Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=135378#7c5260
عتبة بن عبد اللَّه بْن موسى بْن عبيد اللَّه، أَبُو السائب الهمذاني:
ولي القضاء بمدينة المنصور من الجانب الغربي، ثم نقل إلى قضاء الجانب الشرقي، ثم تولى قضاء القضاة، وذلك في أيام الخليفة المطيع لله.
فأخبرنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر قَالَ: لما قبض المستكفي على مُحَمَّد بْن الحسن بْن أبي الشوارب- وكان قاضيا على الجانب الغربي بأسره- قلد مدينة أبي جعفر القاضي أبا السائب عتبة بْن عبيد اللَّه بْن موسى بْن عبيد اللَّه، وذلك في صفر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ثم قتل أبا عبد اللَّه مُحَمَّد بْن عيسى اللصوص- وكان قاضيا على الجانب الشرقي- فنقل أَبُو السائب عَنْ مدينة أبي جعفر إلى القضاء بالجانب الشرقي، وذلك في يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الآخر من هذه السنة.
قَالَ طلحة: والقاضي أَبُو السائب رجل من أهل همذان، وكان أبوه عبيد اللَّه تاجرا مستورا دينا.
أَخْبَرَنِي جماعة من الهمذانيين أنه كان يؤمهم في مسجد لهم فوق الثلاثين سنة، ونشأ أَبُو السائب يطلب العلم، وغلب عليه في ابتداء أمره علم التصوف والميل إلى أهل الزهد في الدنيا، ثم خرج عَنْ بلده وسافر ودخل الحضرة في أيام الجنيد، ولقي العلماء وعني بفهم القرآن، وكتب الحديث، وتفقه على مذهب الشافعي، وتقلد الحكم واتصلت أسفاره، فدخل المراغة وبها عبد الرحمن الشيزي- وكان صديقه- وكان عبد الرحمن غالبا على أبي القاسم بْن أبي السّرّاج، فعرف الأمير أبا القاسم خبر أبي السائب وما هو عليه من الفضل، وأدخله إليه فرآه فاضلا عاقلا، فقلده الحكم بالمراغة، وغلب على أبي القاسم بْن أبي الساج، وتقلد جميع أذربيجان مع المراغة، وعظمت حاله. وقبض على ابْن أبي الساج وعاد إلى الجبل بعد الحادثة على ابْن أبي الساج وتقلد همذان، ثم عاد إلى بغداد فقطن بها، وتقدم عند السلطان وعرف الرؤساء فضله وعقله، وتقلد أعمالا جليلة بالكوفة، وديار مصر، والأهواز، وتقلد عامة الجبل، وقطعة من السواد، وتقدم عند قاضي القضاة أبي الحسين بْن أبي عمر وسمع شهادته، واستشاره في كثير من أموره، ثم ما زال على أمر جميل، وفعل حميد، إلى رجب سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة فإنه تقلد قضاء القضاة، وله أخبار حسان، وعلقت عنه أشياء كثيرة، وجوابات في مسائل القرآن عجيبة، وذكر لي أن عامة كتبه بهمذان.
أخبرنا عليّ بن المحسن، حدّثنا أبي المحسن بن عليّ القاضي، حَدَّثَنَا قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى- مِنْ حِفْظِهِ مُذَاكَرَةً في مجلسه ببغداد- حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ جَابِرٍ الأَبْهَرِيُّ، حدّثنا عليّ بن نصر الجهضمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْعَابِدُ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانٍ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ نَعُودُهُ فَقَالَ: كَيْفَ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي بِهِ؟ فَقُلْتُ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ صَالِحٍ قَالَتْ حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ كَلامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ إِلا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوِ الصُّلْحَ بَيْنَ النَّاسِ»
قَالَ:
فقال: ما أعجب هذا الحديث، امرأة عَنِ امرأة عَنِ امرأة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قلت وما يعجبك من ذلك وهو في كتاب اللَّه موجود؟ قَالَ اللَّه تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، أَوْ مَعْرُوفٍ، أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
[النساء 114] وَقَالَ:
وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ
[العصر 1- 3] .
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدّثنا محمّد بن سليمان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خنيس قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان الثوري- في دار ابْن الجزار، وأومأ إلى دار العطارين- وإنما دخلنا على سفيان نعوده فدخل عليه سعيد بْن حسان المخزومي، فقال له سفيان: الحديث الذي حدثتنيه عَنْ أم صالح وساق معنى ما تقدم.
أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن طلحة بْن جعفر، أَخْبَرَنِي قاضي القضاة أَبُو السائب قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ: اعتل أَبُو زرعة الرازي فمضيت مع أبي لعيادته، فسأله أبي عَنْ سبب هذه العلة فقال: بت وأنا في عافية، فوقع في نفسي أني إذا أصبحت أخرجت من الحديث ما أخطأ فيه سفيان الثوري، فلما أصبحت خرجت إلى الصلاة وفي دربنا كلب ما نبحني قط، ولا رأيته عدا على أحد، فعدا علي وعقرني، وحممت، فوقع في نفسي أن هذا عقوبة لما وضعت في نفسي، فأضربت عَنْ ذلك الرأي.
قَالَ طلحة: وأَخْبَرَنِي قاضي القضاة- يعني أبا السائب أيضا- أنه سمع ابن أبي
حاتم قال: سمعت محمّد بن الحسين النخعي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن الحسين البرجلاني يقول: قال الرشيد لابن السماك: عظني، فقال: يا أمير المؤمنين إنك تموت وحدك، وتغسل وحدك، وتكفن وحدك، وتقبر وحدك، يا أمير المؤمنين إنما هو دبيب من سقم، فيؤخذ بالكظم، وتزل القدم، ويقع الفوت والندم، فلا توبة تنال، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال.
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن علي بن التوزي قَالَ: توفي أَبُو السائب عتبة بْن عبيد اللَّه قاضي القضاة في يوم الاثنين لسبع بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمسين وثلاثمائة، وكان مولده في سنة أربع وستين ومائتين.
حَدَّثَنَا علي بْن أبي علي المعدل- إملاء- حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخَلِّصُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ الدهني- المعروف بابن القطان- قَالَ:
رأيت أبا السائب عتبة بْن عبيد اللَّه قاضي القضاة بعد موته، فقلت له: ما فعل اللَّه بك مع تخليطك بهذا اللفظ؟ فقال: غفر لي، فقلت فكيف ذاك؟ فقال: إن اللَّه تعالى عرض علي أفعالي القبيحة، ثم أمر بي إلى الجنة، وَقَالَ لولا أني آليت على نفسي أن لا أعذب من جاوز الثمانين لعذبتك، ولكني قد غفرت لك وعفوت عنك، اذهبوا به إلى الجنة فأدخلتها.