«
Previous

علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ الكاتب

»
Next
Details of علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ الكاتب (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Ibn Manẓūr
علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ الكاتب
شاعر، ولي معونة دمشق في أيام الواثق في سنة ست وعشرين ومئتين.
كان رجاء بن أبي الضحاك يتولى خرج حيدتي دمشق والأردن في أيام الواثق، وكان علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ يتولى معونة حيدتي دمشق والأردن خلافة أبيه،
فكانا إذا اجتمعا أمرّ رجاء في منزله بحضرة عليّ بن إسحاق، ولا يؤمر علي بن إسحاق، وكان ينكر رجاء إذا كان في منزل علي بن إسحاق أن يؤمر علي بن إسحاق بحضرته؛ فقيل له في ذلك فقال: أنا أجل وأقدم بخراسان، وأولى بالإمارة منه؛ فأحفظ ذلك علياً حتى زوّر كتاباً بولايته الخراج، ووجه إلى رجاء يحضره؛ فقيل لرجاء: وجه إلى شيوخ البلد وإلى الناس فاجمعهم عندك وشاورهم في ذلك؛ فقال رجاء: افتحوا الباب ولا تمنعوا أحداً، وحمله العجب على ترك التحرز.
فوجه إليه علي بن إسحاق من أخرجه راجلاً حتى جاء به إليه، فحبسه ثم قتله، وقتل ابنه، وقتل كاتبه وطبيبه.
فلما فعل ذلك غلظ على عيسى بن سابق، وكان صاحب شرطة دمشق، وشق ذلك أيضاً على جماعة الوجوه من قواده، وتشاوروا فيما بينهم، فقالوا: قد أقدم هذا على أمر غليظ، ونحن فقد علم السلطان موضعنا ومكاننا في البلد، وإنا من أهله وتنّائه، فاتفقوا على أن يقبضوا على علي بن إسحاق فيتوثقوا منه، ويكتبوا إلى السلطان بخبره.
فدخلوا عليه، وأنكروا ما كان منه، فغضب علي بن إسحاق، وقال: خذوا عليهم الباب، فقام إليه عيسى بن سابق وضرب بيده إلى رجله، وقال: لمن تقول هذا يا صبي؟ ووثبوا بأجمعهم إليه فأوثقوه، وكتبوا بخبره إلى الواثق. فأمّروا عليهم عيسى بن سابق.
فورد الكتاب بحمله مستوثقاً منه، فحمل.
وكان محمد بن عبد الملك الزيات يميل إليه، وابن أبي دؤاد يميل إلى رجاء بن أي الضحاك.
فلما أحضر علي بن إسحاق، قال الواثق لابن أبي دؤاد: ما ترى في أمره؟ فغلّظ أمره، وقال: أقدم على قتل رجل بغير حق، ومن عمال السلطان، وما يجب عليه إلا أن يقاد به.
وكان محمد بن عبد الملك الزيات قد أشار على أبيه إسحاق بن يحيى بأن يقول له: أن يظهر الجنون.
فلما أمر الواثق بقتله قال له محمد بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين، إنه مجنون، فتعرف ذلك، فوجد كما قال، فقال لابن أبي دؤاد: ماذا ترى؟ فقال: إن كان مجنوناً يا أمير المؤمنين، فما عليه القتل، فأمر بحبسه، فأقام على ذلك سنتين يقذف من يكلمه، ويحدث في موضعه ويتلطخ به.
فقال محمد بن عبد الملك يوماً لأحمد بن مدبر: يا أحمد امض إليه فتعرف خبره. فجاءه وفي وجهه شباك قد عمل له بسبب ما كان يفعله، فقال له: أي شيء خبرك؟ فقال له: وأي شيء تريد مني يا بن الفاعلة؟ فقال له: ليس عرضك كفواً لعرضي فأشتمك، ولكن حبسك أن حلّ بك القتل فتخلصت منه بالجنون والإحداث، ويصير في فيك ولحيتك، فترمي الناس به.
فلم يزل في الحبس أيام الواثق، فلما مات الواثق أطلق، فصارت به لوثة من السوداء، فلقي يوماً الحسن بن رجاء، وكان رجاء وابنه أصدقاء أبيه إسحاق بن يحيى بن معاذ، فسأله أن يقرضه مئة ألف درهم، فقال له الحسن: ويلك! ما أصفق وجهك! تقتل أبي بالأمس، وتستقرض مني اليوم مئة ألف درهم؟! فقال له: وأي شيء يكون؟ اقتل أنت أبي وخذ مني مئة ألف درهم! فعجب الحسن منه، ووجّه إليه بما سأل.
ولما قتل رجاء بن الضحاك رثاه الحسن ابنه بقوله: من مخلع البسيط
أليس من معجب القضاء ... وثوب أرض على سماء
هدّ بمثل الحصاة طودٌ ... ضاقت به فسحة الفضاء
واستعذب السيف يوم ولّى ... منه دماً ليس كالدماء
وانقطع اليوم من رجاءٍ ... رجاء من كان ذا رجاء
أجابه علي بن إسحاق بقوله: من مخلع البسيط
هينا جميعاً على سواء ... في مجلس الحكم والقضاء
من كان منا يكون أرضاً ... وأيّنا كان كالسماء
وأي راجٍ رجا رجاءً ... ففاز بالغنم في الرجاء
أمّا دم العلج يوم ولّى ... فكان من أهون الدماء