عبيد بن كعب النميري
من أهل العراق. وفد على معاوية، فقال: أخبرني عن زياد من يستعمل؟ قال: يستعمل على الخير والأمانة دون الهوى، ويعاقب، فلا يعدو بالذنب قدره، ويسمر ويحب السمر، يستحكم بحديث الليل تدبير النهار، قال: أحسن، إن التثقيل على القلب مضرة بالرأي، فكيف رأيه في حقوق الناس؟ قال: يأخذ ما له عفواً، ويعطي ما عليه عفواً، قال: فكيف عطاياه؟ قال: يعطي حتى يقال جواد، ويمنع حتى يبخل، فقال معاوية: إن العدل لضيق، وفي البذل عوض من العدل، قال: فكيف الشفاعة عنده؟ قال: ليس فيها مطمع، ما أراد من خير جعله لك أوله.
لما أراد معاوية أن يبايع ليزيد كتب إلى زياد يستشيره، فبعث زياد إلى
عبيد بن كعب النميري فقال: إن لكل مستسر ثقة، ولكل سر مستودع، وإن الناس قد أبدعت بهم خصلتان: إضاعة السر، وإخراج النصيحة، وليس موضع السر إلا أحد الرجلين: رجل
آخرة يرجو ثواباً، ورجل دنيا له شرف في نفسه، وعقل يصون حسبه، وقد عجمتهما منك، فأحمدت الذي قبلك، وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصحف، إن أمير المؤمنين كتب إلي يزعم أنه قد أجمع على بيعة يزيد، وهو متخوف نفرة الناس، ويرجو مطابقتهم، ويستشيرني، وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم، ويزيد صاحب رسلة وتهاون، مع ما قد أولع به من الصيد، فالق أمير المؤمنين مؤدياً عني، فأخبره عن فعلات يزيد، وقل له رويدك بالأمر، فأقمن أن يتم لك ما تريد، ولا تجعل فإن دركاً في تأخير خير من تعجيل عاقبته الفوت، فقال عبيد: أفلا غير هذا؟ قال: ما هو؟ قال: لا تفسد على معاوية رأيه، ولا تمقت إليه ابنه، وألقى أنا يزيد سراً من معاوية، فأخبره عنك أن أمير المؤمنين كتب إليك يستشيرك في بيعته، وأنك تخوفت خلاف الناس لهنات ينقمونها عليه، وأنك ترى له ترك ما ينقم عليه، فتستحكم لأمير المؤمنين الحجة على الناس، ويسهل لك ما تريد، فتكون قد نصحت ليزيد وأرضيت أمير المؤمنين، وسلمت مما تخاف من علاقة أمر الأمة، فقال زياد: لقد رميت الأمر بحجره، اشخص على بركة الله، فإن أصبت فما لا ينكر، وإن يكن خطأ فغير مستغش، وأبعدتك إن شاء الله من الخطأ، قال: تقول بما ترى ويقضي الله بغيب ما يعلم، فقدم على يزيد فذاكره ذلك، وكتب زياد إلى معاوية يأمره بالتؤدة وأن لا يعجل، فقبل ذلك معاوية، وكف يزيد عن كثير مما كان يصنع، ثم قدم عبيد على زياد فأقطعه قطيعة.
من أهل العراق. وفد على معاوية، فقال: أخبرني عن زياد من يستعمل؟ قال: يستعمل على الخير والأمانة دون الهوى، ويعاقب، فلا يعدو بالذنب قدره، ويسمر ويحب السمر، يستحكم بحديث الليل تدبير النهار، قال: أحسن، إن التثقيل على القلب مضرة بالرأي، فكيف رأيه في حقوق الناس؟ قال: يأخذ ما له عفواً، ويعطي ما عليه عفواً، قال: فكيف عطاياه؟ قال: يعطي حتى يقال جواد، ويمنع حتى يبخل، فقال معاوية: إن العدل لضيق، وفي البذل عوض من العدل، قال: فكيف الشفاعة عنده؟ قال: ليس فيها مطمع، ما أراد من خير جعله لك أوله.
لما أراد معاوية أن يبايع ليزيد كتب إلى زياد يستشيره، فبعث زياد إلى
عبيد بن كعب النميري فقال: إن لكل مستسر ثقة، ولكل سر مستودع، وإن الناس قد أبدعت بهم خصلتان: إضاعة السر، وإخراج النصيحة، وليس موضع السر إلا أحد الرجلين: رجل
آخرة يرجو ثواباً، ورجل دنيا له شرف في نفسه، وعقل يصون حسبه، وقد عجمتهما منك، فأحمدت الذي قبلك، وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصحف، إن أمير المؤمنين كتب إلي يزعم أنه قد أجمع على بيعة يزيد، وهو متخوف نفرة الناس، ويرجو مطابقتهم، ويستشيرني، وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم، ويزيد صاحب رسلة وتهاون، مع ما قد أولع به من الصيد، فالق أمير المؤمنين مؤدياً عني، فأخبره عن فعلات يزيد، وقل له رويدك بالأمر، فأقمن أن يتم لك ما تريد، ولا تجعل فإن دركاً في تأخير خير من تعجيل عاقبته الفوت، فقال عبيد: أفلا غير هذا؟ قال: ما هو؟ قال: لا تفسد على معاوية رأيه، ولا تمقت إليه ابنه، وألقى أنا يزيد سراً من معاوية، فأخبره عنك أن أمير المؤمنين كتب إليك يستشيرك في بيعته، وأنك تخوفت خلاف الناس لهنات ينقمونها عليه، وأنك ترى له ترك ما ينقم عليه، فتستحكم لأمير المؤمنين الحجة على الناس، ويسهل لك ما تريد، فتكون قد نصحت ليزيد وأرضيت أمير المؤمنين، وسلمت مما تخاف من علاقة أمر الأمة، فقال زياد: لقد رميت الأمر بحجره، اشخص على بركة الله، فإن أصبت فما لا ينكر، وإن يكن خطأ فغير مستغش، وأبعدتك إن شاء الله من الخطأ، قال: تقول بما ترى ويقضي الله بغيب ما يعلم، فقدم على يزيد فذاكره ذلك، وكتب زياد إلى معاوية يأمره بالتؤدة وأن لا يعجل، فقبل ذلك معاوية، وكف يزيد عن كثير مما كان يصنع، ثم قدم عبيد على زياد فأقطعه قطيعة.