[محمد بن الطبري رأى سعيد بن جبير شرب دواء المشى روى عنه عيسى بن يونس سمعت ابى يقول ذلك - ] .
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
محمد بن محمد بن الحسن بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، أبو العباس الهاشمي :
حدث ببخارى وسمرقند حَدَّثَنِي الحسين بْن مُحَمَّد المؤدب عَن أَبِي سعيد الإدريسي. قَالَ: محمد بن محمد بن الحسن بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن هارون الرشيد الرشيدي، كنيته أبو العباس بغدادي كان يحفظ ويعلم، كتب الكثير، ودخل الشام وكتب بها عن مشايخها أبي عروبة الحراني، ومحمد بن عيسى الحلبي، وبالعراق عَن أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد السجستاني، وأَبِي الْقَاسِم عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن جرير الطبري، ويحيى بن محمد بن صاعد، وجماعة غيرهم من أقرانهم، قدم علينا سمرقند- يعني سنة نيف وخمسين وثلاثمائة- فحدثنا بها وخرج من سمرقند إلى بلاد الترك، ومات بها فيما أظن قبل الستين وثلاثمائة، وكان قد جمع [له] داود بن أبي هند شيئا من الأبواب يقع فِي أحاديثه من متابعة الإفرادات للضعفاء والمجهولين مالا يطيب به القلب.
أخبرني أبو الوليد الدربندي قال نبأنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن سليمان البخاري المعروف بغنجار قَالَ: توفي أبو العباس الهاشمي البغدادي بفرغانة في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
حدث ببخارى وسمرقند حَدَّثَنِي الحسين بْن مُحَمَّد المؤدب عَن أَبِي سعيد الإدريسي. قَالَ: محمد بن محمد بن الحسن بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن هارون الرشيد الرشيدي، كنيته أبو العباس بغدادي كان يحفظ ويعلم، كتب الكثير، ودخل الشام وكتب بها عن مشايخها أبي عروبة الحراني، ومحمد بن عيسى الحلبي، وبالعراق عَن أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد السجستاني، وأَبِي الْقَاسِم عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز البغوي، ومحمد بن جرير الطبري، ويحيى بن محمد بن صاعد، وجماعة غيرهم من أقرانهم، قدم علينا سمرقند- يعني سنة نيف وخمسين وثلاثمائة- فحدثنا بها وخرج من سمرقند إلى بلاد الترك، ومات بها فيما أظن قبل الستين وثلاثمائة، وكان قد جمع [له] داود بن أبي هند شيئا من الأبواب يقع فِي أحاديثه من متابعة الإفرادات للضعفاء والمجهولين مالا يطيب به القلب.
أخبرني أبو الوليد الدربندي قال نبأنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن سليمان البخاري المعروف بغنجار قَالَ: توفي أبو العباس الهاشمي البغدادي بفرغانة في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
محمد بنُ عُمر بن واقد، أبو عبد الله الواقديّ المدنيّ :
سمع: ابن أبي ذئب، وعمر بن راشد، ومالك بن أنس، ومحمد بن عبد الله بن
أخي الزهري، ومحمد بن عَجْلان، وربيعة بن عُثمان، وابن جُرَيجْ، وأسامة بن زيد، وعبد الحميد بن جعفر، وسُفيان الثَّوري، وأبا مَعْشر، وجماعة سوى هؤلاء.
روى عنه: كاتبُهُ محمد بنُ سعد، وأبو حسان الزِّيادي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وأحمد بن الخليل البُرْجلاني، وعبد اللَّه بن الْحَسَن الهاشمي، وأَحْمَد بن عُبيد بن ناصح، ومحمد بن شُجاع الثَّلْجي، والحارث بن أبي أسامة، وغيرهم.
قَدِمَ الواقديُّ بغداد، ووَلِيَ قضاءَ الجانب الشرقي فيها، وهو ممن طَبَّقَ شَرْقَ الأرض وغَرْبها ذِكْره، ولم يخف على أحدٍ عرفَ أخبارَ الناس أمرُه، وسارت الرُّكْبان بكُتبه في فنون العلم من المغازي والسِّيَر، والطبقات وأخبار النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأحداث التي كانت في وَقْته، وبعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكُتب الفقه، واختلاف النَّاس في الحديث، وغير ذلك، وكان جَوادًا كريمًا مَشْهورًا بالسَّخَاءِ .
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، أخبرنا أحمد بن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد.
وأخبرني الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حدّثنا العبّاس ابن العبّاس بن المغيرة، حَدَّثَنَا الحارث بن محمد، عن محمد بن سعد- ولفظ الحديث لابن فَهْم- قَالَ: محمد بن عمر بن واقد مولى عبد الله بن بُرَيْدة الأسلمي، كان من أهل المدينة، وقدم بغداد في سنة ثمانين ومائة في دَيْنٍ لَحِقَهُ فلم يزل بها، وخرجَ إلى الشَّام والرَّقة، ثم رجع إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن قَدِمَ المأمون من خُراسان، فولاه القضاء بعسكر المهدي، فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء، ودُفن يوم الثلاثاء في مقابر الخَيْزران وهو ابن ثمانٍ وسبعين سنةً. وذكر أنهُ ولد سنة ثلاثين ومائة في آخر خلافة مروان بن محمد، وكان عالمًا بالمغازي واختلاف النَّاس وأحاديثهم.
أخبرنا الحسين بن أحمد بن عمر بن روح النهرواني، والقاضي أبو الطّيّب طاهر ابن عبد الله بن طاهر الطَّبَري. قالا: أَخْبَرَنَا المعافى بن زكريا الجريري.
وأخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ وعمر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَ اللَّه المؤدب. قالا:
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم الأنباري، حدثني أبي،
حدّثنا أبو عكرمة الضّبّيّ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد العَنْبَري. وفي حديث المعافَى:
محمد بن يحيى العَنْبَري. قَالَ: قَالَ الواقدي: كنت حَنَّاطَّا بالمدينة في يدي مائة ألف دِرْهم للناس أضارب بها، فَتَلِفَتِ الدَّراهم، فشخصتُ إلى العراق، فقصدت يحيى بن خالد فجلستُ في دهليزه، وأنستُ الخدمَ والحُجاب وسألتهم أن يُوصلوني إليه.
فَقَالُوا: إذا قُدِّمَ الطَّعامُ إليه لم يُحْجَب عنه أحدٌ، ونحن نُدْخلكَ عليه ذلك الوقت، فلما حضر طعامه أدخلوني فأجلسوني معه على المائدة فسألني: مَن أنت وما قصتك؟
فأخبرته فلما رُفِعَ الطعام وغسلنا أيدينا دنوت منه لأُقَبِّل رأسَهُ فاشمأزَّ من ذلك، فلما صرتُ إلى الموضعِ الذي يُركب منه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار. فقال:
الوزير يقرأ عليك السلام ويقول لك: استعن بها على أمرك وعد إلينا في غد، فأخذتُه وانصرفتُ وعدتُ في اليوم الثَّاني فجلستُ معه على المائدة، وأنشأ يسألني كما سألني في اليوم الأول، فلما رُفع الطعام دنوتُ منه لأُقَبِّلَ رأسَه فاشمأزَّ منه، فلما صرتُ إلى الموضع الذي يُركب منه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار فقال: الوزير يقرأ عليكَ السلامَ ويَقُولُ استعن بهذا على أمرك وعد إلينا في غد، فأخذتُه وانصرفتُ وعدتُ في اليوم الثالث، فأُعطيتُ مثلما أُعطيتُ في اليوم الأول والثاني، فلما كان في اليوم الرابع أُعطيت الكِيس كما أعطيتُ قبل ذلك، وتركني بعد ذلك أُقَبِّلُ رأسَه.
وَقَالَ: إِنَّمَا مَنعتُك ذلك لأَنَّهُ لم يكنْ وصلَ إليكَ من معروفي ما يُوجب هذا، فالآن قد لحقكَ بعض النفع مني، يا غُلام أعطه الدار الفُلانية، يا غلام افرشها الفرش الفُلاني، يا غُلام أعطه مائتي ألف درهم، يقضي دينه بمائة ألف، ويصلح شأنه بمائة ألف، ثم قَالَ لي: الزمني وكُن في داري. فَقُلْتُ: أعزَّ الله الوزيرَ، لو أَذِنْت لي بالشُّخوص إلى المدينة لأقضي للناس أموالهم ثُمَّ أعود إلى حضرتك كان ذلك أرفق بي. فقال: قد فعلتُ. وأمرَ بتجهيزي فشخصت إلى المدينة، فقضيت ديني ثم رجعتُ إليه، فلم أزل في ناحيته - واللفظ لحديث علي بن عُمر-.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو الحُسين العباس بن العباس بن المغيرة الجوهريّ، حدثني أبو جعفر الضبعي، حَدَّثَنِي محمد بن خَلاد قَالَ: سمعت محمد بن سَلام الجُمَحي، يَقُولُ: محمد بن عمر الواقديّ عالم دهره .
أخبرنا الأزهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو أيّوب سليمان بن إسحاق ابن الجليل قَالَ: سمعت إبراهيم الحَرْبي يَقُولُ: الواقدي أمين النَّاس على أهل الإسلام .
وَقَالَ أبو أيوب: حَدَّثَنِي أبو محمد الطُّوسي قَالَ: سمعتُ إبراهيم بن سعيد يَقُولُ:
سمُعْتُ المأمونَ يَقُولُ: ما قدمتُ بغداد إلا لأكتبَ كُتُبَ الواقدي .
قَالَ أبو أيوب: وسمعت إبراهيم الحَرْبي يَقُولُ: كان الواقدي أعلم النَّاس بأمر الإسلام، فأما الجاهلية فلم يعلم منها شيئًا .
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، حدّثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: سمِعْتُ أبي يَقُولُ: لما انتقل الواقدي من جانب الغربي إلى هاهنا يُقَالُ إنه حَمَلَ كُتُبَهُ على عشرينَ ومائةَ وقر .
حدثني الأزهريّ، حَدَّثَنِي عُبيد الله بن عثمان بن يحيى، حَدَّثَنَا أبو علي حامد بن محمد الهَرَوي قال: سمعت الحسن بن محمد المؤدب يقول: سمعت يحيى بن أحمد ابن عبد الله بن حبلة يحكي عن أبي حذافة. قَالَ: كان للواقدي ستمائة قِمَطْرَ كتب.
أَنْبَأَنَا محمد بن جعفر الوَرَّاق وأحمد بن محمّد الكاتب. قالا: أخبرنا مجالد بن جعفر، حَدَّثَنَا محمد بن جرير الطَّبري قَالَ: قَالَ ابن سعد: كان الواقدي يَقُولُ: ما من أحدٍ إلا وكتبه أكثر من حِفْظِه، وحفظي أكثر من كُتُبِي.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو الحسين بن المغيرة، حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِي قَالَ: حَدَّثَنِي إسماعيل بن مُجَمِّع- وهو الكلبي- قَالَ: سَمِعْتُ أبا عبد الله الواقدي. يَقُولُ: ما أَدْرَكْتُ رجلا من أبناء الصحابة، وأبناء الشهداء، ولا مولى لهم إلّا وسَأَلْتُهُ، هل سمعتَ أحدًا من أهلك يُخْبِرُكَ عن مشهده وأين قُتِلَ؟ فإذا أَعْلَمَنِي مَضَيْتُ إلى الموضع فأُعَايِنُهُ، ولقد مضيتُ إلى المُرَيْسِيعِ فنظرتُ إليها، وما عَلِمْتُ غزاة إلا مَضَيْتُ إلى الموضع حتى أعاينه، أو نحو هذا الكلام .
قال: فحدثني ابن منيع قال: سمعت هارون القرويّ يَقُولُ: رَأَيْتُ الواقدي بمكة ومعه رَكْوَةٌ، فَقُلْتُ: أين تريد؟ فَقَالَ: أُرِيدُ أن أَمْضِيَ إلى حُنين حتى أرى الموضع والوَقْعة.
قَالَ العباس: وَحَدَّثَنِي من أثق به وهو أبو أيوب بن أبي يعقوب قَالَ: سَأَلْتُ إبراهيم الحَرْبي. قلت: أريد أكتب مسائل مالك، فأيما أعجب مسائل ابن وَهْبٍ، أو ابن القاسم؟ فَقَالَ لِي: اكْتُبْ مسائلَ الواقدي، في الدنيا أحدٌ يَقُولُ سَأَلْتُ الثَّوري وابن أبي ذئب ويعقوب؟ أراد أن مسائله أكثرها سؤال.
أَخْبَرَنَا الأزهري، أخبرنا محمّد، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن الجليل. قال: وسألت إبراهيم بن الحربي. قلت: أريد أكتبَ مسائل مالك فأيُّ مسائل مالك ترى أن أكتبَ؟ قَالَ: مسائل الواقدي. قُلْتُ له: أو ابن وَهْب؟ قَالَ: لا إلا الواقدي. في الدّنيا ثُمَّ ابن وهب في الدنيا إنسان يقول سَأَلْتُ مالكًا والثَّوري وابن أبي ذئب ويعقوب غيره؟
أخبرنا الأزهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو أيوب سليمان بن إسحاق قَالَ: سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: سمعت السمتي يَقُولُ: رَأَيْنَا الواقدي يومًا جالسًا إلى أسطوانة في مسجد المدينة وهو يُدَرِّسُ. فَقُلْنَا له: أي شيءٍ تُدَرِّسُ؟ فَقَالَ:
جزء من المغازي.
وأخبرنا الأزهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو أيوب قَالَ: سمِعْتُ إبراهيم الحربي يقول.
وأخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أيوب بن المعافى قال: قال إبراهيم الحربي.
وسمعت السمتي يقول: قلنا للواقدي: هذا الذي يجمع الرجال يقول: حدّثنا فلان وفلان وحيث [لا] يميز واحد له، حدّثنا بحديث كل رجلٍ على حدة. قَالَ:
يَطُولُ. فَقُلْنَا له: قد رَضِينَا. قَالَ: فَغَابَ عنَّا جمعة ثم جاءنا بغزوة أحد وعشرين جلدًا.
وفي حديث البَرْمَكي مائة جلدٍ. فَقُلْنَا له: رُدَّنَا إلى الأمر الأول، معنى اللفظين متقارب. وكان الواقدي مع ما ذَكَرْنَاهُ من سَعَة عِلْمه وكثرةِ حِفْظه لا يَحْفَظُ القرآن!.
أنبأنا الحسين بن محمّد بن جعفر الرّافعي، أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن موسى البَرْبَرِي قَالَ: قَالَ المأمون للواقدي: أَرِيدُ أن تصلى الجُمُعة غدا بالناس. قال: فامتنع. قال: لا بد من ذلك. فقال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما أَحْفَظُ سورةَ الجُمُعة. قال: فأنا أحفظك، قال: فأفعل. فجَعَلَ المأمون يُلَقِّنُهُ سورةَ الجُمُعة حتَّى يَبْلُغَ النِّصف منها، فإذا حفظه ابتدا بالنِّصف الثَّاني، فإذا حفظ النِّصف الثَّاني نسي الأول، فأَتْعِبَ المأمون ونعس. فقال لعلي بن صالح: يا علي حَفِّظْهُ أنت.
قَالَ علي: فَفَعَلْتُ ونام المأمون، فَجَعَلْتُ أُحَفِّظُهُ النصف الأول فيحفظه، فإذا حفظته النصف الثاني نسي الأول، وإذا حفظته النصف الأول نسى الثاني، وإذا حفظته الثاني نسى الأول، فاستيقظ المأمون فقال لي: ما فعلت؟ فأخبرته. فقال: هذا رجل يحفظ التأويل ولا يحفظ التنزيل، اذهب فصل بهم واقرأ أي سورة شئت .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي بالله الهاشمي، أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن الفضل بن المأمون، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأنباري، حدّثني محمّد بن المرزبان، حدّثنا أبو بكر القرشيّ، حَدَّثَنَا المفضل بن غسان، عن أبيه قَالَ: صليت خلف الواقدي صلاة الجمعة، فقرأ: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى
[الأعلى 18، 19] .
أخبرني أحمد بن سليمان المقرئ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا جدي قال: ربما ذكر لنا أن مالكا سئل عن قتل الساحرة فقال: انظروا هل عند الواقدي من هذا شيء؟ فذاكروه ذلك فذكر شيئا عن الضحاك بن عثمان، فذكروا أن مالكا قنع به. قَالَ جدي: وما أدري ممن سمعت هذا غير أني قد سمعته.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا ابن المغيرة، حَدَّثَنَا الحارث بن محمد قَالَ: حَدَّثَنِي رجل من أصحابنا قال: حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا الحارث- أو سمعته أنا من محمد بن صالح- قَالَ: سئل مالك بن أنس عن المراة التي سمت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيبر ما فعل بها؟ فقال: ليس عندي بها علم، وسأسأل أهل العلم.
فقال: فلقي الواقدي فقال: يا أبا عبد الله ما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمرأة التي سمته بخيبر؟ فقال:
الذي عندنا أنه قتلها. فقال مالك: قد سألت أهل العلم فأخبروني أنه قتلها.
قرأت على محمد بن علي بن يعقوب المعدل، عن يوسف بن إبراهيم السهمي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عدي الحافظ قَالَ: سمعتُ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني يقول: قَالَ يحيى بن أيوب المقابري: كنت عند محمد بن الحسن، فذكروا الواقدي محمد بن عمر فذكره إنسان في مجلسه بشيء فقال محمّد بن الحسن: لقد رأيت أبحاث سفيان الثّوري ولو كتب لا يقول هذا فيه.
قال أبو بكر الصغاني: لقد كان الواقدي وكان، وذكر من فضله وما يحضر مجلسه من الناس من أصحاب الحديث مثل الشاذكوني وغيره، وحسن أحاديثه، ثم قَالَ أبو بكر: أما أنا فلا أحتشم؛ أن أروى عنه.
حَدَّثَنِي محمد بن علي الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد الحافظ، أخبرنا محمّد بن أحمد [الذهلي وذكر] الواقدي. فقال: والله لولا أنه عندي ثقة ما حدث عنه أربعة أئمة: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيد، وأحسبه ذكر أبا خيثمة ورجلا آخر.
أخبرني أبو بكر البرقاني، حدّثني محمّد بن أحمد الأدميّ، حدّثنا محمّد بن علي الإيادي، حدّثنا زكريا الساجي، حدّثنا أحمد بن محمّد الدقيقي، حدّثني إبراهيم بن يعيش قال: سمعت عمر الناقد قَالَ: قلت للدراوردي: ما تقول في الواقدي؟ قَالَ:
تسألني عن الواقدي! سل الواقدي عني.
أخبرني أحمد بن سليمان المقرئ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا جدي، حَدَّثَنَا عبيد بن أبي الفرج قَالَ: حَدَّثَنِي يعقوب مولى أبي عبيد الله قَالَ: سمعت الدراوردي- وذكر الواقدي- فقال: ذاك أمير المؤمنين في الحديث .
قَالَ: وحدثنا جدي قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا ثقة، قَالَ: سمعت أبا عامر العقدي يسأل عن الواقدي فقال: نحن نسأل عن الواقدي!؟ إنما يُسأل الواقدي عنا، ما كان يفيدنا الشيوخ والأحاديث بالمدينة إلّا الواقديّ.
وَقَالَ جدي: حَدَّثَنِي مفضل، قَالَ: قَالَ الواقدي: لقد كانت ألواحي تضيع فأوتى بها من شهرتها بالمدينة، يقال: هذه ألواح ابن واقد .
أَخْبَرَنَا الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أَخْبَرَنَا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي، حَدَّثَنَا موسى بن هارون قَالَ: سمعت مصعبا الزبيري يذكر الواقدي فقال:
والله ما رأينا مثله قط. قَالَ مصعب: وَحَدَّثَنِي من سمع عبد الله- يعني ابن المبارك- يقول: كنت أقدم المدينة فما يفيدني ولا يدلني على الشيوخ إلا الواقدي .
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا العبّاس بن العبّاس بن المغيرة، حدّثني القاضي أبو عبد الله المقدمي، حدّثنا أبو موسى- أظنه الزمن- حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، عن سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن غالب ابن عبّاد، عن قيس بن جبير النهشلي، عن عمر: في العمة والخالة. قَالَ أبو موسى:
فقدم علينا مؤمل بن إسماعيل فوجدناه في كتابه عن قيس بن حبة فأنكرناه عليه، ثم قدم علينا بعد ذلك أبو أحمد الزبيري فحدثنا به عن قيس بن جبير فأنكرناه أيضا عليه وقلنا له: إنما هو قيس بن حبير فأنكر ذلك. وَقَالَ: نحن أعلم بهذا الحديث هو قيس ابن جبير، قَالَ المقدمي: فسمعت الرمادي يقول: لما حدّث به أبو أحمد ومؤمل مخالفا عبد الرحمن بن مهدي أتى أصحاب الحديث محمد بن عمر الواقدي فقالوا: نساله عنه لعله قد سمعه من الثوري فإنه حافظ، فقالوا: سلوه ولا تلقنوه. فقالوا له: حديث رواه الثوري عن الحسن بن عمرو عن غالب عن رجل عن عمر في العمة والخالة:
أتعرف الرجل من هو؟ فقال: قد سمعته من الثوري وهو رجل ليس بمشهور فدعوني أتذكره لكم، فاستلقى على قفاه ثم قَالَ: هو عن قيس. فقالوا: نعم قيس ابن من؟
ففكر طويلا فقال: قيس بن حبتر لا شك فيه.
حدّثني الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أحمد ابن عبد الله بن نصر، حَدَّثَنِي إبراهيم بن جابر. قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
قَالَ الشاذكوني: كتبت ورقة من حديث الواقدي، وجعلت فيها حديثا عن مالك لم يروه إلا ابن مهدي عن مالك، ثم أتيت بها الواقدي فحدثني إلى أن بلغ الحديث. قَالَ:
فتركني ثم قام فدخل ثم خرج فقال لي هذا الحديث سأل عنه إنسان بغيض لمالك
ابن أنس فلم أكتبه ثم حدّثني به. فقال إبراهيم بن جابر: حَدَّثَنِي علي بن المبارك قال:
قال علي بن المدينيّ: ابن مهدي- يعني عن مالك- لحديث لم يحدث به غيره عنه فكتبت ورقة من حديث الواقدي وجعلت ذلك الحديث في وسط الأحاديث، ثم أتيت الواقدي بها فقرا علىّ حتى بلغ إلى الحديث، قَالَ: فنظر إليَّ ثم نظر إلى الحديث ثم قام فدخل ثم خرج فحدّثني بالحديث ثم قال: كان إنسان أزرق بغيض سأل مالكا عن هذا الحديث، فمن بغضه لم أكتبه. أي فلما رايته في كتابك الساعة قمت وكتبته وحدّثتك به.
فقرأت على محمد بن الحسين القطان، عَنْ دعلج بْن أَحْمَد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عليّ الأبار قَالَ: سَأَلت مجاهدًا- يعني ابن موسى- عن الواقدي، فقال: ما كتبت عن أحد أحفظ منه، لقد جاءه رجل من بعض هؤلاء الكتاب، يسأله: عن الرجل لا يستطيع أن يصلي قائما فجعل يقول: حَدَّثَنَا فلان عن فلان يصلى قاعدا، يصلى على جنبه، يصلى بحاجبيه، فقال لي: سمعت من هذا شيئا؟ قلت: لا! قَالَ:
وبلغني عن الشاذكوني أنه قَالَ: إما أن يكون أصدق الناس، وإما أن يكون اكذب الناس! وذلك أنه كتب عنه، فلما أراد أن يخرج جاء بالكتاب فسأله، فإذا هو لا يغير حرفا، وكان يعرف رأى سفيان ومالك، ما رأيت مثله .
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا سليمان بن أحمد بن الخليل قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: سمعت مصعبا الزبيري وسئل عن الواقدي، فقال:
ثقة مأمون، وسئل المسيبي عنه، فقال: ثقة مأمون. وسئل معن بن عيسى عنه فقال:
أسأل أنا عن الواقدي! يسأل الواقدي عني. وسئل عنه أبو يحيى الزّهريّ فقال:
ثقة مأمون .
قَالَ: وسمعت إبراهيم يقول: سألت ابن نمير عن الواقدي فقال: أما حديثه هنا فمستو، وأما حديث أهل المدينة فهم أعلم به .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الأنماطيّ، حدّثنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا أبو عيسى جبير بن محمد الواسطي، حَدَّثَنَا جابر بن كردي قَالَ: سمعت يزيد بن هارون يقول:
محمد بن عمر الواقدي ثقة .
أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو بكر النيسابوري قَالَ: سمعت الصاغاني غير مرة يقول: سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول.
وأخبرني عبيد الله بن أحمد الصّيرفيّ، أخبرنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدّثني أبو بكر الصاغاني، حدّثني إبراهيم بن أرمة قَالَ: سمعت عباسا العنبري يقول: الواقدي أحب إلى من عبد الرزاق .
حُدِّثت عَنْ مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: حَدَّثَنِي مكرم بْن أَحْمَد قَالَ: قَالَ إبراهيم الحربي، سمعت أبا عبيد القاسم بْن سلام يَقُول: الواقدي ثقة. قَالَ إبراهيم:
وأما فقه أبي عبيد فمن كتب محمد بن عمر الواقديّ، الاختلاف والإجماع كان عنده .
أَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن الجليل الجلاب قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
من قَالَ إن مسائل مالك وابن أبي ذئب توجد عند من هو أوثق من الواقدي، فلا يصدق، لأنه يقول: سألت مالكا، وسألت ابن أبي ذئب.
أَخْبَرَنِي عَبْد الباقي بْن عَبْد الكريم بْن عمر المؤدّب، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قَالَ: كنت عند ابن المبارك وعنده أبو بدر فذكروا فوت الصلاتين بعرفة، فقال أبو بكر: يا أبا عبد الرحمن في هذا حديث عن ابن عباس والمسور بن مخرمة.
فقال عمن فقال ابن واقد. قَالَ: فسكت ابن المبارك وطأطأ رأسه. أو قال: نصت.
ولم يقل شيئا.
وَقَالَ جدي: حَدَّثَنِي من سأل يحيى بن معين عن الواقدي، وأبي البختريّ فقال الواقديّ أجودهما حديثا.
وَقَالَ جدي: حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد قَالَ: قال لي علي بن المديني: قَالَ لي أحمد بن حنبل: أعطني ما كتب عن ابن أبي يحيى قَالَ: قلت: وما تصنع به؟ قَالَ:
أنظر فيها أعتبرها، قَالَ: ففتحها ثم قَالَ: اقرأها عليَّ. قَالَ: قلت وما تصنع به؟ قَالَ:
انظر فيها. قَالَ: قلت له: أنا أحدث عن ابن أبي يحيى؟ قَالَ لي: وما عليك أنا أريد أن أعرفها وأعتبر بها. قَالَ: فقال لي بعد ذلك أحمد: رأيت عند الواقدي أحاديث قد رواها عن قوم من حديث ابن أبي يحيى قلبها عليهم، وما كان عند على شيء يحتج به في الواقدي غير هذا وقد كنت سألت عليا عن الواقدي فما كان عنده شيء أكثر من هذا.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، حدّثنا عبد اللَّه بْن عُثْمَان الصفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن موسى الصيرفي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ قَالَ: سمعت أبي يقول:
عند الواقدي عشرون ألف حديث لم يسمع بها.
قَالَ: وسمعت أبي يقول: محمد بن عمر الواقدي ليس بموضع للرواية ولا يروى عنه، وضعفه.
حدّثنا الأزهريّ، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بن عثمان بن يَحْيَى، حَدَّثَنَا أبو علي الهروي قَالَ:
سمعت الحسن بن محمد المؤدب يقول: سمعت أبا الهيثم يقول: قَالَ يحيى بن معين:
أغربَ الواقدي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرين ألف حديث.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ بْن النَّضْر الْعَطَّار، حدّثنا محمّد ابن عُثْمَان بْن أَبِي شيبة، قَالَ: سمعت عليا- يعني ابن المديني- يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب.
فأخبرني علي بن محمد بن الحسن المالكي، أَخْبَرَنَا عبد الله بن عثمان الصّفّار، وأخبرنا محمّد بن عمران بن موسى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: سمعت أبي يقول: كتب الواقدي عن ابن أبي يحيى كتبه.
قَالَ: وسمعت أبي يقول: فسألني أحمد أن أحدثه عن إبراهيم بن أبي يحيى فلم أحدثه.
قَالَ: وسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: الواقدي يركب الأسانيد.
وسمعت يحيى بن معين يقول: الواقدي يحدث عن عاتكة ابنة عبد المطلب، وعن حمزة بن عبد المطلب من مركب.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضيل الصيرفي قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: والواقديّ ليس بشيء .
أَخْبَرَنَا يوسف بن رباح البصري، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر، حدّثنا أبو بشر الدّولابيّ، حدّثنا معاوية بن صالح: أبو عبد الله الواقدي ضعيف. قلت ليحيى بن معين: لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك؟ قَالَ:
استحيي من ابنه هو لي صديق. قلت: فماذا تقول فيه؟ قَالَ: كان يقلب أحاديث يونس فيصيرها عن معمر، ليس بثقة .
قَالَ أبو عبيد الله: وَقَالَ لي أحمد بن حنبل هو كذاب .
قال عبيد الله عن يحيى في موضع آخر: محمد بن عمر بن واقد ليس بشيء .
أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَر القطيعيّ، أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعيّ، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن يونس بن عبد الأعلى. قَالَ: قَالَ لي الشافعي: كتب الواقدي كذب .
وَقَالَ ابن أبي حاتم: حدّثنا أبي، حَدَّثَنَا أحمد بن أبي شريح قَالَ: سمعت محمّد ابن إدريس الشافعي يقول: الواقدي وصل حديثين- يعني لا يوصلان-.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصريّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدّوريّ الورّاق، حدّثنا محمّد بن عبد الله المستعيني، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنِي أبي. قَالَ: جعل انسان يحدث ابن المبارك عن الواقدي. فقال: صرنا إلى بحر الواقديّ.
حدّثنا أبو بكر البرقاني، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا أبو بكر المروزي قَالَ: سمعته- يعني أحمد بن حنبل- يسأل عن الواقدي، فقيل له: قَالَ ابن المبارك: دعونا من بحر
الواقدي. فقال: شهدت وكيعا وقد سألوه عن حديث في مسح الخفين. فقال: لو كنت عند الواقدي لحدثك.
هكذا قرأت على محمد بن علي المعدل، عَن يُوسُف بْن إِبْرَاهِيم الجرجاني قَالَ:
أَخْبَرَنَا نعيم بن عدي قَالَ: سمعت إسحاق بن أبي عمران قَالَ: سمعت بندار بن بشار يقول: ما رأيت اكذب شفتين من الواقدي .
أَخْبَرَنَا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون، عن ابن سعيد قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سمعت ابن نمير- وذكر حديثا- فقلت له: يا أبا عبد الرحمن تملى هذا؟ قَالَ: هو عن الواقدي ولست أحب أن أحدث عنه. فقلت: نحن نعرفه. فقال: اكتبه على جهة المعرفة ثم أملاه علي.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطان، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن شعيب الغازي قَالَ: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: محمد ابن عمر الواقدي قاضى بغداد، متروك الحديث .
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن طاهر بْن النجم الميانجي، حَدَّثَنَا سعيد بن عمرو البرذعي قَالَ: وسئل أبو زرعة- يعني الرازي- عن الواقدي فقال: ترك الناس حديثه.
وأخبرنا البرقاني، أخبرنا أحمد بن سعيد- وكيل دعلج- حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث .
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بن علي الكتاني لفظا بدمشق، حدّثنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني، حَدَّثَنَا أَبُو هاشم عَبْد الجبار بْن عَبْد الصّمد السّلميّ، حدّثنا القاسم بن عيسى القصار، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني. قَالَ: الواقدي لم يكن مقنعا:
ذكرت لأحمد بن حنبل موته يوم مات وأنا ببغداد فقال: جعلت كتبه ظهائر للكتب منذ حين. أو قَالَ: منذ زمان .
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعيّ، أخبرنا محمد بن عدي البصري في كتابه، حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري. قَالَ: سئل أَبُو داود سليمان بْن الأشعث عن الواقدي. فقال: لا أكتب حديثه، ما أشك أنه كان ينقل الحديث. ليس ينظر الواقدي في كتاب إلا يبين فيه أمره، روى في فتح اليمن وخبر العنسي أحاديث عن الزهري ليست من حديث الزهري. وكان أحمد بن حنبل لا يذكر عنه كلمة.
حدّثني الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أحمد ابن عبد الله بن نصر، حدّثني إبراهيم بن جابر، حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل.
قَالَ: كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد ثلاثة قماطر فقلت له: كان ينظر فيها قَالَ:
كان ربما نظر فيها، وكان أكثر نظره في كتب الواقدي.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا العبّاس بن العبّاس بن المغيرة، أَخْبَرَنِي بعض مشايخنا قَالَ: سألت إبراهيم الحربي عما أنكره أحمد بن حنبل عن الواقدي، فذكر أن مما أنكره عليه جمعه الأسانيد ومجيئة بالمتن واحدا. قَالَ إبراهيم الحربي: وليس هذا عيبا، قد فعل هذا الزهري وابن إسحاق، قَالَ إبراهيم الحربي: لم يزل أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة لحنبل بن إسحاق إلى محمد بن سعد كاتب الواقديّ، فيأخذ له جزءين جزءين من حديث الواقدي فينظر فيها ثم يردها ويأخذ غيرها.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حدّثنا محمّد بن أيّوب المعافى قَالَ: قَالَ إبراهيم الحربي: سمعت أحمد- وذكر الواقدي- فقال: ليس أنكر عليه شيئا إلا جمعه الأسانيد، ومجيئة بمتن واحد على سياقة واحدة، عن جماعة وربما اختلفوا. قَالَ إبراهيم: ولم؟ وقد فعل هذا ابن إسحاق، كان يقول حَدَّثَنَا عاصم بن عمر وعبد الله بن أبي بكر وفلان وفلان.
والزهري أيضا قد فعل هذا .
قَالَ: وسمعت إبراهيم يقول: قال بور [بن أصرم] : رآني الواقديّ أمشي
مع أحمد بن حنبل. قَالَ: ثم لقيني بعد فقال لي: رأيتك تمشي مع إنسان ربما تكلم في الناس. قيل لإبراهيم لعله بلغه عنه شيء؟ قَالَ: نعم، بلغني أن أحمد أنكر عليه جمعه الرجال والأسانيد في متن واحد. قَالَ إبراهيم: وهذا قد كان يفعله حماد بن سلمة، وابن إسحاق، ومحمد بن شهاب الزهري.
حدِّثت عن دعلج بن أَحْمَد قَالَ: سمعت أبا محمد عبد الله بن علي بن الجارود يقول: سمعت إسحاق الكوسج يقول: قَالَ أحمد بن حنبل: كان الواقدي محمد بن عمر يقلب الأحاديث، كأنه يجعل ما لمعمر عن ابن أَخِي الزهري، وما لابن أَخِي الزهري لمعمر. قَالَ إسحاق بن راهويه: كان عندي ممن يضع.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد بن مخلد، حدّثنا أحمد ابن ملاعب، حَدَّثَنِي محمد بْن علي المديني قَالَ: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: الواقدي يركب الأسانيد.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الملك الأدميّ، عن علي بن أبي داود، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَاضِي بَغْدَادَ مُتَّهَمٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سمعتُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل يقول: لم نزل نراجع أَمْرَ الْوَاقِدِيِّ حَتَّى رَوَى: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا »
. فَجَاءَ بِشَيْءٍ لا حِيلَةَ فِيهِ، وَالْحَدِيثُ حَدِيثُ يُونُسَ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا بِحَدِيثِ يُونُسَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النّجّاد، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدّثنا محمّد بن العلاء، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أم مكتوم، وذلك بعد أن أمر بِالْحِجَابِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجِبَا مِنْهُ» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى وَلا يُبْصِرُنَا وَلا يَعْرِفُنَا؟ قَالَ: «أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه » .
حدّثني الحسن بن علي التميميّ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدّثنا عبد الله بن أحمد، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بن يزيد، عن الزّهريّ بنحوه وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدِ ابن عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ كذلك.
أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ، أخبرنا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف الخشاب، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمر، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ وَمَيْمُونَةُ. قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجِبَا مِنْهُ» . فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ أَعْمَى لا يُبْصِرُ. قَالَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟»
. أَخْبَرَنَا بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدّثنا محمّد بن جعفر الرّاشدي، حدثنا أَبُو بكر الأثرم قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِ نَبْهَانَ هَذَا قَوْلَهُ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا» قَالَ: هَذَا حَدِيثُ يُونُسَ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَانَ الْوَاقِدِيُّ رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَتَبَسَّمَ ، أي ليس من حديث معمر.
حدثناه عبد الرزاق عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ .
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بن أبي الفتح، أخبرنا محمّد بن المظفر الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جعفر القزويني بمصر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بَغْدَادَ سَنَةَ سَبْعٍ أو ثمان ومائتين ، قال: الواقديّ قَاضٍ عَلَيْنَا. قَالَ الرَّمَادِيُّ: وَكُنْتُ أَطُوفُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ يَسْمَعُ مِنْهُمْ، فَقُلْتُ:
تريد أن تسمع مِنَ الْوَاقِدِيِّ وَكَانَ مَرْوِيًّا فِي السَّمَاعِ مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ:
فَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَذَكَرَ الْوَاقِدِيَّ وَقَالَ: كَيْفَ تَسْتَحِلُّ أَنْ تَكْتُبَ عَنْ رَجُلٍ رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ حَدِيثَ نَبْهَانَ مُكَاتِبِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهَذَا حَدِيثُ يُونُسَ تَفَرَّدَ بِهِ. قَالَ الرَّمَادِيُّ: وَذَكَرَ حَدِيثًا آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ مُنْقَطِعًا مِمَّا أَنْكَرَهُ أَحْمَدُ على الواقديّ .
قَالَ الرَّمَادِيُّ: فَقَدِمْتُ مِصْرَ بَعْدَ مُنْصَرَفِي وَكَانَ ابن أبي مريم يحدّثنا بحديث نافع ابن يَزِيدَ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أبي مريم، أَخْبَرَنَا نَافِعُ، بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْنَا، وَذَاكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احتجبا منه» . قلنا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لا يُبْصِرُنَا وَلا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟ »
. أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ بَحَدِيثِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَقِيلٍ- نَحْوَ رِوَايَةِ الرَّمَادِيِّ.
أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا محمّد بن المظفر، حدّثنا عبد الله بن محمّد ابن جعفر قال: قال الرمادي: فلما فرغ ابن أبي مريم من هذا الحديث ضحكت، فقال: مم تضحك؟ فأخبرته بما قَالَ على. وكتب إليه أحمد يقول: هذا حديث تفرد به يونس بن يزيد، وهذا أنت قد حدثت عن نافع بن يزيد، عن عقيل وهو أعلى من يونس. قال لي ابن أبي مريم: إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزّهريّ .
حدّثني الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أخبرنا أبو طاهر القاضي، حَدَّثَنِي إبراهيم بن جابر قَالَ: سمعت الرمادي وحدّث بحديث: عقيل عن ابن شهاب. قَالَ:
هذا مما ظلم فيه الواقدي .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ دوست البزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ المصري، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاتِمٍ المرادي بمصر، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ- كَانَ قَاضِي مِصْرَ- قَالَ: كَتَبَ الْوَاقِدِيُّ رُقْعَةً إِلَى الْمَأْمُونِ، يَذْكُرُ فِيهَا غَلَبَةَ الدَّيْنِ وَغَمَّهُ بِذَلِكَ، فَوَقَّعَ الْمَأْمُونُ عَلَى ظَهْرِهَا: فِيكَ خُلَّتَانِ:
السَّخَاءُ، وَالْحَيَاءُ؟ فَأَمَّا السَّخَاءُ فَهُوَ الَّذِي أَطْلَقَ مَا مَلَكْتَ، وَأَمَّا الْحَيَاءُ فَهُوَ الَّذِي مَنَعَكَ مِنْ إِطْلاعِنَا مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَمَرْنَا بِكَذَا وكذا، فإن كنا أصبنا إرادتك في
بَسْطِ يَدِكَ فَإِنَّ خَزَائِنَ اللَّهِ مَفْتُوحَةٌ. وَأَنْتَ كُنْتَ حَدَّثْتَنِي وَأَنْتَ عَلَى قَضَاءِ الرَّشِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلزُّبَيْرِ: «يَا زُبَيْرُ إِنَّ بَابَ الرِّزْقِ مَفْتُوحٌ بِبَابِ الْعَرْشِ؟ يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَرْزَاقَهُمْ عَلَى قَدْرِ نَفَقَاتِهِمْ فَمَنْ قَلَّلَ قُلِّلَ لَهُ، وَمَنْ كَثَّرَ كُثِّرَ لَهُ»
قَالَ الواقدي: وكنت قد أنسيت هذا الحديث فكان تذكرته إياي أحب إلى من جائزته .
قَالَ هارون بن عبد الله القاضي الزهري: بلغني أن الجائزة كانت مائة ألف درهم، فكان الحديث أحب إليه من المائة ألف .
أَخْبَرَنَا أحمد بن عمر بن روح النهرواني والقاضي أبو الطيب الطبري. قالا:
أَخْبَرَنَا المعافى بن زكريا الجريري.
وأخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ، وعمر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَ اللَّه المؤدب. قالا:
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ واللفظ لحديثه قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباريّ، حدّثني أبي، حدّثنا أبو عكرمة الضّبّيّ، حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله الواقدي القاضي. قَالَ: أضقت مرة من المرار وأنا مع يحيى بن خالد البرمكي، وحضر عيد فجاءتني جارية فقالت: قد حضر العيد وليس عندنا من النفقة شيء. فمضيت إلى صديق لي من التجار فعرفته حاجتي إلى القرض، فأخرج إلى كيسا مختوما فيه ألف ومائتا درهم، فأخذته وانصرفت إلى منزلي، فما استقررت فيه حتى جاءني صديق لي هاشمي فشكى إليّ تأخر علته وحاجته إلى القرض، فدخلت إلى زوجتي فأخبرتها. فقالت: على أي شيء عزمت؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس.
قالت: ما صنعت شيئا أتيت رجلا سوقة فأعطاك ألفا ومائتي درهم، وجاءك رجل له مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحم ماسة تعطيه نصف ما اعطاك السوقة، ما هذا شيئا، أعطه الكيس كله، فأخرجت الكيس كله. فدفعته إليه، ومضى صديقي التاجر إلى الهاشمي وكان له صديقا فسأله القرض، فأخرج الهاشمي إليه الكيس، فلما رأى خاتمه عرفه، وانصرف إلى فخبرني بالأمر، وجاءني رسول يحيى بن خالد يقول: إنما تأخر رسولي عنك لشغلي بحاجات أمير المؤمنين، فركبت إليه فأخبرته بخبر الكيس. فقال: يا غلام هات تلك الدنانير فجاءه بعشرة آلاف دينار فقال: خذ ألفى دينار لك، والفين لصديقك، والفين للهاشمي، وأربعة آلاف لزوجتك فإنها أكرمكم .
أخبرنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أبا عبد الله بن بطة الأصبهاني يقول: سمعت جعفر بن أحمد بن فارس يقول:
سمعت الحسن بن شاذان يقول: قَالَ الواقدي: صار إليّ من السلطان ستمائة ألف درهم ما وجبت علي فيها الزكاة! .
حدّثني الصّوريّ، أخبرنا أبو الحسين بن جميع، أَخْبَرَنَا محمد بن مخلد قَالَ:
سمعت عباسا الدوري يقول: مات الواقدي وهو على القضاء وليس له كفن فبعث المأمون بأكفانه .
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد قَالَ: مُحَمَّد بْن عمر ابن واقد، ويكنى أبا عبد الله مولى لبني سهم بطن من أسلم، توفي في ذي الحجة سنة سبع ومائتين.
أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي قَالَ: سنة تسع ومائتين.
فيها مات محمد بن عمر الواقدي، والأول أصح.
سمع: ابن أبي ذئب، وعمر بن راشد، ومالك بن أنس، ومحمد بن عبد الله بن
أخي الزهري، ومحمد بن عَجْلان، وربيعة بن عُثمان، وابن جُرَيجْ، وأسامة بن زيد، وعبد الحميد بن جعفر، وسُفيان الثَّوري، وأبا مَعْشر، وجماعة سوى هؤلاء.
روى عنه: كاتبُهُ محمد بنُ سعد، وأبو حسان الزِّيادي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وأحمد بن الخليل البُرْجلاني، وعبد اللَّه بن الْحَسَن الهاشمي، وأَحْمَد بن عُبيد بن ناصح، ومحمد بن شُجاع الثَّلْجي، والحارث بن أبي أسامة، وغيرهم.
قَدِمَ الواقديُّ بغداد، ووَلِيَ قضاءَ الجانب الشرقي فيها، وهو ممن طَبَّقَ شَرْقَ الأرض وغَرْبها ذِكْره، ولم يخف على أحدٍ عرفَ أخبارَ الناس أمرُه، وسارت الرُّكْبان بكُتبه في فنون العلم من المغازي والسِّيَر، والطبقات وأخبار النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأحداث التي كانت في وَقْته، وبعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكُتب الفقه، واختلاف النَّاس في الحديث، وغير ذلك، وكان جَوادًا كريمًا مَشْهورًا بالسَّخَاءِ .
أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، أخبرنا أحمد بن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد.
وأخبرني الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حدّثنا العبّاس ابن العبّاس بن المغيرة، حَدَّثَنَا الحارث بن محمد، عن محمد بن سعد- ولفظ الحديث لابن فَهْم- قَالَ: محمد بن عمر بن واقد مولى عبد الله بن بُرَيْدة الأسلمي، كان من أهل المدينة، وقدم بغداد في سنة ثمانين ومائة في دَيْنٍ لَحِقَهُ فلم يزل بها، وخرجَ إلى الشَّام والرَّقة، ثم رجع إلى بغداد فلم يزل بها إلى أن قَدِمَ المأمون من خُراسان، فولاه القضاء بعسكر المهدي، فلم يزل قاضيا حتى مات ببغداد ليلة الثلاثاء، ودُفن يوم الثلاثاء في مقابر الخَيْزران وهو ابن ثمانٍ وسبعين سنةً. وذكر أنهُ ولد سنة ثلاثين ومائة في آخر خلافة مروان بن محمد، وكان عالمًا بالمغازي واختلاف النَّاس وأحاديثهم.
أخبرنا الحسين بن أحمد بن عمر بن روح النهرواني، والقاضي أبو الطّيّب طاهر ابن عبد الله بن طاهر الطَّبَري. قالا: أَخْبَرَنَا المعافى بن زكريا الجريري.
وأخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ وعمر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَ اللَّه المؤدب. قالا:
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن القاسم الأنباري، حدثني أبي،
حدّثنا أبو عكرمة الضّبّيّ، حَدَّثَنَا يحيى بن محمد العَنْبَري. وفي حديث المعافَى:
محمد بن يحيى العَنْبَري. قَالَ: قَالَ الواقدي: كنت حَنَّاطَّا بالمدينة في يدي مائة ألف دِرْهم للناس أضارب بها، فَتَلِفَتِ الدَّراهم، فشخصتُ إلى العراق، فقصدت يحيى بن خالد فجلستُ في دهليزه، وأنستُ الخدمَ والحُجاب وسألتهم أن يُوصلوني إليه.
فَقَالُوا: إذا قُدِّمَ الطَّعامُ إليه لم يُحْجَب عنه أحدٌ، ونحن نُدْخلكَ عليه ذلك الوقت، فلما حضر طعامه أدخلوني فأجلسوني معه على المائدة فسألني: مَن أنت وما قصتك؟
فأخبرته فلما رُفِعَ الطعام وغسلنا أيدينا دنوت منه لأُقَبِّل رأسَهُ فاشمأزَّ من ذلك، فلما صرتُ إلى الموضعِ الذي يُركب منه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار. فقال:
الوزير يقرأ عليك السلام ويقول لك: استعن بها على أمرك وعد إلينا في غد، فأخذتُه وانصرفتُ وعدتُ في اليوم الثَّاني فجلستُ معه على المائدة، وأنشأ يسألني كما سألني في اليوم الأول، فلما رُفع الطعام دنوتُ منه لأُقَبِّلَ رأسَه فاشمأزَّ منه، فلما صرتُ إلى الموضع الذي يُركب منه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار فقال: الوزير يقرأ عليكَ السلامَ ويَقُولُ استعن بهذا على أمرك وعد إلينا في غد، فأخذتُه وانصرفتُ وعدتُ في اليوم الثالث، فأُعطيتُ مثلما أُعطيتُ في اليوم الأول والثاني، فلما كان في اليوم الرابع أُعطيت الكِيس كما أعطيتُ قبل ذلك، وتركني بعد ذلك أُقَبِّلُ رأسَه.
وَقَالَ: إِنَّمَا مَنعتُك ذلك لأَنَّهُ لم يكنْ وصلَ إليكَ من معروفي ما يُوجب هذا، فالآن قد لحقكَ بعض النفع مني، يا غُلام أعطه الدار الفُلانية، يا غلام افرشها الفرش الفُلاني، يا غُلام أعطه مائتي ألف درهم، يقضي دينه بمائة ألف، ويصلح شأنه بمائة ألف، ثم قَالَ لي: الزمني وكُن في داري. فَقُلْتُ: أعزَّ الله الوزيرَ، لو أَذِنْت لي بالشُّخوص إلى المدينة لأقضي للناس أموالهم ثُمَّ أعود إلى حضرتك كان ذلك أرفق بي. فقال: قد فعلتُ. وأمرَ بتجهيزي فشخصت إلى المدينة، فقضيت ديني ثم رجعتُ إليه، فلم أزل في ناحيته - واللفظ لحديث علي بن عُمر-.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو الحُسين العباس بن العباس بن المغيرة الجوهريّ، حدثني أبو جعفر الضبعي، حَدَّثَنِي محمد بن خَلاد قَالَ: سمعت محمد بن سَلام الجُمَحي، يَقُولُ: محمد بن عمر الواقديّ عالم دهره .
أخبرنا الأزهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو أيّوب سليمان بن إسحاق ابن الجليل قَالَ: سمعت إبراهيم الحَرْبي يَقُولُ: الواقدي أمين النَّاس على أهل الإسلام .
وَقَالَ أبو أيوب: حَدَّثَنِي أبو محمد الطُّوسي قَالَ: سمعتُ إبراهيم بن سعيد يَقُولُ:
سمُعْتُ المأمونَ يَقُولُ: ما قدمتُ بغداد إلا لأكتبَ كُتُبَ الواقدي .
قَالَ أبو أيوب: وسمعت إبراهيم الحَرْبي يَقُولُ: كان الواقدي أعلم النَّاس بأمر الإسلام، فأما الجاهلية فلم يعلم منها شيئًا .
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، حدّثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: سمِعْتُ أبي يَقُولُ: لما انتقل الواقدي من جانب الغربي إلى هاهنا يُقَالُ إنه حَمَلَ كُتُبَهُ على عشرينَ ومائةَ وقر .
حدثني الأزهريّ، حَدَّثَنِي عُبيد الله بن عثمان بن يحيى، حَدَّثَنَا أبو علي حامد بن محمد الهَرَوي قال: سمعت الحسن بن محمد المؤدب يقول: سمعت يحيى بن أحمد ابن عبد الله بن حبلة يحكي عن أبي حذافة. قَالَ: كان للواقدي ستمائة قِمَطْرَ كتب.
أَنْبَأَنَا محمد بن جعفر الوَرَّاق وأحمد بن محمّد الكاتب. قالا: أخبرنا مجالد بن جعفر، حَدَّثَنَا محمد بن جرير الطَّبري قَالَ: قَالَ ابن سعد: كان الواقدي يَقُولُ: ما من أحدٍ إلا وكتبه أكثر من حِفْظِه، وحفظي أكثر من كُتُبِي.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدثنا أبو الحسين بن المغيرة، حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِي قَالَ: حَدَّثَنِي إسماعيل بن مُجَمِّع- وهو الكلبي- قَالَ: سَمِعْتُ أبا عبد الله الواقدي. يَقُولُ: ما أَدْرَكْتُ رجلا من أبناء الصحابة، وأبناء الشهداء، ولا مولى لهم إلّا وسَأَلْتُهُ، هل سمعتَ أحدًا من أهلك يُخْبِرُكَ عن مشهده وأين قُتِلَ؟ فإذا أَعْلَمَنِي مَضَيْتُ إلى الموضع فأُعَايِنُهُ، ولقد مضيتُ إلى المُرَيْسِيعِ فنظرتُ إليها، وما عَلِمْتُ غزاة إلا مَضَيْتُ إلى الموضع حتى أعاينه، أو نحو هذا الكلام .
قال: فحدثني ابن منيع قال: سمعت هارون القرويّ يَقُولُ: رَأَيْتُ الواقدي بمكة ومعه رَكْوَةٌ، فَقُلْتُ: أين تريد؟ فَقَالَ: أُرِيدُ أن أَمْضِيَ إلى حُنين حتى أرى الموضع والوَقْعة.
قَالَ العباس: وَحَدَّثَنِي من أثق به وهو أبو أيوب بن أبي يعقوب قَالَ: سَأَلْتُ إبراهيم الحَرْبي. قلت: أريد أكتب مسائل مالك، فأيما أعجب مسائل ابن وَهْبٍ، أو ابن القاسم؟ فَقَالَ لِي: اكْتُبْ مسائلَ الواقدي، في الدنيا أحدٌ يَقُولُ سَأَلْتُ الثَّوري وابن أبي ذئب ويعقوب؟ أراد أن مسائله أكثرها سؤال.
أَخْبَرَنَا الأزهري، أخبرنا محمّد، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن الجليل. قال: وسألت إبراهيم بن الحربي. قلت: أريد أكتبَ مسائل مالك فأيُّ مسائل مالك ترى أن أكتبَ؟ قَالَ: مسائل الواقدي. قُلْتُ له: أو ابن وَهْب؟ قَالَ: لا إلا الواقدي. في الدّنيا ثُمَّ ابن وهب في الدنيا إنسان يقول سَأَلْتُ مالكًا والثَّوري وابن أبي ذئب ويعقوب غيره؟
أخبرنا الأزهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو أيوب سليمان بن إسحاق قَالَ: سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: سمعت السمتي يَقُولُ: رَأَيْنَا الواقدي يومًا جالسًا إلى أسطوانة في مسجد المدينة وهو يُدَرِّسُ. فَقُلْنَا له: أي شيءٍ تُدَرِّسُ؟ فَقَالَ:
جزء من المغازي.
وأخبرنا الأزهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو أيوب قَالَ: سمِعْتُ إبراهيم الحربي يقول.
وأخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أيوب بن المعافى قال: قال إبراهيم الحربي.
وسمعت السمتي يقول: قلنا للواقدي: هذا الذي يجمع الرجال يقول: حدّثنا فلان وفلان وحيث [لا] يميز واحد له، حدّثنا بحديث كل رجلٍ على حدة. قَالَ:
يَطُولُ. فَقُلْنَا له: قد رَضِينَا. قَالَ: فَغَابَ عنَّا جمعة ثم جاءنا بغزوة أحد وعشرين جلدًا.
وفي حديث البَرْمَكي مائة جلدٍ. فَقُلْنَا له: رُدَّنَا إلى الأمر الأول، معنى اللفظين متقارب. وكان الواقدي مع ما ذَكَرْنَاهُ من سَعَة عِلْمه وكثرةِ حِفْظه لا يَحْفَظُ القرآن!.
أنبأنا الحسين بن محمّد بن جعفر الرّافعي، أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن كامل قَالَ: حَدَّثَنِي محمد بن موسى البَرْبَرِي قَالَ: قَالَ المأمون للواقدي: أَرِيدُ أن تصلى الجُمُعة غدا بالناس. قال: فامتنع. قال: لا بد من ذلك. فقال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما أَحْفَظُ سورةَ الجُمُعة. قال: فأنا أحفظك، قال: فأفعل. فجَعَلَ المأمون يُلَقِّنُهُ سورةَ الجُمُعة حتَّى يَبْلُغَ النِّصف منها، فإذا حفظه ابتدا بالنِّصف الثَّاني، فإذا حفظ النِّصف الثَّاني نسي الأول، فأَتْعِبَ المأمون ونعس. فقال لعلي بن صالح: يا علي حَفِّظْهُ أنت.
قَالَ علي: فَفَعَلْتُ ونام المأمون، فَجَعَلْتُ أُحَفِّظُهُ النصف الأول فيحفظه، فإذا حفظته النصف الثاني نسي الأول، وإذا حفظته النصف الأول نسى الثاني، وإذا حفظته الثاني نسى الأول، فاستيقظ المأمون فقال لي: ما فعلت؟ فأخبرته. فقال: هذا رجل يحفظ التأويل ولا يحفظ التنزيل، اذهب فصل بهم واقرأ أي سورة شئت .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُهْتَدِي بالله الهاشمي، أَخْبَرَنَا محمد بن الحسين بن الفضل بن المأمون، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأنباري، حدّثني محمّد بن المرزبان، حدّثنا أبو بكر القرشيّ، حَدَّثَنَا المفضل بن غسان، عن أبيه قَالَ: صليت خلف الواقدي صلاة الجمعة، فقرأ: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى
[الأعلى 18، 19] .
أخبرني أحمد بن سليمان المقرئ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا جدي قال: ربما ذكر لنا أن مالكا سئل عن قتل الساحرة فقال: انظروا هل عند الواقدي من هذا شيء؟ فذاكروه ذلك فذكر شيئا عن الضحاك بن عثمان، فذكروا أن مالكا قنع به. قَالَ جدي: وما أدري ممن سمعت هذا غير أني قد سمعته.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا ابن المغيرة، حَدَّثَنَا الحارث بن محمد قَالَ: حَدَّثَنِي رجل من أصحابنا قال: حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا الحارث- أو سمعته أنا من محمد بن صالح- قَالَ: سئل مالك بن أنس عن المراة التي سمت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخيبر ما فعل بها؟ فقال: ليس عندي بها علم، وسأسأل أهل العلم.
فقال: فلقي الواقدي فقال: يا أبا عبد الله ما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمرأة التي سمته بخيبر؟ فقال:
الذي عندنا أنه قتلها. فقال مالك: قد سألت أهل العلم فأخبروني أنه قتلها.
قرأت على محمد بن علي بن يعقوب المعدل، عن يوسف بن إبراهيم السهمي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عدي الحافظ قَالَ: سمعتُ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن إسحاق الصغاني يقول: قَالَ يحيى بن أيوب المقابري: كنت عند محمد بن الحسن، فذكروا الواقدي محمد بن عمر فذكره إنسان في مجلسه بشيء فقال محمّد بن الحسن: لقد رأيت أبحاث سفيان الثّوري ولو كتب لا يقول هذا فيه.
قال أبو بكر الصغاني: لقد كان الواقدي وكان، وذكر من فضله وما يحضر مجلسه من الناس من أصحاب الحديث مثل الشاذكوني وغيره، وحسن أحاديثه، ثم قَالَ أبو بكر: أما أنا فلا أحتشم؛ أن أروى عنه.
حَدَّثَنِي محمد بن علي الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد الحافظ، أخبرنا محمّد بن أحمد [الذهلي وذكر] الواقدي. فقال: والله لولا أنه عندي ثقة ما حدث عنه أربعة أئمة: أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عبيد، وأحسبه ذكر أبا خيثمة ورجلا آخر.
أخبرني أبو بكر البرقاني، حدّثني محمّد بن أحمد الأدميّ، حدّثنا محمّد بن علي الإيادي، حدّثنا زكريا الساجي، حدّثنا أحمد بن محمّد الدقيقي، حدّثني إبراهيم بن يعيش قال: سمعت عمر الناقد قَالَ: قلت للدراوردي: ما تقول في الواقدي؟ قَالَ:
تسألني عن الواقدي! سل الواقدي عني.
أخبرني أحمد بن سليمان المقرئ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عمر، حدّثنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا جدي، حَدَّثَنَا عبيد بن أبي الفرج قَالَ: حَدَّثَنِي يعقوب مولى أبي عبيد الله قَالَ: سمعت الدراوردي- وذكر الواقدي- فقال: ذاك أمير المؤمنين في الحديث .
قَالَ: وحدثنا جدي قَالَ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا ثقة، قَالَ: سمعت أبا عامر العقدي يسأل عن الواقدي فقال: نحن نسأل عن الواقدي!؟ إنما يُسأل الواقدي عنا، ما كان يفيدنا الشيوخ والأحاديث بالمدينة إلّا الواقديّ.
وَقَالَ جدي: حَدَّثَنِي مفضل، قَالَ: قَالَ الواقدي: لقد كانت ألواحي تضيع فأوتى بها من شهرتها بالمدينة، يقال: هذه ألواح ابن واقد .
أَخْبَرَنَا الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أَخْبَرَنَا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي، حَدَّثَنَا موسى بن هارون قَالَ: سمعت مصعبا الزبيري يذكر الواقدي فقال:
والله ما رأينا مثله قط. قَالَ مصعب: وَحَدَّثَنِي من سمع عبد الله- يعني ابن المبارك- يقول: كنت أقدم المدينة فما يفيدني ولا يدلني على الشيوخ إلا الواقدي .
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا العبّاس بن العبّاس بن المغيرة، حدّثني القاضي أبو عبد الله المقدمي، حدّثنا أبو موسى- أظنه الزمن- حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي، عن سفيان، عن الحسن بن عمرو، عن غالب ابن عبّاد، عن قيس بن جبير النهشلي، عن عمر: في العمة والخالة. قَالَ أبو موسى:
فقدم علينا مؤمل بن إسماعيل فوجدناه في كتابه عن قيس بن حبة فأنكرناه عليه، ثم قدم علينا بعد ذلك أبو أحمد الزبيري فحدثنا به عن قيس بن جبير فأنكرناه أيضا عليه وقلنا له: إنما هو قيس بن حبير فأنكر ذلك. وَقَالَ: نحن أعلم بهذا الحديث هو قيس ابن جبير، قَالَ المقدمي: فسمعت الرمادي يقول: لما حدّث به أبو أحمد ومؤمل مخالفا عبد الرحمن بن مهدي أتى أصحاب الحديث محمد بن عمر الواقدي فقالوا: نساله عنه لعله قد سمعه من الثوري فإنه حافظ، فقالوا: سلوه ولا تلقنوه. فقالوا له: حديث رواه الثوري عن الحسن بن عمرو عن غالب عن رجل عن عمر في العمة والخالة:
أتعرف الرجل من هو؟ فقال: قد سمعته من الثوري وهو رجل ليس بمشهور فدعوني أتذكره لكم، فاستلقى على قفاه ثم قَالَ: هو عن قيس. فقالوا: نعم قيس ابن من؟
ففكر طويلا فقال: قيس بن حبتر لا شك فيه.
حدّثني الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أحمد ابن عبد الله بن نصر، حَدَّثَنِي إبراهيم بن جابر. قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
قَالَ الشاذكوني: كتبت ورقة من حديث الواقدي، وجعلت فيها حديثا عن مالك لم يروه إلا ابن مهدي عن مالك، ثم أتيت بها الواقدي فحدثني إلى أن بلغ الحديث. قَالَ:
فتركني ثم قام فدخل ثم خرج فقال لي هذا الحديث سأل عنه إنسان بغيض لمالك
ابن أنس فلم أكتبه ثم حدّثني به. فقال إبراهيم بن جابر: حَدَّثَنِي علي بن المبارك قال:
قال علي بن المدينيّ: ابن مهدي- يعني عن مالك- لحديث لم يحدث به غيره عنه فكتبت ورقة من حديث الواقدي وجعلت ذلك الحديث في وسط الأحاديث، ثم أتيت الواقدي بها فقرا علىّ حتى بلغ إلى الحديث، قَالَ: فنظر إليَّ ثم نظر إلى الحديث ثم قام فدخل ثم خرج فحدّثني بالحديث ثم قال: كان إنسان أزرق بغيض سأل مالكا عن هذا الحديث، فمن بغضه لم أكتبه. أي فلما رايته في كتابك الساعة قمت وكتبته وحدّثتك به.
فقرأت على محمد بن الحسين القطان، عَنْ دعلج بْن أَحْمَد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عليّ الأبار قَالَ: سَأَلت مجاهدًا- يعني ابن موسى- عن الواقدي، فقال: ما كتبت عن أحد أحفظ منه، لقد جاءه رجل من بعض هؤلاء الكتاب، يسأله: عن الرجل لا يستطيع أن يصلي قائما فجعل يقول: حَدَّثَنَا فلان عن فلان يصلى قاعدا، يصلى على جنبه، يصلى بحاجبيه، فقال لي: سمعت من هذا شيئا؟ قلت: لا! قَالَ:
وبلغني عن الشاذكوني أنه قَالَ: إما أن يكون أصدق الناس، وإما أن يكون اكذب الناس! وذلك أنه كتب عنه، فلما أراد أن يخرج جاء بالكتاب فسأله، فإذا هو لا يغير حرفا، وكان يعرف رأى سفيان ومالك، ما رأيت مثله .
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا سليمان بن أحمد بن الخليل قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: سمعت مصعبا الزبيري وسئل عن الواقدي، فقال:
ثقة مأمون، وسئل المسيبي عنه، فقال: ثقة مأمون. وسئل معن بن عيسى عنه فقال:
أسأل أنا عن الواقدي! يسأل الواقدي عني. وسئل عنه أبو يحيى الزّهريّ فقال:
ثقة مأمون .
قَالَ: وسمعت إبراهيم يقول: سألت ابن نمير عن الواقدي فقال: أما حديثه هنا فمستو، وأما حديث أهل المدينة فهم أعلم به .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الأنماطيّ، حدّثنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا أبو عيسى جبير بن محمد الواسطي، حَدَّثَنَا جابر بن كردي قَالَ: سمعت يزيد بن هارون يقول:
محمد بن عمر الواقدي ثقة .
أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حَدَّثَنَا أبو بكر النيسابوري قَالَ: سمعت الصاغاني غير مرة يقول: سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول.
وأخبرني عبيد الله بن أحمد الصّيرفيّ، أخبرنا محمّد بن المظفر، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدّثني أبو بكر الصاغاني، حدّثني إبراهيم بن أرمة قَالَ: سمعت عباسا العنبري يقول: الواقدي أحب إلى من عبد الرزاق .
حُدِّثت عَنْ مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: حَدَّثَنِي مكرم بْن أَحْمَد قَالَ: قَالَ إبراهيم الحربي، سمعت أبا عبيد القاسم بْن سلام يَقُول: الواقدي ثقة. قَالَ إبراهيم:
وأما فقه أبي عبيد فمن كتب محمد بن عمر الواقديّ، الاختلاف والإجماع كان عنده .
أَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن الجليل الجلاب قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
من قَالَ إن مسائل مالك وابن أبي ذئب توجد عند من هو أوثق من الواقدي، فلا يصدق، لأنه يقول: سألت مالكا، وسألت ابن أبي ذئب.
أَخْبَرَنِي عَبْد الباقي بْن عَبْد الكريم بْن عمر المؤدّب، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الخلال، حَدَّثَنَا محمّد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قَالَ: كنت عند ابن المبارك وعنده أبو بدر فذكروا فوت الصلاتين بعرفة، فقال أبو بكر: يا أبا عبد الرحمن في هذا حديث عن ابن عباس والمسور بن مخرمة.
فقال عمن فقال ابن واقد. قَالَ: فسكت ابن المبارك وطأطأ رأسه. أو قال: نصت.
ولم يقل شيئا.
وَقَالَ جدي: حَدَّثَنِي من سأل يحيى بن معين عن الواقدي، وأبي البختريّ فقال الواقديّ أجودهما حديثا.
وَقَالَ جدي: حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد قَالَ: قال لي علي بن المديني: قَالَ لي أحمد بن حنبل: أعطني ما كتب عن ابن أبي يحيى قَالَ: قلت: وما تصنع به؟ قَالَ:
أنظر فيها أعتبرها، قَالَ: ففتحها ثم قَالَ: اقرأها عليَّ. قَالَ: قلت وما تصنع به؟ قَالَ:
انظر فيها. قَالَ: قلت له: أنا أحدث عن ابن أبي يحيى؟ قَالَ لي: وما عليك أنا أريد أن أعرفها وأعتبر بها. قَالَ: فقال لي بعد ذلك أحمد: رأيت عند الواقدي أحاديث قد رواها عن قوم من حديث ابن أبي يحيى قلبها عليهم، وما كان عند على شيء يحتج به في الواقدي غير هذا وقد كنت سألت عليا عن الواقدي فما كان عنده شيء أكثر من هذا.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، حدّثنا عبد اللَّه بْن عُثْمَان الصفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن موسى الصيرفي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ قَالَ: سمعت أبي يقول:
عند الواقدي عشرون ألف حديث لم يسمع بها.
قَالَ: وسمعت أبي يقول: محمد بن عمر الواقدي ليس بموضع للرواية ولا يروى عنه، وضعفه.
حدّثنا الأزهريّ، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بن عثمان بن يَحْيَى، حَدَّثَنَا أبو علي الهروي قَالَ:
سمعت الحسن بن محمد المؤدب يقول: سمعت أبا الهيثم يقول: قَالَ يحيى بن معين:
أغربَ الواقدي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرين ألف حديث.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ بْن النَّضْر الْعَطَّار، حدّثنا محمّد ابن عُثْمَان بْن أَبِي شيبة، قَالَ: سمعت عليا- يعني ابن المديني- يقول: إبراهيم بن أبي يحيى كذاب.
فأخبرني علي بن محمد بن الحسن المالكي، أَخْبَرَنَا عبد الله بن عثمان الصّفّار، وأخبرنا محمّد بن عمران بن موسى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: سمعت أبي يقول: كتب الواقدي عن ابن أبي يحيى كتبه.
قَالَ: وسمعت أبي يقول: فسألني أحمد أن أحدثه عن إبراهيم بن أبي يحيى فلم أحدثه.
قَالَ: وسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: الواقدي يركب الأسانيد.
وسمعت يحيى بن معين يقول: الواقدي يحدث عن عاتكة ابنة عبد المطلب، وعن حمزة بن عبد المطلب من مركب.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضيل الصيرفي قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: والواقديّ ليس بشيء .
أَخْبَرَنَا يوسف بن رباح البصري، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر، حدّثنا أبو بشر الدّولابيّ، حدّثنا معاوية بن صالح: أبو عبد الله الواقدي ضعيف. قلت ليحيى بن معين: لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك؟ قَالَ:
استحيي من ابنه هو لي صديق. قلت: فماذا تقول فيه؟ قَالَ: كان يقلب أحاديث يونس فيصيرها عن معمر، ليس بثقة .
قَالَ أبو عبيد الله: وَقَالَ لي أحمد بن حنبل هو كذاب .
قال عبيد الله عن يحيى في موضع آخر: محمد بن عمر بن واقد ليس بشيء .
أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَر القطيعيّ، أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعيّ، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن يونس بن عبد الأعلى. قَالَ: قَالَ لي الشافعي: كتب الواقدي كذب .
وَقَالَ ابن أبي حاتم: حدّثنا أبي، حَدَّثَنَا أحمد بن أبي شريح قَالَ: سمعت محمّد ابن إدريس الشافعي يقول: الواقدي وصل حديثين- يعني لا يوصلان-.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصريّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الدّوريّ الورّاق، حدّثنا محمّد بن عبد الله المستعيني، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنِي أبي. قَالَ: جعل انسان يحدث ابن المبارك عن الواقدي. فقال: صرنا إلى بحر الواقديّ.
حدّثنا أبو بكر البرقاني، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا أبو بكر المروزي قَالَ: سمعته- يعني أحمد بن حنبل- يسأل عن الواقدي، فقيل له: قَالَ ابن المبارك: دعونا من بحر
الواقدي. فقال: شهدت وكيعا وقد سألوه عن حديث في مسح الخفين. فقال: لو كنت عند الواقدي لحدثك.
هكذا قرأت على محمد بن علي المعدل، عَن يُوسُف بْن إِبْرَاهِيم الجرجاني قَالَ:
أَخْبَرَنَا نعيم بن عدي قَالَ: سمعت إسحاق بن أبي عمران قَالَ: سمعت بندار بن بشار يقول: ما رأيت اكذب شفتين من الواقدي .
أَخْبَرَنَا علي بن محمد الدَّقَّاق قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بْن هارون، عن ابن سعيد قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سمعت ابن نمير- وذكر حديثا- فقلت له: يا أبا عبد الرحمن تملى هذا؟ قَالَ: هو عن الواقدي ولست أحب أن أحدث عنه. فقلت: نحن نعرفه. فقال: اكتبه على جهة المعرفة ثم أملاه علي.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل القطان، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن شعيب الغازي قَالَ: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: محمد ابن عمر الواقدي قاضى بغداد، متروك الحديث .
أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني، حدّثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن طاهر بْن النجم الميانجي، حَدَّثَنَا سعيد بن عمرو البرذعي قَالَ: وسئل أبو زرعة- يعني الرازي- عن الواقدي فقال: ترك الناس حديثه.
وأخبرنا البرقاني، أخبرنا أحمد بن سعيد- وكيل دعلج- حدثنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النّسائيّ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث .
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بن علي الكتاني لفظا بدمشق، حدّثنا عبد الوهّاب بن جعفر الميداني، حَدَّثَنَا أَبُو هاشم عَبْد الجبار بْن عَبْد الصّمد السّلميّ، حدّثنا القاسم بن عيسى القصار، حَدَّثَنَا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني. قَالَ: الواقدي لم يكن مقنعا:
ذكرت لأحمد بن حنبل موته يوم مات وأنا ببغداد فقال: جعلت كتبه ظهائر للكتب منذ حين. أو قَالَ: منذ زمان .
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعيّ، أخبرنا محمد بن عدي البصري في كتابه، حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري. قَالَ: سئل أَبُو داود سليمان بْن الأشعث عن الواقدي. فقال: لا أكتب حديثه، ما أشك أنه كان ينقل الحديث. ليس ينظر الواقدي في كتاب إلا يبين فيه أمره، روى في فتح اليمن وخبر العنسي أحاديث عن الزهري ليست من حديث الزهري. وكان أحمد بن حنبل لا يذكر عنه كلمة.
حدّثني الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أخبرنا أبو طاهر محمّد بن أحمد ابن عبد الله بن نصر، حدّثني إبراهيم بن جابر، حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل.
قَالَ: كتب أبي عن أبي يوسف ومحمد ثلاثة قماطر فقلت له: كان ينظر فيها قَالَ:
كان ربما نظر فيها، وكان أكثر نظره في كتب الواقدي.
أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا العبّاس بن العبّاس بن المغيرة، أَخْبَرَنِي بعض مشايخنا قَالَ: سألت إبراهيم الحربي عما أنكره أحمد بن حنبل عن الواقدي، فذكر أن مما أنكره عليه جمعه الأسانيد ومجيئة بالمتن واحدا. قَالَ إبراهيم الحربي: وليس هذا عيبا، قد فعل هذا الزهري وابن إسحاق، قَالَ إبراهيم الحربي: لم يزل أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة لحنبل بن إسحاق إلى محمد بن سعد كاتب الواقديّ، فيأخذ له جزءين جزءين من حديث الواقدي فينظر فيها ثم يردها ويأخذ غيرها.
أَخْبَرَنِي إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حدّثنا محمّد بن أيّوب المعافى قَالَ: قَالَ إبراهيم الحربي: سمعت أحمد- وذكر الواقدي- فقال: ليس أنكر عليه شيئا إلا جمعه الأسانيد، ومجيئة بمتن واحد على سياقة واحدة، عن جماعة وربما اختلفوا. قَالَ إبراهيم: ولم؟ وقد فعل هذا ابن إسحاق، كان يقول حَدَّثَنَا عاصم بن عمر وعبد الله بن أبي بكر وفلان وفلان.
والزهري أيضا قد فعل هذا .
قَالَ: وسمعت إبراهيم يقول: قال بور [بن أصرم] : رآني الواقديّ أمشي
مع أحمد بن حنبل. قَالَ: ثم لقيني بعد فقال لي: رأيتك تمشي مع إنسان ربما تكلم في الناس. قيل لإبراهيم لعله بلغه عنه شيء؟ قَالَ: نعم، بلغني أن أحمد أنكر عليه جمعه الرجال والأسانيد في متن واحد. قَالَ إبراهيم: وهذا قد كان يفعله حماد بن سلمة، وابن إسحاق، ومحمد بن شهاب الزهري.
حدِّثت عن دعلج بن أَحْمَد قَالَ: سمعت أبا محمد عبد الله بن علي بن الجارود يقول: سمعت إسحاق الكوسج يقول: قَالَ أحمد بن حنبل: كان الواقدي محمد بن عمر يقلب الأحاديث، كأنه يجعل ما لمعمر عن ابن أَخِي الزهري، وما لابن أَخِي الزهري لمعمر. قَالَ إسحاق بن راهويه: كان عندي ممن يضع.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد بن مخلد، حدّثنا أحمد ابن ملاعب، حَدَّثَنِي محمد بْن علي المديني قَالَ: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: الواقدي يركب الأسانيد.
أَخْبَرَنِي الْبَرْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الملك الأدميّ، عن علي بن أبي داود، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَاضِي بَغْدَادَ مُتَّهَمٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سمعتُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل يقول: لم نزل نراجع أَمْرَ الْوَاقِدِيِّ حَتَّى رَوَى: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا »
. فَجَاءَ بِشَيْءٍ لا حِيلَةَ فِيهِ، وَالْحَدِيثُ حَدِيثُ يُونُسَ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ.
أَخْبَرَنَا بِحَدِيثِ يُونُسَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النّجّاد، حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، حدّثنا محمّد بن العلاء، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي نَبْهَانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أم مكتوم، وذلك بعد أن أمر بِالْحِجَابِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجِبَا مِنْهُ» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى وَلا يُبْصِرُنَا وَلا يَعْرِفُنَا؟ قَالَ: «أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه » .
حدّثني الحسن بن علي التميميّ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدّثنا عبد الله بن أحمد، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بن يزيد، عن الزّهريّ بنحوه وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدِ ابن عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ كذلك.
أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ، أخبرنا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف الخشاب، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمر، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ وَمَيْمُونَةُ. قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجِبَا مِنْهُ» . فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ أَعْمَى لا يُبْصِرُ. قَالَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟»
. أَخْبَرَنَا بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدّثنا محمّد بن جعفر الرّاشدي، حدثنا أَبُو بكر الأثرم قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِ نَبْهَانَ هَذَا قَوْلَهُ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا» قَالَ: هَذَا حَدِيثُ يُونُسَ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَانَ الْوَاقِدِيُّ رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ وَتَبَسَّمَ ، أي ليس من حديث معمر.
حدثناه عبد الرزاق عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ .
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بن أبي الفتح، أخبرنا محمّد بن المظفر الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جعفر القزويني بمصر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بَغْدَادَ سَنَةَ سَبْعٍ أو ثمان ومائتين ، قال: الواقديّ قَاضٍ عَلَيْنَا. قَالَ الرَّمَادِيُّ: وَكُنْتُ أَطُوفُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ يَسْمَعُ مِنْهُمْ، فَقُلْتُ:
تريد أن تسمع مِنَ الْوَاقِدِيِّ وَكَانَ مَرْوِيًّا فِي السَّمَاعِ مِنْهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ:
فَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَذَكَرَ الْوَاقِدِيَّ وَقَالَ: كَيْفَ تَسْتَحِلُّ أَنْ تَكْتُبَ عَنْ رَجُلٍ رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ حَدِيثَ نَبْهَانَ مُكَاتِبِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهَذَا حَدِيثُ يُونُسَ تَفَرَّدَ بِهِ. قَالَ الرَّمَادِيُّ: وَذَكَرَ حَدِيثًا آخَرَ عَنْ مَعْمَرٍ مُنْقَطِعًا مِمَّا أَنْكَرَهُ أَحْمَدُ على الواقديّ .
قَالَ الرَّمَادِيُّ: فَقَدِمْتُ مِصْرَ بَعْدَ مُنْصَرَفِي وَكَانَ ابن أبي مريم يحدّثنا بحديث نافع ابن يَزِيدَ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أبي مريم، أَخْبَرَنَا نَافِعُ، بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْنَا، وَذَاكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احتجبا منه» . قلنا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لا يُبْصِرُنَا وَلا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟ »
. أخبرنا محمّد بن الحسين القطّان، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ بَحَدِيثِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَقِيلٍ- نَحْوَ رِوَايَةِ الرَّمَادِيِّ.
أَخْبَرَنِي عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا محمّد بن المظفر، حدّثنا عبد الله بن محمّد ابن جعفر قال: قال الرمادي: فلما فرغ ابن أبي مريم من هذا الحديث ضحكت، فقال: مم تضحك؟ فأخبرته بما قَالَ على. وكتب إليه أحمد يقول: هذا حديث تفرد به يونس بن يزيد، وهذا أنت قد حدثت عن نافع بن يزيد، عن عقيل وهو أعلى من يونس. قال لي ابن أبي مريم: إن شيوخنا المصريين لهم عناية بحديث الزّهريّ .
حدّثني الصّوريّ، أخبرني عبد الغني بن سعيد، أخبرنا أبو طاهر القاضي، حَدَّثَنِي إبراهيم بن جابر قَالَ: سمعت الرمادي وحدّث بحديث: عقيل عن ابن شهاب. قَالَ:
هذا مما ظلم فيه الواقدي .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ دوست البزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ المصري، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاتِمٍ المرادي بمصر، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ- كَانَ قَاضِي مِصْرَ- قَالَ: كَتَبَ الْوَاقِدِيُّ رُقْعَةً إِلَى الْمَأْمُونِ، يَذْكُرُ فِيهَا غَلَبَةَ الدَّيْنِ وَغَمَّهُ بِذَلِكَ، فَوَقَّعَ الْمَأْمُونُ عَلَى ظَهْرِهَا: فِيكَ خُلَّتَانِ:
السَّخَاءُ، وَالْحَيَاءُ؟ فَأَمَّا السَّخَاءُ فَهُوَ الَّذِي أَطْلَقَ مَا مَلَكْتَ، وَأَمَّا الْحَيَاءُ فَهُوَ الَّذِي مَنَعَكَ مِنْ إِطْلاعِنَا مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَمَرْنَا بِكَذَا وكذا، فإن كنا أصبنا إرادتك في
بَسْطِ يَدِكَ فَإِنَّ خَزَائِنَ اللَّهِ مَفْتُوحَةٌ. وَأَنْتَ كُنْتَ حَدَّثْتَنِي وَأَنْتَ عَلَى قَضَاءِ الرَّشِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلزُّبَيْرِ: «يَا زُبَيْرُ إِنَّ بَابَ الرِّزْقِ مَفْتُوحٌ بِبَابِ الْعَرْشِ؟ يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَرْزَاقَهُمْ عَلَى قَدْرِ نَفَقَاتِهِمْ فَمَنْ قَلَّلَ قُلِّلَ لَهُ، وَمَنْ كَثَّرَ كُثِّرَ لَهُ»
قَالَ الواقدي: وكنت قد أنسيت هذا الحديث فكان تذكرته إياي أحب إلى من جائزته .
قَالَ هارون بن عبد الله القاضي الزهري: بلغني أن الجائزة كانت مائة ألف درهم، فكان الحديث أحب إليه من المائة ألف .
أَخْبَرَنَا أحمد بن عمر بن روح النهرواني والقاضي أبو الطيب الطبري. قالا:
أَخْبَرَنَا المعافى بن زكريا الجريري.
وأخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ، وعمر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَ اللَّه المؤدب. قالا:
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ واللفظ لحديثه قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباريّ، حدّثني أبي، حدّثنا أبو عكرمة الضّبّيّ، حدّثنا سليمان بن أبي شيخ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله الواقدي القاضي. قَالَ: أضقت مرة من المرار وأنا مع يحيى بن خالد البرمكي، وحضر عيد فجاءتني جارية فقالت: قد حضر العيد وليس عندنا من النفقة شيء. فمضيت إلى صديق لي من التجار فعرفته حاجتي إلى القرض، فأخرج إلى كيسا مختوما فيه ألف ومائتا درهم، فأخذته وانصرفت إلى منزلي، فما استقررت فيه حتى جاءني صديق لي هاشمي فشكى إليّ تأخر علته وحاجته إلى القرض، فدخلت إلى زوجتي فأخبرتها. فقالت: على أي شيء عزمت؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس.
قالت: ما صنعت شيئا أتيت رجلا سوقة فأعطاك ألفا ومائتي درهم، وجاءك رجل له مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحم ماسة تعطيه نصف ما اعطاك السوقة، ما هذا شيئا، أعطه الكيس كله، فأخرجت الكيس كله. فدفعته إليه، ومضى صديقي التاجر إلى الهاشمي وكان له صديقا فسأله القرض، فأخرج الهاشمي إليه الكيس، فلما رأى خاتمه عرفه، وانصرف إلى فخبرني بالأمر، وجاءني رسول يحيى بن خالد يقول: إنما تأخر رسولي عنك لشغلي بحاجات أمير المؤمنين، فركبت إليه فأخبرته بخبر الكيس. فقال: يا غلام هات تلك الدنانير فجاءه بعشرة آلاف دينار فقال: خذ ألفى دينار لك، والفين لصديقك، والفين للهاشمي، وأربعة آلاف لزوجتك فإنها أكرمكم .
أخبرنا محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أبا عبد الله بن بطة الأصبهاني يقول: سمعت جعفر بن أحمد بن فارس يقول:
سمعت الحسن بن شاذان يقول: قَالَ الواقدي: صار إليّ من السلطان ستمائة ألف درهم ما وجبت علي فيها الزكاة! .
حدّثني الصّوريّ، أخبرنا أبو الحسين بن جميع، أَخْبَرَنَا محمد بن مخلد قَالَ:
سمعت عباسا الدوري يقول: مات الواقدي وهو على القضاء وليس له كفن فبعث المأمون بأكفانه .
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد قَالَ: مُحَمَّد بْن عمر ابن واقد، ويكنى أبا عبد الله مولى لبني سهم بطن من أسلم، توفي في ذي الحجة سنة سبع ومائتين.
أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي قَالَ: سنة تسع ومائتين.
فيها مات محمد بن عمر الواقدي، والأول أصح.
محمد بن إدريس بن العباس، أبو عبد الله الشافعي :
الإمام زين الفقهاء، وتاج العلماء، ولد بغزة من بلاد الشام، وقيل باليمن، ونشأ بمكة وكتب العلم بها وبمدينة الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدم بغداد مرتين، وحدث بها وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته.
وكان سمع من مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة، وداود بن عبد الرحمن، وَعبد العزيز بْن مُحَمَّد الدراوردي، وَمسلم بْن خالد الزنجي، وإبراهيم ابن أبي يحيى، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وعبد الله بن المؤمل المخزومي، وإبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة، وعمه محمد بن علي بن شافع، وعبد الله بن الحارث المخزومي، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك وَعبد المجيد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد، ومحمد بن عثمان بن صفوان الجمحي، وسعيد بن سالم القداح، ويحيى ابن سليم الطائفي، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وإسماعيل بن جعفر، ومطرف بن مازن، وهشام بن يوسف، ويحيى بن حسان التنيسي ، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وإسماعيل بن علية، وغير هؤلاء. حدث عنه سليمان بن داود الهاشمي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بن خالد، والحسين بن علي الكرابيسي، والحسن بن محمّد ابن الصباح الزعفراني، وَأبو يَحْيَى مُحَمَّد بْن سَعِيد الْعَطَّار، وَغيرهم. وكتاب الشافعي الذي يسمى القديم هو الذي عند البغداديين خاصة عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي قال أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ قَالَ نبأنا الحسن بن محمّد بن الصباح قال نبأنا محمّد بن إدريس الشّافعيّ قال: أنبأنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءُوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ خَطْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ » .
أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي بنيسابور قال: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنبأنا الربيع بن سليمان بن كامل المرادي المؤذن المصري صاحب الشافعي. قَالَ الشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بْن إلياس بْن مضر بْن نزار بْن معد بْن عدنان. ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَيُّوبَ العكبري فيما أجاز لنا قَالَ أنبأنا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي غسان البصري بها قال نبأنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي. وَأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الملك القرشي قراءة قَالَ أنبأنا عيّاش بن الحسن البندار قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا بن يحيى الساجي قَالَ سمعت الجهمي أحمد بن محمد بن حميد النسابة يقول: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. وقد ولده هاشم بن عبد مناف ثلاث مرار، أمّ السّائب الشّفاء بنت الأرقم ابن هاشم بن عبد مناف. أسر السائب يوم بدر كافرا وكان يشبه بالنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم، وأمّ الشّفاء بنت الأرقم خلدة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وأم عبيد بن عبد يزيد العجلة بنت عجلان بن البياع بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وأم عبد يزيد الشفا بنت هاشم بن عبد مناف بن قصي، كان يقال لعبد يزيد محض لا قني فيه، وأم هاشم بن المطلب خديجة بنت سعيد بن سعد بن سهم، وأم هاشم والمطلب وعبد شمس بنى عبد مناف عاتكة بنت مرة السلمية، وأم شافع أم ولد .
سَمِعْتُ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ طَاهِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ يَقُولُ: شَافِعُ بْنُ السَّائِبِ الَّذِي يُنْسَبُ الشَّافِعِيُّ إِلَيْهِ، قَدْ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَرَعْرِعٌ، وَأَسْلَمَ أَبُوهُ السَّائِبَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَايَةِ بَنِي هَاشِمٍ فَأُسِرَ وَفْدَا نَفْسَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ أَنْ تفتدى؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُحَرمُ الْمُؤْمِنِينَ طَمَعًا لَهُمْ فِيَّ. قَالَ القاضي وَقَالَ بعض أهل العلم بالنسب وقد وصف الشافعي أنه شقيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نسبه، وشريكه في حسبه، لم تنل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طهارة في مولده، وفضيلة في آبائه، إلا وهو قسيمه فيها، إلى أن افترقا من عبد مناف، فزوج المطلب ابنه هاشما الشفا بنت هاشم ابن عبد مناف، فولدت له عبد يزيد جد الشافعي، وكان يقال لعبد يزيد المحض لا قذى فيه. فقد ولي الشافعي الهاشمان هاشم بن المطلب وهاشم بن عبد مناف.
والشافعي ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عمته، لأن المطلب عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والشّفا بنت هاشم بن عبد مناف أخت عبد المطلب عمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. وأما أم الشافعي فهي أزدية، وقد
قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الأزد جرثومة العرب » .
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطيّ قال أنبأنا محمّد بن جعفر التّميميّ بالكوفة قال نا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حامد بن إدريس البلخي قَالَ سمعت نصر بن المكي يقول سمعت ابن عبد الحكم يقول لما أن حملت أم الشافعي به رأت كأن المشترى خرج من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية، فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج منها عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان .
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق قال نبأنا أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بن شيظم القاضي قدم للحج- قال أنبأنا نصر بن مكي ببلخ قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لي مُحَمَّد بن إدريس الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين- يعني ومائة- وحملت إِلَى مكة وأنا ابن سنتين .
قَالَ وَأَخْبَرَنِي غيره عَنِ الشافعي قَالَ: لم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم فِي الحداثة، أذهب إِلَى الديوان أستوهب الظهور أكتب فيها .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ أنبأنا عليّ بن عبد العزيز البرذعي قال أنبأنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ نبأنا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن وهب الوهبي ابن أخي عبد الله بن وهب قال سمعت محمّد بن إدريس يقول ولدت باليمن، فخافت أمي على الضيعة، وقالت: الحق بأهلك فتكون مثلهم، فإني أخاف أن تغلب على نسبك، فجهزتني إلى مكة فقدمتها وأنا يومئذ ابن عشر أو شبيه بذلك، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبه حتى رزقني الله منه ما رزق .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ قَالَ أنبأنا عليّ بن عبد العزيز البرذعيّ قال نبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال نبأنا أبي قَالَ سمعت عمرو بن سواد يقول: قَالَ لي الشافعي ولدت بعسقلان، فلما أتى على سنتان حملتني أمي إلى مكة، وكانت نهمتي في شيئين، في الرمي وطلب العلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة، وسكت عن العلم. فقلت له: أنت والله في العلم أكثر منك في الرمي .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بندار الإستراباذي ببيت المقدس قَالَ أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الطيني بإستراباذ قال: نبأنا أَبُو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد قَالَ نبأنا الربيع قَالَ سمعت الشافعي يقول كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في الحر. قال: وقال لي الشافعي:
كنت أصيب من عشرة تسعة. أو نحوا مما قَالَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بن شاذي الهمداني قال نبأنا أبو نصر منصور بن عبد الله الهروي الصوفي بهمذان قَالَ: سمعت أبا الحسن المغازلي يقول سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فسلم عليّ وصافحني، وخلع خاتمه وجعله في إصبعي، وكان لي عم ففسرها لي فقال لي أما مصافحتك لعليّ فأمن من العذاب، وأما خلع خاتمه فجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب .
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبأني الحسن بن الحسين أبو عليّ الفقيه الهمداني قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود الرَّقِّيّ قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول: والله فشا ذكر الشافعي في الناس بالعلم كما فشا ذكر علي بن أبي طالب .
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس قال نبأنا يونس بن حبيب قال نبأنا أبو داود قال نبأنا جعفر بن سليمان بن النّضر بن سعيد الْكِنْدِيِّ- أَوِ الْعَبْدِيِّ- عَنِ الْجَارُود، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسُبُّوا قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلأُ الأَرْضَ عِلْمًا، اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَذَقْتَ أَوَّلَهَا عَذَابًا، أَوْ وَبَالا، فَأَذِقْ آخِرَهَا نَوَالا » .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيل بْن علي الإستراباذي قال نبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ بنيسابور قال نبأنا محمّد بن إبراهيم المؤذّن قال نبأنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّد- هُوَ أَبُو نُعَيْمٍ، قال نبأنا محمّد بن عوف قال نبأنا الحكم بن نافع قال نبأنا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي هريرة، عن رسول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلأُ طِبَاقَ الأَرْضِ عِلْمًا، اللَّهُمَّ كَمَا أَذَقْتَهُمْ عَذَابًا فَأَذِقْهُمْ نَوَالا» دعا بها ثلاث مرات .
قَالَ عبد الملك بن محمد في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فإن عالمها يملأ الأرض علما، ويملأ طباق الأرض» علامة بينة للمميز أن المراد بذلك، رجل من علماء هذا الأمة من قريش قد ظهر علمه وانتشر في البلاد، وكتبوا تآليفه كما تكتب المصاحف، واستظهروا وأقواله، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر، فإنه لم يبلغ مبلغا يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم ومسيئلات ، وليس في كل بلد من بلاد المسلمين مدرس ومفت ومصنف يصنف على مذهب قرشي إلا على مذهبه، فعلم أنه يعنيه لا غيره. وهو الذي شرح الأصول والفروع، وازدادت على مر الأيام حسنا وبيانا .
أخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطّبريّ قال نبأنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْضَاوِيُّ قَالَ أنبأنا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود الرَّقِّيّ قال سمعت الرّبيع بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ نَاظَرَ الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بِالرَّقَّةِ، فَقَطَعَهُ الشَّافِعِيُّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ هَارُونَ الرَّشِيدَ، فَقَالَ هَارُونُ أَمَا عَلِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا نَاظَرَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ سَائِلا أَوْ مُجِيبًا؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلا تَقَدَّمُوهَا، وَتَعَلَّمُوا مِنْهَا وَلا تُعَلِّمُوهَا، فَإِنَّ عِلْمَ الْعَالِمِ مِنْهُمْ يَسَعُ طِبَاقَ الأَرْضِ » .
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحافظ قال نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس قال نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَبْدِيُّ قال نا عثمان بن صالح قال نا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ شُرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لا أَعْلَمُهُ إِلا في النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ إِلَى هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا » .
أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي قال: نا عبد الرحمن بن عمر بن نصر الدمشقي قال نا أبو محمّد بن الورد قال نا أبو سعيد الفريابي قَالَ: قَالَ أحمد بن حنبل: إن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب. فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشّافعيّ رضي الله عنهما .
أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن أيوب القاضي إجازة قال نا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي غسان البصري قال: نا زكريا بن يحيى الساجي.
وَأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الملك القرشي قراءة قَالَ نا عيّاش بن الحسن قال: نا محمّد ابن الحسين الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا الساجي قَالَ حَدَّثَنِي الفضل بن زياد، عن أحمد بن حنبل قَالَ: هذا الذي ترون كله أو عامته من الشافعي، وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو الله للشافعي واستغفر له .
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي بنيسابور قال نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ المصري قال نا الشّافعيّ محمّد بن إدريس قال نا إسماعيل بن قسطنطين قَالَ قرأت على شبل وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي، وَقَالَ ابن عباس وقرأ أبي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشافعي وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين وكان يقول:
القرآن اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من «قرأت» ، ولو أخذ من «قرأت» لكان كل ما قرئ قرآنا، ولكنه اسم للقرآن، مثل: التوراة والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن، إذا قرأت «القرآن» بهمز «قرأت» ولا يهمز «القرآن » .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عبد الله الطبري قال نا أحمد بن عبد الله بن الخضر المعدل قال نا عليّ بن محمّد بن سعيد قال نا أحمد بن إبراهيم الطّائي الأقطع قال نا إسماعيل بن يحيى قَالَ سمعت الشافعي يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ بْنِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ الْقَاضِي بِصُورَ قال نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيُّ بِصَيْدَا قَالَ سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الضرير بمكة يقول قَالَ أبي سمعت عمي يقول سمعت الشافعي يقول أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن فما علمت أنه مر بي حرف إلا وقد علمت المعنى فيه والمراد ما خلا حرفين. قَالَ أبي: حفظت أحدهما ونسيت الآخر، أحدهما «دساها» .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعيد الفقيه قال نا عيّاش بن الحسن بن عيّاش قال نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا بن يحيى بن عبد الرّحمن قال نبأنا محمد بن إسماعيل قَالَ حَدَّثَنِي حسين بن علي- يعني الكرابيسي- قَالَ بت مع الشافعي غير ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل فما رايته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ منها وسأل النجاة لنفسه ولجميع المسلمين. قَالَ فكأنما جمع له الرّجاء والرهبة جميعا .
قال الشيخ أبو بكر قد كان الشافعي بأخرة يديم التلاوة، ويدرج القراءة.
فأخبرنا علي بن المحسن القاضي قَالَ: نا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الصفار قَالَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ بِمصر قَالَ سمعتُ الربيع بْن سُلَيْمَان يَقُولُ كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة وفي كل يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة .
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ قال نا أبي قال نا إبراهيم بن محمّد بن محمّد بن الحسن قال نا الربيع قَالَ كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة. قلت: في صلاة رمضان؟ قَالَ:
نعم .
أخبرنا إسماعيل بن عليّ الأستراباذي قال أنبأنا محمّد بن عبد الله الحافظ قال
أَخْبَرَنِي الزبير بن عبد الواحد قَالَ سمعت عباس بن الحسين قَالَ سمعت بحر بن نصر يقول: كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا بعضنا لبعض قوموا بنا إلى هذا الفتى المطّلبي نقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس بين يديه ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة من حسن صوته .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطبري قال نبأنا عليّ بن إبراهيم البيضاوي قال أنبأنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الجارود الرَّقِّيّ قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول: كان الشافعي يفتي وله خمس عشرة سنة، وكان يحيي الليل إلى أن مات .
حَدَّثَنِي الحسن بْن أَبِي طالب قال نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال نبأنا محمد بن محمد الباغندي قَالَ حَدَّثَنِي الربيع بن سليمان قال نبأنا الحميدي عبد الله بن الزبير قَالَ: سمعت مسلم بن خالد الزنجي- ومر على الشافعي وهو يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة- فقال: يا أبا عبد الله أفت فقد آن لك أن تفتى .
قال الشيخ أبو بكر: هكذا ذكر في هذه الحكاية عن الحميدي أنه سمع مسلم بن خالد- ومر على الشافعي وهو ابن خمس عشرة سنة يفتي فقال له: أفت. وليس ذلك بمستقيم، لأن الحميدي كان يصغر عن إدراك الشافعي وله تلك السن. والصواب :
ما أَخْبَرَنَا علي بن المحسن قال نبأنا محمّد بن إسحاق الصّفّار قال نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت عبد الله بن الزبير الحميدي يقول قَالَ مسلم بن خالد الزنجي للشافعي: يا أبا عبد الله أفت الناس، آن لك والله أن تفتي، وهو ابن دون عشرين سنة .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قال نبأنا دعلج بن أحمد قَالَ سمعت جعفر بن أحمد الشاماتي يقول سمعت جعفرا بن أخي أبي ثور يقول سمعت عمي يقول كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني
القرآن ويجمع فنون الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب «الرسالة» . قَالَ عبد الرحمن بن مهدي: ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها .
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حيّان قال نبأنا عبدان بن أحمد قال نبأنا عمرو بن العباس قَالَ سمعتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي- وذكر الشّافعيّ- فقال: أنبأنا حسان بن محمد قَالَ سمعت ابن سريج يقول عن أبي بكر بن الجنيد قَالَ حج بشر المريسي فرجع، فقال لأصحابه: رأيت شابا من قريش بمكة ما أخاف على مذهبنا إلا منه- يعني الشافعي .
أَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه قال أنبأنا عيّاش بن الحسن قال نبأنا محمّد ابن حسن الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا بن يحيى قَالَ حدّثني المحسن بن محمد الزعفراني قَالَ حج بشر المريسي سنة إلى مكة ثم قدم فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلا ما رأيت مثله سائلا ولا مجيبا- يعني الشافعي- قَالَ فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، واجتمع إليه الناس وخفوا عن بشر، فجئت إلى بشر يوما فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم قد قدم، فقال: إنه قد تغير عما كان عليه. قَالَ الزعفراني: فما كان مثله إلا كمثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم؟ قالوا: شرُّنا وابن شرُّنا .
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر قَالَ نا عليّ بن عبد العزيز البرذعيّ قال نا عبد الرّحمن ابن أبي حاتم قال نا علي بن الحسن الهسنجاني قَالَ سمعت أبا إسماعيل الترمذي قَالَ سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما تكلم أحد بالرأي- وذكر الثوري، والأوزاعي، ومالكا، وأبا حنيفة- إلا والشافعي أكثر: أتباعا، وأقل خطأ منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قَالَ أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال نبأنا محمد بن إسماعيل الرقي قَالَ حَدَّثَنِي الربيع بن سلمان قَالَ سمعت بعض من يقول سمعت إسحاق بن راهويه يقول أخذ أحمد بن حنبل بيدي وقال: تعال حتى أذهب بك إلى من لم تر عيناك مثله، فذهب بي إلى الشّافعيّ.
حَدَّثَني الْحَسَنُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن عُمَرَ التمار قَالَ نبأنا محمد بن عبد الله الشافعي قَالَ حدثوني عن إبراهيم الحربي أنه قَالَ قَالَ أستاذ الأستاذين. قالوا:
من هو؟ قَالَ: الشافعي أليس هو أستاذ أحمد بن حنبل؟
أَخْبَرَنِي عَبْد الْغَفَّارِ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ قال نبأنا عمر بن أحمد الواعظ قال نبأنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد قَالَ سمعت الميموني بالرقة يقول سمعت أحمد ابن حنبل يقول ستة أدعو لهم سحرا، أحدهم الشافعي .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ نبأنا محمد بن خلف بن جيان الخلال قَالَ:
حَدَّثَنِي عمر بن الحسن، عن أبي القاسم بن منيع قَالَ حَدَّثَنِي صالح بن أحمد بن حنبل قَالَ: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى بن معين فقال له: يا أبا عبد الله، أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته؟ فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك .
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا الحسن بن الحسين الفقيه الهمداني قال نبأنا محمّد بن هارون الزنجاني بزنجان قال نبأنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قلت لأبي يا أبة أى شيء كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ فقال لي: يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟ .
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي علي الأَصْبَهَانِيّ قَالَ: أخبرنا أبو على الحسين بن محمد الشافعي بالأهواز قَالَ أنبأنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد سُلَيْمَان بْن الأشعث يَقُولُ: ما رأيت أحمد بن حنبل يميل إلى أحد ميله إلى الشافعي .
أَخْبَرَنَا علي بن المحسن القاضي قال أنبأنا عليّ بن عبد العزيز البرذعيّ قال نبأنا عَبْد الرحمن بْن أَبِي حاتم قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عثمان الخوارزمي- نزيل مكة- فِيما كتب إلى، قال نبأنا أبو أيوب حميد بن أحمد البصري قَالَ كنت عند أحمد بن حنبل
نتذاكر في مسألة فقال رجل لأحمد: يا أبا عبد الله لا يصح فيه حديث، فقال إن لم يصح فيه حديث ففيه قول الشافعي، وحجته أثبت شيء فيه. ثم قَالَ: قلت للشافعي ما تقول في مسألة كذا وكذا؟ قَالَ فأجاب فيها. فقلت: من أين قلت؟ هل فيه حديث أو كتاب؟ قَالَ: بلى. فنزع في ذلك حديثا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حديث نص .
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قَالَ نبأنا أحمد بن العباس قَالَ سمعت علي بن عثمان وجعفر الوراق يقولان سمعنا أبا عبيد يقول ما رأيت أعقل من الشافعي .
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي قال أنبأنا أبو عبد الله المؤذن محمد بن عبد الله النيسابوري قَالَ أَخْبَرَنِي القاسم بن غانم قَالَ سمعت أبا عبد اللَّه البوشنجي يقول سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: الشّافعيّ إمام .
أخبرني الأزهري قال أنبأنا الحسن بن الحسين الهمداني قَالَ حَدَّثَنِي الزبير بن عبد الواحد الأسدآبادي قال نبأنا الحسن بن سفيان قال نبأنا أبو ثور قال من زعم أنه على رأى مثل محمد بن إدريس في علمه وفصاحته ومعرفته وثباته وتمكنه فقد كذب، كان محمد بن إدريس الشافعي منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله لم يُعتض منه .
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أيوب إجازة قَالَ أنبأنا علي بن أحمد بن أبي غسان قَالَ نبأنا زكريا بن يحيى الساجي.
وَأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الملك قراءة قال أنبأنا عياش بن الحسن قال نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال أنبأنا زكريا بن يحيى قَالَ حَدَّثَنِي ابن بنت الشافعي قَالَ سمعتُ أَبَا الوليد بْن أبي الجارود يقول: ما رأيت أحدا إلا وكتبه أكثر من مشاهدته إلا الشافعي، فإن لسانه كان أكثر من كتابه .
وَقَالَ زكريا حَدَّثَنِي أبو بكر بن سعدان قَالَ سمعت هارون بن سعيد الأيلي يقول:
لو أن الشافعي ناظر على هذه العمود التي من حجارة أنها من خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة .
أخبرنا إسماعيل بن عليّ قال أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الطيني قَالَ نبأنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ نبأنا محمد بن يزداد قَالَ سمعت أحمد بن علي الجرجاني يقول: كان الحميدي إذا جرى عنده ذكر الشافعي يقول حَدَّثَنَا سيد الفقهاء الشافعي .
أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ بْن عِياض القاضي بصور قال أنبأنا محمد بن أحمد بن جميع قَالَ قرأت على أبي طالب عمر بن الربيع بن سليمان حدثكم أحمد بن عبد الله قَالَ سمعت حرملة يقول سمعت الشافعي يقول: سميت ببغداد ناصر الحديث .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ نبأنا محمد بن خلف بن جيان الخلال قَالَ نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن دبيس الحداد قَالَ نبأنا محمد بن الحسن بن الجنيد قَالَ سمعت الحسن بن محمد يقول كنا نختلف إلى الشّافعيّ عند ما قدم إلى بغداد ستة أنفس، أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وحارث النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، وأنا، ورجل آخر سماه، وما عرضنا على الشافعي كتبه إلا وأحمد بن حنبل حاضر لذلك .
قرأت على الحسن بن عثمان الواعظ، عَن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش قال نبأنا أبو نعيم الإستراباذي قَالَ: سئل الزعفراني وقيل له أي سنة قدم بغداد الشافعي؟ قَالَ قدم سنة خمس وتسعين ومائة. قَالَ: وسألته: كان مخضوبا؟ قَالَ: نعم.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا أحمد بن بندار بن إسحاق قال نبأنا أبو الطيب أحمد بن روح البغدادي قَالَ نبأنا الْحَسَن بن مُحَمَّد الزعفراني قَالَ قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومائة، فأقام عندنا سنتين، ثم خرج إلى مكة، ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين، فأقام عندنا أشهرا ثم خرج، وكان يخضب بالحناء، وكان خفيف العارضين .
أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمّد المجهّر قَالَ سمعت عبد العزيز الحنبلي- صاحب الزجاج- يقول سمعت أبا الفضل الزجاج يقول لما قدم الشّافعيّ إلى بغداد
وكان في الجامع إما نيف وأربعون حلقة أو خمسون حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة ويقول لهم: قَالَ الله وَقَالَ الرسول. وهم يقولون: قَالَ أصحابنا.
حتى ما بقي في المسجد حلقة غيره .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس الفضل بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأبهري قَالَ: سمعت أبا عبد الله محمّد ابن أحمد بن عبد الأحد الأندلسي بأصبهان قال سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الجارود الرَّقِّيّ قَالَ سمعت المزني يَقُولُ رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فسألته عن الشافعي فقال لي: «من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي، فإنه مني وأنا منه » .
أخبرنا الأزهري قال أنبأنا الحسن بن الحسين الهمداني قال نبأنا الزبير بن عبد الواحد الأسدآبادي قال نبأنا أبو عمران موسى بن عمران القلزمي بها قال نبأنا أبو عبد الله السكري في مجلس الربيع بن سليمان قال نبأنا أحمد بن حسن الترمذي قَالَ: كنت في الروضة فأغفيت، فإذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقبل، فقمت إليه فقلت: يا رسول الله، قد كثر الاختلاف في الدين، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال: أف، ونفض يده. قلت فما تقول في رأي مالك؟ فرفع يده وطأطأ وَقَالَ: أصاب وأخطأ. قلت: فما تقول في رأي الشافعي؟ قَالَ: بأبي ابن عمي أحيا سنتي.
أنشدني هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي الشيرازي قَالَ أنشدنا المظفر بن أحمد بن محمد الفقيه قَالَ أنشدني علي بن محمد الجرجاني لبعضهم:
مثل الشافعي في العلماء
... مثل البدر في نجوم السماء
قل لمن قاسه بنعمان جهلا
... أيقاس الضياء بالظلماء
أَخْبَرَنِي أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ الروياني قال نبأنا عياش بن الحسن ابن عياش قَالَ سمعت أحمد بن عيسى بن الهيثم التمار يقول سمعت عبيد بن محمد ابن خلف البزاز يقول: سئل أبو ثور فقيل له: أيما أفقه الشافعي أو محمد بن الحسن؟
فقال أبو ثور: الشافعي أفقه من محمد، وأبي يوسف، وأبي حنيفة، وحماد، وإبراهيم، وعلقمة، والأسود.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قَالَ نبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ قال سمعت
إبراهيم بن علي بن عبد الرحيم بالموصل يحكي عن الربيع قَالَ: سمعت الشافعي يقول في قصة ذكرها:
قد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر
... ومن دونها أرض المهامة والقفر
فو الله ما أدري أللفوز والغنى
... أساق إليها أم أساق إلى قبري ؟
قَالَ: فو الله ما كان إلا بعد قليل حتى سيق إليهما جميعا.
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر قال أنبأنا عليّ بن عبد العزيز قال أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ المصري قَالَ: ولد الشافعي في سنة خمسين ومائة، ومات في آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين. عاش أربعا وخمسين سنة .
أخبرنا أبو سعد المالينيّ قال أنبأنا عبد الله بن عدي الحافظ قَالَ: قرأت على قبر محمد بن إدريس الشافعي بمصر، على لوحين حجارة أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، نسبه إلى إبراهيم الخليل عليه السلام.
هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ الجنة حق، وأن النار حق، وأن السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يبعث من في القبور، وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين، عليه حي وعليه مات وعليه يبعث حيا إن شاء الله. توفي أبو عبد الله ليوم بقي من رجب سنة أربع ومائتين .
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي الإستراباذي قَالَ سمعت طاهر بن محمّد البكريّ يقول:
نبأنا الحسن بن حبيب الدمشقي قَالَ حَدَّثَنِي الربيع بن سليمان قَالَ رأيت الشافعي بعد وفاته في المنام فقلت: يا أبا عبد اللَّه ما صنع الله بك؟ قَالَ: أجلسني على كرسي من ذهب ونثر علي اللؤلؤ الرطب .
قرأت على أبي بكر محمد بن موسى الخوارزمي، عن أبي عبد الله محمد بن المعلى الأزدي قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ الأزدي يرثي أبا عبد الله الشّافعيّ:
بملتفتيه للمشيب طوالع
... ذوائد عن ورد التصابي روادع
تصرّفنه طوع العنان وربما
... دعاه الصبا فاقتاده وهو طائع
ومن لم يزعه لبه وحياؤه
... فليس له من شيب فوديه وازع
هل النافر المدعو للحظ راجع
... أم النصح مقبول أم الوعظ نافع؟
أم الهمك المهموم بالجمع عالم
... بأن الذي يرعى من المال ضائع؟
وأن قصاراه على فرط ضنه
... فراق الذي أضحى له وهو جامع
ويخمل ذكر المرء ذي المال بعده
... ولكن جمع العلم للمرء رافع
ألم تر آثار ابن إدريس بعده
... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد
... وتنخفض الأعلام وهي فوارع
مناهج فيها للهدى متصرف
... موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستنبطاتها
... لما حكم التفريق فيه جوامع
لرأى ابن إدريس ابن عم محمد
... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المعضلات المشكلات تشابهت
... سما منه نور في دجاهن لامع
أبى الله إلا رفعه وعلوه
... وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخى الهدى فاستنقذته يد التقى
... من الزيغ إن الزيغ للمرء صارع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه
... لحكم رسول الله في الناس تابع
وعول في أحكامه وقضائه
... على ما قضى في الوحي والحق ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه
... إليه إذا لم يخش لبسا مسارع
جرت لبحور العلم أمداد فكره
... لها مدد في العالمين يتابع
وأنشا له منشية من خير معدن
... خلائق هن الباهرات البوارع
تسربل بالتقوى وليدا وناشئا
... وخص بلب الكهل مذ هو يافع
وهذب حتى لم تشر بفضيلة
... إذا التمست إلا إليه الأصابع
فمن يك علم الشافعي إمامه
... فمرتعه في باحة العلم واسع
سلام على قبر تضمن جسمه
... وجادت عليه المدجنات الهوامع
لقد غيبت أثراؤه جسم ماجد
... جليل إذا التفت عليه المجامع
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه
... لهن لما حكمن فيه فواجع
فأحكامه فينا بدور زواهر
... وآثاره فينا نجوم طوالع
سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بْن عَبْد الله الطبري يقول: لقد جمع أبو بكر بن دريد قوافيه في صدفها ، ووضع أوصافه في حقها، فيما رثى به أفصح الفقهاء لسانا، وأبرعهم بيانا، وأجزلهم ألفاظا، وأغزرهم علما، وأثبتهم نحيزة، وأكثرهم نصيرة:
وإذا قرأت كلامه قدرته
... سحبان أو يوفي على سحبان
لو كان شاهده معد خاطبا
... وذوو الفصاحة من بني قحطان
لأقر كل طائعين بأنه
... أولاهم بفصاحة وبيان
هادي الأنام من الضلالة والعمى
... ومجيرها من جاحم النيران
رب العلوم إذا أجال قداحه
... لم يختلف في فوزهن اثنان
ذو فطنة في المشكلات وخاطر
... أمضى وأنفذ من شباة سنان
وإذا تفكر عالم في كتبه
... يبغي التقى وشرائط الإيمان
متبينا للدين غير مقلد
... يسمو بهمته إلى الرضوان
أضحت وجوه الحق في صفحاتها
... ترمى إليه بواضح البرهان
من حجة ضمن الوفاء بنصرها
... نص الرسول ومحكم القرآن
ودلالة تجلو مطالع سيرها
... غر القرائح من ذوى الأذهان
حتى ترى متبصرا في دينه
... مغلول غرب الشك بالإيقان
الله وفقه اتباع رسوله
... وكتابه الأصلين في التبيان
وأمده من عنده بمعونة
... حتى أناف بها على الأعيان
وأراه بطلان المذاهب قبله
... ممّن قضى بالرأي والحسبان
قال الشيخ أبو بكر لو استوفينا مناقب الشافعي وأخباره لاشتملت على عدة من الأجزاء، لكن اقتصرنا منها على هذا المقدار، ميلا إلى التخفيف، وإيثارا للاختصار، ونحن نورد معالم الشافعي ومناقبه على الاستقصاء في كتب نفرده لها، إن شاء الله.
الإمام زين الفقهاء، وتاج العلماء، ولد بغزة من بلاد الشام، وقيل باليمن، ونشأ بمكة وكتب العلم بها وبمدينة الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدم بغداد مرتين، وحدث بها وخرج إلى مصر فنزلها إلى حين وفاته.
وكان سمع من مالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة، وداود بن عبد الرحمن، وَعبد العزيز بْن مُحَمَّد الدراوردي، وَمسلم بْن خالد الزنجي، وإبراهيم ابن أبي يحيى، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وعبد الله بن المؤمل المخزومي، وإبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة، وعمه محمد بن علي بن شافع، وعبد الله بن الحارث المخزومي، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك وَعبد المجيد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد، ومحمد بن عثمان بن صفوان الجمحي، وسعيد بن سالم القداح، ويحيى ابن سليم الطائفي، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وإسماعيل بن جعفر، ومطرف بن مازن، وهشام بن يوسف، ويحيى بن حسان التنيسي ، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وإسماعيل بن علية، وغير هؤلاء. حدث عنه سليمان بن داود الهاشمي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بن خالد، والحسين بن علي الكرابيسي، والحسن بن محمّد ابن الصباح الزعفراني، وَأبو يَحْيَى مُحَمَّد بْن سَعِيد الْعَطَّار، وَغيرهم. وكتاب الشافعي الذي يسمى القديم هو الذي عند البغداديين خاصة عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي قال أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ قَالَ نبأنا الحسن بن محمّد بن الصباح قال نبأنا محمّد بن إدريس الشّافعيّ قال: أنبأنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءُوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَ خَطْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ » .
أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي بنيسابور قال: نبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال أنبأنا الربيع بن سليمان بن كامل المرادي المؤذن المصري صاحب الشافعي. قَالَ الشافعي محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بْن إلياس بْن مضر بْن نزار بْن معد بْن عدنان. ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَيُّوبَ العكبري فيما أجاز لنا قَالَ أنبأنا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي غسان البصري بها قال نبأنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي. وَأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الملك القرشي قراءة قَالَ أنبأنا عيّاش بن الحسن البندار قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا بن يحيى الساجي قَالَ سمعت الجهمي أحمد بن محمد بن حميد النسابة يقول: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. وقد ولده هاشم بن عبد مناف ثلاث مرار، أمّ السّائب الشّفاء بنت الأرقم ابن هاشم بن عبد مناف. أسر السائب يوم بدر كافرا وكان يشبه بالنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم، وأمّ الشّفاء بنت الأرقم خلدة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وأم عبيد بن عبد يزيد العجلة بنت عجلان بن البياع بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وأم عبد يزيد الشفا بنت هاشم بن عبد مناف بن قصي، كان يقال لعبد يزيد محض لا قني فيه، وأم هاشم بن المطلب خديجة بنت سعيد بن سعد بن سهم، وأم هاشم والمطلب وعبد شمس بنى عبد مناف عاتكة بنت مرة السلمية، وأم شافع أم ولد .
سَمِعْتُ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ طَاهِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ يَقُولُ: شَافِعُ بْنُ السَّائِبِ الَّذِي يُنْسَبُ الشَّافِعِيُّ إِلَيْهِ، قَدْ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَرَعْرِعٌ، وَأَسْلَمَ أَبُوهُ السَّائِبَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَايَةِ بَنِي هَاشِمٍ فَأُسِرَ وَفْدَا نَفْسَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ أَنْ تفتدى؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُحَرمُ الْمُؤْمِنِينَ طَمَعًا لَهُمْ فِيَّ. قَالَ القاضي وَقَالَ بعض أهل العلم بالنسب وقد وصف الشافعي أنه شقيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نسبه، وشريكه في حسبه، لم تنل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طهارة في مولده، وفضيلة في آبائه، إلا وهو قسيمه فيها، إلى أن افترقا من عبد مناف، فزوج المطلب ابنه هاشما الشفا بنت هاشم ابن عبد مناف، فولدت له عبد يزيد جد الشافعي، وكان يقال لعبد يزيد المحض لا قذى فيه. فقد ولي الشافعي الهاشمان هاشم بن المطلب وهاشم بن عبد مناف.
والشافعي ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عمته، لأن المطلب عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والشّفا بنت هاشم بن عبد مناف أخت عبد المطلب عمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. وأما أم الشافعي فهي أزدية، وقد
قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الأزد جرثومة العرب » .
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطيّ قال أنبأنا محمّد بن جعفر التّميميّ بالكوفة قال نا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حامد بن إدريس البلخي قَالَ سمعت نصر بن المكي يقول سمعت ابن عبد الحكم يقول لما أن حملت أم الشافعي به رأت كأن المشترى خرج من فرجها حتى انقض بمصر، ثم وقع في كل بلد منه شظية، فتأول أصحاب الرؤيا أنه يخرج منها عالم يخص علمه أهل مصر، ثم يتفرق في سائر البلدان .
أَخْبَرَنَا محمد بن أحمد بن رزق قال نبأنا أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بن شيظم القاضي قدم للحج- قال أنبأنا نصر بن مكي ببلخ قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْن عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ لي مُحَمَّد بن إدريس الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين- يعني ومائة- وحملت إِلَى مكة وأنا ابن سنتين .
قَالَ وَأَخْبَرَنِي غيره عَنِ الشافعي قَالَ: لم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم فِي الحداثة، أذهب إِلَى الديوان أستوهب الظهور أكتب فيها .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ أنبأنا عليّ بن عبد العزيز البرذعي قال أنبأنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ نبأنا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن وهب الوهبي ابن أخي عبد الله بن وهب قال سمعت محمّد بن إدريس يقول ولدت باليمن، فخافت أمي على الضيعة، وقالت: الحق بأهلك فتكون مثلهم، فإني أخاف أن تغلب على نسبك، فجهزتني إلى مكة فقدمتها وأنا يومئذ ابن عشر أو شبيه بذلك، فصرت إلى نسيب لي، وجعلت أطلب العلم فيقول لي: لا تشتغل بهذا، وأقبل على ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبه حتى رزقني الله منه ما رزق .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ قَالَ أنبأنا عليّ بن عبد العزيز البرذعيّ قال نبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال نبأنا أبي قَالَ سمعت عمرو بن سواد يقول: قَالَ لي الشافعي ولدت بعسقلان، فلما أتى على سنتان حملتني أمي إلى مكة، وكانت نهمتي في شيئين، في الرمي وطلب العلم، فنلت من الرمي حتى كنت أصيب من عشرة عشرة، وسكت عن العلم. فقلت له: أنت والله في العلم أكثر منك في الرمي .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بندار الإستراباذي ببيت المقدس قَالَ أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الطيني بإستراباذ قال: نبأنا أَبُو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد قَالَ نبأنا الربيع قَالَ سمعت الشافعي يقول كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي أخاف أن يصيبك السل من كثرة وقوفك في الحر. قال: وقال لي الشافعي:
كنت أصيب من عشرة تسعة. أو نحوا مما قَالَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بن شاذي الهمداني قال نبأنا أبو نصر منصور بن عبد الله الهروي الصوفي بهمذان قَالَ: سمعت أبا الحسن المغازلي يقول سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول رأيت علي بن أبي طالب في النوم، فسلم عليّ وصافحني، وخلع خاتمه وجعله في إصبعي، وكان لي عم ففسرها لي فقال لي أما مصافحتك لعليّ فأمن من العذاب، وأما خلع خاتمه فجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم علي في الشرق والغرب .
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبأني الحسن بن الحسين أبو عليّ الفقيه الهمداني قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود الرَّقِّيّ قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول: والله فشا ذكر الشافعي في الناس بالعلم كما فشا ذكر علي بن أبي طالب .
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس قال نبأنا يونس بن حبيب قال نبأنا أبو داود قال نبأنا جعفر بن سليمان بن النّضر بن سعيد الْكِنْدِيِّ- أَوِ الْعَبْدِيِّ- عَنِ الْجَارُود، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسُبُّوا قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلأُ الأَرْضَ عِلْمًا، اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَذَقْتَ أَوَّلَهَا عَذَابًا، أَوْ وَبَالا، فَأَذِقْ آخِرَهَا نَوَالا » .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيل بْن علي الإستراباذي قال نبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ بنيسابور قال نبأنا محمّد بن إبراهيم المؤذّن قال نبأنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّد- هُوَ أَبُو نُعَيْمٍ، قال نبأنا محمّد بن عوف قال نبأنا الحكم بن نافع قال نبأنا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي هريرة، عن رسول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ قُرَيْشًا فَإِنَّ عَالِمَهَا يَمْلأُ طِبَاقَ الأَرْضِ عِلْمًا، اللَّهُمَّ كَمَا أَذَقْتَهُمْ عَذَابًا فَأَذِقْهُمْ نَوَالا» دعا بها ثلاث مرات .
قَالَ عبد الملك بن محمد في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فإن عالمها يملأ الأرض علما، ويملأ طباق الأرض» علامة بينة للمميز أن المراد بذلك، رجل من علماء هذا الأمة من قريش قد ظهر علمه وانتشر في البلاد، وكتبوا تآليفه كما تكتب المصاحف، واستظهروا وأقواله، وهذه صفة لا نعلمها قد أحاطت إلا بالشافعي، إذ كان كل واحد من قريش من علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر، فإنه لم يبلغ مبلغا يقع تأويل هذه الرواية عليه، إذ كان لكل واحد منهم نتف وقطع من العلم ومسيئلات ، وليس في كل بلد من بلاد المسلمين مدرس ومفت ومصنف يصنف على مذهب قرشي إلا على مذهبه، فعلم أنه يعنيه لا غيره. وهو الذي شرح الأصول والفروع، وازدادت على مر الأيام حسنا وبيانا .
أخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطّبريّ قال نبأنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَيْضَاوِيُّ قَالَ أنبأنا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود الرَّقِّيّ قال سمعت الرّبيع بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ نَاظَرَ الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بِالرَّقَّةِ، فَقَطَعَهُ الشَّافِعِيُّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ هَارُونَ الرَّشِيدَ، فَقَالَ هَارُونُ أَمَا عَلِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا نَاظَرَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ سَائِلا أَوْ مُجِيبًا؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلا تَقَدَّمُوهَا، وَتَعَلَّمُوا مِنْهَا وَلا تُعَلِّمُوهَا، فَإِنَّ عِلْمَ الْعَالِمِ مِنْهُمْ يَسَعُ طِبَاقَ الأَرْضِ » .
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحافظ قال نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس قال نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَبْدِيُّ قال نا عثمان بن صالح قال نا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ شُرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لا أَعْلَمُهُ إِلا في النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ إِلَى هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا » .
أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي قال: نا عبد الرحمن بن عمر بن نصر الدمشقي قال نا أبو محمّد بن الورد قال نا أبو سعيد الفريابي قَالَ: قَالَ أحمد بن حنبل: إن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن، وينفي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب. فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشّافعيّ رضي الله عنهما .
أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن أيوب القاضي إجازة قال نا عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي غسان البصري قال: نا زكريا بن يحيى الساجي.
وَأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الملك القرشي قراءة قَالَ نا عيّاش بن الحسن قال: نا محمّد ابن الحسين الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا الساجي قَالَ حَدَّثَنِي الفضل بن زياد، عن أحمد بن حنبل قَالَ: هذا الذي ترون كله أو عامته من الشافعي، وما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو الله للشافعي واستغفر له .
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي بنيسابور قال نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ المصري قال نا الشّافعيّ محمّد بن إدريس قال نا إسماعيل بن قسطنطين قَالَ قرأت على شبل وأخبر شبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير، وأخبر عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي، وَقَالَ ابن عباس وقرأ أبي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشافعي وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين وكان يقول:
القرآن اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من «قرأت» ، ولو أخذ من «قرأت» لكان كل ما قرئ قرآنا، ولكنه اسم للقرآن، مثل: التوراة والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن، إذا قرأت «القرآن» بهمز «قرأت» ولا يهمز «القرآن » .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عبد الله الطبري قال نا أحمد بن عبد الله بن الخضر المعدل قال نا عليّ بن محمّد بن سعيد قال نا أحمد بن إبراهيم الطّائي الأقطع قال نا إسماعيل بن يحيى قَالَ سمعت الشافعي يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ بْنِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ الْقَاضِي بِصُورَ قال نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيُّ بِصَيْدَا قَالَ سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الضرير بمكة يقول قَالَ أبي سمعت عمي يقول سمعت الشافعي يقول أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن فما علمت أنه مر بي حرف إلا وقد علمت المعنى فيه والمراد ما خلا حرفين. قَالَ أبي: حفظت أحدهما ونسيت الآخر، أحدهما «دساها» .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعيد الفقيه قال نا عيّاش بن الحسن بن عيّاش قال نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا بن يحيى بن عبد الرّحمن قال نبأنا محمد بن إسماعيل قَالَ حَدَّثَنِي حسين بن علي- يعني الكرابيسي- قَالَ بت مع الشافعي غير ليلة فكان يصلي نحو ثلث الليل فما رايته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمر بآية عذاب إلا تعوذ منها وسأل النجاة لنفسه ولجميع المسلمين. قَالَ فكأنما جمع له الرّجاء والرهبة جميعا .
قال الشيخ أبو بكر قد كان الشافعي بأخرة يديم التلاوة، ويدرج القراءة.
فأخبرنا علي بن المحسن القاضي قَالَ: نا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الصفار قَالَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ بِمصر قَالَ سمعتُ الربيع بْن سُلَيْمَان يَقُولُ كان الشافعي يختم في كل ليلة ختمة، فإذا كان شهر رمضان ختم في كل ليلة منه ختمة وفي كل يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستين ختمة .
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ قال نا أبي قال نا إبراهيم بن محمّد بن محمّد بن الحسن قال نا الربيع قَالَ كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة. قلت: في صلاة رمضان؟ قَالَ:
نعم .
أخبرنا إسماعيل بن عليّ الأستراباذي قال أنبأنا محمّد بن عبد الله الحافظ قال
أَخْبَرَنِي الزبير بن عبد الواحد قَالَ سمعت عباس بن الحسين قَالَ سمعت بحر بن نصر يقول: كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا بعضنا لبعض قوموا بنا إلى هذا الفتى المطّلبي نقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس بين يديه ويكثر عجيجهم بالبكاء، فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة من حسن صوته .
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطبري قال نبأنا عليّ بن إبراهيم البيضاوي قال أنبأنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الجارود الرَّقِّيّ قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول: كان الشافعي يفتي وله خمس عشرة سنة، وكان يحيي الليل إلى أن مات .
حَدَّثَنِي الحسن بْن أَبِي طالب قال نبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال نبأنا محمد بن محمد الباغندي قَالَ حَدَّثَنِي الربيع بن سليمان قال نبأنا الحميدي عبد الله بن الزبير قَالَ: سمعت مسلم بن خالد الزنجي- ومر على الشافعي وهو يفتي وهو ابن خمس عشرة سنة- فقال: يا أبا عبد الله أفت فقد آن لك أن تفتى .
قال الشيخ أبو بكر: هكذا ذكر في هذه الحكاية عن الحميدي أنه سمع مسلم بن خالد- ومر على الشافعي وهو ابن خمس عشرة سنة يفتي فقال له: أفت. وليس ذلك بمستقيم، لأن الحميدي كان يصغر عن إدراك الشافعي وله تلك السن. والصواب :
ما أَخْبَرَنَا علي بن المحسن قال نبأنا محمّد بن إسحاق الصّفّار قال نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت عبد الله بن الزبير الحميدي يقول قَالَ مسلم بن خالد الزنجي للشافعي: يا أبا عبد الله أفت الناس، آن لك والله أن تفتي، وهو ابن دون عشرين سنة .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قال نبأنا دعلج بن أحمد قَالَ سمعت جعفر بن أحمد الشاماتي يقول سمعت جعفرا بن أخي أبي ثور يقول سمعت عمي يقول كتب عبد الرحمن بن مهدي إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني
القرآن ويجمع فنون الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع له كتاب «الرسالة» . قَالَ عبد الرحمن بن مهدي: ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها .
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حيّان قال نبأنا عبدان بن أحمد قال نبأنا عمرو بن العباس قَالَ سمعتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي- وذكر الشّافعيّ- فقال: أنبأنا حسان بن محمد قَالَ سمعت ابن سريج يقول عن أبي بكر بن الجنيد قَالَ حج بشر المريسي فرجع، فقال لأصحابه: رأيت شابا من قريش بمكة ما أخاف على مذهبنا إلا منه- يعني الشافعي .
أَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه قال أنبأنا عيّاش بن الحسن قال نبأنا محمّد ابن حسن الزعفراني قَالَ أَخْبَرَنِي زكريا بن يحيى قَالَ حدّثني المحسن بن محمد الزعفراني قَالَ حج بشر المريسي سنة إلى مكة ثم قدم فقال: لقد رأيت بالحجاز رجلا ما رأيت مثله سائلا ولا مجيبا- يعني الشافعي- قَالَ فقدم الشافعي علينا بعد ذلك بغداد، واجتمع إليه الناس وخفوا عن بشر، فجئت إلى بشر يوما فقلت: هذا الشافعي الذي كنت تزعم قد قدم، فقال: إنه قد تغير عما كان عليه. قَالَ الزعفراني: فما كان مثله إلا كمثل اليهود في أمر عبد الله بن سلام حيث قالوا سيدنا وابن سيدنا، فقال لهم: فإن أسلم؟ قالوا: شرُّنا وابن شرُّنا .
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر قَالَ نا عليّ بن عبد العزيز البرذعيّ قال نا عبد الرّحمن ابن أبي حاتم قال نا علي بن الحسن الهسنجاني قَالَ سمعت أبا إسماعيل الترمذي قَالَ سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما تكلم أحد بالرأي- وذكر الثوري، والأوزاعي، ومالكا، وأبا حنيفة- إلا والشافعي أكثر: أتباعا، وأقل خطأ منه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق قَالَ أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال نبأنا محمد بن إسماعيل الرقي قَالَ حَدَّثَنِي الربيع بن سلمان قَالَ سمعت بعض من يقول سمعت إسحاق بن راهويه يقول أخذ أحمد بن حنبل بيدي وقال: تعال حتى أذهب بك إلى من لم تر عيناك مثله، فذهب بي إلى الشّافعيّ.
حَدَّثَني الْحَسَنُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن عُمَرَ التمار قَالَ نبأنا محمد بن عبد الله الشافعي قَالَ حدثوني عن إبراهيم الحربي أنه قَالَ قَالَ أستاذ الأستاذين. قالوا:
من هو؟ قَالَ: الشافعي أليس هو أستاذ أحمد بن حنبل؟
أَخْبَرَنِي عَبْد الْغَفَّارِ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ قال نبأنا عمر بن أحمد الواعظ قال نبأنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد قَالَ سمعت الميموني بالرقة يقول سمعت أحمد ابن حنبل يقول ستة أدعو لهم سحرا، أحدهم الشافعي .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ نبأنا محمد بن خلف بن جيان الخلال قَالَ:
حَدَّثَنِي عمر بن الحسن، عن أبي القاسم بن منيع قَالَ حَدَّثَنِي صالح بن أحمد بن حنبل قَالَ: مشى أبي مع بغلة الشافعي، فبعث إليه يحيى بن معين فقال له: يا أبا عبد الله، أما رضيت إلا أن تمشي مع بغلته؟ فقال: يا أبا زكريا، لو مشيت من الجانب الآخر كان أنفع لك .
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا الحسن بن الحسين الفقيه الهمداني قال نبأنا محمّد بن هارون الزنجاني بزنجان قال نبأنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قلت لأبي يا أبة أى شيء كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ فقال لي: يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟ .
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي علي الأَصْبَهَانِيّ قَالَ: أخبرنا أبو على الحسين بن محمد الشافعي بالأهواز قَالَ أنبأنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد سُلَيْمَان بْن الأشعث يَقُولُ: ما رأيت أحمد بن حنبل يميل إلى أحد ميله إلى الشافعي .
أَخْبَرَنَا علي بن المحسن القاضي قال أنبأنا عليّ بن عبد العزيز البرذعيّ قال نبأنا عَبْد الرحمن بْن أَبِي حاتم قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عثمان الخوارزمي- نزيل مكة- فِيما كتب إلى، قال نبأنا أبو أيوب حميد بن أحمد البصري قَالَ كنت عند أحمد بن حنبل
نتذاكر في مسألة فقال رجل لأحمد: يا أبا عبد الله لا يصح فيه حديث، فقال إن لم يصح فيه حديث ففيه قول الشافعي، وحجته أثبت شيء فيه. ثم قَالَ: قلت للشافعي ما تقول في مسألة كذا وكذا؟ قَالَ فأجاب فيها. فقلت: من أين قلت؟ هل فيه حديث أو كتاب؟ قَالَ: بلى. فنزع في ذلك حديثا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حديث نص .
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قَالَ نبأنا أحمد بن العباس قَالَ سمعت علي بن عثمان وجعفر الوراق يقولان سمعنا أبا عبيد يقول ما رأيت أعقل من الشافعي .
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي قال أنبأنا أبو عبد الله المؤذن محمد بن عبد الله النيسابوري قَالَ أَخْبَرَنِي القاسم بن غانم قَالَ سمعت أبا عبد اللَّه البوشنجي يقول سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد يقول: الشّافعيّ إمام .
أخبرني الأزهري قال أنبأنا الحسن بن الحسين الهمداني قَالَ حَدَّثَنِي الزبير بن عبد الواحد الأسدآبادي قال نبأنا الحسن بن سفيان قال نبأنا أبو ثور قال من زعم أنه على رأى مثل محمد بن إدريس في علمه وفصاحته ومعرفته وثباته وتمكنه فقد كذب، كان محمد بن إدريس الشافعي منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله لم يُعتض منه .
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أيوب إجازة قَالَ أنبأنا علي بن أحمد بن أبي غسان قَالَ نبأنا زكريا بن يحيى الساجي.
وَأَخْبَرَنَا محمد بن عبد الملك قراءة قال أنبأنا عياش بن الحسن قال نبأنا محمّد بن الحسين الزعفراني قال أنبأنا زكريا بن يحيى قَالَ حَدَّثَنِي ابن بنت الشافعي قَالَ سمعتُ أَبَا الوليد بْن أبي الجارود يقول: ما رأيت أحدا إلا وكتبه أكثر من مشاهدته إلا الشافعي، فإن لسانه كان أكثر من كتابه .
وَقَالَ زكريا حَدَّثَنِي أبو بكر بن سعدان قَالَ سمعت هارون بن سعيد الأيلي يقول:
لو أن الشافعي ناظر على هذه العمود التي من حجارة أنها من خشب لغلب، لاقتداره على المناظرة .
أخبرنا إسماعيل بن عليّ قال أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الطيني قَالَ نبأنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ نبأنا محمد بن يزداد قَالَ سمعت أحمد بن علي الجرجاني يقول: كان الحميدي إذا جرى عنده ذكر الشافعي يقول حَدَّثَنَا سيد الفقهاء الشافعي .
أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيّ بْن عِياض القاضي بصور قال أنبأنا محمد بن أحمد بن جميع قَالَ قرأت على أبي طالب عمر بن الربيع بن سليمان حدثكم أحمد بن عبد الله قَالَ سمعت حرملة يقول سمعت الشافعي يقول: سميت ببغداد ناصر الحديث .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ نبأنا محمد بن خلف بن جيان الخلال قَالَ نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن دبيس الحداد قَالَ نبأنا محمد بن الحسن بن الجنيد قَالَ سمعت الحسن بن محمد يقول كنا نختلف إلى الشّافعيّ عند ما قدم إلى بغداد ستة أنفس، أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وحارث النقال، وأبو عبد الرحمن الشافعي، وأنا، ورجل آخر سماه، وما عرضنا على الشافعي كتبه إلا وأحمد بن حنبل حاضر لذلك .
قرأت على الحسن بن عثمان الواعظ، عَن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النقاش قال نبأنا أبو نعيم الإستراباذي قَالَ: سئل الزعفراني وقيل له أي سنة قدم بغداد الشافعي؟ قَالَ قدم سنة خمس وتسعين ومائة. قَالَ: وسألته: كان مخضوبا؟ قَالَ: نعم.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قال نبأنا أحمد بن بندار بن إسحاق قال نبأنا أبو الطيب أحمد بن روح البغدادي قَالَ نبأنا الْحَسَن بن مُحَمَّد الزعفراني قَالَ قدم علينا الشافعي بغداد سنة خمس وتسعين ومائة، فأقام عندنا سنتين، ثم خرج إلى مكة، ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين، فأقام عندنا أشهرا ثم خرج، وكان يخضب بالحناء، وكان خفيف العارضين .
أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمّد المجهّر قَالَ سمعت عبد العزيز الحنبلي- صاحب الزجاج- يقول سمعت أبا الفضل الزجاج يقول لما قدم الشّافعيّ إلى بغداد
وكان في الجامع إما نيف وأربعون حلقة أو خمسون حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة ويقول لهم: قَالَ الله وَقَالَ الرسول. وهم يقولون: قَالَ أصحابنا.
حتى ما بقي في المسجد حلقة غيره .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاس الفضل بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأبهري قَالَ: سمعت أبا عبد الله محمّد ابن أحمد بن عبد الأحد الأندلسي بأصبهان قال سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الجارود الرَّقِّيّ قَالَ سمعت المزني يَقُولُ رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، فسألته عن الشافعي فقال لي: «من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي، فإنه مني وأنا منه » .
أخبرنا الأزهري قال أنبأنا الحسن بن الحسين الهمداني قال نبأنا الزبير بن عبد الواحد الأسدآبادي قال نبأنا أبو عمران موسى بن عمران القلزمي بها قال نبأنا أبو عبد الله السكري في مجلس الربيع بن سليمان قال نبأنا أحمد بن حسن الترمذي قَالَ: كنت في الروضة فأغفيت، فإذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقبل، فقمت إليه فقلت: يا رسول الله، قد كثر الاختلاف في الدين، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال: أف، ونفض يده. قلت فما تقول في رأي مالك؟ فرفع يده وطأطأ وَقَالَ: أصاب وأخطأ. قلت: فما تقول في رأي الشافعي؟ قَالَ: بأبي ابن عمي أحيا سنتي.
أنشدني هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي الشيرازي قَالَ أنشدنا المظفر بن أحمد بن محمد الفقيه قَالَ أنشدني علي بن محمد الجرجاني لبعضهم:
مثل الشافعي في العلماء
... مثل البدر في نجوم السماء
قل لمن قاسه بنعمان جهلا
... أيقاس الضياء بالظلماء
أَخْبَرَنِي أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ الروياني قال نبأنا عياش بن الحسن ابن عياش قَالَ سمعت أحمد بن عيسى بن الهيثم التمار يقول سمعت عبيد بن محمد ابن خلف البزاز يقول: سئل أبو ثور فقيل له: أيما أفقه الشافعي أو محمد بن الحسن؟
فقال أبو ثور: الشافعي أفقه من محمد، وأبي يوسف، وأبي حنيفة، وحماد، وإبراهيم، وعلقمة، والأسود.
أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ قَالَ نبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ قال سمعت
إبراهيم بن علي بن عبد الرحيم بالموصل يحكي عن الربيع قَالَ: سمعت الشافعي يقول في قصة ذكرها:
قد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر
... ومن دونها أرض المهامة والقفر
فو الله ما أدري أللفوز والغنى
... أساق إليها أم أساق إلى قبري ؟
قَالَ: فو الله ما كان إلا بعد قليل حتى سيق إليهما جميعا.
أَخْبَرَنَا أحمد بن أبي جعفر قال أنبأنا عليّ بن عبد العزيز قال أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ المصري قَالَ: ولد الشافعي في سنة خمسين ومائة، ومات في آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين. عاش أربعا وخمسين سنة .
أخبرنا أبو سعد المالينيّ قال أنبأنا عبد الله بن عدي الحافظ قَالَ: قرأت على قبر محمد بن إدريس الشافعي بمصر، على لوحين حجارة أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، نسبه إلى إبراهيم الخليل عليه السلام.
هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ الجنة حق، وأن النار حق، وأن السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يبعث من في القبور، وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين، عليه حي وعليه مات وعليه يبعث حيا إن شاء الله. توفي أبو عبد الله ليوم بقي من رجب سنة أربع ومائتين .
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي الإستراباذي قَالَ سمعت طاهر بن محمّد البكريّ يقول:
نبأنا الحسن بن حبيب الدمشقي قَالَ حَدَّثَنِي الربيع بن سليمان قَالَ رأيت الشافعي بعد وفاته في المنام فقلت: يا أبا عبد اللَّه ما صنع الله بك؟ قَالَ: أجلسني على كرسي من ذهب ونثر علي اللؤلؤ الرطب .
قرأت على أبي بكر محمد بن موسى الخوارزمي، عن أبي عبد الله محمد بن المعلى الأزدي قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ الأزدي يرثي أبا عبد الله الشّافعيّ:
بملتفتيه للمشيب طوالع
... ذوائد عن ورد التصابي روادع
تصرّفنه طوع العنان وربما
... دعاه الصبا فاقتاده وهو طائع
ومن لم يزعه لبه وحياؤه
... فليس له من شيب فوديه وازع
هل النافر المدعو للحظ راجع
... أم النصح مقبول أم الوعظ نافع؟
أم الهمك المهموم بالجمع عالم
... بأن الذي يرعى من المال ضائع؟
وأن قصاراه على فرط ضنه
... فراق الذي أضحى له وهو جامع
ويخمل ذكر المرء ذي المال بعده
... ولكن جمع العلم للمرء رافع
ألم تر آثار ابن إدريس بعده
... دلائلها في المشكلات لوامع
معالم يفنى الدهر وهي خوالد
... وتنخفض الأعلام وهي فوارع
مناهج فيها للهدى متصرف
... موارد فيها للرشاد شرائع
ظواهرها حكم ومستنبطاتها
... لما حكم التفريق فيه جوامع
لرأى ابن إدريس ابن عم محمد
... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع
إذا المعضلات المشكلات تشابهت
... سما منه نور في دجاهن لامع
أبى الله إلا رفعه وعلوه
... وليس لما يعليه ذو العرش واضع
توخى الهدى فاستنقذته يد التقى
... من الزيغ إن الزيغ للمرء صارع
ولاذ بآثار الرسول فحكمه
... لحكم رسول الله في الناس تابع
وعول في أحكامه وقضائه
... على ما قضى في الوحي والحق ناصع
بطيء عن الرأي المخوف التباسه
... إليه إذا لم يخش لبسا مسارع
جرت لبحور العلم أمداد فكره
... لها مدد في العالمين يتابع
وأنشا له منشية من خير معدن
... خلائق هن الباهرات البوارع
تسربل بالتقوى وليدا وناشئا
... وخص بلب الكهل مذ هو يافع
وهذب حتى لم تشر بفضيلة
... إذا التمست إلا إليه الأصابع
فمن يك علم الشافعي إمامه
... فمرتعه في باحة العلم واسع
سلام على قبر تضمن جسمه
... وجادت عليه المدجنات الهوامع
لقد غيبت أثراؤه جسم ماجد
... جليل إذا التفت عليه المجامع
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه
... لهن لما حكمن فيه فواجع
فأحكامه فينا بدور زواهر
... وآثاره فينا نجوم طوالع
سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بْن عَبْد الله الطبري يقول: لقد جمع أبو بكر بن دريد قوافيه في صدفها ، ووضع أوصافه في حقها، فيما رثى به أفصح الفقهاء لسانا، وأبرعهم بيانا، وأجزلهم ألفاظا، وأغزرهم علما، وأثبتهم نحيزة، وأكثرهم نصيرة:
وإذا قرأت كلامه قدرته
... سحبان أو يوفي على سحبان
لو كان شاهده معد خاطبا
... وذوو الفصاحة من بني قحطان
لأقر كل طائعين بأنه
... أولاهم بفصاحة وبيان
هادي الأنام من الضلالة والعمى
... ومجيرها من جاحم النيران
رب العلوم إذا أجال قداحه
... لم يختلف في فوزهن اثنان
ذو فطنة في المشكلات وخاطر
... أمضى وأنفذ من شباة سنان
وإذا تفكر عالم في كتبه
... يبغي التقى وشرائط الإيمان
متبينا للدين غير مقلد
... يسمو بهمته إلى الرضوان
أضحت وجوه الحق في صفحاتها
... ترمى إليه بواضح البرهان
من حجة ضمن الوفاء بنصرها
... نص الرسول ومحكم القرآن
ودلالة تجلو مطالع سيرها
... غر القرائح من ذوى الأذهان
حتى ترى متبصرا في دينه
... مغلول غرب الشك بالإيقان
الله وفقه اتباع رسوله
... وكتابه الأصلين في التبيان
وأمده من عنده بمعونة
... حتى أناف بها على الأعيان
وأراه بطلان المذاهب قبله
... ممّن قضى بالرأي والحسبان
قال الشيخ أبو بكر لو استوفينا مناقب الشافعي وأخباره لاشتملت على عدة من الأجزاء، لكن اقتصرنا منها على هذا المقدار، ميلا إلى التخفيف، وإيثارا للاختصار، ونحن نورد معالم الشافعي ومناقبه على الاستقصاء في كتب نفرده لها، إن شاء الله.
مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري، أبو بكر بن أبي طاهر البزاز :
من أهل النصرية، بكر به أبوه فأسمعه من أبي إسحاق إبراهيم البرمكي والقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وأبي الحسن محمد بن أحمد بن الآبنوسي، وأبي الحسن علي بن أبي طالب المكي وأبي الفضل هبة الله بن أحمد بن المأموني، فهؤلاء تفرد بالرواية عنهم. وسمع أيضا بنفسه القاضي أبا يعلى الفراء وعبد العزيز الأنماطي وعبد الله بن الحسن الخلال والقاضي أبا المظفر صاحب إبراهيم النسفي.
وقرأ بنفسه وكتب بخطه، وتفقه في صباه على القاضي أبي يعلى بن الفراء. وقرأ الفرائض والحساب والهندسة حتى برع في جميع ذلك، وله فيه مصنفات.
قرأت بخط أبي الفضل بن سامع: سمعت أبا محمد بن الخشاب يقول: سمعت قاضي المرستان- يعني محمد بن عبد الباقي- يقول: نظرت في كل علم وحصلت منه بعضه أو كله إلا هذا النحو، فإني قليل البضاعة فيه.
أخبرني شهاب بن محمود المزكي بهراة قال: أنبأني أبو سعد بن السمعاني قال:
محمد بن عبد الباقي الأنصاري أسند شيخ بقي على وجه الأرض، وكانت إليه الرحلة من أقطار الأرض، عارف بالقوم، متدين، حسن الكلام، حلو المنطق، مليح المحاورة، ما رأيت أجمع للفنون منه، وكان سريع النسخ، حسن القراءة للحديث. سمعته يقول:
ما أعرف أني ضيعت ساعة من عمري في لهو أو لعب.
مولده في صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ودفن بباب حرب قريبا من بشر الحافي؛ وأوصى أن يكتب على لوح قبره: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ.
من أهل النصرية، بكر به أبوه فأسمعه من أبي إسحاق إبراهيم البرمكي والقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وأبي الحسن محمد بن أحمد بن الآبنوسي، وأبي الحسن علي بن أبي طالب المكي وأبي الفضل هبة الله بن أحمد بن المأموني، فهؤلاء تفرد بالرواية عنهم. وسمع أيضا بنفسه القاضي أبا يعلى الفراء وعبد العزيز الأنماطي وعبد الله بن الحسن الخلال والقاضي أبا المظفر صاحب إبراهيم النسفي.
وقرأ بنفسه وكتب بخطه، وتفقه في صباه على القاضي أبي يعلى بن الفراء. وقرأ الفرائض والحساب والهندسة حتى برع في جميع ذلك، وله فيه مصنفات.
قرأت بخط أبي الفضل بن سامع: سمعت أبا محمد بن الخشاب يقول: سمعت قاضي المرستان- يعني محمد بن عبد الباقي- يقول: نظرت في كل علم وحصلت منه بعضه أو كله إلا هذا النحو، فإني قليل البضاعة فيه.
أخبرني شهاب بن محمود المزكي بهراة قال: أنبأني أبو سعد بن السمعاني قال:
محمد بن عبد الباقي الأنصاري أسند شيخ بقي على وجه الأرض، وكانت إليه الرحلة من أقطار الأرض، عارف بالقوم، متدين، حسن الكلام، حلو المنطق، مليح المحاورة، ما رأيت أجمع للفنون منه، وكان سريع النسخ، حسن القراءة للحديث. سمعته يقول:
ما أعرف أني ضيعت ساعة من عمري في لهو أو لعب.
مولده في صفر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وتوفي في رجب سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ودفن بباب حرب قريبا من بشر الحافي؛ وأوصى أن يكتب على لوح قبره: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ.
مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الطبري الأصل البغدادي أَبُو جعفر ابن الشَّيْخ أَبِي الْحَسَن الكيا الهراسي:
سَمِعَ أبا طَالِب بْن يُوْسٌف وغيره وما أعلمه حدث، توفي فِي ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة.
سَمِعَ أبا طَالِب بْن يُوْسٌف وغيره وما أعلمه حدث، توفي فِي ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة.
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفر الطبري :
سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد
ابن منيع البغوي، ومحمد بن حميد الرازي، وأبا همام الوليد بن شجاع، وأبا كريب محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبا سعيد الأشج، وعمرو بن علي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وخلقا كثيرا نحوهم من أهل العراق، والشام ومصر. حدث عنه أحمد بن كامل الْقَاضِي، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ الشافعي، ومخلد بن جعفر، في آخرين.
أَخْبَرَنِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ نا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَد بْنُ أَبِي طالب الكاتب قالا: نبأنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الكريم أبو زرعة الرّازيّ قال نا ثابت بن محمّد قال نا سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مَكْشُوفَةٍ فَخِذُهُ فَقَالَ لَهُ: «غَطِّ فَخِذَكَ، فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنَ الْعَوْرَةِ »
. قَالَ أبو طالب ذكر أبي أن حديث الثوري غريب، حدث به مخلد وأبو جعفر بن أبي طالب عن الطبري. هكذا قَالَ.
وقد حَدَّثَنَا أبو زرعة الرازي- يعني أحمد بن الحسين- عن ابن نومرد، عن أبي زرعة، عن ثابت، عن الثوري، عن حبيب، عن طاوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلى في كسوف الشمس» . وإلى جنبه حديث أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عباس «مر النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على رجل مكشوفة فخذه » . قَالَ أبي: فيشبه أن يكون أبو زرعة الرازي حدث به مرة من حفظه إن لم يكن الطبري أخطأ عليه فإن القول قول ابن نومرد.
وقد روى عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بن ضمرة، عن علي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ على رجل مكشوفة فخذه. من وجه غير مرضى، فالله أعلم.
قال الشيخ أبو بكر: استوطن الطبري بغداد وأقام بِهَا إِلَى حين وفاته، وكَانَ أحد أئمة العلماء: يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في «تاريخ الأمم والملوك» ، وكتاب في التفسير لم يصنف أحد مثله، وكتاب سماه «تهذيب الآثار» لم أر سواه في معناه إلا أنه لم يتمه، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء، وتفرد. بمسائل حفظت عنه.
وسمعت على بْن عبيد اللَّه بْن عَبْد الغفار اللغوي المعروف بالسمسماني يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الفقيه الإسفرائيني أنه قَالَ: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا. أو كلاما هذا معناه.
أَخْبَرَنَا القاضي أبو عبد الله محمّد قال ثنا عليّ بن أحمد بن الصناع [
... ]
عبيد الله بن أحمد السّمسار وأبي [
... ] أن أبا جعفر الطبري قَالَ لأصحابه:
[أتنشطون لتفسير القرآن. قالوا: كم يكون] قدره؟ فقال ثلاثون [ألف ورقة، فقالوا:
هذا مما تفنى الأعمار] قبل تمامه، فاختصره في [نحو ثلاثة آلاف ورقة. ثم قَالَ:] هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فذكر نحوا مما [ذكره في التفسير فأجابوه بمثل ذلك] . فقال: إنا لله، ماتت الهمم.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن يَعْقُوب قَالَ أَنْبَأَنَا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: سمعت أبا بكر بن بالويه يقول قَالَ لي أبو بكر محمد بن إسحاق- يعني ابن خزيمة- بلغني أنك [كتبت ] التفسير عن محمد بن جرير؟ قلت: بلى كتبت التفسير عنه إملاء. قَالَ: كله؟ قلت: نعم. قَالَ: في أي سنة؟ قلت: من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين. قَالَ فاستعاره مني أبو بكر فرده بعد سنين، ثم قَالَ: قد نظرت فيه من أوله إلى آخره ولم أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.
سمعت أبا حازم عُمَر بْن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ العبدوي بنيسابور يقول سمعت حسينك واسمه الحسين بن علي التميمي يقول لما رجعت من بغداد إلى نيسابور سألني محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لي: ممن سمعت ببغداد؟ فذكرت له جماعة ممن سمعت منهم، فقال هل سمعت من محمد بن جرير شيئا؟ فقلت له: لا إنه ببغداد لا يدخل عليه لأجل الحنابلة، وكانت تمنع منه، فقال: لو سمعت منه لكان خيرا لك من جميع من سمعت منه سواه.
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قَالَ حكى لنا أبو الحسن بن رزقويه، عن أبي علي الطوماري قَالَ كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد إلى المسجد لصلاة التراويح، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره واجتاز على مسجده، فلم يدخله وأنا معه، وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش، فوقف بباب مسجد محمد بن جرير ومحمد يقرأ سورة الرحمن، فاستمع قراءته طويلا، ثم انصرف فقلت له: يا أستاذ، تركت الناس ينتظرونك وجئت تسمع قراءة هذا؟ فقال:
يا أبا علي دع هذا عنك، ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذا القراءة.
أو كما قَالَ.
حَدَّثَنِي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن محمد الخرجوشي الشيرازي لفظا قَالَ سمعت أحمد بن منصور بن محمد الشيرازي يقول سمعت محمد بن أحمد الصحاف السجستاني يقول سمعت أبا العباس البكري من ولد أبي بكر الصديق يقول: جمعت الرحلة بين محمد بن جرير، وَمحمد بْن إسحاق بْن خزيمة، وَمحمد بْن نصر المروزيّ، ومحمّد بن هارون الروياني، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضر بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه: الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لأصحابه أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، قَالَ فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والي مصر يدق الباب، ففتحوا الباب، فنزل عن دابته فقال أيكم محمد بن نصر؟
فقيل: هو هذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ أيكم محمد بن جرير؟ فقالوا هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ أيكم محمد ابن هارون؟ فقالوا هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ أيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة؟ فقالوا هو ذا يصلي. فلما فرغ دفع إليه الصرة وفيها خمسون دينارا. ثم قَالَ: إن الأمير كان قائلا بالأمس، فرأى في المنام خيالا قَالَ إن
المحامد طووا كشحهم جياعا فأنفذ إليكم هذه الصرار، وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أمدكم.
أنشدنا علي بْن عَبْد العزيز الطاهري، ومحمد بْن جعفر بن علان الشروطي قالا أنشدنا مخلد بن جعفر الدقاق قَالَ أنشدنا محمد بن جرير الطبري:
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي
... وأستغني فيستغني صديقي
حيائي حافظ لي ماء وجهي
... ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أني سمحت ببذل وجهي
... لكنت إلى الغنى سهل الطريق
وأنشدنا الطاهري والشروطي قالا: أنشدنا مخلد بن جعفر قَالَ أنشدنا محمد بن جرير:
خلقان لا أرضى طريقهما
... بطر الغنى ومذلة الفقر
فإذا غنيت فلا تكن بطرا
... وإذا افتقرت فته على الدهر
أَخْبَرَنَا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال نبأنا سهل بن أحمد الديباجي قَالَ: قَالَ لنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كتب إلي أحمد بن عيسى العلوي من البلد:
ألا إن إخوان الثقات قليل
... وهل لي إلى ذاك القليل سبيل
سل الناس تعرف غثهم من سمينهم
... فكل عليه شاهد ودليل
قَالَ أبو جعفر: فأجبته:
يسيء أميري الظن في جهد جاهد
... فهل لي بحسن الظن منه سبيل
تأمل أميري ما ظننت وقلته
... فإن جميل الظن منك جميل
أَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه قَالَ: قَالَ لنا عيسى بن حامد بن بشر القاضي: مات محمد بن جرير الطبري يوم السبت بالعشي، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل الْقَاضِي قَالَ: توفي أَبُو جعفر محمد بن جرير الطبري في وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة.
ودفن وقد أضحى النهار من يوم الاثنين غد ذلك اليوم في داره برحبة يعقوب ولم يغير شيبه، وكان السواد في شعر رأسه ولحيته كثيرا.
وَأَخْبَرَنِي أن مولده في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ولم يؤذن به أحد، واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلا الله، وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب، فقال ابن الأعرابي في مرثية له طويلة:
حدث مفظع وخطب جليل
... دق عن مثله اصطبار الصبور
قام ناعي العلوم أجمع لما
... قام ناعي محمد بن جرير
فهوت أنجم لها زاهرات
... مؤذنات رسومها بالدثور
وتغشى ضياءها النير الإش
... راق ثوب الدجنة الديجور
وغدا روضها الأنيق هشيما
... ثم عادت سهولها كالوعور
يا أبا جعفر مضيت حميدا
... غير وإن في الجد والتشمير
بين أجر على اجتهادك موفو
... ر وسعي إلى التقى مشكور
مستحقا به الخلود لدى جن
... ة عدن في غبطة وسرور
قرأت على أبي الحسين هبة الله بن الحسن الأديب لأبي بكر مُحَمَّد بن الحسن بن دريد يرثي أبا جعفر الطبري:
لن تستطيع لأمر الله تعقيبا
... فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبا
وافزع إلى كنف التسليم وارض بما
... قضى المهيمن مكروها ومحبوبا
إن العزاء إذا عزته جائحة
... ذلت عريكته فانقاد مجنوبا
فإن قرنت إليه العزم أيده
... حتى يعود لديه الحزن مغلوبا
فارم الأسى بالأسى يطفي مواقعها
... جمرا خلال ضلوع الصدر مشبوبا
الأسى: الحزن، والأسى جمع أسوة، كقوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
من صاحب الدهر لم يعدم مجلجلة
... يظل منها طوال العيش منكوبا
إنّ البلية لا وفر تزعزعه
... أيدي الحوادث تشتيتا وتشذيبا
ولا تفرق آلاف يفوت بهم
... بين يغادر حبل الوصل مقضوبا
لكن فقدان من أضحى بمصرعه
... نور الهدى وبهاء العلم مسلوبا
أودي أبو جعفر والعلم فاصطحبا
... أعظم بذا صاحبا إذ ذاك مصحوبا
إن المنية لم تتلف به رجلا
... بل أتلفت علما للدين منصوبا
أهدى الردى للثرى إذ نال مهجته
... نجما على من يعادي الحق مصبوبا
كان الزمان به تصفو مشاربه
... فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا
كلا وأيامه الغر التي جعلت
... للعلم نورا وللتقوى محاريبا
لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا
... ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا
أوفى بعهد وأورى عند مظلمة
... زندا وآكد إبراما وتأديبا
منه وأرصن حلما عند مزعجة
... تغادر القلبي الذهن منخوبا
إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة
... أعاد منهجها المطموس ملحوبا
لا يعزب الحلم في عتب وفي نزق
... ولا يجرع ذا الزلات تثريبا
لا يولج اللغو والعوراء مسمعه
... ولا يفارق ما يغشيه تأنيبا
إن قَالَ قاد زمام الصدق منطقه
... أو آثر الصمت أولى النفس تهييبا
لقلبه ناظرا تقوى سما بهما
... فأيقظ الفكر ترغيبا وترهيبا
تجلو مواعظه رين القلوب كما
... يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا
سيان ظاهره البادي وباطنه
... فلا تراه على العلات مجدوبا
لا يأمن العجز والتقصير مادحه
... ولا يخاف على الإطناب تكذيبا
ودت بقاع بلاد الله لو جعلت
... قبرا له فحباها جسمه طيبا
كانت حياتك للدنيا وساكنها
... نورا فأصبح عنها النور محجوبا
لو تعلم الأرض ما وارت لقد خشعت
... أقطارها لك إجلالا وترحيبا
كنت المقوم من زيغ ومن ظلع
... وفاك نصحا وتسديدا وتأديبا
وكنت جامع أخلاق مطهرة
... مهذبا من قراف الجهل تهذيبا
فإن تنلك من الأقدار طالبة
... لم يثنها العجز عما عز مطلوبا
فإن للموت وردا ممقرا فظعا
... على كراهته لا بد مشروبا
إن يندبوك فقد ثلّث عروشهم
... وأصبح العلم مرثيا ومندوبا
ومن أعاجيب ما جاء الزمان به
... وقد يبين لنا الدهر الأعاجيبا
أن قد طوتك غموض الأرض في لحف
... وكنت تملأ منها السهل واللوبا
سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد
ابن منيع البغوي، ومحمد بن حميد الرازي، وأبا همام الوليد بن شجاع، وأبا كريب محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبا سعيد الأشج، وعمرو بن علي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، وخلقا كثيرا نحوهم من أهل العراق، والشام ومصر. حدث عنه أحمد بن كامل الْقَاضِي، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ الشافعي، ومخلد بن جعفر، في آخرين.
أَخْبَرَنِي أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ نا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَد بْنُ أَبِي طالب الكاتب قالا: نبأنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الكريم أبو زرعة الرّازيّ قال نا ثابت بن محمّد قال نا سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مَكْشُوفَةٍ فَخِذُهُ فَقَالَ لَهُ: «غَطِّ فَخِذَكَ، فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنَ الْعَوْرَةِ »
. قَالَ أبو طالب ذكر أبي أن حديث الثوري غريب، حدث به مخلد وأبو جعفر بن أبي طالب عن الطبري. هكذا قَالَ.
وقد حَدَّثَنَا أبو زرعة الرازي- يعني أحمد بن الحسين- عن ابن نومرد، عن أبي زرعة، عن ثابت، عن الثوري، عن حبيب، عن طاوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلى في كسوف الشمس» . وإلى جنبه حديث أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عباس «مر النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على رجل مكشوفة فخذه » . قَالَ أبي: فيشبه أن يكون أبو زرعة الرازي حدث به مرة من حفظه إن لم يكن الطبري أخطأ عليه فإن القول قول ابن نومرد.
وقد روى عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بن ضمرة، عن علي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ على رجل مكشوفة فخذه. من وجه غير مرضى، فالله أعلم.
قال الشيخ أبو بكر: استوطن الطبري بغداد وأقام بِهَا إِلَى حين وفاته، وكَانَ أحد أئمة العلماء: يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في «تاريخ الأمم والملوك» ، وكتاب في التفسير لم يصنف أحد مثله، وكتاب سماه «تهذيب الآثار» لم أر سواه في معناه إلا أنه لم يتمه، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء، وتفرد. بمسائل حفظت عنه.
وسمعت على بْن عبيد اللَّه بْن عَبْد الغفار اللغوي المعروف بالسمسماني يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الفقيه الإسفرائيني أنه قَالَ: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا. أو كلاما هذا معناه.
أَخْبَرَنَا القاضي أبو عبد الله محمّد قال ثنا عليّ بن أحمد بن الصناع [
... ]
عبيد الله بن أحمد السّمسار وأبي [
... ] أن أبا جعفر الطبري قَالَ لأصحابه:
[أتنشطون لتفسير القرآن. قالوا: كم يكون] قدره؟ فقال ثلاثون [ألف ورقة، فقالوا:
هذا مما تفنى الأعمار] قبل تمامه، فاختصره في [نحو ثلاثة آلاف ورقة. ثم قَالَ:] هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فذكر نحوا مما [ذكره في التفسير فأجابوه بمثل ذلك] . فقال: إنا لله، ماتت الهمم.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن يَعْقُوب قَالَ أَنْبَأَنَا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: سمعت أبا بكر بن بالويه يقول قَالَ لي أبو بكر محمد بن إسحاق- يعني ابن خزيمة- بلغني أنك [كتبت ] التفسير عن محمد بن جرير؟ قلت: بلى كتبت التفسير عنه إملاء. قَالَ: كله؟ قلت: نعم. قَالَ: في أي سنة؟ قلت: من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين. قَالَ فاستعاره مني أبو بكر فرده بعد سنين، ثم قَالَ: قد نظرت فيه من أوله إلى آخره ولم أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة.
سمعت أبا حازم عُمَر بْن أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ العبدوي بنيسابور يقول سمعت حسينك واسمه الحسين بن علي التميمي يقول لما رجعت من بغداد إلى نيسابور سألني محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لي: ممن سمعت ببغداد؟ فذكرت له جماعة ممن سمعت منهم، فقال هل سمعت من محمد بن جرير شيئا؟ فقلت له: لا إنه ببغداد لا يدخل عليه لأجل الحنابلة، وكانت تمنع منه، فقال: لو سمعت منه لكان خيرا لك من جميع من سمعت منه سواه.
حَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري قَالَ حكى لنا أبو الحسن بن رزقويه، عن أبي علي الطوماري قَالَ كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد إلى المسجد لصلاة التراويح، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره واجتاز على مسجده، فلم يدخله وأنا معه، وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش، فوقف بباب مسجد محمد بن جرير ومحمد يقرأ سورة الرحمن، فاستمع قراءته طويلا، ثم انصرف فقلت له: يا أستاذ، تركت الناس ينتظرونك وجئت تسمع قراءة هذا؟ فقال:
يا أبا علي دع هذا عنك، ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذا القراءة.
أو كما قَالَ.
حَدَّثَنِي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن محمد الخرجوشي الشيرازي لفظا قَالَ سمعت أحمد بن منصور بن محمد الشيرازي يقول سمعت محمد بن أحمد الصحاف السجستاني يقول سمعت أبا العباس البكري من ولد أبي بكر الصديق يقول: جمعت الرحلة بين محمد بن جرير، وَمحمد بْن إسحاق بْن خزيمة، وَمحمد بْن نصر المروزيّ، ومحمّد بن هارون الروياني، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضر بهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه: الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لأصحابه أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، قَالَ فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والي مصر يدق الباب، ففتحوا الباب، فنزل عن دابته فقال أيكم محمد بن نصر؟
فقيل: هو هذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ أيكم محمد بن جرير؟ فقالوا هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ أيكم محمد ابن هارون؟ فقالوا هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ أيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة؟ فقالوا هو ذا يصلي. فلما فرغ دفع إليه الصرة وفيها خمسون دينارا. ثم قَالَ: إن الأمير كان قائلا بالأمس، فرأى في المنام خيالا قَالَ إن
المحامد طووا كشحهم جياعا فأنفذ إليكم هذه الصرار، وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أمدكم.
أنشدنا علي بْن عَبْد العزيز الطاهري، ومحمد بْن جعفر بن علان الشروطي قالا أنشدنا مخلد بن جعفر الدقاق قَالَ أنشدنا محمد بن جرير الطبري:
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي
... وأستغني فيستغني صديقي
حيائي حافظ لي ماء وجهي
... ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أني سمحت ببذل وجهي
... لكنت إلى الغنى سهل الطريق
وأنشدنا الطاهري والشروطي قالا: أنشدنا مخلد بن جعفر قَالَ أنشدنا محمد بن جرير:
خلقان لا أرضى طريقهما
... بطر الغنى ومذلة الفقر
فإذا غنيت فلا تكن بطرا
... وإذا افتقرت فته على الدهر
أَخْبَرَنَا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال نبأنا سهل بن أحمد الديباجي قَالَ: قَالَ لنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كتب إلي أحمد بن عيسى العلوي من البلد:
ألا إن إخوان الثقات قليل
... وهل لي إلى ذاك القليل سبيل
سل الناس تعرف غثهم من سمينهم
... فكل عليه شاهد ودليل
قَالَ أبو جعفر: فأجبته:
يسيء أميري الظن في جهد جاهد
... فهل لي بحسن الظن منه سبيل
تأمل أميري ما ظننت وقلته
... فإن جميل الظن منك جميل
أَخْبَرَنَا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه قَالَ: قَالَ لنا عيسى بن حامد بن بشر القاضي: مات محمد بن جرير الطبري يوم السبت بالعشي، ودفن يوم الأحد بالغداة في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل الْقَاضِي قَالَ: توفي أَبُو جعفر محمد بن جرير الطبري في وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة.
ودفن وقد أضحى النهار من يوم الاثنين غد ذلك اليوم في داره برحبة يعقوب ولم يغير شيبه، وكان السواد في شعر رأسه ولحيته كثيرا.
وَأَخْبَرَنِي أن مولده في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ولم يؤذن به أحد، واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلا الله، وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب، فقال ابن الأعرابي في مرثية له طويلة:
حدث مفظع وخطب جليل
... دق عن مثله اصطبار الصبور
قام ناعي العلوم أجمع لما
... قام ناعي محمد بن جرير
فهوت أنجم لها زاهرات
... مؤذنات رسومها بالدثور
وتغشى ضياءها النير الإش
... راق ثوب الدجنة الديجور
وغدا روضها الأنيق هشيما
... ثم عادت سهولها كالوعور
يا أبا جعفر مضيت حميدا
... غير وإن في الجد والتشمير
بين أجر على اجتهادك موفو
... ر وسعي إلى التقى مشكور
مستحقا به الخلود لدى جن
... ة عدن في غبطة وسرور
قرأت على أبي الحسين هبة الله بن الحسن الأديب لأبي بكر مُحَمَّد بن الحسن بن دريد يرثي أبا جعفر الطبري:
لن تستطيع لأمر الله تعقيبا
... فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبا
وافزع إلى كنف التسليم وارض بما
... قضى المهيمن مكروها ومحبوبا
إن العزاء إذا عزته جائحة
... ذلت عريكته فانقاد مجنوبا
فإن قرنت إليه العزم أيده
... حتى يعود لديه الحزن مغلوبا
فارم الأسى بالأسى يطفي مواقعها
... جمرا خلال ضلوع الصدر مشبوبا
الأسى: الحزن، والأسى جمع أسوة، كقوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
من صاحب الدهر لم يعدم مجلجلة
... يظل منها طوال العيش منكوبا
إنّ البلية لا وفر تزعزعه
... أيدي الحوادث تشتيتا وتشذيبا
ولا تفرق آلاف يفوت بهم
... بين يغادر حبل الوصل مقضوبا
لكن فقدان من أضحى بمصرعه
... نور الهدى وبهاء العلم مسلوبا
أودي أبو جعفر والعلم فاصطحبا
... أعظم بذا صاحبا إذ ذاك مصحوبا
إن المنية لم تتلف به رجلا
... بل أتلفت علما للدين منصوبا
أهدى الردى للثرى إذ نال مهجته
... نجما على من يعادي الحق مصبوبا
كان الزمان به تصفو مشاربه
... فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا
كلا وأيامه الغر التي جعلت
... للعلم نورا وللتقوى محاريبا
لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا
... ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا
أوفى بعهد وأورى عند مظلمة
... زندا وآكد إبراما وتأديبا
منه وأرصن حلما عند مزعجة
... تغادر القلبي الذهن منخوبا
إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة
... أعاد منهجها المطموس ملحوبا
لا يعزب الحلم في عتب وفي نزق
... ولا يجرع ذا الزلات تثريبا
لا يولج اللغو والعوراء مسمعه
... ولا يفارق ما يغشيه تأنيبا
إن قَالَ قاد زمام الصدق منطقه
... أو آثر الصمت أولى النفس تهييبا
لقلبه ناظرا تقوى سما بهما
... فأيقظ الفكر ترغيبا وترهيبا
تجلو مواعظه رين القلوب كما
... يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا
سيان ظاهره البادي وباطنه
... فلا تراه على العلات مجدوبا
لا يأمن العجز والتقصير مادحه
... ولا يخاف على الإطناب تكذيبا
ودت بقاع بلاد الله لو جعلت
... قبرا له فحباها جسمه طيبا
كانت حياتك للدنيا وساكنها
... نورا فأصبح عنها النور محجوبا
لو تعلم الأرض ما وارت لقد خشعت
... أقطارها لك إجلالا وترحيبا
كنت المقوم من زيغ ومن ظلع
... وفاك نصحا وتسديدا وتأديبا
وكنت جامع أخلاق مطهرة
... مهذبا من قراف الجهل تهذيبا
فإن تنلك من الأقدار طالبة
... لم يثنها العجز عما عز مطلوبا
فإن للموت وردا ممقرا فظعا
... على كراهته لا بد مشروبا
إن يندبوك فقد ثلّث عروشهم
... وأصبح العلم مرثيا ومندوبا
ومن أعاجيب ما جاء الزمان به
... وقد يبين لنا الدهر الأعاجيبا
أن قد طوتك غموض الأرض في لحف
... وكنت تملأ منها السهل واللوبا
مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرٍ الطَّبَرِيُّ
الإِمَامُ، العَلَمُ، المجتهدُ، عَالِمُ العَصر، أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَة، مِنْ أَهْلِ آمُل طَبَرِسْتَان.
مَوْلِدُه: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَكْثَرَ التَّرحَال، وَلقِي نُبَلاَء الرِّجَال، وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْر عِلْماً، وَذكَاءً، وَكَثْرَةَ تَصَانِيْف.
قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مثلَه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ
المُسْتَمْلِي، أَخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيّ، قَالاَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيْع، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - قَالَ لِضُبَاعَة: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ) ، حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ أَعْلَى مَا عِنْدِي عَنِ ابْنِ جَرِيْرٍ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى السُّدِّيّ، وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي مَعْشَر - حَدَّثَهُ بِالمَغَازِي عَنْ أَبِيْهِ - وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْع، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ العَلاَءِ، وَهَنَّاد بنَ السَّرِيّ، وَأَبَا هَمَّام السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، وَبُنْدَاراً، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَسُفْيَانَ بنَ وَكِيْع، وَالفَضْلَ بنَ الصَّبَّاحِ، وَعَبْدَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَسَلْمَ بنَ جُنَادَةَ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَبِشْرَ بنَ مُعَاذٍ العَقَدِيّ، وَسَوَّار بنَ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَمُجَاهِدَ بنَ مُوْسَى، وَتَمِيْمَ بنَ المُنْتَصِر، وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَمهنَّا بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ بنَ سَهْل الرَّمْلِيّ، وَهَارُوْنَ بنَ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيّ، وَالعَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ العُذْرِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو السَّكُوْنِيّ، وَأَحْمَدَ ابْنَ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ،
وَمُحَمَّدَ بنَ مَعْمَر القَيْسِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ بَزِيع، وَصَالِحَ بنَ مِسْمَار المَرْوَزِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْدِيّ، وَعَبْدَ الحمِيدِ بنَ بيَان السُّكَّرِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَالحَسَنَ بنَ الصَّبَّاحِ البَزَّار، وَأَبَا عَمَّارٍ الحُسَيْنَ بنَ حُرَيْث، وَأُمَماً سِوَاهُم.وَاستقرَّ فِي أَوَاخِرِ أَمره بِبَغْدَادَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الاجْتِهَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو شُعَيْب عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَمخلدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي، وَالقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الخَشَّاب، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الكَاتِب، وَعَبْدُ الغَفَّار بنُ عَبيدِ اللهِ الحُضَيْنِي، وَأَبُو المُفَضَّل مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيّ، وَالمُعَلَّى بنُ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ مِنْ أَهْلِ آمُل، كتبَ بِمِصْرَ، وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْف حسنَةً تَدُلُّ عَلَى سَعَة عِلْمِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ :مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرِ بنِ غَالِب: كَانَ أَحَدُ أَئِمَّةِ العُلَمَاء، يُحكم بِقَوله، وَيُرجع إِلَى رأَيهِ لِمَعْرِفَتِهِ وَفَضْله، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُوم مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيْهِ أَحَد مِنْ أَهْلِ عَصْره، فَكَانَ حَافِظاً لكتَاب الله، عَارِفاً بِالقِرَاءات، بَصِيْراً بِالمَعَانِي، فَقِيْهاً فِي أَحْكَام القُرْآن، عَالِماً بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا، صَحيحِهَا وَسَقيمِهَا، وَنَاسِخِهَا وَمَنْسوخِهَا، عَارِفاً بِأَقوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ، عَارِفاً بِأَيَّام النَّاس وَأَخْبَارهم، وَلَهُ الكِتَابُ المَشْهُوْرُ فِي (
أَخْبَار الأُمَم وَتَارِيْخهِم) وَلَهُ كِتَاب (التَّفْسِيْر) لَمْ يصَنّف مثلُه، وَكِتَاب سَمَّاهُ (تَهْذِيْب الآثَار) لَمْ أَرَ سِوَاهُ فِي مَعْنَاهُ، لَكِن لَمْ يُتِمَّه، وَلَهُ فِي أُصُوْل الفِقْه وَفُرُوْعه كتبٌ كَثِيْرَةٌ مِنْ أَقَاويل الفُقَهَاء، وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ حُفِظَت عَنْهُ.قُلْتُ: كَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، حَافِظاً، رَأْساً فِي التَّفْسِيْر، إِمَاماً فِي الفِقْه، وَالإِجْمَاع وَالاخْتِلاَف، عَلاَّمَةٌ فِي التَّارِيْخ وَأَيَّام النَّاس، عَارِفاً بِالقِرَاءات وَبَاللُّغَة، وَغَيْر ذَلِكَ.
قَرَأَ القُرْآنَ بِبَيْرُوْت عَلَى العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ.
ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفرغَانِيّ: أَنَّ مَوْلِدُهُ بآمُل.
وَقِيْلَ: إِنَّ المُكْتَفِي أَرَادَ أَنْ يحبِّسَ وَقفاً تجتمعُ عَلَيْهِ أَقَاويلُ العُلَمَاء، فَأَحضر لَهُ ابْن جَرِيْرٍ، فَأَملَى عَلَيْهِم كِتَاباً لِذَلِكَ، فَأُخْرَجت لَهُ جَائِزَة، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولهَا، فَقِيْلَ لَهُ: لاَ بُدَّ مِنْ قَضَاء حَاجَة.
قَالَ: أسأَلُ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يمْنَع السُّؤال يَوْم الجُمُعَة، فَفَعَل ذَلِكَ.
وَكَذَا التمسَ مِنْهُ الوَزِيْرُ أَنْ يعملَ لَهُ كِتَاباً فِي الفِقْه، فَأَلَّف لَهُ كِتَاب (الخَفِيْف) فَوجَّه إِلَيْهِ بِأَلفِ دِيْنَار، فَرَدَّهَا.
الخَطِيْب: حَدَّثَنِي أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عبيدِ اللهِ الشِّيرَازيُّ الخَرْجُوشِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر الشِّيرَازِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الصحَّاف السِّجِسْتَانِيّ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ البَكْرِيَّ يَقُوْلُ:
جَمعتِ الرِّحلَةُ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِي بِمِصْرَ، فَأَرملُوا وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُم مَا يقُوتُهُم، وَأَضَرَّ بِهِم الْجُوع، فَاجْتَمَعُوا لَيْلَةً فِي مَنْزِلٍ كَانُوا يَأْوونَ إِلَيْهِ، فَاتَّفَقَ رأَيُهُم عَلَى أَنْ يَسْتَهمُوا
وَيضربُوا القُرْعَة، فَمَنْ خَرجتْ عَلَيْهِ القُرعَةُ سَأَلَ لأَصْحَابِهِ الطَّعَام، فَخَرَجت القرعَة عَلَى ابْنِ خُزَيْمَة، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: أَمْهِلونِي حَتَّى أُصَلِّي صَلاَة الخِيرَة.قَالَ: فَاندفعَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِذَا هُم بِالشُّموع وَخَصِيٍّ مِنْ قَبْل وَالِي مِصْر يَدَقُّ البَاب، فَفَتَحُوا، فَقَالَ: أَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ؟
فَقِيْلَ: هُوَ ذَا.
فَأَخْرَجَ صرَّةً فِيْهَا خَمْسُوْنَ دِيْنَاراً، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ؟
فَأَعطَاهُ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَذَلِكَ للرُّويَانِي، وَابْن خُزَيْمَةَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ كَانَ قَائِلاً بِالأَمس، فَرَأَى فِي المَنَامِ أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا كَشْحَهُم، فَأَنفذَ إِلَيْكُم هَذِهِ الصُّرَر، وَأَقسمَ عَلَيْكُم: إِذَا نفدَتْ، فَابْعَثُوا إِلَيَّ أَحَدَكُم.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفرغَانِيُّ فِي (ذيل تَارِيْخه) عَلَى (تَارِيْخ الطَّبَرِي) ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَاد، وَكَانَتْ مَعَهُ بِضَاعَةٌ يتقوَّتُ مِنْهَا، فَسرقت فَأَفضَى بِهِ الحَالُ إِلَى بيعِ ثِيَابِهِ وَكُمَّي قَمِيصِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصدقَائِه: تنشَطُ لتَأَدِيْب بَعْضِ وَلد الوَزِيْر أَبِي الحَسَنِ عبيد اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَان؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَمَضَى الرَّجُل، فَأَحكَمَ لَهُ أَمره، وَعَاد فَأَوصَلَه إِلَى الوَزِيْرِ بَعْدَ أَنْ أَعَاره مَا يلبَسُهُ، فَقرَّبه الوَزِيْر وَرفعَ مَجْلِسه، وَأَجرَى عَلَيْهِ عَشْرَة دَنَانِيْر فِي الشَّهْرِ، فَاشترطَ عَلَيْهِ أَوقَاتَ طلبه لِلْعِلم وَالصَّلوَات وَالرَّاحَة، وَسأَل إِسلافَهُ رِزْقَ شَهْر، فَفَعَل، وَأدخل فِي
حُجْرَة التَّأَدِيْب، وَخَرَجَ إِلَيْهِ الصَّبيّ - وَهُوَ أَبُو يَحْيَى - فَلَمَّا كتَّبه أَخَذَ الخَادِمُ اللَّوْحَ، وَدخلُوا مُسْتَبْشِرين، فَلَمْ تبقَ جَارِيَةٌ إِلاَّ أَهدتْ إِلَيْهِ صينيةٌ فِيْهَا درَاهُمُ وَدنَانير، فردَّ الجَمِيْع وَقَالَ: قَدْ شُورطتُ عَلَى شَيْءٍ، فَلاَ آخُذُ سِوَاهُ.فَدَرَى الوَزِيْر ذَلِكَ، فَأدخلته إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هَؤُلاَءِ عبيدٌ وَهُم لاَ يملكُون فعظُم ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ.
وَكَانَ رُبَّمَا أَهدَى إِلَيْهِ بَعْضُ أَصدقَائِه الشَّيْءَ فيَقْبله، وَيكَافِئُهُ أَضعَافاً لِعِظَمِ مُروءته.
قَالَ الفَرغَانِي: وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي يَذْكُرُ أَنَّ المُكْتَفِي قَالَ لِلْوَزِيْرِ: أُرِيْدُ أَنْ أَقفَ وَقفاً.
فَذَكَرَ القِصَّةَ وَزَاد: فردَّ الأَلفَ عَلَى الوَزِيْرِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: تصدَّق بِهَا.
فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ: أَنْتُم أَوْلَى بِأَمْوَالكُم وَأَعرَفُ بِمَنْ تصدَّقُوْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عبيدِ اللهِ اللُّغَوِيَّ يَحْكِي:
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر مكثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا أَرْبَعِيْنَ وَرقَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَبلغَنِي عَنْ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ أَبِي طَاهِرٍ الإِسْفَرَايينِيُّ الفَقِيْه أَنَّهُ، قَالَ: لَوْ سَافرَ رَجُلٌ إِلَى الصِّينِ حَتَّى يحصِّلَ تَفْسِيْرَ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ لَمْ يَكُنْ كَثِيْراً.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ حُسَيْنَك بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: أَوَّل مَا سَأَلَنِي ابْنُ خُزَيْمَةَ فَقَالَ لِي: كتبتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبرِيّ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: وَلِمَ؟
قُلْتُ: لأَنَّه كَانَ لاَ يَظهر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ تمنعُ مِنَ الدُّخول عَلَيْهِ، قَالَ: بِئس مَا فَعَلْتَ، ليتَكَ لمْ تَكْتُبْ عَنْ كُلِّ مَنْ كتبتَ عَنْهُم، وَسَمِعْتَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ بَالُويه يَقُوْلُ: قَالَ لِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ
خُزَيْمَة: بَلَغَنِي أَنَّك كتبتَ التَّفْسِيْرَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ؟قُلْتُ: بَلَى، كتبتُه عَنْهُ إِمْلاَءً.
قَالَ: كُلّه؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فِي أَي سَنَة؟
قُلْتُ: مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ إِلَى سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ: فَاسْتعَارَهُ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ رَدَّهُ بَعْد سِنِيْنَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ نظرتُ فِيْهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِره، وَمَا أَعْلَمُ عَلَى أَديمِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَلَقَدْ ظَلَمَتْهُ الحَنَابِلَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي: تَمَّ مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ كِتَاب (التَّفْسِيْر) الَّذِي لَوِ ادَّعَى عَالِمٌ أَنْ يصَنِّف مِنْهُ عَشْرَة كُتُبْ، كُلُّ كِتَابٍ مِنْهَا يَحْتوِي عَلَى عِلْمٍ مفرَد مستقصَىً لفعل.
وَتَمَّ مِنْ كُتُبِهِ كِتَاب (التَّارِيْخ) إِلَى عصره، وَتمَّ أَيْضاً كِتَاب (تَارِيْخ الرِّجَال) مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، وَإِلَى شُيُوْخه الَّذِيْنَ لَقِيَهُم، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (لطيف القَوْل فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم) وَهُوَ مَذْهَبُهُ الَّذِي اختَاره، وَجَوَّدَهُ، وَاحتجَّ لَهُ، وَهُوَ ثَلاَثَةٌ وَثَمَانُوْنَ كِتَاباً، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (القرَاءات وَالتنَزِيْل وَالعدد) ، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (اخْتِلاَف عُلَمَاء الأَمصَار) ، وَتم لَهُ كِتَاب (الخَفِيْف فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم) وَهُوَ مُخْتَصَر لطيف، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (التبصير) وَهُوَ رسَالَةٌ إِلَى أَهْل طَبَرِسْتَان، يشرحُ فِيْهَا مَا تقلَّده مِنْ أُصُوْل الدِّيْنِ، وَابتدأَ بِتَصْنِيف كِتَاب (تَهْذِيْب الآثَار) وَهُوَ مِنْ عجَائِب كتبه، ابْتِدَاء بِمَا أَسنده الصِّدِّيقُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَهُ سَنَدُهُ، وَتكلَّم عَلَى كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهُ بِعِلَلِهِ وَطُرُقه، ثُمَّ فِقْهه، وَاخْتِلاَف العُلَمَاء وَحججهُم، وَمَا فِيْهِ مِنَ المَعَانِي وَالغَريب، وَالرَّدّ عَلَى المُلْحِدين، فَتَمَّ مِنْهُ مسندُ العشرَةِ وَأَهْل البَيْت وَالموَالِي، وَبَعْض (مُسْند ابْن عَبَّاسٍ) ، فَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِه.
قُلْتُ: هَذَا لَوْ تمَّ لكَانَ يَجِيْءُ فِي مائَة مُجَلَّد.
قَالَ: وَابتدأَ بِكِتَابه (البَسيط) فَخَرَجَ مِنْهُ كِتَاب (الطهَارَة) فَجَاءَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ وَخَمْسِ مائَة وَرقَة، لأَنَّه ذكرَ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهُ اخْتِلاَفَ الصَّحَابَة
وَالتَّابِعِيْنَ، وَحجَّة كُلِّ قَوْل، وَخَرَجَ مِنْهُ أَيْضاً أَكْثَر كِتَاب الصَّلاَة، وَخَرَجَ مِنْهُ آدَاب الْحُكَّام.وَكِتَاب (المحَاضِر وَالسجلاَت) ، وَكِتَاب (تَرْتِيْب العُلَمَاء) وَهُوَ مِنْ كتبه النفيسَة، ابتدأَه بآدَاب النُّفُوْسِ وَأَقوَال الصُّوْفِيَّة، وَلَمْ يُتِمَّه، وَكِتَاب (المنَاسك) ، وَكِتَاب (شَرْح السُّنَّة) وَهُوَ لطيف، بَيَّنَ فِيْهِ مذهَبَه وَاعْتِقَادَه، وَكِتَابه (المُسْنَد) المخرَّج، يَأْتِي فِيْهِ عَلَى جَمِيْعِ مَا رَوَاهُ الصَّحَابِيُّ مِنْ صَحِيْحٍ وَسقيمٍ، وَلَمْ يُتِمَّه، وَلَمَّا بلغه أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ تَكَلَّمَ فِي حَدِيْث غَدِيْر خُمّ، عَمل كِتَاب (الفَضَائِل) فَبدأَ بِفضل أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَر، وَتكلَّم عَلَى تَصْحِيْحِ حَدِيْث غَدِير خُمّ، وَاحتجَّ لِتَصْحِيْحِهِ، وَلَمْ يتمَّ الكِتَاب.
وَكَانَ مِمَّنْ لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لومَةُ لاَئِم مَعَ عَظِيْم مَا يلحَقُه مِنَ الأَذَى وَالشَّنَاعَات، مِنْ جَاهِل، وَحَاسد، وَمُلحد، فَأَمَّا أَهْلُ الدِّين وَالعِلْم، فغيرُ منكرينَ علمَه، وَزهدَه فِي الدُّنْيَا، وَرفضَهُ لَهَا، وَقنَاعته - رَحِمَهُ اللهُ - بِمَا كَانَ يردُ عَلَيْهِ مِنْ حصَّةٍ مِنْ ضَيعَةٍ خلَّفهَا لَهُ أَبُوْهُ بطَبَرِسْتَان يَسِيْرَة.
وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اسْتخرتُ اللهَ وَسأَلتهُ العُوْنَ عَلَى مَا نويتُهُ مِنْ تصنيفِ التَّفْسِيْر قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَهُ ثَلاَث سِنِيْنَ، فَأَعَاننِي.
القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عبيدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السِّمْسَار، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ عَقِيْلٍ الوَرَّاق:
أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّبرِيَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ تَنْشَطُوْنَ لتَارِيْخِ العَالَمْ مِنْ آدم إِلَى وَقْتِنَا؟
قَالُوا: كم قدرُه؟
فَذكر نَحْو ثَلاَثِيْنَ أَلفِ وَرقَة، فَقَالُوا: هَذَا مِمَّا تَفْنَى
الأَعْمَارُ قَبْل تمَامِه!فَقَالَ: إِنَّا للهِ! مَاتَتِ الهِمَم.
فَاختصرَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ ثَلاَثَةِ آلاَفِ وَرقَة، وَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يُمْلِي التَّفْسِيْرَ قَالَ لَهُم نَحْواً مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَملاَهُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ قدر (التَّارِيْخ) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: أَرْبَعَةٌ كُنْتُ أُحِبُّ بَقَاءهُم: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ جَرِيْرٍ، وَالبَرْبَرِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالمَعْمَرِيّ، فَمَا رَأَيْتُ أَفهَمَ مِنْهُم وَلاَ أَحْفَظ.
قَالَ الفَرغَانِي: وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْز: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ: أَظهرتُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ، وَاقتديتُ بِهِ بِبَغْدَادَ عشرَ سِنِيْنَ، وَتلقَّاهُ مِنِّي ابْنُ بَشَّار الأَحْوَل أُسْتَاذ ابْنِ سُرَيْج.
قَالَ هَارُوْنُ: فَلَمَّا اتَّسَعَ علمُه أَدَّاهُ اجْتِهَادُه وَبحثُه إِلَى مَا اختَارَهُ فِي كُتُبِهِ.
قَالَ الفرغَانِي: وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي، قَالَ: لَمَّا تقلَّد الخَاقَانِيُّ الوِزَارَةَ وَجَّهَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِي بِمَالٍ كَثِيْرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُوله، فَعَرض عَلَيْهِ القَضَاء فَامْتَنَعَ، فَعَرض عَلَيْهِ المَظَالِم فَأَبَى، فَعَاتبه أَصْحَابه وَقَالُوا: لَكَ فِي هَذَا ثَوَاب، وَتُحْيِي سُنَّةً قَدْ دَرَسَتْ.
وَطمعُوا فِي قَبُوله المَظَالِم، فَبَاكروهُ لِيَرْكَبَ مَعَهُم لقبُول ذَلِكَ، فَانتَهَرَهُم وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي لَوْ رغبتُ فِي ذَلِكَ لَنَهَيْتُمُونِي عَنْهُ.
قَالَ: فَانْصَرَفْنَا خَجِلين.
أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلِ ابْنِ الإِمَامِ - صَاحِبِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ -:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر وَهُوَ يُكَلِّم ابْنَ صَالِحٍ الأَعْلَم، وَجرَى ذكر عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ: مَنْ قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعمر ليسَا بِإِمَامِي هدَىً، أَيش هُوَ؟
قَالَ: مبتَدع.
فَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ إِنكَاراً عَلَيْهِ: مُبْتَدِعٌ مُبْتَدِعٌ! هَذَا يُقْتَل.
وَقَالَ مخلدُ البَاقَرحِي: أَنشدنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ لِنَفْسِهِ:
إِذَا أَعْسَرْتُ لَمْ يَعْلَمْ رَفِيْقِي ... وَأَسْتَغْنِي فَيَسْتَغْنِي صَدِيْقِيحَيَائِي حَافِظٌ لِي مَاءَ وَجْهِي ... وَرِفْقِي فِي مُطَالَبَتِي رَفِيْقِي
وَلَوْ أَنِّي سَمَحْتُ بِمَاءِ وَجْهِي ... لكُنْتُ إِلَى العُلَى سَهْلَ الطَّرِيْقِ
وَله:
خُلْقَانِ لاَ أَرْضَى فَعَالَهُمَا ... بَطَرُ الغِنَى وَمَذَلَّةُ الفَقْرِ
فَإِذَا غَنِيْتَ فَلاَ تَكُنْ بَطِراً ... وَإِذَا افْتَقَرْتَ فَتِهْ عَلَى الدَّهْرِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيّ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ وَقتُ صَلاَة الظُّهر مَنْ يَوْم الاثْنَيْنِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيْهِ - فِي آخِره - ابْنُ جَرِيْرٍ طلبَ مَاءً لِيُجَدِّدَ وُضوءهُ، فَقِيْلَ لَهُ: تُؤخِّر الظُّهر تجمع بينهَا وَبَيْنَ العَصْر.
فَأَبَى وَصَلَّى الظُّهر مفردَة، وَالعصرَ فِي وَقتهَا أَتمَّ صَلاَة وَأَحسَنَهَا.
وحضرَ وَقتَ مَوْتِه جَمَاعَةٌ مِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ بنُ كَامِلٍ فَقِيْلَ لَهُ قَبْلَ خُرُوْج روحه: يَا أَبَا جَعْفَرٍ! أَنْتَ الحجَّة فِيْمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله فِيْمَا نَدِينُ بِهِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ توصينَا بِهِ مِنْ أَمر دِيْنِنَا، وَبيِّنَةٍ لَنَا نَرْجُو بِهَا السَّلاَمَة فِي مَعَادِنَا؟
فَقَالَ: الَّذِي أَدينُ اللهَ بِهِ وَأَوصِيْكُم هُوَ مَا ثَبَّتُّ فِي كُتُبِي، فَاعمَلُوا بِهِ وَعَلَيْهِ.
وَكَلاَماً هَذَا مَعْنَاهُ، وَأَكْثَرَ مِنَ التشهّد وَذَكَرَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - وَمسحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَّضَ بصَرَهُ بِيَدِهِ، وَبَسَطَهَا وَقَدْ فَارقَتْ روحُهُ الدُّنْيَا.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَرَحَلَ مِنْ آمُل لمَّا تَرَعْرَعَ وَحفِظَ القُرْآن، وَسمحَ لَهُ أَبُوْهُ فِي أَسفَاره، وَكَانَ طول حيَاتِهِ يمدُّه بِالشَّيْءِ بَعْد
الشَّيْءِ إِلَى البلدَان، فيقتَات بِهِ، وَيَقُوْلُ فِيْمَا سَمِعْتُه: أَبطأَتْ عَنِّي نفقَةُ وَالدِي، وَاضطُرِرْتُ إِلَى أَنْ فتقتُ كُمَّيْ قَمِيصي فَبِعْتُهُمَا.قُلْتُ: جمع طرق حَدِيْث: غَدِيْر خُمّ، فِي أَرْبَعَةِ أَجزَاء، رَأَيْتُ شَطْرَهُ، فَبهَرَنِي سَعَةُ رِوَايَاته، وَجزمتُ بِوُقُوع ذَلِكَ.
قيل لاِبْنِ جَرِيْرٍ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ يُمْلِي فِي مَنَاقِب عليّ.
فَقَالَ: تكبيرَة مِنْ حَارس.
وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ وَبَيْنَ ابْن أَبِي دَاوُدَ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لاَ يُنْصِفُ الآخر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ حزبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، فكَثُرُوا وَشَغَّبُوا عَلَى ابْنِ جَرِيْرٍ، وَنَاله أَذَىً، وَلَزِمَ بيتَه، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى.
وَكَانَ ابْنُ جَرِيْرٍ مِنْ رِجَال الكَمَال، وَشُنِّعَ عَلَيْهِ بِيَسِيْر تشيُّع، وَمَا رأَينَا إِلاَّ الخَيْر، وَبَعْضُهُم ينْقل عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُجِيز مسحَ الرِّجْلَيْن فِي الْوضُوء، وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي كُتُبِه.
وَلأَبِي جَعْفَرٍ فِي تآلِيفه عبارَةٌ وَبلاغَة، فَمِمَّا قَاله فِي كِتَاب (الآدَاب النفيسَة وَالأَخلاَق الحمِيدَة) :القَوْلُ فِي البيَان عَنِ الحَال الَّذِي يَجِبُ عَلَى العَبْد مرَاعَاةُ حَاله فِيْمَا يَصْدُرُ مِنْ عَمَله للهِ عَنْ نَفْسِه، قَالَ: إِنَّهُ لاَ حَالَةَ مِنْ أَحْوَال المُؤْمِن يَغْفُلُ عدُوُّهُ المُوكلُ بِهِ عَنْ دُعَائِه إِلَى سَبِيلهُ، وَالقُعُود لَهُ رَصَداً بِطرق رَبِّهِ المُسْتقيمَة، صَادّاً لَهُ عَنْهَا، كَمَا قَالَ لربِّه - عزَّ ذِكْرُهُ - إِذْ جَعَلَهُ مِنَ المُنْظَرين: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيْمْ ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهم} [الأَعرَاف:16، 17] طَمَعاً مِنْهُ فِي تَصْدِيْقِ ظَنَّهِ عَلَيْهِ إِذْ قَالَ لربِّه: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَتَهُ إِلاَّ قَلِيْلاً} [الإِسرَاء:62] فَحَقٌ عَلَى كُلِّ ذِي حِجَىً أَنْ يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي تَكْذِيب ظَنَّهِ، وَتَخْييْبِهِ مِنْهُ أَمَلَهُ وَسَعْيِهِ فِيْمَا أَرْغَمَهُ، وَلاَ شَيْءَ مِنْ فِعل العَبْد أَبلغُ فِي مكروهِهِ مِنْ طَاعته رَبّهُ، وَعِصْيَانِهِ أَمرَه، وَلاَ شَيْءَ أَسَرُّ إِلَيْهِ مِنْ عِصْيَانِهِ رَبّهُ، وَاتِّبَاعِه أَمرَه.
فَكلامُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ هَذَا النَّمط، وَهُوَ كَثِيْرٌ مُفِيْد.وَقَدْ حَكَى أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ فِي (النشوَار) لَهُ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي ابْنُ منجو القَائِد قَالَ: حَدَّثَنِي غُلاَمٌ لاِبْنِ المزوّق، قَالَ:
اشْتَرَى مَوْلاَيَ جَارِيَة، فَزَوَّجَنِيْهَا، فَأَحْبَبْتُهَا وَأَبْغَضَتْنِي حَتَّى ضَجِرْتُ، فَقُلْتُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقُ ثَلاَثاً، لاَ تُخَاطِبِيْنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، فَكَم أَحتملُكِ؟
فَقَالَتْ فِي الحَال: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً فَأُبْلِسْتُ، فَدُلِلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، فَقَالَ لِي: أَقِمْ مَعَهَا بَعْدَ أَنْ تَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً إِنْ طَلَّقْتُكِ.
فَاسْتَحْسَنَ هَذَا الجَوَاب.
وَذكرَهُ شَيْخُ الحَنَابِلَة ابْنُ عَقِيْلٍ، وَقَالَ: وَلَهُ جَوَابٌ آخر: أَنْ يَقُوْلَ كَقَوْلِها سوَاء: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً - بِفَتْح التَّاء - فَلاَ يَحْنَث.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَمَا كَانَ يلزمُهُ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا ذَاكَ عَلَى الْفَوْر، فَلَهُ التَّمَادِي إِلَى قَبْلِ المَوْت.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً، وَقَصَدَ الاسْتفهَام أَوْ عَنَى أَنَّهَا طَالِقٌ مِنْ وَثَاق، أَوْ عَنَى الطَّلْقَ لَمْ يَقَعْ طلاَقٌ فِي بَاطِن الأَمْر.
وَله جَوَابٌ آخر عَلَى قَاعدَة مُرَاعَاة سَبَب اليَمِين وَنيَّة الحَالف، فَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا مَا قَالَتْهُ، إِذْ مِنَ المَعْلُوْم بِقَرِيْنَةِ الحَال اسْتثنَاءُ ذَلِكَ قطعاً، لأَنَّه مَا قَصَدَ إِلاَّ أَنَّهَا إِذَا قَالَتْ لَهُ مَا يُؤذيه أَنْ يُؤذيهَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ جَاوبهَا بِالطَّلاَقِ لَسُرَّتْ هِيَ، وَلتَأَذَّى هُوَ، كَمَا اسْتُثْنِي مِنْ عُموم قَوْله تَعَالَى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النَّمْل:23] بقرينَة الحَال أَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ لِحْيَةً لاَ إِحليلاً.
وَمِنَ المَعْلُوْم اسْتثنَاؤُهُ بِالضَّرورَة الَّتِي لَمْ يَقْصِدْهَا الحَالفُ قَطُّ لَوْ حلف: لاَ تقولِي لِي شَيْئاً إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، أَنَّهَا لَوْ كَفَرَتْ وَسَبَّتِ الأَنْبِيَاءَ فَلَمْ يُجَاوِبْهَا بِمثلِ ذَلِكَ لأَحسنَ.
ثمَّ يَقُوْلُ طَائِفَةٌ مِنَ الفُقَهَاء: إِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ - وَالعيَاذُ بِاللهِ -
قَصَدَ دُخُوْلَ ذَلِكَ فِي يمِينِهِ.وَأَمَّا عَلَى مَذْهَب دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ حَزْمٍ، وَالشِّيْعَة، وَغَيْرهم، فَلاَ شَيْء عَلَيْهِ، وَرأَوا الحلفَ وَالأَيْمَان بِالطَّلاَق مِنْ أَيْمَان اللَّغْوِ، وَأَنَّ اليَمِين لاَ تنعقدُ إِلاَّ بِاللهِ.
وذهبَ إِمَامٌ فِي زَمَانِنَا إِلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى حضٍّ أَوْ مَنْعٍ بِالطَّلاَق، أَوِ العِتَاق، أَوِ الحَجِّ وَنحو ذَلِكَ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يمِين، وَلاَ طلاَقَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ فِي كِتَاب (التبصير فِي معَالِم الدِّيْنِ) :القَوْل فِيْمَا أُدْرِكَ علمُهُ مِنَ الصِّفَات خَبراً، وَذَلِكَ نَحْو إِخبارِهِ تَعَالَى أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيْرٌ، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِقَوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المَائِدَة:64] وَأَنَّ لَهُ وَجْهاً بِقَوله: {وَيَبْقَى وَجْهَ رَبِّكَ} [الرَّحْمَن:27] وَأَنَّهُ يَضْحَكُ بِقَوله فِي الحَدِيْثِ: (لَقِيَ اللهَ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ ) ، وَ (أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى سمَاء الدُّنْيَا) لخبرِ رَسُوْلِهِ بِذَلِكَ، وَقَالَ
عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (مَا مِنْ قَلْبٍ إِلاَّ وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن ) .إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنَّ هَذِهِ المَعَانِي الَّتِي وُصفت وَنظَائِرهَا مِمَّا وَصَفَ اللهُ نَفْسهُ وَرَسُوْلُه مَا لاَ يَثْبُتُ حَقِيْقَةُ عِلْمِهِ بِالفِكر وَالرَّويَّة، لاَ نُكَفِّرُ بِالجَهْل بِهَا أَحَداً إِلاَّ بَعْد انتهَائِهَا إِلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ: أَخْبَرَنَا زَيْنُ الأُمنَاء الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَسَدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ مُسْتَمْلِي ابْنِ جَرِيْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ بِعَقِيدَتِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ: وَحَسْبُ امرِئٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَبّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْعَرْش اسْتوَى، فَمَنْ تجَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ.
وَهَذَا (تَفْسِيْر) هَذَا الإِمَام مشحونٌ فِي آيَات الصِّفَاتِ بِأَقوَالِ السَّلَفِ عَلَى الإِثْبَات لَهَا، لاَ عَلَى النَّفِي وَالتَّأْوِيْل، وَأَنَّهَا لاَ تُشْبِهُ صِفَاتِ المَخْلُوْقينَ أَبَداً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا المُسْلِمُ بنُ أَحْمَدَ المَازِنِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَكَّ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ هِبَةِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الأَدِيْب لاِبْنِ دُرَيْد.
قُلْتُ: يَرْثِي ابْنَ جَرِيْر:
لَنْ تَسْتَطِيْعَ لأَمْرِ اللهِ تَعْقِيْبَا ... فَاسْتَنْجِدِ الصَّبْرَ أَوْ فَاسْتَشْعِرِ الحُوْبَا
وَافْزَعْ إِلَى كَنَفِ التَّسْلِيم وَارْضَ بِمَا ... قَضَى المُهَيْمِنُ مَكْرُوْهَا وَمَحْبُوبَا
إِنَّ الرَّزِيَّة لاَوَفْرٌ تُزَعْزِعُهُ ... أَيْدِي الحَوَادِثِ تَشْتِيْتاً وَتَشْذِيْبَا
وَلاَ تفرُّق أُلاَّفٍ يَفُوْتُ بِهِم ... بَيْنٌ يُغَادِرُ حَبْلَ الوَصْلِ مَقْضُوبَالَكِنَّ فِقْدَانَ مَنْ أَضحَى بِمَصْرَعِهِ ... نُوْرُ الهُدَى وَبهَاءُ العِلْمِ مَسْلُوْبَا
إِنَّ المنيَّةَ لَمْ تُتْلِفْ بِهِ رَجُلاً ... بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَماً لِلدِّيْنِ مَنْصُوبَا
أَهْدَى الرَّدَى للثَّرَى إِذْ نَالَ مُهْجَتَهُ ... نَجْماً عَلَى مَنْ يُعَادِي الحَقَّ مَصْبُوبَا
كَانَ الزَّمَانُ بِهِ تَصْفُو مَشَارِبُهُ ... فَالآنَ أَصْبَحَ بِالتَّكْدِيْرِ مَقْطُوبَا
كَلاَّ وَأَيَّامُهُ الغُرُّ الَّتِي جَعَلَتْ ... لِلْعِلْمِ نُوْراً وَلِلتَّقْوَى مَحَارِيْبَا
لاَ يَنْسَرِي الدَّهْرُ عَنْ شِبْهٍ لَهُ أَبَداً ... مَا اسْتَوْقَفَ الحَجُّ بِالأَنصَابِ أُرْكُوبَا
إِذَا انتَضَى الرَّأْي فِي إِيضَاحِ مُشْكِلَةٍ ... أَعَادَ مَنْهَجَهَا المَطْمُوْسَ مَلْحُوبَا
لاَ يُوْلِجُ اللَّغْو وَالعَوْرَاء مَسْمَعَهُ ... وَلاَ يُقَارِفُ مَا يُغْشِيْهِ تَأْنِيْبَا
تَجْلُو مَوَاعِظُهُ رَيْنَ القُلُوبِ كَمَا ... يَجْلُو ضِيَاءَ سَنَا الصُّبْحِ الغَيَاهِيْبَا
لاَ يَأْمَنُ العَجْزَ وَالتَّقْصِيْرَ مَادِحُهُ ... وَلاَ يَخَافُ عَلَى الإِطنَابِ تَكْذِيْبَا
وَدَّتْ بِقَاعُ بِلاَدِ اللهِ لَوْ جُعِلَتْ ... قَبْراً لَهُ لَحَبَاهَا جِسْمُهُ طِيْبَا
كَانَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا وَسَاكِنِهَا ... نُوْراً فَأَصْبَحَ عَنْهَا النُّوْرُ مَحْجُوْبَا
لَوْ تَعْلَمُ الأَرْضُ مَنْ وَارَتْ لَقَدْ خَشَعَتْ ... أَقْطَارُهَا لَكَ إِجلاَلاً وَتَرْحِيْبَا
إِنْ يَنْدِبُوْكَ فَقَدْ ثُلَّتْ عُرُوْشُهُمُ ... وَأَصْبَحَ العِلْمُ مَرْثِياً وَمَنْدُوبَا
وَمِنْ أَعَاجِيْبِ مَا جَاءَ الزَّمَانُ بِهِ ... وَقَدْ يُبِيْنُ لَنَا الدَّهْرُ الأَعَاجِيْبَا
أَنْ قَدْ طَوَتْكَ غُمُوْضُ الأَرْضِ فِي لِحفٍ ... وَكُنْتَ تَمْلأُ مِنْهَا السَّهْلَ وَاللُّوبَا قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: تُوُفِّيَ ابْنُ جَرِيْرٍ عَشِيَّة الأَحَدِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ شَوَّال سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي دَارهِ بِرَحْبَةِ يَعْقُوْب - يَعْنِي: بِبَغْدَادَ -.
قَالَ: وَلَمْ يُغَيِّر شَيْبَه، وَكَانَ السَّوَادُ فِيْهِ كَثِيْراً، وَكَانَ أَسمر إِلَى الأُدْمَةِ، أَعْيَنَ، نَحِيْفَ الجِسْمِ، طَوِيْلاً، فَصِيْحاً، وَشَيَّعَهُ مَنْ لاَ يُحْصِيْهُم إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَصُلِّيَ عَلَى قَبْره عِدَّة شهورٍ ليلاً وَنهَاراً إِلَى أَنْ قَالَ: وَرثَاهُ خلقٌ مِنَ الأَدباء وَأَهْل الدِّين، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أَبِي سَعِيْدٍ بن الأَعْرَابِيّ:
حَدَثٌ مُفْظِعٌ وَخَطْبٌ جَلِيْلٌ ... دَقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبُورِ
قَامَ نَاعِي العُلُومِ أَجْمَعِ لمَّا ... قَامَ نَاعِي مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ
الإِمَامُ، العَلَمُ، المجتهدُ، عَالِمُ العَصر، أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَة، مِنْ أَهْلِ آمُل طَبَرِسْتَان.
مَوْلِدُه: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَكْثَرَ التَّرحَال، وَلقِي نُبَلاَء الرِّجَال، وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْر عِلْماً، وَذكَاءً، وَكَثْرَةَ تَصَانِيْف.
قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مثلَه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ
المُسْتَمْلِي، أَخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيّ، قَالاَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيْع، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - قَالَ لِضُبَاعَة: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ) ، حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ أَعْلَى مَا عِنْدِي عَنِ ابْنِ جَرِيْرٍ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى السُّدِّيّ، وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي مَعْشَر - حَدَّثَهُ بِالمَغَازِي عَنْ أَبِيْهِ - وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْع، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ العَلاَءِ، وَهَنَّاد بنَ السَّرِيّ، وَأَبَا هَمَّام السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، وَبُنْدَاراً، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَسُفْيَانَ بنَ وَكِيْع، وَالفَضْلَ بنَ الصَّبَّاحِ، وَعَبْدَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَسَلْمَ بنَ جُنَادَةَ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَبِشْرَ بنَ مُعَاذٍ العَقَدِيّ، وَسَوَّار بنَ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَمُجَاهِدَ بنَ مُوْسَى، وَتَمِيْمَ بنَ المُنْتَصِر، وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَمهنَّا بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ بنَ سَهْل الرَّمْلِيّ، وَهَارُوْنَ بنَ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيّ، وَالعَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ العُذْرِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو السَّكُوْنِيّ، وَأَحْمَدَ ابْنَ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ،
وَمُحَمَّدَ بنَ مَعْمَر القَيْسِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ بَزِيع، وَصَالِحَ بنَ مِسْمَار المَرْوَزِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْدِيّ، وَعَبْدَ الحمِيدِ بنَ بيَان السُّكَّرِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَالحَسَنَ بنَ الصَّبَّاحِ البَزَّار، وَأَبَا عَمَّارٍ الحُسَيْنَ بنَ حُرَيْث، وَأُمَماً سِوَاهُم.وَاستقرَّ فِي أَوَاخِرِ أَمره بِبَغْدَادَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الاجْتِهَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو شُعَيْب عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَمخلدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي، وَالقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الخَشَّاب، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الكَاتِب، وَعَبْدُ الغَفَّار بنُ عَبيدِ اللهِ الحُضَيْنِي، وَأَبُو المُفَضَّل مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيّ، وَالمُعَلَّى بنُ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ مِنْ أَهْلِ آمُل، كتبَ بِمِصْرَ، وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْف حسنَةً تَدُلُّ عَلَى سَعَة عِلْمِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ :مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرِ بنِ غَالِب: كَانَ أَحَدُ أَئِمَّةِ العُلَمَاء، يُحكم بِقَوله، وَيُرجع إِلَى رأَيهِ لِمَعْرِفَتِهِ وَفَضْله، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُوم مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيْهِ أَحَد مِنْ أَهْلِ عَصْره، فَكَانَ حَافِظاً لكتَاب الله، عَارِفاً بِالقِرَاءات، بَصِيْراً بِالمَعَانِي، فَقِيْهاً فِي أَحْكَام القُرْآن، عَالِماً بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا، صَحيحِهَا وَسَقيمِهَا، وَنَاسِخِهَا وَمَنْسوخِهَا، عَارِفاً بِأَقوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ، عَارِفاً بِأَيَّام النَّاس وَأَخْبَارهم، وَلَهُ الكِتَابُ المَشْهُوْرُ فِي (
أَخْبَار الأُمَم وَتَارِيْخهِم) وَلَهُ كِتَاب (التَّفْسِيْر) لَمْ يصَنّف مثلُه، وَكِتَاب سَمَّاهُ (تَهْذِيْب الآثَار) لَمْ أَرَ سِوَاهُ فِي مَعْنَاهُ، لَكِن لَمْ يُتِمَّه، وَلَهُ فِي أُصُوْل الفِقْه وَفُرُوْعه كتبٌ كَثِيْرَةٌ مِنْ أَقَاويل الفُقَهَاء، وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ حُفِظَت عَنْهُ.قُلْتُ: كَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، حَافِظاً، رَأْساً فِي التَّفْسِيْر، إِمَاماً فِي الفِقْه، وَالإِجْمَاع وَالاخْتِلاَف، عَلاَّمَةٌ فِي التَّارِيْخ وَأَيَّام النَّاس، عَارِفاً بِالقِرَاءات وَبَاللُّغَة، وَغَيْر ذَلِكَ.
قَرَأَ القُرْآنَ بِبَيْرُوْت عَلَى العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ.
ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفرغَانِيّ: أَنَّ مَوْلِدُهُ بآمُل.
وَقِيْلَ: إِنَّ المُكْتَفِي أَرَادَ أَنْ يحبِّسَ وَقفاً تجتمعُ عَلَيْهِ أَقَاويلُ العُلَمَاء، فَأَحضر لَهُ ابْن جَرِيْرٍ، فَأَملَى عَلَيْهِم كِتَاباً لِذَلِكَ، فَأُخْرَجت لَهُ جَائِزَة، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولهَا، فَقِيْلَ لَهُ: لاَ بُدَّ مِنْ قَضَاء حَاجَة.
قَالَ: أسأَلُ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يمْنَع السُّؤال يَوْم الجُمُعَة، فَفَعَل ذَلِكَ.
وَكَذَا التمسَ مِنْهُ الوَزِيْرُ أَنْ يعملَ لَهُ كِتَاباً فِي الفِقْه، فَأَلَّف لَهُ كِتَاب (الخَفِيْف) فَوجَّه إِلَيْهِ بِأَلفِ دِيْنَار، فَرَدَّهَا.
الخَطِيْب: حَدَّثَنِي أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عبيدِ اللهِ الشِّيرَازيُّ الخَرْجُوشِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر الشِّيرَازِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الصحَّاف السِّجِسْتَانِيّ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ البَكْرِيَّ يَقُوْلُ:
جَمعتِ الرِّحلَةُ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِي بِمِصْرَ، فَأَرملُوا وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُم مَا يقُوتُهُم، وَأَضَرَّ بِهِم الْجُوع، فَاجْتَمَعُوا لَيْلَةً فِي مَنْزِلٍ كَانُوا يَأْوونَ إِلَيْهِ، فَاتَّفَقَ رأَيُهُم عَلَى أَنْ يَسْتَهمُوا
وَيضربُوا القُرْعَة، فَمَنْ خَرجتْ عَلَيْهِ القُرعَةُ سَأَلَ لأَصْحَابِهِ الطَّعَام، فَخَرَجت القرعَة عَلَى ابْنِ خُزَيْمَة، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: أَمْهِلونِي حَتَّى أُصَلِّي صَلاَة الخِيرَة.قَالَ: فَاندفعَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِذَا هُم بِالشُّموع وَخَصِيٍّ مِنْ قَبْل وَالِي مِصْر يَدَقُّ البَاب، فَفَتَحُوا، فَقَالَ: أَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ؟
فَقِيْلَ: هُوَ ذَا.
فَأَخْرَجَ صرَّةً فِيْهَا خَمْسُوْنَ دِيْنَاراً، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ؟
فَأَعطَاهُ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَذَلِكَ للرُّويَانِي، وَابْن خُزَيْمَةَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ كَانَ قَائِلاً بِالأَمس، فَرَأَى فِي المَنَامِ أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا كَشْحَهُم، فَأَنفذَ إِلَيْكُم هَذِهِ الصُّرَر، وَأَقسمَ عَلَيْكُم: إِذَا نفدَتْ، فَابْعَثُوا إِلَيَّ أَحَدَكُم.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفرغَانِيُّ فِي (ذيل تَارِيْخه) عَلَى (تَارِيْخ الطَّبَرِي) ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَاد، وَكَانَتْ مَعَهُ بِضَاعَةٌ يتقوَّتُ مِنْهَا، فَسرقت فَأَفضَى بِهِ الحَالُ إِلَى بيعِ ثِيَابِهِ وَكُمَّي قَمِيصِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصدقَائِه: تنشَطُ لتَأَدِيْب بَعْضِ وَلد الوَزِيْر أَبِي الحَسَنِ عبيد اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَان؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَمَضَى الرَّجُل، فَأَحكَمَ لَهُ أَمره، وَعَاد فَأَوصَلَه إِلَى الوَزِيْرِ بَعْدَ أَنْ أَعَاره مَا يلبَسُهُ، فَقرَّبه الوَزِيْر وَرفعَ مَجْلِسه، وَأَجرَى عَلَيْهِ عَشْرَة دَنَانِيْر فِي الشَّهْرِ، فَاشترطَ عَلَيْهِ أَوقَاتَ طلبه لِلْعِلم وَالصَّلوَات وَالرَّاحَة، وَسأَل إِسلافَهُ رِزْقَ شَهْر، فَفَعَل، وَأدخل فِي
حُجْرَة التَّأَدِيْب، وَخَرَجَ إِلَيْهِ الصَّبيّ - وَهُوَ أَبُو يَحْيَى - فَلَمَّا كتَّبه أَخَذَ الخَادِمُ اللَّوْحَ، وَدخلُوا مُسْتَبْشِرين، فَلَمْ تبقَ جَارِيَةٌ إِلاَّ أَهدتْ إِلَيْهِ صينيةٌ فِيْهَا درَاهُمُ وَدنَانير، فردَّ الجَمِيْع وَقَالَ: قَدْ شُورطتُ عَلَى شَيْءٍ، فَلاَ آخُذُ سِوَاهُ.فَدَرَى الوَزِيْر ذَلِكَ، فَأدخلته إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هَؤُلاَءِ عبيدٌ وَهُم لاَ يملكُون فعظُم ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ.
وَكَانَ رُبَّمَا أَهدَى إِلَيْهِ بَعْضُ أَصدقَائِه الشَّيْءَ فيَقْبله، وَيكَافِئُهُ أَضعَافاً لِعِظَمِ مُروءته.
قَالَ الفَرغَانِي: وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي يَذْكُرُ أَنَّ المُكْتَفِي قَالَ لِلْوَزِيْرِ: أُرِيْدُ أَنْ أَقفَ وَقفاً.
فَذَكَرَ القِصَّةَ وَزَاد: فردَّ الأَلفَ عَلَى الوَزِيْرِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: تصدَّق بِهَا.
فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ: أَنْتُم أَوْلَى بِأَمْوَالكُم وَأَعرَفُ بِمَنْ تصدَّقُوْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عبيدِ اللهِ اللُّغَوِيَّ يَحْكِي:
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر مكثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا أَرْبَعِيْنَ وَرقَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَبلغَنِي عَنْ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ أَبِي طَاهِرٍ الإِسْفَرَايينِيُّ الفَقِيْه أَنَّهُ، قَالَ: لَوْ سَافرَ رَجُلٌ إِلَى الصِّينِ حَتَّى يحصِّلَ تَفْسِيْرَ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ لَمْ يَكُنْ كَثِيْراً.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ حُسَيْنَك بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: أَوَّل مَا سَأَلَنِي ابْنُ خُزَيْمَةَ فَقَالَ لِي: كتبتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبرِيّ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: وَلِمَ؟
قُلْتُ: لأَنَّه كَانَ لاَ يَظهر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ تمنعُ مِنَ الدُّخول عَلَيْهِ، قَالَ: بِئس مَا فَعَلْتَ، ليتَكَ لمْ تَكْتُبْ عَنْ كُلِّ مَنْ كتبتَ عَنْهُم، وَسَمِعْتَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ بَالُويه يَقُوْلُ: قَالَ لِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ
خُزَيْمَة: بَلَغَنِي أَنَّك كتبتَ التَّفْسِيْرَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ؟قُلْتُ: بَلَى، كتبتُه عَنْهُ إِمْلاَءً.
قَالَ: كُلّه؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فِي أَي سَنَة؟
قُلْتُ: مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ إِلَى سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ: فَاسْتعَارَهُ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ رَدَّهُ بَعْد سِنِيْنَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ نظرتُ فِيْهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِره، وَمَا أَعْلَمُ عَلَى أَديمِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَلَقَدْ ظَلَمَتْهُ الحَنَابِلَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي: تَمَّ مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ كِتَاب (التَّفْسِيْر) الَّذِي لَوِ ادَّعَى عَالِمٌ أَنْ يصَنِّف مِنْهُ عَشْرَة كُتُبْ، كُلُّ كِتَابٍ مِنْهَا يَحْتوِي عَلَى عِلْمٍ مفرَد مستقصَىً لفعل.
وَتَمَّ مِنْ كُتُبِهِ كِتَاب (التَّارِيْخ) إِلَى عصره، وَتمَّ أَيْضاً كِتَاب (تَارِيْخ الرِّجَال) مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، وَإِلَى شُيُوْخه الَّذِيْنَ لَقِيَهُم، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (لطيف القَوْل فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم) وَهُوَ مَذْهَبُهُ الَّذِي اختَاره، وَجَوَّدَهُ، وَاحتجَّ لَهُ، وَهُوَ ثَلاَثَةٌ وَثَمَانُوْنَ كِتَاباً، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (القرَاءات وَالتنَزِيْل وَالعدد) ، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (اخْتِلاَف عُلَمَاء الأَمصَار) ، وَتم لَهُ كِتَاب (الخَفِيْف فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم) وَهُوَ مُخْتَصَر لطيف، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (التبصير) وَهُوَ رسَالَةٌ إِلَى أَهْل طَبَرِسْتَان، يشرحُ فِيْهَا مَا تقلَّده مِنْ أُصُوْل الدِّيْنِ، وَابتدأَ بِتَصْنِيف كِتَاب (تَهْذِيْب الآثَار) وَهُوَ مِنْ عجَائِب كتبه، ابْتِدَاء بِمَا أَسنده الصِّدِّيقُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَهُ سَنَدُهُ، وَتكلَّم عَلَى كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهُ بِعِلَلِهِ وَطُرُقه، ثُمَّ فِقْهه، وَاخْتِلاَف العُلَمَاء وَحججهُم، وَمَا فِيْهِ مِنَ المَعَانِي وَالغَريب، وَالرَّدّ عَلَى المُلْحِدين، فَتَمَّ مِنْهُ مسندُ العشرَةِ وَأَهْل البَيْت وَالموَالِي، وَبَعْض (مُسْند ابْن عَبَّاسٍ) ، فَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِه.
قُلْتُ: هَذَا لَوْ تمَّ لكَانَ يَجِيْءُ فِي مائَة مُجَلَّد.
قَالَ: وَابتدأَ بِكِتَابه (البَسيط) فَخَرَجَ مِنْهُ كِتَاب (الطهَارَة) فَجَاءَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ وَخَمْسِ مائَة وَرقَة، لأَنَّه ذكرَ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهُ اخْتِلاَفَ الصَّحَابَة
وَالتَّابِعِيْنَ، وَحجَّة كُلِّ قَوْل، وَخَرَجَ مِنْهُ أَيْضاً أَكْثَر كِتَاب الصَّلاَة، وَخَرَجَ مِنْهُ آدَاب الْحُكَّام.وَكِتَاب (المحَاضِر وَالسجلاَت) ، وَكِتَاب (تَرْتِيْب العُلَمَاء) وَهُوَ مِنْ كتبه النفيسَة، ابتدأَه بآدَاب النُّفُوْسِ وَأَقوَال الصُّوْفِيَّة، وَلَمْ يُتِمَّه، وَكِتَاب (المنَاسك) ، وَكِتَاب (شَرْح السُّنَّة) وَهُوَ لطيف، بَيَّنَ فِيْهِ مذهَبَه وَاعْتِقَادَه، وَكِتَابه (المُسْنَد) المخرَّج، يَأْتِي فِيْهِ عَلَى جَمِيْعِ مَا رَوَاهُ الصَّحَابِيُّ مِنْ صَحِيْحٍ وَسقيمٍ، وَلَمْ يُتِمَّه، وَلَمَّا بلغه أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ تَكَلَّمَ فِي حَدِيْث غَدِيْر خُمّ، عَمل كِتَاب (الفَضَائِل) فَبدأَ بِفضل أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَر، وَتكلَّم عَلَى تَصْحِيْحِ حَدِيْث غَدِير خُمّ، وَاحتجَّ لِتَصْحِيْحِهِ، وَلَمْ يتمَّ الكِتَاب.
وَكَانَ مِمَّنْ لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لومَةُ لاَئِم مَعَ عَظِيْم مَا يلحَقُه مِنَ الأَذَى وَالشَّنَاعَات، مِنْ جَاهِل، وَحَاسد، وَمُلحد، فَأَمَّا أَهْلُ الدِّين وَالعِلْم، فغيرُ منكرينَ علمَه، وَزهدَه فِي الدُّنْيَا، وَرفضَهُ لَهَا، وَقنَاعته - رَحِمَهُ اللهُ - بِمَا كَانَ يردُ عَلَيْهِ مِنْ حصَّةٍ مِنْ ضَيعَةٍ خلَّفهَا لَهُ أَبُوْهُ بطَبَرِسْتَان يَسِيْرَة.
وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اسْتخرتُ اللهَ وَسأَلتهُ العُوْنَ عَلَى مَا نويتُهُ مِنْ تصنيفِ التَّفْسِيْر قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَهُ ثَلاَث سِنِيْنَ، فَأَعَاننِي.
القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عبيدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السِّمْسَار، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ عَقِيْلٍ الوَرَّاق:
أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّبرِيَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ تَنْشَطُوْنَ لتَارِيْخِ العَالَمْ مِنْ آدم إِلَى وَقْتِنَا؟
قَالُوا: كم قدرُه؟
فَذكر نَحْو ثَلاَثِيْنَ أَلفِ وَرقَة، فَقَالُوا: هَذَا مِمَّا تَفْنَى
الأَعْمَارُ قَبْل تمَامِه!فَقَالَ: إِنَّا للهِ! مَاتَتِ الهِمَم.
فَاختصرَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ ثَلاَثَةِ آلاَفِ وَرقَة، وَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يُمْلِي التَّفْسِيْرَ قَالَ لَهُم نَحْواً مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَملاَهُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ قدر (التَّارِيْخ) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: أَرْبَعَةٌ كُنْتُ أُحِبُّ بَقَاءهُم: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ جَرِيْرٍ، وَالبَرْبَرِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالمَعْمَرِيّ، فَمَا رَأَيْتُ أَفهَمَ مِنْهُم وَلاَ أَحْفَظ.
قَالَ الفَرغَانِي: وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْز: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ: أَظهرتُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ، وَاقتديتُ بِهِ بِبَغْدَادَ عشرَ سِنِيْنَ، وَتلقَّاهُ مِنِّي ابْنُ بَشَّار الأَحْوَل أُسْتَاذ ابْنِ سُرَيْج.
قَالَ هَارُوْنُ: فَلَمَّا اتَّسَعَ علمُه أَدَّاهُ اجْتِهَادُه وَبحثُه إِلَى مَا اختَارَهُ فِي كُتُبِهِ.
قَالَ الفرغَانِي: وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي، قَالَ: لَمَّا تقلَّد الخَاقَانِيُّ الوِزَارَةَ وَجَّهَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِي بِمَالٍ كَثِيْرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُوله، فَعَرض عَلَيْهِ القَضَاء فَامْتَنَعَ، فَعَرض عَلَيْهِ المَظَالِم فَأَبَى، فَعَاتبه أَصْحَابه وَقَالُوا: لَكَ فِي هَذَا ثَوَاب، وَتُحْيِي سُنَّةً قَدْ دَرَسَتْ.
وَطمعُوا فِي قَبُوله المَظَالِم، فَبَاكروهُ لِيَرْكَبَ مَعَهُم لقبُول ذَلِكَ، فَانتَهَرَهُم وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي لَوْ رغبتُ فِي ذَلِكَ لَنَهَيْتُمُونِي عَنْهُ.
قَالَ: فَانْصَرَفْنَا خَجِلين.
أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلِ ابْنِ الإِمَامِ - صَاحِبِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ -:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر وَهُوَ يُكَلِّم ابْنَ صَالِحٍ الأَعْلَم، وَجرَى ذكر عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ: مَنْ قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعمر ليسَا بِإِمَامِي هدَىً، أَيش هُوَ؟
قَالَ: مبتَدع.
فَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ إِنكَاراً عَلَيْهِ: مُبْتَدِعٌ مُبْتَدِعٌ! هَذَا يُقْتَل.
وَقَالَ مخلدُ البَاقَرحِي: أَنشدنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ لِنَفْسِهِ:
إِذَا أَعْسَرْتُ لَمْ يَعْلَمْ رَفِيْقِي ... وَأَسْتَغْنِي فَيَسْتَغْنِي صَدِيْقِيحَيَائِي حَافِظٌ لِي مَاءَ وَجْهِي ... وَرِفْقِي فِي مُطَالَبَتِي رَفِيْقِي
وَلَوْ أَنِّي سَمَحْتُ بِمَاءِ وَجْهِي ... لكُنْتُ إِلَى العُلَى سَهْلَ الطَّرِيْقِ
وَله:
خُلْقَانِ لاَ أَرْضَى فَعَالَهُمَا ... بَطَرُ الغِنَى وَمَذَلَّةُ الفَقْرِ
فَإِذَا غَنِيْتَ فَلاَ تَكُنْ بَطِراً ... وَإِذَا افْتَقَرْتَ فَتِهْ عَلَى الدَّهْرِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيّ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ وَقتُ صَلاَة الظُّهر مَنْ يَوْم الاثْنَيْنِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيْهِ - فِي آخِره - ابْنُ جَرِيْرٍ طلبَ مَاءً لِيُجَدِّدَ وُضوءهُ، فَقِيْلَ لَهُ: تُؤخِّر الظُّهر تجمع بينهَا وَبَيْنَ العَصْر.
فَأَبَى وَصَلَّى الظُّهر مفردَة، وَالعصرَ فِي وَقتهَا أَتمَّ صَلاَة وَأَحسَنَهَا.
وحضرَ وَقتَ مَوْتِه جَمَاعَةٌ مِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ بنُ كَامِلٍ فَقِيْلَ لَهُ قَبْلَ خُرُوْج روحه: يَا أَبَا جَعْفَرٍ! أَنْتَ الحجَّة فِيْمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله فِيْمَا نَدِينُ بِهِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ توصينَا بِهِ مِنْ أَمر دِيْنِنَا، وَبيِّنَةٍ لَنَا نَرْجُو بِهَا السَّلاَمَة فِي مَعَادِنَا؟
فَقَالَ: الَّذِي أَدينُ اللهَ بِهِ وَأَوصِيْكُم هُوَ مَا ثَبَّتُّ فِي كُتُبِي، فَاعمَلُوا بِهِ وَعَلَيْهِ.
وَكَلاَماً هَذَا مَعْنَاهُ، وَأَكْثَرَ مِنَ التشهّد وَذَكَرَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - وَمسحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَّضَ بصَرَهُ بِيَدِهِ، وَبَسَطَهَا وَقَدْ فَارقَتْ روحُهُ الدُّنْيَا.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَرَحَلَ مِنْ آمُل لمَّا تَرَعْرَعَ وَحفِظَ القُرْآن، وَسمحَ لَهُ أَبُوْهُ فِي أَسفَاره، وَكَانَ طول حيَاتِهِ يمدُّه بِالشَّيْءِ بَعْد
الشَّيْءِ إِلَى البلدَان، فيقتَات بِهِ، وَيَقُوْلُ فِيْمَا سَمِعْتُه: أَبطأَتْ عَنِّي نفقَةُ وَالدِي، وَاضطُرِرْتُ إِلَى أَنْ فتقتُ كُمَّيْ قَمِيصي فَبِعْتُهُمَا.قُلْتُ: جمع طرق حَدِيْث: غَدِيْر خُمّ، فِي أَرْبَعَةِ أَجزَاء، رَأَيْتُ شَطْرَهُ، فَبهَرَنِي سَعَةُ رِوَايَاته، وَجزمتُ بِوُقُوع ذَلِكَ.
قيل لاِبْنِ جَرِيْرٍ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ يُمْلِي فِي مَنَاقِب عليّ.
فَقَالَ: تكبيرَة مِنْ حَارس.
وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ وَبَيْنَ ابْن أَبِي دَاوُدَ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لاَ يُنْصِفُ الآخر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ حزبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، فكَثُرُوا وَشَغَّبُوا عَلَى ابْنِ جَرِيْرٍ، وَنَاله أَذَىً، وَلَزِمَ بيتَه، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى.
وَكَانَ ابْنُ جَرِيْرٍ مِنْ رِجَال الكَمَال، وَشُنِّعَ عَلَيْهِ بِيَسِيْر تشيُّع، وَمَا رأَينَا إِلاَّ الخَيْر، وَبَعْضُهُم ينْقل عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُجِيز مسحَ الرِّجْلَيْن فِي الْوضُوء، وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي كُتُبِه.
وَلأَبِي جَعْفَرٍ فِي تآلِيفه عبارَةٌ وَبلاغَة، فَمِمَّا قَاله فِي كِتَاب (الآدَاب النفيسَة وَالأَخلاَق الحمِيدَة) :القَوْلُ فِي البيَان عَنِ الحَال الَّذِي يَجِبُ عَلَى العَبْد مرَاعَاةُ حَاله فِيْمَا يَصْدُرُ مِنْ عَمَله للهِ عَنْ نَفْسِه، قَالَ: إِنَّهُ لاَ حَالَةَ مِنْ أَحْوَال المُؤْمِن يَغْفُلُ عدُوُّهُ المُوكلُ بِهِ عَنْ دُعَائِه إِلَى سَبِيلهُ، وَالقُعُود لَهُ رَصَداً بِطرق رَبِّهِ المُسْتقيمَة، صَادّاً لَهُ عَنْهَا، كَمَا قَالَ لربِّه - عزَّ ذِكْرُهُ - إِذْ جَعَلَهُ مِنَ المُنْظَرين: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيْمْ ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهم} [الأَعرَاف:16، 17] طَمَعاً مِنْهُ فِي تَصْدِيْقِ ظَنَّهِ عَلَيْهِ إِذْ قَالَ لربِّه: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَتَهُ إِلاَّ قَلِيْلاً} [الإِسرَاء:62] فَحَقٌ عَلَى كُلِّ ذِي حِجَىً أَنْ يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي تَكْذِيب ظَنَّهِ، وَتَخْييْبِهِ مِنْهُ أَمَلَهُ وَسَعْيِهِ فِيْمَا أَرْغَمَهُ، وَلاَ شَيْءَ مِنْ فِعل العَبْد أَبلغُ فِي مكروهِهِ مِنْ طَاعته رَبّهُ، وَعِصْيَانِهِ أَمرَه، وَلاَ شَيْءَ أَسَرُّ إِلَيْهِ مِنْ عِصْيَانِهِ رَبّهُ، وَاتِّبَاعِه أَمرَه.
فَكلامُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ هَذَا النَّمط، وَهُوَ كَثِيْرٌ مُفِيْد.وَقَدْ حَكَى أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ فِي (النشوَار) لَهُ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي ابْنُ منجو القَائِد قَالَ: حَدَّثَنِي غُلاَمٌ لاِبْنِ المزوّق، قَالَ:
اشْتَرَى مَوْلاَيَ جَارِيَة، فَزَوَّجَنِيْهَا، فَأَحْبَبْتُهَا وَأَبْغَضَتْنِي حَتَّى ضَجِرْتُ، فَقُلْتُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقُ ثَلاَثاً، لاَ تُخَاطِبِيْنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، فَكَم أَحتملُكِ؟
فَقَالَتْ فِي الحَال: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً فَأُبْلِسْتُ، فَدُلِلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، فَقَالَ لِي: أَقِمْ مَعَهَا بَعْدَ أَنْ تَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً إِنْ طَلَّقْتُكِ.
فَاسْتَحْسَنَ هَذَا الجَوَاب.
وَذكرَهُ شَيْخُ الحَنَابِلَة ابْنُ عَقِيْلٍ، وَقَالَ: وَلَهُ جَوَابٌ آخر: أَنْ يَقُوْلَ كَقَوْلِها سوَاء: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً - بِفَتْح التَّاء - فَلاَ يَحْنَث.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَمَا كَانَ يلزمُهُ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا ذَاكَ عَلَى الْفَوْر، فَلَهُ التَّمَادِي إِلَى قَبْلِ المَوْت.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً، وَقَصَدَ الاسْتفهَام أَوْ عَنَى أَنَّهَا طَالِقٌ مِنْ وَثَاق، أَوْ عَنَى الطَّلْقَ لَمْ يَقَعْ طلاَقٌ فِي بَاطِن الأَمْر.
وَله جَوَابٌ آخر عَلَى قَاعدَة مُرَاعَاة سَبَب اليَمِين وَنيَّة الحَالف، فَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا مَا قَالَتْهُ، إِذْ مِنَ المَعْلُوْم بِقَرِيْنَةِ الحَال اسْتثنَاءُ ذَلِكَ قطعاً، لأَنَّه مَا قَصَدَ إِلاَّ أَنَّهَا إِذَا قَالَتْ لَهُ مَا يُؤذيه أَنْ يُؤذيهَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ جَاوبهَا بِالطَّلاَقِ لَسُرَّتْ هِيَ، وَلتَأَذَّى هُوَ، كَمَا اسْتُثْنِي مِنْ عُموم قَوْله تَعَالَى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النَّمْل:23] بقرينَة الحَال أَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ لِحْيَةً لاَ إِحليلاً.
وَمِنَ المَعْلُوْم اسْتثنَاؤُهُ بِالضَّرورَة الَّتِي لَمْ يَقْصِدْهَا الحَالفُ قَطُّ لَوْ حلف: لاَ تقولِي لِي شَيْئاً إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، أَنَّهَا لَوْ كَفَرَتْ وَسَبَّتِ الأَنْبِيَاءَ فَلَمْ يُجَاوِبْهَا بِمثلِ ذَلِكَ لأَحسنَ.
ثمَّ يَقُوْلُ طَائِفَةٌ مِنَ الفُقَهَاء: إِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ - وَالعيَاذُ بِاللهِ -
قَصَدَ دُخُوْلَ ذَلِكَ فِي يمِينِهِ.وَأَمَّا عَلَى مَذْهَب دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ حَزْمٍ، وَالشِّيْعَة، وَغَيْرهم، فَلاَ شَيْء عَلَيْهِ، وَرأَوا الحلفَ وَالأَيْمَان بِالطَّلاَق مِنْ أَيْمَان اللَّغْوِ، وَأَنَّ اليَمِين لاَ تنعقدُ إِلاَّ بِاللهِ.
وذهبَ إِمَامٌ فِي زَمَانِنَا إِلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى حضٍّ أَوْ مَنْعٍ بِالطَّلاَق، أَوِ العِتَاق، أَوِ الحَجِّ وَنحو ذَلِكَ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يمِين، وَلاَ طلاَقَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ فِي كِتَاب (التبصير فِي معَالِم الدِّيْنِ) :القَوْل فِيْمَا أُدْرِكَ علمُهُ مِنَ الصِّفَات خَبراً، وَذَلِكَ نَحْو إِخبارِهِ تَعَالَى أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيْرٌ، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِقَوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المَائِدَة:64] وَأَنَّ لَهُ وَجْهاً بِقَوله: {وَيَبْقَى وَجْهَ رَبِّكَ} [الرَّحْمَن:27] وَأَنَّهُ يَضْحَكُ بِقَوله فِي الحَدِيْثِ: (لَقِيَ اللهَ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ ) ، وَ (أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى سمَاء الدُّنْيَا) لخبرِ رَسُوْلِهِ بِذَلِكَ، وَقَالَ
عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (مَا مِنْ قَلْبٍ إِلاَّ وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن ) .إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنَّ هَذِهِ المَعَانِي الَّتِي وُصفت وَنظَائِرهَا مِمَّا وَصَفَ اللهُ نَفْسهُ وَرَسُوْلُه مَا لاَ يَثْبُتُ حَقِيْقَةُ عِلْمِهِ بِالفِكر وَالرَّويَّة، لاَ نُكَفِّرُ بِالجَهْل بِهَا أَحَداً إِلاَّ بَعْد انتهَائِهَا إِلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ: أَخْبَرَنَا زَيْنُ الأُمنَاء الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَسَدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ مُسْتَمْلِي ابْنِ جَرِيْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ بِعَقِيدَتِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ: وَحَسْبُ امرِئٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَبّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْعَرْش اسْتوَى، فَمَنْ تجَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ.
وَهَذَا (تَفْسِيْر) هَذَا الإِمَام مشحونٌ فِي آيَات الصِّفَاتِ بِأَقوَالِ السَّلَفِ عَلَى الإِثْبَات لَهَا، لاَ عَلَى النَّفِي وَالتَّأْوِيْل، وَأَنَّهَا لاَ تُشْبِهُ صِفَاتِ المَخْلُوْقينَ أَبَداً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا المُسْلِمُ بنُ أَحْمَدَ المَازِنِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَكَّ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ هِبَةِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الأَدِيْب لاِبْنِ دُرَيْد.
قُلْتُ: يَرْثِي ابْنَ جَرِيْر:
لَنْ تَسْتَطِيْعَ لأَمْرِ اللهِ تَعْقِيْبَا ... فَاسْتَنْجِدِ الصَّبْرَ أَوْ فَاسْتَشْعِرِ الحُوْبَا
وَافْزَعْ إِلَى كَنَفِ التَّسْلِيم وَارْضَ بِمَا ... قَضَى المُهَيْمِنُ مَكْرُوْهَا وَمَحْبُوبَا
إِنَّ الرَّزِيَّة لاَوَفْرٌ تُزَعْزِعُهُ ... أَيْدِي الحَوَادِثِ تَشْتِيْتاً وَتَشْذِيْبَا
وَلاَ تفرُّق أُلاَّفٍ يَفُوْتُ بِهِم ... بَيْنٌ يُغَادِرُ حَبْلَ الوَصْلِ مَقْضُوبَالَكِنَّ فِقْدَانَ مَنْ أَضحَى بِمَصْرَعِهِ ... نُوْرُ الهُدَى وَبهَاءُ العِلْمِ مَسْلُوْبَا
إِنَّ المنيَّةَ لَمْ تُتْلِفْ بِهِ رَجُلاً ... بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَماً لِلدِّيْنِ مَنْصُوبَا
أَهْدَى الرَّدَى للثَّرَى إِذْ نَالَ مُهْجَتَهُ ... نَجْماً عَلَى مَنْ يُعَادِي الحَقَّ مَصْبُوبَا
كَانَ الزَّمَانُ بِهِ تَصْفُو مَشَارِبُهُ ... فَالآنَ أَصْبَحَ بِالتَّكْدِيْرِ مَقْطُوبَا
كَلاَّ وَأَيَّامُهُ الغُرُّ الَّتِي جَعَلَتْ ... لِلْعِلْمِ نُوْراً وَلِلتَّقْوَى مَحَارِيْبَا
لاَ يَنْسَرِي الدَّهْرُ عَنْ شِبْهٍ لَهُ أَبَداً ... مَا اسْتَوْقَفَ الحَجُّ بِالأَنصَابِ أُرْكُوبَا
إِذَا انتَضَى الرَّأْي فِي إِيضَاحِ مُشْكِلَةٍ ... أَعَادَ مَنْهَجَهَا المَطْمُوْسَ مَلْحُوبَا
لاَ يُوْلِجُ اللَّغْو وَالعَوْرَاء مَسْمَعَهُ ... وَلاَ يُقَارِفُ مَا يُغْشِيْهِ تَأْنِيْبَا
تَجْلُو مَوَاعِظُهُ رَيْنَ القُلُوبِ كَمَا ... يَجْلُو ضِيَاءَ سَنَا الصُّبْحِ الغَيَاهِيْبَا
لاَ يَأْمَنُ العَجْزَ وَالتَّقْصِيْرَ مَادِحُهُ ... وَلاَ يَخَافُ عَلَى الإِطنَابِ تَكْذِيْبَا
وَدَّتْ بِقَاعُ بِلاَدِ اللهِ لَوْ جُعِلَتْ ... قَبْراً لَهُ لَحَبَاهَا جِسْمُهُ طِيْبَا
كَانَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا وَسَاكِنِهَا ... نُوْراً فَأَصْبَحَ عَنْهَا النُّوْرُ مَحْجُوْبَا
لَوْ تَعْلَمُ الأَرْضُ مَنْ وَارَتْ لَقَدْ خَشَعَتْ ... أَقْطَارُهَا لَكَ إِجلاَلاً وَتَرْحِيْبَا
إِنْ يَنْدِبُوْكَ فَقَدْ ثُلَّتْ عُرُوْشُهُمُ ... وَأَصْبَحَ العِلْمُ مَرْثِياً وَمَنْدُوبَا
وَمِنْ أَعَاجِيْبِ مَا جَاءَ الزَّمَانُ بِهِ ... وَقَدْ يُبِيْنُ لَنَا الدَّهْرُ الأَعَاجِيْبَا
أَنْ قَدْ طَوَتْكَ غُمُوْضُ الأَرْضِ فِي لِحفٍ ... وَكُنْتَ تَمْلأُ مِنْهَا السَّهْلَ وَاللُّوبَا قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: تُوُفِّيَ ابْنُ جَرِيْرٍ عَشِيَّة الأَحَدِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ شَوَّال سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي دَارهِ بِرَحْبَةِ يَعْقُوْب - يَعْنِي: بِبَغْدَادَ -.
قَالَ: وَلَمْ يُغَيِّر شَيْبَه، وَكَانَ السَّوَادُ فِيْهِ كَثِيْراً، وَكَانَ أَسمر إِلَى الأُدْمَةِ، أَعْيَنَ، نَحِيْفَ الجِسْمِ، طَوِيْلاً، فَصِيْحاً، وَشَيَّعَهُ مَنْ لاَ يُحْصِيْهُم إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَصُلِّيَ عَلَى قَبْره عِدَّة شهورٍ ليلاً وَنهَاراً إِلَى أَنْ قَالَ: وَرثَاهُ خلقٌ مِنَ الأَدباء وَأَهْل الدِّين، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أَبِي سَعِيْدٍ بن الأَعْرَابِيّ:
حَدَثٌ مُفْظِعٌ وَخَطْبٌ جَلِيْلٌ ... دَقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبُورِ
قَامَ نَاعِي العُلُومِ أَجْمَعِ لمَّا ... قَامَ نَاعِي مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن الْحَارِثِ بن عبد الرحمن، أبو بكر الأزدي الواسطي، المعروف بابن الباغندي :
سمع محمد بن عبد الله بن نمير، وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة الكوفيّين،
وشيبان بن فرّوخ الأيلي، وعلي بن المديني، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أَبِي الشوارب، وسويد بن سعيد الحدثاني، ودحيما الدمشقي، وهشام بن عمار، والحارث بن مسكين، وغيرهم. من أهل الشام، ومصر، والكوفة وبغداد، والبصرة.
وكان كثير الحديث. رحل فيه إلى الأمصار البعيدة، وعنى به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وسكن بغداد وحدث بِهَا فروى عنه الحسين بْن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن مخلد الدوري، وأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، ودعلج بن أحمد، وأبو علي بن الصواف، وَمُحَمَّد بْن المظفر، وأبو عُمَر بْن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وخلق يطول ذكرهم.
وكان فهما حافظا عارفا، وبلغني أن عامة ما حدث به كان يرويه من حفظه.
حَدَّثَنَا أبو عمر بن مهدي حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم بن سويد الرملي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بن إبراهيم قَالَ كنت أرى مالك بن أنس يغير ثيابه يوم الجمعة حتى نعله.
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ- بحضرة الدّارقطنيّ- حَدَّثَنَا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي أنبأنا عمرو بن سواد السرحي حدّثنا عبد الله بن وهب أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: شَغَلَنَا الْمُشْرِكُونَ عَنْ صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرُبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى غَرُبَتِ الشَّمْسُ» .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَاغَنْدِيُّ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ سَوَادٍ: هَذَا يُذْكَرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ شِتِّيرِ بْنِ شَكَلٍ فَاخْرُجْ إِلَى أَصْلِ كِتَابِهِ فَإِذَا فِيهِ كَمَّا حَدَّثَنَاهُ.
ثُمَّ حَدَّثَ من بعد مَجْلِسِهِ بِالْحَدِيثِ وَأَنَا حَاضِرٌ فَلَمَّا ذَكَرَهُ. قَالَ: وأخبرني بعض أصحابنا ممن نرجع إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُذْكَرُ عِنْدَهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ شِتِّيرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ.
قَالَ الْبَاغَنْدِيُّ: فَكَتَبْتُ كَلامَهُ، وَإِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عنى.
حَدَّثَنِي أحمد بن علي البادا من حفظه في المذاكرة قَالَ سمعت أبا بكر الأبهري يقول سمعت أبا بكر بن الباغنديّ يقول: أنا أجيب عن ثلاثمائة ألف مسألة في حديث رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الأبهري: وسمعت أبا العباس بن عقدة يقول: أحفظ ثلاثين ألف حديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل البيت.
قَالَ ابن البادا: فجئت إلى أبي الحسين بن المظفر فأخبرته بقول الأبهري فقال:
صدق. أنا سمعت هذا القول منهما جميعا.
سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يذكر: أن الباغندي كان يسرد الحديث من حفظه ويهذّه مثل تلاوة القرآن السريع القراءة. قَالَ: وكان يقول: حَدَّثَنَا فلان قَالَ حَدَّثَنَا فلان وَحَدَّثَنَا فلان- وهو يحرك رأسه- حتى تسقط عمامته.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: سمعت عمر بن أَحْمَد الواعظ يَقُول: قام أبو بكر الباغندي ليصلى، فكبر ثم قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن سليمان لوين! فسبحنا به.
فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْنِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ الْقَاضِي بِصُورَ وَأَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ بِصَيْدَا. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن شجاع أبو بكر بالأهواز قَالَ كنا عند إبراهيم بن موسى الحوزي ببغداد وكان عنده أبو بكر الباغندي ينتقى عليه، فقال له إبراهيم بن موسى: هو ذا تسخر بي، أنت أكثر حديثا مني وأعرف وأحفظ للحديث. فقال له: قد حبب إلى هذا الحديث، بحسبك إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم فلم أقل له ادع الله لي. وقلت له: يا رسول الله أيما أثبت في الحديث منصور أو الأعمش؟ فقال لي: «منصور منصور»
. حدثت عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوري. قَالَ سمعت عبدان الأهوازي وذكر أبا بكر الباغندي. فقال: لم يزل معروفا بالطلب، كان معنا عند هشام بن عمار ودحيم.
سمعتُ أَبَا الفتح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفوارس يقول: كان محمد بن محمد الباغندي مدلسا.
حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف السهمي. يقول:
سألت أبا الْحَسَن عَلِيّ بْن عُمَر الحافظ عَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي فحكى عن الوزير أبي الفضل بن حنزابة حكاية، ثم دخلت مصر وسألت الوزير أبا الفضل جعفر بن الفضل عن الباغندي هذا وحكيت له ما كنت سمعت من الدارقطني فقال لي الوزير: لحقت الباغندي محمد بن محمد بن سليمان وأنا ابن خمس سنين، ولم أكن سمعت منه شيئا، وكان للوزير الماضي- يعني أباه- حجرتان، إحداهما للباغندي يجيئه يوما ويقرأ له، والأخرى لليزيدي.
قَالَ أبو الفضل سمعت أبي يقول: كنت يوما مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر بن أبي شيبة، فقام الباغندي إلى الطهارة، فمددت يدي إلى جزء من حديث أبي بكر ابن أبي شيبة، فإذا على ظهره مكتوب مربع، والباقي محكوم، فرجع الباغندي ورأى الجزء في يدي فتغير وجهه، وسألته فقال: أيش هذا مربع، فغير ذلك ولم افطن له لأني أول ما كنت دخلت في كتب الحديث، ثم سألت عنه فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع. سمع من أبي بكر بن أبي شيبة، فحك محمد بن إبراهيم وبقى مربع، فبرد على قلبي ولم أخرج عنه شيئا. قَالَ حمزة: وسالت أبا بكر بن عبدان عَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي هل يدخل في الصحيح. فقال: لو خرجت الصحيح لم أدخله فيه، قيل له: لم؟ قَالَ: لأنه كان يخلط ويدلس. قَالَ:
وليس ممن كتبت عنه آثر عندي ولا أكثر حديثا منه إلا أنه شره. قَالَ: والباغندي أحفظ من ابن أبي داود.
قَالَ حمزة: وسالت الدارقطني عَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي. قَالَ:
كان كثير التدليس يحدث بما لم يسمع وربما سرق. وَقَالَ: أشد ما سمعت فيه، من الوزير ابن حنزابة.
وَقَالَ حمزة: سمعتُ أَبَا بَكْر بْن عبدان يَقُولُ سمعت أبا عمرو الراسبي يقول دخلت على الباغندي أنا وابن مظاهر، فأخرج إلينا أصوله فكتبنا منها ما كتبنا، ثم أخرج إلينا تخريجه، ثم قَالَ له ابن مظاهر: يا أبا بكر اقبل نصيحتي ادفع إلى تخريجك هذا أعرفه وأخرج لك [ما] تصير به أبو بكر بن أبي شيبة، قَالَ ابن الراسبي قَالَ لي ابن مظاهر. هذا رجل لا يكذب ولكن يحمله الشره على أن يقول حَدَّثَنَا ووجدت في كتبه مواضع، ذكره فلان، وفي كتابي عن فلان، ثم يقول أخبرنا.
حدّثنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ حدّثنا أبي حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سمعت أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي خيثمة- وذكر عنده أَبُو بكر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن الْحَارِثِ الباغندي- فقال: ثقة كثير الحديث لو كان بالموصل لخرجتم إليه، ولكنه منطرح إليكم ولا تريدونه.
حدّثنا البرقاني. قال: سألت أبا بكر الإسماعيلي عن ابن الباغنديّ أبي بكر محمّد ابن محمد. فقال: لا أتهمه في قصد الكذب، ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضا.
أو قَالَ كثير التصحيف ثم قَالَ: حكى لي عن سويد أنه كان يدلس.
قَالَ الإسماعيلي كأنه تعلم من سويد التدليس. قلت لم يثبت من أمر ابن الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن علي الصيرفي قَالَ: قَالَ لنا أحمد بن محمد بن عمران: مات محمد بن محمد بن سليمان الباغندي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وهذا وهم.
والصواب ما حَدَّثَنِي عبيد الله بن أبي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر. وأنبأنا السّمسار أنبأنا الصّفّار حدّثنا ابن قانع: أن أبا بكر الباغنديّ مات في سنة اثنتي عشرة [وثلاثمائة] قال ابن قانع: لأيام بقين [من ذي الحجة. وحَدَّثَنَا عبيد اللَّه] بْن عُمَر الواعظ عَنْ أَبِيهِ قال [توفي محمد بن محمد] بن سليمان الباغندي يوم السبت لعشرة بقين من [ذي الحجة سنة اثنتي عشرة] وثلاثمائة.
سمع محمد بن عبد الله بن نمير، وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة الكوفيّين،
وشيبان بن فرّوخ الأيلي، وعلي بن المديني، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أَبِي الشوارب، وسويد بن سعيد الحدثاني، ودحيما الدمشقي، وهشام بن عمار، والحارث بن مسكين، وغيرهم. من أهل الشام، ومصر، والكوفة وبغداد، والبصرة.
وكان كثير الحديث. رحل فيه إلى الأمصار البعيدة، وعنى به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وسكن بغداد وحدث بِهَا فروى عنه الحسين بْن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن مخلد الدوري، وأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، ودعلج بن أحمد، وأبو علي بن الصواف، وَمُحَمَّد بْن المظفر، وأبو عُمَر بْن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وخلق يطول ذكرهم.
وكان فهما حافظا عارفا، وبلغني أن عامة ما حدث به كان يرويه من حفظه.
حَدَّثَنَا أبو عمر بن مهدي حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم بن سويد الرملي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بن إبراهيم قَالَ كنت أرى مالك بن أنس يغير ثيابه يوم الجمعة حتى نعله.
أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ- بحضرة الدّارقطنيّ- حَدَّثَنَا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي أنبأنا عمرو بن سواد السرحي حدّثنا عبد الله بن وهب أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: شَغَلَنَا الْمُشْرِكُونَ عَنْ صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرُبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى غَرُبَتِ الشَّمْسُ» .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَاغَنْدِيُّ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ سَوَادٍ: هَذَا يُذْكَرُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ شِتِّيرِ بْنِ شَكَلٍ فَاخْرُجْ إِلَى أَصْلِ كِتَابِهِ فَإِذَا فِيهِ كَمَّا حَدَّثَنَاهُ.
ثُمَّ حَدَّثَ من بعد مَجْلِسِهِ بِالْحَدِيثِ وَأَنَا حَاضِرٌ فَلَمَّا ذَكَرَهُ. قَالَ: وأخبرني بعض أصحابنا ممن نرجع إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُذْكَرُ عِنْدَهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ شِتِّيرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ.
قَالَ الْبَاغَنْدِيُّ: فَكَتَبْتُ كَلامَهُ، وَإِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عنى.
حَدَّثَنِي أحمد بن علي البادا من حفظه في المذاكرة قَالَ سمعت أبا بكر الأبهري يقول سمعت أبا بكر بن الباغنديّ يقول: أنا أجيب عن ثلاثمائة ألف مسألة في حديث رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الأبهري: وسمعت أبا العباس بن عقدة يقول: أحفظ ثلاثين ألف حديث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل البيت.
قَالَ ابن البادا: فجئت إلى أبي الحسين بن المظفر فأخبرته بقول الأبهري فقال:
صدق. أنا سمعت هذا القول منهما جميعا.
سمعت هبة الله بن الحسن الطبري يذكر: أن الباغندي كان يسرد الحديث من حفظه ويهذّه مثل تلاوة القرآن السريع القراءة. قَالَ: وكان يقول: حَدَّثَنَا فلان قَالَ حَدَّثَنَا فلان وَحَدَّثَنَا فلان- وهو يحرك رأسه- حتى تسقط عمامته.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: سمعت عمر بن أَحْمَد الواعظ يَقُول: قام أبو بكر الباغندي ليصلى، فكبر ثم قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن سليمان لوين! فسبحنا به.
فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْنِ عِيَاضِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ الْقَاضِي بِصُورَ وَأَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ بِصَيْدَا. قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن شجاع أبو بكر بالأهواز قَالَ كنا عند إبراهيم بن موسى الحوزي ببغداد وكان عنده أبو بكر الباغندي ينتقى عليه، فقال له إبراهيم بن موسى: هو ذا تسخر بي، أنت أكثر حديثا مني وأعرف وأحفظ للحديث. فقال له: قد حبب إلى هذا الحديث، بحسبك إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم فلم أقل له ادع الله لي. وقلت له: يا رسول الله أيما أثبت في الحديث منصور أو الأعمش؟ فقال لي: «منصور منصور»
. حدثت عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان النيسابوري. قَالَ سمعت عبدان الأهوازي وذكر أبا بكر الباغندي. فقال: لم يزل معروفا بالطلب، كان معنا عند هشام بن عمار ودحيم.
سمعتُ أَبَا الفتح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفوارس يقول: كان محمد بن محمد الباغندي مدلسا.
حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف السهمي. يقول:
سألت أبا الْحَسَن عَلِيّ بْن عُمَر الحافظ عَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي فحكى عن الوزير أبي الفضل بن حنزابة حكاية، ثم دخلت مصر وسألت الوزير أبا الفضل جعفر بن الفضل عن الباغندي هذا وحكيت له ما كنت سمعت من الدارقطني فقال لي الوزير: لحقت الباغندي محمد بن محمد بن سليمان وأنا ابن خمس سنين، ولم أكن سمعت منه شيئا، وكان للوزير الماضي- يعني أباه- حجرتان، إحداهما للباغندي يجيئه يوما ويقرأ له، والأخرى لليزيدي.
قَالَ أبو الفضل سمعت أبي يقول: كنت يوما مع الباغندي في الحجرة يقرأ لي كتب أبي بكر بن أبي شيبة، فقام الباغندي إلى الطهارة، فمددت يدي إلى جزء من حديث أبي بكر ابن أبي شيبة، فإذا على ظهره مكتوب مربع، والباقي محكوم، فرجع الباغندي ورأى الجزء في يدي فتغير وجهه، وسألته فقال: أيش هذا مربع، فغير ذلك ولم افطن له لأني أول ما كنت دخلت في كتب الحديث، ثم سألت عنه فإذا الكتاب لمحمد بن إبراهيم مربع. سمع من أبي بكر بن أبي شيبة، فحك محمد بن إبراهيم وبقى مربع، فبرد على قلبي ولم أخرج عنه شيئا. قَالَ حمزة: وسالت أبا بكر بن عبدان عَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي هل يدخل في الصحيح. فقال: لو خرجت الصحيح لم أدخله فيه، قيل له: لم؟ قَالَ: لأنه كان يخلط ويدلس. قَالَ:
وليس ممن كتبت عنه آثر عندي ولا أكثر حديثا منه إلا أنه شره. قَالَ: والباغندي أحفظ من ابن أبي داود.
قَالَ حمزة: وسالت الدارقطني عَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغندي. قَالَ:
كان كثير التدليس يحدث بما لم يسمع وربما سرق. وَقَالَ: أشد ما سمعت فيه، من الوزير ابن حنزابة.
وَقَالَ حمزة: سمعتُ أَبَا بَكْر بْن عبدان يَقُولُ سمعت أبا عمرو الراسبي يقول دخلت على الباغندي أنا وابن مظاهر، فأخرج إلينا أصوله فكتبنا منها ما كتبنا، ثم أخرج إلينا تخريجه، ثم قَالَ له ابن مظاهر: يا أبا بكر اقبل نصيحتي ادفع إلى تخريجك هذا أعرفه وأخرج لك [ما] تصير به أبو بكر بن أبي شيبة، قَالَ ابن الراسبي قَالَ لي ابن مظاهر. هذا رجل لا يكذب ولكن يحمله الشره على أن يقول حَدَّثَنَا ووجدت في كتبه مواضع، ذكره فلان، وفي كتابي عن فلان، ثم يقول أخبرنا.
حدّثنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ حدّثنا أبي حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سمعت أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي خيثمة- وذكر عنده أَبُو بكر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن الْحَارِثِ الباغندي- فقال: ثقة كثير الحديث لو كان بالموصل لخرجتم إليه، ولكنه منطرح إليكم ولا تريدونه.
حدّثنا البرقاني. قال: سألت أبا بكر الإسماعيلي عن ابن الباغنديّ أبي بكر محمّد ابن محمد. فقال: لا أتهمه في قصد الكذب، ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضا.
أو قَالَ كثير التصحيف ثم قَالَ: حكى لي عن سويد أنه كان يدلس.
قَالَ الإسماعيلي كأنه تعلم من سويد التدليس. قلت لم يثبت من أمر ابن الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن علي الصيرفي قَالَ: قَالَ لنا أحمد بن محمد بن عمران: مات محمد بن محمد بن سليمان الباغندي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة وهذا وهم.
والصواب ما حَدَّثَنِي عبيد الله بن أبي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر. وأنبأنا السّمسار أنبأنا الصّفّار حدّثنا ابن قانع: أن أبا بكر الباغنديّ مات في سنة اثنتي عشرة [وثلاثمائة] قال ابن قانع: لأيام بقين [من ذي الحجة. وحَدَّثَنَا عبيد اللَّه] بْن عُمَر الواعظ عَنْ أَبِيهِ قال [توفي محمد بن محمد] بن سليمان الباغندي يوم السبت لعشرة بقين من [ذي الحجة سنة اثنتي عشرة] وثلاثمائة.
مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن خالد بن فارس بن ذؤيب، أبو عبد الله النيسابوري الذهلي مولاهم :
سمع عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن بكر البرساني، وعبيد الله بن موسى، ويعلى، ومحمدا ابني عبيد، وروح بن عبادة، وأبا النضر هاشم بْن القاسم، وأسود بْن عامر، وسليمان بن داود الهاشمي، ومحمد بن عمر الواقدي، وعفان بن مسلم، وعبد الرّزّاق بن مسلم، وعبد الرزاق بن همام، وسلم بن قتيبة، ويزيد بن هارون، وغيرهم من أهل العراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة.
وكان أحد الأئمة العارفين ، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين، صنف حديث الزّهريّ وحده، وقدم بغداد، وجالس شيوخها وحدث بها، وكان أحمد بن حنبل يثنى عليه وينشر فضله، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء، كسعيد بن أبي مريم المصري، وأبي صالح كاتب الليث بن سعد، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن [علي بْن] نفيل [النفيلي] ، وسعيد بن منصور، ومحمود بن غيلان، ومحمّد بن المثنّى، ومحمّد ابن إسماعيل الصغاني، ويعقوب بن شيبة السدوسي، وعباس بن محمد الدوري، وأبي داود السجستاني، ومن بعدهم.
حدّثنا أَبُو منصور علي بن مُحَمَّد بن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد النّيسابوريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعِيدُ الْكَلَمَةَ ثَلاثًا لِتُعْقَلَ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو بكر: حدّثنا العبّاس بن محمّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أحمد الحرشي، أنبأنا أبو محمّد حاجب بن أحمد الطوسي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا علي بن عبد الله، حدّثنا سفيان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: لا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ وَهِمٌ، إِنَّمَا رَوَى النَّاسُ عَنْ يَحْيَى فِي هذا الإسناد حديث الإفلاس.
حدّثنا أبو نعيم الحافظ، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله الضبي في كتابه قال: سمعت
يحيى بن منصور القاضي يقول: سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود يقول:
سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فدخل محمد بن يحيى- يعني الذهلي- فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قَالَ لبنيه وأصحابه:
اذهبوا إلى أبي عبد الله واكتبوا عنه .
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أبو محمّد بن الجارود، حَدَّثَنِي أبو عامر النسائي الحافظ قَالَ: سمعت محمد بن داود المصيصي يقول: كنا عند أحمد بن حنبل- وهم يذكرون الحديث، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث! فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا يا أبا عبد الله .
وأنبأنا ابن رزق، حدّثنا دعلج، حَدَّثَنَا أبو محمد بن الجارود قَالَ: سمعت أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن أحمد بن الجراح الجوزجاني يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فقال لي: تريد البصرة؟ قلت: نعم! قَالَ: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى فليكن سماعك معه، فإني ما رأيت خراسانيا- أو قَالَ: ما رأيت أحدا- أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابا منه .
أَخْبَرَنِي حَمْزَة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدَّقَّاق، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل- قَالَ حمزة: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أحمد: حَدَّثَنَا- علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت إبراهيم بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: - وذكر حديثا من حديث الزهري- فقال: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى. زاد أحمد قَالَ: قَالَ لنا علي بن عمر: قَالَ لنا أبو بكر النيسابوري:
وهو عندي إمام في الحديث .
أَخْبَرَنِي حمزة بن محمّد بن طاهر، حَدَّثَنَا علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: قال لي علي بن المدينيّ: أنت وارث الزّهريّ.
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي، عن أَبِي العباس بن سعيد قَالَ حَدَّثَنِي أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي أبو الحسن قَالَ:
سمعت رجلا قَالَ لمحمد بن يحيى: جودت في الزّهريّ؟ فقال: وأي شيء لم أجود؟.
حَدَّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَ: سمعت أَبَا الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيَّ يَقُولُ: سمعت صَالِحًا جَزَرَةَ يَقُولُ: لَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ قُلْتُ لِفَضْلِكَ: عَمَّنْ أَكْتُبْ بِنَيْسَابُورَ؟ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ نَيْسَابُورَ فَانْظُرْ إِلَى شَيْخٍ بَهِيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ، حَسَنِ الثِّيَابِ، رَاكِبًا حِمَارًا، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَاكْتُبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ فَائِدَةً. قَالَ:
فَلَمَّا قَدِمْتُ نَيْسَابُورَ اسْتَقْبَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَعَرَفْتُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَانْتَخَبْتُ عَلَيْهِ مَجْلِسًا، وَقرأتهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قُلْتُ لَهُ: أَفَادَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ حَدِيثًا عَنْكَ عِنْدَ الْوَدَاعِ لأَسْمَعَهُ مِنَ الشَّيْخِ. فَقَالَ: هَاتِ، فَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ سعيد بن عامر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا خالي فليرني امْرُؤٌ خَالَهُ» فقال محمد بن يحيى: من ينتخب مثل هذا الانتخاب ويقرأ مثل هذه القراءة يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث بمثل هذا الحديث؟ فقال صالح: نعم، حدثكم سعيد بن واصل .
قلت: قصد صالح امتحان محمد بن يحيى في هذا الحديث لينظر أيقبل التلقين أم لا، فوجده ضابطا لروايته، حافظا لأحاديثه، محترزا من الوهم، بصيرا بالعلم .
حدّثنا محمّد بن على الصّوريّ حدّثنا أحمد بن الحسن الرازي قَالَ: سمعت عبد الله بن عدي يقول: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان الفارسي ببخارى يقول:
سمعت عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي يقول: سألت أحمد بن حنبل: عن محمّد ابن يحيى، ومحمد بن رافع. فقال: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ- وسأله أبو عمر الأصبهاني: عن محمد بن يحيى، وعباس بن عبد العظيم العنبري أيهما أحفظ؟ - فقال أبو علي: عباس بن عبد العظيم
حافظ إلا أن محمد بن يحيى أجل، حدثوني عن فضلك الرازي أنه قَالَ: حَدَّثَنِي من لم يخطئ في حديث قط- محمد بن يحيى الذهلي النّيسابوريّ. وقال علي بن المدينيّ: كفى محمّد بن يحيى جمع حديث الزّهريّ .
حدّثنا هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: سمعت العلاء بن محمد الروياني، ومحمد بن الحسين الرازي يقولان: سمعنا عبد الرحمن بن أبي حاتم يَقُول: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل زمانه .
أخبرني محمّد بن أبي الحسن، حدّثنا عبيد الله بن القاسم الهمذاني بأطرابلس، حَدَّثَنَا أَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل العروضي بمصر، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ- إملاء- قَالَ: محمد بن يحيى بن عبد الله النّيسابوريّ ثقة مأمون .
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قال: قرأنا على الحسين بن هارون، عن ابن سَعِيد قَالَ: سمعت عَبْد الرحمن بْن يُوسُف- يعني ابن حراش- يقول: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم .
أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا عبد الله بن سليمان، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى النيسابوري- وكان أمير المؤمنين في الحديث.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن محمّد الأزهرى يقول: لمحمّد بن يحيى ثماني عشرة رحلة إلى البصرة، وله رحلتان إلى اليمن .
حدّثنا هنّاد بن إبراهيم النسفي، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخارى-.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الشافعي قَالَ: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان- يعني النسوي- يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: لو لم أبدأ
بالبصرة لم يفتني حسين الجعفي، وأبو أسامة، وشبابة، ولما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى بن سعيد القطان على باب البصرة .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد المعدل يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد بن يحيى يقول: دخلت على أبي في الصيف الصائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه وبين يديه السراج، وهو يصنف. فقلت: يا أبة، هذا وقت الصلاة، ودخان هذا السراج بالنهار، فلو نفست عن نفسك؟ فقال لي: يا بني تقول هذا وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، والتابعين؟ .
قال ابن نعيم: أَخْبَرَنِي أبو محمد بن زياد المعدّل حَدَّثَنَا أبو العباس الأزهري قَالَ:
سمعت خادمة محمّد بن يحيى- وهو يغسل على السرير- تقول: خدمت أبا عبد الله ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له.
حدّثنا هبة الله بن الحسن الطّبريّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن زياد النيسابوري، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن الشرقي الحافظ قَالَ:
سمعت أبا عمرو الخفاف- غير مرة- يقول: رأيت محمد بن يحيى الذهلي فِي النوم فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه، ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: فما فعل علمك؟
قَالَ: كتب بماء الذهب، ورفع في عليين .
أنبأنا السّمسار حدّثنا الصفار حَدَّثَنَا ابن قانع: أن محمد بن يحيى النيسابوري مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين .
قَالَ ابن قانع: وقيل سنة ست وخمسين.
أخبرني الحسين بن علي الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ الْوَاعِظ قَالَ: سمعت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد النَّيْسَابُوريّ يقول: مات محمد بن يحيى النيسابوري سنة سبع وخمسين ومائتين .
قلت: وبلغني أن وفاته كانت في أحد الربيعين من السنة، وقد بلغ ستّا وثمانين سنة، وكل هذه الأقوال وهم.
والصواب: ما أَخْبَرَنَا هبه الله بن الحسن الطبري، عن محمد بن نعيم قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد الشيباني يقول: سمعت أبا حامد الشرقي يقول: مات محمد بن يحيى الذهلي سنة ثمان وخمسين ومائتين .
سمع عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن بكر البرساني، وعبيد الله بن موسى، ويعلى، ومحمدا ابني عبيد، وروح بن عبادة، وأبا النضر هاشم بْن القاسم، وأسود بْن عامر، وسليمان بن داود الهاشمي، ومحمد بن عمر الواقدي، وعفان بن مسلم، وعبد الرّزّاق بن مسلم، وعبد الرزاق بن همام، وسلم بن قتيبة، ويزيد بن هارون، وغيرهم من أهل العراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة.
وكان أحد الأئمة العارفين ، والحفاظ المتقنين، والثقات المأمونين، صنف حديث الزّهريّ وحده، وقدم بغداد، وجالس شيوخها وحدث بها، وكان أحمد بن حنبل يثنى عليه وينشر فضله، وقد حدث عنه جماعة من الكبراء، كسعيد بن أبي مريم المصري، وأبي صالح كاتب الليث بن سعد، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن [علي بْن] نفيل [النفيلي] ، وسعيد بن منصور، ومحمود بن غيلان، ومحمّد بن المثنّى، ومحمّد ابن إسماعيل الصغاني، ويعقوب بن شيبة السدوسي، وعباس بن محمد الدوري، وأبي داود السجستاني، ومن بعدهم.
حدّثنا أَبُو منصور علي بن مُحَمَّد بن الحسين الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زياد النّيسابوريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعِيدُ الْكَلَمَةَ ثَلاثًا لِتُعْقَلَ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو بكر: حدّثنا العبّاس بن محمّد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أحمد الحرشي، أنبأنا أبو محمّد حاجب بن أحمد الطوسي، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي، حدّثنا علي بن عبد الله، حدّثنا سفيان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: لا أَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ غَيْرَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ وَهِمٌ، إِنَّمَا رَوَى النَّاسُ عَنْ يَحْيَى فِي هذا الإسناد حديث الإفلاس.
حدّثنا أبو نعيم الحافظ، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله الضبي في كتابه قال: سمعت
يحيى بن منصور القاضي يقول: سمعت خالي عبد الله بن علي بن الجارود يقول:
سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: كنا عند أحمد بن حنبل فدخل محمد بن يحيى- يعني الذهلي- فقام إليه أحمد، وتعجب منه الناس، ثم قَالَ لبنيه وأصحابه:
اذهبوا إلى أبي عبد الله واكتبوا عنه .
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بن أحمد، حدّثنا أبو محمّد بن الجارود، حَدَّثَنِي أبو عامر النسائي الحافظ قَالَ: سمعت محمد بن داود المصيصي يقول: كنا عند أحمد بن حنبل- وهم يذكرون الحديث، فذكر محمد بن يحيى النيسابوري حديثا فيه ضعف، فقال له أحمد بن حنبل: لا تذكر مثل هذا الحديث! فكأن محمد بن يحيى دخله خجلة، فقال له أحمد: إنما قلت هذا إجلالا يا أبا عبد الله .
وأنبأنا ابن رزق، حدّثنا دعلج، حَدَّثَنَا أبو محمد بن الجارود قَالَ: سمعت أبا عَبْد الرحمن مُحَمَّد بْن أحمد بن الجراح الجوزجاني يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فقال لي: تريد البصرة؟ قلت: نعم! قَالَ: فإذا أتيتها فالزم محمد بن يحيى فليكن سماعك معه، فإني ما رأيت خراسانيا- أو قَالَ: ما رأيت أحدا- أعلم بحديث الزهري منه، ولا أصح كتابا منه .
أَخْبَرَنِي حَمْزَة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدَّقَّاق، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل- قَالَ حمزة: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أحمد: حَدَّثَنَا- علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت إبراهيم بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: - وذكر حديثا من حديث الزهري- فقال: ما قدم علينا رجل أعلم بحديث الزهري من محمد بن يحيى. زاد أحمد قَالَ: قَالَ لنا علي بن عمر: قَالَ لنا أبو بكر النيسابوري:
وهو عندي إمام في الحديث .
أَخْبَرَنِي حمزة بن محمّد بن طاهر، حَدَّثَنَا علي بن عمر الحافظ قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: قال لي علي بن المدينيّ: أنت وارث الزّهريّ.
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قَالَ: قرأنا على الْحُسَيْن بن هارون الضبي، عن أَبِي العباس بن سعيد قَالَ حَدَّثَنِي أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي أبو الحسن قَالَ:
سمعت رجلا قَالَ لمحمد بن يحيى: جودت في الزّهريّ؟ فقال: وأي شيء لم أجود؟.
حَدَّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَ: سمعت أَبَا الْعَبَّاسِ الدَّغُولِيَّ يَقُولُ: سمعت صَالِحًا جَزَرَةَ يَقُولُ: لَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ قُلْتُ لِفَضْلِكَ: عَمَّنْ أَكْتُبْ بِنَيْسَابُورَ؟ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ نَيْسَابُورَ فَانْظُرْ إِلَى شَيْخٍ بَهِيٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ، حَسَنِ الثِّيَابِ، رَاكِبًا حِمَارًا، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَاكْتُبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ فَائِدَةً. قَالَ:
فَلَمَّا قَدِمْتُ نَيْسَابُورَ اسْتَقْبَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فَعَرَفْتُهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَانْتَخَبْتُ عَلَيْهِ مَجْلِسًا، وَقرأتهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قُلْتُ لَهُ: أَفَادَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ حَدِيثًا عَنْكَ عِنْدَ الْوَدَاعِ لأَسْمَعَهُ مِنَ الشَّيْخِ. فَقَالَ: هَاتِ، فَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ سعيد بن عامر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذَا خالي فليرني امْرُؤٌ خَالَهُ» فقال محمد بن يحيى: من ينتخب مثل هذا الانتخاب ويقرأ مثل هذه القراءة يعلم أن سعيد بن عامر لا يحدث بمثل هذا الحديث؟ فقال صالح: نعم، حدثكم سعيد بن واصل .
قلت: قصد صالح امتحان محمد بن يحيى في هذا الحديث لينظر أيقبل التلقين أم لا، فوجده ضابطا لروايته، حافظا لأحاديثه، محترزا من الوهم، بصيرا بالعلم .
حدّثنا محمّد بن على الصّوريّ حدّثنا أحمد بن الحسن الرازي قَالَ: سمعت عبد الله بن عدي يقول: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان الفارسي ببخارى يقول:
سمعت عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي يقول: سألت أحمد بن حنبل: عن محمّد ابن يحيى، ومحمد بن رافع. فقال: محمد بن يحيى أحفظ، ومحمد بن رافع أورع .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ- وسأله أبو عمر الأصبهاني: عن محمد بن يحيى، وعباس بن عبد العظيم العنبري أيهما أحفظ؟ - فقال أبو علي: عباس بن عبد العظيم
حافظ إلا أن محمد بن يحيى أجل، حدثوني عن فضلك الرازي أنه قَالَ: حَدَّثَنِي من لم يخطئ في حديث قط- محمد بن يحيى الذهلي النّيسابوريّ. وقال علي بن المدينيّ: كفى محمّد بن يحيى جمع حديث الزّهريّ .
حدّثنا هِبَةُ اللَّهِ بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ قَالَ: سمعت العلاء بن محمد الروياني، ومحمد بن الحسين الرازي يقولان: سمعنا عبد الرحمن بن أبي حاتم يَقُول: سمعت أبي يقول: محمد بن يحيى الذهلي إمام أهل زمانه .
أخبرني محمّد بن أبي الحسن، حدّثنا عبيد الله بن القاسم الهمذاني بأطرابلس، حَدَّثَنَا أَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل العروضي بمصر، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ- إملاء- قَالَ: محمد بن يحيى بن عبد الله النّيسابوريّ ثقة مأمون .
حدّثنا محمد بن علي المقرئ قال: قرأنا على الحسين بن هارون، عن ابن سَعِيد قَالَ: سمعت عَبْد الرحمن بْن يُوسُف- يعني ابن حراش- يقول: كان محمد بن يحيى من أئمة العلم .
أخبرني الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدّثنا عبد الله بن سليمان، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى النيسابوري- وكان أمير المؤمنين في الحديث.
حدّثنا محمّد بن أحمد بن رزق، حدّثنا دعلج بْن أَحْمَد قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن محمّد الأزهرى يقول: لمحمّد بن يحيى ثماني عشرة رحلة إلى البصرة، وله رحلتان إلى اليمن .
حدّثنا هنّاد بن إبراهيم النسفي، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخارى-.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الشافعي قَالَ: سمعت الحسين بن الحسن بن سفيان- يعني النسوي- يقول: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: لو لم أبدأ
بالبصرة لم يفتني حسين الجعفي، وأبو أسامة، وشبابة، ولما دخلت البصرة استقبلتني جنازة يحيى بن سعيد القطان على باب البصرة .
أَخْبَرَنِي محمد بن أحمد بن يعقوب، حدّثنا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت أبا علي محمد بن أحمد بن زيد المعدل يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد بن يحيى يقول: دخلت على أبي في الصيف الصائف وقت القائلة، وهو في بيت كتبه وبين يديه السراج، وهو يصنف. فقلت: يا أبة، هذا وقت الصلاة، ودخان هذا السراج بالنهار، فلو نفست عن نفسك؟ فقال لي: يا بني تقول هذا وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، والتابعين؟ .
قال ابن نعيم: أَخْبَرَنِي أبو محمد بن زياد المعدّل حَدَّثَنَا أبو العباس الأزهري قَالَ:
سمعت خادمة محمّد بن يحيى- وهو يغسل على السرير- تقول: خدمت أبا عبد الله ثلاثين سنة، وكنت أضع له الماء، فما رأيت ساقه قط، وأنا ملك له.
حدّثنا هبة الله بن الحسن الطّبريّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن زياد النيسابوري، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن الشرقي الحافظ قَالَ:
سمعت أبا عمرو الخفاف- غير مرة- يقول: رأيت محمد بن يحيى الذهلي فِي النوم فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه، ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: فما فعل علمك؟
قَالَ: كتب بماء الذهب، ورفع في عليين .
أنبأنا السّمسار حدّثنا الصفار حَدَّثَنَا ابن قانع: أن محمد بن يحيى النيسابوري مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين .
قَالَ ابن قانع: وقيل سنة ست وخمسين.
أخبرني الحسين بن علي الطناجيري، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَدَ الْوَاعِظ قَالَ: سمعت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد النَّيْسَابُوريّ يقول: مات محمد بن يحيى النيسابوري سنة سبع وخمسين ومائتين .
قلت: وبلغني أن وفاته كانت في أحد الربيعين من السنة، وقد بلغ ستّا وثمانين سنة، وكل هذه الأقوال وهم.
والصواب: ما أَخْبَرَنَا هبه الله بن الحسن الطبري، عن محمد بن نعيم قَالَ: سمعت عبد الله بن أحمد الشيباني يقول: سمعت أبا حامد الشرقي يقول: مات محمد بن يحيى الذهلي سنة ثمان وخمسين ومائتين .
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ بن هارون بن جعفر بن سند، أبو بكر المقرئ النقاش :
نسبه أبو حفص بن شاهين. وهو موصلي الأصل، ويقال: أنه مولى أبي دجانة سماك بن خرشة الأنصاري. وكان عالما بحروف القرآن، حافظا للتفسير، صنف فيه كتابا سماه «شفاء الصدور» .، وله تصانيف في القراءات وغيرها من العلوم. وكان سافر الكثير شرقا وغربا، وكتب بالكوفة، والبصرة، ومكة، ومصر، والشام، والجزيرة، والموصل، والجبال، وببلاد خراسان، وما وراء النهر.
وحدث عن: إسحاق بن سفيان الختلي، وأبو مسلم الكجي، وإبراهيم بن زهير الحلواني، وَمحمد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَان الحضرمي، وَمحمد بْن عَلِيّ بْن زيد الصائغ المكي، وأحمد بن محمد بن رشدين المصري، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَنِ السامي، والحسين بن إدريس الهرويين، والحسن بن سفيان النسوي، وخلق يطول ذكرهم، روى عنه: أبو بكر بن مجاهد، وجعفر بن محمد الخلدي، وأبو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو حفص بْن شاهين. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن بْن رزقويه، وَمحمد بْن الحسين بن الفضل، ومحمد بن أبي الفوارس، وأبو الحسن بن الحمامي المقرئ، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحربيّ، وجماعة آخرهم أبو عليّ بن شاذان. وفي أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة.
أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ البزّاز بعكبرا قال: نبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ النقاش إملاء قال: نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمُقْرِئُ بِالْمِصِّيصَةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سُفْيَانَ الْقَاضِي، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ بِطَبَرِسْتَانَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الأَنْصَارِيُّ بِهَرَاةَ، وَنَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ النَّحْوِيُّ بِحِمْصَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ قِيرَاطٍ بِدِمَشْقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِالرَّمْلَةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْطَاكِيَّانِ بِأَنْطَاكِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أيّوب القلّا بِطَبَرِيَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي بِحِمْصَ قَالُوا: نبأنا كثير بن عبيد قال: نبأنا بَقِيَّةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَن أَبِيهِ، عَنْ عائشة قالت: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَدْعُونَ مَنْ دُونِهِ إِلا أُنْثَى- إِلا نَصْرَ بْنَ مَنْصُورٍ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا كثير قال: نبأنا بَقِيَّةُ، وَالْمُعَافَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ قال: نبأنا أَبُو غَالِبِ ابْنُ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: نبأنا زائدة، عن لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَلْتُ الله ألا يستجيب لدعاء حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ »
. حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، عن أبي الحسن علي بن عمر الحافظ قَالَ: حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ بِحَدِيثِ أَبِي غَالِبٍ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ أَخِي أبي بكر بن بنت معاوية لأبيه فقال: نا أبو غالب قال نا جَدِّي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَائِدَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَلْتُ الله ألا يَسْتَجِيبَ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ »
. فَأَنْكَرْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبَا غَالِبٍ لَيْسَ هُوَ ابْنَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ وَإِنَّمَا أَخُوهُ لأَبِيهِ. ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ثِقَةٌ وَزَائِدَةُ مِنَ الأَثْبَاتِ الأَئِمَّةِ، وَهَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مُرَكَّبٌ فَرَجَعَ عَنْهُ. وَقَالَ: هُوَ فِي كِتَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي غَالِبٍ وَأَرَانِي كِتَابًا لَهُ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَهْرِهِ أبو غالب قال نبأنا جدي. قال أبو
الْحَسَنِ: وَأَحْسَبُ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ. وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُرَكَّبًا فِي الْكِتَابِ عَلَى أَبِي غالب فتوهم أَنَّهُ مِنْ حَدِيثٍ أَبِي غَالِبٍ وَاسْتَغْرَبَهُ وَكَتَبَهُ، فَلَمَّا وَقَفْنَاهُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْهُ. قَالَ أبو الحسن: وحدث بحديث عن يحيى بن محمد بن صاعد، فقال فيه: حَدَّثَنَا يحيى بن محمد المديني قال نا إدريس بن عيسى القطان عن شيخ له ثقة- إما إسحاق الأزرق أو زيد بن الحباب- أحد هذين، الشك من أبي الحسن عن سفيان الثوري عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عن ابن عباس قصة إبراهيم والحسن والحسين، وهذا حديث باطل كذب على كل من رواه، ابن صاعد فمن فوقه. وأحسب حديثه أنه وقع إليه كتاب لرجل غير موثوق به قد وضعه في كتابه أو وضع له علي أبي محمد بن صاعد فظن أنه من صحيح حديثه فرواه فدخل عليه الوهم وظن أنه من سماعه من ابن صاعد.
قال الشيخ أبو بكر: لا أعرف وجه قول أبي الحسن في أبي غالب إنه ليس بابن بنت معاوية بن عمرو لأن أبا غالب كان يذكر أن معاوية بن جده. وأما حديث النقاش عنه فقد رواه عنه أيضا أبو علي الكوكبي.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بن عبد الواحد الوكيل قال أنبأنا إسماعيل بن سعيد المعدّل قال نبأنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ نبأنا أَبُو غَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي مُعَاوِيَةُ عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «سألت ربي ألا يشفع حبيبا يدعو علي حبيبه »
. قال الشيخ أبو بكر: والحديث الثاني إنما هو عن زيد بن الحباب لا عن إسحاق الأزرق وقد.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ المقرئ قال نبأنا محمّد بن الحسن النقاش قال: نبأنا يحيى بن محمد بن عبد الملك الخياط قال نبأنا إدريس بن عيسى المخزوميّ القطّان قال نبأنا زيد بن الحباب قال نبأنا سفيان الثوري عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عن أبي الْعَبَّاسِ. قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى فَخِذِهِ الأَيْسَرِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَلَى فَخِذِهِ الأَيْمَنِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، تَارَةً يُقَبِّلُ هَذَا وَتَارَةً يُقَبِّلُ هَذَا، إِذْ هَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِوَحْيٍ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ. قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ من ربي
فقال: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامُ وَيَقُولُ لَكَ: لَسْتُ أَجْمَعُهُمَا لَكَ فَافْدِ أَحَدَهُمَا بِصَاحِبِهِ» . فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَبَكَى، وَنَظَرَ إِلَى الْحُسَيْنِ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أُمُّهُ أَمَةٌ وَمَتَى مَاتَ لَمْ يَحْزَنْ عَلَيْهِ غَيْرِي، وَأُمَّ الْحُسَيْنِ فَاطِمَةُ وَأَبُوهُ عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّي لَحْمِي وَدَمِي وَمَتَى مَاتَ حَزِنَتِ ابْنَتِي وَحَزِنَ ابْنُ عَمِّي وَحَزِنْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَأَنَا أُوثِرُ حُزْنِي عَلَى حُزْنِهِمَا، يَا جِبْرِيلُ تَقْبِضُ إِبْرَاهِيمَ، فَدَيْتُهُ بِإِبْرَاهِيمَ» . قَالَ فَقُبِضَ بَعْدَ ثَلاثٍ. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى الْحُسَيْنَ مُقْبِلا قَبَّلَهُ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَرَشَفَ ثَنَايَاهُ وَقَالَ: «فديت من فديته بابني إبراهيم » .
قال الشيخ أبو بكر: دلس النقاش بن صاعد فقال نا يحيى بن محمد بن عبد الملك الخياط، وأقل مما شرح في هذين الحديثين تسقط به عدالة المحدث ويترك الاحتجاج به.
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بن أَبِي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش فقال: كان يكذب في الحديث والغالب عليه القصص.
سألت أبا بكر البرقاني عن النقاش فقال: كل حديثه منكر. وَحَدَّثَنِي من سمع أبا بكر ذكر تفسير النقاش فقال: ليس فيه حديث صحيح.
حَدَّثَنِي محمد بن يحيى الكرماني قَالَ: سمعت هبة اللَّه بن الْحَسَن الطبري ذكر تفسير النقاش فقال: ذاك إشفى الصدور، وليس بشفاء الصدور.
سمعت أبا الحسين بن الفضل القطان يقول: حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه في يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة فجعل يحرك شفتيه بشيء لا أعلم ما هو ثم نادى بعلو صوته: «لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ» يرددها ثلاثا، ثم خرجت نفسه. ذكر محمد بن أبي الفوارس أن مولد النقاش في سنة ست وستين ومائتين.
سمعت أبا الحسين بن رزقويه يقول: توفي أبو بكر النقاش يوم الثلاثاء ليومين مضيا من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ودفن غداة يوم الأربعاء.
قال الشيخ أبو بكر: في داره دفن، وكان يسكن دار القطن.
نسبه أبو حفص بن شاهين. وهو موصلي الأصل، ويقال: أنه مولى أبي دجانة سماك بن خرشة الأنصاري. وكان عالما بحروف القرآن، حافظا للتفسير، صنف فيه كتابا سماه «شفاء الصدور» .، وله تصانيف في القراءات وغيرها من العلوم. وكان سافر الكثير شرقا وغربا، وكتب بالكوفة، والبصرة، ومكة، ومصر، والشام، والجزيرة، والموصل، والجبال، وببلاد خراسان، وما وراء النهر.
وحدث عن: إسحاق بن سفيان الختلي، وأبو مسلم الكجي، وإبراهيم بن زهير الحلواني، وَمحمد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَان الحضرمي، وَمحمد بْن عَلِيّ بْن زيد الصائغ المكي، وأحمد بن محمد بن رشدين المصري، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَنِ السامي، والحسين بن إدريس الهرويين، والحسن بن سفيان النسوي، وخلق يطول ذكرهم، روى عنه: أبو بكر بن مجاهد، وجعفر بن محمد الخلدي، وأبو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو حفص بْن شاهين. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن بْن رزقويه، وَمحمد بْن الحسين بن الفضل، ومحمد بن أبي الفوارس، وأبو الحسن بن الحمامي المقرئ، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحربيّ، وجماعة آخرهم أبو عليّ بن شاذان. وفي أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة.
أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ البزّاز بعكبرا قال: نبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ النقاش إملاء قال: نبأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمُقْرِئُ بِالْمِصِّيصَةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سُفْيَانَ الْقَاضِي، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ بِطَبَرِسْتَانَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الأَنْصَارِيُّ بِهَرَاةَ، وَنَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ النَّحْوِيُّ بِحِمْصَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ قِيرَاطٍ بِدِمَشْقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِالرَّمْلَةِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْطَاكِيَّانِ بِأَنْطَاكِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أيّوب القلّا بِطَبَرِيَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي بِحِمْصَ قَالُوا: نبأنا كثير بن عبيد قال: نبأنا بَقِيَّةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَن أَبِيهِ، عَنْ عائشة قالت: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَدْعُونَ مَنْ دُونِهِ إِلا أُنْثَى- إِلا نَصْرَ بْنَ مَنْصُورٍ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا كثير قال: نبأنا بَقِيَّةُ، وَالْمُعَافَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ.
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ قال: نبأنا أَبُو غَالِبِ ابْنُ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: نبأنا زائدة، عن لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَلْتُ الله ألا يستجيب لدعاء حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ »
. حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، عن أبي الحسن علي بن عمر الحافظ قَالَ: حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ بِحَدِيثِ أَبِي غَالِبٍ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ أَخِي أبي بكر بن بنت معاوية لأبيه فقال: نا أبو غالب قال نا جَدِّي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَائِدَةَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَأَلْتُ الله ألا يَسْتَجِيبَ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ »
. فَأَنْكَرْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبَا غَالِبٍ لَيْسَ هُوَ ابْنَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ وَإِنَّمَا أَخُوهُ لأَبِيهِ. ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ثِقَةٌ وَزَائِدَةُ مِنَ الأَثْبَاتِ الأَئِمَّةِ، وَهَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ مُرَكَّبٌ فَرَجَعَ عَنْهُ. وَقَالَ: هُوَ فِي كِتَابِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي غَالِبٍ وَأَرَانِي كِتَابًا لَهُ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَهْرِهِ أبو غالب قال نبأنا جدي. قال أبو
الْحَسَنِ: وَأَحْسَبُ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ. وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُرَكَّبًا فِي الْكِتَابِ عَلَى أَبِي غالب فتوهم أَنَّهُ مِنْ حَدِيثٍ أَبِي غَالِبٍ وَاسْتَغْرَبَهُ وَكَتَبَهُ، فَلَمَّا وَقَفْنَاهُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْهُ. قَالَ أبو الحسن: وحدث بحديث عن يحيى بن محمد بن صاعد، فقال فيه: حَدَّثَنَا يحيى بن محمد المديني قال نا إدريس بن عيسى القطان عن شيخ له ثقة- إما إسحاق الأزرق أو زيد بن الحباب- أحد هذين، الشك من أبي الحسن عن سفيان الثوري عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عن ابن عباس قصة إبراهيم والحسن والحسين، وهذا حديث باطل كذب على كل من رواه، ابن صاعد فمن فوقه. وأحسب حديثه أنه وقع إليه كتاب لرجل غير موثوق به قد وضعه في كتابه أو وضع له علي أبي محمد بن صاعد فظن أنه من صحيح حديثه فرواه فدخل عليه الوهم وظن أنه من سماعه من ابن صاعد.
قال الشيخ أبو بكر: لا أعرف وجه قول أبي الحسن في أبي غالب إنه ليس بابن بنت معاوية بن عمرو لأن أبا غالب كان يذكر أن معاوية بن جده. وأما حديث النقاش عنه فقد رواه عنه أيضا أبو علي الكوكبي.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بن عبد الواحد الوكيل قال أنبأنا إسماعيل بن سعيد المعدّل قال نبأنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ قَالَ نبأنا أَبُو غَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي جَدِّي مُعَاوِيَةُ عَمْرٍو عَنْ زَائِدَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «سألت ربي ألا يشفع حبيبا يدعو علي حبيبه »
. قال الشيخ أبو بكر: والحديث الثاني إنما هو عن زيد بن الحباب لا عن إسحاق الأزرق وقد.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ المقرئ قال نبأنا محمّد بن الحسن النقاش قال: نبأنا يحيى بن محمد بن عبد الملك الخياط قال نبأنا إدريس بن عيسى المخزوميّ القطّان قال نبأنا زيد بن الحباب قال نبأنا سفيان الثوري عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عن أبي الْعَبَّاسِ. قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى فَخِذِهِ الأَيْسَرِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَلَى فَخِذِهِ الأَيْمَنِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، تَارَةً يُقَبِّلُ هَذَا وَتَارَةً يُقَبِّلُ هَذَا، إِذْ هَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِوَحْيٍ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ. قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ من ربي
فقال: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامُ وَيَقُولُ لَكَ: لَسْتُ أَجْمَعُهُمَا لَكَ فَافْدِ أَحَدَهُمَا بِصَاحِبِهِ» . فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَبَكَى، وَنَظَرَ إِلَى الْحُسَيْنِ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:
«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أُمُّهُ أَمَةٌ وَمَتَى مَاتَ لَمْ يَحْزَنْ عَلَيْهِ غَيْرِي، وَأُمَّ الْحُسَيْنِ فَاطِمَةُ وَأَبُوهُ عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّي لَحْمِي وَدَمِي وَمَتَى مَاتَ حَزِنَتِ ابْنَتِي وَحَزِنَ ابْنُ عَمِّي وَحَزِنْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَأَنَا أُوثِرُ حُزْنِي عَلَى حُزْنِهِمَا، يَا جِبْرِيلُ تَقْبِضُ إِبْرَاهِيمَ، فَدَيْتُهُ بِإِبْرَاهِيمَ» . قَالَ فَقُبِضَ بَعْدَ ثَلاثٍ. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى الْحُسَيْنَ مُقْبِلا قَبَّلَهُ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ وَرَشَفَ ثَنَايَاهُ وَقَالَ: «فديت من فديته بابني إبراهيم » .
قال الشيخ أبو بكر: دلس النقاش بن صاعد فقال نا يحيى بن محمد بن عبد الملك الخياط، وأقل مما شرح في هذين الحديثين تسقط به عدالة المحدث ويترك الاحتجاج به.
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بن أَبِي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش فقال: كان يكذب في الحديث والغالب عليه القصص.
سألت أبا بكر البرقاني عن النقاش فقال: كل حديثه منكر. وَحَدَّثَنِي من سمع أبا بكر ذكر تفسير النقاش فقال: ليس فيه حديث صحيح.
حَدَّثَنِي محمد بن يحيى الكرماني قَالَ: سمعت هبة اللَّه بن الْحَسَن الطبري ذكر تفسير النقاش فقال: ذاك إشفى الصدور، وليس بشفاء الصدور.
سمعت أبا الحسين بن الفضل القطان يقول: حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه في يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة فجعل يحرك شفتيه بشيء لا أعلم ما هو ثم نادى بعلو صوته: «لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ» يرددها ثلاثا، ثم خرجت نفسه. ذكر محمد بن أبي الفوارس أن مولد النقاش في سنة ست وستين ومائتين.
سمعت أبا الحسين بن رزقويه يقول: توفي أبو بكر النقاش يوم الثلاثاء ليومين مضيا من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ودفن غداة يوم الأربعاء.
قال الشيخ أبو بكر: في داره دفن، وكان يسكن دار القطن.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد الله، أبو المفضل الشيباني الكوفي :
نزل بَغْدَاد وَحدث بِهَا عَنْ مُحَمَّد بْن جرير الطبري، ومحمد بْن العباس اليزيدي، ومحمد بْن مُحَمَّد الباغندي، وعبد اللَّه بْن محمد البغوي، وأبي بكر بْن أَبِي داود، ومحمد بْن الحسين الأشناني، وعبد اللَّه بْن أبي سفيان الموصلي، ومحمّد بن القاسم ابن زكريا المحاربي، وعن خلق كثير من المصريين، والشاميين، والجزريين، وأهل الثغور معروفين ومجهولين.
وكان يروي غرائب الحديث، وسؤالات الشيوخ. فكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، ثم بان كذبه فمزقوا حديثه، وأبطلوا روايته. وكان بعد يضع الأحاديث للرافضة ويملي في مسجد الشرقية.
حَدَّثَنِي عنه أبو الحسن النعيمي، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم الأزهري، وأحمد بن محمد العتيقي، وعبد الملك بن عبد القاهر الأسدي، والقاضي التنوخي، وغيرهم.
حَدَّثَنِي عبد الملك بن عبد القاهر قَالَ: أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد الله بن البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن مطر بن بحر بن مرة بن همّام ابن مرة بن ذهل بن شيبان.
سمعت الأزهري ذكر أبا المفضل فأساء ذكره والثناء عليه ثم قَالَ: وقد كان يحفظ.
وَقَالَ أبو الحسن الدارقطني: أبو المفضل يشبه الشيوخ.
حَدَّثَنِي القاضي أبو العلاء الواسطي قَالَ: كان أبو المفضل حسن الهيئة، جميل الظاهر، نظيف اللبسة.
وسمعت الدارقطني سئل عنه فقال: يشبه الشيوخ.
سألت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق عن أبي المفضل فقال: كان يضع الحديث وقد كتبت عنه، وكان له سمت ووقار.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَطَّارُ- قطيط- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ العراد الكبير، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شمُونٍ الْبَصْرِيُّ، حدّثنا أبو شعيب حميد بن شعيب، حَدَّثَنِي أَبُو جَمِيلَةَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا تَحَبَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِأَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
. سمعت من يذكر أن أبا المفضل لما حدث عن ابن العراد قيل له: من أيها سمعت من الأكبر أو الأصغر؟ - وكانا أخوين- فقال: من الأكبر، فسئل عن السنة التي سمع منه فيها فذكر وقتا مات ابن العراد الأكبر قبله بمدة، فكذبه الدارقطني في ذلك، وأسقط حديثه.
وَقَالَ لي الأزهري: كان أبو المفضل دجالا كذابا، ما رأينا له أصلا قط، وكان معه فروع فوائد قد خرجها في مائة جزء فيها سؤالات كل شيخ. ولما حدّث عن أبي عيسى بن العراد كذبه الدارقطني في روايته عنه، لأنه زعم أنه سمع منه في سنة عشر وثلاثمائة، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثمائة.
كذا قَالَ لي الأزهري وهو خطأ؛ كانت وفاة أبي عيسى في سنة اثنتين وثلاثمائة.
قَالَ لي الأزهري: وقد كان الدارقطني انتخب عليه وكتب الناس بانتخابه على أبي المفضل سبعة عشر جزءا. وظاهر أمره أنه كان يسرق الحديث.
وأخبرنا علي بن أبي علي قَالَ: سألت أبا المفضل عن مولده فقال: في سنة سبع وتسعين ومائتين. وأول سماعي الصحيح سنة ست وثلاثمائة.
حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف يقول: ذكر لأبي الحسن الدارقطني أن أبا المفضل الشيباني حدث عن العمري عن أبي كريز بحديث شعبة عَنِ الْحَكَمِ عْنِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، قَالَ أبو الحسن:
حدث عدو الله بهذا؟ معاذ الله ما حدث العمري بهذا البتة هو ذا يركب أيضا.
حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ: توفي أبو المفضل فِي شهر ربيع الآخر من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فيها توفي أبو المفضل الشيباني ببغداد في التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر وكان كثير التخليط.
نزل بَغْدَاد وَحدث بِهَا عَنْ مُحَمَّد بْن جرير الطبري، ومحمد بْن العباس اليزيدي، ومحمد بْن مُحَمَّد الباغندي، وعبد اللَّه بْن محمد البغوي، وأبي بكر بْن أَبِي داود، ومحمد بْن الحسين الأشناني، وعبد اللَّه بْن أبي سفيان الموصلي، ومحمّد بن القاسم ابن زكريا المحاربي، وعن خلق كثير من المصريين، والشاميين، والجزريين، وأهل الثغور معروفين ومجهولين.
وكان يروي غرائب الحديث، وسؤالات الشيوخ. فكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، ثم بان كذبه فمزقوا حديثه، وأبطلوا روايته. وكان بعد يضع الأحاديث للرافضة ويملي في مسجد الشرقية.
حَدَّثَنِي عنه أبو الحسن النعيمي، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم الأزهري، وأحمد بن محمد العتيقي، وعبد الملك بن عبد القاهر الأسدي، والقاضي التنوخي، وغيرهم.
حَدَّثَنِي عبد الملك بن عبد القاهر قَالَ: أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد الله بن البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن مطر بن بحر بن مرة بن همّام ابن مرة بن ذهل بن شيبان.
سمعت الأزهري ذكر أبا المفضل فأساء ذكره والثناء عليه ثم قَالَ: وقد كان يحفظ.
وَقَالَ أبو الحسن الدارقطني: أبو المفضل يشبه الشيوخ.
حَدَّثَنِي القاضي أبو العلاء الواسطي قَالَ: كان أبو المفضل حسن الهيئة، جميل الظاهر، نظيف اللبسة.
وسمعت الدارقطني سئل عنه فقال: يشبه الشيوخ.
سألت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق عن أبي المفضل فقال: كان يضع الحديث وقد كتبت عنه، وكان له سمت ووقار.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَطَّارُ- قطيط- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ العراد الكبير، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شمُونٍ الْبَصْرِيُّ، حدّثنا أبو شعيب حميد بن شعيب، حَدَّثَنِي أَبُو جَمِيلَةَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا تَحَبَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِأَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
. سمعت من يذكر أن أبا المفضل لما حدث عن ابن العراد قيل له: من أيها سمعت من الأكبر أو الأصغر؟ - وكانا أخوين- فقال: من الأكبر، فسئل عن السنة التي سمع منه فيها فذكر وقتا مات ابن العراد الأكبر قبله بمدة، فكذبه الدارقطني في ذلك، وأسقط حديثه.
وَقَالَ لي الأزهري: كان أبو المفضل دجالا كذابا، ما رأينا له أصلا قط، وكان معه فروع فوائد قد خرجها في مائة جزء فيها سؤالات كل شيخ. ولما حدّث عن أبي عيسى بن العراد كذبه الدارقطني في روايته عنه، لأنه زعم أنه سمع منه في سنة عشر وثلاثمائة، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثمائة.
كذا قَالَ لي الأزهري وهو خطأ؛ كانت وفاة أبي عيسى في سنة اثنتين وثلاثمائة.
قَالَ لي الأزهري: وقد كان الدارقطني انتخب عليه وكتب الناس بانتخابه على أبي المفضل سبعة عشر جزءا. وظاهر أمره أنه كان يسرق الحديث.
وأخبرنا علي بن أبي علي قَالَ: سألت أبا المفضل عن مولده فقال: في سنة سبع وتسعين ومائتين. وأول سماعي الصحيح سنة ست وثلاثمائة.
حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف يقول: ذكر لأبي الحسن الدارقطني أن أبا المفضل الشيباني حدث عن العمري عن أبي كريز بحديث شعبة عَنِ الْحَكَمِ عْنِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، قَالَ أبو الحسن:
حدث عدو الله بهذا؟ معاذ الله ما حدث العمري بهذا البتة هو ذا يركب أيضا.
حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ: توفي أبو المفضل فِي شهر ربيع الآخر من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد العتيقي قَالَ: سنة سبع وثمانين وثلاثمائة فيها توفي أبو المفضل الشيباني ببغداد في التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر وكان كثير التخليط.
محمد بن أحمد بن محمد بن بختويه، أبو بكر الْبَلْخِيُّ:
قدم بَغْدَاد. وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ أَحْمَد بْن محمد بن سهل القاضي البلخي، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن المظفر.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقِيهُ قال نبأنا محمّد بن المظفر الحافظ إملاء قال نبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن بختويه البلخيّ قال نبأنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُشَيْشٍ الْبَصْرِيُّ.
قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي خُشَيْشٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السّلام. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لا يَكُونَ شَاخِصًا إِلا فِي ثَلاثٍ: طَلَبٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ »
. 251- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن علي بن يقطين بن موسى بن عبد الرحمن، أبو عبد الله البزاز:
سمع الفضل بْن موسى البصري مولى بني هاشم. روى عنه ابن شاهين.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ. قالا: أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ قال نبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن علي بن يقطين بن موسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن
جعفر بن علي بن يقطين بن مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ أَبُو عَبْدِ الله قال نبأنا الفضل ابن موسى قال نبأنا أبو عامر قال نبأنا رَبَاحٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «من السُّحْتِ كَسْبُ الْحَجَّامِ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ »
. 252- محمد بن أحمد بن محمد بن الحارث بن كثير بن غزوان بن عبد ربه، أبو الطيب، يعرف بابن الكاتب:
ذكر أبو القاسم ابن الثلاج: أنه حدّث في سنة ست وعشرين وثلاثمائة عن عمرو ابن تميم الطبري.
قدم بَغْدَاد. وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ أَحْمَد بْن محمد بن سهل القاضي البلخي، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن المظفر.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقِيهُ قال نبأنا محمّد بن المظفر الحافظ إملاء قال نبأنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن بختويه البلخيّ قال نبأنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُشَيْشٍ الْبَصْرِيُّ.
قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي خُشَيْشٍ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ الْوَاسِطِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السّلام. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ لا يَكُونَ شَاخِصًا إِلا فِي ثَلاثٍ: طَلَبٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ خُطْوَةٍ لِمَعَادٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ »
. 251- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن علي بن يقطين بن موسى بن عبد الرحمن، أبو عبد الله البزاز:
سمع الفضل بْن موسى البصري مولى بني هاشم. روى عنه ابن شاهين.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ. قالا: أنبأنا عمر بن أحمد الواعظ قال نبأنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن علي بن يقطين بن موسى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن
جعفر بن علي بن يقطين بن مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ أَبُو عَبْدِ الله قال نبأنا الفضل ابن موسى قال نبأنا أبو عامر قال نبأنا رَبَاحٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «من السُّحْتِ كَسْبُ الْحَجَّامِ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ »
. 252- محمد بن أحمد بن محمد بن الحارث بن كثير بن غزوان بن عبد ربه، أبو الطيب، يعرف بابن الكاتب:
ذكر أبو القاسم ابن الثلاج: أنه حدّث في سنة ست وعشرين وثلاثمائة عن عمرو ابن تميم الطبري.
محمد بن الفضل بن احمد بن محمد الفقيه أبو عبد الله الفراوي النيسابوري.
حدث بصحيح مسلم عن عبد الغافر بن محمد الفارسي وبكتاب غريب الحديث للخطابي عن عبد الغافر عنه وسمع صحيح البخاري من سعيد بن أبي سعيد العيار بسماعه من محمد بن عمر النسوي ومن محمد بن أحمد الحفصي بسماعة من الكشميهني وأكثره من محمد بن علي الخبازي وسمع الكثير من أبي بكر البيهقي وأبي القاسم القشيري وممن أقدم منهما مثل أبي حفص عمر بن مسرور الزاهد وأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الحافظ وأخيه أبي يعلى إسحاق وأبي عثمان سعيد بن محمد البحيري وأبي سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي في خلق كثير.
سمع منه الأئمة والحفاظ ورحل إليه من الأقطار حدث عنه أبو القاسم بن عساكر وأبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهذاني وأبو سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني وبعدهم احمد بن إسماعيل القزويني ومحمد بن علي بن الوحش الحراني وأبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار
وعبد السلام بن عبد الرحمن الأكفاني وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري وأبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد الفراوي في جماعة آخرهم المؤيد بن محمد بن علي الطوسي.
أخبرنا منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي والمؤيد بن محمد الطوسي منفردين بنيسابور قالا أنبأ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي أنبأ أبو حفص عمر بن مسرور الزاهد أنبأ أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي أنبأ أبو بكر محمد بن نعيم ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع"1 أخرجه مسلم عن قتيبة بن سعيد.
توفي أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي في يوم الحميس حادي عشري شوال من سنة ثلاثين وخمسمائة قال أبو سعد السمعاني ما رأيت في شيوخي مثله قال وسمعت عبد الرشيد الطبري بمرو يقول للفراوي "ألف راوي".
حدث بصحيح مسلم عن عبد الغافر بن محمد الفارسي وبكتاب غريب الحديث للخطابي عن عبد الغافر عنه وسمع صحيح البخاري من سعيد بن أبي سعيد العيار بسماعه من محمد بن عمر النسوي ومن محمد بن أحمد الحفصي بسماعة من الكشميهني وأكثره من محمد بن علي الخبازي وسمع الكثير من أبي بكر البيهقي وأبي القاسم القشيري وممن أقدم منهما مثل أبي حفص عمر بن مسرور الزاهد وأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني الحافظ وأخيه أبي يعلى إسحاق وأبي عثمان سعيد بن محمد البحيري وأبي سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي في خلق كثير.
سمع منه الأئمة والحفاظ ورحل إليه من الأقطار حدث عنه أبو القاسم بن عساكر وأبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهذاني وأبو سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني وبعدهم احمد بن إسماعيل القزويني ومحمد بن علي بن الوحش الحراني وأبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار
وعبد السلام بن عبد الرحمن الأكفاني وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشعري وأبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد الفراوي في جماعة آخرهم المؤيد بن محمد بن علي الطوسي.
أخبرنا منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي والمؤيد بن محمد الطوسي منفردين بنيسابور قالا أنبأ أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي أنبأ أبو حفص عمر بن مسرور الزاهد أنبأ أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي أنبأ أبو بكر محمد بن نعيم ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع"1 أخرجه مسلم عن قتيبة بن سعيد.
توفي أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي في يوم الحميس حادي عشري شوال من سنة ثلاثين وخمسمائة قال أبو سعد السمعاني ما رأيت في شيوخي مثله قال وسمعت عبد الرشيد الطبري بمرو يقول للفراوي "ألف راوي".
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، أبو بكر الصفار ، يعرف بابن أبي العباس:
حدث عَنِ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل المحاملي. حَدَّثَنِي عنه أبو الحسين محمد بن محمد بن علي الشروطي. وَقَالَ لي: سمعت منه في سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
وَحَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري: أنه سمع منه فسألته عنه. فقال: نبيل ثقة.
حدث عَنِ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل المحاملي. حَدَّثَنِي عنه أبو الحسين محمد بن محمد بن علي الشروطي. وَقَالَ لي: سمعت منه في سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
وَحَدَّثَنِي أبو القاسم الأزهري: أنه سمع منه فسألته عنه. فقال: نبيل ثقة.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حسنون، أبو الحسين المعروف بابن النرسي :
سمع محمد بن إسماعيل الوراق، وموسى بن جعفر السراج، وعلي بن عمر الحربي، وأبا حفص الكَتَّاني، ومُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي ميمي، وأحمد بن منصور النوشري، وغيرهم من البغداديّين. وسمع بدمشق عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي.
كتبنا عنه وكان صدوقا ثقة من أهل القرآن حسن الاعتقاد. وسَأَلْتُهُ عَن مولده.
فقَالَ: فِي سنة سبع وستين وثلاثمائة [ومات يوم الثلاثاء ودفن يوم الأربعاء الثالث عشر من صفر سنة ست وخمسين وأربعمائة في مقبرة باب حرب ] .
سمع محمد بن إسماعيل الوراق، وموسى بن جعفر السراج، وعلي بن عمر الحربي، وأبا حفص الكَتَّاني، ومُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي ميمي، وأحمد بن منصور النوشري، وغيرهم من البغداديّين. وسمع بدمشق عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي.
كتبنا عنه وكان صدوقا ثقة من أهل القرآن حسن الاعتقاد. وسَأَلْتُهُ عَن مولده.
فقَالَ: فِي سنة سبع وستين وثلاثمائة [ومات يوم الثلاثاء ودفن يوم الأربعاء الثالث عشر من صفر سنة ست وخمسين وأربعمائة في مقبرة باب حرب ] .
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن الفرج بن أبي طاهر، أبو عبد الله الدّقّاق، عرف بابن البياض :
ولد في صفر من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وسمع أحمد بن سلمان النجاد، وعلي بْن مُحَمَّد بْن الزبير الكوفِي، وَعَبْد اللَّهِ بْن إِسْحَاق البغوي، وأحمد بْن عثمان ابن الأدمي، وجعفرا الخلدي، وأبا بكر الشافعي، ونحوهم.
كتبنا عنه بانتخاب هبة الله بن الحسن الطبري، وكان شيخا فاضلا دينا صالحا ثقة من أهل القرآن. ومات في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان سنة خمس عشرة وأربعمائة وكنت إذ إذ ذاك غائبا عَن بَغْدَاد فِي رحلتي إلى نيسابور.
ولد في صفر من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وسمع أحمد بن سلمان النجاد، وعلي بْن مُحَمَّد بْن الزبير الكوفِي، وَعَبْد اللَّهِ بْن إِسْحَاق البغوي، وأحمد بْن عثمان ابن الأدمي، وجعفرا الخلدي، وأبا بكر الشافعي، ونحوهم.
كتبنا عنه بانتخاب هبة الله بن الحسن الطبري، وكان شيخا فاضلا دينا صالحا ثقة من أهل القرآن. ومات في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان سنة خمس عشرة وأربعمائة وكنت إذ إذ ذاك غائبا عَن بَغْدَاد فِي رحلتي إلى نيسابور.
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن رزق بن عبد الله بن يزيد بن خالد، أبو الحسن البزاز، المعروف بابن رزقويه :
كان يذكر أن له نسبا في همدان. وسمع إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الصَّفَّار، ومُحَمَّد بْن عَمْرو الرزاز، وأبا الحسن المصري، ومُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عُمَر بْن عَلِيّ بن حرب، والحسن بن على بن الشيرزاذي، وأبا الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَسْكَرِيُّ، ومن في طبقتهم. ومن بعدهم.
وكان ثقة صدوقا كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد جميل المذهب، مديما لتلاوة القرآن، شديدا على أهل البدع. ومكث يملي في جامع المدينة من بعد سنة ثمانين وثلاثمائة إلى قبل وفاته بمديدة. وهو أول شيخ كتبت عنه وأول ما سمعت منه
في سنة ثلاث وأربعمائة، وكتبت عنه إملاء مجلسا واحدا، ثم انقطعت عنه إلى أول سنة ست. عدت فوجدته قد كف بصره فلازمته إلى آخر عمره.
وسمعته يقول: ولدت في يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وقال: وَأَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنَ الصَّفَّارِ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الْفُتْيَا فِي الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا.
قَالَ لنا ابن رزقويه: كتبت هذا الحديث عن الصفار بخطي إملاء في يوم الأربعاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. والصفار أول من سمعت منه. سمعت الأزهري يذكر أن بعض الوزراء دخل بغداد ففرق مالا كثيرا على أهل العلم وكان ابن رزقويه ممن وجه إليه من ذلك المال فقبلوا كلهم سواه فإنه رده تورعا وظلف نفس. وكان ابن رزقويه: يذكر أنه درس الفقه وعلق على مذهب الشافعي. وسمعته يقول: والله ما أحب الحياة في الدنيا لكسب ولا تجارة ولكني أحبها لذكر الله، ولقراءتي عليكم الحديث. وذكره هبة الله بن الحسن الطبري فوصفه بالإكثار من الحديث.
وسمعت أبا بكر البرقاني يسأل عنه فقال: ثقة. وكانت وفاته غداة يوم الاثنين سادس عشر من جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، ودفن من يومه بعد صلاة الظهر في مقبرة باب الدير بالقرب من معروف الكرخي. وصلى عليه ابنه أبو بكر وحضرت الصلاة عليه.
كان يذكر أن له نسبا في همدان. وسمع إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الصَّفَّار، ومُحَمَّد بْن عَمْرو الرزاز، وأبا الحسن المصري، ومُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عُمَر بْن عَلِيّ بن حرب، والحسن بن على بن الشيرزاذي، وأبا الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَسْكَرِيُّ، ومن في طبقتهم. ومن بعدهم.
وكان ثقة صدوقا كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد جميل المذهب، مديما لتلاوة القرآن، شديدا على أهل البدع. ومكث يملي في جامع المدينة من بعد سنة ثمانين وثلاثمائة إلى قبل وفاته بمديدة. وهو أول شيخ كتبت عنه وأول ما سمعت منه
في سنة ثلاث وأربعمائة، وكتبت عنه إملاء مجلسا واحدا، ثم انقطعت عنه إلى أول سنة ست. عدت فوجدته قد كف بصره فلازمته إلى آخر عمره.
وسمعته يقول: ولدت في يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وقال: وَأَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنَ الصَّفَّارِ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الْفُتْيَا فِي الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، ثُمَّ نَهَى عَنْهَا.
قَالَ لنا ابن رزقويه: كتبت هذا الحديث عن الصفار بخطي إملاء في يوم الأربعاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. والصفار أول من سمعت منه. سمعت الأزهري يذكر أن بعض الوزراء دخل بغداد ففرق مالا كثيرا على أهل العلم وكان ابن رزقويه ممن وجه إليه من ذلك المال فقبلوا كلهم سواه فإنه رده تورعا وظلف نفس. وكان ابن رزقويه: يذكر أنه درس الفقه وعلق على مذهب الشافعي. وسمعته يقول: والله ما أحب الحياة في الدنيا لكسب ولا تجارة ولكني أحبها لذكر الله، ولقراءتي عليكم الحديث. وذكره هبة الله بن الحسن الطبري فوصفه بالإكثار من الحديث.
وسمعت أبا بكر البرقاني يسأل عنه فقال: ثقة. وكانت وفاته غداة يوم الاثنين سادس عشر من جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، ودفن من يومه بعد صلاة الظهر في مقبرة باب الدير بالقرب من معروف الكرخي. وصلى عليه ابنه أبو بكر وحضرت الصلاة عليه.
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن يعقوب بن إسماعيل بن الحجاج بن الجراح، أبو الحسين النيسابوري المعروف بالحجاجي :
كان أحد قراء القرآن، قرأ على أبي بكر بن مجاهد وسمع أبا بكر بن خزيمة، ومحمد بن إسحاق السراج، وأبا العباس الماسرجسي، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأحمد بن محمد الأزهري، وأقرانهم من أهل نيسابور وسمع بالري من أحمد بن جعفر بن نصر، ومحمد بن صالح السروي. وسمع ببغداد من محمد بن جرير الطبري، وعمر بن أبي غيلان الثقفي، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وطبقتهم.
وسمع بالكوفة من علي بن العباس المقانعي، ونظرائه. وسمع بمكة من محمد بن جعفر الديبلي. وسمع بمصر من عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَان المعروف بعلان، وأشباهه.
وسمع بالشام من أحمد بن عمير بن جوصا، وأبي الجهم بن طلاب المشعراني.
وسمع بالجزيرة من أبي عروبة الحراني وغيره.
وكان عبدا صالحا. ثبتا حافظا، صنف العلل والشيوخ والأبواب، وحدث ببغداد قديما في أيام أبي بكر بن أبي داود.
فَحدثني مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب حدّثنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ حدّثني محمّد ابن مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ- يَعْنِي أَبَا الْحُسَيْنِ الْحَجَّاجِيُّ- حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق حدّثنا هنّاد بن السّري حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِيَّاكُمْ أَنْ تُهْلِكُوا النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالا، أَنْ تَضِلُّوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، فَيَقُولُ قَائِلٌ: حَدَّانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَدْ رَأَيْتُمُ رَسُولَ اللَّهِ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، الْحَدِيثُ.
قال أبو نُعَيْمٍ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ يَقُولُ: لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ. كَتَبَهُ عَنِّي زُبَيْرٌ الْحَافِظُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ.
وَقَالَ أبو نعيم: سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يقول: ما في أصحابنا افهم ولا اثبت من أبي الحسين، وأنا ألقبه بعفان لثقته. حَدَّثَنَا عن الحجاجي أبو حازم العبدوي، وأبو بكر البرقاني.
وسمعت البرقاني يقول: توفي أبو الحسين بن محمد الحجاجي في سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب عَنْ مُحَمَّد بن عبد الله الحافظ. قَالَ: توفي أبو الحسين الحجاجي في ليلة الخميس الخامس من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
كان أحد قراء القرآن، قرأ على أبي بكر بن مجاهد وسمع أبا بكر بن خزيمة، ومحمد بن إسحاق السراج، وأبا العباس الماسرجسي، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأحمد بن محمد الأزهري، وأقرانهم من أهل نيسابور وسمع بالري من أحمد بن جعفر بن نصر، ومحمد بن صالح السروي. وسمع ببغداد من محمد بن جرير الطبري، وعمر بن أبي غيلان الثقفي، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وطبقتهم.
وسمع بالكوفة من علي بن العباس المقانعي، ونظرائه. وسمع بمكة من محمد بن جعفر الديبلي. وسمع بمصر من عَلِيّ بن أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَان المعروف بعلان، وأشباهه.
وسمع بالشام من أحمد بن عمير بن جوصا، وأبي الجهم بن طلاب المشعراني.
وسمع بالجزيرة من أبي عروبة الحراني وغيره.
وكان عبدا صالحا. ثبتا حافظا، صنف العلل والشيوخ والأبواب، وحدث ببغداد قديما في أيام أبي بكر بن أبي داود.
فَحدثني مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب حدّثنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ حدّثني محمّد ابن مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ- يَعْنِي أَبَا الْحُسَيْنِ الْحَجَّاجِيُّ- حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق حدّثنا هنّاد بن السّري حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِيَّاكُمْ أَنْ تُهْلِكُوا النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالا، أَنْ تَضِلُّوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، فَيَقُولُ قَائِلٌ: حَدَّانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَدْ رَأَيْتُمُ رَسُولَ اللَّهِ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، الْحَدِيثُ.
قال أبو نُعَيْمٍ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ يَقُولُ: لَمْ نَكْتُبْهُ إِلا عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ. كَتَبَهُ عَنِّي زُبَيْرٌ الْحَافِظُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ.
وَقَالَ أبو نعيم: سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يقول: ما في أصحابنا افهم ولا اثبت من أبي الحسين، وأنا ألقبه بعفان لثقته. حَدَّثَنَا عن الحجاجي أبو حازم العبدوي، وأبو بكر البرقاني.
وسمعت البرقاني يقول: توفي أبو الحسين بن محمد الحجاجي في سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يعقوب عَنْ مُحَمَّد بن عبد الله الحافظ. قَالَ: توفي أبو الحسين الحجاجي في ليلة الخميس الخامس من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
محمد بن علي بن ميمون بن محمد، أبو الغنائم النّرسيّ، المعروف بأبي :
من أهل الكوفة. كان من حفاظ الحديث، سمع بالكوفة أبا عبد الله محمد بن علي ابن الحسن العلوي وأبا الحسن محمد بن إسحاق بن فلوية وأبا المثنّى دارم، ثم قدم بغداد وسمع بها أبا الحسن أحمد بن محمد بن كامل وأبا نصر أحمد بن عبد الله الثابتي
وأبا الفتح أحمد بن علي بن محمد الأيادي وأبا الحسين أحمد بن محمد بن قفرجل وأبا محمد الحسن بن عبد الواحد بن سهل الدياج وأبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بْنِ طاهر وأبا إسحاق إبراهيم بْن عمر بْن أَحْمَد البرمكي وأبا محمد الجوهري والقاضي أبا الطيب طاهر الطبري وآخرين، وكتب بخطه كثيرا لنفسه وتوريقا للناس، وجمع مجموعات حسان في فنون ورواها.
قَرَأْتُ بخط أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ السلامي وأنبأنيه عنه أبو محمد بن الأخضر قال: وفي هذا الشهر يعني شعبان من سنة عشر وخمسمائة مات الشيخ العدل أبو الغنائم محمد بن علي بن النّرسيّ الكوفي المقرئ المحدّث بحلة بني مزيد، وكان قد خرج من بغداد مريضا ليذهب إلى الكوفة، فمات يوم السبت السادس عشر من شعبان، وحمل إلى الكوفة ودفن هناك، وكان شيخا ثقة مأمونا فهما للحديث، عارفا بالحديث كثير تلاوة القرآن بالليل، وكان مولده على ما أخبرنا بذلك في شوال سنة أربع وعشرين وأربعمائة، فرحمه [الله] فما رأينا مثله في وقته.
من أهل الكوفة. كان من حفاظ الحديث، سمع بالكوفة أبا عبد الله محمد بن علي ابن الحسن العلوي وأبا الحسن محمد بن إسحاق بن فلوية وأبا المثنّى دارم، ثم قدم بغداد وسمع بها أبا الحسن أحمد بن محمد بن كامل وأبا نصر أحمد بن عبد الله الثابتي
وأبا الفتح أحمد بن علي بن محمد الأيادي وأبا الحسين أحمد بن محمد بن قفرجل وأبا محمد الحسن بن عبد الواحد بن سهل الدياج وأبا عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بْنِ طاهر وأبا إسحاق إبراهيم بْن عمر بْن أَحْمَد البرمكي وأبا محمد الجوهري والقاضي أبا الطيب طاهر الطبري وآخرين، وكتب بخطه كثيرا لنفسه وتوريقا للناس، وجمع مجموعات حسان في فنون ورواها.
قَرَأْتُ بخط أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ السلامي وأنبأنيه عنه أبو محمد بن الأخضر قال: وفي هذا الشهر يعني شعبان من سنة عشر وخمسمائة مات الشيخ العدل أبو الغنائم محمد بن علي بن النّرسيّ الكوفي المقرئ المحدّث بحلة بني مزيد، وكان قد خرج من بغداد مريضا ليذهب إلى الكوفة، فمات يوم السبت السادس عشر من شعبان، وحمل إلى الكوفة ودفن هناك، وكان شيخا ثقة مأمونا فهما للحديث، عارفا بالحديث كثير تلاوة القرآن بالليل، وكان مولده على ما أخبرنا بذلك في شوال سنة أربع وعشرين وأربعمائة، فرحمه [الله] فما رأينا مثله في وقته.
محمد بن عبد الرّحمن بن حرّة الطبري :
حدث عن الحسين بن إسماعيل الطبري. روى عنه محمد بن عبيد العجل.
أَخْبَرَنَا الأزهريّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: محمد بن عبد الرّحمن بن حرة الطبري حدث ببغداد بنسخة لمقاتل بن حيان من رواية نوح بن أبي مريم عنه؛ رواها عن شيخ له يقال له حسين بن إسماعيل الطّبريّ.
أخبرنا محمّد بن إسماعيل الدّاوديّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد ابن الحسين بن محمّد بن حاتم، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الطّبريّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ فَهِيَ زَانِيَةٌ»
حدث عن الحسين بن إسماعيل الطبري. روى عنه محمد بن عبيد العجل.
أَخْبَرَنَا الأزهريّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: محمد بن عبد الرّحمن بن حرة الطبري حدث ببغداد بنسخة لمقاتل بن حيان من رواية نوح بن أبي مريم عنه؛ رواها عن شيخ له يقال له حسين بن إسماعيل الطّبريّ.
أخبرنا محمّد بن إسماعيل الدّاوديّ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدّثنا محمّد ابن الحسين بن محمّد بن حاتم، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الطّبريّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ وَلِيٍّ فَهِيَ زَانِيَةٌ»