علي بن الحسن، أبو بكر الكاتب، المعروف بالقهستاني :
أصله من الرخج، كان كاتبًا سديدًا فاضلًا أديبا شاعرًا مجيدًا بليغًا، وكان يكتب
لمحمد بن محمود بن سبكتكين في أيام أبيه لما قلده الخوزستان وكان يميل إلى الفلسفة ويطعن عليه في دينه بسببها وكان مزاحا لطيفا ظريفا، قدم بغداد ومدح بها الإمامين القادر بالله وابنه القائم بأمر الله والوزيرين أبا طالب بن أيوب وأبا القاسم بن المسلمة، ثم خرج من بغداد قاصدًا خراسان وتولى الإشراف على أعمالها في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
قرأت في ديوان شعر أبي بكر القهستاني قصيدة مدح بها الإمام القائم بأمر الله في محرم سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وهي:
عَلَى اجتماعنا بعد طول افتراق ... يشفي غليلا من جوى واحتراق
عَلَى وما يدري امرؤ ماله ... في الغيب من خط إليه يساق
إن مع العسر يسرا وكم قد ... فرج الله إذا الخطب ضاق
رب اتفاق حسن للفتى ... بذاك والدولة حسن اتفاق
إن كان لم يبق السرور الذي با ... ن فما الحزن الذي بان باق
لولا التداني لم يحس النوى ... ولا استلذ الوصل لولا الفراق
وإن شهي الوصل ما ناله ... طالبه بعد حث اشتياق
والبارد العذب حياة لمن ... قاسى الصدى البرح وشرب الرعاق
متى تباغي النفس منها دمي ... طاب حين تقبيلها والعناق
يا ما لأجفان نضت بيضها ... عنها الليالي ما لهن انطباق
ترقب وصل البيض إلي وهل ... يحسن إلا القطع بيض رقاق
من راق أم من الدم غير راق ... وجدًا عَلَى فقد الشباب المراق
قدم يوم البين ما قد كبر ... فوديه من صبغ القلوب الحداق
في الله ما يسلي وفي عبده ... سيد هذا الخلق بالإنفاق
خليفة الله أبو جعفر وظل ... هـ القائم ما قام ساق
قام بأمر الله وهو الذي ... قامت به الأرض وسبع طباق
خبر عين الشمس فيه سنا ... خبر عشقًا دمعها في الملاق
ويحل السحب ندى كفه ... فدمعها من حزن غير راق
رب علي فاق المنى بعد ما ... أزار منها الجهد مسح المآق
فرع دري من قبل خلق الورى ... وبعد أن يفنوا قدوة بواق
لا كرم إلا له أو به كال ... بحر منه وإليه الشواق
نور سواد القلب في حجبه ... ورب ذي حجب كماء الصفاق
اخلط بالعالم علما له مل ... كا كما الخضر حواه النطاق
تلو رَسُول اللَّهِ من إله إن ... عَلَى الأعراف يحدي العتاق
قبل ذكاء السن حاز المدى ... كليلة الفطر هلال المحاق
قد جمعت أشتات فخر له ... ما ظن بين اثنين منها ائتلاق
عم وما يشكر إنعامه ... لأنه تكليف ما لا يطاق
ومدح الإمام القائم قصيدة أخرى وأنشدها يوم الخميس ثالث المحرم سنة خمس وعشرين وأربعمائة في القصر الفاخر الصغير في الموكب الأشرف أولها:
تذكر نجدًا والحديث شجون ... نجن اشتياقا والجنون فنون
وأصبح في شغل من الوجد شاغل ... جنون لعمري ذا العرام جنون
وما خطرات الشوق إلا وساوس ... تحركن قلبًا هن فيه سكون
هوى النفس فيها جوهر تستثيره ... كأثر اليماني أخلصته قنون
فيأتي عَلَى الأجسام أنفسها كما ... تأكل من حد السيوف جفون
وقد كان قبل البين جلدا فقد وهت ... قواه وباتت في القناة وهون
ويفيض مشيبا بالشباب وإنما ال ... مشيب فتور والشباب فتون
وكان ولا الصخر الأصم صلابة ... وكالصخر للنيران فيه كمون
ليالي جنان بالصبي يستفزه ... ونزها صباه شره ومجون
يروق المهاء والأسد روق شبابه ... وروضات جنات له وعيون
يفارق شمس الشرق في بيت عقره ... وللشهب من بعد إليه شقون
ويسعى له ذو التاج من فوق عرشه ... يراح وأقدام الملوك صفون
تزف حواليه قلوب إذا بدا ... وتتبعه حتى تغيب عيون
يرى أن طرف العين حتى يوده ... نوى قذف دون الحبيب سطون
يظن به ما لا يظن لمثله ... لضن به إن الضنين ظنون
جموح إلى اللذات يستلب المدى ... وأما عَلَى من لامه فحزون
ألا إن ذاك العيش لا عيش مثله ... وكل حياة دون ذاك منون
وما الناس كل الناس إلا هم هم ... فعادت سهول عندهم وحزون
أأنساهم أني إذا لمضيع ... أأسلاهم إني إذا لخوون
ومن عجب إن لم أمت من بعدهم ... ولكن آجال الرجال حضون
فإن أك في قيد الحياة فإنها ... نفوس لها هذي الحسوم سحون
يعز علي البعد منهم وإنه ... بقرب أمير المؤمنين يهون
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن أبي أَحْمَد الوراق أن عمه مُحَمَّد بن عبد الواحد الدقاق أخبره أنشدني أبو عبد الله مُحَمَّد بن الحسين الفارسي الواعظ، أنشدني أبو علي الجولقي، أنشدنا أبو بكر القهستاني لنفسه:
لا يفطمنا فشديد بنا ... فطامنا عن عرفك الجاري
ما أول المنع كتابته إذ ... ليس العمى المولود كالطاري
أخبرنا جعفر بن علي المقرئ بالإسكندرية، أنبأنا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الأصبهاني، أنشدني أبو طاهر إسماعيل بن عمر بن أَحْمَد القاضي بجرباذا قال أنشدنا أبو القاسم عابد بن مُحَمَّد بن عبد الرحيم الثاني، أنشدنا أبو بكر علي بن الحسن الكاتب القهستاني لنفسه:
تعلم العلم فما إن عَلَى ... صاحبه ضنك ولا أزل
وإنما العلم لأربابه ... ولاية ليس لها عزل
قرأت في كتاب أَحْمَد بن الحسين بن المطهر الذبحاني بخطه وأنبأنيه عنه أبو القاسم الأزجي، أنشدنا أبو المعالي رجب بن قحطان الأنصاري، أنشدني أبو الجوائز بن عبد الله الهاشمي الخطيب، أنشدني أبو بكر القهستاني لنفسه:
إذا ضامني من لست أملك ضيمه ... رقيت بألفاظ المداراة أيمه
وراقبت ريح العزل في كل ساعة ... تهب بواديه فتقشع غيمه
أصله من الرخج، كان كاتبًا سديدًا فاضلًا أديبا شاعرًا مجيدًا بليغًا، وكان يكتب
لمحمد بن محمود بن سبكتكين في أيام أبيه لما قلده الخوزستان وكان يميل إلى الفلسفة ويطعن عليه في دينه بسببها وكان مزاحا لطيفا ظريفا، قدم بغداد ومدح بها الإمامين القادر بالله وابنه القائم بأمر الله والوزيرين أبا طالب بن أيوب وأبا القاسم بن المسلمة، ثم خرج من بغداد قاصدًا خراسان وتولى الإشراف على أعمالها في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
قرأت في ديوان شعر أبي بكر القهستاني قصيدة مدح بها الإمام القائم بأمر الله في محرم سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وهي:
عَلَى اجتماعنا بعد طول افتراق ... يشفي غليلا من جوى واحتراق
عَلَى وما يدري امرؤ ماله ... في الغيب من خط إليه يساق
إن مع العسر يسرا وكم قد ... فرج الله إذا الخطب ضاق
رب اتفاق حسن للفتى ... بذاك والدولة حسن اتفاق
إن كان لم يبق السرور الذي با ... ن فما الحزن الذي بان باق
لولا التداني لم يحس النوى ... ولا استلذ الوصل لولا الفراق
وإن شهي الوصل ما ناله ... طالبه بعد حث اشتياق
والبارد العذب حياة لمن ... قاسى الصدى البرح وشرب الرعاق
متى تباغي النفس منها دمي ... طاب حين تقبيلها والعناق
يا ما لأجفان نضت بيضها ... عنها الليالي ما لهن انطباق
ترقب وصل البيض إلي وهل ... يحسن إلا القطع بيض رقاق
من راق أم من الدم غير راق ... وجدًا عَلَى فقد الشباب المراق
قدم يوم البين ما قد كبر ... فوديه من صبغ القلوب الحداق
في الله ما يسلي وفي عبده ... سيد هذا الخلق بالإنفاق
خليفة الله أبو جعفر وظل ... هـ القائم ما قام ساق
قام بأمر الله وهو الذي ... قامت به الأرض وسبع طباق
خبر عين الشمس فيه سنا ... خبر عشقًا دمعها في الملاق
ويحل السحب ندى كفه ... فدمعها من حزن غير راق
رب علي فاق المنى بعد ما ... أزار منها الجهد مسح المآق
فرع دري من قبل خلق الورى ... وبعد أن يفنوا قدوة بواق
لا كرم إلا له أو به كال ... بحر منه وإليه الشواق
نور سواد القلب في حجبه ... ورب ذي حجب كماء الصفاق
اخلط بالعالم علما له مل ... كا كما الخضر حواه النطاق
تلو رَسُول اللَّهِ من إله إن ... عَلَى الأعراف يحدي العتاق
قبل ذكاء السن حاز المدى ... كليلة الفطر هلال المحاق
قد جمعت أشتات فخر له ... ما ظن بين اثنين منها ائتلاق
عم وما يشكر إنعامه ... لأنه تكليف ما لا يطاق
ومدح الإمام القائم قصيدة أخرى وأنشدها يوم الخميس ثالث المحرم سنة خمس وعشرين وأربعمائة في القصر الفاخر الصغير في الموكب الأشرف أولها:
تذكر نجدًا والحديث شجون ... نجن اشتياقا والجنون فنون
وأصبح في شغل من الوجد شاغل ... جنون لعمري ذا العرام جنون
وما خطرات الشوق إلا وساوس ... تحركن قلبًا هن فيه سكون
هوى النفس فيها جوهر تستثيره ... كأثر اليماني أخلصته قنون
فيأتي عَلَى الأجسام أنفسها كما ... تأكل من حد السيوف جفون
وقد كان قبل البين جلدا فقد وهت ... قواه وباتت في القناة وهون
ويفيض مشيبا بالشباب وإنما ال ... مشيب فتور والشباب فتون
وكان ولا الصخر الأصم صلابة ... وكالصخر للنيران فيه كمون
ليالي جنان بالصبي يستفزه ... ونزها صباه شره ومجون
يروق المهاء والأسد روق شبابه ... وروضات جنات له وعيون
يفارق شمس الشرق في بيت عقره ... وللشهب من بعد إليه شقون
ويسعى له ذو التاج من فوق عرشه ... يراح وأقدام الملوك صفون
تزف حواليه قلوب إذا بدا ... وتتبعه حتى تغيب عيون
يرى أن طرف العين حتى يوده ... نوى قذف دون الحبيب سطون
يظن به ما لا يظن لمثله ... لضن به إن الضنين ظنون
جموح إلى اللذات يستلب المدى ... وأما عَلَى من لامه فحزون
ألا إن ذاك العيش لا عيش مثله ... وكل حياة دون ذاك منون
وما الناس كل الناس إلا هم هم ... فعادت سهول عندهم وحزون
أأنساهم أني إذا لمضيع ... أأسلاهم إني إذا لخوون
ومن عجب إن لم أمت من بعدهم ... ولكن آجال الرجال حضون
فإن أك في قيد الحياة فإنها ... نفوس لها هذي الحسوم سحون
يعز علي البعد منهم وإنه ... بقرب أمير المؤمنين يهون
قرأت على أبي عبد الله الحنبلي بأصبهان عن أبي أَحْمَد الوراق أن عمه مُحَمَّد بن عبد الواحد الدقاق أخبره أنشدني أبو عبد الله مُحَمَّد بن الحسين الفارسي الواعظ، أنشدني أبو علي الجولقي، أنشدنا أبو بكر القهستاني لنفسه:
لا يفطمنا فشديد بنا ... فطامنا عن عرفك الجاري
ما أول المنع كتابته إذ ... ليس العمى المولود كالطاري
أخبرنا جعفر بن علي المقرئ بالإسكندرية، أنبأنا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الأصبهاني، أنشدني أبو طاهر إسماعيل بن عمر بن أَحْمَد القاضي بجرباذا قال أنشدنا أبو القاسم عابد بن مُحَمَّد بن عبد الرحيم الثاني، أنشدنا أبو بكر علي بن الحسن الكاتب القهستاني لنفسه:
تعلم العلم فما إن عَلَى ... صاحبه ضنك ولا أزل
وإنما العلم لأربابه ... ولاية ليس لها عزل
قرأت في كتاب أَحْمَد بن الحسين بن المطهر الذبحاني بخطه وأنبأنيه عنه أبو القاسم الأزجي، أنشدنا أبو المعالي رجب بن قحطان الأنصاري، أنشدني أبو الجوائز بن عبد الله الهاشمي الخطيب، أنشدني أبو بكر القهستاني لنفسه:
إذا ضامني من لست أملك ضيمه ... رقيت بألفاظ المداراة أيمه
وراقبت ريح العزل في كل ساعة ... تهب بواديه فتقشع غيمه