عمرو بْن عثمان بْن قنبر، أَبُو بشر المعروف بسيبويه النحوي :
من أهل البصرة، كان يطلب الآثار والفقه، ثم صحب الخليل بْن أَحْمَد، فبرع في النحو، وورد بغداد وجرت بينه وبين الكسائي وأصحابه مناظرة. قد شرحناها فيما تقدم من كتابنا هذا .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي البزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عمران المرزباني، أخبرني الصولي وعبد اللَّه بْن جعفر قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد النحوي قَالَ: أَبُو بشر عمرو بْن عثمان بْن قنبر مولى لبني الحارث بْن كعب بْن عمرو بْن علة بن خالد بْن مالك بْن أدد قَالَ المرزباني وَحَدَّثَنِي محمّد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد المبرد قَالَ: سيبويه يكنى أبا بشر وأبا الحسن، وهو من موالي بني الحارث بْن كعب. قَالَ المرزباني: ويقال: هو مولى آل الربيع بْن زياد الحارثي.
وتفسير سيبويه، بالفارسية رائحة التفاح.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حدّثنا محمّد بن العبّاس، أَخْبَرَنَا سليمان بْن إسحاق الجلاب قَالَ:
وسمعته- يعني إبراهيم الحربي- يقول: سمي سيبويه سيبويه، لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر بْن هارون التّميميّ:
كان سيبويه في أول أيامه يعجبه الفقهاء وأهل الحديث، وكان يستملي على حماد بْن سلمة، فلحن في حرف فعابه حماد، فأنف من ذلك ولزم الخليل- وكان من أهل فارس من البيضا ومنشؤه بالبصرة واسمه عمرو بْن عثمان بْن قنبر وكنيته أبو بشر، وسيبويه لقب وتفسيره ريح التفاح، لأن سيب التفاحة، وويه الريح، وكانت والدته ترقصه وهو صغير بذلك.
أخبرني التنوخي، حدثنا أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن يوسف بْن يَعْقُوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْد داود بْن الهيثم بْن إسحاق بن البهلول، حدّثنا حمّاد ابن إِسْحَاق بْن إِسْمَاعِيل بْن حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ نصر بْن علي قَالَ: برز من أصحاب الخليل أربعة، عمرو بْن عثمان أَبُو بشر المعروف بسيبويه، والنضر بْن شميل، وعلي ابن نصر، ومؤرج السدوسي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي، أخبرنا المرزباني، أخبرنا أبو بكر الجرجاني، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: كان سيبويه وحماد بْن سلمة أكثر في النحو من النضر بْن شميل والأخفش، وكان النضر أعلم الأربعة باللغة والحديث.
قرأت بخط القاضي أبي بكر بن الجعابي- وأخبرناه الصيمري- حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصيرفي، حدّثنا ابن الجعابي، حَدَّثَنَا الفضل- هو ابْن الحباب- عَن ابْن
سلام قَالَ: كان سيبويه النحوي مولى بني الحارث بْن كعب غاية الخلق في النحو، وكتابه هو الإمام فيه. وكان الأخفش أخذ عنه وكان أفهم الناس في النحو.
أَنْبَأَنِي الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن سلامة بْن جعفر القضاعي المصري، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بْن يَعْقُوب بْن إسماعيل بن خرزاذ النجيرمي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين علي بْن أَحْمَد المهلبي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الروذباري، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الملك التاريخي قَالَ: حَدَّثَنِي المروزي- يعني مُحَمَّد بْن يحيى ابن سليمان- عَنِ الجاحظ قَالَ: أردت الخروج إلى مُحَمَّد بْن عبد الملك ففكرت في شيء أهديه له، فلم أجد شيئا أشرف من كتاب سيبويه. فقلت له: أردت أن أهدي لك شيئا ففكرت فإذا كل شيء عندك، فلم أر أشرف من هذا الكتاب، وهذا كتاب اشتريته من ميراث الفراء. فقال: وَاللَّه ما أهديت إلي شيئا أحب إلي منه. قال التاريخي:
وحدثني ابن الأعلم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام قَالَ: كان سيبويه النحوي جالسا في حلقة بالبصرة فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة، فذكر حديثا غريبا، وَقَالَ: لم يرو هذا إلا سعيد بْن أبي العروبة. فقال له بعض ولد جعفر: ما هاتان الزيادتان يا أبا بشر؟ قَالَ:
هكذا يقال لأن العروبة يوم الجمعة. فمن قَالَ عروبة فقد أخطأ.
قَالَ ابْن سلام: فذكرت ذلك ليونس: فقال أصاب، لله دره.
وَقَالَ التاريخي: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن إسحاق الحربي قَالَ: سمعت ابْن عَائِشَة يقول:
كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد وكان شابا جميلا نظيفا قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم مع حداثة سنة وبراعته في النحو، فبينا نحن عنده ذات يوم إذ هبت ريح أطارت الورق. فقال لبعض أهل الحلقة: انظر أي ريح هي، وكان على منارة المسجد تمثال فرس، فنظر ثم عاد فقال: ما ثبت الفرس على شيء. فقال سيبويه: العرب تقول في مثل هذا قد تذاءبت الريح وتذأبت أي فعلت فعل الذئب، وذلك أن يجيء من هاهنا وهاهنا ليختل، فيتوهم الناظر أنه عدة ذئاب.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيب الطبري، وأحمد بْن عمر بْن روح قالا: حَدَّثَنَا المعافى ابن زكريا، حدّثنا محمّد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنِي أَبُو الحسن بْن كيسان قَالَ: سهرت ليلة أدرس قَالَ ثم نمت فرأيت جماعة من الجن يتذاكرون بالفقه، والحديث، والحساب، والنحو، والشعر، قَالَ: قلت: أفيكم علماء؟ قالوا: نعم! قَالَ: فقلت- من همي بالنحو- إلى من تميلون من النحويين؟ قالوا: إلى سيبويه. قَالَ أَبُو عمر: فحدثت
بها أبا موسى- وكان يغيظه لحسد كان بينهما- فقال لي أَبُو موسى: إنما مالوا إليه لأن سيبويه من الجن.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر التّميميّ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن الحسن، حَدَّثَنَا ثعلب عن سلمة قَالَ: لما دخل سيبويه من البصرة إلى مدينة السلام، أتى حلقة الكسائي وفيها غلمانه الفراء، وهشام، ونحوهما، فقال الفراء للكسائي: لا تكلمه ودعنا وإياه، فإن العامة لا تعرف ما يجري بينكما وتغليبها بالظاهر، فدعنا وإياه، فلما جلس سيبويه سأل عَنْ مسائل والفراء يجيب ثم قَالَ له الفراء: ما تقول في قول الشاعر:
تمت بقربي الزينبين كلاهما ... إليك وقربي خالد وسعيد
فلحق سيبويه حيرة السؤال، وَقَالَ: أريد أمضي لحاجة وأدخل، فلما خرج قَالَ الفراء لأهل الحلقة قد جاء وقت الانصراف فقوموا بنا فقاموا، فخرج سيبويه فذكر علة البيت، فرجع فوجدهم قد انصرفوا.
أَخْبَرَنَا هلال بْن المحسن الكاتب، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الجراح الخزاز.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا المعافى بْن زكريا قالا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأنباري، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مؤدب ولد الكيس بن المتوكل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر العبدي النحوي قَالَ: لما قدم سيبويه إلى بغداد فناظر الكسائي وأصحابه، فلم يظهر عليهم، سأل من يبذل من الملوك ويرغب في النحو؟ فقيل له: طلحة بْن طاهر، فشخص إليه إلى خراسان، فلما انتهى إلى ساوة مرض مرضه الذي مات فيه، فتمثل عند الموت:
يؤمل دنيا لتبقى له ... فوافى المنية دون الأمل
حثيثا يروي أصول الفسي ... ل فعاش الفسيل ومات الرجل
أَخْبَرَنَا عبد اللَّه بْن يحيى السكري، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحكم الواسطيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الحسن بْن علي بْن المتوكل، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن المدائني قَالَ: قَالَ أَبُو عمرو بْن يزيد: احتضر سيبويه النحوي، فوضع رأسه في حجر أخيه فأغمي عليه، قَالَ: فدمعت عين أخيه فأفاق فرآه يبكى فقال:
وكنا جميعا، فرق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى، فمن يأمن الدهرا؟
أخبرنا السّمسار، أَخْبَرَنَا الصفار. وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن عَلِيّ، أَخْبَرَنَا المرزباني قالا: حَدَّثَنَا عبد الباقي بْن قانع قَالَ: مات سيبويه النحوي بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة.
قَالَ المرزباني: وهذا غلط قبيح، لأن سيبويه بقي بعد هذا مدة طويلة. وَقَالَ المرزباني: حَدَّثَنَا ابْن دريد قَالَ: مات سيبويه بشيراز وقبره بها.
قلت: وذكر بعض أهل العلم أنه مات في سنة ثمانين ومائة، وقرئ على ظهر كتاب لأحمد بْن سعيد الدمشقي، مات سيبويه سنة أربع وتسعين ومائة.
قلت: ويقال إن سنه كانت اثنتين وثلاثين سنة.
من أهل البصرة، كان يطلب الآثار والفقه، ثم صحب الخليل بْن أَحْمَد، فبرع في النحو، وورد بغداد وجرت بينه وبين الكسائي وأصحابه مناظرة. قد شرحناها فيما تقدم من كتابنا هذا .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي البزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عمران المرزباني، أخبرني الصولي وعبد اللَّه بْن جعفر قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد النحوي قَالَ: أَبُو بشر عمرو بْن عثمان بْن قنبر مولى لبني الحارث بْن كعب بْن عمرو بْن علة بن خالد بْن مالك بْن أدد قَالَ المرزباني وَحَدَّثَنِي محمّد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد المبرد قَالَ: سيبويه يكنى أبا بشر وأبا الحسن، وهو من موالي بني الحارث بْن كعب. قَالَ المرزباني: ويقال: هو مولى آل الربيع بْن زياد الحارثي.
وتفسير سيبويه، بالفارسية رائحة التفاح.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حدّثنا محمّد بن العبّاس، أَخْبَرَنَا سليمان بْن إسحاق الجلاب قَالَ:
وسمعته- يعني إبراهيم الحربي- يقول: سمي سيبويه سيبويه، لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر بْن هارون التّميميّ:
كان سيبويه في أول أيامه يعجبه الفقهاء وأهل الحديث، وكان يستملي على حماد بْن سلمة، فلحن في حرف فعابه حماد، فأنف من ذلك ولزم الخليل- وكان من أهل فارس من البيضا ومنشؤه بالبصرة واسمه عمرو بْن عثمان بْن قنبر وكنيته أبو بشر، وسيبويه لقب وتفسيره ريح التفاح، لأن سيب التفاحة، وويه الريح، وكانت والدته ترقصه وهو صغير بذلك.
أخبرني التنوخي، حدثنا أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن يوسف بْن يَعْقُوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي، حَدَّثَنَا أَبُو سَعْد داود بْن الهيثم بْن إسحاق بن البهلول، حدّثنا حمّاد ابن إِسْحَاق بْن إِسْمَاعِيل بْن حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ نصر بْن علي قَالَ: برز من أصحاب الخليل أربعة، عمرو بْن عثمان أَبُو بشر المعروف بسيبويه، والنضر بْن شميل، وعلي ابن نصر، ومؤرج السدوسي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن علي، أخبرنا المرزباني، أخبرنا أبو بكر الجرجاني، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: كان سيبويه وحماد بْن سلمة أكثر في النحو من النضر بْن شميل والأخفش، وكان النضر أعلم الأربعة باللغة والحديث.
قرأت بخط القاضي أبي بكر بن الجعابي- وأخبرناه الصيمري- حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصيرفي، حدّثنا ابن الجعابي، حَدَّثَنَا الفضل- هو ابْن الحباب- عَن ابْن
سلام قَالَ: كان سيبويه النحوي مولى بني الحارث بْن كعب غاية الخلق في النحو، وكتابه هو الإمام فيه. وكان الأخفش أخذ عنه وكان أفهم الناس في النحو.
أَنْبَأَنِي الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن سلامة بْن جعفر القضاعي المصري، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بْن يَعْقُوب بْن إسماعيل بن خرزاذ النجيرمي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين علي بْن أَحْمَد المهلبي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الروذباري، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الملك التاريخي قَالَ: حَدَّثَنِي المروزي- يعني مُحَمَّد بْن يحيى ابن سليمان- عَنِ الجاحظ قَالَ: أردت الخروج إلى مُحَمَّد بْن عبد الملك ففكرت في شيء أهديه له، فلم أجد شيئا أشرف من كتاب سيبويه. فقلت له: أردت أن أهدي لك شيئا ففكرت فإذا كل شيء عندك، فلم أر أشرف من هذا الكتاب، وهذا كتاب اشتريته من ميراث الفراء. فقال: وَاللَّه ما أهديت إلي شيئا أحب إلي منه. قال التاريخي:
وحدثني ابن الأعلم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سلام قَالَ: كان سيبويه النحوي جالسا في حلقة بالبصرة فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة، فذكر حديثا غريبا، وَقَالَ: لم يرو هذا إلا سعيد بْن أبي العروبة. فقال له بعض ولد جعفر: ما هاتان الزيادتان يا أبا بشر؟ قَالَ:
هكذا يقال لأن العروبة يوم الجمعة. فمن قَالَ عروبة فقد أخطأ.
قَالَ ابْن سلام: فذكرت ذلك ليونس: فقال أصاب، لله دره.
وَقَالَ التاريخي: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن إسحاق الحربي قَالَ: سمعت ابْن عَائِشَة يقول:
كنا نجلس مع سيبويه النحوي في المسجد وكان شابا جميلا نظيفا قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم مع حداثة سنة وبراعته في النحو، فبينا نحن عنده ذات يوم إذ هبت ريح أطارت الورق. فقال لبعض أهل الحلقة: انظر أي ريح هي، وكان على منارة المسجد تمثال فرس، فنظر ثم عاد فقال: ما ثبت الفرس على شيء. فقال سيبويه: العرب تقول في مثل هذا قد تذاءبت الريح وتذأبت أي فعلت فعل الذئب، وذلك أن يجيء من هاهنا وهاهنا ليختل، فيتوهم الناظر أنه عدة ذئاب.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيب الطبري، وأحمد بْن عمر بْن روح قالا: حَدَّثَنَا المعافى ابن زكريا، حدّثنا محمّد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنِي أَبُو الحسن بْن كيسان قَالَ: سهرت ليلة أدرس قَالَ ثم نمت فرأيت جماعة من الجن يتذاكرون بالفقه، والحديث، والحساب، والنحو، والشعر، قَالَ: قلت: أفيكم علماء؟ قالوا: نعم! قَالَ: فقلت- من همي بالنحو- إلى من تميلون من النحويين؟ قالوا: إلى سيبويه. قَالَ أَبُو عمر: فحدثت
بها أبا موسى- وكان يغيظه لحسد كان بينهما- فقال لي أَبُو موسى: إنما مالوا إليه لأن سيبويه من الجن.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر التّميميّ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن الحسن، حَدَّثَنَا ثعلب عن سلمة قَالَ: لما دخل سيبويه من البصرة إلى مدينة السلام، أتى حلقة الكسائي وفيها غلمانه الفراء، وهشام، ونحوهما، فقال الفراء للكسائي: لا تكلمه ودعنا وإياه، فإن العامة لا تعرف ما يجري بينكما وتغليبها بالظاهر، فدعنا وإياه، فلما جلس سيبويه سأل عَنْ مسائل والفراء يجيب ثم قَالَ له الفراء: ما تقول في قول الشاعر:
تمت بقربي الزينبين كلاهما ... إليك وقربي خالد وسعيد
فلحق سيبويه حيرة السؤال، وَقَالَ: أريد أمضي لحاجة وأدخل، فلما خرج قَالَ الفراء لأهل الحلقة قد جاء وقت الانصراف فقوموا بنا فقاموا، فخرج سيبويه فذكر علة البيت، فرجع فوجدهم قد انصرفوا.
أَخْبَرَنَا هلال بْن المحسن الكاتب، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الجراح الخزاز.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا المعافى بْن زكريا قالا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الأنباري، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مؤدب ولد الكيس بن المتوكل، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر العبدي النحوي قَالَ: لما قدم سيبويه إلى بغداد فناظر الكسائي وأصحابه، فلم يظهر عليهم، سأل من يبذل من الملوك ويرغب في النحو؟ فقيل له: طلحة بْن طاهر، فشخص إليه إلى خراسان، فلما انتهى إلى ساوة مرض مرضه الذي مات فيه، فتمثل عند الموت:
يؤمل دنيا لتبقى له ... فوافى المنية دون الأمل
حثيثا يروي أصول الفسي ... ل فعاش الفسيل ومات الرجل
أَخْبَرَنَا عبد اللَّه بْن يحيى السكري، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحكم الواسطيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الحسن بْن علي بْن المتوكل، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن المدائني قَالَ: قَالَ أَبُو عمرو بْن يزيد: احتضر سيبويه النحوي، فوضع رأسه في حجر أخيه فأغمي عليه، قَالَ: فدمعت عين أخيه فأفاق فرآه يبكى فقال:
وكنا جميعا، فرق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى، فمن يأمن الدهرا؟
أخبرنا السّمسار، أَخْبَرَنَا الصفار. وأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن عَلِيّ، أَخْبَرَنَا المرزباني قالا: حَدَّثَنَا عبد الباقي بْن قانع قَالَ: مات سيبويه النحوي بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة.
قَالَ المرزباني: وهذا غلط قبيح، لأن سيبويه بقي بعد هذا مدة طويلة. وَقَالَ المرزباني: حَدَّثَنَا ابْن دريد قَالَ: مات سيبويه بشيراز وقبره بها.
قلت: وذكر بعض أهل العلم أنه مات في سنة ثمانين ومائة، وقرئ على ظهر كتاب لأحمد بْن سعيد الدمشقي، مات سيبويه سنة أربع وتسعين ومائة.
قلت: ويقال إن سنه كانت اثنتين وثلاثين سنة.