علي بن المقلّد بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ
ابن نصر بن هاشم، أبو الحسن الأمير الكناني المعروف بسديد الملك، صاحب شيزر أديب فاضل. له شعر حسن سائر. ورد دمشق غير مرة، وأقام بطرابلس سنوات، وعمر حصن الجسر، ثم اشترى حصن شيزر من الروم.
كن سديد الملك علي بن مقلد بن نصر بينه وبين ابن عمار مودة وكيدة، وكان بينهما تكاتب، وكان سبب ذلك أنه كان له مملوك أرمني يسمى رسلان، وكان زعيم عسكره، فبلغه عنه ما أنكره، فقال: اذهب عني، وأنت آمن مني على نفسك، فذهب إلى طرابلس، وقصد ابن عمار، فنفذ إلى سديد الملك وسأله في حرمه وماله، فأمر بإطلاقهم، وما اقتناه من دوابه. فلما خرج لحقه سديد الملك، فقال له الرسول: غدرت بعبدك، ورعيت في ماله، فقال: لا، ولكن كل أمر له حقيقة، حطّوا عن الجمال أحمالها، وعن البغال أثقالها، ففعلوا، فقال: أثبتوا كل ما معه ليعرف أخي قدر ما فعلته، فكان ما أخرج له من ذهب عين خمسة وعشرين ألف دينار في قدور نحاس، وكان له من الديباج والفضة ما يزيد على القيمة، فقال للرسول: أبلغ ابن عمار سلامي، وعرّفه بما ترى لئلا يقول رسلان أخذ بغير علم مولاي، ولو درى لم يمكني منه، فزاره سديد الملك في بعض السنين. فلما فارقه كتب إليه: البسيط
أحبابنا لو لقيتم في مقامكم ... من الصّبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم نفساً ... كالبرّ من أدمعي ينشقّ بالسّفن
قال أبو الحسن: ما عرفت أني أعمل الشعر حتى قلت: البسيط
يجني ويعرف ما يجني فأنكره ... ويدّعي أن الحسنى فأعترف
وكم مقامٍ لما يرضيك قمت على ... جمر الغضا وهو عندي روضةٌ أنف
وما بعثت رجائي فيك مستتراً ... إلا خشيت عليه حين ينكشف
وله: السريع
في كلّ ويم من تجنّيك لي ... تعنّت يعزب معناه
إني لأرثي لك من طول ما ... تفكّر فيما تتجناه
وكتب إلى سابق بن محمود بن نصر بن صالح صاحب حلب شفاعة في أبي نصر بن النحاس الكاتب الحلبي: الكامل
إيهاً أبا نصرٍ يقيك بنفسه ... خلٌّ يجلّك أن يقيك بماله
سل ما بقلبك عن ذخائر قلبه ... فلسان حالك مخبرٌ عن حاله
كيف استسرّ ضياء فضلك كاملاً ... ما يستسرّ البدر عند كماله
لا تجزعنّ إذا غربت فإنه ... ليلٌ دجا سيضيء من أذياله
أتخاف من عزّ الملوك جنايةً ... وخصيمه فيها كريم خلاله
حاشاه يسلب ما كسا إحسانه ... فكثير وجدك من قليل نواله
ملكٌ يحب العدل في أحكامه ... إلا مع الراجي على أقواله
لو تنصف الدنيا لكان ملوكها ... عماله والأرض من أعماله
يا أيها الملك الذي آياته ... في المجد بين يمينه وشماله
فيدٌ تشبّ النار في سطواته ... ويدٌ تصبّ الغيث من أفضاله
ارجع لعبدك صافحاً عن جرمه ... فالملك مفتقرٌ إلى أمثاله
عقم النساء فما يلدن نظيره ... في فضل صنعته وفضل مقاله
دع رتبةً لم تلفه أهلاً لها ... وازدده في المعروف من أشغاله
توفي الأمير أبو الحسن سنة تسع وسبعين وأربع مئة.
ابن نصر بن هاشم، أبو الحسن الأمير الكناني المعروف بسديد الملك، صاحب شيزر أديب فاضل. له شعر حسن سائر. ورد دمشق غير مرة، وأقام بطرابلس سنوات، وعمر حصن الجسر، ثم اشترى حصن شيزر من الروم.
كن سديد الملك علي بن مقلد بن نصر بينه وبين ابن عمار مودة وكيدة، وكان بينهما تكاتب، وكان سبب ذلك أنه كان له مملوك أرمني يسمى رسلان، وكان زعيم عسكره، فبلغه عنه ما أنكره، فقال: اذهب عني، وأنت آمن مني على نفسك، فذهب إلى طرابلس، وقصد ابن عمار، فنفذ إلى سديد الملك وسأله في حرمه وماله، فأمر بإطلاقهم، وما اقتناه من دوابه. فلما خرج لحقه سديد الملك، فقال له الرسول: غدرت بعبدك، ورعيت في ماله، فقال: لا، ولكن كل أمر له حقيقة، حطّوا عن الجمال أحمالها، وعن البغال أثقالها، ففعلوا، فقال: أثبتوا كل ما معه ليعرف أخي قدر ما فعلته، فكان ما أخرج له من ذهب عين خمسة وعشرين ألف دينار في قدور نحاس، وكان له من الديباج والفضة ما يزيد على القيمة، فقال للرسول: أبلغ ابن عمار سلامي، وعرّفه بما ترى لئلا يقول رسلان أخذ بغير علم مولاي، ولو درى لم يمكني منه، فزاره سديد الملك في بعض السنين. فلما فارقه كتب إليه: البسيط
أحبابنا لو لقيتم في مقامكم ... من الصّبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم نفساً ... كالبرّ من أدمعي ينشقّ بالسّفن
قال أبو الحسن: ما عرفت أني أعمل الشعر حتى قلت: البسيط
يجني ويعرف ما يجني فأنكره ... ويدّعي أن الحسنى فأعترف
وكم مقامٍ لما يرضيك قمت على ... جمر الغضا وهو عندي روضةٌ أنف
وما بعثت رجائي فيك مستتراً ... إلا خشيت عليه حين ينكشف
وله: السريع
في كلّ ويم من تجنّيك لي ... تعنّت يعزب معناه
إني لأرثي لك من طول ما ... تفكّر فيما تتجناه
وكتب إلى سابق بن محمود بن نصر بن صالح صاحب حلب شفاعة في أبي نصر بن النحاس الكاتب الحلبي: الكامل
إيهاً أبا نصرٍ يقيك بنفسه ... خلٌّ يجلّك أن يقيك بماله
سل ما بقلبك عن ذخائر قلبه ... فلسان حالك مخبرٌ عن حاله
كيف استسرّ ضياء فضلك كاملاً ... ما يستسرّ البدر عند كماله
لا تجزعنّ إذا غربت فإنه ... ليلٌ دجا سيضيء من أذياله
أتخاف من عزّ الملوك جنايةً ... وخصيمه فيها كريم خلاله
حاشاه يسلب ما كسا إحسانه ... فكثير وجدك من قليل نواله
ملكٌ يحب العدل في أحكامه ... إلا مع الراجي على أقواله
لو تنصف الدنيا لكان ملوكها ... عماله والأرض من أعماله
يا أيها الملك الذي آياته ... في المجد بين يمينه وشماله
فيدٌ تشبّ النار في سطواته ... ويدٌ تصبّ الغيث من أفضاله
ارجع لعبدك صافحاً عن جرمه ... فالملك مفتقرٌ إلى أمثاله
عقم النساء فما يلدن نظيره ... في فضل صنعته وفضل مقاله
دع رتبةً لم تلفه أهلاً لها ... وازدده في المعروف من أشغاله
توفي الأمير أبو الحسن سنة تسع وسبعين وأربع مئة.