Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=134597#d91144
عُمَرَ بْن أَبِي عُمَر مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّاد بن زيد بْن درهم، أَبُو الحسين الأزدي :
ولي القضاء بِمدينة السلام فِي حياة أبيه نيابة عنه، ثم مات أبوه فأقر على القضاء إِلَى آخر عمره، وكانت المدة من ابتداء خلافته لأبيه إِلَى يوم توفي سبع عشرة سنة وعشرين يوما.
أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بن محمد بن جعفر قال: واستقضى المقتدر بالله فِي يوم النصف من سنة عشر وثلاثمائة أبا الحسين عُمَرَ بْن أَبِي عُمَر مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّاد بْن زيد- وكان قبل هذا يخلف أباه على القضاء بالجانب الشرقي والشرقية وسائر ما كان إِلَى قاضي القضاة أَبِي عُمَر، وذلك أنه استخلفه وله عشرون سنة، ثم استقضى بعد استخلاف أبيه له على أعمال كثيرة من غير الحضرة رياسة، ثم قلد مدينة السلام فِي حياة أبيه أَبِي عُمَر، وهذا رجل يستغني باشتهار فضله عَن الإطناب فِي وصفه، لأنا وجدنا البلغاء قد وصفوه فقصروا، والشعراء قد مدحوه فأكثروا. وكل يطلبون أمده فيعجزون إذ كان اللَّه تعالى جعله نسيج وحده، ومفردا في عصره ووقته. حفظ القرآن، والعلم بالحلال والحرام، والفرائض والكتاب والحساب، والعلم باللغة، والنحو والشعر والحديث، والأخبار، والنسب، وأكثر ما يتعاطاه الناس من العلوم، وأعطاه من شرف الأخلاق، وكرم الأعراق، والمجد المؤثل، والرأي المحصل، والفضل والنجابة، والفهم والإصابة، والقريحة الصافية، والمعرفة الثاقبة، والتفرد بكل فضل وفضيلة، والسمو إِلَى كل درجة رفيعة نبيلة من محمود الخصال، والفضل والكلام، ما يطول شرحه. وكان فقيها على مذهب مالك وأهل المدينة، مع معرفته بكثير من الاختلاف فِي الفقه، وكان صنف مسندا ورأيت بعضه، وكان فِي نهاية الحسن، وكان يذاكر به، وكان يحفظ عَن جده يُوسُف أحاديث ولم يزل على قضاء القضاة إِلَى يوم توفي رحمه الله.
أخبرنا التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه النصيبي أن جعفر بْن ورقاء حدثهم قَالَ: عدت من الحج أنا وأخي، فتأخر عَن تهنئتنا القاضي أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن يُوسُف وابنه أَبُو الحسين عُمَر، فكتبت إليهما:
أأستجفي أبا عُمَر وأشكو ... أو أستجفي فتاه أبا الحسين؟
بأي قضية وبأي حكم ... ألحَّا في قطيعة واصلين؟
فما جاءا ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقي موجبيين
فإن تمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لأخلص مخلصين
فإن نعتب فحق غير أنا ... نجل عَن العتاب القاضيين
فوصلت هذه الأبيات إلى أبي عمرو وهو على شغل، فأنفذها إِلَى أَبِي الحسين وأمره بالجواب عنها، فكتب إلي:
تجن واظلم، فلست منتقلا ... عَن خالص الود أيها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها ... فخلت أني لحبكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا ... يحكم بالظن والهوى حاكم
تركت حق الوداع مطرحا ... وجئت تبغي زيارة القادم
أمران لم يذهبا على فطن ... وأنت بالحكم فيهما عالم
وكان هذا مقال ذي ثقة ... وقلبه من جفائه سالم
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نصر بْن مكرم قال: قال لنا إسماعيل ابن سعيد المعدل: كان أَبُو عُمَر القاضي يَقُولُ: ما زلت مروعا من مسألة تجيئني من السلطان حتى نشأ أَبُو الحسين.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَتْحِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ مُحَمَّدِ عن أَبِي الشَّيْخِ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَرِ بن حيان الأصبهانيّ- بها- حدّثنا جدي، حدّثنا حمزة بن مسافر الخراسانيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر النيسابوري قَالَ: كتب علي بْن عيسى إِلَى بعض إخوانه فِي بعض نكباته:
إن آن أن نلتقي درينا ... من من من أهلنا علينا
قَالَ: فوجه إليه أَبُو الحسين بْن أَبِي عُمَر بمال ورقعة، وكتب إليه:
وترك مواساتي أخلاي فِي الذي ... تنال يدي ظلم لهم وعقوق
وإني لأستحيي من اللَّه أن أرى ... بعين اتساع والصديق مضيق
أَخْبَرَنِي علي بْن أَبِي عليّ، حَدَّثَنَا أَبُو علي مُحَمَّد بْن الحسن بْن المظفّر الحاتمي، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَاحِدِ الزاهد قَالَ: دخلت على أَبِي الحسين بْن أَبِي عُمَر القاضي معزيا له عَن أبيه، فلما وقع طرفي عليه قلت:
وما مات من تبقى له بعد موته ... ولا غاب من أمسى له منك شاهد
قَالَ: فكتبه فِي الوقت ولم يشغله الحال!
أخبرنا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بْن طاهر الطبري قَالَ: سمعت القاضي أبا الفرج المعافى بْن زكريا الجريري يَقُولُ: كنت أحضر مجلس أَبِي الحسين بْن أَبِي عُمَر يوم النظر فحضرت يوما أنا وجماعة من أهل العلم فِي الموضع الذي جرت العادة بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج قَالَ فدخل أعرابي- لعل له حاجة إليه- فجلس بقربنا، فجاء غراب فقعد على نخلة فِي الدار وصاح ثم طار، فقال الأعرابي: هذا الغراب يَقُولُ إن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة أيام، قَالَ: فصحنا عليه وزبرناه فقام وانصرف، واحتبس خروج أَبِي الحسين، وإذا قد خرج إلينا الغلام وقال: القاضي يستدعيكم، قَالَ: فقمنا، ودخلنا إليه وإذا به متغير اللون، منكسر البال، مغتم. فقال:
اعلموا أني أحدثكم بشيء قد شغل قلبي، وهو أني رأيت البارحة فِي المنام شخصا وهو يَقُولُ:
منازل آل حماد بْن زيد ... على أهليك والنعم السلام
وقد ضاق لذلك صدري، قال: فدعونا له وانصرفنا، فلما كان فِي اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه اللَّه.
أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر قال: توفي قاضي القضاة- يعني أبو الحسين عُمَر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف- فِي يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وصلى عَلَيْهِ ابنه أَبُو نصر، ودفن إِلَى جنب أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن يُوسُف فِي دار إِلَى جنب داره.