَ كَانَ مُحَمَّد سيد القراء لا يكاد أحد يسألُهُ عَنْ حديث إلا كاد أن يبكي، وقَالَ علي عَنِ ابْن عيينة بلغ سنه نيفا وسبعين ولم أر أحدا أجدر أن يحمل (1) عَنْهُ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه جالسناه عام الزُّهْرِيّ، كَانَ يجيئنا فِي الحج والْعُمَرة وكَانَ صديقا لعُمَرو.
مدني
سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وابْن الزبير وعمه ربيعة سَمِعَ منه الثوري
وشُعْبَة وعُمَرو بْن دينار، كنيته أَبُو بكر وقال اسمعيل كنيته أَبُو عَبْد اللَّه، الْقُرَشِيّ، قَالَ لي الأويسي حدثني مالك قَالَ كَانَ مُحَمَّد سيد القراء لا يكاد أحد يسألُهُ عَنْ حديث إلا كاد أن يبكي، وقَالَ علي عَنِ ابْن عيينة بلغ سنه نيفا وسبعين ولم أر أحدا أجدر أن يحمل (1) عَنْهُ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه جالسناه عام الزُّهْرِيّ، كَانَ يجيئنا فِي الحج والْعُمَرة وكَانَ صديقا لعُمَرو.
محمد بن المنكدر: "مدني"، تابعي، ثقة، رجل صالح.
محمّد بن المنكدر، أحد الأعلام، قال الذّهبي في "التّاريخ": الحافظ، توفي سنة (130).
محمد بن المنكدر، عن رجل من الأنصار، عن أبيه
ع: محمد بن المنكدر عن رجل من الأنصار، عن أبيه، قال: كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسا فأصغى إصغاء حتى أنكرناه، ثم أقبل علينا وقد سري عنه، فقال: " إن جبريل أتاني فقال: إن الله تعالى إذا دعاه عبده المؤمن، قال: يا جبريل، قد استجبت لعبدي المؤمن، وقضيت حاجته، وإني أحب صوته "، ثم أصغى الثانية فطال إصغاؤه، ثم أقبل علينا وقد سري عنه فقال: " جاءني جبريل، فقال: إن الله تعالى إذا دعاه عبده الكافر، قال: يا جبريل، اقض حاجته، فإني أبغض صوته ".
أخرجه أبو نعيم.
ع: محمد بن المنكدر عن رجل من الأنصار، عن أبيه، قال: كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالسا فأصغى إصغاء حتى أنكرناه، ثم أقبل علينا وقد سري عنه، فقال: " إن جبريل أتاني فقال: إن الله تعالى إذا دعاه عبده المؤمن، قال: يا جبريل، قد استجبت لعبدي المؤمن، وقضيت حاجته، وإني أحب صوته "، ثم أصغى الثانية فطال إصغاؤه، ثم أقبل علينا وقد سري عنه فقال: " جاءني جبريل، فقال: إن الله تعالى إذا دعاه عبده الكافر، قال: يا جبريل، اقض حاجته، فإني أبغض صوته ".
أخرجه أبو نعيم.
محمد بن المنكدر التميمي أبو عبد الله روى عن جابر وابن عمر واميمة بنت رقيقة وعبد الله بن الزبير واسماء ابنة ابى بكر وسفينة وابى رافع روى عنه الزهري وعمرو بن دينار وهشام بن عروة وايوب السختيانى وابو حازم سلمة بن دينار ومالك وابن جريج والثوري وشعبة ومعمر
وعبد العزيز الماجشون وأبو عوانة سمعت أبي يقول ذلك: نا عبد الرحمن نا عمر بن شبة بن عبيدة النميري البصري نا هارون - يعني ابن معروف نا سُفْيَانُ - يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ - قال: كان محمد بن المنكدر من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون نا عبد الرحمن أنا أبو بكر محمد بن عمير الطبري قال قال أبو بكر يعني عبد الله بن الزبير الحميدي: محمد بن المنكدر حافظ.
نا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: محمد بن المنكدر ثقة.
نا عبد الرحمن قال سألت ابى عن محمد بن المنكدر فقال: ثقة.
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا دُحَيْمٌ، ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، ثنا ابْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَأَصْغَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطَالَ إِصْغَاءَهُ حَتَّى أَنْكَرْنَاهُ، وَشَقَّ عَلَيْنَا، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَدْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصْغَيْتَ فَطَالَ إِصْغَاؤُكَ حَتَّى شَقَّ عَلَيْنَا، وَتَغَيَّرَ لَوْنُكَ، قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا دَعَاهُ عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، قَدِ اسْتَجَبْتُ لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ وَقَضَيْتُ حَاجَتَهُ، فَأَخِّرْ حَاجَتَهُ فَإِنِّي أُحِبُّ صَوْتَهُ " ثُمَّ أَصْغَى الثَّانِيَةَ، فَطَالَ إِصْغَاؤُهُ حَتَّى تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَدْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَصْغَيْتَ الثَّانِيَةَ فَطَالَ إِصْغَاؤُكَ، وَشَقَّ عَلَيْنَا، وَتَغَيَّرَ لَوْنُكَ؟ قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا دَعَاهُ عَبْدُهُ الْكَافِرُ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، اقْضِ حَاجَتَهُ فَإِنِّي أُبْغِضُ صَوْتَهُ "
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا دُحَيْمٌ، ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، ثنا ابْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَأَصْغَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطَالَ إِصْغَاءَهُ حَتَّى أَنْكَرْنَاهُ، وَشَقَّ عَلَيْنَا، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَدْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصْغَيْتَ فَطَالَ إِصْغَاؤُكَ حَتَّى شَقَّ عَلَيْنَا، وَتَغَيَّرَ لَوْنُكَ، قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا دَعَاهُ عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، قَدِ اسْتَجَبْتُ لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ وَقَضَيْتُ حَاجَتَهُ، فَأَخِّرْ حَاجَتَهُ فَإِنِّي أُحِبُّ صَوْتَهُ " ثُمَّ أَصْغَى الثَّانِيَةَ، فَطَالَ إِصْغَاؤُهُ حَتَّى تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَدْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَصْغَيْتَ الثَّانِيَةَ فَطَالَ إِصْغَاؤُكَ، وَشَقَّ عَلَيْنَا، وَتَغَيَّرَ لَوْنُكَ؟ قَالَ: " جَاءَنِي جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا دَعَاهُ عَبْدُهُ الْكَافِرُ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، اقْضِ حَاجَتَهُ فَإِنِّي أُبْغِضُ صَوْتَهُ "
مُحَمَّدُ بن المنكدر
- مُحَمَّدُ بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سعد بْن تيم بْن مُرَّة. وأمه أم ولد. ويكنى أبا عبد الله. فولد محمد بن المنكدر: عمر وعبد الملك والمنكدر وعبد الله ويوسف وإبراهيم وداود لأم ولد. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْعَبْدِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ. قَالَ: دَخَلَ الْمُنْكَدِرُ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَصَابَتْنِي حَاجَةٌ فَأَعِينِينِي. فَقَالَتْ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. لَوْ كَانَتْ عِنْدِي عَشَرَةُ آلافٍ لَبَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدَهَا جَاءَتْهَا عَشَرَةُ آلافٍ مِنْ عِنْدِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ. فَقَالَتْ مَا أَوْشَكَ مَا ابْتُلِيتُ! قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَتْ فِي إِثْرِهِ.. فَدَفَعَتْهَا إِلَيْهِ. فَدَخَلَ السُّوقَ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ. فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلاثَةً. فَكَانُوا عَبَّادَ الْمَدِينَةِ: مُحَمَّدًا. وَأَبَا بَكْرٍ. وَعُمَرَ. بَنِي الْمُنْكَدِرِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّرِيِّ سَهْلُ بْنُ مَحْمُودٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ: تَعَبَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ غُلامٌ. وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَةٍ. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَقُولُ لَهُ: لا تمزح مع الصبيان. قَالَ: وَقِيلَ لَهُ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ. قِيلَ: فَمَا بَقِيَ مِمَّا يُسْتَلَذُّ؟ قَالَ: الإِفْضَالُ عَلَى الإِخْوَانِ. قَالَ: وَصَلَّى عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ بَقَرَةُ. كَانَ يَرْهَقُ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: تُصَلِّي عَلَى بَقَرَةَ؟ قَالَ فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِي أَنِّي أَرَى أَنَّ رَحْمَتَهُ تَعْجَزُ عَنْ بَقَرَةَ. أَوْ قَالَ: عَنْ أَحَدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَأَبُو حَازِمٍ. وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ. وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ أَهْلُ عِبَادَةٍ وَصَلاةٍ. وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ. فَيَتَحَدَّثُونَ وَلا يَفْتَرِقُونَ حَتَّى يَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بكلمات. ويدعون بِدَعَوَاتٍ. وَكَانُوا يَتَرَافَقُونَ وَيُوَافُونُ الْمَوْسِمَ كُلَّ عَامٍ وَمَعَهُمْ أَبُو صَخْرٍ الأَيْلِيُّ- وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ- فَيَلْقَوْنَ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ فَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ وَيُذَكِّرُهُمْ أَمْرَ الآخِرَةِ. فَلا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الموسم ثم لا يَلْتَقُونَ مَعَهُ إِلا فِي كُلِّ موسمٍ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ: كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَقُولُ لأُمِّهِ يَا أَمَّهْ قَوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ. عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: بَاتَ عُمَرُ يُصَلِّي. وَبِتُّ أَغْمِزُ رِجْلَيْ أُمِّي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رُبَّمَا قَامَ اللَّيْلَ يُصَلِّي وَيَقُولُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ الآنَ سَاهِرَةٍ فِي رِزْقِي. قَالَ: وَكَانَ لَهُ جَارٌ مُبْتَلًى. قَالَ: فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنَ اللَّيْلِ يَصِيحُ. قَالَ: فَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْبَلاءِ وَأَرْفَعُ صَوْتِي بِالنِّعْمَةِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. قَالَ: قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: تَحُجُّ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: الْحَجُّ أَقْضَى لِلدَّيْنِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: أَنِّي ضَرِيتُ بِالدُّعَاءِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: أَوْدَعَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِائَةَ دِينَارٍ. وَخَرَجَ إِلَى الثَّغْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْيَمَانِيِّ: إِنِ احْتَجْنَا إِلَيْهَا اسْتَنْفَقْنَاهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاسْتَنْفَقَهَا مُحَمَّدٌ. وَقَدِمَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُرِيدُ الانْطِلاقَ إِلَى الْيَمَنِ. وَلَيْسَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ لَهُ: مَتَى تُرِيدُ الانْطِلاقَ؟ فَقَالَ: غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَبَاتَ فِيهِ حَتَّى أَسْحَرَ يَدْعُو اللَّهَ فِي هَذِهِ الدَّنَانِيرِ. يَأْتِيهِ بِهَا كَيْفَ شَاءَ. وَمِنْ حَيْثُ شَاءَ. فَأَتَى بِهَا آتٍ وَهُوَ سَاجِدٌ فِي صُرَّةٍ فَوَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ. ثُمَّ أَلْمَسَهَا يَدَهُ. فَإِذَا صُرَّةٌ فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ دَفَعَهَا إِلَى صَاحِبِهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَأَصْحَابُنَا يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ الَّذِيَ وَضَعَهَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرٍ. وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ الْحَذَّاءُ. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَبَيْنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ شَطْرَ اللَّيْلِ إِلَى أَنْ أَتَاهُ آتٍ فَوَضَعَ عَلَى نَعْلِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا. فَأَخَذَهَا وَحَمِدَ اللَّهَ وَانْصَرَفَ صَفْوَانُ إِلَى بَيْتِهِ. فَقَالَ لِمَوْلاتِهِ سَلامَةَ: إِنَّ أَخِي مُحَمَّدًا أَمْسَى مَضِيقًا اذْهَبِي إِلَيْهِ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ يَكْفِينَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً. أَوْ أَرْبَعَةً. فَقَالَتْ: السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. إِنَّكِ تَجِدِينَهُ السَّاعَةَ فِي مِحْرَابِهِ يَسْأَلُ اللَّهَ. يَقُولُ: ائْتِنِي بِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْتَ. وَكَيْفَ شِئْتَ. وَأَنَّى شِئْتَ. قَالَ: فَتَخْرُجُ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا. فَأَتَتْهُ بِهَا. فَوَقَفَتْ تَسْمَعُ. فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْتَ. وَأَنَّى شِئْتَ. وَكَيْفَ شِئْتَ. مِنْ سَاعَتِي هَذِهِ يَا إِلَهِي! فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ. أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَحُجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ. وَيَحُجُّ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ مَكَّةَ. إِذْ قَالَ لِغُلامٍ لَهُ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَنَا كَذَا فَقَالَ الْغُلامُ: وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَنَا قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ. دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهُ. قَالَ: اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِهِ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَلَبَّى أَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ قَدْ حَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمْ. فَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابُهُ حَجُّوا وَمُحَمَّدٌ يَحْتَمِلُ مؤونتهم. وَيَحْمِلُهُمْ وَيَكْلَفُ لَهُمْ. فَقَالَ: مَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعَانَ مُحَمَّدٌ عَلَى هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ مِنْ سَاعَتِهِ فَدَفَعَهَا مُحَمَّدٌ إِلَى غُلامِهِ وَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ. أَلَمْ أَقُلْ لَكَ اشْتَرِ لَنَا مَا أَمَرْتُكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِهَذَا. وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِمَا تَرَى. فَاذْهَبْ فَاشْتَرِ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. عَنْ أَبِيهِ. قال: أمحلنا بالمدينة إمحالا شديدا. وتوالت سنون. قال محمد: فو الله إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ شَطْرِ اللَّيْلِ. وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ. وَأَنَا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ وَرَجُلٌ أَمَامِي مُتَقَنِّعٌ بِرِدَاءٍ عَلَيْهِ. فَأَسْمَعُهُ يُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ إِلَى أَنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَقْسِمُ عَلَيْكَ أَيْ رَبِّ قَسَمًا وَيُرَدِّدُهُ. قَالَ: فَمَا زَالَ يُرَدِّدُ هَذَا الْقَسَمَ أَيْ رَبِّ مِنْ ساعتي هذه. قال: فو الله إِنْ نَشِبْنَا حَتَّى رَأَيْنَا السَّحَابَ يَتَأَلَّفُ وَمَا رَأَيْنَا ذَلِكَ فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً وَلا شَيْئًا. ثُمَّ مَطَرَتْ فَسَحَتْ. فَكَانَتِ السَّمَاءُ عُزَالَى. وَأَوْدَعَتْ مَطَرًا مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ! فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ لا هَدْمَ فِيهِ وَلا غَرَقَ. وَلا بَلاءَ فِيهِ وَلا مَحْقَ. قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ الإِمَامُ مِنَ الصُّبْحِ. وَتَقَنَّعَ الرَّجُلُ مُنْصَرِفًا. وَتَبِعْتُهُ حَتَّى جَاءَ زُقَاقَ اللَّبَّادِينَ فَدَخَلَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ عَنْهُ. قَالُوا: هَذَا زِيَادٌ النَّجَّارُ. هَذَا رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ فِرَاشٌ. إِنَّمَا هُوَ يُكَابِدُ اللَّيْلَ صَلاةً وَدُعَاءً. وَهُوَ مِنَ الدَّعَّائِينَ. وَكُلُّ عَمَلٍ عَمَلُهُ أَخْفَاهُ جَهَدَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ. . قَالَ مُحَمَّدٌ: فَرَأَيْتُنِي بَعْدَ ذَلِكَ أُخَالِفُهُ. فَكَرِهَ بَعْضَ مَا ذَكَرْتُ لَهُ. وَقَالَ: اطْوِ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَإِنَّمَا جَزَاؤُهُ عِنْدَ الَّذِي عَمِلْنَاهُ لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: فَمَا ذَكَرْتُهُ بَعْدَ أَنْ نَهَانِي بِاسْمِهِ. وَقُلْتُ: رَجُلٌ كَذَا لِيَرْغَبَ رَاغِبٌ فِي الدُّعَاءِ وَيَعْلَمَ أَنَّ فِي النَّاسِ صَالِحِينَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بن أَنَسٍ: أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ فِي ثَوْبَيْنِ مُوَرَّدَيْنِ وَثَوْبَيْنِ بِزَعْفَرَانٍ لَيْسَا نَظِيفَيْنِ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقَاتِلٍ الْقُشَيْرِيُّ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ. قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُصَلِّي وَأَزْرَارُ قَمِيصِهِ مَحْلُولَةٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ. وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعَ. وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ وَهُوَ عَمُّهُ. وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَكَانَ ثِقَةً وَرِعًا عَابِدًا. قَلِيلَ الْحَدِيثِ. يُكْثِرُ الإِسْنَادَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَمَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاثِينَ. أَوْ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ.
- مُحَمَّدُ بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ سعد بْن تيم بْن مُرَّة. وأمه أم ولد. ويكنى أبا عبد الله. فولد محمد بن المنكدر: عمر وعبد الملك والمنكدر وعبد الله ويوسف وإبراهيم وداود لأم ولد. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْعَبْدِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ. قَالَ: دَخَلَ الْمُنْكَدِرُ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَصَابَتْنِي حَاجَةٌ فَأَعِينِينِي. فَقَالَتْ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. لَوْ كَانَتْ عِنْدِي عَشَرَةُ آلافٍ لَبَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدَهَا جَاءَتْهَا عَشَرَةُ آلافٍ مِنْ عِنْدِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ. فَقَالَتْ مَا أَوْشَكَ مَا ابْتُلِيتُ! قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَتْ فِي إِثْرِهِ.. فَدَفَعَتْهَا إِلَيْهِ. فَدَخَلَ السُّوقَ فَاشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ. فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلاثَةً. فَكَانُوا عَبَّادَ الْمَدِينَةِ: مُحَمَّدًا. وَأَبَا بَكْرٍ. وَعُمَرَ. بَنِي الْمُنْكَدِرِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّرِيِّ سَهْلُ بْنُ مَحْمُودٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ: تَعَبَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ غُلامٌ. وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَةٍ. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَقُولُ لَهُ: لا تمزح مع الصبيان. قَالَ: وَقِيلَ لَهُ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ. قِيلَ: فَمَا بَقِيَ مِمَّا يُسْتَلَذُّ؟ قَالَ: الإِفْضَالُ عَلَى الإِخْوَانِ. قَالَ: وَصَلَّى عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ بَقَرَةُ. كَانَ يَرْهَقُ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: تُصَلِّي عَلَى بَقَرَةَ؟ قَالَ فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِي أَنِّي أَرَى أَنَّ رَحْمَتَهُ تَعْجَزُ عَنْ بَقَرَةَ. أَوْ قَالَ: عَنْ أَحَدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَأَبُو حَازِمٍ. وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ. وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ أَهْلُ عِبَادَةٍ وَصَلاةٍ. وَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ. فَيَتَحَدَّثُونَ وَلا يَفْتَرِقُونَ حَتَّى يَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بكلمات. ويدعون بِدَعَوَاتٍ. وَكَانُوا يَتَرَافَقُونَ وَيُوَافُونُ الْمَوْسِمَ كُلَّ عَامٍ وَمَعَهُمْ أَبُو صَخْرٍ الأَيْلِيُّ- وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ- فَيَلْقَوْنَ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ فَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ وَيُذَكِّرُهُمْ أَمْرَ الآخِرَةِ. فَلا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الموسم ثم لا يَلْتَقُونَ مَعَهُ إِلا فِي كُلِّ موسمٍ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ. قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ: كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَقُولُ لأُمِّهِ يَا أَمَّهْ قَوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ. عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: بَاتَ عُمَرُ يُصَلِّي. وَبِتُّ أَغْمِزُ رِجْلَيْ أُمِّي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. قَالَ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رُبَّمَا قَامَ اللَّيْلَ يُصَلِّي وَيَقُولُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ الآنَ سَاهِرَةٍ فِي رِزْقِي. قَالَ: وَكَانَ لَهُ جَارٌ مُبْتَلًى. قَالَ: فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنَ اللَّيْلِ يَصِيحُ. قَالَ: فَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ. قَالَ: فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْبَلاءِ وَأَرْفَعُ صَوْتِي بِالنِّعْمَةِ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. قَالَ: قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: تَحُجُّ وَعَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: الْحَجُّ أَقْضَى لِلدَّيْنِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: أَنِّي ضَرِيتُ بِالدُّعَاءِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنَا مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: أَوْدَعَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِائَةَ دِينَارٍ. وَخَرَجَ إِلَى الثَّغْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْيَمَانِيِّ: إِنِ احْتَجْنَا إِلَيْهَا اسْتَنْفَقْنَاهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاسْتَنْفَقَهَا مُحَمَّدٌ. وَقَدِمَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُرِيدُ الانْطِلاقَ إِلَى الْيَمَنِ. وَلَيْسَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ لَهُ: مَتَى تُرِيدُ الانْطِلاقَ؟ فَقَالَ: غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَبَاتَ فِيهِ حَتَّى أَسْحَرَ يَدْعُو اللَّهَ فِي هَذِهِ الدَّنَانِيرِ. يَأْتِيهِ بِهَا كَيْفَ شَاءَ. وَمِنْ حَيْثُ شَاءَ. فَأَتَى بِهَا آتٍ وَهُوَ سَاجِدٌ فِي صُرَّةٍ فَوَضَعَهَا فِي نَعْلِهِ. ثُمَّ أَلْمَسَهَا يَدَهُ. فَإِذَا صُرَّةٌ فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ دَفَعَهَا إِلَى صَاحِبِهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَأَصْحَابُنَا يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ الَّذِيَ وَضَعَهَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرٍ. وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ الْحَذَّاءُ. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَبَيْنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ شَطْرَ اللَّيْلِ إِلَى أَنْ أَتَاهُ آتٍ فَوَضَعَ عَلَى نَعْلِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا. فَأَخَذَهَا وَحَمِدَ اللَّهَ وَانْصَرَفَ صَفْوَانُ إِلَى بَيْتِهِ. فَقَالَ لِمَوْلاتِهِ سَلامَةَ: إِنَّ أَخِي مُحَمَّدًا أَمْسَى مَضِيقًا اذْهَبِي إِلَيْهِ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ يَكْفِينَا أَنْ نَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً. أَوْ أَرْبَعَةً. فَقَالَتْ: السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. إِنَّكِ تَجِدِينَهُ السَّاعَةَ فِي مِحْرَابِهِ يَسْأَلُ اللَّهَ. يَقُولُ: ائْتِنِي بِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْتَ. وَكَيْفَ شِئْتَ. وَأَنَّى شِئْتَ. قَالَ: فَتَخْرُجُ بِسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا. فَأَتَتْهُ بِهَا. فَوَقَفَتْ تَسْمَعُ. فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِهَا مِنْ حَيْثُ شِئْتَ. وَأَنَّى شِئْتَ. وَكَيْفَ شِئْتَ. مِنْ سَاعَتِي هَذِهِ يَا إِلَهِي! فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ. أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَحُجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ. وَيَحُجُّ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ مَكَّةَ. إِذْ قَالَ لِغُلامٍ لَهُ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَنَا كَذَا فَقَالَ الْغُلامُ: وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَ عِنْدَنَا قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ. دِرْهَمٌ فَمَا فَوْقَهُ. قَالَ: اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِهِ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَلَبَّى أَصْحَابُهُ الَّذِينَ مَعَهُ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ قَدْ حَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمْ. فَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابُهُ حَجُّوا وَمُحَمَّدٌ يَحْتَمِلُ مؤونتهم. وَيَحْمِلُهُمْ وَيَكْلَفُ لَهُمْ. فَقَالَ: مَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعَانَ مُحَمَّدٌ عَلَى هَذَا الَّذِي يَصْنَعُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ مِنْ سَاعَتِهِ فَدَفَعَهَا مُحَمَّدٌ إِلَى غُلامِهِ وَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ. أَلَمْ أَقُلْ لَكَ اشْتَرِ لَنَا مَا أَمَرْتُكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِهَذَا. وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِمَا تَرَى. فَاذْهَبْ فَاشْتَرِ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. قَالَ: حَدَّثَنِي مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. عَنْ أَبِيهِ. قال: أمحلنا بالمدينة إمحالا شديدا. وتوالت سنون. قال محمد: فو الله إِنِّي لَفِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ شَطْرِ اللَّيْلِ. وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ. وَأَنَا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ وَرَجُلٌ أَمَامِي مُتَقَنِّعٌ بِرِدَاءٍ عَلَيْهِ. فَأَسْمَعُهُ يُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ إِلَى أَنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَقْسِمُ عَلَيْكَ أَيْ رَبِّ قَسَمًا وَيُرَدِّدُهُ. قَالَ: فَمَا زَالَ يُرَدِّدُ هَذَا الْقَسَمَ أَيْ رَبِّ مِنْ ساعتي هذه. قال: فو الله إِنْ نَشِبْنَا حَتَّى رَأَيْنَا السَّحَابَ يَتَأَلَّفُ وَمَا رَأَيْنَا ذَلِكَ فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً وَلا شَيْئًا. ثُمَّ مَطَرَتْ فَسَحَتْ. فَكَانَتِ السَّمَاءُ عُزَالَى. وَأَوْدَعَتْ مَطَرًا مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ! فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ لا هَدْمَ فِيهِ وَلا غَرَقَ. وَلا بَلاءَ فِيهِ وَلا مَحْقَ. قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ الإِمَامُ مِنَ الصُّبْحِ. وَتَقَنَّعَ الرَّجُلُ مُنْصَرِفًا. وَتَبِعْتُهُ حَتَّى جَاءَ زُقَاقَ اللَّبَّادِينَ فَدَخَلَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ عَنْهُ. قَالُوا: هَذَا زِيَادٌ النَّجَّارُ. هَذَا رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ فِرَاشٌ. إِنَّمَا هُوَ يُكَابِدُ اللَّيْلَ صَلاةً وَدُعَاءً. وَهُوَ مِنَ الدَّعَّائِينَ. وَكُلُّ عَمَلٍ عَمَلُهُ أَخْفَاهُ جَهَدَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ. . قَالَ مُحَمَّدٌ: فَرَأَيْتُنِي بَعْدَ ذَلِكَ أُخَالِفُهُ. فَكَرِهَ بَعْضَ مَا ذَكَرْتُ لَهُ. وَقَالَ: اطْوِ هَذَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَإِنَّمَا جَزَاؤُهُ عِنْدَ الَّذِي عَمِلْنَاهُ لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: فَمَا ذَكَرْتُهُ بَعْدَ أَنْ نَهَانِي بِاسْمِهِ. وَقُلْتُ: رَجُلٌ كَذَا لِيَرْغَبَ رَاغِبٌ فِي الدُّعَاءِ وَيَعْلَمَ أَنَّ فِي النَّاسِ صَالِحِينَ. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى. قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بن أَنَسٍ: أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ فِي ثَوْبَيْنِ مُوَرَّدَيْنِ وَثَوْبَيْنِ بِزَعْفَرَانٍ لَيْسَا نَظِيفَيْنِ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أويس. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقَاتِلٍ الْقُشَيْرِيُّ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ. قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُصَلِّي وَأَزْرَارُ قَمِيصِهِ مَحْلُولَةٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: سَمِعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ. وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعَ. وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ وَهُوَ عَمُّهُ. وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَكَانَ ثِقَةً وَرِعًا عَابِدًا. قَلِيلَ الْحَدِيثِ. يُكْثِرُ الإِسْنَادَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَمَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَلاثِينَ. أَوْ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ.
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر
مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ
ابْنِ الهُدَيْرِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ عَامِرِ بنِ الحَارِثِ بنِ حَارِثَةَ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ.
وَيُقَالُ: أَبُو بَكْرٍ أَخُو أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنْ: سَلْمَانَ، وَأَبِي رَافِعٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَطَائِفَةٍ مُرْسَلاً.
وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ،
وَرَبِيْعَةَ بنِ عَبَّادٍ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَمَسْعُوْدِ بنِ الحَكَمِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ، وَحُمْرَانَ، وَذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَرْبُوْعٍ، وَأَبِيْهِ؛ المُنْكَدِرِ، وَخَلْقٍ.وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ، وَمَالِكٌ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَشُعْبَةُ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَالمُنْكَدِرُ - ابْنُه - وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَالوَلِيْدُ بنُ أَبِي ثَوْرٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ المَاجِشُوْنِ، وَابْنُهُ الآخَرُ؛ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ بنُ إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَلِيٌّ: لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
وَرَوَى: ابْنُ رَاهُوَيْه، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
كَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الصَّالِحُوْنَ، وَلَمْ يُدْرِكْ أَحَداً أَجدَرَ أَنْ يَقْبَلَ النَّاسُ مِنْهُ إِذَا قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ، مِنْهُ.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: هُوَ حَافِظٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّداً -يَعْنِي: البُخَارِيَّ- سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِهِ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ.
قُلْتُ: إِنَّ ثَبتَ الإِسْنَادُ إِلَى ابْنِ المُنْكَدِرِ بِهَذَا، فَجَيِّدٌ، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ؛ لأَنَّهُ قَرَابَتُهَا، وَخَصِيصٌ بِهَا، وَلَحِقَهَا وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: كَانَ مِنْ سَادَاتِ القُرَّاءِ، لاَ يَتَمَالَكُ البُكَاءَ إِذَا قَرَأَ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَه بِالحِنَّاءِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيُّ: كَانَ المُنْكَدِرُ خَالَ عَائِشَةَ، فَشَكَا إِلَيْهَا الحَاجَةَ،
فَقَالَتْ: إِنَّ لِي شَيْئاً يَأْتِيْنِي، أَبعَثُ بِهِ إِلَيْكَ.فَجَاءتْهَا عَشْرَةُ آلاَفٍ، فَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ: مُحَمَّداً، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ سَيِّدَ القُرَّاءِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ الفَضْلِ الأَنِيْسِيُّ، سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ:
أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَائِمٌ يُصَلِّي، إِذِ اسْتَبْكَى، فَكَثُرَ بُكَاؤُهُ، حَتَّى فَزِعَ لَهُ أَهْلُه، وَسَأَلُوْهُ؟ فَاسْتَعجَمَ عَلَيْهِم، وَتَمَادَى فِي البُكَاءِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى أَبِي حَازِمٍ، فَجَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبكَاكَ؟
قَالَ: مَرَّتْ بِيَ آيَةٌ.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: {وَبَدَا لَهُم مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُوْنُوا يَحْتَسِبُوْنَ} .
فَبَكَى أَبُو حَازِمٍ مَعَهُ، فَاشتَدَّ بُكَاؤُهُمَا.
وَرَوَى: عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ:
أَنَّهُ جَزِعَ عِنْدَ المَوْتِ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَجزَعُ؟!
قَالَ: أَخْشَى آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ: {وَبَدَا لَهُم مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُوْنُوا يَحْتَسِبُوْنَ} فَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَبْدُوَ لِي مِنَ اللهِ مَا لَمْ أَكُنْ أَحتَسِبُ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ لِمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ جَارٌ مُبْتَلَىً، فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَه بِالبَلاَءِ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَه بِالحَمْدِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ:
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يَسْأَلُه عَنْ حَدِيْثٍ، إِلاَّ كَانَ يَبْكِي.
وَعَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: كَابَدتُ نَفْسِي أَرْبَعِيْنَ سَنَةً حَتَّى اسْتَقَامَتْ.
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سُوْقَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:
إِنَّ اللهَ يَحفَظُ العَبْدَ المُؤْمِنَ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِه، وَيَحفَظُه فِي دُوَيرَتِه وَدُوَيرَاتٍ حَوْلَه، فَمَا يَزَالُوْنَ فِي حِفْظٍ أَوْ فِي عَافِيَةٍ مَا كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانِيْهِم.
وَسَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ يَقُوْلُ: نِعْمَ العَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللهِ الغِنَى.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: بَعَثَ ابْنُ المُنْكَدِرِ إِلَى صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ بِأَرْبَعِيْنَ دِيْنَاراً، ثُمَّ قَالَ لِبَنِيْهِ: يَا بَنِيَّ! مَا ظَنُّكُم بِمَنْ فَرَّغَ صَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ لِعبَادَةِ رَبِّه.أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ وَاقِدٍ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ المُنْكَدِرِ: أَيُّ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: الإِفضَالُ عَلَى الإِخْوَانِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: كَانَ سَيِّداً، يُطعِمُ الطَّعَامَ، وَيَجْتَمِعُ عِنْدَه القُرَّاءُ.
وَرَوَى: جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ:
أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ يَقُوْلُ لأُمِّهِ: قُوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ، أَخْبَرَكُم يُوْسُفُ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُوْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:
جِئْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا شَيْخٌ يَدْعُو عِنْدَ المِنْبَرِ بِالمَطَرِ، فَجَاءَ المَطَرُ، وَجَاءَ بِصَوْتٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، لَيْسَ هَكَذَا أُرِيْدُ.
فَتَبِعتُهُ حَتَّى دَخَلَ دَارَ آلِ حَرَامٍ، أَوْ دَارَ آلِ عُثْمَانَ، فَعَرَضتُ عَلَيْهِ شَيْئاً، فَأَبَى، فَقُلْتُ: أَتَحُجُّ مَعِي؟
فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَكَ فِيْهِ أَجرٌ، فَأَكرَهُ أَنْ أَنْفَسَ عَلَيْكَ، وَأَمَّا شَيْءٌ آخُذُه، فَلاَ.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ: إِنِّي لِلَيْلَةٍ مُوَاجِهٌ هَذَا المِنْبَرَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَدعُو، إِذَا إِنْسَانٌ عِنْدَ أُسْطُوَانَةٍ مُقَنِّعٌ رَأْسَه، فَأَسْمَعُهُ يَقُوْلُ:
أَيْ رَبِّ، إِنَّ القَحطَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَى عِبَادِكَ، وَإِنِّي مُقسِمٌ عَلَيْكَ يَا رَبِّ إِلاَّ سَقَيْتَهُم.
قَالَ: فَمَا كَانَ إِلاَّ سَاعَةٌ، إِذَا سَحَابَةٌ قَدْ أَقْبَلَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا اللهُ، وَكَانَ عَزِيْزاً عَلَى ابْنِ المُنْكَدِرِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ، فَقَالَ: هَذَا بِالمَدِيْنَةِ وَلاَ أَعْرِفُه!
فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ، تَقَنَّعَ وَانْصَرَفَ، وَأَتبَعُهُ، وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْقَاصِّ حَتَّى أَتَى دَارَ أَنَسٍ، فَدَخَلَ مَوْضِعاً، فَفَتَحَ، وَدَخَلَ.
قَالَ: وَرَجَعتُ، فَلَمَّا سَبَّحتُ،
أَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَدخُلُ؟قَالَ: ادْخُلْ.
فَإِذَا هُوَ يُنَجِّرُ أَقْدَاحاً، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْبَحتَ؟ أَصْلَحَكَ اللهُ.
قَالَ: فَاسْتَشهَرَهَا، وَأَعْظَمَهَا مِنِّي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ إِقسَامَكَ البَارِحَةَ عَلَى اللهِ، يَا أَخِي، هَلْ لَكَ فِي نَفَقَةٍ تُغنِيكَ عَنْ هَذَا، وَتُفَرِّغُكَ لِمَا تُرِيْدُ مِنَ الآخِرَةِ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ غَيْرُ ذَلِكَ، لاَ تَذْكُرُنِي لأَحَدٍ، وَلاَ تَذْكُرُ هَذَا لأَحَدٍ حَتَّى أَمُوْتَ، وَلاَ تَأْتِنِي يَا ابْنَ المُنْكَدِرِ، فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِي شَهَرتَنِي لِلنَّاسِ.
فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَلقَاكَ.
قَالَ: الْقَنِي فِي المَسْجِدِ.
قَالَ: وَكَانَ فَارِسِيّاً، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ المُنْكَدِرِ لأَحَدٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: بَلَغَنِي أَنَّهُ انْتقَلَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ، فَلَمْ يُرَ، وَلَمْ يُدرَ أَيْنَ ذَهَبَ.
فَقَالَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ: اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ المُنْكَدِرِ، أَخْرَجَ عَنَّا الرَّجُلَ الصَّالِحَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
جِئْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ وَأَنَا مُغْضَبٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أَحْلَلْتَ لِلْوَلِيْدِ أُمَّ سَلَمَةَ؟
قَالَ: أَنَا! وَلَكِنْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنِي جَابِرٌ، أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ طَلاَقَ لِمَا لاَ تَمْلِكُ، وَلاَ عِتْقَ لِمَا لاَ تَمْلِكُ).
وَرَوَاهُ: أَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ الكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ.
وَقَدْ كَانَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ اسْتَقدَمَ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ فِي عِدَّةٍ مِنَ الفُقَهَاءِ أَفْتَوْهُ فِي طَلاَقِ زَوْجَتِه أُمِّ سَلَمَةَ.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ:
أَنَّ المُنْكَدِرَ جَاءَ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، فَشَكَى إِلَيْهَا
الحَاجَةَ، فَقَالَتْ: أَوَّلُ شَيْءٍ يَأْتِيْنِي أَبعَثُ بِهِ إِلَيْكَ.فَجَاءتْهَا عَشْرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَتْ: مَا أَسرَعَ مَا امْتُحِنْتِ يَا عَائِشَةُ!
وَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ، فَاتَّخَذَ مِنْهَا جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ: مُحَمَّداً، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
كَنَّى أَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ مُحَمَّداً: أَبَا عَبْدِ اللهِ.
وَكَنَّاهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا بَكْرٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: هُوَ غَايَةٌ فِي الإِتقَانِ وَالحِفظِ وَالزُّهْدِ، حُجَّةٌ.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ يَقُوْلُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ سَاهِرَةٍ فِي رِزقِي فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ؟!
وَكَانَ إِذَا بَكَى، مَسَحَ وَجْهَه وَلِحْيَتَه مِنْ دُمُوْعِه، وَيَقُوْلُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّارَ لاَ تَأْكُلُ مَوْضِعاً مَسَّتْه الدُّمُوْعُ.
وَرُوِيَ: أَنَّهُ كَانَ يَقتَرِضُ وَيَحُجُّ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرْجُو وَفَاءهَا.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ مَحْمُوْدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
تَعَبَّدَ ابْنُ المُنْكَدِرِ وَهُوَ غُلاَمٌ، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مُحَمَّدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ : لاَ يُدرَى أَيُّهُم أَفْضَلُ؟
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ:
إِنِّي لأدخُلُ فِي اللَّيْلِ، فَيُهْوِلُنِي، فَأُصبِحُ حِيْنَ أُصْبِحُ وَمَا قَضَيْتُ مِنْهُ أَرَبِي.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ يُصَلِّي فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ، فَإِذَا انْصَرَفَ، مَشَى قَلِيْلاً، ثُمَّ اسْتَقبَلَ القِبلَةَ، وَمَدَّ يَدَيْهِ، وَدَعَا، ثُمَّ يَنحَرِفُ عَنِ القِبلَةِ، وَيُشهِرُ يَدَيْهِ، وَيَدعُو، يَفْعَلُ ذَلِكَ حِيْنَ يَخْرُجُ فِعْلَ المُوَدِّعِ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ التَّيْمِيُّ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ يَجْلِسُ مَعَ أَصْحَابِه، فَكَانَ يُصِيْبُه صُمَاتٌ، فَكَانَ يَقُوْمُ كَمَا هُوَ حَتَّى
يَضَعَ خَدَّهُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ يَرْجِعُ.فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُصِيْبُنِي خَطَرٌ، فَإِذَا وَجَدْتُ ذَلِكَ، اسْتَعَنْتُ بِقَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ يَأْتِي مَوْضِعاً مِنَ المَسْجِدِ يَتَمَرَّغُ فِيْهِ، وَيَضطَجِعُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا المَوْضِعِ.
وَيُرْوَى: أَنَّهُ حَجَّ، فَوَهَبَ كُلَّ مَا مَعَهُ، حَتَّى بَقِيَ فِي إِزَارٍ، فَلَمَّا نَزَلَ بِالرَّوْحَاءِ، قَالَ وَكِيلُه: مَا بَقِيَ مَعَنَا دِرْهَمٌ.
فَرَفَعَ صَوْتَه بِالتَّلبِيَةِ، فَلَبَّى أَصْحَابُهُ وَلَبَّى النَّاسُ، وَبِالمَاءِ مُحَمَّدُ بنُ هِشَامٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَظُنُّ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ بِالمَاءِ.
فَنَظَرُوا، فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: مَا أَظُنُّ مَعَهُ شَيْئاً، احْمِلُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ.
فَأُتِيَ مُحَمَّدٌ بِهَا.
قَالَ المُنْكَدِرُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبِي يَحُجُّ بِوَلَدِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَحُجُّ بِهَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَعرِضُهُم للهِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ:
بَاتَ أَخِي عُمَرُ يُصَلِّي، وَبِتُّ أَغمِزُ قَدَمَ أُمِّي، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: تَبِعَ ابْنُ المُنْكَدِرِ جَنَازَةَ سَفِيْهٍ، فَعُوتِبَ، فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أَرَى رَحمَتَه عَجِزَتْ عَنْ أَحَدٍ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ:
خَرَجَ نَاسٌ غُزَاةً فِي الصَّائِفَةِ، فِيْهِم مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، فَبَيْنَا هُم يَسِيْرُوْنَ فِي السَّاقَةِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُم: أَشْتَهِي جُبناً رَطِباً.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَاسْتَطعِمْهُ اللهَ، فَإِنَّهُ قَادِرٌ.
فَدَعَا القَوْمُ، فَلَمْ يَسِيْرُوا إِلاَّ شَيْئاً حَتَّى وَجدُوا مِكتَلاً، فَإِذَا هُوَ جُبنٌ رَطِبٌ، فَقَالَ بَعْضُهُم: لَوْ كَانَ لِهَذَا عَسَلاً.
فَقَالَ: الَّذِي أَطْعَمَكُمُوْهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ.
فَدَعَوْا،
فَسَارُوا قَلِيْلاً، فَوَجَدُوا فَاقِرَةَ عَسَلٍ عَلَى الطَّرِيْقِ، فَنَزَلُوا، فَأَكَلُوا الجُبْنَ وَالعَسَلَ.سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَمَامِيُّ، قَالَ:
اسْتُودِعَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ وَدِيعَةً، فَاحْتَاجَ، فَأَنفَقَهَا، فَجَاءَ صَاحِبُهَا، فَطَلَبَهَا، فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى، وَدَعَا، فَقَالَ: يَا سَادَّ الهوَاءِ بِالسِّمَاءِ، وَيَا كَابِسَ الأَرْضِ عَلَى المَاءِ، وَيَا وَاحِدُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَبَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ، أَدِّ عَنِّي أَمَانَتِي.
فَسَمِعَ قَائِلاً يَقُوْلُ: خُذْ هَذِهِ، فَأَدِّ بِهَا عَنْ أَمَانَتِكَ، وَاقْصِرْ فِي الخُطبَةِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِي.
رَوَاهَا: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ سُوَيْدٍ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ مائَةَ دِيْنَارٍ.
قَالَ: فَإِذَا بِصُرَّةٍ فِي نَعْلِه، فَأَدَّاهَا إِلَى صَاحِبِهَا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: فَأَصْحَابُنَا يَتَحَدَّثُوْنَ أَنَّ الَّذِي وَضَعهَا عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، كَانَ كَثِيْراً مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ المَاجِشُوْنِ: إِنَّ رُؤْيَةَ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ لَتَنْفَعُنِي فِي دِيْنِي.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَخَلِيْفَةُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ ابْنُ المُنْكَدِرِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ.
قِيْلَ: بَلَغَتْ أَحَادِيْثُ ابْنِ المُنْكَدِرِ المُسْنَدَةُ أَزْيَدَ مِنْ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ المُقْرِئُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ غَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحَزْمِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَارِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ العُقَيْلِيُّ سَمَاعاً مِنْهُم فِي أَوقَاتٍ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ، وَقَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ، وَلُؤْلُؤٍ المُحْسِنِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ القَنَادِيْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ قُدَامَةَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الخَطِيْبُ، وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ المُعْطِي بنِ البَاشِقِ، وَعَبْدِ المُحْسِنِ بنِ هِبَةِ اللهِ
الفُوَيِّ، أَخْبَرَكُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَكِّيٍّ، قَالُوا:أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا مَكِّيُّ بنُ عَلاَّنَ الكَرَجِيُّ، وَأَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ عِيْسَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، أَنْبَأَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ حُضُوْراً فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السَّاوِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَسَدٍ المَرْوَزِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ:
سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: (إِذَا رَمَيْتَ الجَمْرَةَ يَوْم النَّحْرِ، فَقَدْ حَلَّ لَكَ مَا وَرَاءَ النِّسَاءِ ) .
أَخْرَجَاهُ: مِنْ حَدِيْثِ سُفْيَانَ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِراً يَقُوْلُ:
وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ، فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقُلْنَا: لاَ نُكَنِّيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلاَ نُنْعِمُ لَكَ عَيْناً.
فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ) .
وَأَخْرَجَاهُ : عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
- أَخُوْهُ: عُمَرُ بنُ المُنْكَدِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ العَابِدُ
مِنْ كِبَارِ الصَّالِحِيْنَ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ فِي (طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ) ، قَلَّمَا رَوَى.
مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ عَلَمُ العُلَمَاءِ الأَبْرَارِ، مَعْدُوْدٌ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ، وَمِنْ أَعْيَانِ كَتبَةِ المَصَاحِفِ، كَانَ مِنْ ذَلِكَ بُلْغتُهُ.
وُلِدَ: فِي أَيَّامِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ فَمَنْ بَعْدَه، وَحَدَّثَ عَنْهُ.
وَعَنِ: الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ، وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ العَطَّارُ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، وَالحَارِثُ بنُ وَجِيْهٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَسَاطِيْنِ الرِّوَايَةِ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَاسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ، وَحَدِيْثُه فِي دَرَجَةِ الحَسَنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْت ُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنَّ رِزْقِي فِي حَصَاةٍ أَمْتَصُّهَا، لاَ أَلتمِسُ غَيْرَهَا حَتَّى أَمُوْتَ.
وَقَالَ: مُذْ عَرَفْتُ النَّاسَ لَمْ أَفرَحْ بِمَدحِهِم، وَلَمْ أَكرَهْ ذَمَّهُم؛ لأَنَّ حَامِدَهُم مُفرِطٌ، وَذَامَّهُم مُفرِطٌ، إِذَا تَعَلَّمَ العَالِمُ العِلْمَ لِلْعَملِ، كَسَرَهُ، وَإِذَا تَعَلَّمَه لِغَيْرِ العَمَلِ، زَادَهُ فَخراً.
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَرَّ المُهَلَّبُ عَلَى مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ مُتبخْتِراً، فَقَالَ:
أَمَا عَلِمتَ أَنَّهَا مِشْيَةٌ يَكرَهُهَا اللهُ إِلاَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟!فَقَالَ المُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟
قَالَ: بَلَى، أَوَّلُكَ نُطفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيْفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ فِيْمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَحْمِلُ العَذِرَةَ.
فَانْكَسَرَ، وَقَالَ: الآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ المَعْرِفَةِ.
قَالَ حَزْمٌ القُطَعِيُّ: دَخَلنَا عَلَى مَالِكٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ، فَرَفَعَ طَرْفَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ البقَاءَ لِبَطْنٍ وَلاَ فَرْجٍ.
قِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ دِيْنَارٌ مِنْ سَبْي سِجِسْتَانَ، وَكَنَّاهُ النَّسَائِيُّ: أَبَا يَحْيَى، وَقَالَ: ثِقَةٌ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي القَلْبِ حُزْنٌ خَرِبَ.
وَعَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ: مَنْ تَبَاعدَ مِنْ زَهرَةِ الدُّنْيَا، فَذَاكَ الغَالِبُ هَوَاهُ.
وَرَوَى: رِيَاحٌ القَيْسِيُّ، عَنْهُ، قَالَ:
مَا مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ شَيْءٌ، إِلاَّ وَدُوْنَهُ عُقَيْبَةٌ، فَإِنَّ صَبَرَ صَاحِبُهَا، أَفَضتْ بِهِ إِلَى رُوْحٍ، وَإِن جَزِعَ، رَجَعَ.
وَقِيْلَ: دَخَلَ عَلَيْهِ لِصٌّ، فَمَا وَجَدَ مَا يَأْخُذُ، فَنَادَاهُ مَالِكٌ: لَمْ تَجِدْ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَتَرغَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: تَوَضَّأْ، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.
فَفَعَلَ، ثُمَّ جَلَسَ، وَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، فَسُئِلَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: جَاءَ لِيَسرِقَ، فَسَرَقْنَاهُ.
عَنْ سَلْمٍ الخَوَّاصِ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ:
خَرَجَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَذوقُوا أَطْيَبَ شَيْءٍ فِيْهَا.
قِيْلَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: مَعْرِفَةُ اللهِ -تَعَالَى-.
وَرَوَى: جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
إِنَّ الصِّدِّيْقِيْنَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ، طَرِبَتْ قُلُوْبُهم إِلَى الآخِرَةِ.
ثُمَّ يَقُوْلُ: خُذُوا.
فَيَتْلُو، وَيَقُوْلُ: اسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ الصَّادِقِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَالِكٌ: ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، كَانَ يَكْتُبُ المَصَاحِفَ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَنَساً أَنَا، وَثَابِتٌ، وَيَزِيْدُ الرَّقَاشِيُّ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:
مَا أَشْبَهَكم بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَنْتُم أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ عِدَّةِ وَلَدِي، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنُوا فِي الفَضْلِ مِثْلَكم، إِنِّي لأَدعُو لَكُم فِي الأَسحَارِ.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: ثِقَةٌ، وَلاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْهُ ثِقَةٌ.
قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ:
إِنَّهُ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ لاَ آكُلُ فِيْهَا لَحماً إِلاَّ مِنْ أُضحِيَتِي يَوْمَ الأَضْحَى.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَزْهَدَ مِنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ الخَلاَئِقَ، فَيَأْذَنُ لِي أَنْ أَسجَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ رَضِي عَنِّي، فَيَقُوْلُ لِي: كُنْ تُرَاباً.
قَالَ رِيَاحُ بنُ عَمْرٍو القَيْسِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
دَخلَ عَلَيَّ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَكْتُبُ، فَقَالَ: يَا مَالِكُ، مَا لَكَ عَمَلٌ إِلاَّ هَذَا؟
تَنقُلُ كِتَابَ اللهِ، هَذَا -وَاللهِ- الكَسْبُ الحَلاَلُ.
وَعَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: كَانَ أُدمُ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِفِلْسَيْنِ مِلْحٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ يَنسَخُ المُصْحَفَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَدَعُ أُجْرَتَه عِنْدَ البَقَّالِ، فَيَأْكُلُه.
وَعَنْهُ: لَوِ اسْتَطَعْتُ لَمْ أَنَمْ مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ العَذَابُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ، النَّارَ النَّارَ.
قَالَ مُعَلَّى الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
خَلَطتُ دَقِيْقِي بِالرَّمَادِ، فَضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاَةِ.
قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: تُوُفِّيَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
ابْنِ الهُدَيْرِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ عَامِرِ بنِ الحَارِثِ بنِ حَارِثَةَ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ.
وَيُقَالُ: أَبُو بَكْرٍ أَخُو أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَعَنْ: سَلْمَانَ، وَأَبِي رَافِعٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَطَائِفَةٍ مُرْسَلاً.
وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ،
وَرَبِيْعَةَ بنِ عَبَّادٍ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَمَسْعُوْدِ بنِ الحَكَمِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ، وَحُمْرَانَ، وَذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَرْبُوْعٍ، وَأَبِيْهِ؛ المُنْكَدِرِ، وَخَلْقٍ.وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٌ، وَمَالِكٌ، وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَشُعْبَةُ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَرَوْحُ بنُ القَاسِمِ، وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَالمُنْكَدِرُ - ابْنُه - وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَالوَلِيْدُ بنُ أَبِي ثَوْرٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ المَاجِشُوْنِ، وَابْنُهُ الآخَرُ؛ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ بنُ إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَلِيٌّ: لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
وَرَوَى: ابْنُ رَاهُوَيْه، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
كَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الصَّالِحُوْنَ، وَلَمْ يُدْرِكْ أَحَداً أَجدَرَ أَنْ يَقْبَلَ النَّاسُ مِنْهُ إِذَا قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ، مِنْهُ.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: هُوَ حَافِظٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّداً -يَعْنِي: البُخَارِيَّ- سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِهِ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ.
قُلْتُ: إِنَّ ثَبتَ الإِسْنَادُ إِلَى ابْنِ المُنْكَدِرِ بِهَذَا، فَجَيِّدٌ، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ؛ لأَنَّهُ قَرَابَتُهَا، وَخَصِيصٌ بِهَا، وَلَحِقَهَا وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: كَانَ مِنْ سَادَاتِ القُرَّاءِ، لاَ يَتَمَالَكُ البُكَاءَ إِذَا قَرَأَ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَه بِالحِنَّاءِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيُّ: كَانَ المُنْكَدِرُ خَالَ عَائِشَةَ، فَشَكَا إِلَيْهَا الحَاجَةَ،
فَقَالَتْ: إِنَّ لِي شَيْئاً يَأْتِيْنِي، أَبعَثُ بِهِ إِلَيْكَ.فَجَاءتْهَا عَشْرَةُ آلاَفٍ، فَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ: مُحَمَّداً، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ سَيِّدَ القُرَّاءِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ الفَضْلِ الأَنِيْسِيُّ، سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ:
أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَائِمٌ يُصَلِّي، إِذِ اسْتَبْكَى، فَكَثُرَ بُكَاؤُهُ، حَتَّى فَزِعَ لَهُ أَهْلُه، وَسَأَلُوْهُ؟ فَاسْتَعجَمَ عَلَيْهِم، وَتَمَادَى فِي البُكَاءِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى أَبِي حَازِمٍ، فَجَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبكَاكَ؟
قَالَ: مَرَّتْ بِيَ آيَةٌ.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: {وَبَدَا لَهُم مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُوْنُوا يَحْتَسِبُوْنَ} .
فَبَكَى أَبُو حَازِمٍ مَعَهُ، فَاشتَدَّ بُكَاؤُهُمَا.
وَرَوَى: عَفِيْفُ بنُ سَالِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ:
أَنَّهُ جَزِعَ عِنْدَ المَوْتِ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَجزَعُ؟!
قَالَ: أَخْشَى آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ: {وَبَدَا لَهُم مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُوْنُوا يَحْتَسِبُوْنَ} فَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَبْدُوَ لِي مِنَ اللهِ مَا لَمْ أَكُنْ أَحتَسِبُ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ لِمُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ جَارٌ مُبْتَلَىً، فَكَانَ يَرْفَعُ صَوْتَه بِالبَلاَءِ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَه بِالحَمْدِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ:
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يَسْأَلُه عَنْ حَدِيْثٍ، إِلاَّ كَانَ يَبْكِي.
وَعَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: كَابَدتُ نَفْسِي أَرْبَعِيْنَ سَنَةً حَتَّى اسْتَقَامَتْ.
أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سُوْقَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:
إِنَّ اللهَ يَحفَظُ العَبْدَ المُؤْمِنَ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِه، وَيَحفَظُه فِي دُوَيرَتِه وَدُوَيرَاتٍ حَوْلَه، فَمَا يَزَالُوْنَ فِي حِفْظٍ أَوْ فِي عَافِيَةٍ مَا كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانِيْهِم.
وَسَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ يَقُوْلُ: نِعْمَ العَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللهِ الغِنَى.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: بَعَثَ ابْنُ المُنْكَدِرِ إِلَى صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ بِأَرْبَعِيْنَ دِيْنَاراً، ثُمَّ قَالَ لِبَنِيْهِ: يَا بَنِيَّ! مَا ظَنُّكُم بِمَنْ فَرَّغَ صَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ لِعبَادَةِ رَبِّه.أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ وَاقِدٍ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ المُنْكَدِرِ: أَيُّ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: الإِفضَالُ عَلَى الإِخْوَانِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: كَانَ سَيِّداً، يُطعِمُ الطَّعَامَ، وَيَجْتَمِعُ عِنْدَه القُرَّاءُ.
وَرَوَى: جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ:
أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ يَقُوْلُ لأُمِّهِ: قُوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ، أَخْبَرَكُم يُوْسُفُ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُوْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ:
جِئْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا شَيْخٌ يَدْعُو عِنْدَ المِنْبَرِ بِالمَطَرِ، فَجَاءَ المَطَرُ، وَجَاءَ بِصَوْتٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، لَيْسَ هَكَذَا أُرِيْدُ.
فَتَبِعتُهُ حَتَّى دَخَلَ دَارَ آلِ حَرَامٍ، أَوْ دَارَ آلِ عُثْمَانَ، فَعَرَضتُ عَلَيْهِ شَيْئاً، فَأَبَى، فَقُلْتُ: أَتَحُجُّ مَعِي؟
فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَكَ فِيْهِ أَجرٌ، فَأَكرَهُ أَنْ أَنْفَسَ عَلَيْكَ، وَأَمَّا شَيْءٌ آخُذُه، فَلاَ.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ: إِنِّي لِلَيْلَةٍ مُوَاجِهٌ هَذَا المِنْبَرَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَدعُو، إِذَا إِنْسَانٌ عِنْدَ أُسْطُوَانَةٍ مُقَنِّعٌ رَأْسَه، فَأَسْمَعُهُ يَقُوْلُ:
أَيْ رَبِّ، إِنَّ القَحطَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَى عِبَادِكَ، وَإِنِّي مُقسِمٌ عَلَيْكَ يَا رَبِّ إِلاَّ سَقَيْتَهُم.
قَالَ: فَمَا كَانَ إِلاَّ سَاعَةٌ، إِذَا سَحَابَةٌ قَدْ أَقْبَلَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا اللهُ، وَكَانَ عَزِيْزاً عَلَى ابْنِ المُنْكَدِرِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ، فَقَالَ: هَذَا بِالمَدِيْنَةِ وَلاَ أَعْرِفُه!
فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ، تَقَنَّعَ وَانْصَرَفَ، وَأَتبَعُهُ، وَلَمْ يَجْلِسْ لِلْقَاصِّ حَتَّى أَتَى دَارَ أَنَسٍ، فَدَخَلَ مَوْضِعاً، فَفَتَحَ، وَدَخَلَ.
قَالَ: وَرَجَعتُ، فَلَمَّا سَبَّحتُ،
أَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَدخُلُ؟قَالَ: ادْخُلْ.
فَإِذَا هُوَ يُنَجِّرُ أَقْدَاحاً، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْبَحتَ؟ أَصْلَحَكَ اللهُ.
قَالَ: فَاسْتَشهَرَهَا، وَأَعْظَمَهَا مِنِّي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ إِقسَامَكَ البَارِحَةَ عَلَى اللهِ، يَا أَخِي، هَلْ لَكَ فِي نَفَقَةٍ تُغنِيكَ عَنْ هَذَا، وَتُفَرِّغُكَ لِمَا تُرِيْدُ مِنَ الآخِرَةِ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ غَيْرُ ذَلِكَ، لاَ تَذْكُرُنِي لأَحَدٍ، وَلاَ تَذْكُرُ هَذَا لأَحَدٍ حَتَّى أَمُوْتَ، وَلاَ تَأْتِنِي يَا ابْنَ المُنْكَدِرِ، فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِنِي شَهَرتَنِي لِلنَّاسِ.
فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَلقَاكَ.
قَالَ: الْقَنِي فِي المَسْجِدِ.
قَالَ: وَكَانَ فَارِسِيّاً، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ المُنْكَدِرِ لأَحَدٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: بَلَغَنِي أَنَّهُ انْتقَلَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ، فَلَمْ يُرَ، وَلَمْ يُدرَ أَيْنَ ذَهَبَ.
فَقَالَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّارِ: اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ المُنْكَدِرِ، أَخْرَجَ عَنَّا الرَّجُلَ الصَّالِحَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
جِئْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ وَأَنَا مُغْضَبٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أَحْلَلْتَ لِلْوَلِيْدِ أُمَّ سَلَمَةَ؟
قَالَ: أَنَا! وَلَكِنْ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنِي جَابِرٌ، أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ طَلاَقَ لِمَا لاَ تَمْلِكُ، وَلاَ عِتْقَ لِمَا لاَ تَمْلِكُ).
وَرَوَاهُ: أَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ الكِنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ.
وَقَدْ كَانَ الوَلِيْدُ بنُ يَزِيْدَ اسْتَقدَمَ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ فِي عِدَّةٍ مِنَ الفُقَهَاءِ أَفْتَوْهُ فِي طَلاَقِ زَوْجَتِه أُمِّ سَلَمَةَ.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ:
أَنَّ المُنْكَدِرَ جَاءَ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ، فَشَكَى إِلَيْهَا
الحَاجَةَ، فَقَالَتْ: أَوَّلُ شَيْءٍ يَأْتِيْنِي أَبعَثُ بِهِ إِلَيْكَ.فَجَاءتْهَا عَشْرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَتْ: مَا أَسرَعَ مَا امْتُحِنْتِ يَا عَائِشَةُ!
وَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ، فَاتَّخَذَ مِنْهَا جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ لَهُ: مُحَمَّداً، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
كَنَّى أَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ مُحَمَّداً: أَبَا عَبْدِ اللهِ.
وَكَنَّاهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا بَكْرٍ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: هُوَ غَايَةٌ فِي الإِتقَانِ وَالحِفظِ وَالزُّهْدِ، حُجَّةٌ.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ يَقُوْلُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ سَاهِرَةٍ فِي رِزقِي فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ؟!
وَكَانَ إِذَا بَكَى، مَسَحَ وَجْهَه وَلِحْيَتَه مِنْ دُمُوْعِه، وَيَقُوْلُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّارَ لاَ تَأْكُلُ مَوْضِعاً مَسَّتْه الدُّمُوْعُ.
وَرُوِيَ: أَنَّهُ كَانَ يَقتَرِضُ وَيَحُجُّ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرْجُو وَفَاءهَا.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ مَحْمُوْدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
تَعَبَّدَ ابْنُ المُنْكَدِرِ وَهُوَ غُلاَمٌ، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مُحَمَّدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ : لاَ يُدرَى أَيُّهُم أَفْضَلُ؟
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ:
إِنِّي لأدخُلُ فِي اللَّيْلِ، فَيُهْوِلُنِي، فَأُصبِحُ حِيْنَ أُصْبِحُ وَمَا قَضَيْتُ مِنْهُ أَرَبِي.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ يُصَلِّي فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ، فَإِذَا انْصَرَفَ، مَشَى قَلِيْلاً، ثُمَّ اسْتَقبَلَ القِبلَةَ، وَمَدَّ يَدَيْهِ، وَدَعَا، ثُمَّ يَنحَرِفُ عَنِ القِبلَةِ، وَيُشهِرُ يَدَيْهِ، وَيَدعُو، يَفْعَلُ ذَلِكَ حِيْنَ يَخْرُجُ فِعْلَ المُوَدِّعِ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ التَّيْمِيُّ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ يَجْلِسُ مَعَ أَصْحَابِه، فَكَانَ يُصِيْبُه صُمَاتٌ، فَكَانَ يَقُوْمُ كَمَا هُوَ حَتَّى
يَضَعَ خَدَّهُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ يَرْجِعُ.فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُصِيْبُنِي خَطَرٌ، فَإِذَا وَجَدْتُ ذَلِكَ، اسْتَعَنْتُ بِقَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ يَأْتِي مَوْضِعاً مِنَ المَسْجِدِ يَتَمَرَّغُ فِيْهِ، وَيَضطَجِعُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا المَوْضِعِ.
وَيُرْوَى: أَنَّهُ حَجَّ، فَوَهَبَ كُلَّ مَا مَعَهُ، حَتَّى بَقِيَ فِي إِزَارٍ، فَلَمَّا نَزَلَ بِالرَّوْحَاءِ، قَالَ وَكِيلُه: مَا بَقِيَ مَعَنَا دِرْهَمٌ.
فَرَفَعَ صَوْتَه بِالتَّلبِيَةِ، فَلَبَّى أَصْحَابُهُ وَلَبَّى النَّاسُ، وَبِالمَاءِ مُحَمَّدُ بنُ هِشَامٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَظُنُّ مُحَمَّدَ بنَ المُنْكَدِرِ بِالمَاءِ.
فَنَظَرُوا، فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: مَا أَظُنُّ مَعَهُ شَيْئاً، احْمِلُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ.
فَأُتِيَ مُحَمَّدٌ بِهَا.
قَالَ المُنْكَدِرُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبِي يَحُجُّ بِوَلَدِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَحُجُّ بِهَؤُلاَءِ؟
قَالَ: أَعرِضُهُم للهِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ: قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ:
بَاتَ أَخِي عُمَرُ يُصَلِّي، وَبِتُّ أَغمِزُ قَدَمَ أُمِّي، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: تَبِعَ ابْنُ المُنْكَدِرِ جَنَازَةَ سَفِيْهٍ، فَعُوتِبَ، فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أَرَى رَحمَتَه عَجِزَتْ عَنْ أَحَدٍ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ، قَالَ:
خَرَجَ نَاسٌ غُزَاةً فِي الصَّائِفَةِ، فِيْهِم مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، فَبَيْنَا هُم يَسِيْرُوْنَ فِي السَّاقَةِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْهُم: أَشْتَهِي جُبناً رَطِباً.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَاسْتَطعِمْهُ اللهَ، فَإِنَّهُ قَادِرٌ.
فَدَعَا القَوْمُ، فَلَمْ يَسِيْرُوا إِلاَّ شَيْئاً حَتَّى وَجدُوا مِكتَلاً، فَإِذَا هُوَ جُبنٌ رَطِبٌ، فَقَالَ بَعْضُهُم: لَوْ كَانَ لِهَذَا عَسَلاً.
فَقَالَ: الَّذِي أَطْعَمَكُمُوْهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ.
فَدَعَوْا،
فَسَارُوا قَلِيْلاً، فَوَجَدُوا فَاقِرَةَ عَسَلٍ عَلَى الطَّرِيْقِ، فَنَزَلُوا، فَأَكَلُوا الجُبْنَ وَالعَسَلَ.سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَمَامِيُّ، قَالَ:
اسْتُودِعَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ وَدِيعَةً، فَاحْتَاجَ، فَأَنفَقَهَا، فَجَاءَ صَاحِبُهَا، فَطَلَبَهَا، فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى، وَدَعَا، فَقَالَ: يَا سَادَّ الهوَاءِ بِالسِّمَاءِ، وَيَا كَابِسَ الأَرْضِ عَلَى المَاءِ، وَيَا وَاحِدُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَبَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ، أَدِّ عَنِّي أَمَانَتِي.
فَسَمِعَ قَائِلاً يَقُوْلُ: خُذْ هَذِهِ، فَأَدِّ بِهَا عَنْ أَمَانَتِكَ، وَاقْصِرْ فِي الخُطبَةِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِي.
رَوَاهَا: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ سُوَيْدٍ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ مائَةَ دِيْنَارٍ.
قَالَ: فَإِذَا بِصُرَّةٍ فِي نَعْلِه، فَأَدَّاهَا إِلَى صَاحِبِهَا.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: فَأَصْحَابُنَا يَتَحَدَّثُوْنَ أَنَّ الَّذِي وَضَعهَا عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، كَانَ كَثِيْراً مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ المَاجِشُوْنِ: إِنَّ رُؤْيَةَ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ لَتَنْفَعُنِي فِي دِيْنِي.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَخَلِيْفَةُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ ابْنُ المُنْكَدِرِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ.
قِيْلَ: بَلَغَتْ أَحَادِيْثُ ابْنِ المُنْكَدِرِ المُسْنَدَةُ أَزْيَدَ مِنْ مائَتَيْ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ المُقْرِئُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ غَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحَزْمِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَارِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ العُقَيْلِيُّ سَمَاعاً مِنْهُم فِي أَوقَاتٍ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ، وَقَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ، وَلُؤْلُؤٍ المُحْسِنِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ القَنَادِيْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ قُدَامَةَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الخَطِيْبُ، وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ المُعْطِي بنِ البَاشِقِ، وَعَبْدِ المُحْسِنِ بنِ هِبَةِ اللهِ
الفُوَيِّ، أَخْبَرَكُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَكِّيٍّ، قَالُوا:أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا مَكِّيُّ بنُ عَلاَّنَ الكَرَجِيُّ، وَأَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ عِيْسَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، أَنْبَأَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ حُضُوْراً فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو زُرْعَةَ المَقْدِسِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السَّاوِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَسَدٍ المَرْوَزِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ:
سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: (إِذَا رَمَيْتَ الجَمْرَةَ يَوْم النَّحْرِ، فَقَدْ حَلَّ لَكَ مَا وَرَاءَ النِّسَاءِ ) .
أَخْرَجَاهُ: مِنْ حَدِيْثِ سُفْيَانَ.
وَبِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِراً يَقُوْلُ:
وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ، فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقُلْنَا: لاَ نُكَنِّيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلاَ نُنْعِمُ لَكَ عَيْناً.
فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ) .
وَأَخْرَجَاهُ : عَنْ جَمَاعَةٍ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
- أَخُوْهُ: عُمَرُ بنُ المُنْكَدِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ العَابِدُ
مِنْ كِبَارِ الصَّالِحِيْنَ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ فِي (طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ) ، قَلَّمَا رَوَى.
مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ عَلَمُ العُلَمَاءِ الأَبْرَارِ، مَعْدُوْدٌ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ، وَمِنْ أَعْيَانِ كَتبَةِ المَصَاحِفِ، كَانَ مِنْ ذَلِكَ بُلْغتُهُ.
وُلِدَ: فِي أَيَّامِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ فَمَنْ بَعْدَه، وَحَدَّثَ عَنْهُ.
وَعَنِ: الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَالحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَوْذَبٍ، وَهَمَّامُ بنُ يَحْيَى، وَأَبَانُ بنُ يَزِيْدَ العَطَّارُ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، وَالحَارِثُ بنُ وَجِيْهٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَسَاطِيْنِ الرِّوَايَةِ.
وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَاسْتَشْهَدَ بِهِ البُخَارِيُّ، وَحَدِيْثُه فِي دَرَجَةِ الحَسَنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْت ُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنَّ رِزْقِي فِي حَصَاةٍ أَمْتَصُّهَا، لاَ أَلتمِسُ غَيْرَهَا حَتَّى أَمُوْتَ.
وَقَالَ: مُذْ عَرَفْتُ النَّاسَ لَمْ أَفرَحْ بِمَدحِهِم، وَلَمْ أَكرَهْ ذَمَّهُم؛ لأَنَّ حَامِدَهُم مُفرِطٌ، وَذَامَّهُم مُفرِطٌ، إِذَا تَعَلَّمَ العَالِمُ العِلْمَ لِلْعَملِ، كَسَرَهُ، وَإِذَا تَعَلَّمَه لِغَيْرِ العَمَلِ، زَادَهُ فَخراً.
الأَصْمَعِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَرَّ المُهَلَّبُ عَلَى مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ مُتبخْتِراً، فَقَالَ:
أَمَا عَلِمتَ أَنَّهَا مِشْيَةٌ يَكرَهُهَا اللهُ إِلاَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟!فَقَالَ المُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟
قَالَ: بَلَى، أَوَّلُكَ نُطفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيْفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ فِيْمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَحْمِلُ العَذِرَةَ.
فَانْكَسَرَ، وَقَالَ: الآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ المَعْرِفَةِ.
قَالَ حَزْمٌ القُطَعِيُّ: دَخَلنَا عَلَى مَالِكٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ، فَرَفَعَ طَرْفَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ البقَاءَ لِبَطْنٍ وَلاَ فَرْجٍ.
قِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ دِيْنَارٌ مِنْ سَبْي سِجِسْتَانَ، وَكَنَّاهُ النَّسَائِيُّ: أَبَا يَحْيَى، وَقَالَ: ثِقَةٌ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي القَلْبِ حُزْنٌ خَرِبَ.
وَعَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، قَالَ: مَنْ تَبَاعدَ مِنْ زَهرَةِ الدُّنْيَا، فَذَاكَ الغَالِبُ هَوَاهُ.
وَرَوَى: رِيَاحٌ القَيْسِيُّ، عَنْهُ، قَالَ:
مَا مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ شَيْءٌ، إِلاَّ وَدُوْنَهُ عُقَيْبَةٌ، فَإِنَّ صَبَرَ صَاحِبُهَا، أَفَضتْ بِهِ إِلَى رُوْحٍ، وَإِن جَزِعَ، رَجَعَ.
وَقِيْلَ: دَخَلَ عَلَيْهِ لِصٌّ، فَمَا وَجَدَ مَا يَأْخُذُ، فَنَادَاهُ مَالِكٌ: لَمْ تَجِدْ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَتَرغَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: تَوَضَّأْ، وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.
فَفَعَلَ، ثُمَّ جَلَسَ، وَخَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، فَسُئِلَ: مَنْ ذَا؟
قَالَ: جَاءَ لِيَسرِقَ، فَسَرَقْنَاهُ.
عَنْ سَلْمٍ الخَوَّاصِ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ:
خَرَجَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَذوقُوا أَطْيَبَ شَيْءٍ فِيْهَا.
قِيْلَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: مَعْرِفَةُ اللهِ -تَعَالَى-.
وَرَوَى: جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
إِنَّ الصِّدِّيْقِيْنَ إِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ، طَرِبَتْ قُلُوْبُهم إِلَى الآخِرَةِ.
ثُمَّ يَقُوْلُ: خُذُوا.
فَيَتْلُو، وَيَقُوْلُ: اسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ الصَّادِقِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِه.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَالِكٌ: ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، كَانَ يَكْتُبُ المَصَاحِفَ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَنَساً أَنَا، وَثَابِتٌ، وَيَزِيْدُ الرَّقَاشِيُّ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا، فَقَالَ:
مَا أَشْبَهَكم بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَنْتُم أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ عِدَّةِ وَلَدِي، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنُوا فِي الفَضْلِ مِثْلَكم، إِنِّي لأَدعُو لَكُم فِي الأَسحَارِ.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: ثِقَةٌ، وَلاَ يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْهُ ثِقَةٌ.
قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ:
إِنَّهُ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ لاَ آكُلُ فِيْهَا لَحماً إِلاَّ مِنْ أُضحِيَتِي يَوْمَ الأَضْحَى.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً أَزْهَدَ مِنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنَّ اللهَ يَجْمَعُ الخَلاَئِقَ، فَيَأْذَنُ لِي أَنْ أَسجَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ رَضِي عَنِّي، فَيَقُوْلُ لِي: كُنْ تُرَاباً.
قَالَ رِيَاحُ بنُ عَمْرٍو القَيْسِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
دَخلَ عَلَيَّ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَكْتُبُ، فَقَالَ: يَا مَالِكُ، مَا لَكَ عَمَلٌ إِلاَّ هَذَا؟
تَنقُلُ كِتَابَ اللهِ، هَذَا -وَاللهِ- الكَسْبُ الحَلاَلُ.
وَعَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: كَانَ أُدمُ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِفِلْسَيْنِ مِلْحٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ يَنسَخُ المُصْحَفَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَدَعُ أُجْرَتَه عِنْدَ البَقَّالِ، فَيَأْكُلُه.
وَعَنْهُ: لَوِ اسْتَطَعْتُ لَمْ أَنَمْ مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ العَذَابُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ، النَّارَ النَّارَ.
قَالَ مُعَلَّى الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ:
خَلَطتُ دَقِيْقِي بِالرَّمَادِ، فَضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاَةِ.
قَالَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: تُوُفِّيَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بْن عَبْد اللَّه بْن الهدير بْن عَبْد الْعُزَّى بْن عَامر بْن الْحَارِث بْن حَارِثَة بْن سعد بْن تيم بْن مرّة بْن كَعْب بْن لؤَي بْن غَالب التَّيْمِيّ الْقرشِي الْمدنِي كَانَ من سَادَات الْقُرَّاء لَا يَتَمَالَك الْبكاء إِذا قَرَأَ أحد حَدِيث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقد قيل أَبُو بكر وهم إخْوَة ثَلَاثَة أَبُو بكر وَمُحَمّد وَعمر يروي مُحَمَّد عَن جَابر وَابْن الزبير روى عَنهُ مَالك وَالثَّوْري وَشعْبَة وَالنَّاس مَاتَ فِي ولَايَة مَرْوَان بن مُحَمَّد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقد نَيف على السّبْعين
وَكَانَ يصفر رَأسه ولحيته بِالْحِنَّاءِ أمه أم ولد وَكَانَ أَخُوهُ أَبُو بكر بن الْمُنْكَدر أسن من مُحَمَّد
وَكَانَ يصفر رَأسه ولحيته بِالْحِنَّاءِ أمه أم ولد وَكَانَ أَخُوهُ أَبُو بكر بن الْمُنْكَدر أسن من مُحَمَّد
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بن عَامر بن الْحَارِث بن حَارِثَة بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب الْقرشِي التَّيْمِيّ الْمدنِي يكنى أَبَا بكر وَيُقَال أَبُو عبد الله كَانَ من سَادَات الْقُرَّاء لَا يَتَمَالَك الْبكاء إِذا قَرَأَ حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أخوة ثَلَاثَة أَبُو بكر وَمُحَمّد وَعمر مَاتَ فِي ولَايَة مَرْوَان بن مُحَمَّد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَقد نَيف على السّبْعين وَكَانَ يصفر لحيته وَرَأسه بِالْحِنَّاءِ
روى عَن حمْرَان فِي الْوضُوء وعبد الله بن حنين فِي الصَّلَاة وَأنس بن مَالك فِي الصَّلَاة وَجَابِر بن عبد الله فِي الصَّلَاة وَالنِّكَاح وَغَيرهَا ومسعود بن الحكم فِي الْجَنَائِز ومعاذ بن عبد الرحمن التَّيْمِيّ فِي الْحَج وَأبي شُعْبَة الْعِرَاقِيّ فِي حق الْمَمْلُوك وَأبي أُمَامَة بن سهل فِي الذَّبَائِح وعامر بن سعد فِي الطِّبّ وَسَعِيد بن الْمسيب فِي الْفَضَائِل وَعُرْوَة بن الزبير فِي الرِّفْق
روى عَنهُ عُثْمَان بن حَكِيم وجعفر بن مُحَمَّد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وورقاء بن عمر وَشعْبَة وَابْن جريج وَمَالك بن أنس فِي الْحَج وَأَبُو حَازِم سَلمَة وَأَيوب
وَالثَّوْري وَالزهْرِيّ وَسُهيْل وَسَعِيد بن أبي هِلَال وروح بن الْقَاسِم ويوسف بن الْمَاجشون وَهِشَام بن عُرْوَة وعبد العزيز بن أبي سَلمَة وَمعمر وعبد الكريم وَسعد بن إِبْرَاهِيم فِي الْفِتَن
روى عَن حمْرَان فِي الْوضُوء وعبد الله بن حنين فِي الصَّلَاة وَأنس بن مَالك فِي الصَّلَاة وَجَابِر بن عبد الله فِي الصَّلَاة وَالنِّكَاح وَغَيرهَا ومسعود بن الحكم فِي الْجَنَائِز ومعاذ بن عبد الرحمن التَّيْمِيّ فِي الْحَج وَأبي شُعْبَة الْعِرَاقِيّ فِي حق الْمَمْلُوك وَأبي أُمَامَة بن سهل فِي الذَّبَائِح وعامر بن سعد فِي الطِّبّ وَسَعِيد بن الْمسيب فِي الْفَضَائِل وَعُرْوَة بن الزبير فِي الرِّفْق
روى عَنهُ عُثْمَان بن حَكِيم وجعفر بن مُحَمَّد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وورقاء بن عمر وَشعْبَة وَابْن جريج وَمَالك بن أنس فِي الْحَج وَأَبُو حَازِم سَلمَة وَأَيوب
وَالثَّوْري وَالزهْرِيّ وَسُهيْل وَسَعِيد بن أبي هِلَال وروح بن الْقَاسِم ويوسف بن الْمَاجشون وَهِشَام بن عُرْوَة وعبد العزيز بن أبي سَلمَة وَمعمر وعبد الكريم وَسعد بن إِبْرَاهِيم فِي الْفِتَن
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله بن الهدير بن مُحرز بن عبد الْعُزَّى بن عَامر بن الْحَارِث بن حَارِثَة بن سعد بن تيم بن مرّة وَكَانَ الْمُنْكَدر خَال عَائِشَة فَشكى إِلَيْهَا حَاجَة فَقَالَت لَهُ أول شَيْء يأتيني أعطيكه فجاءتها عشرَة آلَاف دِرْهَم فبعثتها إِلَيْهِ فَاشْترى مِنْهَا جَارِيَة فَولدت لَهُ مُحَمَّدًا وَإِخْوَته حَكَاهُ بن خَيْثَمَة عَن مُصعب وَمُحَمّد هَذَا يكنى أَبَا بكر وَيُقَال أَبُو عبد الله التَّيْمِيّ الْقرشِي أَخُو عمر وَأبي بكر أخرج البُخَارِيّ فِي الْوضُوء وَغير مَوضِع عَن مَالك وَشعْبَة وَالثَّوْري وَابْن عُيَيْنَة وَابْن جريج وَسعد بن إِبْرَاهِيم وَغَيرهم عَنهُ عَن جَابر بن عبد الله وَأنس وَعُرْوَة وَالزُّبَيْر وعامر بن سعد قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي الأويسي حَدثنِي مَالك قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر سيد الْقُرَّاء لَا يكَاد أحد يسْأَله عَن حَدِيث إِلَّا كَاد يبكي قَالَ البُخَارِيّ قَالَ عَليّ عَن بن عُيَيْنَة بلغ سنه نيفا وَسبعين جالسناه إِن شَاءَ الله سنة ثَلَاث وَعشْرين عَام الزُّهْرِيّ فجئناه فِي الْحَج وَالْعمْرَة قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ مَاتَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ هُوَ ثِقَة
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله بن الهدير التَّيْمِيّ روى عَن أَبِيه وَجَابِر وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَأبي أَيُّوب وَأبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَخلق وروى عَنهُ ابْنه يُوسُف والمنكدر وَالزهْرِيّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَشعْبَة والسفيانان وَخلق قَالَ بن عُيَيْنَة كَانَ من معادن الصدْق ويجتمع إِلَيْهِ الصالحون وَوَثَّقَهُ بن معِين وَأَبُو حَاتِم مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَيُقَال سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة
مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بن عبد الله [بن الهدير التَّيْمِيّ أَبُو عبد الله] [رَوَى عَن أَبِيه] وَأنس بن مَالك وَعُرْوَة بن الزبير وعامر بن سعد رَوَى عَنهُ مَالك وَشعْبَة وَالثَّوْري وَابْن عُيَيْنَة وَابْن جريج وَسعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبيد الله بن عَمْرو بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي فِي (الْوضُوء) قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي هَارُون بن مُحَمَّد قَالَ مَاتَ سنة 131 وَقَالَ عَمْرو بن عَلّي مَاتَ فِي ولَايَة مَرْوَان بن مُحَمَّد
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ توفّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة
مُحَمَّد بْن طلحة أَبُو عَبْد اللَّه التيمي الْقُرَشِيّ المديني ويقَالَ لَهُ ابْن الطويل
سَمِعَ أبا سهيل بن مالك، وقال لى اسمعيل بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن عثمان بْن عبيد الله بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ ابن لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أدَدَ بْنِ الهميسع ابن نابت بن اسمعيل بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المنكدر
ابن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الْهُدَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَيَا كَعْبُ مَا نَسِيَ رَبُّكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا بَيْتًا قُلْتَهُ، قَالَ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ! فَأَنْشَدَهُ أَبُو بكر
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا * وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلابِ
سَمِعَ أبا سهيل بن مالك، وقال لى اسمعيل بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن عثمان بْن عبيد الله بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ ابن لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ أدَدَ بْنِ الهميسع ابن نابت بن اسمعيل بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المنكدر
ابن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الْهُدَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَيَا كَعْبُ مَا نَسِيَ رَبُّكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا بَيْتًا قُلْتَهُ، قَالَ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ! فَأَنْشَدَهُ أَبُو بكر
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا * وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلابِ