عمرو بن مرّة أبو طلحة
ويقال: أبو مريم الجهنيّ ويقال: الأسديّ، والأزديّ صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدم على معاوية، وكانت له بدمشق دار بناحية باب توما، ينسب إلى ابنه طلحة بن عمرو يعرف اليوم بدرب طلحة، وكان معاوية يسمّيه أسيد، وكان قوّالاً بالحقّ.
قال عمرو بن مرّة الجهنيّ: جاء رجل إلى النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أرأيت إن شهدت أن لا إله إلاّ الله، وأنك رسول الله، وصلّيت الصّلوات الخمس، وأدّيت الزّكاة، وصمت رمضان وقمته، فمن أنا؟ قال: " أنت من الصّدّيقين والشّهداء ".
عن أبي حسين، أن عمرو بن مرّة قال لمعاوية بن أبي سفيان: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " مامن وال يغلق بابه عن ذي الحاجة والخّلة والمسكنة، إلاّ غلّق الله عزّ وجلّ أبواب السّماء عن خلّته وحاجته ومسكنته ".
وزاد في آخر، قال: فجعل معاوية رجلاً على حوائج النّاس.
وروى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ ".
قال ابن سعد: كان شيخاً كبيراً في عهد النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال: أسلم قديماً، وصحب النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد معه المشاهد، وكان أول من ألحق قضاعة باليمن؛ فقال في ذلك بعض البلويّين: لا تهلكوا في لجّة عمرو يعني لجاجه وولده بدمشق.
قال أبو سعيد: بدمشق داره ناحية باب توما، ولده بها، مات بالشام في خلافة عبد الملك.
قال البغويّ: سكن مصر، وقدم دمشق على معاوية.
وقال ابن مندة: سكن فلسطين.
قال عمرو بن مرّة الجهنيّ: خرجنا حجّاجاً في الجاهلية في جماعة من قومي، فرأيت في المنام وأنا بمكة نوراً ساطعاً من الكعبة حتى أضاء لي جبل يثرب وأشعر جهينة، وسمعت صوتاً في النّور وهو يقول: انقشعت الظّلماء، وسطع الضّياء، وبعث خاتم الأنبياء؛ ثم أضاء لي إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن؛ وسمعت صوتاً في النّور وهو يقول: ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام، ووصلت الأرحام. قال: فانتبهت فزعاً، فقلت لقومي: والله ليحدثنّ في هذا الحيّ من قريش حدث؛ وأخبرتهم بما رأيت. فلّما انتهينا إلى بلادنا جاء الخبر أن رجلاً يقال له أحمد قد بعث.
قال: فخرجت حتى أتيته، وأخبرته بما رأيت، فقال: " يا عمرو بن مرّة، أنا النّبيّ
فأجابوني إلاّ رجلاً منهم قال: يا عمرو بن مرّة أمرّ الله عيشك أتأمرني برفض آلهتنا، وأن نفرّق جمعنا، وأن نخالف دين آبائنا الشّيم العلى إلى ما يدعونا إليه هذا القرشيّ من أهل تهامة؟ لاحباء ولا كرامة. ثم أنشأ الخبيث يقول: من الكامل
إنّ ابن مرّة قد أتى بمقالة ... ليست مقالة من يريد صلاحا
إني لأحسب قوله ممّن وفعاله ... يوماً وإن طال الزّمان ذباحا
ليسفّه الأشياخ ممّن قد مضى ... من رام لا أصاب فلاحا
قال: فقال عمرو: الكاذب منّي ومنك أمرّ الله عيشه، وأبكم لسانه، وأكمه أسنانه.
قال: فوالله مامات حتى سقط فوه، وعمي، وخرف، وكان لا يجد طعم الطّعام؛ فخرج عمرو بمن أسلم من قومه حتى أتوا النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحيّاهم ورحبّ بهم، وكتب لهم كتاباً هذه نسخته: " بسم الله الرحمن الرّحيم " هذا كتاب من الله العزيز على لسان رسوله بحقّ صادق وكتاب ناطق، مع عمرو بن مرّة لجهينه بم زيد، أن لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الأودية وظهورها؛ على أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها، على أن تؤدّوا الخمس وتصلّوا الخمس، وفي الغنيمة والصّريمة شاتان إذا اجتمعا، فإن فرّقتا فشاة شاة، ليس على أهل المثيرة صدقة، ولا على الواردة لبقة، والله شهيد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين كتاب قيس بن شماس وفي ذلك يقول عمرو بن مرّة: من الطويل
ألم تر أن الله أظهر دينه ... وبيّن برهان الران لعامر
إلى خير من يمشي على الأرض كلّها ... وأفضلها عند اعتكار الضّرائر
أطعنا رسول الله لّما تقطّعت ... بطون الأعادي بالظّبى والخناجر
فنحن قبيل قد بني المجد حولنا ... إذا احتملت في الحرب هام الأكابر
بنو الحرب نقريها بأيد طويلة ... وبيض تلالا في أكفّ الأعاور
ترى حوله الأنصار يحيون سربهم ... بسمر العوالي والصّفيح البواتر
إذا الحرب دارت عند كلّ عظيمة ... ودارت رحاها باللّيوث الهوامر
تبلّج منه اللّون وازداد وجهه ... كمثل ضياء البدر بين البواهر
قال معاوية يوماً لعمرو بن مرّة الجهنيّ: هل لك أن تقوم مقامً تقول: إن قضاعة من معدّ، وأطعمك مصر والعراق سنةً؟ قال: إذا شئت. فتقدّم معاوية إلى أصحابه أن يكونوا حول المنبر، وجاء عمرو بن مرّة يرفل في حلله حتى صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: من الرجز
يا أيّها السّائل يوم المعجر ... حيث التقينا في العجاج الأكبر
قضاعة بن مالك بن حمير ... النّسب المعروف غير المنكر
فقال معاوية: مالك قطع الله لسانك؟ فقام إليه ابنه زهير فقال: يا أبه، ما كان عليك أن تشفع أمير المؤمنين ويطعمك مصر والعراق سنة! فأنشأ عمرو يقول: من الكامل
يوماً أطعتك يا زهير كسوتني ... في النّاس ضاحيةً ثياب صغار
أنبيع والدنا الذي ندعى له ... بأبي معاشر غائب متوار
قحطان والدنا الذي نسمو به ... وأبو خزيمة خندف بن نزار
قال خليفة: وفيها يعني سنة تسع وخمسين شتا عمرو بن مرّة بأرض الرّوم في البرّ، ولم يكن عامئذ بحر.
ويقال: أبو مريم الجهنيّ ويقال: الأسديّ، والأزديّ صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدم على معاوية، وكانت له بدمشق دار بناحية باب توما، ينسب إلى ابنه طلحة بن عمرو يعرف اليوم بدرب طلحة، وكان معاوية يسمّيه أسيد، وكان قوّالاً بالحقّ.
قال عمرو بن مرّة الجهنيّ: جاء رجل إلى النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أرأيت إن شهدت أن لا إله إلاّ الله، وأنك رسول الله، وصلّيت الصّلوات الخمس، وأدّيت الزّكاة، وصمت رمضان وقمته، فمن أنا؟ قال: " أنت من الصّدّيقين والشّهداء ".
عن أبي حسين، أن عمرو بن مرّة قال لمعاوية بن أبي سفيان: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " مامن وال يغلق بابه عن ذي الحاجة والخّلة والمسكنة، إلاّ غلّق الله عزّ وجلّ أبواب السّماء عن خلّته وحاجته ومسكنته ".
وزاد في آخر، قال: فجعل معاوية رجلاً على حوائج النّاس.
وروى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ ".
قال ابن سعد: كان شيخاً كبيراً في عهد النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال: أسلم قديماً، وصحب النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد معه المشاهد، وكان أول من ألحق قضاعة باليمن؛ فقال في ذلك بعض البلويّين: لا تهلكوا في لجّة عمرو يعني لجاجه وولده بدمشق.
قال أبو سعيد: بدمشق داره ناحية باب توما، ولده بها، مات بالشام في خلافة عبد الملك.
قال البغويّ: سكن مصر، وقدم دمشق على معاوية.
وقال ابن مندة: سكن فلسطين.
قال عمرو بن مرّة الجهنيّ: خرجنا حجّاجاً في الجاهلية في جماعة من قومي، فرأيت في المنام وأنا بمكة نوراً ساطعاً من الكعبة حتى أضاء لي جبل يثرب وأشعر جهينة، وسمعت صوتاً في النّور وهو يقول: انقشعت الظّلماء، وسطع الضّياء، وبعث خاتم الأنبياء؛ ثم أضاء لي إضاءة أخرى حتى نظرت إلى قصور الحيرة وأبيض المدائن؛ وسمعت صوتاً في النّور وهو يقول: ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام، ووصلت الأرحام. قال: فانتبهت فزعاً، فقلت لقومي: والله ليحدثنّ في هذا الحيّ من قريش حدث؛ وأخبرتهم بما رأيت. فلّما انتهينا إلى بلادنا جاء الخبر أن رجلاً يقال له أحمد قد بعث.
قال: فخرجت حتى أتيته، وأخبرته بما رأيت، فقال: " يا عمرو بن مرّة، أنا النّبيّ
فأجابوني إلاّ رجلاً منهم قال: يا عمرو بن مرّة أمرّ الله عيشك أتأمرني برفض آلهتنا، وأن نفرّق جمعنا، وأن نخالف دين آبائنا الشّيم العلى إلى ما يدعونا إليه هذا القرشيّ من أهل تهامة؟ لاحباء ولا كرامة. ثم أنشأ الخبيث يقول: من الكامل
إنّ ابن مرّة قد أتى بمقالة ... ليست مقالة من يريد صلاحا
إني لأحسب قوله ممّن وفعاله ... يوماً وإن طال الزّمان ذباحا
ليسفّه الأشياخ ممّن قد مضى ... من رام لا أصاب فلاحا
قال: فقال عمرو: الكاذب منّي ومنك أمرّ الله عيشه، وأبكم لسانه، وأكمه أسنانه.
قال: فوالله مامات حتى سقط فوه، وعمي، وخرف، وكان لا يجد طعم الطّعام؛ فخرج عمرو بمن أسلم من قومه حتى أتوا النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحيّاهم ورحبّ بهم، وكتب لهم كتاباً هذه نسخته: " بسم الله الرحمن الرّحيم " هذا كتاب من الله العزيز على لسان رسوله بحقّ صادق وكتاب ناطق، مع عمرو بن مرّة لجهينه بم زيد، أن لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الأودية وظهورها؛ على أن ترعوا نباتها وتشربوا ماءها، على أن تؤدّوا الخمس وتصلّوا الخمس، وفي الغنيمة والصّريمة شاتان إذا اجتمعا، فإن فرّقتا فشاة شاة، ليس على أهل المثيرة صدقة، ولا على الواردة لبقة، والله شهيد على ما بيننا ومن حضر من المسلمين كتاب قيس بن شماس وفي ذلك يقول عمرو بن مرّة: من الطويل
ألم تر أن الله أظهر دينه ... وبيّن برهان الران لعامر
إلى خير من يمشي على الأرض كلّها ... وأفضلها عند اعتكار الضّرائر
أطعنا رسول الله لّما تقطّعت ... بطون الأعادي بالظّبى والخناجر
فنحن قبيل قد بني المجد حولنا ... إذا احتملت في الحرب هام الأكابر
بنو الحرب نقريها بأيد طويلة ... وبيض تلالا في أكفّ الأعاور
ترى حوله الأنصار يحيون سربهم ... بسمر العوالي والصّفيح البواتر
إذا الحرب دارت عند كلّ عظيمة ... ودارت رحاها باللّيوث الهوامر
تبلّج منه اللّون وازداد وجهه ... كمثل ضياء البدر بين البواهر
قال معاوية يوماً لعمرو بن مرّة الجهنيّ: هل لك أن تقوم مقامً تقول: إن قضاعة من معدّ، وأطعمك مصر والعراق سنةً؟ قال: إذا شئت. فتقدّم معاوية إلى أصحابه أن يكونوا حول المنبر، وجاء عمرو بن مرّة يرفل في حلله حتى صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال: من الرجز
يا أيّها السّائل يوم المعجر ... حيث التقينا في العجاج الأكبر
قضاعة بن مالك بن حمير ... النّسب المعروف غير المنكر
فقال معاوية: مالك قطع الله لسانك؟ فقام إليه ابنه زهير فقال: يا أبه، ما كان عليك أن تشفع أمير المؤمنين ويطعمك مصر والعراق سنة! فأنشأ عمرو يقول: من الكامل
يوماً أطعتك يا زهير كسوتني ... في النّاس ضاحيةً ثياب صغار
أنبيع والدنا الذي ندعى له ... بأبي معاشر غائب متوار
قحطان والدنا الذي نسمو به ... وأبو خزيمة خندف بن نزار
قال خليفة: وفيها يعني سنة تسع وخمسين شتا عمرو بن مرّة بأرض الرّوم في البرّ، ولم يكن عامئذ بحر.