عَليّ بن جميل قَالَ بن الْجَوْزِيّ وَقد ذكر لَهُ حَدِيثا فِي فضل أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَعلي بن جميل كَانَ يضع الحَدِيث لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ بِحَال وَقد ذكر الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمته هَذَا الحَدِيث ثمَّ قَالَ تَابعه شيخ مَجْهُول يُقَال لَهُ مَعْرُوف بن أبي مَعْرُوف الْبَلْخِي عَن جرير انْتهى وَهَذِه الْمُتَابَعَة ذكرهَا بن الْجَوْزِيّ فَقَالَ وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ رجل يُقَال لَهُ مَعْرُوف وَقد سَرقه آخر فَذكره بِسَنَدِهِ إِلَى عبد الْعَزِيز بن عَمْرو الخرساني عَن جرير فَذكره ثمَّ قَالَ إِلَّا أَن الْخُرَاسَانِي مَجْهُول انْتهى وَقد ذكر الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمَة عبد الْعَزِيز بن عَمْرو مَا لَفظه عَن جرير بن عبد الحميد فِيهِ جَهَالَة وَالْخَبَر بَاطِل فَهُوَ الافة فِيهِ انْتهى فاتهم بِهِ عبد الْعَزِيز فَأعلمهُ وَالله أعلم.
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
علي بْن جميل الرقي حدث بالبواطيل عَن ثقات الناس، وَيَسْرِقُ الحديث.
قَالَ لنا الحسين بْن أبي معشر: يُكَنَّى أبا الْحَسَن.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبد اللَّهِ القطان، قالَ: سَألتُ علي بْن جميل عَن حديث جَرير، عَن لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَال: نَعم والله.
حَدَّثَنَا جَرير، عَن لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي الْجَنَّةِ وَرَقَةٌ أَوْ قَالَ شَجَرَةٌ إلاَّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عُمَر الْفَارُوقُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمد بْنِ مَوْدُودٍ، قَال: حَدَّثَنا علي بن جميل، قَال: حَدَّثَنا جَرِيرٌ بإسنادِه، نَحوه.
وَهَذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ جَرِيرٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ جَمِيلٍ وحلف عليه ان جرير حَدَّثَهُ وَقَدْ سَرَقَهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ جَمِيلٍ رَجُلٌ، يُقَال لَهُ: مَعْرُوفُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ الْبَلْخِيُّ وَمَعْرُوفٌ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
حَدَّثَنَا الفضل بن عَبد اللَّه بن مُخَلَّدٍ، وَالحُسَين بْنُ مَوْدُودٍ، قَالا: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ الرَّقِّيُّ، قَال: حَدَّثَنا الوليد بن مسلم، قَال: حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمد عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَرَأَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ سُوْرَةَ الرَّحْمَنِ حَتَّى خَتَمَهَا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوتًا كَانَتِ الْجِنُّ أَحْسَنَ اسْتِمَاعًا لَهَا مِنْكُمْ مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلاَّ قَالُوا فَبِأَيِّ آلائِكَ نُكَذِّبُ يا رب فلك الحمد
وهذا حديث يعرف بهشام بْن عمار عَن الوليد بْن مسلم ويقال سمعه من هشام يَحْيى بْن مَعِين وقد سرقه من هشام علي بْن جميل هَذَا وسليمان بْن أَحْمَد الواسطي، وعَمْرو بْن مالك النكري.
ولعلي بْن جميل غير ما ذكرت من الحديث، وَهو في جملة من سرق الحديث.
قَالَ لنا الحسين بْن أبي معشر: يُكَنَّى أبا الْحَسَن.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبد اللَّهِ القطان، قالَ: سَألتُ علي بْن جميل عَن حديث جَرير، عَن لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَال: نَعم والله.
حَدَّثَنَا جَرير، عَن لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي الْجَنَّةِ وَرَقَةٌ أَوْ قَالَ شَجَرَةٌ إلاَّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عُمَر الْفَارُوقُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمد بْنِ مَوْدُودٍ، قَال: حَدَّثَنا علي بن جميل، قَال: حَدَّثَنا جَرِيرٌ بإسنادِه، نَحوه.
وَهَذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ جَرِيرٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ جَمِيلٍ وحلف عليه ان جرير حَدَّثَهُ وَقَدْ سَرَقَهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ جَمِيلٍ رَجُلٌ، يُقَال لَهُ: مَعْرُوفُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ الْبَلْخِيُّ وَمَعْرُوفٌ هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
حَدَّثَنَا الفضل بن عَبد اللَّه بن مُخَلَّدٍ، وَالحُسَين بْنُ مَوْدُودٍ، قَالا: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ الرَّقِّيُّ، قَال: حَدَّثَنا الوليد بن مسلم، قَال: حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمد عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَرَأَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ سُوْرَةَ الرَّحْمَنِ حَتَّى خَتَمَهَا فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوتًا كَانَتِ الْجِنُّ أَحْسَنَ اسْتِمَاعًا لَهَا مِنْكُمْ مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلاَّ قَالُوا فَبِأَيِّ آلائِكَ نُكَذِّبُ يا رب فلك الحمد
وهذا حديث يعرف بهشام بْن عمار عَن الوليد بْن مسلم ويقال سمعه من هشام يَحْيى بْن مَعِين وقد سرقه من هشام علي بْن جميل هَذَا وسليمان بْن أَحْمَد الواسطي، وعَمْرو بْن مالك النكري.
ولعلي بْن جميل غير ما ذكرت من الحديث، وَهو في جملة من سرق الحديث.
عَليّ بن جميل بن يزِيد الرقي روى عَن جرير وَعِيسَى بن يُونُس بِالْمَنَاكِيرِ
عَليّ بْن جميل بْن يزِيد الرقي
رَوَى عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الْهَاءَ» .
حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الضَّرَّابُ بِحَرَّانَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَمَيلٍ
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ:
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، إِمْلاءً، نَا عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ الرَّقَّيُّ، ثَنَا عَيْسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الْهَاءَ، يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ "
رَوَى عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الْهَاءَ» .
حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الضَّرَّابُ بِحَرَّانَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَمَيلٍ
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ:
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، إِمْلاءً، نَا عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ الرَّقَّيُّ، ثَنَا عَيْسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الْهَاءَ، يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ "
عَليّ بن جميل بن يزِيد بن عبد الله الرقي كنيته أَبُو الْحسن يروي عَن عِيسَى بن يُونُس وَجَرِير يضع الحَدِيث وضعا لَا يحل كِتَابَة حَدِيثه وَلَا الرِّوَايَة عَنْهُ بِحَال رَوَى عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الْهَاءَ أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الضَّرَّابُ بِحَرَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَرَوَى عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ أَوْ قَالَ وَرَقَةٌ إِلا مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عُمَرُ الْفَارُوقُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ أَخْبَرَنَاهُ الْحُسَيْن بن عبد الله بن زيد الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن حميل وَهَذَانِ خبران باطلان موضعان لَا شَكَّ فِيهِ وَلَهُ مِثْلَ هَذَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا وَمَاتَ عَلِيُّ بْنُ جَمِيلٍ بالرقة سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
عَليّ بن جميل بن يزِيد أَبُو الْحسن الرقي يروي عَن جرير وَعِيسَى بن يُونُس قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف وَقَالَ ابْن حبَان حدث بِالْبَوَاطِيل عَن ثِقَات النَّاس وَيسْرق الحَدِيث وَقَالَ ابْن حبَان يضع الحَدِيث لَا يحل الرِّوَايَة عَنهُ بِحَال وَقَالَ الْأَزْدِيّ لَا يكْتب حَدِيثه إِلَّا على التَّعَجُّب
عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر بْن نجيح بْن بكر بْن سعد، أَبُو الحسن السعدي مولاهم ويعرف بابن المديني :
بصري الدار، وهو أحد أئمة الحديث فِي عصره، والمقدم علي حفاظ وقته. وأبوه محدث مشهور. روى عَن غير واحد من مشيخة مالك بْن أنس، وجده جعفر بن
نجيح. روى عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بكر الصديق. فأما علي فسمع أباه، وحماد بْن زيد، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وعبد العزيز الدراوردي، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وهشيم بْن بشير، وسفيان بْن عيينة، وجرير بْن عَبْد الحميد، والوليد بْن مسلم، وبشر بْن المفضل، ويحيى بْن سعيد القطان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهدي، ويزيد بْن زريع، وابن علية، وخالد بْن الحارث، وغندرا، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ومعاذ ابن معاذ وعبد الوهاب الثقفي، وحرمي بْن عمارة، وأبا داود الطيالسي وهشام بْن يُوسُف، وعبد الرزاق بْن همام. وقدم بَغْدَاد وَحدث بها فروى عنه أَحْمَد بْن حنبل، وابنه صالح، وابن عمه حَنْبَل بْن إِسْحَاق، وَالحسن بْن مُحَمَّد الزعفراني، وأحمد بْن منصور الرمادي، وإسماعيل بْن إِسْحَاق القاضي، وأبو قلابة الرقاشي، ومحمد بْن يَحْيَى الذهلي، وأبو يَحْيَى صاعقة، والفضل بْن سهل الأعرج، وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق الصاغاني، وَمحمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ، وَأبو حاتم الرَّازِيّ، وعلي بن أحمد بن النضر الأودي، وأبو شعيب الحراني، ومحمد بْن أَحْمَد بْن البراء، وأبو علي المعمري.
وقال أَبُو حاتم الرازي: كان علي علما فِي الناس فِي معرفة الحديث والعلل، وكان أَحْمَد لا يسميه، إنما يكنيه تبجيلا له، قَالَ: وما سمعت أَحْمَد سماه قط.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حَدَّثَنَا أَبُو غالب عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْن النضر قَالَ: سنة إحدى وستين فيها ولد عليّ بن المديني.
قلت: وكان مولده بالبصرة.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي الحافظ، حدّثنا عبد الله بن محمّد
ابن ناجية، وعلي بْن أَحْمَد بْن مروان، ومحمد بْن خالد بْن يزيد البرذعي قالوا:
حَدَّثَنَا أَبُو رفاعة عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد العدوي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن بشار قَالَ: سمعت سُفْيَان بن عيينة يقول: حدثني عليّ بن المديني عَن أَبِي عاصم عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فذكر حديثا، ثم قَالَ سُفْيَان: تلومني على حب علي؟! والله والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.
أَخْبَرَنِي الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، أخبرنا الحسين بن محمّد بن عفير، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سنان قَالَ: كان سُفْيَان بن عيينة يقول لعلي بن المديني- ويسميه حية الوادي- إذا استفتى سُفْيَان، أو سئل عَن شيء يَقُولُ: لو كان حية الوادي.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي، أخبرنا عبد الله بن محمّد، أخبرنا سيار الفرهياني قَالَ: سمعت عباسا العنبري يَقُولُ: كان سُفْيَان بْن عيينة يسمى علي ابن المديني حية الوادي.
أخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن المظفّر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الحجّاج بن رشدين، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سمعت محمّد ابن قدامة الجوهري قَالَ: سمعت ابْن عيينة يَقُولُ: إني لارغب بنفسي عَن مجالستكم منذ ستين سنة، ولولا عليّ بن المديني ما جلست.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي، حدّثنا أبو عليّ صالح بن محمّد، حدّثنا محمّد بن قدامة الجوهريّ، حَدَّثَنَا خلف بْن الوليد الجوهري قَالَ: خرج علينا ابن عيينة يوما ومعنا عليّ بن المديني، فقال: لولا علي لم أخرج إليكم.
أَخْبَرَنَا علي بْن محمد بن عبد الله المعدّل، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا علي بْن سعيد الرازي قَالَ: سمعت ابن زنجلة يَقُولُ: كنا عند ابن عيينة- وعنده رئيسا أصحاب الحديث- فقال: الرجل الذي قد روينا عنه أربعة أحاديث. الذي يحدث عَنْ أصحاب رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال ابن المديني: زياد بْن علاقة، فقال ابن عيينة: زياد بْن علاقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إبراهيم العبدوي- بنيسابور- أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، حدّثنا إبراهيم بن عليّ الذهلي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي
عَمْرو قَالَ: قَالَ حفص بْن محبوب الخزاعي: كنت عند سُفْيَان بْن عيينة ومعنا علي بن المديني، وابن الشاذكوني، فلما قام- يعني ابن المديني- قَالَ: - يعني سُفْيَان بْن عيينة إذا قامت الخيل لم يجلس مع الرجالة.
وأَخْبَرَنَا أبو حازم، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد مُحَمَّد بْن أَحْمَد الغطريفي قَالَ: سمعت الساجي يَقُولُ: سمعت العباس بْن عَبْد العظيم العنبري يَقُولُ: سمعت روح بْن عَبْد المؤمن يَقُولُ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يقول: عليّ بن المديني أعلم الناس بِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخاصة بحديث ابن عيينة.
أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو عبد الله بن عدي، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي قرصافة، حدّثنا محمّد بن عليّ بن داود بن أخت غزال.
وأخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن المظفّر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الحجّاج، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيَّ يَقُولُ: سمعت يَحْيَى بْن سعيد يَقُولُ: الناس يلومونني فِي قعودي مع علي، وأنا أتعلم من علي أكثر مما يتعلم مني. لفظ حديث الماليني.
أخبرنا أبو حازم العبدوي، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، حدّثنا زكريا الساجي- إملاء- حدّثنا صالح جزرة، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه القواريري قَالَ: سمعت يَحْيَى القطّان يقول: يلومونني في حب عليّ بن المديني وأنا أتعلم منه.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت عباسا- يعني العنبري- يَقُولُ: كان يَحْيَى بْن سعيد القطان ربما قَالَ: لا أحدث شهرا، ولا أحدث كذا، فحَدَّثَنِي- ذكر رجلا من أصحاب الحديث نسيته قَالَ: بلغني أن يَحْيَى حدثه- يعني لابن المديني- قبل انقضاء المدة التي كان ذكرها قَالَ: فأتيت يَحْيَى فقلت له إنه بلغني أنك حدثت عليا ولم تنقض المدة التي ذكرت؟
فقال: إني كلما قلت لا أحدث إلا كذا، استثنيت عليا، ونحن نستفيد من علي أكثر مما يستفيد منا.
قرأنا عَلَى الجوهري عَن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قَالَ: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: علي بن المديني من أروى الناس عَن يَحْيَى بْن سعيد، إني أرى عنده أكثر من عشرة آلاف.
قلت ليحيى: أكثر من مسدد؟ قَالَ: نعم! إن يَحْيَى بْن سعيد كان يكرمه ويدنيه، وكان صديقه- يعني عليا- وكان علي يلزمه.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت أبا قدامة يَقُولُ: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: رأيت فيما يرى النائم كأن الثريا تدلت حتى تناولتها. قَالَ أَبُو قدامة: فصدق اللَّه رؤياه، بلغ فِي الحديث مبلغا لم يبلغه أحد- أو لم يبلغه كبير أحد-.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن يعقوب بْن أَبِي عباد القلزمي- وكان من أصحاب علي- قَالَ: جاءنا علي بن المديني يوما فقال: رأيت هذه الليلة كأني مددت يدي فتناولت أنجما من نجوم السماء، قَالَ: فمضينا معه إِلَى بعض المعبرين فقص عليه فقال: يا هذا ستنال علما فانظر كيف تكون. فقال له بعض أصحابنا: لو نظرت فِي شيء من الفقه، كأنه يريد الرأي، فقال: إن اشتغلت بذاك انسلخت مما أنا فيه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن علي الصوري قَالَ: سمعتُ عَبْد الغني بْن سَعِيد الحافظ يَقُولُ:
سمعت وليد بْن القاسم يَقُولُ: سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَن النسوي يَقُولُ: كأن اللَّه خلق عليّ بن المديني لهذا الشأن.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت عباسا العنبري يَقُولُ: كان عليّ بن المديني بلغ ما لو قضى له أن يتم على ذاك، لعله كان تقدم على الحسن البصري، كان الناس يكتبون قيامه، وقعوده، ولباسه، وكل شيء يَقُولُ ويفعل- أو نحو هذا-.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنِي أَبُو بشر بكر بْن خلف قَالَ: قدمت مكة وبها شاب حافظ، فكان يذاكرني المسند بطرقه، فقلت له: من أين لك هذا؟ قَالَ: أخبرك، طلبت إِلَى علي أيام سُفْيَان أن يحدثني بالمسند، فقال: قد عرفت أنك إنما تريد بما تطلب المذاكرة، فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني فعلت، قَالَ: فضمنت له واختلفت إليه، فجعل يحَدِّثَنِي بذا الذي أذاكرك به حفظا.
قَالَ أَبُو يُوسُف يعقوب: فذكرت هذه لبعض ولد جويرية بْن أسماء ممن كان يلزم عليا فقال: سمعت عليا يَقُولُ: غبت عَن البصرة فِي مخرجي إِلَى اليمن- أظنه ذكر
ثلاث سنين وأمي حية- قَالَ: فلما قدمت عليها جعلت تقول: يا بني فلان لك صديق، وفلان لك عدو، فقلت لها من أين علمت يا أمة؟ قالت كان فلان وفلان فذكرت فيهم يحيى بن سعيد- يجيئون مسلمين، فيعزوني ويقولون اصبري، فلو قد قدم عليك سرك الله بما ترين، فعلمت أن هؤلاء محبوك وأصدقاؤك، وفلان وفلان إذا جاءوا يقولون لي اكتبي إليه وضيقي عليه، وحرجي عليه ليقدم عليك، هذا ونحوه.
قال: فأخبرني العباس بْن عَبْد العظيم، أو هذا الذي من ولد جويرية قَالَ: قَالَ علي:
كنت صنفت المسند على الطرق مستقصي، وكتبته فِي قراطيس، وصيرته في قمطر كبيرة، وخلفته فِي المنزل وغبت هذه الغيبة، فلما قدمت ذهبت يوما لأطالع ما كنت كتبت، قَالَ فحركت القمطر فإذا هي ثقيلة رزينة بخلاف ما كانت، ففتحتها فإذا الأرضة قد خالطت الكتب فصارت طينا فلم أنشط بعد لجمعه.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدّثنا أبو حامد بن جبلة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت أبا يحيى يقول: كان عليّ بن المديني إذا قدم بغداد، وتصدر الحلقة، وجاء أَحْمَد، ويحيى، وخلف، والمعيطي، والناس، يتناظرون، فإذا اختلفوا فِي شيء تكلم فيه علي.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حدثني محمّد بن أحمد القرميسيني المستملي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يزداد يَقُولُ: سمعت أحمد بن يوسف النجيرمي يقول: سمعت الأعين يقول: رأيت عليّ بن المديني مستلقيا، وأحمد بْن حنبل عَن يمينه، ويحيى بْن معين عَن يساره، وهو يملي عليهما.
أخبرني الصيمري، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازي، حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: كان عليّ بن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة، وإذا ذهب إِلَى البصرة أظهر التشيع.
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- لفظا بأصبهان- قَالَ:
سمعت أبا بكر بن المقرئ يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بْن الربيع بْن سُلَيْمَان الجيزي يَقُولُ:
سمعت أبا أمية الطرسوسي يقول: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: ربما أذكر الحديث فِي الليل فآمر الجارية تسرج السراج فأنظر فيه.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد ابن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يونس يقول: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: تركت من حديثي مائة ألف حديث، فيها ثلاثون ألفا لعباد بْن صهيب.
وأخبرنا أبو نعيم، حدّثنا أبو حامد بن جبلة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البخاري وقلت له: ما تشتهي؟ قَالَ: اشتهي أن أقدم العراق وعلي بْن عَبْد اللَّه حي فأجالسه.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي قَالَ: سمعتُ الحسن بْن الحسين البخاري يَقُولُ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن معقل يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البخاري يَقُولُ: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ بن المديني.
أخبرنا ابن الفضل القطّان، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن فارس النيسابوري قَالَ: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول:
سمعت أَحْمَد بْن سعيد- يعني الرباطي- قَالَ: قَالَ علي: ما نظرت فِي كتاب شيخ، فاحتجت إلى السؤال به عَن غيري.
أَخْبَرَنِي أَبُو الوليد الحسن بن محمد بن عليّ الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخاري- حَدَّثَنَا أَبُو عبيدة أسامة بْن مُحَمَّد بْن الّليث الكندي، أخبرنا مُحَمَّد بْن سعيد بْن محمود قَالَ: سمعت الحسين بْن أَبِي حماد السجستاني يَقُولُ: سمعت العبّاس بن سورة يقول: سمعت يحيى بن معين عن عليّ بن المديني وعن الحميدي، أيهما أعلم؟ فقال: ينبغي للحميدي أن يكتب عَن آخر عَن علي بن المديني.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: قيل لأبي داود: علي أعلم أم أَحْمَد؟ قَالَ: علي أعلم باختلاف الحديث من أحمد.
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الإسماعيلي قَالَ: سئل الفرهياني عَن يَحْيَى، وعلي، وأحمد، وأبي خيثمة. فقال: أما علي فأعلمهم بالحديث والعلل، ويحيى أعلمهم بالرجال، وأحمد بالفقه، أبو خيثمة من النبلاء.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن
خلف النسفي قَالَ: سألت أبا علي صالح بْن مُحَمَّد قلت: يَحْيَى بْن معين هل كان يحفظ؟ فقال لا، إنما كان عنده معرفة، فقلت لأبي عليّ فعلي بن المديني كان يحفظ؟
فقال نعم ويعرف.
أَخْبَرَنَا أبو الوليد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن حفص بْن أسلم، حَدَّثَنَا أَبُو الْحسين مُحَمَّد بْن طالب بْن علي النسفي قَالَ: سمعت صالح بْن مُحَمَّد يَقُول: أعلم من أدركت بالحديث وعلله، علي بن المديني، وأفقههم في الحديث بن حنبل، وأمهرهم بالحديث سليمان الشاذكوني.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت أبا داود يقول: عليّ بن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني.
قرأت على ابْن الفضل عَنْ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن الأزهر، حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي زياد القطواني قَالَ: سمعت أبا عبيد القاسم بْن سلام قَالَ: انتهى العلم إِلَى أربعة. أَبُو بكر بْن أَبِي شيبة أسردهم له، وأحمد بْن حنبل أفقههم فيه، وعلي بن المديني أعلمهم به، ويحيى بْن معين أكتبهم له.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عليّ المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أَخْبَرَنَا عَبْد المؤمن بْن خلف قَالَ: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرعرة يَقُولُ: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول لعلي بن المديني: ويحك يا علي، إني أراك تتبع الحديث تتبعا لا أحسبك تموت حتى تبتلي.
أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن منجاب الطّيّبي، حدّثنا أحمد بن محمّد بن ساكن ، حَدَّثَنَا أزهر بْن جميل الشطي- وكتبه عني أَبُو حاتم- قَالَ: كنا عند يَحْيَى أنا وعبد الرحمن، وسفيان الرأس ، وعلي بن المديني وغيرهم، إذ جاء عبد الرحمن بن مهدي منتقع اللون أشعث، فسلم فقال له يحيى: ما حالك يا أبا سعيد؟ قَالَ على خير حال، قَالَ رأيت البارحة فِي المنام كأن قوما من أصحابنا قد نكسوا. قَالَ علي بن المديني: يا أبا سعيد هو خير، قَالَ الله
تعالى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
[يس 68] قال عبد الرّحمن اسكت- فو الله إنك لفي القوم.
وأخبرنا عبد الملك، أخبرنا ابن بنجاب، حدّثنا أحمد بن محمّد بن شاكر، حَدَّثَنِي الأثرم قَالَ: سمعت الأصمعي وهو يَقُولُ لعلي بن المديني: واللَّه يا علي لتتركن الإسلام وراء ظهرك.
قرأت على الحسن بْن أَبِي بكر عَن أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه- غلام الخليل- عَن العباس بْن عَبْد العظيم العنبري قَالَ: دخلت على عليّ بن المديني يوما فرأيته واجما مغموما، فقلت ما شأنك؟ قَالَ: رؤيا رأيتها، قَالَ: قلت وما هي؟ قَالَ: رأيت كأني أخطب على منبر داود النبي صلّى الله عليه وسلّم. قال فقلت خيرا، رأيت أنك تخطب على منبر نبي، فقال لو رأيت كأني أخطب على منبر أيوب كان خيرا لي، لأن أيوب بلي فِي بدنه، وداود فتن فِي دينه، وأخشى أن أفتن فِي ديني. فكان منه ما كان.
قلت: يعني أنه أجاب لما امتحن إِلَى القول بخلق القرآن.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عليّ الصيمري، حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني، أخبرني محمّد بن يحيى، حدّثنا الحسين بن فهم، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَزْعُمُ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ- أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرَى فِي الآخِرَةِ، وَالْعَيْنُ لا تَقَعُ إِلا عَلَى مَحْدُودٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى لا يُحَدُّ. فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَصِمُ: مَا عِنْدَكَ فِي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدِي مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غندر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ ابن أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَدْرِ. فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْبَدْرَ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ»
فقال لأحمد بْن أَبِي دؤاد: ما عندك فِي هذا؟ قَالَ: أنظر فِي إسناد هذا الحديث، وكان هذا فِي أول يوم ثم انصرف، فوجه ابن أَبِي دؤاد إلى عليّ بن المديني- وهو بِبَغْدَادَ مملق ما يقدر على درهم- فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم وقال له: هذه وصلك بها أمير المؤمنين، وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه، وكان له رزق سنتين، ثم قَالَ له يا أبا الحسن حديث جرير بْن عَبْد اللَّه فِي الرؤية ما هو؟ قَالَ: صحيح، قَالَ: فهل عندك فيه شيء؟ قَالَ: يعفيني
القاضي من هذا. فقال: يا أبا الحسن هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه، ولم يزل حتى قَالَ له: فِي هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بْن أَبِي حازم، إنما كان أعرابيا بوَّالا على عقبيه. فقبل ابن أَبِي دؤاد ابن المديني واعتنقه، فلما كان الغد، وحضروا قَالَ ابن أَبِي دؤاد: يا أمير المؤمنين يحتج فِي الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس بْن أَبِي حازم وهو أعرابي بوَّال على عقبيه، قَالَ: فقال أَحْمَد بْن حنبل بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا، علمت أنه من عمل علي ابْن المديني: فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور فِي ضربه.
قلت: أما ما حكي عَن علي بن المديني فِي هذا الخبر من أن قيس بْن أَبِي حازم لا يعمل على ما يرويه لكونه أعرابيا بوالا على عقبيه، فهو باطل. وقد نزه اللَّه عليا عَن قول ذلك، لأن أهل الأثر- وفيهم علي- مجمعون على الاحتجاج برواية قيس بْن أَبِي حازم وتصحيحها، إذا كان من كبراء تابعي أهل الكوفة، وليس فِي التابعين من أدرك العشرة المقدمين، وروى عنهم غير قيس، مع روايته عَن خلق من الصحابة سوى العشرة، ولم يحك أحد ممن ساق خبر محنة أَبِي عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل أنه نوظر فِي حديث الرؤية فإن كان هذا الخبر المحكي عَن ابن فهم محفوظا فأحسب أن ابن أَبِي دؤاد تكلم فِي قيس بْن أَبِي حازم بما ذكر في الحديث وعزا ذلك إلى عليّ بن المديني والله أعلم.
وقد ذكر عليّ بن المديني قيس بْن أَبِي حازم فقال ما: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل، أَخْبَرَنَا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقاق قَالَ: قرئ على مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء- وأنا حاضر- قَالَ: قَالَ علي بْن عَبْد اللَّه المديني: قيس بن أبي حازم سمع من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسعد بن أَبِي وقاص، والزبير، وطلحة بْن عبيد اللَّه، وأبي شهم ، وجرير بْن عَبْد اللَّه البجلي، وأبي مسعود البدري، وخباب بْن الأرت، والمغيرة بْن شعبة، ومرداس بْن مالك الأسلمي، والمستورد بْن شداد الفهري، ودكين بْن سعيد المزني، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبي سفيان بن حرب، وخالد بن الوليد، وحذيفة بْن اليمان، وعبد اللَّه بْن مسعود، وسعيد بْن زيد، وأبي جحيفة. قيل لعلي: هؤلاء كلهم سمع منهم قيس بْن أَبِي حازم سماعا؟ قَالَ:
نعم سمع منهم سماعا، ولولا ذلك لم نعزه له سماعا، قيل له: شهد الجمل؟ قَالَ: لا
وكان عثمانيا، وروى أيضا عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن قيس بن فهد، وروى عَن بلال ولم يلقه، وعن الصنابح بْن الأعسر الأحمسي. وروى عَن عقبة بْن عامر، ولا أدري سمع منه أم لا، وعن قيس بن قهد سماعا. قال وقال: رأيت أسماء بنت أَبِي بكر. وأبوه أَبُو حازم- واسم أَبِي حازم عوف بْن عَبْد الحارث- وروى عن عمار، واختلفوا عن أَبِي خالد فيه فقال بعضهم: عَن ابن أبي خالد عن يحيى بن عابس قَالَ عمار: ادفنوني فِي ثيابي. وقال بعضهم إِسْمَاعِيل عَن قيس عَن عمار ادفنوني في ثيابي.
أخبرني العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سمعت أبا داود سُلَيْمَان بْن الأشعث يقول: أجود التابعين إسنادا، قيس بن أبي حازم، روى عن تسعة من العشرة، لم يرو عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف.
قلت: والذي يحكي عن عليّ بن المديني أنه روى لابن أَبِي دؤاد حديثا عن الوليد ابن مسلم فِي القرآن، كان الوليد أخطأ فِي لفظة منه، فكان أَحْمَد بْن حنبل ينكر على علي روايته ذلك الحديث.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر المروذي قَالَ: قلت لأبي عبد الله: إن عليّ بن المديني حدث عَن الوليد بْن مسلم حديث عُمَر، كلوه إِلَى خالقه؟ فقال: هذا كذب، ثم قَالَ: هذا كتبناه عَن الوليد، إنما هو فكلوه إلى عالمه، هذا كذاب. وهذه اللفظة التي حكيت عن عليّ بن الْمَدِينِيِّ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ غَيْرُهَا.
وَالْحَدِيثُ قَدْ: أَخْبَرَنِيهِ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بن بكير، أخبرنا مخلد بن جعفر الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ، حدّثنا عليّ بن عبد الله المديني، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي، حدّثنا الزّهريّ قال: حدثني أنس ابن مالك قال: بينا عُمَرُ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، إِذْ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا
[عبس 27- 31] ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الأَبُّ؟ قَالَ: وَفِي يَدِهِ عُصَيَّةٌ يَضْرِبُ بِهَا الأَرْضَ، فَقَالَ: هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ التَّكَلُّفُ، فَخُذُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِمَا بُيِّنَ لَكُمْ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا لَمْ تَعْرِفُوهُ فَكِلُوهُ إِلَى رَبِّهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عيسى بن حامد القاضي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر المروذي قَالَ: قلت لأبي عبد الله
أحمد بن حنبل: إن عليّ بن المديني يحدث عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزهري عَن أنس عَن عُمَر «كلوه إِلَى خالقه» . فقال أَبُو عَبْد اللَّه: كذب. حدّثنا الوليد ابن مسلم مرتين، ما هو هكذا، إنما هو كلوه إِلَى عالمه. قلت لأبي عَبْد اللَّه: إن عباسا العنبري قَالَ لما حدث به بالعسكر قلت لعلي بن المديني إنهم قد أنكروه عليك؟ فقال حدثتكم به بالبصرة- وذكر أن الوليد أخطأ فيه. فغضب أَبُو عَبْد اللَّه وقال: فنعم قد علم- يعني عليّ بن المديني- أن الوليد أخطأ فيه، فلم أراد أن يحدثهم به؟ يعطيهم الخطأ؟ وكذبه أَبُو عَبْد اللَّه. قَالَ أَبُو بكر: وسمعت رجلا من أهل العسكر يَقُولُ لأبي عَبْد اللَّه: عليّ بن المديني يقرئك السلام، فسكت. وقال أَبُو بكر: قلت لأبي عَبْد اللَّه:
قَالَ لي عباس العنبري قال عليّ بن المديني وذكر رجلا فتكلم فيه- فقلت له: إنهم لا يقبلون منك، إنما يقبلون من أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قوي أَحْمَد على السوط وأنا لا أقوى.
أَخْبَرَنِي الحسين بْن علي الصيمري وأحمد بْن علي التوزي قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران بن موسى، أخبرني أبو بكر الجرجاني، حدّثنا أبو العيناء قال: دخل عليّ بن المديني على أَحْمَد بْن أَبِي دؤاد بعد أن جرى من محنة أَحْمَد بْن حنبل ما جرى، فناوله رقعة وقال: هذه طرحت فِي داري، فقرأها فإذا هي فيها:
يا ابْن المديني الذي شُرعت له ... دنيا فجاد بدينه لينا لها
ماذا دعاك إِلَى اعتقاد مقالة ... قد كان عندك كافرا من قالها
أمر بدا لك رشده فقبلته ... أم زهرة الدنيا أردت نوالها؟
فلقد عهدتك- لا أبالك- مرة ... صعب المقادة للتي تدعى لها
إن الحريب لمن يُصاب بدينه ... لا من يرزّأ ناقة وفصالها
فقال له أَحْمَد: هذا بعض شراد هذا الوثني- يعني ابن الزيات- وقد هجا خيار الناس، وما هدم الهجاء حقا، ولا بنى باطلا، وقد قمت وقمنا من حق اللَّه بما يصغر قدر الدنيا عند كثير ثوابه، ثم دعا له بخمسة آلاف درهم فقال: اصرف هذه فِي نفقاتك وصدقاتك.
أخبرني البرقاني، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد الآدمي، حدّثنا محمّد بن عليّ الإيادي، حَدَّثَنَا زكريا بْن يَحْيَى الساجي قَالَ: قدم عليّ بن المديني البصرة فصار إليه بندار، فجعل علي يقول: قال أَبُو عَبْد اللَّه، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه فقال له بندار- على
رءوس الملأ- من أَبُو عَبْد اللَّه؟ أَحْمَد بْن حنبل؟ قَالَ: لا، أَحْمَد بْن أَبِي دؤاد. قَالَ بندار: عند اللَّه أحتسب خطاي، شُبِّه عليَّ هذا، وغضب، وقام.
أَخْبَرَنِي علي بن أحمد الرّزّاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشافعي قَالَ:
كان عند إِبْرَاهِيم الحربي قمطر من حديث عليّ بن المديني وما كان يحدث به، فقيل له لم لا تحدث عنه؟ قَالَ: لقيته يوما وبيده نعله وثيابه في فمه، فقلت إلى أين؟ فقال:
ألحق الصلاة خلف أَبِي عبد الله، فظننت أنه يعني أَحْمَد بْن حنبل، فقلت: من أَبُو عَبْد اللَّه؟ قَالَ: أَبُو عَبْد اللَّه بن أبي دؤاد، والله لا حدثت عنك بحرف.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ.
وأخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أيوب بْن المعافى قالا: قيل لأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي: أكان عليّ بن المديني يتهم بشيء من الكذب؟ فقال لا، إنما كان حدث بحديث فزاد فِي خبره كلمة ليرضى بها ابن أبي دؤاد. قال: وسئل إِبْرَاهِيم فقيل له: كان يتكلم علي بن المديني فِي أَحْمَد بْن حنبل؟ فقال لا، إنما كان إذا رأى فِي كتاب حديثا عَن أَحْمَد قَالَ: اضرب على ذا، ليرضى به ابن أَبِي دؤاد، وكان قد سمع من أَحْمَد، وكان فِي كتابه سمعت أَحْمَد، وقال أَحْمَد، وحَدَّثَنَا أَحْمَد، وكان ابن أَبِي دؤاد إذا رأى فِي كتابه حديثا عَن الأصمعي قَالَ اضرب على ذا ليرضي نفسه بذلك.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن خميرويه الهرويّ، أَخْبَرَنَا الحسين بن إدريس قَالَ: قَالَ ابن عمار: يَقُولُ لي ابن المديني ما يمنعك أن تكفرهم؟ - يعني الجهمية- قَالَ: وكنت أنا أولا أمتنع أن أكفرهم، حتى قَالَ ابن المديني ما قَالَ، فلما أجاب إِلَى المحنة كتبت إليه كتابا أذكره اللَّه، وأذكره ما قَالَ لي فِي تكفيرهم، قَالَ فقال ابن المديني- أو قَالَ أَخْبَرَنِي رجل عنه- أنه بكى حين قرأ كتابي، قَالَ ثم رأيته بعد فقلت له، فقال: ما فِي قلبي مما قلت وأجبت إليه شيء، ولكني خفت أن أقتل، قَالَ: وتعلم ضعفي أني لو ضربت سوطا واحدا لمت، أو قَالَ شيئا نحو هذا قَالَ ابن عمار ورفع عني ابن أَبِي دؤاد امتحانه إياي من قبل ابن المديني، شفع إلى ابن لابن أبي دؤاد، ورفع عَن غير واحد من أهل الموصل من أجلي.
قَالَ ابن عمار: ما أجاب إِلَى ما أجاب ديانة، إلا خوفا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أحمد بن يعقوب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قَالَ: أخبرت عَن أَبِي الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعت علي بْن سلمة يَقُولُ: سمعت علي بْن الحسين بْن الوليد يَقُولُ: حين ودعت علي بْن عَبْد اللَّه بْن جعفر قَالَ: بلغ أصحابنا عني أن القوم كفار ضلال، ولم أجد بدا من متابعتهم، لأني جلست فِي بيت مظلم ثمانية أشهر، وفي رجلي قيد ثمانية أمنان حتى خفت على بصري، فإن قالوا يأخذ منهم، فقد سبقت إلى ذلك، فقد أخذ من هو خير مني.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي قَالَ: سمعتُ مسدد بْن أَبِي يُوسُف القلوسي يَقُولُ: سمعت أبي يقول: قلت لعلي بن المديني مثلك فِي علمك يجيب إِلَى ما أجبت إليه؟ فقال لي: يا أبا يُوسُف ما أهون عليك السيف.
أخبرنا الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين- وذكر عنده علي ابْن المديني فحملوا عليه- فقلت ليحيى: يا أبا زكريا، ما علي عند الناس إلا مرتد.
فقال: ما هو بمرتد، هو على إسلامه رجل خاف فقال ما عليه؟
أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب الحافظ يذكر فضل عليّ بن المديني، وتقدمه وتبحره فِي هذا العلم، فقال له بعض أصحابنا: قد تكلم فيه عَمْرو بْن علي. فقال:
والله لو وجدت قوة لخرجت إِلَى البصرة، فبلت على قبر عَمْرو بْن علي.
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ بْن النَّضْر الْعَطَّار، حدّثنا محمّد ابن عُثْمَان بْن أَبِي شيبة قَالَ: سمعت عليا على المنبر يَقُولُ: من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم أن اللَّه لم يكلم مُوسَى على الحقيقة فهو كافر.
أخبرنا البرقاني، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز، حدّثنا محمّد بن مخلد، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَبِي شيبة قَالَ: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ- قبل أن يموت بشهرين-: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قَالَ مخلوق فهو كافر.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الواحد المنكدري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- قَالَ: سمعت أبا الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد
اللَّه العنزي يَقُولُ: سمعت عُثْمَان بْن سعيد الدارمي يقول: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: هو كفر- يعني من قَالَ القرآن مخلوق-.
أخبرنا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي قَالَ:
سنة أربع وثلاثين ومائتين، فيها مات علي بن عبد الله بن المديني.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حَدَّثَنَا حنبل بْن إِسْحَاق قَالَ: ومات علي بن المديني- وأقدمه المتوكل إلى هاهنا ورجع إِلَى البصرة فمات سنة أربع وثلاثين.
قلت: بسر من رأى مات لا بالبصرة.
أخبرنا العتيقي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن المظفر قَالَ: قَالَ البغوي: مات عليّ بن المديني بسامرا سنة أربع وثلاثين، وقد كتبت عنه.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخراسانيّ، أَخْبَرَنَا الحارث بْن مُحَمَّد قَالَ: سنة أربع وثلاثين ومائتين فيها مات علي ابْن المديني المحدث بسر من رأى فِي ذي القعدة.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس، حَدَّثَنَا البخاري قَالَ: مات عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر بْن نجيح- أَبُو الحسن سنة أربع وثلاثين ومائتين يوم الإثنين ليومين بقيا من ذي القعدة بالعسكر.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: سنة خمس وثلاثين ومائتين فيها مات عليّ بن المديني، وأبو بكر بْن أَبِي شيبة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن رزق، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عيسى بْن الهيثم التمار، حَدَّثَنَا عبيد بن مُحَمَّدِ بْنِ خلف البزار قَالَ: مات عليّ بن المديني سنة خمس وثلاثين، والقول الأول أصح، والله أعلم.
آخر الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
[تتمة باب العين]
[تتمة ذكر من اسمه علي]
[تتمة حرف العين من آباء العليين]
بصري الدار، وهو أحد أئمة الحديث فِي عصره، والمقدم علي حفاظ وقته. وأبوه محدث مشهور. روى عَن غير واحد من مشيخة مالك بْن أنس، وجده جعفر بن
نجيح. روى عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بكر الصديق. فأما علي فسمع أباه، وحماد بْن زيد، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وعبد العزيز الدراوردي، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وهشيم بْن بشير، وسفيان بْن عيينة، وجرير بْن عَبْد الحميد، والوليد بْن مسلم، وبشر بْن المفضل، ويحيى بْن سعيد القطان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهدي، ويزيد بْن زريع، وابن علية، وخالد بْن الحارث، وغندرا، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ومعاذ ابن معاذ وعبد الوهاب الثقفي، وحرمي بْن عمارة، وأبا داود الطيالسي وهشام بْن يُوسُف، وعبد الرزاق بْن همام. وقدم بَغْدَاد وَحدث بها فروى عنه أَحْمَد بْن حنبل، وابنه صالح، وابن عمه حَنْبَل بْن إِسْحَاق، وَالحسن بْن مُحَمَّد الزعفراني، وأحمد بْن منصور الرمادي، وإسماعيل بْن إِسْحَاق القاضي، وأبو قلابة الرقاشي، ومحمد بْن يَحْيَى الذهلي، وأبو يَحْيَى صاعقة، والفضل بْن سهل الأعرج، وَمُحَمَّد بْن إِسْحَاق الصاغاني، وَمحمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ، وَأبو حاتم الرَّازِيّ، وعلي بن أحمد بن النضر الأودي، وأبو شعيب الحراني، ومحمد بْن أَحْمَد بْن البراء، وأبو علي المعمري.
وقال أَبُو حاتم الرازي: كان علي علما فِي الناس فِي معرفة الحديث والعلل، وكان أَحْمَد لا يسميه، إنما يكنيه تبجيلا له، قَالَ: وما سمعت أَحْمَد سماه قط.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن رزق، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار، حَدَّثَنَا أَبُو غالب عَلِيّ بْن أَحْمَدَ بْن النضر قَالَ: سنة إحدى وستين فيها ولد عليّ بن المديني.
قلت: وكان مولده بالبصرة.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي الحافظ، حدّثنا عبد الله بن محمّد
ابن ناجية، وعلي بْن أَحْمَد بْن مروان، ومحمد بْن خالد بْن يزيد البرذعي قالوا:
حَدَّثَنَا أَبُو رفاعة عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد العدوي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن بشار قَالَ: سمعت سُفْيَان بن عيينة يقول: حدثني عليّ بن المديني عَن أَبِي عاصم عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فذكر حديثا، ثم قَالَ سُفْيَان: تلومني على حب علي؟! والله والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.
أَخْبَرَنِي الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، أخبرنا الحسين بن محمّد بن عفير، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سنان قَالَ: كان سُفْيَان بن عيينة يقول لعلي بن المديني- ويسميه حية الوادي- إذا استفتى سُفْيَان، أو سئل عَن شيء يَقُولُ: لو كان حية الوادي.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي، أخبرنا عبد الله بن محمّد، أخبرنا سيار الفرهياني قَالَ: سمعت عباسا العنبري يَقُولُ: كان سُفْيَان بْن عيينة يسمى علي ابن المديني حية الوادي.
أخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن المظفّر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الحجّاج بن رشدين، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سمعت محمّد ابن قدامة الجوهري قَالَ: سمعت ابْن عيينة يَقُولُ: إني لارغب بنفسي عَن مجالستكم منذ ستين سنة، ولولا عليّ بن المديني ما جلست.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي، حدّثنا أبو عليّ صالح بن محمّد، حدّثنا محمّد بن قدامة الجوهريّ، حَدَّثَنَا خلف بْن الوليد الجوهري قَالَ: خرج علينا ابن عيينة يوما ومعنا عليّ بن المديني، فقال: لولا علي لم أخرج إليكم.
أَخْبَرَنَا علي بْن محمد بن عبد الله المعدّل، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا علي بْن سعيد الرازي قَالَ: سمعت ابن زنجلة يَقُولُ: كنا عند ابن عيينة- وعنده رئيسا أصحاب الحديث- فقال: الرجل الذي قد روينا عنه أربعة أحاديث. الذي يحدث عَنْ أصحاب رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال ابن المديني: زياد بْن علاقة، فقال ابن عيينة: زياد بْن علاقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إبراهيم العبدوي- بنيسابور- أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم السليطي، حدّثنا إبراهيم بن عليّ الذهلي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي
عَمْرو قَالَ: قَالَ حفص بْن محبوب الخزاعي: كنت عند سُفْيَان بْن عيينة ومعنا علي بن المديني، وابن الشاذكوني، فلما قام- يعني ابن المديني- قَالَ: - يعني سُفْيَان بْن عيينة إذا قامت الخيل لم يجلس مع الرجالة.
وأَخْبَرَنَا أبو حازم، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد مُحَمَّد بْن أَحْمَد الغطريفي قَالَ: سمعت الساجي يَقُولُ: سمعت العباس بْن عَبْد العظيم العنبري يَقُولُ: سمعت روح بْن عَبْد المؤمن يَقُولُ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي يقول: عليّ بن المديني أعلم الناس بِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخاصة بحديث ابن عيينة.
أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو عبد الله بن عدي، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي قرصافة، حدّثنا محمّد بن عليّ بن داود بن أخت غزال.
وأخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن المظفّر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الحجّاج، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيَّ يَقُولُ: سمعت يَحْيَى بْن سعيد يَقُولُ: الناس يلومونني فِي قعودي مع علي، وأنا أتعلم من علي أكثر مما يتعلم مني. لفظ حديث الماليني.
أخبرنا أبو حازم العبدوي، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، حدّثنا زكريا الساجي- إملاء- حدّثنا صالح جزرة، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه القواريري قَالَ: سمعت يَحْيَى القطّان يقول: يلومونني في حب عليّ بن المديني وأنا أتعلم منه.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت عباسا- يعني العنبري- يَقُولُ: كان يَحْيَى بْن سعيد القطان ربما قَالَ: لا أحدث شهرا، ولا أحدث كذا، فحَدَّثَنِي- ذكر رجلا من أصحاب الحديث نسيته قَالَ: بلغني أن يَحْيَى حدثه- يعني لابن المديني- قبل انقضاء المدة التي كان ذكرها قَالَ: فأتيت يَحْيَى فقلت له إنه بلغني أنك حدثت عليا ولم تنقض المدة التي ذكرت؟
فقال: إني كلما قلت لا أحدث إلا كذا، استثنيت عليا، ونحن نستفيد من علي أكثر مما يستفيد منا.
قرأنا عَلَى الجوهري عَن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قَالَ: سمعت يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: علي بن المديني من أروى الناس عَن يَحْيَى بْن سعيد، إني أرى عنده أكثر من عشرة آلاف.
قلت ليحيى: أكثر من مسدد؟ قَالَ: نعم! إن يَحْيَى بْن سعيد كان يكرمه ويدنيه، وكان صديقه- يعني عليا- وكان علي يلزمه.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت أبا قدامة يَقُولُ: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: رأيت فيما يرى النائم كأن الثريا تدلت حتى تناولتها. قَالَ أَبُو قدامة: فصدق اللَّه رؤياه، بلغ فِي الحديث مبلغا لم يبلغه أحد- أو لم يبلغه كبير أحد-.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَن بْن يعقوب بْن أَبِي عباد القلزمي- وكان من أصحاب علي- قَالَ: جاءنا علي بن المديني يوما فقال: رأيت هذه الليلة كأني مددت يدي فتناولت أنجما من نجوم السماء، قَالَ: فمضينا معه إِلَى بعض المعبرين فقص عليه فقال: يا هذا ستنال علما فانظر كيف تكون. فقال له بعض أصحابنا: لو نظرت فِي شيء من الفقه، كأنه يريد الرأي، فقال: إن اشتغلت بذاك انسلخت مما أنا فيه.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن علي الصوري قَالَ: سمعتُ عَبْد الغني بْن سَعِيد الحافظ يَقُولُ:
سمعت وليد بْن القاسم يَقُولُ: سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَن النسوي يَقُولُ: كأن اللَّه خلق عليّ بن المديني لهذا الشأن.
أخبرنا البرقاني، أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت عباسا العنبري يَقُولُ: كان عليّ بن المديني بلغ ما لو قضى له أن يتم على ذاك، لعله كان تقدم على الحسن البصري، كان الناس يكتبون قيامه، وقعوده، ولباسه، وكل شيء يَقُولُ ويفعل- أو نحو هذا-.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان، حَدَّثَنِي أَبُو بشر بكر بْن خلف قَالَ: قدمت مكة وبها شاب حافظ، فكان يذاكرني المسند بطرقه، فقلت له: من أين لك هذا؟ قَالَ: أخبرك، طلبت إِلَى علي أيام سُفْيَان أن يحدثني بالمسند، فقال: قد عرفت أنك إنما تريد بما تطلب المذاكرة، فإن ضمنت لي أنك تذاكر ولا تسميني فعلت، قَالَ: فضمنت له واختلفت إليه، فجعل يحَدِّثَنِي بذا الذي أذاكرك به حفظا.
قَالَ أَبُو يُوسُف يعقوب: فذكرت هذه لبعض ولد جويرية بْن أسماء ممن كان يلزم عليا فقال: سمعت عليا يَقُولُ: غبت عَن البصرة فِي مخرجي إِلَى اليمن- أظنه ذكر
ثلاث سنين وأمي حية- قَالَ: فلما قدمت عليها جعلت تقول: يا بني فلان لك صديق، وفلان لك عدو، فقلت لها من أين علمت يا أمة؟ قالت كان فلان وفلان فذكرت فيهم يحيى بن سعيد- يجيئون مسلمين، فيعزوني ويقولون اصبري، فلو قد قدم عليك سرك الله بما ترين، فعلمت أن هؤلاء محبوك وأصدقاؤك، وفلان وفلان إذا جاءوا يقولون لي اكتبي إليه وضيقي عليه، وحرجي عليه ليقدم عليك، هذا ونحوه.
قال: فأخبرني العباس بْن عَبْد العظيم، أو هذا الذي من ولد جويرية قَالَ: قَالَ علي:
كنت صنفت المسند على الطرق مستقصي، وكتبته فِي قراطيس، وصيرته في قمطر كبيرة، وخلفته فِي المنزل وغبت هذه الغيبة، فلما قدمت ذهبت يوما لأطالع ما كنت كتبت، قَالَ فحركت القمطر فإذا هي ثقيلة رزينة بخلاف ما كانت، ففتحتها فإذا الأرضة قد خالطت الكتب فصارت طينا فلم أنشط بعد لجمعه.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدّثنا أبو حامد بن جبلة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت أبا يحيى يقول: كان عليّ بن المديني إذا قدم بغداد، وتصدر الحلقة، وجاء أَحْمَد، ويحيى، وخلف، والمعيطي، والناس، يتناظرون، فإذا اختلفوا فِي شيء تكلم فيه علي.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي، حدثني محمّد بن أحمد القرميسيني المستملي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يزداد يَقُولُ: سمعت أحمد بن يوسف النجيرمي يقول: سمعت الأعين يقول: رأيت عليّ بن المديني مستلقيا، وأحمد بْن حنبل عَن يمينه، ويحيى بْن معين عَن يساره، وهو يملي عليهما.
أخبرني الصيمري، حدّثنا عليّ بن الحسن الرّازي، حدّثنا محمّد بن الحسين الزعفراني، حَدَّثَنَا أحمد بن زهير قَالَ: سمعت يحيى بن معين يقول: كان عليّ بن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة، وإذا ذهب إِلَى البصرة أظهر التشيع.
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- لفظا بأصبهان- قَالَ:
سمعت أبا بكر بن المقرئ يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بْن الربيع بْن سُلَيْمَان الجيزي يَقُولُ:
سمعت أبا أمية الطرسوسي يقول: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: ربما أذكر الحديث فِي الليل فآمر الجارية تسرج السراج فأنظر فيه.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، حدّثنا محمّد ابن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن يونس يقول: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: تركت من حديثي مائة ألف حديث، فيها ثلاثون ألفا لعباد بْن صهيب.
وأخبرنا أبو نعيم، حدّثنا أبو حامد بن جبلة، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السراج قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البخاري وقلت له: ما تشتهي؟ قَالَ: اشتهي أن أقدم العراق وعلي بْن عَبْد اللَّه حي فأجالسه.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي قَالَ: سمعتُ الحسن بْن الحسين البخاري يَقُولُ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن معقل يَقُولُ: سمعت مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البخاري يَقُولُ: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ بن المديني.
أخبرنا ابن الفضل القطّان، أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن فارس النيسابوري قَالَ: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول:
سمعت أَحْمَد بْن سعيد- يعني الرباطي- قَالَ: قَالَ علي: ما نظرت فِي كتاب شيخ، فاحتجت إلى السؤال به عَن غيري.
أَخْبَرَنِي أَبُو الوليد الحسن بن محمد بن عليّ الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ- ببخاري- حَدَّثَنَا أَبُو عبيدة أسامة بْن مُحَمَّد بْن الّليث الكندي، أخبرنا مُحَمَّد بْن سعيد بْن محمود قَالَ: سمعت الحسين بْن أَبِي حماد السجستاني يَقُولُ: سمعت العبّاس بن سورة يقول: سمعت يحيى بن معين عن عليّ بن المديني وعن الحميدي، أيهما أعلم؟ فقال: ينبغي للحميدي أن يكتب عَن آخر عَن علي بن المديني.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: قيل لأبي داود: علي أعلم أم أَحْمَد؟ قَالَ: علي أعلم باختلاف الحديث من أحمد.
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الإسماعيلي قَالَ: سئل الفرهياني عَن يَحْيَى، وعلي، وأحمد، وأبي خيثمة. فقال: أما علي فأعلمهم بالحديث والعلل، ويحيى أعلمهم بالرجال، وأحمد بالفقه، أبو خيثمة من النبلاء.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أخبرنا عبد المؤمن بن
خلف النسفي قَالَ: سألت أبا علي صالح بْن مُحَمَّد قلت: يَحْيَى بْن معين هل كان يحفظ؟ فقال لا، إنما كان عنده معرفة، فقلت لأبي عليّ فعلي بن المديني كان يحفظ؟
فقال نعم ويعرف.
أَخْبَرَنَا أبو الوليد الدربندي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن حفص بْن أسلم، حَدَّثَنَا أَبُو الْحسين مُحَمَّد بْن طالب بْن علي النسفي قَالَ: سمعت صالح بْن مُحَمَّد يَقُول: أعلم من أدركت بالحديث وعلله، علي بن المديني، وأفقههم في الحديث بن حنبل، وأمهرهم بالحديث سليمان الشاذكوني.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت أبا داود يقول: عليّ بن المديني خير من عشرة آلاف مثل الشاذكوني.
قرأت على ابْن الفضل عَنْ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن الأزهر، حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي زياد القطواني قَالَ: سمعت أبا عبيد القاسم بْن سلام قَالَ: انتهى العلم إِلَى أربعة. أَبُو بكر بْن أَبِي شيبة أسردهم له، وأحمد بْن حنبل أفقههم فيه، وعلي بن المديني أعلمهم به، ويحيى بْن معين أكتبهم له.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عليّ المقرئ، أخبرنا أبو مسلم بن مهران، أَخْبَرَنَا عَبْد المؤمن بْن خلف قَالَ: سمعت أَبَا عَلِيٍّ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرعرة يَقُولُ: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول لعلي بن المديني: ويحك يا علي، إني أراك تتبع الحديث تتبعا لا أحسبك تموت حتى تبتلي.
أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن منجاب الطّيّبي، حدّثنا أحمد بن محمّد بن ساكن ، حَدَّثَنَا أزهر بْن جميل الشطي- وكتبه عني أَبُو حاتم- قَالَ: كنا عند يَحْيَى أنا وعبد الرحمن، وسفيان الرأس ، وعلي بن المديني وغيرهم، إذ جاء عبد الرحمن بن مهدي منتقع اللون أشعث، فسلم فقال له يحيى: ما حالك يا أبا سعيد؟ قَالَ على خير حال، قَالَ رأيت البارحة فِي المنام كأن قوما من أصحابنا قد نكسوا. قَالَ علي بن المديني: يا أبا سعيد هو خير، قَالَ الله
تعالى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
[يس 68] قال عبد الرّحمن اسكت- فو الله إنك لفي القوم.
وأخبرنا عبد الملك، أخبرنا ابن بنجاب، حدّثنا أحمد بن محمّد بن شاكر، حَدَّثَنِي الأثرم قَالَ: سمعت الأصمعي وهو يَقُولُ لعلي بن المديني: واللَّه يا علي لتتركن الإسلام وراء ظهرك.
قرأت على الحسن بْن أَبِي بكر عَن أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه- غلام الخليل- عَن العباس بْن عَبْد العظيم العنبري قَالَ: دخلت على عليّ بن المديني يوما فرأيته واجما مغموما، فقلت ما شأنك؟ قَالَ: رؤيا رأيتها، قَالَ: قلت وما هي؟ قَالَ: رأيت كأني أخطب على منبر داود النبي صلّى الله عليه وسلّم. قال فقلت خيرا، رأيت أنك تخطب على منبر نبي، فقال لو رأيت كأني أخطب على منبر أيوب كان خيرا لي، لأن أيوب بلي فِي بدنه، وداود فتن فِي دينه، وأخشى أن أفتن فِي ديني. فكان منه ما كان.
قلت: يعني أنه أجاب لما امتحن إِلَى القول بخلق القرآن.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عليّ الصيمري، حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني، أخبرني محمّد بن يحيى، حدّثنا الحسين بن فهم، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا يَزْعُمُ- يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ- أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرَى فِي الآخِرَةِ، وَالْعَيْنُ لا تَقَعُ إِلا عَلَى مَحْدُودٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى لا يُحَدُّ. فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَصِمُ: مَا عِنْدَكَ فِي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدِي مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غندر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ ابن أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَدْرِ. فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْبَدْرَ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ»
فقال لأحمد بْن أَبِي دؤاد: ما عندك فِي هذا؟ قَالَ: أنظر فِي إسناد هذا الحديث، وكان هذا فِي أول يوم ثم انصرف، فوجه ابن أَبِي دؤاد إلى عليّ بن المديني- وهو بِبَغْدَادَ مملق ما يقدر على درهم- فأحضره فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم وقال له: هذه وصلك بها أمير المؤمنين، وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه، وكان له رزق سنتين، ثم قَالَ له يا أبا الحسن حديث جرير بْن عَبْد اللَّه فِي الرؤية ما هو؟ قَالَ: صحيح، قَالَ: فهل عندك فيه شيء؟ قَالَ: يعفيني
القاضي من هذا. فقال: يا أبا الحسن هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه، ولم يزل حتى قَالَ له: فِي هذا الإسناد من لا يعمل عليه ولا على ما يرويه، وهو قيس بْن أَبِي حازم، إنما كان أعرابيا بوَّالا على عقبيه. فقبل ابن أَبِي دؤاد ابن المديني واعتنقه، فلما كان الغد، وحضروا قَالَ ابن أَبِي دؤاد: يا أمير المؤمنين يحتج فِي الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس بْن أَبِي حازم وهو أعرابي بوَّال على عقبيه، قَالَ: فقال أَحْمَد بْن حنبل بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا، علمت أنه من عمل علي ابْن المديني: فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور فِي ضربه.
قلت: أما ما حكي عَن علي بن المديني فِي هذا الخبر من أن قيس بْن أَبِي حازم لا يعمل على ما يرويه لكونه أعرابيا بوالا على عقبيه، فهو باطل. وقد نزه اللَّه عليا عَن قول ذلك، لأن أهل الأثر- وفيهم علي- مجمعون على الاحتجاج برواية قيس بْن أَبِي حازم وتصحيحها، إذا كان من كبراء تابعي أهل الكوفة، وليس فِي التابعين من أدرك العشرة المقدمين، وروى عنهم غير قيس، مع روايته عَن خلق من الصحابة سوى العشرة، ولم يحك أحد ممن ساق خبر محنة أَبِي عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل أنه نوظر فِي حديث الرؤية فإن كان هذا الخبر المحكي عَن ابن فهم محفوظا فأحسب أن ابن أَبِي دؤاد تكلم فِي قيس بْن أَبِي حازم بما ذكر في الحديث وعزا ذلك إلى عليّ بن المديني والله أعلم.
وقد ذكر عليّ بن المديني قيس بْن أَبِي حازم فقال ما: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدّل، أَخْبَرَنَا عُثْمَان بْن أَحْمَد الدقاق قَالَ: قرئ على مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء- وأنا حاضر- قَالَ: قَالَ علي بْن عَبْد اللَّه المديني: قيس بن أبي حازم سمع من أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسعد بن أَبِي وقاص، والزبير، وطلحة بْن عبيد اللَّه، وأبي شهم ، وجرير بْن عَبْد اللَّه البجلي، وأبي مسعود البدري، وخباب بْن الأرت، والمغيرة بْن شعبة، ومرداس بْن مالك الأسلمي، والمستورد بْن شداد الفهري، ودكين بْن سعيد المزني، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبي سفيان بن حرب، وخالد بن الوليد، وحذيفة بْن اليمان، وعبد اللَّه بْن مسعود، وسعيد بْن زيد، وأبي جحيفة. قيل لعلي: هؤلاء كلهم سمع منهم قيس بْن أَبِي حازم سماعا؟ قَالَ:
نعم سمع منهم سماعا، ولولا ذلك لم نعزه له سماعا، قيل له: شهد الجمل؟ قَالَ: لا
وكان عثمانيا، وروى أيضا عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن قيس بن فهد، وروى عَن بلال ولم يلقه، وعن الصنابح بْن الأعسر الأحمسي. وروى عَن عقبة بْن عامر، ولا أدري سمع منه أم لا، وعن قيس بن قهد سماعا. قال وقال: رأيت أسماء بنت أَبِي بكر. وأبوه أَبُو حازم- واسم أَبِي حازم عوف بْن عَبْد الحارث- وروى عن عمار، واختلفوا عن أَبِي خالد فيه فقال بعضهم: عَن ابن أبي خالد عن يحيى بن عابس قَالَ عمار: ادفنوني فِي ثيابي. وقال بعضهم إِسْمَاعِيل عَن قيس عَن عمار ادفنوني في ثيابي.
أخبرني العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سمعت أبا داود سُلَيْمَان بْن الأشعث يقول: أجود التابعين إسنادا، قيس بن أبي حازم، روى عن تسعة من العشرة، لم يرو عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف.
قلت: والذي يحكي عن عليّ بن المديني أنه روى لابن أَبِي دؤاد حديثا عن الوليد ابن مسلم فِي القرآن، كان الوليد أخطأ فِي لفظة منه، فكان أَحْمَد بْن حنبل ينكر على علي روايته ذلك الحديث.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر المروذي قَالَ: قلت لأبي عبد الله: إن عليّ بن المديني حدث عَن الوليد بْن مسلم حديث عُمَر، كلوه إِلَى خالقه؟ فقال: هذا كذب، ثم قَالَ: هذا كتبناه عَن الوليد، إنما هو فكلوه إلى عالمه، هذا كذاب. وهذه اللفظة التي حكيت عن عليّ بن الْمَدِينِيِّ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ غَيْرُهَا.
وَالْحَدِيثُ قَدْ: أَخْبَرَنِيهِ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْن بْنِ أَحْمَدَ بن بكير، أخبرنا مخلد بن جعفر الدّقّاق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ، حدّثنا عليّ بن عبد الله المديني، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا الأوزاعي، حدّثنا الزّهريّ قال: حدثني أنس ابن مالك قال: بينا عُمَرُ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، إِذْ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا
[عبس 27- 31] ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الأَبُّ؟ قَالَ: وَفِي يَدِهِ عُصَيَّةٌ يَضْرِبُ بِهَا الأَرْضَ، فَقَالَ: هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ التَّكَلُّفُ، فَخُذُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِمَا بُيِّنَ لَكُمْ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا لَمْ تَعْرِفُوهُ فَكِلُوهُ إِلَى رَبِّهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا عيسى بن حامد القاضي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بكر المروذي قَالَ: قلت لأبي عبد الله
أحمد بن حنبل: إن عليّ بن المديني يحدث عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزهري عَن أنس عَن عُمَر «كلوه إِلَى خالقه» . فقال أَبُو عَبْد اللَّه: كذب. حدّثنا الوليد ابن مسلم مرتين، ما هو هكذا، إنما هو كلوه إِلَى عالمه. قلت لأبي عَبْد اللَّه: إن عباسا العنبري قَالَ لما حدث به بالعسكر قلت لعلي بن المديني إنهم قد أنكروه عليك؟ فقال حدثتكم به بالبصرة- وذكر أن الوليد أخطأ فيه. فغضب أَبُو عَبْد اللَّه وقال: فنعم قد علم- يعني عليّ بن المديني- أن الوليد أخطأ فيه، فلم أراد أن يحدثهم به؟ يعطيهم الخطأ؟ وكذبه أَبُو عَبْد اللَّه. قَالَ أَبُو بكر: وسمعت رجلا من أهل العسكر يَقُولُ لأبي عَبْد اللَّه: عليّ بن المديني يقرئك السلام، فسكت. وقال أَبُو بكر: قلت لأبي عَبْد اللَّه:
قَالَ لي عباس العنبري قال عليّ بن المديني وذكر رجلا فتكلم فيه- فقلت له: إنهم لا يقبلون منك، إنما يقبلون من أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: قوي أَحْمَد على السوط وأنا لا أقوى.
أَخْبَرَنِي الحسين بْن علي الصيمري وأحمد بْن علي التوزي قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران بن موسى، أخبرني أبو بكر الجرجاني، حدّثنا أبو العيناء قال: دخل عليّ بن المديني على أَحْمَد بْن أَبِي دؤاد بعد أن جرى من محنة أَحْمَد بْن حنبل ما جرى، فناوله رقعة وقال: هذه طرحت فِي داري، فقرأها فإذا هي فيها:
يا ابْن المديني الذي شُرعت له ... دنيا فجاد بدينه لينا لها
ماذا دعاك إِلَى اعتقاد مقالة ... قد كان عندك كافرا من قالها
أمر بدا لك رشده فقبلته ... أم زهرة الدنيا أردت نوالها؟
فلقد عهدتك- لا أبالك- مرة ... صعب المقادة للتي تدعى لها
إن الحريب لمن يُصاب بدينه ... لا من يرزّأ ناقة وفصالها
فقال له أَحْمَد: هذا بعض شراد هذا الوثني- يعني ابن الزيات- وقد هجا خيار الناس، وما هدم الهجاء حقا، ولا بنى باطلا، وقد قمت وقمنا من حق اللَّه بما يصغر قدر الدنيا عند كثير ثوابه، ثم دعا له بخمسة آلاف درهم فقال: اصرف هذه فِي نفقاتك وصدقاتك.
أخبرني البرقاني، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد الآدمي، حدّثنا محمّد بن عليّ الإيادي، حَدَّثَنَا زكريا بْن يَحْيَى الساجي قَالَ: قدم عليّ بن المديني البصرة فصار إليه بندار، فجعل علي يقول: قال أَبُو عَبْد اللَّه، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه فقال له بندار- على
رءوس الملأ- من أَبُو عَبْد اللَّه؟ أَحْمَد بْن حنبل؟ قَالَ: لا، أَحْمَد بْن أَبِي دؤاد. قَالَ بندار: عند اللَّه أحتسب خطاي، شُبِّه عليَّ هذا، وغضب، وقام.
أَخْبَرَنِي علي بن أحمد الرّزّاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشافعي قَالَ:
كان عند إِبْرَاهِيم الحربي قمطر من حديث عليّ بن المديني وما كان يحدث به، فقيل له لم لا تحدث عنه؟ قَالَ: لقيته يوما وبيده نعله وثيابه في فمه، فقلت إلى أين؟ فقال:
ألحق الصلاة خلف أَبِي عبد الله، فظننت أنه يعني أَحْمَد بْن حنبل، فقلت: من أَبُو عَبْد اللَّه؟ قَالَ: أَبُو عَبْد اللَّه بن أبي دؤاد، والله لا حدثت عنك بحرف.
أَخْبَرَنَا العتيقي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلابُ.
وأخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي، حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حمدان العكبريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أيوب بْن المعافى قالا: قيل لأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي: أكان عليّ بن المديني يتهم بشيء من الكذب؟ فقال لا، إنما كان حدث بحديث فزاد فِي خبره كلمة ليرضى بها ابن أبي دؤاد. قال: وسئل إِبْرَاهِيم فقيل له: كان يتكلم علي بن المديني فِي أَحْمَد بْن حنبل؟ فقال لا، إنما كان إذا رأى فِي كتاب حديثا عَن أَحْمَد قَالَ: اضرب على ذا، ليرضى به ابن أَبِي دؤاد، وكان قد سمع من أَحْمَد، وكان فِي كتابه سمعت أَحْمَد، وقال أَحْمَد، وحَدَّثَنَا أَحْمَد، وكان ابن أَبِي دؤاد إذا رأى فِي كتابه حديثا عَن الأصمعي قَالَ اضرب على ذا ليرضي نفسه بذلك.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن خميرويه الهرويّ، أَخْبَرَنَا الحسين بن إدريس قَالَ: قَالَ ابن عمار: يَقُولُ لي ابن المديني ما يمنعك أن تكفرهم؟ - يعني الجهمية- قَالَ: وكنت أنا أولا أمتنع أن أكفرهم، حتى قَالَ ابن المديني ما قَالَ، فلما أجاب إِلَى المحنة كتبت إليه كتابا أذكره اللَّه، وأذكره ما قَالَ لي فِي تكفيرهم، قَالَ فقال ابن المديني- أو قَالَ أَخْبَرَنِي رجل عنه- أنه بكى حين قرأ كتابي، قَالَ ثم رأيته بعد فقلت له، فقال: ما فِي قلبي مما قلت وأجبت إليه شيء، ولكني خفت أن أقتل، قَالَ: وتعلم ضعفي أني لو ضربت سوطا واحدا لمت، أو قَالَ شيئا نحو هذا قَالَ ابن عمار ورفع عني ابن أَبِي دؤاد امتحانه إياي من قبل ابن المديني، شفع إلى ابن لابن أبي دؤاد، ورفع عَن غير واحد من أهل الموصل من أجلي.
قَالَ ابن عمار: ما أجاب إِلَى ما أجاب ديانة، إلا خوفا.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن أحمد بن يعقوب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قَالَ: أخبرت عَن أَبِي الحسن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن زهير قَالَ: سمعت علي بْن سلمة يَقُولُ: سمعت علي بْن الحسين بْن الوليد يَقُولُ: حين ودعت علي بْن عَبْد اللَّه بْن جعفر قَالَ: بلغ أصحابنا عني أن القوم كفار ضلال، ولم أجد بدا من متابعتهم، لأني جلست فِي بيت مظلم ثمانية أشهر، وفي رجلي قيد ثمانية أمنان حتى خفت على بصري، فإن قالوا يأخذ منهم، فقد سبقت إلى ذلك، فقد أخذ من هو خير مني.
أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن عدي قَالَ: سمعتُ مسدد بْن أَبِي يُوسُف القلوسي يَقُولُ: سمعت أبي يقول: قلت لعلي بن المديني مثلك فِي علمك يجيب إِلَى ما أجبت إليه؟ فقال لي: يا أبا يُوسُف ما أهون عليك السيف.
أخبرنا الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين- وذكر عنده علي ابْن المديني فحملوا عليه- فقلت ليحيى: يا أبا زكريا، ما علي عند الناس إلا مرتد.
فقال: ما هو بمرتد، هو على إسلامه رجل خاف فقال ما عليه؟
أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب الحافظ يذكر فضل عليّ بن المديني، وتقدمه وتبحره فِي هذا العلم، فقال له بعض أصحابنا: قد تكلم فيه عَمْرو بْن علي. فقال:
والله لو وجدت قوة لخرجت إِلَى البصرة، فبلت على قبر عَمْرو بْن علي.
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ بْن النَّضْر الْعَطَّار، حدّثنا محمّد ابن عُثْمَان بْن أَبِي شيبة قَالَ: سمعت عليا على المنبر يَقُولُ: من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم أن اللَّه لم يكلم مُوسَى على الحقيقة فهو كافر.
أخبرنا البرقاني، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز، حدّثنا محمّد بن مخلد، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَبِي شيبة قَالَ: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ- قبل أن يموت بشهرين-: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قَالَ مخلوق فهو كافر.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الواحد المنكدري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الحافظ- بنيسابور- قَالَ: سمعت أبا الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد
اللَّه العنزي يَقُولُ: سمعت عُثْمَان بْن سعيد الدارمي يقول: سمعت عليّ بن المديني يَقُولُ: هو كفر- يعني من قَالَ القرآن مخلوق-.
أخبرنا ابن الفضل، أَخْبَرَنَا جعفر الخُلْدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الحضرمي قَالَ:
سنة أربع وثلاثين ومائتين، فيها مات علي بن عبد الله بن المديني.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حَدَّثَنَا حنبل بْن إِسْحَاق قَالَ: ومات علي بن المديني- وأقدمه المتوكل إلى هاهنا ورجع إِلَى البصرة فمات سنة أربع وثلاثين.
قلت: بسر من رأى مات لا بالبصرة.
أخبرنا العتيقي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن المظفر قَالَ: قَالَ البغوي: مات عليّ بن المديني بسامرا سنة أربع وثلاثين، وقد كتبت عنه.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخراسانيّ، أَخْبَرَنَا الحارث بْن مُحَمَّد قَالَ: سنة أربع وثلاثين ومائتين فيها مات علي ابْن المديني المحدث بسر من رأى فِي ذي القعدة.
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس، حَدَّثَنَا البخاري قَالَ: مات عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَر بْن نجيح- أَبُو الحسن سنة أربع وثلاثين ومائتين يوم الإثنين ليومين بقيا من ذي القعدة بالعسكر.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بْن سُفْيَان قَالَ: سنة خمس وثلاثين ومائتين فيها مات عليّ بن المديني، وأبو بكر بْن أَبِي شيبة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن رزق، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عيسى بْن الهيثم التمار، حَدَّثَنَا عبيد بن مُحَمَّدِ بْنِ خلف البزار قَالَ: مات عليّ بن المديني سنة خمس وثلاثين، والقول الأول أصح، والله أعلم.
آخر الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
(بسم الله الرّحمن الرّحيم)
[تتمة باب العين]
[تتمة ذكر من اسمه علي]
[تتمة حرف العين من آباء العليين]
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: تابعي، ثقة، وكان رجلًا صالحًا.
قال العجلي: ويُروى عن الزهري، قال: ما رأيت هاشميًا أفضل من علي بن الحسين وهو الحسنيين كلهم.
قال العجلي: ويُروى عن الزهري، قال: ما رأيت هاشميًا أفضل من علي بن الحسين وهو الحسنيين كلهم.
علي بن الحسين
بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال مصعب: مات سنة أربع وتسعين - سنة الفقهاء - وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وقال المدائني: مات سنة تسع وتسعين، وقال أبو نعيم: سنة اثنتين وتسعين، قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه. وقال أسلم : ما رأيت مثل علي بن الحسين فيهم قط.
بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال مصعب: مات سنة أربع وتسعين - سنة الفقهاء - وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وقال المدائني: مات سنة تسع وتسعين، وقال أبو نعيم: سنة اثنتين وتسعين، قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه. وقال أسلم : ما رأيت مثل علي بن الحسين فيهم قط.
علي بن الْحُسَيْنِ
- علي بن الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبِ بْنِ عبد المطلب بن هاشم. وأمه أم ولد اسمها غزالة. خلف عليها بعد حسين زبيد مولى الحسين بن علي فولدت له عبد الله بن زبيد فهو أخو علي بن حسين لأمه. ولعلي بن حسين هذا العقب من ولد حسين وهو علي الأصغر ابن الحسين. وأما علي الأكبر ابن حسين فقتل مع أبيه بنهر كربلاء وليس له عقب. فولد علي الأصغر ابن حسين بن علي الحسن بن علي. درج. والحسين الأكبر. درج. ومحمدا أبا جعفر الفقيه وعبد الله وأمهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب. وعمر وزيدا المقتول بالكوفة. قتله يوسف بن عمر الثقفي في خلافة هشام بن عبد الملك وصلبه. وعلي بن علي وخديجة وأمهم أم ولد. وحسينا الأصغر ابن علي وأم علي بنت علي. وهي علية. وأمهما أم ولد. وكلثم بنت علي وسليمان لا عقب له. ومليكة لأمهات أولاد. والقاسم وأم الحسن. وهي حسنة. وأم الحسين وفاطمة لأمهات أولاد. وكان علي بن حسين مع أبيه وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان مريضا نائما على فراشه. فلما قتل الحسين. ع. قَالَ شمر بن ذي الجوشن: اقتلوا هذا. فقال له رجل من أصحابه: سبحان الله! أنقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل؟ وجاء عمر بن سعد فقال: لا تعرضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يُكْنَى أَبَا الْحُسَيْنِ. وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أنه كَانَ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسرائيل عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَتَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْحَبِيبِ بْنِ الْحَبِيبِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: بَعَثَ الْمُخْتَارُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا وخاف أن يردها فأخذها فاحتسبها عِنْدَهُ. فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنَّ الْمُخْتَارَ بَعَثَ إِلَيَّ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّهَا وَكَرِهْتُ أَنْ آخُذَهَا فَهِيَ عِنْدِي فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا ابْنَ عَمِّ خُذْهَا فَقَدْ طَيَّبْتُهَا لَكَ. فَقَبِلَهَا. . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: إِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ وَأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ. قَالَ: أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي حبيب الطَّائِفِيُّ . . . . . أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: زَوَّجَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ ابنة مِنْ مَوْلاهُ وَأَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَتَزَوَّجَهَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يُعَيِّرُهُ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: قَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. قَدْ أَعْتَقَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَتَزَوَّجَهَا. وَأَعْتَقَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَزَوَّجَهُ ابْنَةَ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ. . قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا ذُكِرَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ: كَانَ أَقْصَدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَحْسَنَهُمْ طَاعَةً وَأَحَبَّهُمْ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ يَسْأَلُهُ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ وَهُوَ يُصَلِّي. فَجَلَسَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ. جَاءَكَ هَذَا الرَّجُلُ وَهُوَ ابْنُ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَفِي مَوْضِعِهِ يَسْأَلُكَ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ فَلَوْ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ فَقَضَيْتَ حَاجَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَى مَا أَنْتَ فِيهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لَهُمْ: أَيْهَاتِ! لا بُدَّ لِمَنْ طَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ مِنْ أَنْ يَتَعَنَّى. . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا مَشَى لا تَجَاوِزُ يَدُهُ فَخِذَهُ وَلا يَخْطِرُ بِيَدِهِ. قَالَ وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ أَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: مَا تَدْرُونَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أَقُومُ وَمَنْ أُنَاجِي؟ . قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ يَتَحَدَّثَانِ إِلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى وَيَتَذَاكَرَانِ. فَإِذَا أَرَادَا أَنْ يَقُومَا قَرَأَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ سُورَةً فَإِذَا فَرَغَ دَعَوْا. قَالَ حَمَّادٌ: هُوَ الْمَاجِشُونُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالسَّوَادِ. قَالَ: أخبرنا عبد العزيز بن الخطاب الضبي قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَرَأَيْتُ نَعْلَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُدَوَّرَةَ الرَّأْسِ لَيْسَ لَهَا لِسَانٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أخبرنا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ رَأَى أَهْلَهُ يُخَضِّبُونَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ كِسَاءُ خَزٍّ أَصْفَرُ يَلْبَسْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ كِسَاءَ خَزٍّ وَجُبَّةَ خَزٍّ. قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ والفضل بن دكين قَالُوا: حَدَّثَنَا بَسَّامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْرَفِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُسْتُقَةٌ مِنَ الْعِرَاقِ فَكَانَ يَلْبَسُهَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ نَزَعَهَا. قَالَ: أخبرنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ سَبَنْجُونَةٌ مِنْ ثَعَالِبَ. فَكَانَ يَلْبَسُهَا فَإِذَا صَلَّى نَزَعَهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَعَلَيْهِ سَحْقُ مِلْحَفَةٍ حَمْرَاءَ وَلَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْمَنْكِبِ مَفْرُوقٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ طَيْلَسَانًا كُرْدِيًّا غَلِيظًا وَخُفَّيْنِ يَمَانِيِّيَنْ غَلِيظَيْنِ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِي كِسَاءَ الْخَزِّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَيَشْتَوِ فِيهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. وَيَصِيفُ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ أَشْمُونِيِّينَ بِدِينَارٍ. وَيَلْبَسُ مَا بَيْنَ ذَا وَذَا مِنَ اللَّبُوسِ وَيَقُولُ: «مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ» الأعراف: . وَيَعْتَمُّ وَيُنْبَذُ لَهُ فِي السَّعْنِ فِي الْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ عَكَرٍ. وَكَانَ يَدَّهِنُ أَوْ يَتَطَيَّبُ بَعْدَ الْغُسْلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ. قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ لاطِئَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بن أبي طالب يعتم وَيُرْخِي عِمَامَتَهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي حَدِيثِهِ: شِبْرًا أَوْ فُوَيْقَهُ فِي مَا تَوَخَّيْتُ عِمَامَةً بَيْضَاءَ. . . . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ كَانَ يَمْشِي إِلَى الْجِمَارِ. وَكَانَ لَهُ مَنْزِلٌ بِمِنًى. وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يُؤْذُونَهُ فَتَحَوَّلَ إِلَى قُرَيْنِ الثَّعَالِبِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ قُرَيْنِ الثَّعَالِبِ. وَكَانَ يَرْكَبُ فَإِذَا أَتَى مَنْزِلَهُ مَشَى إِلَى الْجِمَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: جَعَلَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ يَدْحَسُ كَفَّهُ مِنَ التَّمْرِ فَيُعْطِي الْكَبِيرَ وَالْمَوْلُودَ سَوَاءً. . قَالَ: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا سهيل بْنُ شُعَيْبٍ النَّهْمِيُّ. وَكَانَ نَازِلا فِيهِمْ يَؤُمُّهُمْ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِنْهَالِ. يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو. قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبي سبرة عن سَالِمٍ مَوْلَى جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ يُؤْذِي عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ وَأَهْلَ بَيْتِهِ. يَخْطُبُ بِذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَيَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَزَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُوقَفَ لِلنَّاسِ. قَالَ فَكَانَ يَقُولُ: لا وَاللَّهِ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ. كُنْتُ أَقُولُ رَجُلٌ صَالِحٌ يُسْمَعُ قَوْلُهُ. فَوَقَفَ لِلنَّاسِ. قَالَ فَجَمَعَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَلَدَهُ وَحَامَّتَهُ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ. قَالَ وَغَدَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ مَارًّا لِحَاجَةٍ فَمَا عَرَضَ لَهُ. قَالَ فَنَادَاهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ» الأنعام: . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَوْصَى أَنْ لا يُؤْذِنُوا بِهِ أَحَدًا وَأَنْ يُسْرَعَ بِهِ الْمَشْيُ وَأَنْ يُكَفَّنَ فِي قُطْنٍ وَأَنْ لا يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ أَمَرَ أُمَّ وَلَدٍ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ حِينَ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: مَاتَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السُّنَّةِ سَنَةُ الْفُقَهَاءِ لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِيهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ علي بن حسين بن علي بن أبي طَالِبٍ قَالَ: مَاتَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ دُكَيْنٍ يَقُولُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا. أَهْلُ بَيْتِهِ وَأَهْلُ بَلَدِهِ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُ. . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ كَانَ مَعَ أَبِيهِ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ صَغِيرًا وَلَمْ يَكُنْ أَنَبْتَ بِشَيْءٍ. وَلَكِنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضًا فَلَمْ يُقَاتِلْ. وَكَيْفَ يَكُونُ يَوْمَئِذٍ لَمْ يُنْبِتْ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ؟ وَلَقِيَ أَبُو جَعْفَرٍ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَوْا عَنْهُ. وَإِنَّمَا مَاتَ جَابِرٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو معشر الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: لَمَّا وُضِعَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ أَقْشَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَأَهْلُ الْمَسْجِدِ لَيَشْهَدُوهُ. وَبَقِيَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ. فَقَالَ خَشْرَمٌ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَلا تَشَهَّدُ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ فِي الْبَيْتِ الصَّالِحِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَشْهَدَ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ فِي الْبَيْتِ الصَّالِحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ خَرَجَ إِلَيْهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ. وَكَانَ يَقُولُ: شُهُودُ جِنَازَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلاةِ تَطَوُّعٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ يَبْخَلُ فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوهُ يَقُوتُ مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ فِي السِّرِّ. قَالُوا وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ ثِقَةً مَأْمُونًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَالِيًا رَفِيعًا وَرِعًا.
- علي بن الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِبِ بْنِ عبد المطلب بن هاشم. وأمه أم ولد اسمها غزالة. خلف عليها بعد حسين زبيد مولى الحسين بن علي فولدت له عبد الله بن زبيد فهو أخو علي بن حسين لأمه. ولعلي بن حسين هذا العقب من ولد حسين وهو علي الأصغر ابن الحسين. وأما علي الأكبر ابن حسين فقتل مع أبيه بنهر كربلاء وليس له عقب. فولد علي الأصغر ابن حسين بن علي الحسن بن علي. درج. والحسين الأكبر. درج. ومحمدا أبا جعفر الفقيه وعبد الله وأمهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب. وعمر وزيدا المقتول بالكوفة. قتله يوسف بن عمر الثقفي في خلافة هشام بن عبد الملك وصلبه. وعلي بن علي وخديجة وأمهم أم ولد. وحسينا الأصغر ابن علي وأم علي بنت علي. وهي علية. وأمهما أم ولد. وكلثم بنت علي وسليمان لا عقب له. ومليكة لأمهات أولاد. والقاسم وأم الحسن. وهي حسنة. وأم الحسين وفاطمة لأمهات أولاد. وكان علي بن حسين مع أبيه وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان مريضا نائما على فراشه. فلما قتل الحسين. ع. قَالَ شمر بن ذي الجوشن: اقتلوا هذا. فقال له رجل من أصحابه: سبحان الله! أنقتل فتى حدثا مريضا لم يقاتل؟ وجاء عمر بن سعد فقال: لا تعرضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يُكْنَى أَبَا الْحُسَيْنِ. وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أنه كَانَ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسرائيل عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَتَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْحَبِيبِ بْنِ الْحَبِيبِ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: بَعَثَ الْمُخْتَارُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا وخاف أن يردها فأخذها فاحتسبها عِنْدَهُ. فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنَّ الْمُخْتَارَ بَعَثَ إِلَيَّ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّهَا وَكَرِهْتُ أَنْ آخُذَهَا فَهِيَ عِنْدِي فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا ابْنَ عَمِّ خُذْهَا فَقَدْ طَيَّبْتُهَا لَكَ. فَقَبِلَهَا. . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: إِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ وَأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ. قَالَ: أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي حبيب الطَّائِفِيُّ . . . . . أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: زَوَّجَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ ابنة مِنْ مَوْلاهُ وَأَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَتَزَوَّجَهَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يُعَيِّرُهُ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: قَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. قَدْ أَعْتَقَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ وَتَزَوَّجَهَا. وَأَعْتَقَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَزَوَّجَهُ ابْنَةَ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ. . قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا ذُكِرَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ قَالَ: كَانَ أَقْصَدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَحْسَنَهُمْ طَاعَةً وَأَحَبَّهُمْ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُودٍ يَسْأَلُهُ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ وَهُوَ يُصَلِّي. فَجَلَسَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَصْحَابُهُ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ. جَاءَكَ هَذَا الرَّجُلُ وَهُوَ ابْنُ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَفِي مَوْضِعِهِ يَسْأَلُكَ عَنْ بَعْضِ الشَّيْءِ فَلَوْ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ فَقَضَيْتَ حَاجَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَى مَا أَنْتَ فِيهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لَهُمْ: أَيْهَاتِ! لا بُدَّ لِمَنْ طَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ مِنْ أَنْ يَتَعَنَّى. . . . قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا مَشَى لا تَجَاوِزُ يَدُهُ فَخِذَهُ وَلا يَخْطِرُ بِيَدِهِ. قَالَ وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ أَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: مَا تَدْرُونَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أَقُومُ وَمَنْ أُنَاجِي؟ . قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ يَتَحَدَّثَانِ إِلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى وَيَتَذَاكَرَانِ. فَإِذَا أَرَادَا أَنْ يَقُومَا قَرَأَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ سُورَةً فَإِذَا فَرَغَ دَعَوْا. قَالَ حَمَّادٌ: هُوَ الْمَاجِشُونُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِالسَّوَادِ. قَالَ: أخبرنا عبد العزيز بن الخطاب الضبي قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَرَأَيْتُ نَعْلَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُدَوَّرَةَ الرَّأْسِ لَيْسَ لَهَا لِسَانٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أخبرنا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ رَأَى أَهْلَهُ يُخَضِّبُونَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ كِسَاءُ خَزٍّ أَصْفَرُ يَلْبَسْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ كِسَاءَ خَزٍّ وَجُبَّةَ خَزٍّ. قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ والفضل بن دكين قَالُوا: حَدَّثَنَا بَسَّامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْرَفِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: أُهْدِيَتْ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ مُسْتُقَةٌ مِنَ الْعِرَاقِ فَكَانَ يَلْبَسُهَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ نَزَعَهَا. قَالَ: أخبرنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ سَبَنْجُونَةٌ مِنْ ثَعَالِبَ. فَكَانَ يَلْبَسُهَا فَإِذَا صَلَّى نَزَعَهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَعَلَيْهِ سَحْقُ مِلْحَفَةٍ حَمْرَاءَ وَلَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْمَنْكِبِ مَفْرُوقٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ طَيْلَسَانًا كُرْدِيًّا غَلِيظًا وَخُفَّيْنِ يَمَانِيِّيَنْ غَلِيظَيْنِ. أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِي كِسَاءَ الْخَزِّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَيَشْتَوِ فِيهِ ثُمَّ يَبِيعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. وَيَصِيفُ فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ أَشْمُونِيِّينَ بِدِينَارٍ. وَيَلْبَسُ مَا بَيْنَ ذَا وَذَا مِنَ اللَّبُوسِ وَيَقُولُ: «مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ» الأعراف: . وَيَعْتَمُّ وَيُنْبَذُ لَهُ فِي السَّعْنِ فِي الْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ عَكَرٍ. وَكَانَ يَدَّهِنُ أَوْ يَتَطَيَّبُ بَعْدَ الْغُسْلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ. قَالَ: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَلَنْسُوَةً بَيْضَاءَ لاطِئَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بن أبي طالب يعتم وَيُرْخِي عِمَامَتَهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي حَدِيثِهِ: شِبْرًا أَوْ فُوَيْقَهُ فِي مَا تَوَخَّيْتُ عِمَامَةً بَيْضَاءَ. . . . أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ كَانَ يَمْشِي إِلَى الْجِمَارِ. وَكَانَ لَهُ مَنْزِلٌ بِمِنًى. وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يُؤْذُونَهُ فَتَحَوَّلَ إِلَى قُرَيْنِ الثَّعَالِبِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ قُرَيْنِ الثَّعَالِبِ. وَكَانَ يَرْكَبُ فَإِذَا أَتَى مَنْزِلَهُ مَشَى إِلَى الْجِمَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: جَعَلَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ يَدْحَسُ كَفَّهُ مِنَ التَّمْرِ فَيُعْطِي الْكَبِيرَ وَالْمَوْلُودَ سَوَاءً. . قَالَ: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا سهيل بْنُ شُعَيْبٍ النَّهْمِيُّ. وَكَانَ نَازِلا فِيهِمْ يَؤُمُّهُمْ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْمِنْهَالِ. يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو. قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبي سبرة عن سَالِمٍ مَوْلَى جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ يُؤْذِي عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ وَأَهْلَ بَيْتِهِ. يَخْطُبُ بِذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَيَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَزَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُوقَفَ لِلنَّاسِ. قَالَ فَكَانَ يَقُولُ: لا وَاللَّهِ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ. كُنْتُ أَقُولُ رَجُلٌ صَالِحٌ يُسْمَعُ قَوْلُهُ. فَوَقَفَ لِلنَّاسِ. قَالَ فَجَمَعَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ وَلَدَهُ وَحَامَّتَهُ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ. قَالَ وَغَدَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ مَارًّا لِحَاجَةٍ فَمَا عَرَضَ لَهُ. قَالَ فَنَادَاهُ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ» الأنعام: . قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَوْصَى أَنْ لا يُؤْذِنُوا بِهِ أَحَدًا وَأَنْ يُسْرَعَ بِهِ الْمَشْيُ وَأَنْ يُكَفَّنَ فِي قُطْنٍ وَأَنْ لا يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ أَمَرَ أُمَّ وَلَدٍ لِعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ حِينَ مَاتَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ قَالَ: مَاتَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السُّنَّةِ سَنَةُ الْفُقَهَاءِ لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِيهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ علي بن حسين بن علي بن أبي طَالِبٍ قَالَ: مَاتَ أَبِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ بِالْبَقِيعِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ دُكَيْنٍ يَقُولُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا. أَهْلُ بَيْتِهِ وَأَهْلُ بَلَدِهِ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُ. . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ كَانَ مَعَ أَبِيهِ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ صَغِيرًا وَلَمْ يَكُنْ أَنَبْتَ بِشَيْءٍ. وَلَكِنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضًا فَلَمْ يُقَاتِلْ. وَكَيْفَ يَكُونُ يَوْمَئِذٍ لَمْ يُنْبِتْ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ؟ وَلَقِيَ أَبُو جَعْفَرٍ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَرَوَوْا عَنْهُ. وَإِنَّمَا مَاتَ جَابِرٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو معشر الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: لَمَّا وُضِعَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ أَقْشَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَأَهْلُ الْمَسْجِدِ لَيَشْهَدُوهُ. وَبَقِيَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ. فَقَالَ خَشْرَمٌ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَلا تَشَهَّدُ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ فِي الْبَيْتِ الصَّالِحِ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَشْهَدَ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ فِي الْبَيْتِ الصَّالِحِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُثَيْمُ بْنُ نِسْطَاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ خَرَجَ إِلَيْهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ. وَكَانَ يَقُولُ: شُهُودُ جِنَازَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلاةِ تَطَوُّعٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ يَبْخَلُ فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوهُ يَقُوتُ مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ فِي السِّرِّ. قَالُوا وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ ثِقَةً مَأْمُونًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَالِيًا رَفِيعًا وَرِعًا.
علي بن الحسين
أبو الحسن القرشي الحراني حدث بدمشق عن أبي اليقظان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني عن أبيه عبد الرحمن بن مسلم قال: دخلت أنطاكية إلى مسجد الجامع، فإذا أنا بشيخ جليل جميل، فسلمت وجلست، فقال لي: من أين أنت؟ قلت: أنا من أهل حران، قال: أما أنا فمن مدينة إبراهيم الخليل، ولا يزال فيها رجل من الأبدال إلى أن تقوم الساعة.
قال: قلت: حدثني رحمك الله بحديث أحدث به عنك قال: إني لست أحدثك حتى تعطيني عهد الله وميثاقه أنك لا جلست إلى قوم من أهل لا إله إلا الله إلا حدثتهم به؛ قلت: أفعل ذلك إن شاء الله، قال: أتيت البصرة، فأقمت بها أربع حجج في طلب العلم، وكان العلماء متوافرين بالبصرة، فكتبت بها علماً كثيراً، فقال لي رجل: منذ كم تكتب معنا الحديث؟ لقد كتبت علماً كثيراُ، ولقد فاتك كلام رجل والنظر إليه، قد لقي أنس بن مالك خادم سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال: قلت: وأين منزله؟ قال: في رحبة اليهود بالبصرة.
قال: فانطلقت حتى أتيت قصره، فإذا أنا بقصر مشيد، له باب من حيدي، وعلى باب القصر مشايخ ما رأيت أجمل منهم، فلما رأيتهم هالني أمرهم، فسلمت فردّوا ورحّبوا وقرّبوا، وقالوا: هل لك من حاجة؟ قلت: نعم، أنا شيخ من أهل الشام، خرجت إلى بلدكم في طلب العلم، وأنا مقيل فيه من أربع حجج، وقد بلغني عن والدكم أنه لقي أنس بن مالك، خادم سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال صلّى الله عليه وسلّم: " طوبى لمن رآني ومن رأى من رآني "، وأبوكم رأى من رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا لي:
نعم، وكرامة، إنا ندخل عليه في كل غداة فنسلم، ولا ندخل إلا من غد، ولنا أخ هو أصغر منا سنّاً يكنى بأبي الطيب، فنسأله يدخلك معه عليه، على أن نشرط عليك: أن لا تتكلم، تنظر إليه، وهو لا ينظر إليك. قال: فدعوت لهم، فقالوا لي: ادخل إلى هذا المسجد، فإذا صليت العصر فصر إلينا نسأله يدخلك.
فلما دخلت المسجد شممت رائحة المسك، وأن المسجد قد وزر بالخلوق والمسك، فسلمت وصليت ركعتين، وسألت الله عزّ وجلّ أن يسهل لي النظر إلى وجه وليّه.
فلما فرغت من الدعاء إذا بشيخ طوي القامة عظيم الهامة، عليه جبّة صوفٍ، مقطوع الكمين، مشدود وسطه بحبل لمن ليف، على عاتقه مرّ ومجرفة، ورسل، فوضعها في زاوية المسجد، ثم سلم وكبرن وصلى ركعة واحدة، فقلت: سبحان الله، لعله قد سها، فقال لي مجيباً: وبحمده. قلت: إنك لم تصل إلا ركعة، فقال: تحية المسجد، إنما هي تطوع.
قال: قلت: من حدثك أن ركعة تجزئ تحية المسجد؟ قال: مولاي صاحب هذا القصر.
قلت: ومملوك أنت؟ قال: كنت مملوكاً، ولكن الله أعتق رقبتي منذ خمسين سنة، وأنا أحفر القبور منذ خمسين سنة.
قلت: وما الذي حملك على حفر القبور؟ قال: بحديث حدثني مولاي هذا عن أنس بن مالك أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " من حفر قبراً لأخيه المسلم، ولم يأخذ عليه جزاء، بنى الله تعالى له بيتاً في الفردوس الأعلى، فيه قبة خضراء، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها ".
وسمعته يقول: من غسل أخاه المسلم ولم يأخذ عليه أجراً، وكتم ما يرى منه غفر الله عزّ وجلّ له
ذنوبه في ظلمة قبره ووحشته، إذا خلا فرداً وحيداً مرتهناً بعمله، ووكل به ملك بيده مصباح من نور، فهو يؤنسه في قبره إلى أن ينفخ الله في الصّور.
فهو الذي حملني على حفر القبور، وغسل الموتى، وحرسي القبور.
قلت: ما اسمك؟ قال: صالح.
قلت: بالله حدثني بأعجب شيء رأيته في ظلمات الليل، وأنت تحفر القبور من خمسين سنة، قال: إني لست أحدثك أو تعطيني عهد الله وميثاقه، أنت لا تجلس إلى قوم من أهل لا إله إلا الله إلا حدثتهم به، قلت: أفعل إن شاء الله.
قال: ماتت بنت قاضي البصرة، ولم يكن بالبصرة امرأة أجمل منها، فجزع عليها أبوها جزعاً شديداً، فدخلت عليه وهو يبكي أحرّ البكاء، فسلمت عليه وقلت: إن الموت حتم على الخلق، وإن الله عزّ وجلّ قال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: " إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون ".
فقال: يا صالح، إنه لم يكن بالبصرة امرأة أجمل من ابنتي، ولا أكثر مالاً، مات عنها زوجها ولم ترزق منه ولداً، وورثت منه مالاً عظيماً، وقد أوصت إليّ أن أخرج من ثلثها ثلاثة آلاف دينار، ويعطى لحرس قبرها ألف دينار يحرس سنةً اثني عشر شهراً.
قال: قلت: أما أنا فإنني أعطيت عهد الله وميثاقه أنني لا آخذ لحرس قبر، ولا لحفر قبر، ولا لغسل مست شيئاً أبداً. فقال لي: سبحان الله! ترزق رزقاً حلالاً وترده؟! قلت: نعم، وأشير عليك بشيء يسعدك الله به، ويدخل على ابنتك في قبرها السرور والرحمة؛ فقال: تكلم.
قلت: إن الميت لا ينتفع أن يكفن بألف دينار، فإنه يبلى في التراب والصديد والدّود، ولكن تكفن بمئة دينار، وتضيف تسع مئة إلى الألفين، فتشتري بها الثياب والخبز والماء، فتكسو العاري، وتشبع الجائع، وتروي الظمآن، فإني أرجو أن يعتق الله
ابنتك من النار، ويدخل عليه في قبرها السرور والرّحمة. فقال لي: وفقت وأشرت بخير.
قال: فكفّنها بمئة، وتصدق بالباقي عنها.
قال صالح، فحرست قبرها ثلاث ليال، أصلي عند قبرها ألف ركعة، فلما كان في الليلة الرابعة، وقد طلع الفجر، وأصبت نعسة، وأذن المؤذن، فأخذت لبنة فوضعتها تحت رأسي، فما هو إلا أن ذهبت في النوم، فإذا بنت القاضي قائمة بين يديّ، عليها ثياب أهل الجنة وحلي أهل الجنة.
قلت: يا هذه، من أنت التي قد ألبسها الله البهاء والنور؟ قال: صاحبة القبر بنت القاضي، جئت أشكرك، نوّر الله قبرك، وجزاك عني أفضل الجزاء كما أشرت بالخير في الصدقة عني، إن الله تبارك وتعالى قد نوّر قبري، وأدخل قبري السرور والرحمة، قم حتى أريك ما أعد الله تعالى لمن مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله.
فنهضت معها وفي يدها مصباح من بلور، والقبر روضة خضراء كأحسن ما يكون، وإن القبور قد أقبل أهلها، وقد جلس كلّ ميت على شفير قبره، قد ألبسهم الله البهاء والنور. قالت: هؤلاء الذين ماتوا وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، ادن منهم، وكلّمهم فإنهم يكلّمونك.
قلت: يا سبحان الله! موتى موتى يكلّمون الأحياء؟! قالت: وأنا ميتة، وقد أذن الله لي وكلمتك.
فلما دنوت منهم قالوا بأجمعهم: جزاك الله خيراً من مؤنس، إنا نسمع قرآنك ودعاءك لا نقدر أن نجيبك، وأنتم يا معشر الأحياء تعملون الخيرات، ولا تدرون ما لكم عند الله عزّ وجلّ من الدّرجات، فإذا أصبحت فأت المسجد الجامع فأقرئ أهالينا السّلام، وقل لهم: موتاكم يقرؤون عليكم السلام ويقولون: جزاكم الله عنا خيراً، فإن هداياكم تأتينا بكرة وعشياً، فقلت: وما الهدايا؟ قالوا: الدعاء والصدقة، إن الصدقة شيء عظيم يطفئ غضب الرّب، ودعاء الأحياء يدعون لنا الله عزّ وجلّ فيستجيب الله لهم فينا، فيدخل علينا في قبورنا السرور والرحمة.
قال: فبينا أنا فرح بهم إذ نظرت إلى رجل مشوّه الوجه رثّ الكفن، في عنقه سلسلة من نار، ورجل بيده سوط من نار، يضرب حرّ وجهه وظهره وبطنه، وهو يصيح: يا ويلاه! من نار لا تطفأ، وعذاب لا يبلى.
قال: فتقطع قلبي رحمة له، فقلت: يا هذا أيشٍ حالك من بين أصحابك هؤلاء الذين ألبسم الله البهاء والنور؟ قال: جرمي عظيم، كان لي مال عظيم، وكنت لا أزكّي فيه، فنالني هذا بعقوق والدي في الدنيا. قلت: وكيف ذلك؟ قال: مات أبي وخلف مالاً عظيماً، ولم يكن بالبصرة امرأة أجمل من والدتي، ولا أكثر مالاً، فرغب ملوك البصرة فيها، فخطبها بعض الملوك فأجابته، فبلغني ذلك فداخلتني الغيرة. فقلت: يا أمّه، بلغني أنك تريدين التزويج. قالت: التزويج حلال؛ فرفعت يدي، فلطمت حرّ وجهها، فخرّت مغشياً عليها، فسال من وجهها الدم. فلما أفاقت من غشيتها رفعت يدها ورأسها إلى السماء فقالت: يا بني لا أقالتك الله عثرتك، ولا آنس في القبر وحشتك. فلما أن مت صرت في قبري إلى نار لا تطفأ، وعذاب لا يبلى، وكذلك القبر من اليوم إلى يوم القيامة، فإذا أصبحت فأت والدتي وأقرئها السلام، وأعلمها بما رأيت من سوء حالي لعلها ترحمني.
قال: فانتبهت فإذا رائحة المسك من مسجدي، وكأنما ضوء المصباح في مسجدي وبين عينيّ.
قال: قلت: هذه رؤيا من الله، لآتينّ المسجد الجامع، فلأؤدينّ الرسالة، ولآتينّ أم المسكين، فأخبرها بما رأيت من سوء حاله.
فخرجت إلى المسجد، فصليت مع الإمام، فلما سلم قمت فقلت: السلام عليكم يا أهل المسجد ورحمة الله وبركاته، إني رأيت موتاكم في النوم بأحسن منظر، وهم يقرئونكم السلام، ويقولون لكم: جزاكم الله عنا خيراً أفضل الجزاء، فإن هداياكم تأتينا بكرة
وعشياً؛ فلم يبق في المسجد شيخ ولا شاب إلا علا نحيبه، ولم يبق أحد منهم إلا تصدق عن حبيبه ذلك اليوم، وكانت رؤيا رحمة على الأحياء والأموات.
قال: ومضيت إلى باب أم المسكين، فإذا على الباب شيخ جميل بيده مصحف، يقرأ فيه، وحوله وصائف يقرئهم القرآن. فلما رآني مقبلاً أمر الوصائف فدخلن القصر، فسلمت، فصافحني، وعانقني، ورد السلام، وقال: هل من حاجة؟ قلت: أما إليك فلا، ولكن إلى أهلك! فقال: يا سبحان الله! ما في مالي، ولا فيما خوّلني الله ما أقضي حاجتك؟ قلت: " إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "؛ فقال: صدقت، يا غلام، ادخل إلى ستك فقل لها؟ تسبل الستر حتى يدخل صالح تنظر أيشٍ حاجته.
قال: فدخل الغلام، وأسبل الستر، ودخل زوجها ودخلت معه، فقلت: السلام عليك يا أمة الله، من لك في المقابر؟ قال: فبكت حتى خرت مغشياً عليها، وبكى زوجها وكل من في القصر معها، وبكيت أنا رحمة لها.
قالت: وما ذاك يا صالح؟ قلت: رأيت في المنام كذا وكذا، فبكت بكاءً شديداً، وقالت: ذاك ولدي، واحسرتاه، على ما فرطت فيك يا بني، ثم جيئت بكيس فقالت: خذه واشتر بما فيه الثياب والخبز والماء، فاكس العاري، وأشبع الجائع، وارو الظمآن، ثم قالت: اللهم إن هذا صدقة عن ولدي، اللهم فارض عنه.
قال زوجها: أحسنت وأصبت ووصلت رحمك، وما كنا لنتركك تسبقينا إلى الخير. وجيء بكيس فقال: خذه وأضفه إلى الآخر، اللهم إن هذه صدقة عن ابن العجوز، اللهم فارض عنه وعن والديه وما ولد، وعن جميع المسلمين.
قال صالح، فأخذت الكيسين، وفعلت ما قالاه، وهممت أن أقوم، فسقط مني، رغيف، فقلت: لا أبرح حتى أنقذه، فإن قليل الأمانة وكثيرها عند الله سواء.
فبينا أنا كذلك إذ خرج من بعض دروب البصرة شيخ كبير منحنٍ، ما يرفع رأسه
من الكبر، يحرك شفتيه بالتحميد والتسبيح، وهو يقول: يا سيدي ومولاي خدمتك منذ ثلاثة أيام، فلما دنا قلت: يا شيخ، قال: يا سعديك، قلت: ما أرى معك أحداً، فلمن تناجي؟ قال: أناجي سيد السادات، ومالك الملوك، ومولى المولى، قد عودني في كل ثلاثة أيام قرصاً أفطر عليه، وهذا حاجتي إليه. قلت: إن الله عز وجل قد أجاب دعوتك. ودفعت إليه الرغيف، فقال: رضي الله عنك وعمن تصدق به عن جميع المسلمين.
قال صالح: ومضيت في الليلة الرابعة لأحرس قبر ابنه القاضي، فلما قرأت حزبي وصليت وردي نمت، فإذا أنا بابن العجوز على أحسن الناس وجهاً، وأطيب رائحة، فقال: نوّر الله قبرك، وجزاك عني أفضل الجزاء، إن الله عز وجل قد نوّر قبري، وأدخله السرور والرحمة بدعاء والدتي ودعاء الفقراء لي. إن الصدقة شيء عجيب تطفئ غضب الرب، فإذا أصبحت فأقرئ والدتي السلام، وأعلمها أن الصدقة وصلت، وقل لها: لا تقطعي الصدقة، فإن قليل الخير عند الله كثير.
قال: فانتبهت فرحاً، وصرت إلى والدته، فأخبرتها، فسرّت بذلك، وآلت على نفسها أنها تتصدق عنه في كل يوم.
قلت: يا صالح قد وعدني مواليك هؤلاء أن يدخلوني على مولاك. قال: هيهات: ما أطمع لك في ذلك لأنه كبير قد أتى عليه مئة وعشرون سنة، وقد احتجب عن الناس منذ عشر سنين. قلت: وعدوني أن يكلموا ابنه الأصغر. فقال: نعم ليس في أولاده أصبح وجهاً منه، ولا أرق قلباً، ولا أرحم بالغريب، وإن للشيخ من صلبه سبعين ذكراً.
قال: فصليت العصر وخرجت، وخرج صالح، فسلمت، فردوا السلام، والتفتوا إلى أخيهم الأصغر، فقالوا: يا أبا الطيب: إنا نعرضك إلى الأجر، وهذا الرجل مقيم في بلدنا منذ أربع حجج، وقد سألنا أن ندخله إلى والدنا؛ لينظر إليه نظرة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " طوبى لمن رآني ورأى من رآني ". قال: نعم وكرامة، فنهض ودق الباب، فخرج خادم ففتح باب القصر، فلما فتحه شممت رائحة المسك والزعفران والياسمين، فسألت الله الجنة، ثم دخلنا من قصر إلى قصر، فإذ الشيخ متكئ على فرش مشيّدة، ووجهه كالقمر ليلة البدر. قال: فقلت: هذا وجه من وجوه أهل الجنة، فوقف ابنه بين
يديه وقال: السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته؛ فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وعن والديك وما ولدا، وعن جميع المسلمين.
قال: فقلت في نفسي: والله لا فاتني كلام ولي الله؛ فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فردّ علي السلام، واحمرّ وجهه، ثم التفت إلى ابنه فقال: يا أبا الطيب من هذا الذي أدخلته عليّ من غير إذن؟ فقال: يا أبه، هذا شيخ من أهل الشام، مقيم معنا في بلدنا منذ أربع حجج، وقد سألنا أن ندخله عليك، لينظر إليك، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " طوبى لمن رآني، ومن رأى من رآني ". وأنت يا أبه، قد رأيت من رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخدمه.
قال: لا بأس، وطابت نفسه، ثم التفت فقال لي: يا شاميّ من أي الشام أنت؟ قلت: من أهل أنطاكية. فقال: مرحباً بك وأهلاً، أنت من المدينة التي منها الرجل الصالح حبيب النجار، بعث الله تعالى المسلمين إلى أنطاكية، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى، قال: يا قوم اتبعوا المرسلين. وكانت قدومه على عاتقه، فعلوه بالقدوم حتى قتلوه، ووطئوا بطنه، حتى خرجت بيضته من دبره، فإذا كان يوم القيامة: " قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ".
قال: قلت: حدثني رحمك الله بحديث أحدث به عنك، وأشكرك عليه، ويثيبك الله تعالى الجنة، فقال: إني قد آليت على نفسي أن لا أحدث أحداً، ولم احدث أحداً منذ عشرين سنة، وكني أكفّر عن يميني وأحدثك إن شاء الله، فأخرجت الألواح المسوّدة، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " أمتي أمة مرحومة، جعلها الله تعالى في الأمم كالقمر ليلة البدر، فمحسنها يدخل
الجنة بلا حساب، ومسيئها يغفر له بشفاعتي ". قال: ثم قرأ مصداقه من القرآن: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه، ومنهم مقتصدٌ، ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله، ذلك هو الفضل الكبير "، فسابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له.
قال: فكتبت عنه حديثاً يسوى الدنيا وما فيها، قلت: زدني رحمك الله قال: اكتب يا شاميّ: بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " أمتي الأمة المرحومة، ولولا الرحمة ما خلقهم الله ". قال: ثم قرأ مصداقه من القرآن: " انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلا " لمن عمل، " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "، " نعم أجر العاملين ".
قال: فكتبت عنه حديثين يسويان الدنيا وما فيها.
قلت: زدني رحمك الله قال: ما أعرفني بكم يا أصحاب الحديث، ما يشبعكم شيء؛ اكتب: حدثني أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: " أمتي الأمة المرحومة، جعل الله عز وجل عذابها في الدنيا بالسيف والقتل، وذلك أني سألت الله عز وجل ثلاثاً فأعطاني: سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم من قبلنا فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسنا
شيعاً ". ثم قرأ مصداقه من القرآن: " أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض ". يعني السيف والقتل. فإذا كان يوم القيامة أعطى الله تعالى كل رجل من المسلمين رجلاً من المشركين: إما مجوسياً وإما يهودياً وإما نصرانياً، فيقول: يا وليّ الله، هذا عدو الله فداؤك من النار، فإذا صعد أحدكم على فراشه فليقل: اللهم اجعل فلان بن فلان فدائي من النار، فإذا كان يوم القيامة أتاه ملك قابض على ناصيته حتى يوقفه بين يدي وليّ الله، فيقول له: يا وليّ الله، هذا فداؤك من النار، قال: فيكبّ الكافر على منخريه في النار، ويؤمر بالمؤمن إلى الجنة. ثم قرأ مصداقه من القرآن: " وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم، وليسألنّ يوم القيامة عما كانوا يفترون ".
أبو الحسن القرشي الحراني حدث بدمشق عن أبي اليقظان بن عبد الرحمن بن مسلم الحراني عن أبيه عبد الرحمن بن مسلم قال: دخلت أنطاكية إلى مسجد الجامع، فإذا أنا بشيخ جليل جميل، فسلمت وجلست، فقال لي: من أين أنت؟ قلت: أنا من أهل حران، قال: أما أنا فمن مدينة إبراهيم الخليل، ولا يزال فيها رجل من الأبدال إلى أن تقوم الساعة.
قال: قلت: حدثني رحمك الله بحديث أحدث به عنك قال: إني لست أحدثك حتى تعطيني عهد الله وميثاقه أنك لا جلست إلى قوم من أهل لا إله إلا الله إلا حدثتهم به؛ قلت: أفعل ذلك إن شاء الله، قال: أتيت البصرة، فأقمت بها أربع حجج في طلب العلم، وكان العلماء متوافرين بالبصرة، فكتبت بها علماً كثيراً، فقال لي رجل: منذ كم تكتب معنا الحديث؟ لقد كتبت علماً كثيراُ، ولقد فاتك كلام رجل والنظر إليه، قد لقي أنس بن مالك خادم سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
قال: قلت: وأين منزله؟ قال: في رحبة اليهود بالبصرة.
قال: فانطلقت حتى أتيت قصره، فإذا أنا بقصر مشيد، له باب من حيدي، وعلى باب القصر مشايخ ما رأيت أجمل منهم، فلما رأيتهم هالني أمرهم، فسلمت فردّوا ورحّبوا وقرّبوا، وقالوا: هل لك من حاجة؟ قلت: نعم، أنا شيخ من أهل الشام، خرجت إلى بلدكم في طلب العلم، وأنا مقيل فيه من أربع حجج، وقد بلغني عن والدكم أنه لقي أنس بن مالك، خادم سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال صلّى الله عليه وسلّم: " طوبى لمن رآني ومن رأى من رآني "، وأبوكم رأى من رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا لي:
نعم، وكرامة، إنا ندخل عليه في كل غداة فنسلم، ولا ندخل إلا من غد، ولنا أخ هو أصغر منا سنّاً يكنى بأبي الطيب، فنسأله يدخلك معه عليه، على أن نشرط عليك: أن لا تتكلم، تنظر إليه، وهو لا ينظر إليك. قال: فدعوت لهم، فقالوا لي: ادخل إلى هذا المسجد، فإذا صليت العصر فصر إلينا نسأله يدخلك.
فلما دخلت المسجد شممت رائحة المسك، وأن المسجد قد وزر بالخلوق والمسك، فسلمت وصليت ركعتين، وسألت الله عزّ وجلّ أن يسهل لي النظر إلى وجه وليّه.
فلما فرغت من الدعاء إذا بشيخ طوي القامة عظيم الهامة، عليه جبّة صوفٍ، مقطوع الكمين، مشدود وسطه بحبل لمن ليف، على عاتقه مرّ ومجرفة، ورسل، فوضعها في زاوية المسجد، ثم سلم وكبرن وصلى ركعة واحدة، فقلت: سبحان الله، لعله قد سها، فقال لي مجيباً: وبحمده. قلت: إنك لم تصل إلا ركعة، فقال: تحية المسجد، إنما هي تطوع.
قال: قلت: من حدثك أن ركعة تجزئ تحية المسجد؟ قال: مولاي صاحب هذا القصر.
قلت: ومملوك أنت؟ قال: كنت مملوكاً، ولكن الله أعتق رقبتي منذ خمسين سنة، وأنا أحفر القبور منذ خمسين سنة.
قلت: وما الذي حملك على حفر القبور؟ قال: بحديث حدثني مولاي هذا عن أنس بن مالك أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " من حفر قبراً لأخيه المسلم، ولم يأخذ عليه جزاء، بنى الله تعالى له بيتاً في الفردوس الأعلى، فيه قبة خضراء، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها ".
وسمعته يقول: من غسل أخاه المسلم ولم يأخذ عليه أجراً، وكتم ما يرى منه غفر الله عزّ وجلّ له
ذنوبه في ظلمة قبره ووحشته، إذا خلا فرداً وحيداً مرتهناً بعمله، ووكل به ملك بيده مصباح من نور، فهو يؤنسه في قبره إلى أن ينفخ الله في الصّور.
فهو الذي حملني على حفر القبور، وغسل الموتى، وحرسي القبور.
قلت: ما اسمك؟ قال: صالح.
قلت: بالله حدثني بأعجب شيء رأيته في ظلمات الليل، وأنت تحفر القبور من خمسين سنة، قال: إني لست أحدثك أو تعطيني عهد الله وميثاقه، أنت لا تجلس إلى قوم من أهل لا إله إلا الله إلا حدثتهم به، قلت: أفعل إن شاء الله.
قال: ماتت بنت قاضي البصرة، ولم يكن بالبصرة امرأة أجمل منها، فجزع عليها أبوها جزعاً شديداً، فدخلت عليه وهو يبكي أحرّ البكاء، فسلمت عليه وقلت: إن الموت حتم على الخلق، وإن الله عزّ وجلّ قال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: " إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون ".
فقال: يا صالح، إنه لم يكن بالبصرة امرأة أجمل من ابنتي، ولا أكثر مالاً، مات عنها زوجها ولم ترزق منه ولداً، وورثت منه مالاً عظيماً، وقد أوصت إليّ أن أخرج من ثلثها ثلاثة آلاف دينار، ويعطى لحرس قبرها ألف دينار يحرس سنةً اثني عشر شهراً.
قال: قلت: أما أنا فإنني أعطيت عهد الله وميثاقه أنني لا آخذ لحرس قبر، ولا لحفر قبر، ولا لغسل مست شيئاً أبداً. فقال لي: سبحان الله! ترزق رزقاً حلالاً وترده؟! قلت: نعم، وأشير عليك بشيء يسعدك الله به، ويدخل على ابنتك في قبرها السرور والرحمة؛ فقال: تكلم.
قلت: إن الميت لا ينتفع أن يكفن بألف دينار، فإنه يبلى في التراب والصديد والدّود، ولكن تكفن بمئة دينار، وتضيف تسع مئة إلى الألفين، فتشتري بها الثياب والخبز والماء، فتكسو العاري، وتشبع الجائع، وتروي الظمآن، فإني أرجو أن يعتق الله
ابنتك من النار، ويدخل عليه في قبرها السرور والرّحمة. فقال لي: وفقت وأشرت بخير.
قال: فكفّنها بمئة، وتصدق بالباقي عنها.
قال صالح، فحرست قبرها ثلاث ليال، أصلي عند قبرها ألف ركعة، فلما كان في الليلة الرابعة، وقد طلع الفجر، وأصبت نعسة، وأذن المؤذن، فأخذت لبنة فوضعتها تحت رأسي، فما هو إلا أن ذهبت في النوم، فإذا بنت القاضي قائمة بين يديّ، عليها ثياب أهل الجنة وحلي أهل الجنة.
قلت: يا هذه، من أنت التي قد ألبسها الله البهاء والنور؟ قال: صاحبة القبر بنت القاضي، جئت أشكرك، نوّر الله قبرك، وجزاك عني أفضل الجزاء كما أشرت بالخير في الصدقة عني، إن الله تبارك وتعالى قد نوّر قبري، وأدخل قبري السرور والرحمة، قم حتى أريك ما أعد الله تعالى لمن مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله.
فنهضت معها وفي يدها مصباح من بلور، والقبر روضة خضراء كأحسن ما يكون، وإن القبور قد أقبل أهلها، وقد جلس كلّ ميت على شفير قبره، قد ألبسهم الله البهاء والنور. قالت: هؤلاء الذين ماتوا وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، ادن منهم، وكلّمهم فإنهم يكلّمونك.
قلت: يا سبحان الله! موتى موتى يكلّمون الأحياء؟! قالت: وأنا ميتة، وقد أذن الله لي وكلمتك.
فلما دنوت منهم قالوا بأجمعهم: جزاك الله خيراً من مؤنس، إنا نسمع قرآنك ودعاءك لا نقدر أن نجيبك، وأنتم يا معشر الأحياء تعملون الخيرات، ولا تدرون ما لكم عند الله عزّ وجلّ من الدّرجات، فإذا أصبحت فأت المسجد الجامع فأقرئ أهالينا السّلام، وقل لهم: موتاكم يقرؤون عليكم السلام ويقولون: جزاكم الله عنا خيراً، فإن هداياكم تأتينا بكرة وعشياً، فقلت: وما الهدايا؟ قالوا: الدعاء والصدقة، إن الصدقة شيء عظيم يطفئ غضب الرّب، ودعاء الأحياء يدعون لنا الله عزّ وجلّ فيستجيب الله لهم فينا، فيدخل علينا في قبورنا السرور والرحمة.
قال: فبينا أنا فرح بهم إذ نظرت إلى رجل مشوّه الوجه رثّ الكفن، في عنقه سلسلة من نار، ورجل بيده سوط من نار، يضرب حرّ وجهه وظهره وبطنه، وهو يصيح: يا ويلاه! من نار لا تطفأ، وعذاب لا يبلى.
قال: فتقطع قلبي رحمة له، فقلت: يا هذا أيشٍ حالك من بين أصحابك هؤلاء الذين ألبسم الله البهاء والنور؟ قال: جرمي عظيم، كان لي مال عظيم، وكنت لا أزكّي فيه، فنالني هذا بعقوق والدي في الدنيا. قلت: وكيف ذلك؟ قال: مات أبي وخلف مالاً عظيماً، ولم يكن بالبصرة امرأة أجمل من والدتي، ولا أكثر مالاً، فرغب ملوك البصرة فيها، فخطبها بعض الملوك فأجابته، فبلغني ذلك فداخلتني الغيرة. فقلت: يا أمّه، بلغني أنك تريدين التزويج. قالت: التزويج حلال؛ فرفعت يدي، فلطمت حرّ وجهها، فخرّت مغشياً عليها، فسال من وجهها الدم. فلما أفاقت من غشيتها رفعت يدها ورأسها إلى السماء فقالت: يا بني لا أقالتك الله عثرتك، ولا آنس في القبر وحشتك. فلما أن مت صرت في قبري إلى نار لا تطفأ، وعذاب لا يبلى، وكذلك القبر من اليوم إلى يوم القيامة، فإذا أصبحت فأت والدتي وأقرئها السلام، وأعلمها بما رأيت من سوء حالي لعلها ترحمني.
قال: فانتبهت فإذا رائحة المسك من مسجدي، وكأنما ضوء المصباح في مسجدي وبين عينيّ.
قال: قلت: هذه رؤيا من الله، لآتينّ المسجد الجامع، فلأؤدينّ الرسالة، ولآتينّ أم المسكين، فأخبرها بما رأيت من سوء حاله.
فخرجت إلى المسجد، فصليت مع الإمام، فلما سلم قمت فقلت: السلام عليكم يا أهل المسجد ورحمة الله وبركاته، إني رأيت موتاكم في النوم بأحسن منظر، وهم يقرئونكم السلام، ويقولون لكم: جزاكم الله عنا خيراً أفضل الجزاء، فإن هداياكم تأتينا بكرة
وعشياً؛ فلم يبق في المسجد شيخ ولا شاب إلا علا نحيبه، ولم يبق أحد منهم إلا تصدق عن حبيبه ذلك اليوم، وكانت رؤيا رحمة على الأحياء والأموات.
قال: ومضيت إلى باب أم المسكين، فإذا على الباب شيخ جميل بيده مصحف، يقرأ فيه، وحوله وصائف يقرئهم القرآن. فلما رآني مقبلاً أمر الوصائف فدخلن القصر، فسلمت، فصافحني، وعانقني، ورد السلام، وقال: هل من حاجة؟ قلت: أما إليك فلا، ولكن إلى أهلك! فقال: يا سبحان الله! ما في مالي، ولا فيما خوّلني الله ما أقضي حاجتك؟ قلت: " إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "؛ فقال: صدقت، يا غلام، ادخل إلى ستك فقل لها؟ تسبل الستر حتى يدخل صالح تنظر أيشٍ حاجته.
قال: فدخل الغلام، وأسبل الستر، ودخل زوجها ودخلت معه، فقلت: السلام عليك يا أمة الله، من لك في المقابر؟ قال: فبكت حتى خرت مغشياً عليها، وبكى زوجها وكل من في القصر معها، وبكيت أنا رحمة لها.
قالت: وما ذاك يا صالح؟ قلت: رأيت في المنام كذا وكذا، فبكت بكاءً شديداً، وقالت: ذاك ولدي، واحسرتاه، على ما فرطت فيك يا بني، ثم جيئت بكيس فقالت: خذه واشتر بما فيه الثياب والخبز والماء، فاكس العاري، وأشبع الجائع، وارو الظمآن، ثم قالت: اللهم إن هذا صدقة عن ولدي، اللهم فارض عنه.
قال زوجها: أحسنت وأصبت ووصلت رحمك، وما كنا لنتركك تسبقينا إلى الخير. وجيء بكيس فقال: خذه وأضفه إلى الآخر، اللهم إن هذه صدقة عن ابن العجوز، اللهم فارض عنه وعن والديه وما ولد، وعن جميع المسلمين.
قال صالح، فأخذت الكيسين، وفعلت ما قالاه، وهممت أن أقوم، فسقط مني، رغيف، فقلت: لا أبرح حتى أنقذه، فإن قليل الأمانة وكثيرها عند الله سواء.
فبينا أنا كذلك إذ خرج من بعض دروب البصرة شيخ كبير منحنٍ، ما يرفع رأسه
من الكبر، يحرك شفتيه بالتحميد والتسبيح، وهو يقول: يا سيدي ومولاي خدمتك منذ ثلاثة أيام، فلما دنا قلت: يا شيخ، قال: يا سعديك، قلت: ما أرى معك أحداً، فلمن تناجي؟ قال: أناجي سيد السادات، ومالك الملوك، ومولى المولى، قد عودني في كل ثلاثة أيام قرصاً أفطر عليه، وهذا حاجتي إليه. قلت: إن الله عز وجل قد أجاب دعوتك. ودفعت إليه الرغيف، فقال: رضي الله عنك وعمن تصدق به عن جميع المسلمين.
قال صالح: ومضيت في الليلة الرابعة لأحرس قبر ابنه القاضي، فلما قرأت حزبي وصليت وردي نمت، فإذا أنا بابن العجوز على أحسن الناس وجهاً، وأطيب رائحة، فقال: نوّر الله قبرك، وجزاك عني أفضل الجزاء، إن الله عز وجل قد نوّر قبري، وأدخله السرور والرحمة بدعاء والدتي ودعاء الفقراء لي. إن الصدقة شيء عجيب تطفئ غضب الرب، فإذا أصبحت فأقرئ والدتي السلام، وأعلمها أن الصدقة وصلت، وقل لها: لا تقطعي الصدقة، فإن قليل الخير عند الله كثير.
قال: فانتبهت فرحاً، وصرت إلى والدته، فأخبرتها، فسرّت بذلك، وآلت على نفسها أنها تتصدق عنه في كل يوم.
قلت: يا صالح قد وعدني مواليك هؤلاء أن يدخلوني على مولاك. قال: هيهات: ما أطمع لك في ذلك لأنه كبير قد أتى عليه مئة وعشرون سنة، وقد احتجب عن الناس منذ عشر سنين. قلت: وعدوني أن يكلموا ابنه الأصغر. فقال: نعم ليس في أولاده أصبح وجهاً منه، ولا أرق قلباً، ولا أرحم بالغريب، وإن للشيخ من صلبه سبعين ذكراً.
قال: فصليت العصر وخرجت، وخرج صالح، فسلمت، فردوا السلام، والتفتوا إلى أخيهم الأصغر، فقالوا: يا أبا الطيب: إنا نعرضك إلى الأجر، وهذا الرجل مقيم في بلدنا منذ أربع حجج، وقد سألنا أن ندخله إلى والدنا؛ لينظر إليه نظرة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " طوبى لمن رآني ورأى من رآني ". قال: نعم وكرامة، فنهض ودق الباب، فخرج خادم ففتح باب القصر، فلما فتحه شممت رائحة المسك والزعفران والياسمين، فسألت الله الجنة، ثم دخلنا من قصر إلى قصر، فإذ الشيخ متكئ على فرش مشيّدة، ووجهه كالقمر ليلة البدر. قال: فقلت: هذا وجه من وجوه أهل الجنة، فوقف ابنه بين
يديه وقال: السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته؛ فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وعن والديك وما ولدا، وعن جميع المسلمين.
قال: فقلت في نفسي: والله لا فاتني كلام ولي الله؛ فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فردّ علي السلام، واحمرّ وجهه، ثم التفت إلى ابنه فقال: يا أبا الطيب من هذا الذي أدخلته عليّ من غير إذن؟ فقال: يا أبه، هذا شيخ من أهل الشام، مقيم معنا في بلدنا منذ أربع حجج، وقد سألنا أن ندخله عليك، لينظر إليك، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " طوبى لمن رآني، ومن رأى من رآني ". وأنت يا أبه، قد رأيت من رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخدمه.
قال: لا بأس، وطابت نفسه، ثم التفت فقال لي: يا شاميّ من أي الشام أنت؟ قلت: من أهل أنطاكية. فقال: مرحباً بك وأهلاً، أنت من المدينة التي منها الرجل الصالح حبيب النجار، بعث الله تعالى المسلمين إلى أنطاكية، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى، قال: يا قوم اتبعوا المرسلين. وكانت قدومه على عاتقه، فعلوه بالقدوم حتى قتلوه، ووطئوا بطنه، حتى خرجت بيضته من دبره، فإذا كان يوم القيامة: " قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ".
قال: قلت: حدثني رحمك الله بحديث أحدث به عنك، وأشكرك عليه، ويثيبك الله تعالى الجنة، فقال: إني قد آليت على نفسي أن لا أحدث أحداً، ولم احدث أحداً منذ عشرين سنة، وكني أكفّر عن يميني وأحدثك إن شاء الله، فأخرجت الألواح المسوّدة، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " أمتي أمة مرحومة، جعلها الله تعالى في الأمم كالقمر ليلة البدر، فمحسنها يدخل
الجنة بلا حساب، ومسيئها يغفر له بشفاعتي ". قال: ثم قرأ مصداقه من القرآن: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه، ومنهم مقتصدٌ، ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله، ذلك هو الفضل الكبير "، فسابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له.
قال: فكتبت عنه حديثاً يسوى الدنيا وما فيها، قلت: زدني رحمك الله قال: اكتب يا شاميّ: بسم الله الرحمن الرحيم حدثني أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: " أمتي الأمة المرحومة، ولولا الرحمة ما خلقهم الله ". قال: ثم قرأ مصداقه من القرآن: " انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلا " لمن عمل، " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "، " نعم أجر العاملين ".
قال: فكتبت عنه حديثين يسويان الدنيا وما فيها.
قلت: زدني رحمك الله قال: ما أعرفني بكم يا أصحاب الحديث، ما يشبعكم شيء؛ اكتب: حدثني أنس بن مالك خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: " أمتي الأمة المرحومة، جعل الله عز وجل عذابها في الدنيا بالسيف والقتل، وذلك أني سألت الله عز وجل ثلاثاً فأعطاني: سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم من قبلنا فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسنا
شيعاً ". ثم قرأ مصداقه من القرآن: " أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض ". يعني السيف والقتل. فإذا كان يوم القيامة أعطى الله تعالى كل رجل من المسلمين رجلاً من المشركين: إما مجوسياً وإما يهودياً وإما نصرانياً، فيقول: يا وليّ الله، هذا عدو الله فداؤك من النار، فإذا صعد أحدكم على فراشه فليقل: اللهم اجعل فلان بن فلان فدائي من النار، فإذا كان يوم القيامة أتاه ملك قابض على ناصيته حتى يوقفه بين يدي وليّ الله، فيقول له: يا وليّ الله، هذا فداؤك من النار، قال: فيكبّ الكافر على منخريه في النار، ويؤمر بالمؤمن إلى الجنة. ثم قرأ مصداقه من القرآن: " وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم، وليسألنّ يوم القيامة عما كانوا يفترون ".
علي بْن الْحُسَيْنِ سمع عُمَر بْن عَبد العزيز وجابر بْن زيد روى عنه بن جريج.
كان خارجيا وروى بشر بن المفضل عَنْ أَبِيهِ.
سمعتُ ابن حماد يذكره عن البُخارِيّ وهذا الَّذِي ذكره البُخارِيّ هُوَ حرف مقطوع والرجل غير معروف.
كان خارجيا وروى بشر بن المفضل عَنْ أَبِيهِ.
سمعتُ ابن حماد يذكره عن البُخارِيّ وهذا الَّذِي ذكره البُخارِيّ هُوَ حرف مقطوع والرجل غير معروف.
عليّ بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك الدامغاني، أبو الحسن ابن القاضي أَبِي الْحُسَيْن بْن قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه :
ولي القضاء بربع الكرخ بعد وفاة والده فِي يَوْم الأحد منتصف جمادي الأولى سنة أربعين وخمسمائة، ولم يزل عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي قاضي القضاة أبو القاسم علي بْن الْحُسَيْن الزينبي فِي عيد يَوْم الأضحى من سنة ثلاث وأربعين، فولى أَبُو الْحَسَن هَذَا أيضًا-[قاضي] القضاة فِي يَوْم الاثنين منتصف ذي الحجة من سنة ثلاث وأربعين، وخلع عَلَيْهِ بالديوان وشافهه بالولاية نقيب النقباء مُحَمَّد بْن علي الزينبي، وكان يومئذ نائبًا فِي الوزارة للإمام المقتفي لأمر اللَّه، وقرئ عهده بجوامع بغداد وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، فلم يزل عَلَى قضاء القضاة إلى أن توفي الْإِمَام المقتفى لأمر اللَّه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وولى الخلافة بعد ولده المستنجد بالله فأقره عَلَى القضاء ثُمَّ عزله فِي [الثلاثاء] الرابع عشر من جمادى الآخرة من سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
فكانت مدة ولايته إحدى عشرة سنة وستة أشهر فلزم منزله بنهر القلائين بالجانب الغربي منعكفًا عَلَى الاشتغال بالعلم، وكان يَقُولُ: أَنَا عَلَى ولايتي ما عزلت وكل القضاة ببغداد نوابي، لأن القاضي إِذَا لم يظهر فسقه لا يجوز عزله، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدة ولاية الْإِمَام المستنجد بالله وقطعة من ولاية المستضيء بأمر اللَّه بْن الْإِمَام المستنجد بالله، ثُمَّ أعاده إلى قضاء القضاة بولاية جديدة وخلع عليه في يوم الأحد ثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول من سنة سبعين وخمسمائة، فبقي على
قضاء القضاة إلى أن توفى الْإِمَام المستضيء بأمر اللَّه، وولى الخلافة ولده الْإِمَام الناصر لدين اللَّه فأقره عَلَى ولايته إلى حين وفاته، وكان شيخا مهيبا وقورا جليلا فاضلا [عالما] بخبر يسير صامتًا، كامل العقل، عفيفًا نزهًا، جميل السيرة محمود الفعال، حسن المعرفة بالقضايا والأحكام.
سَمِعَ الحديث من آباء القاسم هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن الحصين وهبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الواسطي وهبة الله بن أحمد بن عمر الحريري وأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن القاضي أَبِي يعلى بْن الفَرَّاء وأبي البركات عَبْد الوهاب بْن المبارك الأنماطي وغيرهم. وحدث باليسير، وَقَدْ أدركت أيامه، حَدَّثَنِي عَنْهُ أَحْمَد بْن البندنيجي وأبو الحسن بن؟.
حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ البندنيجي من لفظه وكتابه أنبأنا قاضي القضاة أَبُو الْحَسَن عليّ بْن أَحْمَد الدامغاني بقراءتي عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عبد الله ابن أحمد الواسطي قراءة عليه وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيِّ بْن الْجَوْزِيِّ الْوَاعِظُ قِرَاءَةً، أَنْبَأَنَا الْمَشَايِخُ الْخَمْسَةُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَزْرَفِيُّ وأَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ الدَّبَّاسُ وأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمُوَحِّدُ وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّوْزَنِيُّ وَأَبُو النَّجْمِ بَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْحِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ قَالُوا جميعا أنبأنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن المسلمة قراءة عليه، أنبأنا أبو الفضل عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ، أنبأنا أبو بكر جعفر بن محمد ابن الحسن الفريابي ، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ مَالِكِ بْنِ نَافِعِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» .
أنشدني أَبُو الْحَسَن علي بْن المبارك بْن فائق الوكيل، أنشدنا قاضي القضاة أبو
الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن الدامغاني، أنشدنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي، أنشدنا أَبُو طاهر مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد الأديب لنفسه وذكر إنه كتب بها جوابا عن رقعة:
وقعت على الدر الَّذِي رق حسنه ... وأوفت معانيه عَلَى اللؤلؤ الرطب
تلقيته بالرشف ثُمَّ ضممته ... إليَّ كما ضمت حبيبا يد أضب
ونزهت طرفي فِي رياض أنيقة ... معادنها الألباب لا صفحة الترب
لَهُ زهر لو يستطاع لحسنه ... لصيغ أكاليلًا عَلَى فمم الشرب
بلغني عن جماعة من أهل العلم أن بعض الأكابر حكى أَنَّهُ حضر لعيادة قاضي القضاة أَبِي القاسم الزينبي فِي مرضه الَّذِي مات فيه، فحضر القاضي أبو الحسن علي ابن أَحْمَد بْن الدامغاني لعيادته أيضًا، فلما انصرف أتبعه الزينبي نظره حتَّى غاب عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: يوشك أن يكون هَذَا قاضي القضاة بعدي، فكان الأمر كما قَالَ، وذلك لما كَانَ يظهر من ابْنُ الدامغاني من حسن السمت والوقار وما يأخذ بِهِ نفسه من النزاهة والعفة والديانة، وكان سنه فِي ذَلِكَ الوقت ثلاثون سنة.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عُمَر بْن علي الْقُرَشِيّ قَالَ سمعته- يعني قاضي القضاة أبا الْحَسَن بْن الدامغاني- يقول: ولدت في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وذكر غيره أن مولده كَانَ فِي ذي الحجة من السنة، وأنَّه توفي عشية السبت الثامن والعشرين من ذي القعدة من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وصلى عَلَيْهِ يَوْم الأحد بجامع القصر، وحضر خَلَقَ كَثِير، وحمل إلى مقبرة الشونيزية فدفن عند جده لأمه أبي الفتح ابن الساوي.
ولي القضاء بربع الكرخ بعد وفاة والده فِي يَوْم الأحد منتصف جمادي الأولى سنة أربعين وخمسمائة، ولم يزل عَلَى ذَلِكَ إلى أن توفي قاضي القضاة أبو القاسم علي بْن الْحُسَيْن الزينبي فِي عيد يَوْم الأضحى من سنة ثلاث وأربعين، فولى أَبُو الْحَسَن هَذَا أيضًا-[قاضي] القضاة فِي يَوْم الاثنين منتصف ذي الحجة من سنة ثلاث وأربعين، وخلع عَلَيْهِ بالديوان وشافهه بالولاية نقيب النقباء مُحَمَّد بْن علي الزينبي، وكان يومئذ نائبًا فِي الوزارة للإمام المقتفي لأمر اللَّه، وقرئ عهده بجوامع بغداد وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، فلم يزل عَلَى قضاء القضاة إلى أن توفي الْإِمَام المقتفى لأمر اللَّه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وولى الخلافة بعد ولده المستنجد بالله فأقره عَلَى القضاء ثُمَّ عزله فِي [الثلاثاء] الرابع عشر من جمادى الآخرة من سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
فكانت مدة ولايته إحدى عشرة سنة وستة أشهر فلزم منزله بنهر القلائين بالجانب الغربي منعكفًا عَلَى الاشتغال بالعلم، وكان يَقُولُ: أَنَا عَلَى ولايتي ما عزلت وكل القضاة ببغداد نوابي، لأن القاضي إِذَا لم يظهر فسقه لا يجوز عزله، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدة ولاية الْإِمَام المستنجد بالله وقطعة من ولاية المستضيء بأمر اللَّه بْن الْإِمَام المستنجد بالله، ثُمَّ أعاده إلى قضاء القضاة بولاية جديدة وخلع عليه في يوم الأحد ثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول من سنة سبعين وخمسمائة، فبقي على
قضاء القضاة إلى أن توفى الْإِمَام المستضيء بأمر اللَّه، وولى الخلافة ولده الْإِمَام الناصر لدين اللَّه فأقره عَلَى ولايته إلى حين وفاته، وكان شيخا مهيبا وقورا جليلا فاضلا [عالما] بخبر يسير صامتًا، كامل العقل، عفيفًا نزهًا، جميل السيرة محمود الفعال، حسن المعرفة بالقضايا والأحكام.
سَمِعَ الحديث من آباء القاسم هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن الحصين وهبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الواسطي وهبة الله بن أحمد بن عمر الحريري وأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن القاضي أَبِي يعلى بْن الفَرَّاء وأبي البركات عَبْد الوهاب بْن المبارك الأنماطي وغيرهم. وحدث باليسير، وَقَدْ أدركت أيامه، حَدَّثَنِي عَنْهُ أَحْمَد بْن البندنيجي وأبو الحسن بن؟.
حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ البندنيجي من لفظه وكتابه أنبأنا قاضي القضاة أَبُو الْحَسَن عليّ بْن أَحْمَد الدامغاني بقراءتي عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عبد الله ابن أحمد الواسطي قراءة عليه وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَرَجِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيِّ بْن الْجَوْزِيِّ الْوَاعِظُ قِرَاءَةً، أَنْبَأَنَا الْمَشَايِخُ الْخَمْسَةُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَزْرَفِيُّ وأَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ الدَّبَّاسُ وأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمُوَحِّدُ وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّوْزَنِيُّ وَأَبُو النَّجْمِ بَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْحِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ قَالُوا جميعا أنبأنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بن المسلمة قراءة عليه، أنبأنا أبو الفضل عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ، أنبأنا أبو بكر جعفر بن محمد ابن الحسن الفريابي ، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ مَالِكِ بْنِ نَافِعِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» .
أنشدني أَبُو الْحَسَن علي بْن المبارك بْن فائق الوكيل، أنشدنا قاضي القضاة أبو
الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن الدامغاني، أنشدنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي، أنشدنا أَبُو طاهر مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد الأديب لنفسه وذكر إنه كتب بها جوابا عن رقعة:
وقعت على الدر الَّذِي رق حسنه ... وأوفت معانيه عَلَى اللؤلؤ الرطب
تلقيته بالرشف ثُمَّ ضممته ... إليَّ كما ضمت حبيبا يد أضب
ونزهت طرفي فِي رياض أنيقة ... معادنها الألباب لا صفحة الترب
لَهُ زهر لو يستطاع لحسنه ... لصيغ أكاليلًا عَلَى فمم الشرب
بلغني عن جماعة من أهل العلم أن بعض الأكابر حكى أَنَّهُ حضر لعيادة قاضي القضاة أَبِي القاسم الزينبي فِي مرضه الَّذِي مات فيه، فحضر القاضي أبو الحسن علي ابن أَحْمَد بْن الدامغاني لعيادته أيضًا، فلما انصرف أتبعه الزينبي نظره حتَّى غاب عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: يوشك أن يكون هَذَا قاضي القضاة بعدي، فكان الأمر كما قَالَ، وذلك لما كَانَ يظهر من ابْنُ الدامغاني من حسن السمت والوقار وما يأخذ بِهِ نفسه من النزاهة والعفة والديانة، وكان سنه فِي ذَلِكَ الوقت ثلاثون سنة.
قرأت بخط القاضي أبي المحاسن عُمَر بْن علي الْقُرَشِيّ قَالَ سمعته- يعني قاضي القضاة أبا الْحَسَن بْن الدامغاني- يقول: ولدت في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وذكر غيره أن مولده كَانَ فِي ذي الحجة من السنة، وأنَّه توفي عشية السبت الثامن والعشرين من ذي القعدة من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وصلى عَلَيْهِ يَوْم الأحد بجامع القصر، وحضر خَلَقَ كَثِير، وحمل إلى مقبرة الشونيزية فدفن عند جده لأمه أبي الفتح ابن الساوي.
علي بن الحسين بن ثابت بن جميل
أبو الحين الجهني الزّري الإمام من أهل زرّا التي تدعى اليوم زرع من حوران.
حدث عن هشام بن خالد الأزرق القرشي بسنده إلى أبي الدرداء، قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه، فلما انصرف من صلاته، قالوا: يا رسول الله، تصلي في ثوب واحد؟ قال: " نعم، أصلي فيه وفيه ". أي فيه جامعت.
وحدث عن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إذا توضأ أحدكم فليجعل في فيه ماءً، ثم ليستنثر ".
وقد قيل في نسبه: الزوزيّ.
أبو الحين الجهني الزّري الإمام من أهل زرّا التي تدعى اليوم زرع من حوران.
حدث عن هشام بن خالد الأزرق القرشي بسنده إلى أبي الدرداء، قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه، فلما انصرف من صلاته، قالوا: يا رسول الله، تصلي في ثوب واحد؟ قال: " نعم، أصلي فيه وفيه ". أي فيه جامعت.
وحدث عن هشام بن عمار بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إذا توضأ أحدكم فليجعل في فيه ماءً، ثم ليستنثر ".
وقد قيل في نسبه: الزوزيّ.
علي بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، أبو الحسن بن أبي جعفر الكاتب :
من أهل همينيا قرية بين بغداد وواسط، وذكر الصولي أنه من قرية يقال لها:
بابلي قريبة من صرفين وأن جدهم ابتاع ضياعا من العاقول وانتقل إليها فنسبهم الناس
إليه، كان يتولى أمر الدواوين في أيام المكتفي، فلما أفضت الخلافة إلى أخيه المقتدر ووزيره العباس بقي ابن الفرات على ولايته، فلما وقعت فتنة عبد الله بن المعتز، وقتل الوزير العباس بن الحسن استدعى المقتدر بأبي الحسن بن الفرات وقلده الوزارة فِي يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين وخلع عليه من الغد، وركب الناس جميعا بين يديه إلى داره.
قال الصولي: ودخل عليه علي بن يحيى المنجم فأنشده:
أبا حسن لتهنئك الوزاره ... فقد أبدلت ظلمتها إناره
أشار لها سواك فلم ترده ... وقد قصدت إليك بلا إشاره
وما ظلمت بأن جاءتك عفوا ... لقد كانت عليك لها أماره
فخذها شاكرا قوسا أعيدت ... إلى الرامي وكانت مستعاره
وما زالت تبغي مستقرا ... فكنت لها وقد فلقت قراره
تحرت لها برأيك في أمور ... تحف لها فأربحت التجارة
وأما الراكضون لها يحرق ... فعاد الربح منهم للخساره
وليس وزارة الخلفاء تهنأ ... وليس خلافة الرحمن عاره
فكن لهم من المكروه جاراً ... فليس يخاف من أصبحت جاره
ولما أن ذكرت لنا علمنا ... فإن الملك أصبح في خفاره
تجلت فتنة كنا أسفنا ... بها والمسلمون على إماره
وأعقبنا الإله رضي بسخط ... وأبدلت الحلاوة بالمراره
فقد أنزعت أيدينا نضاراً ... وقد أنزعت دنيانا نضاره
لقد عين المبشر عين يرضى ... بأن أعطيه مثلك يدي بشاره
فأبقاك الإله لنا وأبقى ... لنا النعمى ووقاك الحرارة
ثم إن المقتدر فوض إليه الأمور كلها، واعتمد عليه وبسط يده ومكنه، فسار بالعدل والإحسان والعفو عن الجناة، وبذل المعروف وحسن الصنيعة وسلامة المحضر، وبسط الكرم والأفضال، وكان موصوفا بسعة الصدر والسخاء.
قال الصولي: كان أجل الناس نفسا وكرما ووفاء، وكان أخوه أبو العباس أحمد أكبر منه سنا وأرفع طبقة في الآداب والعلوم، وكان أبو الحسن يتقدم أخاه في الحساب والخراج، وله فيه مصنف، وكان له ثلاثة أولاد: أبو أحمد المحسن، وأبو
الفضل، والحسين، وعزل عن الوزارة وقبض عليه في يوم الأربعاء لأربع خلون من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين، فكانت مدة وزارته ثلاث سنين وثمانية أشهر وثمانية عشر يوما، ثم أعيد إلى الوزارة مرة ثانية في يوم الإثنين لثمان خلون من ذي الحجة سنة أربع وثلاثمائة بعد عزل علي بن عيسى بن الجراح، ثم عزل في يوم الإثنين لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة، فكانت مدة وزارته الثانية سنة واحدة وخمسة أشهر وتسعة عشر يوما، وولي مكانه حامد بن العباس، ثم أعيد إلى الوزارة مرة ثالثة فِي يوم الخميس لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وخلع عليه وعلى ابنه أبي أحمد المحسن وولاه أمر الدواوين فبسط يده، وصادر الناس، وعذبهم بأنواع العذاب حتى هلكوا، وجاهر الأكابر بالعداوة، ولم يزل هو وأبوه على أقبح سيرة حتى عزل أبوه من الوزارة فِي يوم الثلاثاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة: فكانت مدة وزارته الثالثة عشرة أشهر وثمانية عشر يوما، ويقال: إن ابن الفرات وصل الشعراء في أيام وزارته الأخيرة بعشرين ألف درهم، وأنه أطلق لطلاب الحديث والآداب عشرين ألف درهم، وقال: لعل أحدهم يبخل على نفسه بدانق فضة ويصرفه في ثمن ورق وحبر وأنا أولى من عاونهم على أمرهم.
وقال أبو الحسن ثابت بن نبهان: أنا أذكر أنه كان كما يتقلد أبو الحسن بن الفرات الوزارة وقد زاد سعر الثلج والشمع والقراطيس والحيس زيادة مفرطة وافرة، وكان ذلك متعارفا عند التجار.
أنبأنا ذاكر بن كامل النعال قال: كتب إلى أبو بكر الشيروي أن أبا نصر الشيرازي أخبره، أنبأنا أبو القاسم موسى بن الحسن بن علي الساوي، أنبأنا محمد بن عمر الكاتب قال: حدثني جماعة من مشايخنا: أن صاحب الخبز رفع إلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن الفرات وهو وزير أن رجلا من أرباب الحوائج اشترى خبزا وجبنا أكله في الدهليز، فأقلقه ذلك، وأمر بنصب مطبخ لمن يحضر من أرباب الحوائج، فلم يزل ذلك طول أيامه.
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان، عن أبي طاهر التاجر، أنبأنا أبو القاسم ابن مندة إذنا عن أبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي قال: حدثني أبو الحسين البصري قال: قال لي رجل: كنت أخدم علي بن الفرات وهو وزير فغضب عليه السلطان ونفذ بحبسه قال: وكانت عندي خمسمائة دينار- فقلت لامرأتي- وكانت ذات عقل ورزانة: إني أريد أن أحمل هذه الدنانير إلى الوزير لعله يحتاج إليها في حبسه، قالت: ويحك إن ابن الفرات لا يحمل إليه خمسمائة دينار، فإنه يستحقرها وصاحبها، قال: فغضبت امرأتي وحملت الدنانير ولطفت لبواب السجن حتى أذن لي عليه، فلما رآني تعجب وقال: فلان؟ فقلت: نعم، أيد الله سيدنا، قال: فما حاجتك؟
فأخرجت الصرة وقلت: هذه خمسمائة دينار لعلها تصلح أن تبر بها بوابا، أومأ: كلا! ثم قال: خذها تكون وديعة لي عندك، قال: فخجلت ورجعت إلى امرأتي وحدثتها، فقالت: قد كنت أشرت عليك ألا تفعل فأبيت، قال: ثم إن السلطان رضي عن الوزير وأفرج عنه بعد مديدة، وعاد إلى أفضل ما كان عليه فدخلت عليه، فلما بصرني طأطأ رأسه ولم يملأ مني عينه، فقلت: قد جاء ما قالته لي امرأتي وكنت أغدو إليه بعد وأروح، فلا يزداد إلا إعراضا عني حتى أنفقت تلك الدنانير وبقيت متعطلا أبيع ما في بيتي وثياب حالي، وبكرت إلى ابن الفرات يوما على ما بي من انكسار وضعف حال ومنه، فدعاني وقال: وردت البصرة سفني من بلاد الهند، فانحدر إليها وفسرها وأقبض حق بيت المال، وما كان من رسم المستثنى! فعدت إلى أهلي وقلت لها من تمام المحنة أنه كلفني سفرا وأنا لا أقدر على ما أنفقه، قال: فناولتني حمارا لها وقرطين، فبعت ذلك وجعلت ثمنه نفقتي وانحدرت وفسرت السفن، وقبضت حق بيت المال، وما كان من رسم الوزير فحملته إلى بغداد وعرفت الوزير، فقال: سلم بيت المال واقبض الرسم المثتنى لنا وكم هو؟ قلت له: خمسة وعشرون ألف دينار، قال:
أدّها إلى منزلك! فأخذت إلى منزلي وسهرت ليلي لحفظها على اهتمامي وطول نهاري بها، ومضى لهذا الحديث زمان ليس بالطويل وأبلغ ذلك إليّ، وأبان الضر في وجهي، فدخلت إليه يوما، فلما رآني قال: ادن مني ما لي أراك متغير اللون سيئ الحال؟ فحدثته بقصتي في إقلالي وإضافتي، فقال: ويحك وأنت ممن ينفق في مدة يسيرة خمسة وعشرين ألف دينار، قلت: أيد الله سيدنا الوزير من أين لي خمسة وعشرون ألف دينار؟ قال: يا جاهل! أما قلت لك احملها إلى منزلك أتراني لم أجد من أودعه مالي غيرك، ويحك
أما رأيت إعراضي عنك حياء منك وتذكرت جميل صنعتك وأنا محبوس، وقلت: متى أقضي حق هذا فيما فعله، فجعل إلى منزلك واتسع في النفقة وأنا أنظر لك ما يغنيك ويغني عقبك إن شاء الله! فعدت إلى منزلي عودة عبد من حضرة مولى كريم وذلك سبب غنائي.
أنبأنا عبد الوهاب الأمين، عن محمد بن عبد الباقي الشاهد، أنبأنا أبو القاسم علي ابن المحسن بْن عَلِيّ التنوخي، عن أبيه قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الحسين علي بن هشام قال:
حدثني أبو علي بن مقلة، وأبو عبد الله زنجي أنهم حضروا مجلس أبي الحسن بن الفرات في ثاني عيد الفطر سنة ست وتسعين وهي أول سني وزارته وأدخل إليه أبو أحمد عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر في نجفته وأجلس في مرتبته، فاستدعى ابن الفرات أحمد بن مروان وكيله فأسر إليه سرا، فبادر ودفع إلى حاجب أبي أحمد عشرة آلاف درهم فأعلمه الحاجب ذلك فشكره ونهض مبادرا مسرورا لعظم إضافته، فلما نهض أنشده لنفسه:
أَيَادِيكَ عِنْدِي مُعَظَّمَاتٌ جَلائِلُ ... طِوَالُ الْمَدَى شُكْرِي لهن قصير
فإن كنت عن شكري عنيا فإنني ... إلى شكر ما أوليتني لفقير
أنبأنا محمد بن حامد الضرير، عن زاهر بن طاهر الشحامي قال: كتب إليّ أبو القاسم بن أحمد: أن أبا أحمد المقرئ أخبره، عن أبي بكر الصولي قال: حدثني أحمد بن العباس النوفلي وكان جليسا لبني الفرات قال: سمعت الوزير قبل الوزارة يقول: ما رأيت أحدا قط في داري وعلى بابي ليس لي عنده إحسان إلا كنت أشد اهتماما بإيصال ذلك إليه منه بطلبه والاحتيال له.
قال الصولي: وحدثني أبو أمية العلائي قال: ما رأيته قط رد أحدا عن حاجة رد آيس حتى يخلط ذلك بأمل يعقله فيقول: تعاودني، أو يقول: أعوضك من هذا، أو يقول: نمهل قليلا- أو شبيه هذا.
قال الصولي: وسمعت أبا أحمد عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر يقول: حين ولي ابن الفرات الوزارة ما افتقرت الوزارة إلى أحد قط افتقارها إليه.
قال الصولي: خرجت يوما مع أبي العباس بن النوفلي من داره- يعني ابن الفرات-
صلاة المغرب فخرج معنا فراشان بشمعتين، فلما جلسنا في الماء دفعا الشمعتين إلى غلماننا فرددناهما فقالا: لا نأخذهما قد أمرنا أن ندفع بعد اصفرار الشمس إلى كل من خرج شمعة، فقلنا: قد قبلناهما ووهبناهما لكما، فقالا: أتريدان أن نعاقب ونخرج من الدار؟ فتركاهما ومضيا.
قال الصولي: وحدثني أبو الفضل بن الفرات قال: لما قبض على ابن الفرات بعد وزارته الأولى نظرنا فإذا هو يجري على خمسة آلاف من الناس أقل جاري أحدهم خمسة دراهم في الشهر ونصف قفيز دقيق إلى عشرة أقفزة ومائة دينار في كل شهر.
قال الصولي: وحدثني أحمد بن العباس النوفلي أنهم كانوا يجالسونه قبل الوزارة بتكاء لكل واحد، فلما ولي الوزارة وجلس معهم ليلة لم يجئ الفراشون بالتكاء، فغضب عليهم وقال: إنما رفعني الله لأضع من جلسائي، والله لا جالسوني إلا بتكائين، فكنا كذلك ليال حتى استعفينا، فقال لنا: والله ما أريد الدنيا إلا لخير أقدمه أو صديق أنفعه، وما أقول إني أحسنت إليكم بمقدار ما تستحقون وأنتم إخواني، ولولا أن النزول عن الصدر سخف لا يصلح لمثل حالي لما أخذته عليكم ولساويتكم في المجلس.
قال الصولي: ومن فضائله أني لم أسمعه قط ولا غيري دعا أحدا من كتابه غير كنيته وكذلك سائر حجابه وأصحابه، وكذلك إذا ذكره وهو غائب، وربما قال: أين فلان؟ فسبقه لسانه بتسميته رجع فكناه.
وقال الصولي: حدثني سوار بن أبي شراعة قال: سرت مع ابن الفرات قبل الوزارة في طريق إلى بعض إخوانه فلما أراد الرجوع قلت له: هاهنا طريق أقرب من ذلك، فقال: قد عرفته ولكني قد ألفت هذا الطريق فما أحب أن أسلك غيره لأني آلف كل شيء حتى الطريق.
قال الصولي: وكان اعتل في أيام وزارته علة صعبة، فكان إذا أفاق [قال] ما غمي بعلتي بأشد من غمي بتأخر حوائج الناس وفيهم المضطر والمعتل ومن يريد سفرا، فضعوا الأعمال بين يدي، وكان كلما أفاق نظر في الشيء بعد الشيء منها وهو من الضعف لا يبين الكلام.
قال الصولي: ورأيته حين ولي وزارته الأولى وقد مشى الناس بين يديه كما كانوا يمشون بين يدي العباس بن الحسن، فمنع من ذلك وغضب وقال: أنا لا أرضى لغلماني أن فعلوا هذا، أكلفه قوما أحرارا لا الإحسان سؤالي عندهم.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الحذاء، عن أَبِي غالب الذهلي، أنبأنا هلال بن المحسن الكاتب قال: حدث أبو الحسين أحمد بن محمد بن الميمون قال: كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات في بعض العشايا فقط الفراش شمعة كانت بين يديه قطا استعجل فيه وسقط منها شرار قرب منه وخاف الفراش ومضى مبادرا وتبعه خادم كان يرؤس على حواشيه لينكر عليه ويضربه، فصاح الوزير به وقال له: عد إلى مكانك أتراه البائس تعمدني بما فعل واعتقد أنه يحرقني؟ وإنما اتفق على ما اتفق من سبيل الغلط.
أنبأنا أبو محمد بن الأخضر، عن أبي منصور المقرئ: أن الحسن بن علي الشاهد أخبره، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هارون الضبي إملاء قال: وجدت في كتاب والدي: حدثني الوزير أبو علي محمد بن علي عن الوزير أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن الفرات قال: ولد لبعض الكتاب ولد فسماه عليا وكناه أبا حفص، قال:
فقال له أخي أبو العباس: لم كنيته بأبي حفص؟ قال: أردت أن أنغصه على الرافضة.
قرأت على أبي القاسم الحسين بن هبة الله الثعلبي بدمشق، عن أبي مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الطوسي قال: سمعت أبا محمد القاسم بن علي الحريري البصري ببغداد يقول: حكى أن بعض الأدباء جوز بحضرة الوزير أبي الحسن بن الفرات أن مقام السين مقام الصاد في كل موضع، فقال له الوزير: أتقرأ جنات عدن يدخلونها ومن سلح؟ فخجل الرجل وانقطع.
أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب، عن شجاع بن فارس الذهلي، حدّثنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني أبو الحسين محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد الأهوازي، حدّثنا الوليد بن معن الموصلي قال: حكى لنا إبراهيم بن يحيى، حدثني أبو علي بن مقلة أنه كان يوما بحضرة ابن الفرات قال: فوقع في يده فصة في جملة الفصص فتأملها طويلا، ثم رمى بها إليّ ثم أمر أن يطلب صاحبها فلم يوجد، وإذا فيها:
لو كان ما أنتم فيه يدوم لكم ... ظننت ما أنا فيه دائما أبدا
فقد سكنت إلى أني وأنكم ... سنستجد خلاف الحالتين غدا
فقلت: أيها الوزير لو وجدت رافعها ما كنت تفعل به؟ قال: كنت أحسن إليه.
قرأت في كتاب بعض الأدباء بخطه قال: أنشدني أبو الحسين علي بن هشام الكاتب قال: أنشدني أبو عبد الله الزنجي الكاتب قال: أنشدني أبو الحسن بن الفرات لنفسه وعملهما وأنا حاضر وليس له شعر غيرهما فيما علمت:
معذبتي هل لي إلى الوصل حيلة ... وهل لي إلى استعطاف قلبك من وجه
فلا خير في الدنيا وأنت بخيلة ... ولا خير في وصل يكون على كره
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الحذاء، عن أَبِي غالب الذهلي، أنبأنا هلال بن المحسن الكاتب في كتابه قال: لأبي الحسن بن الفرات- وأورده في كتاب «الوزراء» :
خليلي قد أمسيت حيران موجعا ... وقد بان شرخ للشباب فودعا
ولا بد أن أعطي اللذاذة حقها ... وإن شاب رأسي في الهوى وتصلعا
إذا كنت للأعمال غير مضيع ... فما حق نفسي أن أكون مضيعا
أنبأنا أحمد بن سكينة، عن أبي بكر الأنصاري، أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن ابن عَلِيّ التنوخي إذنا عن أبيه قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله الكاتب قال: دخلت مع أبي على أبي الحسن علي بن الفرات في وزارته الثالثة وقد غلب ابنه المحسن عليه في أكثر أموره، فقال له أبي : هو ذا يسرف أبو أحمد المحسن في مكاره الناس بغير فائدة، ويضرب من لو قيل له اكتب بغير ضرب لكتب، ثم يطلب فيوافق على أداء المال وقتا بعينه فيتأخر إيراد الروزنة فيضرب القوم وقد أدى المال فيضرب الضرب ضياعا وقد أدى المال، فقال له أبو الحسن: يا أبا القاسم، لو لم يفعل أبو القاسم هذا بأعدائه ولمن أساء إليه لما كان من أولاد الأحرار ولكان
ميتا، أنت تعلم أني قد أحسنت إلى الناس دفعتين فما شكروني، ومشوا على دمي والله لأسيئن، فلما خرجنا من حضرته قال لي: إني سمعت بأعجب من هذا الكلام نحن لم ننجب من الإحسان دفعتين [ما] ننجب من الإساءة، فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قبض عليه وجرى ما جرى على أمره.
قال الصولي: لما ولي ابن الفرات الوزارة الثالثة خرج متغيظا على الناس لما كان فعله حامد بن العباس لما ولي الوزارة بابنه المحسن فأطلق يد ابنه على الناس، فقتل حامد بن العباس بعد أن عذبه عذابا عظيما، وترك طلب المال وطلب الأنفس، فأثار العالم وكان مشئوما على أهله وماحيا لمناقبهم، ولما أسرف في ضلاله ولعنته اعتل فأصبح الناس يرجفون به لما في نفوسهم، ثم خرج مثل الشيطان، فقلت في وقتي:
يا من لسجنه عين منه تقرأ العيون ... ومن إذا أسر يوماً فكلنا محزون
قالوا المحسن أوذي فقلت ذا لا يكون ... إني اهتدت بالقوى إلى المنون المنون
قال الصولي: وقبض المقتدر على ابن الفرات، وأفلت ابنه المحسن فاشتد السلطان وجميع الأولياء في طلبه إلى أن وجد وقد حلق لحيته وتشبه بالنساء ولبس خفّا وإزارا وطولب هو وابنه بالأموال، وسلما إلى الوزير القاسم [بن] عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فعلما أنهما لا يفلتان، فما أذعنا بشيء واختالا ممن مضى إلى السلطان، فتضمن عنهما أنهما إن أخرجا عن أيدي أعدائهما وأخذهما السلطان إلى داره حملا إليه مالا كثيرا، فهم السلطان بذلك، فاجتمع الرؤساء: مؤنس، ونصر الحاجب، وشفيع اللؤلؤي، ونازوك، وشفيع المقتدري، فتشاوروا وقالوا: إن تمكن من السلطان أهلك الجماعة، فأشار نصر الحاجب بأن يتقدم إلى الغلمان الحجرية أن يحملوا السلاح ويقولون أترى مولانا يوليه وزارة رابعة، وأنهم لا يرضون بتلفه وتلف ابنه المحسن،
ولما حملوا السلاح كتب شفيع اللؤلؤي بالخبر إلى الخليفة، وعظمه، وزعم أنه [إن] لم يقتلا لفل على رؤساء الدولة وغيرهم، فهاب ذلك السلطان وخاف الحجرية خوفا شديدا إلا أنه لم يثق بهم، فتقدم إلى نازوك فقتلهما في الدار التي بشط المحرم التي كان ينزلها ابن الفرات لما ولي الوزارة، ووجه برأسيهما إلى المقتدر في سفط، وغرق جسديهما عند بن ظاهر، ففعل ذلك شفيع ابن المقتدري، فقلت في ذلك:
ذلل الدهر عز الفرات ... ورماهم بفرقة وشتات
ليت أن الفرات غدوا جميعا ... قبل ما قد رأوه في الأموات
فلعمري لراحة الموت خير ... من صغار وذلة في الحيات
لم يزالوا للملك أنجم عز ... وضياء فأصبحت كاسفات
قال: وقيل فيهم أيضا:
يا أيها اللحد الضنين بما له ... يحمي بتعطيب قليل نواله
أو ما رأيت ابن الفرات وقد أتى ... أدباره من بعد ما إقباله
أيام تطرقه السعادة بالمنى ... وينال ما يهواه من آماله
فحل من النعمى وأصبح يشتكي ... أقياده ألما إلى أغلاله
وكذا الزمان بأهله متقلب ... فاسمح بما أعطيت قبل زواله
ذكر القاضي أبو القاسم التنوخي: أن القاضي أبا جعفر أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول الأنباري التنوخي قال في ابن الفرات بعد عزله من وزارته الثالثة:
قل لهذا الوزير قول محق ... فيبثه النصح أيما إبثاث
قد تقلدتها ثلاثا ثلاثا ... وطلاق البتات عند الثلاث
قال: وكان الأمر على ما قاله، فإن ابن الفرات لم يعد بعد الوزارة الثالثة إلى النظر.
وقيل في محبسه لما قبض على ابن الفرات استتر ولده المحسن أياما، ثم ظهر عليه فقبض عليه وعذب بأنواع العذاب وضربت عنقه في يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وأحضر رأسه فألقي بين يدي أبيه، فارتاع
لذلك، ثم ضربت عنقه واحتز رأساهما، فحملا إلى دار الخلافة وألقيت جثتاهما إلى الماء، ثم ألقي بعد ذلك الرأسان في الفرات.
وكان لأبي الحسن بن الفرات إحدى وسبعون سنة وشهور؛ لأن الصولي ذكر أن مولده لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان لابنه المحسن ثلاث وثلاثون سنة.
من أهل همينيا قرية بين بغداد وواسط، وذكر الصولي أنه من قرية يقال لها:
بابلي قريبة من صرفين وأن جدهم ابتاع ضياعا من العاقول وانتقل إليها فنسبهم الناس
إليه، كان يتولى أمر الدواوين في أيام المكتفي، فلما أفضت الخلافة إلى أخيه المقتدر ووزيره العباس بقي ابن الفرات على ولايته، فلما وقعت فتنة عبد الله بن المعتز، وقتل الوزير العباس بن الحسن استدعى المقتدر بأبي الحسن بن الفرات وقلده الوزارة فِي يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين وخلع عليه من الغد، وركب الناس جميعا بين يديه إلى داره.
قال الصولي: ودخل عليه علي بن يحيى المنجم فأنشده:
أبا حسن لتهنئك الوزاره ... فقد أبدلت ظلمتها إناره
أشار لها سواك فلم ترده ... وقد قصدت إليك بلا إشاره
وما ظلمت بأن جاءتك عفوا ... لقد كانت عليك لها أماره
فخذها شاكرا قوسا أعيدت ... إلى الرامي وكانت مستعاره
وما زالت تبغي مستقرا ... فكنت لها وقد فلقت قراره
تحرت لها برأيك في أمور ... تحف لها فأربحت التجارة
وأما الراكضون لها يحرق ... فعاد الربح منهم للخساره
وليس وزارة الخلفاء تهنأ ... وليس خلافة الرحمن عاره
فكن لهم من المكروه جاراً ... فليس يخاف من أصبحت جاره
ولما أن ذكرت لنا علمنا ... فإن الملك أصبح في خفاره
تجلت فتنة كنا أسفنا ... بها والمسلمون على إماره
وأعقبنا الإله رضي بسخط ... وأبدلت الحلاوة بالمراره
فقد أنزعت أيدينا نضاراً ... وقد أنزعت دنيانا نضاره
لقد عين المبشر عين يرضى ... بأن أعطيه مثلك يدي بشاره
فأبقاك الإله لنا وأبقى ... لنا النعمى ووقاك الحرارة
ثم إن المقتدر فوض إليه الأمور كلها، واعتمد عليه وبسط يده ومكنه، فسار بالعدل والإحسان والعفو عن الجناة، وبذل المعروف وحسن الصنيعة وسلامة المحضر، وبسط الكرم والأفضال، وكان موصوفا بسعة الصدر والسخاء.
قال الصولي: كان أجل الناس نفسا وكرما ووفاء، وكان أخوه أبو العباس أحمد أكبر منه سنا وأرفع طبقة في الآداب والعلوم، وكان أبو الحسن يتقدم أخاه في الحساب والخراج، وله فيه مصنف، وكان له ثلاثة أولاد: أبو أحمد المحسن، وأبو
الفضل، والحسين، وعزل عن الوزارة وقبض عليه في يوم الأربعاء لأربع خلون من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين، فكانت مدة وزارته ثلاث سنين وثمانية أشهر وثمانية عشر يوما، ثم أعيد إلى الوزارة مرة ثانية في يوم الإثنين لثمان خلون من ذي الحجة سنة أربع وثلاثمائة بعد عزل علي بن عيسى بن الجراح، ثم عزل في يوم الإثنين لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة، فكانت مدة وزارته الثانية سنة واحدة وخمسة أشهر وتسعة عشر يوما، وولي مكانه حامد بن العباس، ثم أعيد إلى الوزارة مرة ثالثة فِي يوم الخميس لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثلاثمائة وخلع عليه وعلى ابنه أبي أحمد المحسن وولاه أمر الدواوين فبسط يده، وصادر الناس، وعذبهم بأنواع العذاب حتى هلكوا، وجاهر الأكابر بالعداوة، ولم يزل هو وأبوه على أقبح سيرة حتى عزل أبوه من الوزارة فِي يوم الثلاثاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة: فكانت مدة وزارته الثالثة عشرة أشهر وثمانية عشر يوما، ويقال: إن ابن الفرات وصل الشعراء في أيام وزارته الأخيرة بعشرين ألف درهم، وأنه أطلق لطلاب الحديث والآداب عشرين ألف درهم، وقال: لعل أحدهم يبخل على نفسه بدانق فضة ويصرفه في ثمن ورق وحبر وأنا أولى من عاونهم على أمرهم.
وقال أبو الحسن ثابت بن نبهان: أنا أذكر أنه كان كما يتقلد أبو الحسن بن الفرات الوزارة وقد زاد سعر الثلج والشمع والقراطيس والحيس زيادة مفرطة وافرة، وكان ذلك متعارفا عند التجار.
أنبأنا ذاكر بن كامل النعال قال: كتب إلى أبو بكر الشيروي أن أبا نصر الشيرازي أخبره، أنبأنا أبو القاسم موسى بن الحسن بن علي الساوي، أنبأنا محمد بن عمر الكاتب قال: حدثني جماعة من مشايخنا: أن صاحب الخبز رفع إلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن الفرات وهو وزير أن رجلا من أرباب الحوائج اشترى خبزا وجبنا أكله في الدهليز، فأقلقه ذلك، وأمر بنصب مطبخ لمن يحضر من أرباب الحوائج، فلم يزل ذلك طول أيامه.
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان، عن أبي طاهر التاجر، أنبأنا أبو القاسم ابن مندة إذنا عن أبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي قال: حدثني أبو الحسين البصري قال: قال لي رجل: كنت أخدم علي بن الفرات وهو وزير فغضب عليه السلطان ونفذ بحبسه قال: وكانت عندي خمسمائة دينار- فقلت لامرأتي- وكانت ذات عقل ورزانة: إني أريد أن أحمل هذه الدنانير إلى الوزير لعله يحتاج إليها في حبسه، قالت: ويحك إن ابن الفرات لا يحمل إليه خمسمائة دينار، فإنه يستحقرها وصاحبها، قال: فغضبت امرأتي وحملت الدنانير ولطفت لبواب السجن حتى أذن لي عليه، فلما رآني تعجب وقال: فلان؟ فقلت: نعم، أيد الله سيدنا، قال: فما حاجتك؟
فأخرجت الصرة وقلت: هذه خمسمائة دينار لعلها تصلح أن تبر بها بوابا، أومأ: كلا! ثم قال: خذها تكون وديعة لي عندك، قال: فخجلت ورجعت إلى امرأتي وحدثتها، فقالت: قد كنت أشرت عليك ألا تفعل فأبيت، قال: ثم إن السلطان رضي عن الوزير وأفرج عنه بعد مديدة، وعاد إلى أفضل ما كان عليه فدخلت عليه، فلما بصرني طأطأ رأسه ولم يملأ مني عينه، فقلت: قد جاء ما قالته لي امرأتي وكنت أغدو إليه بعد وأروح، فلا يزداد إلا إعراضا عني حتى أنفقت تلك الدنانير وبقيت متعطلا أبيع ما في بيتي وثياب حالي، وبكرت إلى ابن الفرات يوما على ما بي من انكسار وضعف حال ومنه، فدعاني وقال: وردت البصرة سفني من بلاد الهند، فانحدر إليها وفسرها وأقبض حق بيت المال، وما كان من رسم المستثنى! فعدت إلى أهلي وقلت لها من تمام المحنة أنه كلفني سفرا وأنا لا أقدر على ما أنفقه، قال: فناولتني حمارا لها وقرطين، فبعت ذلك وجعلت ثمنه نفقتي وانحدرت وفسرت السفن، وقبضت حق بيت المال، وما كان من رسم الوزير فحملته إلى بغداد وعرفت الوزير، فقال: سلم بيت المال واقبض الرسم المثتنى لنا وكم هو؟ قلت له: خمسة وعشرون ألف دينار، قال:
أدّها إلى منزلك! فأخذت إلى منزلي وسهرت ليلي لحفظها على اهتمامي وطول نهاري بها، ومضى لهذا الحديث زمان ليس بالطويل وأبلغ ذلك إليّ، وأبان الضر في وجهي، فدخلت إليه يوما، فلما رآني قال: ادن مني ما لي أراك متغير اللون سيئ الحال؟ فحدثته بقصتي في إقلالي وإضافتي، فقال: ويحك وأنت ممن ينفق في مدة يسيرة خمسة وعشرين ألف دينار، قلت: أيد الله سيدنا الوزير من أين لي خمسة وعشرون ألف دينار؟ قال: يا جاهل! أما قلت لك احملها إلى منزلك أتراني لم أجد من أودعه مالي غيرك، ويحك
أما رأيت إعراضي عنك حياء منك وتذكرت جميل صنعتك وأنا محبوس، وقلت: متى أقضي حق هذا فيما فعله، فجعل إلى منزلك واتسع في النفقة وأنا أنظر لك ما يغنيك ويغني عقبك إن شاء الله! فعدت إلى منزلي عودة عبد من حضرة مولى كريم وذلك سبب غنائي.
أنبأنا عبد الوهاب الأمين، عن محمد بن عبد الباقي الشاهد، أنبأنا أبو القاسم علي ابن المحسن بْن عَلِيّ التنوخي، عن أبيه قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الحسين علي بن هشام قال:
حدثني أبو علي بن مقلة، وأبو عبد الله زنجي أنهم حضروا مجلس أبي الحسن بن الفرات في ثاني عيد الفطر سنة ست وتسعين وهي أول سني وزارته وأدخل إليه أبو أحمد عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر في نجفته وأجلس في مرتبته، فاستدعى ابن الفرات أحمد بن مروان وكيله فأسر إليه سرا، فبادر ودفع إلى حاجب أبي أحمد عشرة آلاف درهم فأعلمه الحاجب ذلك فشكره ونهض مبادرا مسرورا لعظم إضافته، فلما نهض أنشده لنفسه:
أَيَادِيكَ عِنْدِي مُعَظَّمَاتٌ جَلائِلُ ... طِوَالُ الْمَدَى شُكْرِي لهن قصير
فإن كنت عن شكري عنيا فإنني ... إلى شكر ما أوليتني لفقير
أنبأنا محمد بن حامد الضرير، عن زاهر بن طاهر الشحامي قال: كتب إليّ أبو القاسم بن أحمد: أن أبا أحمد المقرئ أخبره، عن أبي بكر الصولي قال: حدثني أحمد بن العباس النوفلي وكان جليسا لبني الفرات قال: سمعت الوزير قبل الوزارة يقول: ما رأيت أحدا قط في داري وعلى بابي ليس لي عنده إحسان إلا كنت أشد اهتماما بإيصال ذلك إليه منه بطلبه والاحتيال له.
قال الصولي: وحدثني أبو أمية العلائي قال: ما رأيته قط رد أحدا عن حاجة رد آيس حتى يخلط ذلك بأمل يعقله فيقول: تعاودني، أو يقول: أعوضك من هذا، أو يقول: نمهل قليلا- أو شبيه هذا.
قال الصولي: وسمعت أبا أحمد عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر يقول: حين ولي ابن الفرات الوزارة ما افتقرت الوزارة إلى أحد قط افتقارها إليه.
قال الصولي: خرجت يوما مع أبي العباس بن النوفلي من داره- يعني ابن الفرات-
صلاة المغرب فخرج معنا فراشان بشمعتين، فلما جلسنا في الماء دفعا الشمعتين إلى غلماننا فرددناهما فقالا: لا نأخذهما قد أمرنا أن ندفع بعد اصفرار الشمس إلى كل من خرج شمعة، فقلنا: قد قبلناهما ووهبناهما لكما، فقالا: أتريدان أن نعاقب ونخرج من الدار؟ فتركاهما ومضيا.
قال الصولي: وحدثني أبو الفضل بن الفرات قال: لما قبض على ابن الفرات بعد وزارته الأولى نظرنا فإذا هو يجري على خمسة آلاف من الناس أقل جاري أحدهم خمسة دراهم في الشهر ونصف قفيز دقيق إلى عشرة أقفزة ومائة دينار في كل شهر.
قال الصولي: وحدثني أحمد بن العباس النوفلي أنهم كانوا يجالسونه قبل الوزارة بتكاء لكل واحد، فلما ولي الوزارة وجلس معهم ليلة لم يجئ الفراشون بالتكاء، فغضب عليهم وقال: إنما رفعني الله لأضع من جلسائي، والله لا جالسوني إلا بتكائين، فكنا كذلك ليال حتى استعفينا، فقال لنا: والله ما أريد الدنيا إلا لخير أقدمه أو صديق أنفعه، وما أقول إني أحسنت إليكم بمقدار ما تستحقون وأنتم إخواني، ولولا أن النزول عن الصدر سخف لا يصلح لمثل حالي لما أخذته عليكم ولساويتكم في المجلس.
قال الصولي: ومن فضائله أني لم أسمعه قط ولا غيري دعا أحدا من كتابه غير كنيته وكذلك سائر حجابه وأصحابه، وكذلك إذا ذكره وهو غائب، وربما قال: أين فلان؟ فسبقه لسانه بتسميته رجع فكناه.
وقال الصولي: حدثني سوار بن أبي شراعة قال: سرت مع ابن الفرات قبل الوزارة في طريق إلى بعض إخوانه فلما أراد الرجوع قلت له: هاهنا طريق أقرب من ذلك، فقال: قد عرفته ولكني قد ألفت هذا الطريق فما أحب أن أسلك غيره لأني آلف كل شيء حتى الطريق.
قال الصولي: وكان اعتل في أيام وزارته علة صعبة، فكان إذا أفاق [قال] ما غمي بعلتي بأشد من غمي بتأخر حوائج الناس وفيهم المضطر والمعتل ومن يريد سفرا، فضعوا الأعمال بين يدي، وكان كلما أفاق نظر في الشيء بعد الشيء منها وهو من الضعف لا يبين الكلام.
قال الصولي: ورأيته حين ولي وزارته الأولى وقد مشى الناس بين يديه كما كانوا يمشون بين يدي العباس بن الحسن، فمنع من ذلك وغضب وقال: أنا لا أرضى لغلماني أن فعلوا هذا، أكلفه قوما أحرارا لا الإحسان سؤالي عندهم.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الحذاء، عن أَبِي غالب الذهلي، أنبأنا هلال بن المحسن الكاتب قال: حدث أبو الحسين أحمد بن محمد بن الميمون قال: كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات في بعض العشايا فقط الفراش شمعة كانت بين يديه قطا استعجل فيه وسقط منها شرار قرب منه وخاف الفراش ومضى مبادرا وتبعه خادم كان يرؤس على حواشيه لينكر عليه ويضربه، فصاح الوزير به وقال له: عد إلى مكانك أتراه البائس تعمدني بما فعل واعتقد أنه يحرقني؟ وإنما اتفق على ما اتفق من سبيل الغلط.
أنبأنا أبو محمد بن الأخضر، عن أبي منصور المقرئ: أن الحسن بن علي الشاهد أخبره، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ هارون الضبي إملاء قال: وجدت في كتاب والدي: حدثني الوزير أبو علي محمد بن علي عن الوزير أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن الفرات قال: ولد لبعض الكتاب ولد فسماه عليا وكناه أبا حفص، قال:
فقال له أخي أبو العباس: لم كنيته بأبي حفص؟ قال: أردت أن أنغصه على الرافضة.
قرأت على أبي القاسم الحسين بن هبة الله الثعلبي بدمشق، عن أبي مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ الطوسي قال: سمعت أبا محمد القاسم بن علي الحريري البصري ببغداد يقول: حكى أن بعض الأدباء جوز بحضرة الوزير أبي الحسن بن الفرات أن مقام السين مقام الصاد في كل موضع، فقال له الوزير: أتقرأ جنات عدن يدخلونها ومن سلح؟ فخجل الرجل وانقطع.
أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب، عن شجاع بن فارس الذهلي، حدّثنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني أبو الحسين محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد الأهوازي، حدّثنا الوليد بن معن الموصلي قال: حكى لنا إبراهيم بن يحيى، حدثني أبو علي بن مقلة أنه كان يوما بحضرة ابن الفرات قال: فوقع في يده فصة في جملة الفصص فتأملها طويلا، ثم رمى بها إليّ ثم أمر أن يطلب صاحبها فلم يوجد، وإذا فيها:
لو كان ما أنتم فيه يدوم لكم ... ظننت ما أنا فيه دائما أبدا
فقد سكنت إلى أني وأنكم ... سنستجد خلاف الحالتين غدا
فقلت: أيها الوزير لو وجدت رافعها ما كنت تفعل به؟ قال: كنت أحسن إليه.
قرأت في كتاب بعض الأدباء بخطه قال: أنشدني أبو الحسين علي بن هشام الكاتب قال: أنشدني أبو عبد الله الزنجي الكاتب قال: أنشدني أبو الحسن بن الفرات لنفسه وعملهما وأنا حاضر وليس له شعر غيرهما فيما علمت:
معذبتي هل لي إلى الوصل حيلة ... وهل لي إلى استعطاف قلبك من وجه
فلا خير في الدنيا وأنت بخيلة ... ولا خير في وصل يكون على كره
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الحذاء، عن أَبِي غالب الذهلي، أنبأنا هلال بن المحسن الكاتب في كتابه قال: لأبي الحسن بن الفرات- وأورده في كتاب «الوزراء» :
خليلي قد أمسيت حيران موجعا ... وقد بان شرخ للشباب فودعا
ولا بد أن أعطي اللذاذة حقها ... وإن شاب رأسي في الهوى وتصلعا
إذا كنت للأعمال غير مضيع ... فما حق نفسي أن أكون مضيعا
أنبأنا أحمد بن سكينة، عن أبي بكر الأنصاري، أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن ابن عَلِيّ التنوخي إذنا عن أبيه قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله الكاتب قال: دخلت مع أبي على أبي الحسن علي بن الفرات في وزارته الثالثة وقد غلب ابنه المحسن عليه في أكثر أموره، فقال له أبي : هو ذا يسرف أبو أحمد المحسن في مكاره الناس بغير فائدة، ويضرب من لو قيل له اكتب بغير ضرب لكتب، ثم يطلب فيوافق على أداء المال وقتا بعينه فيتأخر إيراد الروزنة فيضرب القوم وقد أدى المال فيضرب الضرب ضياعا وقد أدى المال، فقال له أبو الحسن: يا أبا القاسم، لو لم يفعل أبو القاسم هذا بأعدائه ولمن أساء إليه لما كان من أولاد الأحرار ولكان
ميتا، أنت تعلم أني قد أحسنت إلى الناس دفعتين فما شكروني، ومشوا على دمي والله لأسيئن، فلما خرجنا من حضرته قال لي: إني سمعت بأعجب من هذا الكلام نحن لم ننجب من الإحسان دفعتين [ما] ننجب من الإساءة، فما مضت إلا أيام يسيرة حتى قبض عليه وجرى ما جرى على أمره.
قال الصولي: لما ولي ابن الفرات الوزارة الثالثة خرج متغيظا على الناس لما كان فعله حامد بن العباس لما ولي الوزارة بابنه المحسن فأطلق يد ابنه على الناس، فقتل حامد بن العباس بعد أن عذبه عذابا عظيما، وترك طلب المال وطلب الأنفس، فأثار العالم وكان مشئوما على أهله وماحيا لمناقبهم، ولما أسرف في ضلاله ولعنته اعتل فأصبح الناس يرجفون به لما في نفوسهم، ثم خرج مثل الشيطان، فقلت في وقتي:
يا من لسجنه عين منه تقرأ العيون ... ومن إذا أسر يوماً فكلنا محزون
قالوا المحسن أوذي فقلت ذا لا يكون ... إني اهتدت بالقوى إلى المنون المنون
قال الصولي: وقبض المقتدر على ابن الفرات، وأفلت ابنه المحسن فاشتد السلطان وجميع الأولياء في طلبه إلى أن وجد وقد حلق لحيته وتشبه بالنساء ولبس خفّا وإزارا وطولب هو وابنه بالأموال، وسلما إلى الوزير القاسم [بن] عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فعلما أنهما لا يفلتان، فما أذعنا بشيء واختالا ممن مضى إلى السلطان، فتضمن عنهما أنهما إن أخرجا عن أيدي أعدائهما وأخذهما السلطان إلى داره حملا إليه مالا كثيرا، فهم السلطان بذلك، فاجتمع الرؤساء: مؤنس، ونصر الحاجب، وشفيع اللؤلؤي، ونازوك، وشفيع المقتدري، فتشاوروا وقالوا: إن تمكن من السلطان أهلك الجماعة، فأشار نصر الحاجب بأن يتقدم إلى الغلمان الحجرية أن يحملوا السلاح ويقولون أترى مولانا يوليه وزارة رابعة، وأنهم لا يرضون بتلفه وتلف ابنه المحسن،
ولما حملوا السلاح كتب شفيع اللؤلؤي بالخبر إلى الخليفة، وعظمه، وزعم أنه [إن] لم يقتلا لفل على رؤساء الدولة وغيرهم، فهاب ذلك السلطان وخاف الحجرية خوفا شديدا إلا أنه لم يثق بهم، فتقدم إلى نازوك فقتلهما في الدار التي بشط المحرم التي كان ينزلها ابن الفرات لما ولي الوزارة، ووجه برأسيهما إلى المقتدر في سفط، وغرق جسديهما عند بن ظاهر، ففعل ذلك شفيع ابن المقتدري، فقلت في ذلك:
ذلل الدهر عز الفرات ... ورماهم بفرقة وشتات
ليت أن الفرات غدوا جميعا ... قبل ما قد رأوه في الأموات
فلعمري لراحة الموت خير ... من صغار وذلة في الحيات
لم يزالوا للملك أنجم عز ... وضياء فأصبحت كاسفات
قال: وقيل فيهم أيضا:
يا أيها اللحد الضنين بما له ... يحمي بتعطيب قليل نواله
أو ما رأيت ابن الفرات وقد أتى ... أدباره من بعد ما إقباله
أيام تطرقه السعادة بالمنى ... وينال ما يهواه من آماله
فحل من النعمى وأصبح يشتكي ... أقياده ألما إلى أغلاله
وكذا الزمان بأهله متقلب ... فاسمح بما أعطيت قبل زواله
ذكر القاضي أبو القاسم التنوخي: أن القاضي أبا جعفر أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول الأنباري التنوخي قال في ابن الفرات بعد عزله من وزارته الثالثة:
قل لهذا الوزير قول محق ... فيبثه النصح أيما إبثاث
قد تقلدتها ثلاثا ثلاثا ... وطلاق البتات عند الثلاث
قال: وكان الأمر على ما قاله، فإن ابن الفرات لم يعد بعد الوزارة الثالثة إلى النظر.
وقيل في محبسه لما قبض على ابن الفرات استتر ولده المحسن أياما، ثم ظهر عليه فقبض عليه وعذب بأنواع العذاب وضربت عنقه في يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وأحضر رأسه فألقي بين يدي أبيه، فارتاع
لذلك، ثم ضربت عنقه واحتز رأساهما، فحملا إلى دار الخلافة وألقيت جثتاهما إلى الماء، ثم ألقي بعد ذلك الرأسان في الفرات.
وكان لأبي الحسن بن الفرات إحدى وسبعون سنة وشهور؛ لأن الصولي ذكر أن مولده لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان لابنه المحسن ثلاث وثلاثون سنة.
علي بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بن أحمد بن الحسين بن محمويه، أَبُو الْحَسَن المقرئ، الفقيه الشَّافعيّ:
من أهل يزد ، سَمِعَ الحديث من أَبِي علي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن جواشير وأبي المكارم مُحَمَّد بْن علي بْن الْحَسَن المقرئ وأبي عبد الله محمد بن
الْحُسَيْن بْن الحسن بْن ملوك الصودفي وأبي العلاء غياث بْن أَبِي مضر الأصبهاني وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن محمود الثقفي، وسافر إلى أصبهان وقرأ بها القرآن عَلَى أَبِي الفتح أحمد ابن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الحداد وأبي سعد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المطرز، وسمع الحديث منهما ومن أَبِي علي الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحداد وأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ مردويه، وتوجه إلى همدان فسمع بها من ناصر بْن مهدي المشطبي، وبالدون من عبد الرحمن ابن حمد الدوني ، وورد بغداد فِي جمادى الأولى سنة خمسمائة، وسمع بها أبا الْحُسَيْن بْن المبارك بْن عَبْد الجبار الصيرفي وأبا سعد مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن خشيش وأبا الْحَسَن بْن علي بْن مُحَمَّد بْن العلاف وأبا بَكْر أَحْمَد بْن المظفر بْن سوسن التمار وأبوي القاسم علي بن الحسين الربعي وعلي بن أحمد بن بيان وأبا علي محمد بن سَعِيد بْن نبهان وأبا عَليّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد التككي وغيرهم، وتفقه عَلَى أَبِي بَكْر الشاشي، ثُمَّ سافر إلى واسط وتفقه بها عَلَى قاضيها أَبِي علي الفارقي، وسمع بها الحديث وبالبصرة والكوفة والحجاز، وعاد إلى بغداد واستوطنها إلى حين وفاته.
وكان يسكن بقراح ظفر، وصنف كثيرًا من الكتب فِي الفقه والحديث والزهد، وحدث بها وبكتاب «السنن» للنسائي عن الدوني وبأكثر مروياته.
وكان من أعيان الفقهاء ومشهوري الزهاد والعباد وأهل الورع والاجتهاد، روى لنا عَنْهُ أَبُو أَحْمَد بْن سكينة وأبو مُحَمَّد بْن الأخضر.
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عبد الوهاب بن علي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الحسين اليزدي بقراءتي عليه، أنبأنا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ خشيش، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان البزاز، حدثنا شجاع بن أحمد الصوفي، حدثنا محمد بن يوسف الكديمي، حدثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيكَ المسلم» .
أخبرني شهاب الحاتمي بهراة، حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: علي بن
أَحْمَد بن الحسين اليزدي بغدادي، فقيه فاضل زاهد، حسن السيرة جميل الطريقة عزيز النفس، سخي الطبع بما يملكه، قانع بما هُوَ فِيهِ، كثير الصوم والعبادة، صنف تصانيف فِي الفقه وأورد فيها أحاديث مسندة عن شيوخه، كتب إلي أجزاء بخطه، وسَمِعْتُ مِنْهُ وسمع مني، وكان حسن الأخلاق دائم البشر متواضعًا كَثِير المحفوظ، وكان لَهُ عمامة وقميص بينه وبين أخيه، إِذَا خرج ذاك قعد هَذَا فِي البيت، وإذا خرج ذاك احتاج هَذَا إلى أن يقعد، سمعته يَقُولُ: وَقَدْ دخلت عَلَيْهِ مَعَ علي بْن الْحُسَيْن الغزنوي الواعظ مسلمًا داره فوجدناه عريانًا متزرًا بمئزر، فاعتذر من العرى وقَالَ: نَحْنُ إِذَا غسلنا نكون كما قَالَ القاضي أَبُو الطيب الطبري:
قوم إِذَا غسلوا ثياب جمالهم ... لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
سَأَلت عن مولده، فَقَالَ: فِي سنة ثلاث أَوْ أربع وسبعين وأربعمائة بيزد- الشك مِنْهُ. سَمِعْتُ أبا يعلى حمزة بْن علي الحراني المقرئ يَقُولُ: كَانَ شيخنا أبو الحسن علي ابن أَحْمَد اليزدي يَقُولُ: إِذَا أَنَا مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث، فإني أخاف أن يكون فِي سكتة ، قَالَ: وكان حثيثًا صاحب بلغم، وكان يصوم رجبًا من كل سنة، فلما كَان قبل رجب بالمحرم فِي السنة التي توفي بها قَالَ لنا: كنت قَدْ وصيتكم بأمر وقد رجعت عَنْهُ، إِذَا أَنَا مت فادفنوني فِي الحال، فإني قَدْ رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم وهو يقول: يا علي صم رجبًا [وأفطر] عندنا! قَالَ: فمات ليلة رجب- رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
قرأت فِي كتاب أَبِي الفضل أَحْمَد بن صالح بن شافع الجيلي بخطه قال: توفي شيخنا أَبُو الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن محمويه اليزدي يَوْم الأحد التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وصلى عَلَيْهِ يَوْم الاثنين، ودفن مقابل جامع المنصور، وكان من مشايخنا النبل الثقات الأئمة، وجمع وصنف، وكان حسن
الاستخراج، أديبًا فقيهًا، عالمًا، زاهدًا، كريمًا سخي النفس، متواضعًا عاملًا بعلمه ، وَقَدْ زادت مصنفاته عَلَى خمسين مصنفًا فِي أنواع العلوم، وانتفع بِهِ جماعة، وسَمِعْتُ مِنْهُ كثيرًا، وكان سماعه صحيحًا .
من أهل يزد ، سَمِعَ الحديث من أَبِي علي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن جواشير وأبي المكارم مُحَمَّد بْن علي بْن الْحَسَن المقرئ وأبي عبد الله محمد بن
الْحُسَيْن بْن الحسن بْن ملوك الصودفي وأبي العلاء غياث بْن أَبِي مضر الأصبهاني وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن محمود الثقفي، وسافر إلى أصبهان وقرأ بها القرآن عَلَى أَبِي الفتح أحمد ابن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الحداد وأبي سعد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المطرز، وسمع الحديث منهما ومن أَبِي علي الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحداد وأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ مردويه، وتوجه إلى همدان فسمع بها من ناصر بْن مهدي المشطبي، وبالدون من عبد الرحمن ابن حمد الدوني ، وورد بغداد فِي جمادى الأولى سنة خمسمائة، وسمع بها أبا الْحُسَيْن بْن المبارك بْن عَبْد الجبار الصيرفي وأبا سعد مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن خشيش وأبا الْحَسَن بْن علي بْن مُحَمَّد بْن العلاف وأبا بَكْر أَحْمَد بْن المظفر بْن سوسن التمار وأبوي القاسم علي بن الحسين الربعي وعلي بن أحمد بن بيان وأبا علي محمد بن سَعِيد بْن نبهان وأبا عَليّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد التككي وغيرهم، وتفقه عَلَى أَبِي بَكْر الشاشي، ثُمَّ سافر إلى واسط وتفقه بها عَلَى قاضيها أَبِي علي الفارقي، وسمع بها الحديث وبالبصرة والكوفة والحجاز، وعاد إلى بغداد واستوطنها إلى حين وفاته.
وكان يسكن بقراح ظفر، وصنف كثيرًا من الكتب فِي الفقه والحديث والزهد، وحدث بها وبكتاب «السنن» للنسائي عن الدوني وبأكثر مروياته.
وكان من أعيان الفقهاء ومشهوري الزهاد والعباد وأهل الورع والاجتهاد، روى لنا عَنْهُ أَبُو أَحْمَد بْن سكينة وأبو مُحَمَّد بْن الأخضر.
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عبد الوهاب بن علي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الحسين اليزدي بقراءتي عليه، أنبأنا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ خشيش، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان البزاز، حدثنا شجاع بن أحمد الصوفي، حدثنا محمد بن يوسف الكديمي، حدثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيكَ المسلم» .
أخبرني شهاب الحاتمي بهراة، حدثنا أبو سعد بن السمعاني من لفظه قال: علي بن
أَحْمَد بن الحسين اليزدي بغدادي، فقيه فاضل زاهد، حسن السيرة جميل الطريقة عزيز النفس، سخي الطبع بما يملكه، قانع بما هُوَ فِيهِ، كثير الصوم والعبادة، صنف تصانيف فِي الفقه وأورد فيها أحاديث مسندة عن شيوخه، كتب إلي أجزاء بخطه، وسَمِعْتُ مِنْهُ وسمع مني، وكان حسن الأخلاق دائم البشر متواضعًا كَثِير المحفوظ، وكان لَهُ عمامة وقميص بينه وبين أخيه، إِذَا خرج ذاك قعد هَذَا فِي البيت، وإذا خرج ذاك احتاج هَذَا إلى أن يقعد، سمعته يَقُولُ: وَقَدْ دخلت عَلَيْهِ مَعَ علي بْن الْحُسَيْن الغزنوي الواعظ مسلمًا داره فوجدناه عريانًا متزرًا بمئزر، فاعتذر من العرى وقَالَ: نَحْنُ إِذَا غسلنا نكون كما قَالَ القاضي أَبُو الطيب الطبري:
قوم إِذَا غسلوا ثياب جمالهم ... لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
سَأَلت عن مولده، فَقَالَ: فِي سنة ثلاث أَوْ أربع وسبعين وأربعمائة بيزد- الشك مِنْهُ. سَمِعْتُ أبا يعلى حمزة بْن علي الحراني المقرئ يَقُولُ: كَانَ شيخنا أبو الحسن علي ابن أَحْمَد اليزدي يَقُولُ: إِذَا أَنَا مت فلا تدفنوني إلا بعد ثلاث، فإني أخاف أن يكون فِي سكتة ، قَالَ: وكان حثيثًا صاحب بلغم، وكان يصوم رجبًا من كل سنة، فلما كَان قبل رجب بالمحرم فِي السنة التي توفي بها قَالَ لنا: كنت قَدْ وصيتكم بأمر وقد رجعت عَنْهُ، إِذَا أَنَا مت فادفنوني فِي الحال، فإني قَدْ رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم وهو يقول: يا علي صم رجبًا [وأفطر] عندنا! قَالَ: فمات ليلة رجب- رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
قرأت فِي كتاب أَبِي الفضل أَحْمَد بن صالح بن شافع الجيلي بخطه قال: توفي شيخنا أَبُو الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن محمويه اليزدي يَوْم الأحد التاسع والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وصلى عَلَيْهِ يَوْم الاثنين، ودفن مقابل جامع المنصور، وكان من مشايخنا النبل الثقات الأئمة، وجمع وصنف، وكان حسن
الاستخراج، أديبًا فقيهًا، عالمًا، زاهدًا، كريمًا سخي النفس، متواضعًا عاملًا بعلمه ، وَقَدْ زادت مصنفاته عَلَى خمسين مصنفًا فِي أنواع العلوم، وانتفع بِهِ جماعة، وسَمِعْتُ مِنْهُ كثيرًا، وكان سماعه صحيحًا .
علي بْن هارون بْن نصر، أَبُو الحسن النحوي المعروف بالقرميسيني :
حدث عَن علي بْن سُلَيْمَان الأخفش. روى عنه عَبْد السلام بْن الحسين البصري وحَدَّثَنَا عنه علي بْن أيوب القمي.
قَالَ ابن أَبِي الفوارس: توفي عليّ بن هارون القرميسيني النّحويّ في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. قَالَ وكان عنده عَن أَبِي الحسن الأخفش أشياء كثيرة، وسمعت منه وكان ثقة جميل الأمر، وكان مولده سنة تسعين ومائتين، وكان جارنا بالرحبة.
حدث عَن علي بْن سُلَيْمَان الأخفش. روى عنه عَبْد السلام بْن الحسين البصري وحَدَّثَنَا عنه علي بْن أيوب القمي.
قَالَ ابن أَبِي الفوارس: توفي عليّ بن هارون القرميسيني النّحويّ في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. قَالَ وكان عنده عَن أَبِي الحسن الأخفش أشياء كثيرة، وسمعت منه وكان ثقة جميل الأمر، وكان مولده سنة تسعين ومائتين، وكان جارنا بالرحبة.