Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152460#dc76a2
علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب
ابن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو الفضل الهاشمي أمه زرعة بنت مشرح بن معدي كرب بن ربيعة الكندية. سكن الشراة من أعمال البلقاء، وقدم دمشق.
حدث محمد عن أبيه عن ابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أكل من كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ.
ولد علي بن عبد الله بن عباس سنة أربعين ليلة قتل علي بن أبي طالبن فسمي باسمه وكان أصغر ولد عبد الله سناً، وكان أجمل قرشي وأوسمه وأقرأه، وكان يقال له السّجّاد لعبادته وفضله وله عقب. وفي ولده الخلافة، والفضل بن عبد الله لا بقية له، وعبيد الله بن عبد الله لا بقية له. ولما ولد وسمّي باسم علي كنّي بكنيته أبو الحسن، فقال له عبد الملك بن مروان: لا والله لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعاً، فغيّر أحدهما فغيّر كنيته فصيرها أبا محمد، وله يقول الشاعر: الرجز
يا أيّها السائل عن عليّ ... تسأل عن بدرٍ لنا بدريّ
عبنّكٌ في العيص أبطحيّ ... سنايله عزته مضيّ
أغلب في العلياء هاشمي ... ولين الشيمة شمريّ
ليس بفحّاشٍ ولا بذيّ مردّد في الحسب الزكيّ
حل محل البيت زمزميّ ... قرم لنا مبارك عباسيّ
زمزمت يا بوركت من طويّ ... بوركت للساقي وللمسقي
ولما ولد علي بن عبد الله ولد معه في تلك السنة لعبد الله بن جعفر غلام فسماه علياً، وكناه بأبي الحسن، فبلغ معاوية فوجه إليهما أن انقلا اسم أبي تراب وكنيته عن ابنيكما، وسمّياهما باسمي، وكنياهما بكنيتي، ولك واحد منكما ألف ألف درهم. فلما قدم الرسول عليهما بهذه الرسالة سارع إلى ذلك عبد الله بن جعفر فسمى ابن معاوية، وأخذ ألف ألف درهم، وأما عبد الله بن عباس، فإنه أبى ذلك، وقال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: ما من قوم يكون فيهم رجل صالح، فيموت، فيخلف فيهم مولود، فيسمونه باسمه إلا خلفهم الله بالحسنى، وما كنت لأفعل ذلك أبداً، فأتى الرسول معاوية، فأخبر بخبر ابن عباس، فردّ الرسول وقال: فانقل الكنية عن كنيته ولك خمس مئة ألف. فلما رجع الرسول إلى ابن عباس بهذه الرسالة قال: أما هذا فنعم، فكناه بأبي محمد.
وقيل: إن علي بن عبد الله بن عباس لما قدم على عبد الملك بن مروان من عند أبيه قال له عبد الملك: ما اسمك؟ قال: علي، قال: أبو من؟ قال: أبو الحسن، قال: لا تجمعهما علي، حوّل كنيتك، ولك مئة ألف درهم، قال: أما وأبي حيّ فلا. فلما مات عبد الله بن عباس كناه عبد الملك أبا محمد.
وعن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولعلي ابنه: انطلقا إلى أبي سعيد الخدري فاسمعا من حديثه، فأتيناه، وهو في حائط له. فلما رآنا قام إلينا، فقال: مرحباً بوصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم أنشأ يحدثنا. فلما رآنا نكتب قال: لا تكتبوا، واحفظوه. كما كنا نحفظ، ولا تتخذوه قرآناً.
وفي حديث آخر:
فإذا هو في حائط له. فلما رآنا أخذ رداءه، فجاء، فقعد، فجعل يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال: كما نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين، قال: فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: " ويح عمار: ألا تحمل لبنة
كما يحمل أصحابك؟ " قال: إني أريد الأجر من الله، قال: فجعل ينفض التراب عنه، ويقول: " ويح عمار! تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار "، قال: فجعل عمار يقول: أعوذ بالرحمن من الفتن.
قال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن بن أبان بن عثمان من خيار المسلمين، وكان كثير الصلاة. رآه علي بن عبد الله بن عباس فأعجبه هديه ونسكه فقال: أنا أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رحماً، وأولى بهذه الحال، فما زال علي مجتهداً حتى مات.
وعن مصعب بن عثمان قال: كان عبد الرحمن بن أبان بن عثمان يشتري أهل البيت ثم يأمر بهم فيكسون، ويدهنون ثم يعرضون عليه، فيقول: أنتم أحرار لوجه الله، أستعين بكم على غمرات الموت، قال: فمات وهو نائم في مسجده بعد السّبحة.
وكان علي بن عبد الله بن العباس يصلي في كل يوم ألف سجدة، يريد: خمس مئة ركعة.
وكان آدم، جسيماً، له مسجد كبير في وجهه، وكانت له لحية طويلة، وكان يخضب بالوسمة، وكان يصلي كل يوم ألف ركعة.
وعن ابن المبارك قال: كان لعلي بن عبد الله بن عباس خمس مئة أصل شجرة، فكان يصلي كل يوم إلى شجرة ركعتين.
وعن ذر مولى آل العباس قال: كتب إليّ علي بن عبد الله بن عباس أن أرسل إلي بلوح من المروة أسجد عليه.
وكان علي بن عبد الله بن عباس جميلاً، ويعجب الناس من طوله، فقال رجل سمعهم: يا سبحان الله: كيف يقص الناس، لقد أدركنا العباس بن عبد المطلب يطوف
بهذا البيت كأنه فسطاط أبيض لطوله، فحدث بذلك علي بن عبد الله، فقال: كنت إلى منكب أبي، وكان أبي إلى منكب جدّي.
وعن أبي المغيرة قال: إن كنا لنطلب الخف لعلي بن عبد الله بن العباس، فما نجده حتى نصنعه له صنعة، والنعل فما نجدها حتى نصنعها له صنعة، وإن كان ليغضب فيعرف ذلك فيه ثلاثاً، وإن كان ليصلي في اليوم والليلة ألف ركعة.
ويقال: إنه أوصى إلى ابنه سليمان، فقيل له: توصي إلى ابنك سليمان وتدع محمداً؟! قال: وإني أكره أن أدنسه بالوصاة. وكان علي يخضب بالسواد.
قال ابن شهاب: سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله بن عباس عن هذه الآية " ما جعل عليكم في الدّين من حرجٍ " فقال علي بن عبد الله: الحرج: الضيق. جعل الله الكفارات مخرجاً من ذلك. سمعت ابن عباس يقول ذلك.
وكان علي بن عبد الله بن العباس إذا قدم مكة حاجاً أو معتمراً عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرامن وهجرت مواضع حلقها، ولزمت مجلس علي بن عبد الله إعظاماً وإجلالاً وتبجيلاً. فإن قعد قعدوا، وإن نهض نهضوا، وإن مشى مشوا جميعاً حوله، وكان لا يرى لقريش في مسجد الحرام مجلس ذكرٍ يجتمع إليه فيه حتى يخرج علي بن عبد الله من الحرم.
وقال علي بن عبد الله بن عباس: سادة الناس في الدنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء.
وقال: اصطناع المعروف قربة إلى الله، وحظ في قلوب العباد، وشكر باق.
وقال سفيان بن عيينة: جاء رجل إلى علي بن عبد الله بن العباس في حاجة، فقال: جئتك في حاجة
لا تنكيك ولا ترزؤك، قال: فغضب علي بن عبد الله وقال: إذاً لا تقض لك حاجة. أمثلي يسأل حاجة، أو يؤتى في حاجة لا تنكيني، ولا ترزؤني؟!.
قال سليمان بن علي الهاشمي: قلت لأبي: يا أبة، من أكفاؤنا؟ قال: أعداؤنا.
وقال علي بن عبد الله بن العباس: الطويل
وزهّدني في كلّ خيرٍ صنعته ... إلى الناس ما جوزيت من قلة الشكر
توفي علي بن عبد الله بن العباس في سنة سبع عشرة، أو ثمان عشرة ومئة، في إمارة هشام، وهو ابن سبع وسبعين سنة، أو ثمان وسبعين سنة. مات بالشام وقيل: كان عمره تسعاً وسبعين سنة.