Home
Select Dictionary ▼
My Other Websites and Tools:
Hawramani.com
QuranicNames.com
My Amazon Author Page
Arabic Lexicon
Arabic Transliteration Tool
Approximate Hijri to Gregorian Converter
Urdu-Hidi-English Dictionanry (Platts)
My books on Amazon (available as paperbacks and Kindle ebooks):
Learning Quranic Arabic for Complete Beginners
Learning Modern Standard Arabic (MSA) for Complete Beginners
60920. عبد الله بن عمر بن السكن ابو محمد الطالقاني...1 60921. عبد الله بن عمر بن العاص1 60922. عبد الله بن عمر بن القاسم1 60923. عبد الله بن عمر بن امية الضمري1 60924. عبد الله بن عمر بن بيان160925. عبد الله بن عمر بن حفص1 60926. عبد الله بن عمر بن حفص العمري6 60927. عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم2 60928. عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العدوي...1 60929. عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ابو عبد الرحمن ال...1 ◀ Prev. 10▶ Next 10
«
Previous

عبد الله بن عمر بن بيان

»
Next
Details of عبد الله بن عمر بن بيان (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Al-Khaṭīb al-Baghdādī
Al-Khaṭīb al-Baghdādī (d. 1071 CE) - Tārīkh Baghdād الخطيب البغدادي - تاريخ بغداد
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=133797#ae3682
عبد اللَّه بن عمر بن بيان، يعرف بابن أخت المطوعي:
حدث عن عباس الدوري. روى عنه يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ القَوَّاسُ.

Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب

Details of عبد الله بن عباس بن عبد المطلب (hadith transmitter) in 6 biographical dictionaries by the authors Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī , Ibn al-Athīr , Ibn Ḥibbān , and 3 more
▲ (0) ▼
Abū Nuʿaym al-Aṣbahānī (d. 1038 CE) - Maʿrifat al-ṣaḥāba أبو نعيم الأصبهاني - معرفة الصحابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#7141a8
عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ، أُمُّهُ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنِ بْنِ بَجِيَّةَ بْنِ الْهَزْمِ بْنِ رُوبِيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْهِلَالِيُّ، كَانَ يُسَمَّى الْحَبْرَ وَالْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَحِدَّةِ فَهْمِهِ، وَحَبْرُ الْأُمَّةِ وَفَقِيهُهَا، وَلِسَانُ الْعَشِيرَةِ وَمِنْطِيقُهَا، مُحَنَّكٌ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ، وَمَدْعُوٌّ لَهُ بِلِسَانِ الرِّسَالَةِ، فَقِهَ فِي الدِّينِ، وَعَلِمَ التَّأْوِيلَ، تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ، سَمِعَ نَجْوَى جِبْرِيلَ لِلرَّسُولِ وَعَايَنَهُ، كَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ خَتِينٌ، وَكَانُوا يَخْتِنُونَ لِلْبِلُوغِ، وَتُوُفِّيَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَمَّاهُ رَبَّانِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَجَاءَ طَيْرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ، وَسَمِعَ هَاتِفًا يَهْتِفُ مِنْ قَبْرِهِ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً. . .} [الفجر: 28] الْآيَةَ، كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُدْنِيهِ وَيَسْأَلُهُ، وَيُدْخِلُهُ مَعَ مَشْيَخَةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَكَانَ لَهُ الْجَوَّابُ الْحَاضِرُ، وَالْوَجْهُ النَّاضِرُ، صَبِيحُ الْوَجْهِ، لَهُ وَفْرَةٌ مَخْضُوبَةٌ بِالْحِنَّاءِ، أَبْيَضُ طَوِيلٌ مُشْرَبٌ صُفْرَةً، جَسِيمٌ وَسِيمٌ، عِلْمُهُ غَزِيرٌ، وَخَبَرُهُ كَثِيرٌ، يَصْدُرُ الْجَاهِلُ عَنْ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ يَفِيضَانِ، وَالْجَائِعِ عَنْ خُبْزِهِ وَمَائِدَتِهِ شَبْعَانُ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا هَنَّادٌ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُسَمَّى الْبَحْرَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبِي، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْبَحْرَ ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبِي، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ
- حَدَّثَنَا الطَّلْحِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا عَبْدُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنِ الْعَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرٍ كَثِيرٍ، وَقَالَ: «نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ أَنْتَ»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ كُرَيْبًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَجَعَلَنِي حِذَاءَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: وَيَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ حِذَاءَكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ؟ «فَدَعَا اللهَ أَنْ يَزِيدَنِي فَهْمَا وَعِلْمًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَدَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَهْزَاذَ، ثنا حَاتِمُ بْنُ الْعَلَاءِ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بْنَ خَالِدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُرَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: «إِنَّهُ كَائِنٌ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاسْتَوْصَ بِهِ خَيْرًا»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي الشِّعْبِ أَتَى أَبِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أَرَى أُمَّ الْفَضْلِ إِلَّا قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى حَمْلٍ قَالَ: «لَعَلَّ اللهَ أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا مِنْهَا بِغُلَامٍ» ، فَأَتَى بِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي خِرْقَتِي فَحَنَّكَنِي قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا حُنِّكَ بِرِيقِ النُّبُوَّةِ غَيْرَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح، وَحَدَّثَنَا فَارُوقٌ، وَسُلَيْمَانُ، قَالَا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ فَكَانَ كَالْمُعْرِضِ عَنْ أَبِي فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ أَبِي: أَلَمْ تَرَ إِلَى ابْنِ عَمِّكَ كَالْمُعْرِضِ عَنِّي؟ فَقُلْتُ: يَا أَبِي كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ يُنَاجِيهِ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَرَجَعْنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا، هَلْ كَانَ عِنْدَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتَهُ يَا عَبْدَ اللهِ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هُوَ الَّذِي شَغَلَنِي عَنْكَ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهِلَالِيُّ، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،. . . . عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِيَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ مَسَائِلَ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ لِسَانُ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عِنْدَهُ: مَا كَلَّمْتُهُ قَطُّ إِلَّا وَجَدْتُهُ مُسْتَعِدًّا
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبِي، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنبأ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ الْمُهَاجِرُونَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: ادْعُ أَبْنَاءَنَا كَمَا تَدْعُو ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، إِنَّ لَهُ لِسَانًا سَؤُولًا وَقَلْبًا عَقُولًا
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَعْلَمَ بِسُنَّةٍ وَأَجْلَدَ رَأْيًا وَأَثْقَبَ نَظَرًا حَيْثُ نَظَرَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ كَانَتِ الْأَقْضِيَةُ إِذَا كَانَ عُمَرُ عَضَلَهَا يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا قَدْ طَرَأَتْ عَلَيْنَا عَضْلُ أَقْضِيَةٍ، وَأَنْتَ لَهَا وَلِأَمْثَالِهَا ثُمَّ يَرْضَى بِقَوْلِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: عُمَرُ فِي جَدِّهِ فِي ذَاتِ اللهِ وَنَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ "
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَخْتُونٌ
- وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ مَخْتُونٌ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ وَالصَّحِيحُ: حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ لِمُوَافَقَتِهِ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جِئْتُ أَنَا عَلَى أَتَانٍ وَقَدْ نَازَهْتُ الِاحْتِلَامَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا حَمْلٌ مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالُوا: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهُمْ فِي الشِّعْبِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الزِّنْبَاعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَسِنُّهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ قَالَ: «وُلِدْتُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَحْنُ فِي الشِّعْبِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ»
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ
- حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا ضَمْرَةُ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ سَبْعِينَ بِالطَّائِفِ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ، ثنا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى أَكْفَانِهِ، ثُمَّ دَخَلَ فِيهَا فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ فَلَمَّا سُوِّيَ عَلَيْهِ سَمِعْنَا صَوْتَهُ نَسْمَعُ صَوْتَهُ، وَلَا نَرَى شَخْصَهُ {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الدُّورِيُّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَشَهِدْتُ جِنَازَتَهُ فَجَاءَ طَيْرٌ لَمْ يُرَ عَلَى خِلْقَتِهِ، وَدَخَلَ فِي نَعْشِهِ، ثُمَّ لَمْ يُرَ خَارِجًا مِنْهُ، فَلَمَّا دُفِنَ تُلِيَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، لَا يُرَى مَنْ تَلَاهَا {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 28] قَالَ: وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعِيسَى بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ طَيْرٌ أَبْيَضُ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ يَقُولُ لِقَائِدِهِ: إِذَا أَدْخَلَتْنِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَدِّدْنِي لِفِرَاشِهِ ثُمَّ أَرْسِلْ يَدَيَّ لَا تُشْمِتْ بِي مُعَاوِيَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ يَوْمًا، فَلَمَّا جَلَسَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ آجَرَكَ اللهُ فِي الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَمَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِ، وَأَلْحَقَهُ بِصَالِحِ سَلَفِهِ، أَمَا وَاللهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَا يَسُدُّ جَفْرَتَكَ، تَأْكُلُ رِزْقَهُ وَلَا تُخَلَّدُ بَعْدَهُ، وَلَقَدْ رُزِئْنَا بِأَعْظَمَ فَقْدًا مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا خَذَلَنَا اللهُ بَعْدَهُ "
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، ثنا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: شَتَمَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ تَشْتُمُنِي وَفِيَّ ثَلَاثُ خِصَالٍ: إِنِّي لَآتِي عَلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْحَاكِمِ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ يَعْدِلُ فِي حُكْمِهِ فَأَفْرَحُ بِهِ وَلَعَلِّي لَا أُقَاضِي إِلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنِّي لَأَسْمَعُ بِالْغَيْثِ قَدْ أَصَابَ الْبَلَدَ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَفْرَحُ بِهِ، وَمَا لِي بِهِ مِنْ سَائِمَةٍ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَجْرَى الدُّمُوعِ كَأَنَّهُ الشِّرَاكُ الْبَالِي مِنَ الدُّمُوعِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ طَاوُسًا، كَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ تَعْظِيمًا لِحُرُمَاتِ اللهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللهِ إِنْ لَوْ أَشَاءُ إِذَا ذَكَرْتُهُ أَنْ أَبْكِيَ لَبَكَيْتُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ بَيْتًا أَكْثَرَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَعِلْمًا مِنْ بَيْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَدَارَءُوا فِي شَيْءٍ أَتَوَا ابْنَ عَبَّاسٍ
- حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عِيسَى، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مَجْلِسًا أَكْرَمَ مِنْ مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَكْثَرَ فِقْهًا وَأَعْظَمَ جَفْنَةً، إِنَّ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ وَأَصْحَابَ الشِّعْرِ عِنْدَهُ، وَأَصْحَابَ الْفِقْهِ عِنْدَهُ يُصَدِّرُهُمْ كُلُّهُمْ فِي وَادٍ وَاسِعٍ
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ
- حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ شَيْخًا أَعْمَى مَخْضُوبَ اللِّحْيَةِ بِالْحِنَّاءِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو وَفْرَةٍ، وَكَانَ ذَا قَرْنَيْنِ - يَعْنِي ضَفِيرَتَيْنِ - وَكَانَ طَوِيلًا مُشْرَبًا صُفْرَةً، وَكَانَ جَسِيمًا وَسِيمًا صَبِيحُ الْوَجْهِ
- وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّا حَدَّثَنَاهُ أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ عَنْهُ، يَذْكُرُ السَّحَابَ الَّتِي سَقَتْ قَبْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ

[البحر البسيط]

صَبَّتْ ثَلَاثًا سَمَاءَ اللهِ رَحْمَتَهَا ... بِالْمَاءِ مَرَّتْ عَلَى قَبْرِ ابْنِ عَبَّاسِ

قَدْ كَانَ يُخْبِرُنَا هَذَا وَنَعْلَمُهُ ... عِلْمَ الْيَقِينِ فَمِنْ وَاعٍ وَمِنْ نَاسِ

إِنَّ السَّمَاءَ تَرْوِي الْقَبْرَ رَحْمَتَهُ ... هَذَا لَعَمْرُكَ أَمْرٌ فِي يَدِ النَّاسِ
- وَمِمَّا أَسْنَدَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبَانُ، وَحَزْمٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الغَلَابِيُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَسَطَ رَأْسِهِ وَسَمَّاهُ الْمُنْقِذَ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْهَيْثَمِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا»
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْفَسَوِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلَامُ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، إِنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَفَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَرَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
▲ (0) ▼
Ibn Manẓūr (d. 1311 CE) - Mukhtaṣar Tārīkh Dimashq ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#f992d4
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ابن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي بن عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبر الأمة وعالمها، وترجمان القرآن.
قدم دمشق وافداً على معاوية في السنة التي قتل فيها علي عليه السلام.
قال سعيد بن أبي الحسن: كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال: إني إنسان، إنما معيشي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، قال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صور صورة فإن الله يعذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها " وليس بنافع أبداً، قال: فربا لها الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، ثم قال: ويحك، إن أتيت الآن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
قال عبد الله بن عباس: دخلت على معاوية حين كان الصلح، وأول ماالتقيت أنا وهو، فإذا عنده أناس فقال: مرحباً يا بن عباس، ما تحاكت الفتنة بيني وبين أحد كان أعز علي بعداً ولا أحب إلي قرباً منك، الحمد لله الذي أمات علياً، قلت: إن الله عز وجل لا يذم في قضائه، وغير هذا الحديث أحسن منه، هل لك فيه؟ قال: ما هو؟ قلت: تعفيني من ذكر ابن عمي وأعفيك من ذكر ابن عمك. قال: ذلك لك، أنشدك الله يا بن عباس إلا حدثتني عن أبي سفيان، فقد حضرك من حضرك. قلت: تجر فربح، وأسلم فأفلح، وولد فأنجح، وكان في الشرك فكان نكساً حتى يقضي فقال: رحمك الله يا بن عباس، فوالله ما يعجزك في علمك أن تسر به جليسك، ولولا أن تراني قارضتك لأجزتك عن نفسك.
وعن مجاهد قال: قال ابن عباس: لما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب قال: أتى أبي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد، أرى أم
الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: لعل الله أن يقرأ أعينكم. قال: فأتى بي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا في خرقة، فحنكني بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحداً حنك بريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره.
وفي رواية: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى الله أن يبيض وجوهنا بغلام، فولدت عبد الله بن عباس.
قالوا: وولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو في الشعب.
وعن ابن عباس قال: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن عشر سنين مختون.
وفي رواية: وقد قرأت القرآن.
وفي رواية: وقد جمعت المحكم. قيل: وما المحكم. قيل: وما المحكم؟ قال المفصل.
وفي رواية: توفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي.
قال محمد بن عمر: لا اختلاف عند أهل العلم عندنا أن ابن عباس ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون، فولد ابن عباس قبل خروجهم منه بيسير، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس ابن ثلاث عشرة سنة. ألا تراه يقول في الحديث: راهقت الاحتلام في حجة الوداع.
قال عبيد الله بن أبي يزيد: سمعت ابن عباس يقول: أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان.
ودعا سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن العباس وقال: اللهم أعطه الحكمة وعلمه التأويل وكان بحراً لا ينزف، ورأى جبريل عليه السلام، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عسى ألا يموت حتى يؤتى علماً ويذهب بصره. وكان عمر يأذن له مع المهاجرين ويسأله ويقول: غص غواص، وكان إذا رآه مقبلاً قال: أتاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول.
وقيل في كنيته عبد الله بن العباس: أبو عبد الرحمن. وكان قد عمي قبل وفاته. ومات سنة ثمان وستين بالطائف في فتنة ابن الزبير، فصلى عليه محمد بن الحنيفية.
وغزا عبد الله بن عباس إفريقيةمع عبد الله بن سعد سنة سبع وعشرين.
وأمه أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى عليه وسلم واسمها لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وكان بنو العباس بن عبد المطلب عشرة: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأمهم أم الفضل بنت الحارث. وكثير، والحارث، وعون، وتمام وهو أصغرهم فكان العباس يحمله يحمله ويقول: الرجز
تموا بتمام فصاروا عشرة ... يا رب فاجعلهم كراماً برره
واجعلهم ذكراً وأنم الثمره
مات كثير وقثم بينبع أخذته الذبحة، واستشهد الفضل بأجنادين، وعبد الرحمن
ومعبد بإفريقية، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن. ويقال: مات قثم بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان في زمن معاوية. قبره بها.
وكان مسلم بن قمادين المكي يقول: ما رأيت مثل بني أم واحدة إشراقةً، ولدوا في دار واحدة، أبعد قبوراً من بني أم الفضل.
وكان عبد الله أبيض طويلاً مشرباً صفرة، جسيماً، وسيماً، صبيح الوجه، له وفرة، يخضب بالحناء، وكان يسمى الحبر والبحر لكثرة علمه وحدة فهمه، حبر الأمة وفقيهها، ولسان العشرة ومنطيقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة: فقهه في الدين وعلمه التأويل. ترجمان القرآن، سمع نجوى جبريل عليه السلام للرسول وعاينه. ومولده كان عام الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين. وقبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ختين. وكانوا يختتنون للبلوغ، وتوفي بالطائف سنة ثمان وستين. وقيل سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية وسماه رباني هذه الأمة، وجاء طير أبيض فدخل في أكفانه، وسمع هاتف يهتف من قبره يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً " الآية.
وكان عمر بن الخطاب يدنيه ويسأله ويستشيره، ويدخله مع مشيخة أهل بدر، وكان له الجواب الحاضر والوجه الناضر، صبيح الوجه، له وفرة مخضوبة بالحناء، أبيض طويل، مشرب صفرة، جسيم، وسيم، علمه غزير وخيره كثير، يصدر الجاهل عن علمه وحكمته يقظان، والجائع عن خيره ومائدته شبعان.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة، وكان ابن عمر يقول: هو أعلم الناس بما أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وشهد ابن عباس مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين وقتال الخوارج
بالنهروان، وورد في صحبته المدائن، وكان ابن عباس إذا قعد أخذ مقعد الرجلين، وكان يخضب بالسواد.
قال ابن جريج:
كنا جلوساً مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وعلي بن عبد الله في الطواف وخلفه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما، قال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة وأنا في المسجد الحرام طالعاً من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه عبد الله بن عباس، ولقد رأيتنا جلوساً معه في الحجر إذ أتاه شيخ فديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه، فقال الشيخ لبعض من معه: من هذا الفتى؟ قالوا: هذا عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. قال الشيخ: سبحان الله الذي غيّر حسن عبد المطلب إلى ما أرى. قال عطاء: فسمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة، وأحسن الناس وجهاً وما رآه أحد قط إلا أحبه. وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا يجلس عليه معه أحد، وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش، فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو صغير، لم يبلغ، فجلس على المفرش فجبذه رجل، فبكى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال عبد المطلب - وذلك بعدما كف بصره -:ما لابني يبكي؟! قالوا له: أراد أن يجلس على المفرش فمنعوه، فقال عبد المطلب: دعوا ابني يجلس عليه، فإنه يحس من نفسه بشرف، وأرجو أيبلغ من الشرف ما لم يبلغ عربي قبله ولا بعده، ومات عبد المطلب والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابن ثماني سنين، وكان خلف جنازة عبد المطلب يبكي حتى دفن بالحجون.
قال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قلن النساء على الحيطان: أمر المسك أم مرّ ابن عباس؟
قال ابن عباس: أجلسني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجره، ومسح رأسي، ودعا لي بالبركة.
وعن ابن عباس قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فأخذ بيدي فجعلني حذاءه. فلما أقبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صلاته خنست، فصلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما انصرف قال لي: ما شأني أجعلك حذائي فتخنس؟! فقلت: يا رسول الله، أو ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعطاك الله عز وجل؟ قال: فأعجبه، فدعا الله لي أن يزيدني علماً وفهماً. قال: ثم رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى سمعته نفخ، ثم أتاه بلال فقال: يا رسول الله، الصلاة، فقام فصلى ما أعاد وضوءاً.
قال ابن عباس: دعا لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤتيني الحكمة والتأويل، قال: والحكمة: القرآن، والتأويل: تفسيره.
وعن ابن عباس قال: دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخير كثير. وقال: نعم ترجمان القرآن أنت.
وعن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على رأس عبد الله فقال: اللهم، أعطه الحكمة، وعلمه التأويل، ووضع يده على صدره، فوجد عبد الله بن العباس بردها في ظهره، ثم قال: اللهم احش جوه حكماً وعلماً، فلم يستوحش في نفسه إلى مسألة أحد من الناس، ولم يزل حبر هذه الأمة حتى قبضه الله عز وجل.
وعن عمر قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان،
وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمير هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس.
وعن ابن عباس قال: انتهيت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده جبريل عليه السلام، فقال له جبريل: إنه كائن حبر الأمة فاستوص به خيراً.
وعن ابن عمر قال: دعا النبي لعبد الله بن العباس فقال: اللهم، بارك فيه وانشر منه.
وعن ابن عباس قال: مررت برسول الله وعليه ثياب بياض نقية، وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي، وهو جبريل، وأنا لا أعلم، قال: فلم أسلم. قال جبريل: يا محمد، من هذا؟ قال: هذا ابن عمي، هذا ابن عباس قال: ما أشد وضح ثيابه، أما إن ذريته ستسود بعده، لو سلم لرددنا عليه. قال: فلما رجعت قال: فلما رجعت قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما منعك أن تسلم؟ قال: قلت يا رسول الله، رأيتك تناجي دحية الكلبي، فكرهت أن تقطعا منجاتكما. قال: وقد رأيته؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه سيذهب بصرك، ويرده الله عليك في موتك. قال: فلما قبض ابن عباس ووضع على سريره جاء طير أبيض شديد الوضح فدخل في أكفانه فلمسوه، فقال لي عكرمة: ما تصنعون؟ هذه بشرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فلما وضع في لحده تلقي بكلمة سمعها من كان على شفير القبر " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
وفي حديث آخر بمعناه: ورجل يناجيه ولم يذكر دحية الكلبي.
وفي حديث آخر بمعناه عن سعيد بن جبير قال: مر العباس وابنه على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبريل، فسلم العباس يعني: على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلم يرد عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فشق عليه. قال: فلما جاز قال: يقول له ابنه: أبه، من الرجل الذي كان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فشق على العباس وخشي أن يكون قد عرض لابنه شيء لأنه لم ير هو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً، قال: فجاء العباس فقال: يا رسول الله، مررت بك فسلمت فلم ترد علي السلام. فلما مضيت قال لي ابني: من الرجل الذي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فلقد رآه؟ ذاك جبريل. قال: فمسح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه ودعا له بالعلم.
وعن أنس قال: نظر علي بن أبي طالب إلى جبريل عله السلام مرة، ونظر إليه ابن عباس مرة.
وعن عبد الله بن عباس قال: دخلت على خالتي ميمونة في يومها من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نائم، ورأسه في حجرها، فقلت يا أمه، أو يا خالة، دعيني أغمز رجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: شأنك، فتناولت رجليه فجعلتهما في حجري، فانتبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا عبد الله، أحبك الذي أحببتني له، أما إن جبريل قد أوصى بك خيراً، وقال: إن عبد الله من خيار هذه الأمة وإن ولده يرزقون الخلافة في آخر الزمان، ويرزقون حسن مشية الدواب.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لي: يا غلام، ألا أعلمك شيئاً ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو جهد الخلائق أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا، ولو جهد الخلائق أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك.
وعن ابن عباس قال: كنت ردف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سألت الله عز وجل لكم يابني عبد المطلب أن يهدي ضالكم، وأن يثبت قائلكم، وكلمة سقطت عن ابن القاسم، وأن يجعلكم نجباً نجداً جوداً، ولو أن أحداً صفن صلاة ما بين الركن والمقام ثم مات وهو مبغض لكم دخل النار.
وعن ابن عباس شرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عباس عن يمينه وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشربة لك، فإن شئت آثرت بها خالداً، قال: ما أوثر على سؤر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً.
وعن ابن عباس قال: لما قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم منهم فإنهم كثير، فقال: العجب والله لك يا بن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الأرض من ترى من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتركت ذلك، وأقبلت على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل سمعه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآتيه فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما جاء بك يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: جئت، بلغني أنك تحدث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: هلا بعثت إلي حتى آتيك؟ فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك. فكان هذا الرجل يمر بي وقد ذهب أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحتاج الناس إلي فيقول: أنت كنت أعقل مني.
وعن ابن عباس قال: كنت أكرم الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار، وأسألهم عن مغازي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحداً منهم إلا سر بإتياني لقربى من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعلت أسأل أبي بن كعب يوماً وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة.
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول: ما صنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم كذا وكذا؟ ومع ابن عباس ألواح يكتب ما يقول.
قال معمر: عامة علم ابن عباس عن ثلاثة: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب.
قال ابن عباس: طلبت العلم فلم أجده أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج إلي الظهر فيقول: متى كنت ها هنا يا بن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقول: منذ طويل فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إلي وقد قضيت حاجتك.
وعن طاوس قال: قال ابن عباس: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل لابن عباس لطلب العلم، فعززت مطلوباً.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا ثلاثاً الرقيم وغسلين وحناناً.
وعن ابن عباس قال: قد حفظت السنة كلها، غير أني لا أدري أكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف " وقد بلغت من الكبر عتياً " أو عسياً.
قال ابن عباس: دخلت على عمر بن الخطاب يوماً فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها، فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وعن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: لقد علمت علماً ما علمناه.
وعن سعيد بن جبير قال: كان أناس من المهاجرين قد وجدوا على عمرفي إدنائه ابن عباس دونهم قال: وكان
يسأله فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عن هذه الصورة: " إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " قال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمدوه ويستغفروه. قال: فقال عمر: يا بن عباس، ألا تكلم قال: فقال: أعلمه من يموت. قال: " إذا جاء نصر الله والفتح " وفي رواية: والفتح فتح مكة " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " فهي آيتك من الموت: فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " قال: ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها. فقال بعضهم: كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، قال: فأكثروا فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: سبع وعشرين، فقال بعضهم لابن عباس: ألا تكلم! قال: الله أعلم. قال: قد نعلم أن الله أعلم، إنما نسألك عن علمك فقال ابن عباس: الله وتر يحب الوتر، خلق من خلقه سبع سموات فاستوى عليهن، وخلق الأرض سبعاً، وخلق عدة الأيام سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وبين الصفا والمروى سبعاً، وخلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال: فقال عمر: وكيف خلق الإنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا الأمر ما فهمته؟ قال ابن عباس: إن الله يقول: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " حتى بلغ إلى قوله: " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال: ثم قرأ: " أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً " وأما السبعة فلبني آدم، وأما الأب فما أنبتت الأرض للأنعام، وأما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين وسبع بقين.
وعن ابن عباس قال: كان عمر يجلس مع الأكابر من أصحاب محمد، ويقول لي: لا تكلم حتى يتكلموا، ثم
يسألني، ثم يقبل عليهم فيقول: ما يمنعكم أن تأتونيبمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه؟! وفي حديث آخر عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم. فقال بعضهم: يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال عمر: إنه ممن قد علمتم. قال: فأذن لهم ذات يوم، وأذن لي معهم فسألهم عن هذه السورة: " إذا جاء نصر الله والفتح " وساق الحديث بمعنى ما تقدم.
وعن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا ندعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سؤولاً وقلباً عقولاً.
وعن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر ثم قال: مه، قال: فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل بمنزلة ما أراني إلا أني قد سقطت من نفسه، قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي نقلني به عمر، قال: فبينا أن كذلك إذ أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين، قال: فخرجت فإذا هو قائم قريباً ينتظرني، فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما كرهت مما قال الرجل؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن كنت أسأت فأستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت، قال: لتحدثني ما الذي كرهت مما قال الرجل، فقلت: يا أمير المؤمنين إنهم متى سارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى يحتقوا اختلفوا، ومتى اختلفوا يقتتلوا، قال: لله أبوك، والله لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها.
وعن أبي الزناد: أن عمر بن الخطاب دخل على ابن عباس يعوده وهو يحم، فقال له عمر: أخل بنا مرضك، فالله المستعان.
وعن عبد الله بن عباس قال: قال لي أبي: إن عمر بن الخطاب يدنيك فاحفظ عني ثلاثاً: لا تشفين له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا يجربن عليك كذباً.
قال الشعبي: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: بل خير من عشرة آلاف.
وفي حديث آخر: ولا ابتدأته بشيء حتى يسألك عنه، عوضاً عن الكذب.
وفي حديث آخر: أن العباس بن عبد المطلب قال لابنه عبد الله بن العباس: يا بني أنت أعلم مني وأنا أفقه منك، إن هذا الرجل يدنيك، يعني: عمر بن الخطاب، فاحفظ عني ثلاثاً الحديث.
وعن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.
قال المدائني: قال علي بن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، لعقله وفطنته بالأمور.
وعن عكرمة: أن علياً حرق ناساً ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تعذبوا بعذاب الله "، وكنت قاتلهم لقول
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من بدل دينه فاقتلوه "، فبلغ ذلك عليا فقال: ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحداً أحضر فهماً، ولا ألب لباً، ولا أكثر علماً، ولا أوسع حلماً من ابن عباس. ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك، قد جاءتك معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار.
وعن مسروق قال: قال عبد الله: لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وفي رواية عنه قال: لوأن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء.
سألت امرأة ابن عمر عن مسألة فقال: ائتي ابن عباس، فإنه أعلم الناس بما أنزل الله عز وجل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن ابن عمر: أن رجلاً أتاه يسأله عن " السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناها "، قال: اذهب إلى ذلك الشيخ فسله ثم تعال فأخبرني ما قال. فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات. فرجع الرجل إلى ابن عمر، فأخبره، فقال: إن ابن عباس قد أوتي علماً. صدق، هكذا كانت، ثم قال ابن عمر: قد كنت أقول: ما تعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي علماً.
ولما مات ابن عباس قال جابر بن عبد الله لما بلغه موته، وصفق بإحدى يديه على الأخرى: مات أعلم الناس، وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق.
ولما مات ابن عباس قال رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ابن عباس أعلم الناس بالحج.
قال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ ابن عباس بركابه، فقال: لا تفعل يابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: أرني يديك، فأخرج يديه فقبلهما، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
وعن ابن عباس قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة، ومختلف الملائكة، وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة، ومعدن العلم.
وعن ابن عباس قال: لو كان المهدي في زماني لكنته، ولكنه في آخر الزمان، رجل من ولدي، أو قال مني.
وعن عكرمة قال: قال كعب الأخبار: مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات ومن عاش.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحداً كان أعلم بالسنة ولا أجلد رأياً، ولا أثقب نظراً حين ينظر من ابن عباس، وإن كان عمر بن الخطاب يقول له: لقد طرأت علينا عضل أقضية أنت لها، ولا منا لها، ثم يقول عبيد الله: وعمر عمر في جده في ذات الله وحسن نظره للمسلمين.
وعنه قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه،
وحلم ونسب ونائل. ما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية، ولا بتقسيم القرآن، ولا بحساب، ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى، ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه. ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب. وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً.
وقال عطاء: ما رأيت مجلساً قط كان أكرم من مجلس ابن عباس، أكثر علماً وأعظم جفنة، وإن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
وقال عطاء: كان أناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس لأيام العرب ووقائعها، وناس للعلم، فما منهم من صنف إلا يقبل عليهم بما شاؤوا.
وعن طاوس قال: كان ابن عباس قد سبق على الناس في العلم كما تبسق النخلة السحوق على الودي الصغار.
وعن طاوس قال: ما رأيت أحداً خالف ابن عباس قط فتركه حتى يقرره.
وعن ليث بن أبي سليم قال: قلت لطاوس: لزمت هذا الغلام يعني ابن عباس، وتركت الأكابر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس.
وعن طاوس قال: أدركت خمسين أو سبعين من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا: هو كما قلت، أو صدقت.
وعن ليث قال: قال لي طاوس: ما تعلمت من شيء فتعلم لنفسك، فإن الناس قد ذهبت منهم الأمانة. قال: وما رأيت رجلاً أعلم من ابن عباس ولا رأيت رجلاً أورع من ابن عمر. قال: وكان طاوس يعد الحديث حرفاً حرفاً.
وعن مجاهد قال: ما رئي مجلس ابن عباس. ولقد مات يوم مات، وإنه لحبر هذه الأمة.
وفي رواية: وما رأيت مثله قط أو قال: ما سمعت إلا أن يقول رجل: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال مجاهد: كان عبد الله بن العباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علماً. ولو شاء أن أبكي كلما ذكرته بكيت.
قال: وكان ابن عباس يسمى البحر، لكثرة علمه.
وعن مجاهد قال: كنا نفخر على الناس بأربعة: نفخر بفقيهنا، ونفخر بقاضينا، ونفخر بقارئنا ونفخر بمؤذننا: فأما فقيهنا فابن عباس، وأما قاضينا فعبيد بن عمير، وأما قارئنا فعبد الله بن السائب، وأما مؤذننا فأبو محذورة.
قال مجاهد: كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً.
وقال: ما رأيت أحداً قط أعرب لساناً من ابن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، للحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والطعام، قال أبو هلال: ولا أراه إلا قال: والشعر.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: ما رأيت بيتاً كان أكثر طعاماً ولا شراباً ولا فاكهة ولا علماً من بيت عبد الله بن عباس.
وقال الضحاك: ما رأيت بيتاً أكثر خبزاً ولحماً وعلماً من بيت ابن عباس.
قال أبو صالح: لقد رأيت في ابن عباس مجلساً لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها فخراً. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر على أن يجيء ولا أن يذهب. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال: ضع لي وضوءاً قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه، وما أراد منه فليدخل وقال: فخرجت، فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن أو تأويله فليدخل.
قال: فخرجت فأذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثلما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا فقلت لهم. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم، قال: فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل. قال: فخرجت فأذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم، وزادهم مثله، ثم قال: إخوانكم. قال: فخرجوا، ثم قال:
اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به، وزادهم مثله.
قال أبو صالح: ولو أن قريشاً كلها فخرت بذلك لكان فخراً. فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.
قال جابر بن زيد: سألت البحر وكان يسمي ابن عباس البحر عن لحوم الحمر، فقرأ هذه الآي " قل لا أجد فيما أوحي غلي محرماً على طاعم يطعمه " إلى آخر الآية.
وفي حديث ابن الفرا: عن تحريم الخمر. وهو تصحيف.
وعن الحسن: أن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل، وكان ابن عباس من القرآن بمنزل. قال: وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرها آية آية. وكان مثجه غرباً غرباً، وكان عمر إذا ذكره قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول.
قال أبو بكر الهذلي: دخلت على الحسن بن أبي الحسن، فجلست عنده وهو يصلي، فتذاكرنا آيات من القرآن. فلما انصرف قال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: " حم " و" طسم ". قال. فواتح يفتح الله بها القرآن، فقلت له: فإن مولى ابن عباس يقول: كذا وكذا. قال: إن ابن عباس كان من الإسلام بمنزل. وساق بقية الحديث.
قوله: كان مثجاً هو من العج والثج: السيلان. يريد أنه يصب الكلام صباً.
وعن ميمون بن مهران قال: لو أتيت ابن عباس بصحيفة فيها ستون حديثاً لرجعت ولم تسأله عنها، وسمعتها. قال: يسأله الناس فيكفونك.
قال عبد الله بن أبي الهذيل: أردت الخروج، فعلم بي أهل الكوفة، فجمعوا مسائل، ثم أتوني بها في صحيفة. فلما قدمت على ابن عباس خرج، فقعد للناس، فما زال يسألونه حتى ما بقي في صحيفتي شيء إلا سألوه عنه.
وعن مسروق انه قال: كنا إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا نطق قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس.
قال ابن أبي ملكية: دخلنا على ابن عباس فقال: إني لم أنم الليل، فقلنا له: لم يا أبا عباس؟ قال: طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يطرق الدخان. سلوني عن سورة البقرة، سلوني عن سورة يوسف، فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات، وسئل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن معنى قول عكرمة: إن ابن عباس أعلم بتفسير القرآن من علي، فقال: لم سمع ابن عباس عامة التفسير من علي فوعاه وجمعه، ثم ضم إليه ما سمعه من غيره مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فلما ضم علم هؤلاء في التفسير إلى علم علي كان أعلم منه بالتفسير. وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا له فقال ": اللهم علمه الكتاب وفهمه التأويل، وعلي أعلم منه بالمبهمات ومن غيره، فقد شهد عامة التنزيل فروى فيم نزل، وفي أي أمر كان.
قال شقيق: خطب ابن عباس وهو على الموسم، فافتتح سورة البقرة، فجعل يقرؤها ويفسر، فجعلت أقول: ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله. لو سمعت فارس والروم لأسلمت.
وفي حديث بمعناه: فقرأ سورة النور.
وعن ابن عباس قال: لقد علمت علما من القرآن ما يسألني عنه أحد، لا أدري علمه الناس فلم يسألوا عنه أو لم يعلموها فيسألوا عنها.
وعن ابن عائشة قال: ما زال ابن عباس يستفيد حتى مات. وكان يقول: ما علمت ما " فاطر " حتى سمعت أعرابياً يخاصم رجلاً في بئر واحدهما يقول: أنا فطرتها، وكنت لا أدري ماء البعل حتى سمعت أعرابياً ينادي آخر يقول: يا بعل الناقة، فعلمت أنه ربها.
وعن ابن عباس قال: كل القرآن أعلمه إلا أربع: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم.
وعن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن شيء، فإن كان في كتاب الله عز وجل قال به، وإن لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال به، فإن لم يكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيء قال بما قال به أبو بكر وعمر، فإن لم يكن لأبي بكر وعمر، فيه شيء قال برأيه.
وعن القاسم بن محمد قال: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلاً قط.
وعن سفيان بن عيينة قال: علماء الأزمنة ثلاثة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، وسفيان الثوري في زمانه.
ورد صعصعة بن صوحان على علي بن أبي طالب من البصرة، فسأله عن عبد الله بن عباس، وكان على خلافته بها، فقال صعصعة: يا أمير المؤمنين، إنه آخذ بثلاث وتارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث، ويحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين إذا خولف. تارك للمراء، وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يعتذر منه.
وعن عبد الله بن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك تشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس علموا منها مثل الذي أعلم، وإني لأسمع الحاكم
من حكام المسلمين يقضي بالعدل فأفرج به ولعلي لا أقاضي إليه أبداً وإني لأسمع بالغيث يصيب الأرض من أرض المسلمين فأفرج به ومالي سائمة أبداً.
وعن ابن أبي ملكية قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، فكان يصلي ركعتين ركعتين، إذا نزل قام ينتظر الليل، فيرتل القرآن حرفاً حرفاً، ويكثر من النشيج قلت: وما النشيج؟ قال: النحيب، البكاء، ويقرأ: " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ".
قال شعيب بن درهم: كان هذا الموضع وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه من خدي ابن عباس، مثل الشراك البالي من كثرة البكاء.
جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا بن عباس، كيف صومك؟ قال: أصوم الاثنين والخميس، قال: ولم؟ قال: لأن الأعمال ترفع فيها، وأحب أن ترفع أعمالي وأنا صائم.
قال معاوية يوماً لعبد الله بن عباس: إنه ضربتني البارحة أمواج القرآن في آيتين لم أعرف تأويلهما، ففزعت إليك، فقال ابن عباس: ما هما؟ فقال معاوية: قول الله عز وجل: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن تقدر عليه " فقلت: يونس رسول الله ظن أنه بقوته إذا أراده، ما ظن هذا مؤمن، وقول الله عز وجل: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " فقلت سبحان الله! كيف يكون هذا أن يستيئس الرسل من نصر الله، أو
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم! إن لهاتين الآيتين تأويلاً ما نعلمه. قال ابن عباس: أما يونس عله السلام فظن أن خطيئته لم تبلغ أن يقدر الله عليه تلك البلية، ولم يشك أن الله عز وجل إذا أراده قدر عليه. وأما قوله: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن من أعطاهم الرضا في العلانية أن يكذبهم في السريرة، وذلك أطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر الله، ولم يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية: فرجت عني فرج الله عنك. قال ابن عباس فإن رجلاً قرأ علي آية المحيض، قول الله عز وجل: " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض " إلى آخر الآية. يعني بالماء " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " يقول: طاهرات غير حيض، فقال معاوية: إن قريشاً لتغبط بك لا بل جميع العرب، لا بل جميع أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولولا خفتك مع علي عطفتني عليك العواطف، فقال أيمن بن خريم: البسيط
ما كان يعلم هذا العلم من أحد ... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
مستنبط العلم غضاً من معادنه ... هذا اليقين وما بالحق من باس
دينوا بقول ابن عباس وحكمته ... إن المنافي فيكم عالم الناس
كالقطب قطب الرحا في كل حادثة ... أو كالحمام فمنه موضع الراس
من ذا يفرج عنكم كل معضلة ... إن صار رهناً مقيماً بين أرماس؟
قال ابن ملكية: كتب ابن هرقل إلى معاوية يسأله عن ثلاث خلال: مكان إذا كنت عليه لم تدر أين قبلتك، ومكان طلعت الشمس لم تطلع فيه قبل ولا بعد، وعن المحو الذي في القمر. فقال معاوية: من لهذه؟ فقيل له: ابن عباس. فكتب إلى ابن عباس، فكتب إليه ابن عباس: أما المكان الذي إذا كنت فيه لم تدر أين قبلتك فإذا كنت على ظهر الكعبة. وأما المكان الذي طلعت الشمس ولم تطلع فيه قبل ولا بعد فالبحر يوم انفلق لموسى. وأما المحو الذي في القمر فإن الله عز وجل يقول: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " فهو آية الليل، فكتب به معاوية إلى ابن هرقل. قال: فكتب إليه: ما هذا من كنزك ولا كنز أبيك، ولا خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن ابن عباس قال: كتب قيصر إلى معاوية: أما بعد، فأي كلمة أحب إلى الله والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ومن أكرم عباد الله وإمائه عليه، وأربعة أشياء فيهم الروح لم ترتكض في رحم، وقبر سار بصاحبه، ومكان لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة، والمجرة التي في السماء ما هي؟ وقوس قزح ما هو؟ فلما قرأ معاوية الكتاب قال لعبد الله: ما أدري ما هذا، وماله إلا ابن عباس، فأرسل إلى ابن عباس يسأله عن ذلك، فقال: أحب كلمة إلى الله: لا إله إلا الله، والثانية: سبحان الله، والثالثة: الحمد، والرابعة: الله أكبر، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأما أكرم عباد الله فآدم خلقه الله بيده وعلمه الأسماء كلها، وأكرم إمائه عنده مريم التي أحصنت فرجها، والرابعة التي فيها الروح لم ترتكض في رحم فآدم وحواء، وعصا موسى، وكبش إبراهيم، والقبر الذي سار بصاحبه قبر يونس بن متى في بطن الحوت.
والمكان الذي لم تصبه الشمس إلا مرة واحدة فالبحر فلقه موسى بعصاه، وقوس قزح فأمان لأهل الأرض من الغرق وزاد في حديث آخر: بعد قوم نوح والمجرة فهي باب السماء.
وفي حديث آخر بمعناه: فقلت: أما أحب كلمة إلى الله: فلا إله إلا الله لا يقبل عمل إلا بها، والثانية: المنجية سبحان الله وصلاة الخلق، والثالثة: الحمد لله كلمة الشكر، والرابعة: الله أكبر فواتح الصلاة والركوع والسجود، والخامسة: لا حول ولا قوة إلا بالله. فاكتب إليه بذلك، فإنهم سيعرفون فأما لا إله إلا الله فإذا قالها العبد قال: يقول الله - أخلص عبدي. فإذا قال: سبحان الله قال: عبدني عبدي، فإذا قال: الحمد لله، قال: أخلص عبدي، فإذا قال: الله أكبر، قال: صدق عبدي أنا أكبر، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قال: ألقى إلي عبدي السلام الحديث.
وعن أبي الجويرية الجرمي قال: كتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عمن لا قبلة له، وعمن لا أب له، وعمن لا عشيرة له، وعمن سار به قبره، وعن ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم، وعن شيء ونصف شيء ولا
شيء، وابعث إلي في هذه القارورة ببزر كل شيء. فبعث معاوية بالكتاب والقارورة إلى ابن عباس، وقيل إنالحسن بن علي بعث إليه بالكتاب والقارورة أما من لا قبلة له فالكعبة، وأما من لا أب له فعيسى، وأما من لا عشيرة له فآدم، وأما من سار به قبره فيونس. وأما ثلاثة أشياء لم تخلق في رحم فكبش إبراهيم، وناقة ثمود، وعصا موسى. وأما شيء فالرجل له عقل، يعمل بعقله، وأما نصف شيء فالذي ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول. وأما لا شيء فالذي ليس له عقل، يعمل بعقله، وملأ القارورة ماء، وقال: هذا بزر كل شيء. فبعث معاوية بالبزر والقارورة إلى قيصر. فلما وصل إليه الكتاب والقارورة قال: ما خرج هذا إلا من أهل بيت نبوة.
وعن حماد بن حميد قال: كتب رجل من أهل العلم إلى ابن عباس يسأله عن هذه المسائل وكان الرجل عالماً. قال: أخبرني عن رجل دخل الجنة ونهى الله محمداً أن يعمل بعمله، وأخبرني عن شيء تكلم ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء بنفس ليس له لحم ولا دم، وأخبرني عن شيء له لحم ولم تلده أنثى ولا ذكر، وأخبرني عن شيء قليله وكثيره حرام، وأخبرني عن رسول بعثه الله ليس من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة، واخبرني عن نفس أوحى الله إليها ليست من الأشياء، وأخبرني عن منذر ليس من الجن ولا من الإنس، وأخبرني عن شيء حرم بعضه وحل بعضه، وأخبرني عن نفس ماتت وأحييت بنفس غيرها، وأخبرني عن نفس خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم، وأخبرني عناثنين تكلما ليس لهما لحم ولا دم، وأخبرني عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وأخبرني عن شيء إن فعلته كان حراماً وإن تركته كان حراماً، وأخبرني عن موسى كم أرضعته أمه قبل أن تلقيه في البحر، وفي أي بحر قذفته، وأخبرني عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطم موسى فرعون، وأخبرني عن موسى حين كلمه الله تعالى من حمل التوراة إليه، وكم كانت الملائكة الذين حملوا التوراة إلى موسى، وأخبرني عن آدم كم كان طوله، وكم عاش، ومن كان وصيه، وأخبرني من كان بعد آدم من الرسل، ومن كان بعد نوح، ومن كان بعد هود، ومن كان بعد إبراهيم، ومن كان بعد لوط، ومن كان بعد إسحاق، ومن كان قبل
نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخبرني عن الأنبياء كم كانوا، وكم كان منهم الرسل، وكم كان منهم من الأنبياء، وأخبرني كم في القرآن منهم، وأخبرني عن رجل ولد من غير ذكر ولا أنثى ولم يمت، وأخبرني عن أرض لم تصبها الشمس إلا يوماً واحداً، وأخبرني عن الطير الذي لا يبيض ولا يحضن عليه طير.
قال: فلما قدمت المسائل على ابن عباس عجب من ذلك عجباً شديداً، ثم كتب إليه: أما سؤالك عن الرجل الذي دخل الجنة ونهي عنه محمداً أن يعمل بعمله فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نبينا وعليه وسلم الذي يقول: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم " وأما الشيء الذي تكلم ليس له لحم ولا دم فهي النار التي تقول " هل من مزيد " وأما الرسول الذي بعثه الله من الجن ولا من الإنس ولا من الملائكة فهو الغراب الذي بعثه الله إلى ابن آدم ليريه كيف يواري سوأة أخيه. وأما الذي له لحم ودم لم تلده أنثى ولا ذكر فهو كبش إبراهيم الذي فدى به إسحاق. وأما الشيء الذي بنفس ليس له لحم ولا دم فهو الصبح، إذ يقول الله عز وجل " والصبح إذا تنفس " وأما النفس التي ماتت، وأحييت بنفس غيرها فهي البقرة التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الذي يقول: " اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى " الآية. وأما الطير الذي لم يبض ولم يحضن عليه طائر فهو الطير الذي نفخ فيه عيسى بن مريم، فكان طيراً بإذن الله، واما الشيء الذي قليله حلال وكثيره حرام فهو نهر طالوت الذي ابتلاهم الله به، وأما النفس التي خرجت من جوف نفس ليس بينهما نسب ولا رحم فهو يونس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرج من بطن الحوت.
وأما الاثنتان اللتان تكلمتا ليس لهما لحم ولا دم فهما السماء والأرض إذ يقول الله تعالى: " ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين "، وأما الشيء الذي مشى ليس له لحم
ولا دم فهو عصا موسى التي " تلقف ما يأفكون "، وأما الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فهو أرمنياً. وأما الشيء الذي إن فعلته كان حراما، وإن تركته كان حراماً فهي الصلاة: إن صليت وأنت سكران لا يحل لك، وإن تركتتها لا يحل لك. وسألت عن أم موسى كم أرضعته فإنها أرضعته ثلاثة أشهر قبل أن تقذفه في البحر، ثم ألقته في البحر بحر القلزم. وسألت عن الاثنين اللذين كانا في بيت فرعون حين لطمه موسى فهي آسية امرأة فرعون، والرجل الذي كان يكمن إيمانه. وسألت عن موسى يوم كلمه الله تعالى وحملت التوراة إليه فإن الله كلم موسى يوم الجمعة، وأعطي التوراة، ونزلت بها الملائكة إلى موسى يوم الجمعة، ومر الله تعالى بكل حرف من التوراة فحمله ملك من السماء، فلا يعلم عدد ذلك إلا الله وحده لا شريك له. وأما الأرض التي لم تنظر إليها الشمس إلا يوماً فهي أرض البحر الذي فلقه الله عز وجل لموسى. وأما المنذر الذي ليس من الإنس ولا من الجن فهي النملة: " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم "، وسألت عن آدم فهو أول الأنبياء خلقه الله من طين، وسواه ونفخ فيه من روحه. وكان طوله فيما بلغنا والله أعلم ستين ذرعاً، وكان نبياً وخليفة، وعاش ألف سنة إلا ستين عاماً. وكان وصيه شيث.
وسألت من كان بعد شيث من الأنبياء، كان بعد إدريس وهو أول الرسل. وكان بعد إدريس نوح، وكان بعد نوح هود، ثم كان بعد هود صالح، ثم كان بعد صالح إبراهيم، ثم كان بعد إبراهيم لوط ابن أخي إبراهيم، وكان بعد لوط إسماعيل، ثم كان بعد إسماعيل إسحاق، وكان بعد إسحاق، وكان بعد إسحاق يعقوب، ثم كان بعد يعقوب يوسف، ثم كان بعد يوسف موسى، ثم كان بعد موسى عيسى فأنزل الله عليه الإنجيل، ثم كان بعد نبينا نبي الرحمة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسألت عن عدد الأنبياء: كانوا فيما بلغنا والله أعلم ألف نبي ومئتي نبي وخمسة وسبعين نبياً. وكان منهم ثلاث مئة وخمسة عشر رسولاً، وسائرهم أنبياء صالحون نجد في القرآن منهم ثلاثة وثلاثين نبياً يقول الله عز وجل: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً ".
وكان ابن عباس امير البصرة، وكان يغشى الناس في شهر رمضان، فلا ينقضي الشهر حتى يفقههم، وكان إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان يعظهم، ويتكلم بكلام يردعهم، ويقول: ملاك أمركم الدين، ووصلتكم الوفاء، وزينتكم العلم، وسلامتكم الحلم وطولكم المعروف. إن كان الله كفلكم الوسع، اتقوا الله ما استطعتم. قال: فقال اعرابي فقال: من أشعر الناس أيها الأمير؟ قال: أفي إثر العظة؟ قل يا أبا الأسود قال: فقال: أبو الأسود الدؤلي: أشعر الناس يقول: الطويل
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
قال هذا لنابغة بني ذبيان.
فكان الرجل يأتي مجلس عبد الله بن عباس وقد انتعل القوم، فيخلع نعليه، فيقول له الرجل لا يحبسك مكاني يا أبا العباس، فيقول: ما أنا بقائم حتى آحادثك وتحدثني فأسمع منك.
قال محمد بن سلام: سعى ساع إلى ابن عباس برجل فقال: إن شئت نظرنا فينا قلت، فإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن كنت صادقاً مقتناك، وإن أحببت أقلناك. قال: هذه.
قال ابو محمد بن قتيبية في حديث علي: إنه كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ماأخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي. فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف
الذئب الأزل دامية المعزى. وفي الكتاب: ضح رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
قوله: قد حرب: أي غضب، وقوله قلبت لابن عمك ظهر المجن: هو مثل يضرب لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، والمجن: الترس. وقوله: اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى: خص الدامية دون غيرها لأن في طبع الذئب محبة الدم، فهو يؤثر الدامية على غيرها. ويبلغ به طبعه في ذلك أنه يرى الذئب مثله وقد دمي فيثيب عليه ليأكله.
نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد فرع بكلامه، فقال: من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عباس، هذا ابن عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنشأ يقول:
إني وجدت بيان المرء نافلة ... تهدى له ووجدت العي كالصمم
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره ... وقد يلام الفتى يوماً ولم يلم
الكلم ها هنا جمع كلمة، وأصله الكلم بكسر اللام، فسكنه تخفيفاً لإقامة الوزن، كما قالوا: ملك في ملك. فأما الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماً بمعنى جرحه. وقوله: سائره يعني أنه يبقى سائر الكلام. يريد الحكم السائرة من الكلم.
اختصم إلى عمر بن الخطاب حسان بن ثابت وخصم له، فسمع منهم، وقضى على حسان، فخرج وهو مهموم، فمر بابن عباس فأخبره بقصته، فقال له ابن عباس: لو كنت أنا الحكم بينكما لحكمت لك، فرجع حسان إلى عمر فأخبره فبعث عمر إلى ابن عباس فأتاه فسأله عما قال حسان، فصدقه، فسأله عن الحجة في ذلك فأخبره، فرجع عمر إلى قول ابن عباس، وحكم لحسان، فخرج وهو آخذ بيد ابن عباس وهو يقول:
إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه ... رأيت له في كل منزلة فضلا
قضى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا
ورويت هذه الأبيات في ابن عباس في قصة أخرى.
قال المدائني: تكلم رجل عند ابن عباس، فأكثر السقط في كلامه، فالتفت ابن عباس إلى عبد له
فأعتقه، فقيل له لم أعتقت عبدك؟ قال: شكراً لله إذ لم يجعلني مثل هذا. ثم أنشد المدائني:
عي الشريف يشين منصبه ... وترى الوضيع يزينه أدبه
ولما جاء معاوية نعي الحسن بن علي استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره، فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني، فإن معاوية يشمت بي. فلما جلس ابن عباس قال معاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به. فلما دخل قال: يا أبا العباس، هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون. وعرف ابن عباس أنه شامت به، فقال: أما والله يا معاوية لا تسد حفرتك، ولا تخلد بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه، فخرنا الله بعده، ثمقام. فقال معاوية: لا والله، ما كلمت أحداً قط أعد جواباً ولا أعقل من ابن عباس.
وعن ربعي بن حراش قال:
استأذن عبد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان، وقد تحلقت عنده بطون قريش، وسعيد بن العاص جالس عن يمينه. فلما نظر إليه معاوية مقبلاً قال لسعيد: والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها فقال سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك. فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر الصديق قال: رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تالياً، وللشر قالياً، وعن المثل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، ومن المهلكات جانفاً، يخاف فلتة الدهر، وإحياء بالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، والله بالغدو والآصال ذاكراً، ولنفسه في المصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وسراً وحياطة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم التغابن.
قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ فقال رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق
حصناً، وللناس عوناً قال بحق الله صابراً محتسباً حتى أظهر الدين وفتح الديار وذكر الله في الإفطار والمنار، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع. عبد الجبار في الرخاء والشدة شكوراً، له وفي كل وقت وآن ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.
قال معاوية: فما تقول في عثمان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، وأصبر القراء، هجاد بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الدار دائب الفكر فيما يعنيه بالليل والنهار، نهاضاً إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منقبة، فراراً من كل موبقة، صاحب جيش العسرة، وصاحب البئر، وختن المصطفى عليه السلام على ابنتيه، فأعقب الله من ثلبه الندامى إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود الندى، ونور السفر في ظلم الدجى، وداعياً إلى المحجة العظمى، وعالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للجور والأذى وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا سوى الأنبياء والمصطفى، وصاحب القبلتين وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عين مثله، ولا ترى أبداً حتى القيام واللقاء. فعلى من لعنه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.
قال معاوية: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، مسلمين، برين، طاهرين، مطهرين، شهيدين، عالمين بالله، لهما النصرة القديمة والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة وفي حديث آخر: زلا زلة الله غافرها لهما.
قال: ما تقول في العباس بن عبد المطلب؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرة عين صفي الله، لهميم الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً للأمور، ونظراً في العواقب. علم تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت
الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه اكرم من ذهب وهب: عب المطلب أفخر من مشى من قريش وركب.
قال معاوية: فلما سميت قريش قريشاً؟ قال: لدابة تكون في البحر هي أعظم دواب البحر خطراً، لا تظفر بشيء من دواب البحر إلا أكلته، فسميت قريش لأنها أعظم العرب فعالاً. فقال: هل تروي في ذلك شعراً؟ فأنشده قول الجمحي:
وقريش هي التي تسكن البحر به ... اسميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تترك ل ... ذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش ... يأكلون البلاد أكلاً كشيشاً
ولهم آخر الزمان نبي ... يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيله ورجال ... يحشرون المطي حشراً كميشاً
فقال معاوية: صدقت يا بن عباس، أشهد أنك لسان أهل بيتك.
فلما خرج ابن عباس من عنده قال معاوية لمن عنده: ما كلمته قط إلا وجدته مستعداً.
وفي حديث آخر قال:
فأمر له معاوية بأربعة آلاف درهم فقبضها ثم صرفها في بني عبد المطلب. فقالوا له: لا نقبل صدقة. قال: إنها ليست بصدقة. وإنما هي هدية لم يبق منها شيء، فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه يلومه وأن يقصر عن ذلك فكتب إليه يقول:
بخيل يرى بالجود عاراً وإنما ... على المرء عار أن يضن ويبخلا
إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفعه ... صديق فلاقته المنية أولا
أنشد المبرد لعبد الله بن العباس، كتب به إلى معاوية لن أبي سفيان: الطويل
إني أغضيت عن غير بغضة ... لراع لأسباب المودة حافظ
وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ... فآبى وتثنيني عليك الحفائظ
وأنتظر العتبى وأغضي على القذى ... وألبس طوراً مره وأغالظ
وأنتظر الإقبال بالود منكم ... وأصبر حتى أوجعتني المغايظ
وجربت ما يسلي المحب عن الهوى ... وأقصرت والتجريب للمرء واعط
لما خرج الحسين بن علي إلى الكوفة اجتمع ابنعباس وعبد الله وبن الزبير بمكة فضرب ابن عباس جنب ابن الزبير وتمثل: الرجز
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجود فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
خلا لك والله يا بن الزبير الحجاز. وسار الحسين إلى العراق، فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس، فقال له ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، فأما نحن من ذلك فعلى يقين، ولكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب، قال ابن الزبير: لشرفي عليهم قديماً لا تنكرونه قال: فأيما أشرف، أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. قال: وعلت أصواتهما، فقال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا بن عباس، دعنا من قولك، فوالله لا تحبونا يا بني هاشم أبداً. قال: فخفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وما استحق الضرب؟! وإنما يستحق الضرب من مرق ومذق. قال: يا بن عباس، أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة قال: إنما نعفو عمن أقر، فأما من هر فلا. قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا - أهل البيت - لا نضعه في غير موضعه فندم، ولا نزويه عن أهله
فنظلم. قال: أولست منهم؟ قال: بلى إن نبذت الحسد، ولزمت الجدد. قال: واعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وعن ابن عباس قال: لو أن العلماء أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله عز وجل والملائكة والصالحون من عباده، ولهابهم الناس، لفضل العلم وشرفه.
قال جندب لابن عباس: أوصني بوصية، قال: أوصيك بتوحيد الله، ولا عمل له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فإن كل خير أنت آتيه بعد هذه الخصال منك مقبول وإلى الله مرفوع. يا جندب، إنك لن تزداد من يومك إلا قرباً، فصل صلاة مودع، وأصبح في الدنيا كأنك غريب مسافر، فإنك من أهل القبور، وابك على ذنبك، وتب من خطيئتك، ولتكن الدنيا أهون عليك من شسع نعليك، وكأن قد فارقتها، وصرت إلى عدل الله، ولن تنتفع بما خلفت، ولن ينفعك إلا عملك.
قال ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك، قل خيراً تغنم أو اسكت عن شر تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم. قال: فقيل له: يا بن عباس، لم تقول هذا؟! قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيء من جسده حنقاً أو غيظاً يوم القيامة لعله قال: منه على لسان إلا قال به خيراً أو أملى به خيراً.
قال وبرة المسلمين: أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدهم الموقوفة فقال لي: لا تكلمن فيما لا يعنيك فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيهاً ولا حليماً، فإن الحليم يقيلك، والسفيه يريدك، ولا تذكرن أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزي
بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجله هيأه وإذا صغره عظمه، وإذا ستره فخمه.
قال ابن عباس:
أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.
قيل لابن عباس: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت.
وعن ابن عباس كان يقول: ثلاثة لا أكافئهم: رجل ضاق مجلسي فأوسع لي، ورجل كنت ظمآن فسقاني، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، ورابع لا أقدر على مكافأته، ولا يكافئه عني إلا الله عز وجل: رجل حز به أمر فبات ليلته ساهراً. فلما أصبح لم يجد لحاجته معتمداً غيري. قال: وكان يقول: إني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاث مرات ثم لا يرى عليه أثر من أثري.
قال ابن عباس: ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا أنزلته أحد ثلاثة منازل: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان نظيري تفضلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. وهذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرض الله واسعة.
ولما أصيبت عين ابن عباس نحل جسمه. فلما ذهبت الأخرى عاد لحمه، فقيل له في ذلك، فقال: أصابني ما رأيتم في الأولة شفقة على الأخرى، فلما ذهبتا اطمأن قلبي.
قال عكرمة: لما وقع الماء في عين ابن عباس قيل له: تنزع الماء من عينيك، على أنك لا تصلي سبعة
أيام، فقال: لا إنه منترك الصلاة سبعة أيام وهو يقدر عليها لقي الله عز وجل وهو غضبان عليه.
وعن ابن عباس أنه قال حين أصيب بصره: ما آسى على شيء من الدنيا إلا لو أني كنت مشيت إلى بيت الله عز وجل، فإني سمعت الله عز وجل يقول: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ".
وعن عكرمة قال: كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له من الأمر الأمور. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم، ألهمه الحكمة، وعلمه التأويل ".فلما عمي أتاه ناس من أهل الطائف، ومعهم علم من علمه أو كتب من كتبه، فجعلوا يستقرؤونه، وجعل يقدم ويؤخر. فلما رأى ذلك قال: إني تلهت من مصيبتي هذه، فمن كان عنده علم من علمي، أو كتب من كتبي فليقرأ علي، فإن إقراري له به كقراءتي عليه. قال: فقرؤوا عليه، زاد في حديث آخر: ولا يكن في أنفسكم من ذلك شيء.
تله الرجل إذا تحير. والأصل وله. والعرب قد تقلب الواو تاء، يقولون: تجاه، والأصل: وجاه.
ولما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما يبايعان فيأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك، فأبى، وألح عليهما إلحاحاً شديداً. وقال فيما يقول: والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن من هذا الرجل، فمشوا في الناس، فانتدب أربعة آلاف، فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكة، وابن الزبير في المسجد، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة ويقال: تعلق بأستار الكعبة، وقال: أنا عائذ الله. قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنيفة وأصحابهما، وهم في
دور قريب من المسجد قد جمع الحطب، فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه مارئي منهم أحد حتى تقوم الساعة، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نرح الناس منه، فقال: لا، هذا بلد حرام حرمه الله، ما أحله لأحد إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيرونا. قال: فتحملوا، وإن منادياً ينادي في الجبل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس. قال: فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض أحبهم إلى الله وأكرمهم عليه، وأقربهم إلى الله زلفى، فإن كت فيكم فأنتم هم، فما لبث إلا ثمان ليال بعد هذا القول حتى توفي، رحمه الله. فصلى عليه محمد بن الحنيفة، وولينا حمله ودفنه.
قال منذرالثوري: سمعت محمد بن علي بن أبي طالب يقول يوم مات ابن عباس: اليوم مات رباني هذ الأمة.
وفي رواية عن كلثوم: اليوم مات رباني العلم.
وعن بجير بن أبي عبيد قال:
مات ابن عباس بالطائف. فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج زاد في رواية: يقال له الغرنوق حتى خالط أكفانه، ثم لم يروه، زاد في رواية: قال: فكانوا يرون أنه علمه.
قال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف. فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه، فالتمس فلم يوجد. فلما سوي عليه سمعنا صوتاً، نسمع صوته ولا
نرى شخصه " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
قال هشام بن محمد بن السائب: صلى محمد بن علي على عبد الله بن عباس، وكبر عليه أربعاً، وضرب على قبره فسطاطاً.
قال ابن بكير: توفي عبد الله بن عباس سنة خمس وستين. ويقال: ثمان وستين. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وأدخله من قبل القبلة، وقيل: توفي سنة سبع وثمانين. وتوفي ابن الحنفية بعده.
وكان ابن عباس يصفر لحيته، وتوفي وسنه اثنتان وسبعون سنة، وقيل: إحدى وسبعون سنة، وقيل: أربع وسبعون سنة. والصحيح قول من قال: إنه توفي سنة ثمان وستين. والله أعلم.
ولما دفن قال محمد بن الحنفية: مات والله اليوم حبر الأمة.
قال الزبير: ويقال: قالت أم الفضل وهي ترقص عبد الله بن عباس:
ثكلت نفسي وثكلت بكري ... إن لم يسد فهراً وغير فهر
بحسب زاك وبذل الوفر
▲ (-1) ▼
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#b242dd
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم أبو العباس الهاشمي له صحبة روى عنه عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو الطفيل عامر بن واثلة وثعلبة بن الحكم وأبو أمامة بن سهل
ابن حنيف سمعت أبي يقول بعض ذلك وبعضه من قبلي.
ثنا عبد الرحمن نا أبو بجير المحاربي والأحمسي قالا نا أبو أسامة عن الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه.
▲ (-1) ▼
Al-Bukhārī (d. 870 CE) - al-Tārikh al-kabīr البخاري - التاريخ الكبير
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#82a282
عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب أَبُو الْعَبَّاس الْهَاشمي.

قَالَ الْحَسَن عَنْ (3) ضمرة: مات سنة سبعين وهو بالطائف، وَقَالَ أَبُو نعيم: مات سنة ثمان وستين [و (4) ] قال يَحْيَى بْن يوسف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عياش عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدنا أكثر أحاديث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد هذا الحي من الأنصار أن كنت لآتي الرجل منهم فيقَالَ انه نائم فأدعه ولو شئت لايقظته
يستطيب حديثه (1) .
(2) أَحْمَد بْن يونس قَالَ (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ (3) عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني الْمُفَصَّلَ.
وَقَالَ عُمَر بْن حفص بْن غياث حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأعمش حَدَّثَنَا مُسْلِم (4) عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عبد الله رضي الله عَنْهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ (5) رَجُلٌ مِنَّا (5) .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ لَيْثٍ قَالَ قِيلَ لِطَاوُسٍ تَرَكْتَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتَهَيْتَ إِلَى قَوْلِ غُلامٍ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا تدارءوا في شئ انَتْهَوا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ (6) ابْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ (6) حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أبو اسحاق
سَمِعَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْرٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عن ابن عباس رضي الله عَنْهُمَا: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَقْرَأُ الْمُحْكَمَ [مِنَ الْقُرْآنِ (2) ] ، قِيلَ وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَا مَخْتُونٌ.
▲ (-1) ▼
Ibn al-Athīr (d. 1233 CE) - Usd al-ghāba fī maʿrifat al-ṣaḥāba ابن الأثير - أسد الغابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#b35d1e
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، أَبُو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ الهاشمي ابْنُ عم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كني بابنه الْعَبَّاس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بِنْت الحارث بْن حزن الهلالية، وهو ابْنُ خالة خَالِد بْن الوليد.
وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة، ولد والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بالشعب من مكَّة، فأُتي بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحنكه بريقه، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل غير ذَلِكَ، ورأى جبريل عند النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(781) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ "
(782) قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ "
(783) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، أَخْبَرَنَا الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلائِكَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرِّسَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ "
(784) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الْبَهَاءِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الزَّرَّادُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَاءَتْهُ الأَقْضِيَةُ الْمُعْضِلَةُ، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّهَا قَدْ طَرَّتْ لَنَا أَقْضِيَةٌ وَعُضِلَ، فَأَنْتَ لَهَا وَلأَمْثَالِهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَمَا كَانَ يَدْعُو لِذَلِكَ أَحَدًا سِوَاهُ "
عبيد اللَّه: وعمر عُمَر، يعني: فِي حذقه واجتهاده لله وللمسلمين.
وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة: كَانَ ابْنُ عَبَّاس قَدْ فات النَّاس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إِلَيْه من رأيه، وحلم، ونسب، ونائل، وما رَأَيْت أحدًا كَانَ أعلم بما سبقه من حديث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، ولا بقضاء أَبِي بَكْر، وعمر، وعثمان مِنْهُ، ولا أفقه فِي رأي مِنْهُ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن، ولا بحساب ولا بفريضة مِنْهُ، ولا أثقب رأيًا فيما احتيج إِلَيْه مِنْهُ، ولقد كَانَ يجلس يومًا ولا يذكر فِيهِ إلا الفقه، ويومًا التأويل، ويومًا المغازي، ويومًا الشعر، ويومًا أيام العرب، ولا رَأَيْت عالمًا قط جلس إِلَيْه إلا خضع لَهُ، وما رَأَيْت سائلًا قط سأله إلا وجد عنده علمًا.
وقَالَ ليث بْن أَبِي سليم: قلت لطاوس: لزمت هَذَا الغلام، يعني ابْنَ عَبَّاس، وتركت الأكابر من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: إني رَأَيْت سبعين رجلًا من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تدارءُوا فِي أمر صاروا إلى قول ابْنِ عَبَّاس.
وقَالَ المعتمر بْن سُلَيْمَان، عن شُعَيْب بْن درهم، قَالَ: كَانَ هَذَا المكان، وأُومأ إلى مجرى الدموع من خدية، من خدي ابْنِ عَبَّاس مثل الشراك البالي، من كثرة البكاء.
واستعمله عليّ بْن أَبِي طَالِب عَلَى البصرة، فبقي عليها أميرًا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مَعَ عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.
وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عُمَر، وأنس بْن مَالِك، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وكريب، وأبو معبد نافذ، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وابن أَبِي مليكة، وعمرو بْن دينار، وعبيد بْن عمير، وسعيد بْن المسيب، والقاسم بْن مُحَمَّد، وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عتبة، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن، وأبو الزُّبَيْر، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وأبو الضحى، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.
(785) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ ُ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، الْمَعْنَى وَاحِدٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا غُلامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن عطية بْنِ سعد بْن جنادة العوفي القاضي، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، قَالَ: " لما وقعت الفتنة بين عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، وعبد الملك بْن مروان، ارتحل عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، ومحمد بْن الحنفية، بأولادهما، ونسائهما، حتَّى نزلوا مكَّة، فبعث عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إليهما: تبايعان؟ فأبيا، وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لَكَ ولا لغيرك، فأبى وألحّ عليهما إلحاحًا شديدًا، فَقَالَ لهما فيما يَقُولُ: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار، فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة، وقالا: إنا لا نأمن هَذَا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكَّة، فكبروا تكبيرة سمعها أهل مكَّة، وابن الزُّبَيْر، فانطلق هاربًا حتَّى دخل دار الندوة، وَيُقَال: تعلق بأستار الكعبة، وقَالَ: أَنَا عائذ بالبيت، قَالَ: ثُمَّ ملنا إلى ابْنِ عَبَّاس، وابن الحنفية وأصحابهما، وهم فِي دور قريب من المسجد، قَدْ جمع الحطب، فأحاط بهم حتَّى بلغ رءوس الجدر، لو أن نارًا تقع فِيهِ ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عَبَّاس: ذرنا نريح النَّاس مِنْهُ، فَقَالَ: لا، هَذَا بلد حرام، حرمه اللَّه، ما أحله عَزَّ وَجَلَّ لأحد إلا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة، فامنعونا وأجيزونا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا ينادي فِي الخيل: غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هَذِهِ السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا، فخرجوا بهم حتَّى أنزلوهم مني، فأقاموا ما شاء اللَّه، ثُمَّ خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس، فبينا نَحْنُ عنده إذ قَالَ فِي مرضه: إني أموت فِي خير عصابة عَلَى وجه الأرض، أحبهم إلى اللَّه، وأكرمهم عَلَيْهِ، وأقربهم إلى اللَّه زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هُمْ، فما لبث إلا ثماني ليال بعد هَذَا القول حتَّى توفي رَضِي اللَّه عَنْهُ، فصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن الحنفية، فأقبل طائر أبيض، فدخل فِي أكفانه، فما خرج منها حتَّى دفن معه، فلما سوي عَلَيْهِ التراب، قَالَ ابْنُ الحنفية: مات والله اليوم حبر هَذِهِ الأمة ".
وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وتوفي سنة ثمان وستين بالطائف، وهو ابْنُ سبعين سنة، وقيل: إحدى وسبعين سنة، وقيل: مات سنة سبعين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهذا القول غريب.
وكان يُصَفّر لحيته، وقيل: كَانَ يخضب بالحناء، وكان جميلًا أبيض طويلًا، مشربًا صفرة، جسيمًا، وسيمًا، صبيح الوجه، فصيحًا.
وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
إن يأخذ اللَّه من عيني نورهما ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
أَخْرَجَهُ الثلاثة.
▲ (-2) ▼
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) – Mashāhīr ʿulamāʾ al-amṣār - ابن حبان مشاهير علماء الأمصار
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=77996&book=5516#a0586c
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب كنيته أبو عباس ولد قبل الهجرة يعنى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ومات بالطائف سنة ثمان وستين وقد قيل سنة سبعين وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعا وقبره بالطائف مشهور يزار

عبد الله بن عثمان ابو بكر الصديق

Details of عبد الله بن عثمان ابو بكر الصديق (hadith transmitter) in 4 biographical dictionaries by the authors Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī , Al-Baghawī , Ibn al-Athīr , and 1 more
▲ (5) ▼
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86329&book=5559#fd6623
عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعثمان يكنى بأبي قحافة وهو عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي روى عنه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله ابن عمر وحذيفة بن اليماني وعبد الله بن عمرو [بن العاص - ] وزيد ابن أرقم والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعقبة بن عامر وأبو برزة وأبو أمامة الباهلي ومعقل بن يسار وعمرو بن حريث.
▲ (4) ▼
Al-Baghawī (d. 1122 CE) - Muʿjam al-Ṣaḥāba البغوي - معجم الصحابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86329&book=5559#3267ab
عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق رضي الله عنه
- حدثنا محمد بن عبد الرحمن المقرىء نا سفيان بن عيينة عن عتبة قال: حدثني من سمع ابن الزبير يقول: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان.
أخبرت أن عتبة الذي روى هذا الحديث يقال له: عتبة اللقاط روى هذا الحديث عنه مسعر.

- حدثني به أبو بكر بن زنجويه نا الحميدي عن سفيان عن
مسعر عن عتبة قال سفيان: وقد سمعته من عتبة ولكنه عن مسعر أنفق.
حدثني سعيد//// بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن ابن إسحاق ح
وحدثني هارون بن موسى الفروي نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري قال فيمن شهد بدرا في حديث ابن إسحاق: عتيق.
وفي حديث الزهري: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بلغني وأم أبي بكر: أم الخير سلمى بنت صخر بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وقال مصعب الزبيري: سمي أبو بكر عتيقا لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به. قال: ويقال: كان له أخوان يقال لهما: عتيقا وعتيق فسمي بأحدهما رضوان الله عليه.

- حدثنا عبد الله بن سعد الكندي نا عقبة بن خالد عن شعبة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال أبو بكر: ألست أحق الناس بها، ألست أول من أسلم ألست صاحب كذا الست
[صاحب] كذا.

- حدثني سريج بن يونس نا يوسف بن الماجشون قال: أدركت مشيختنا منهم: محمد بن المنكدر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وصالح بن كيسان وعثمان وعمار بن محمد [لا] يشكون [أن أول القوم إسلاما] أبو بكر.
- حدثنا محمد بن عباد المكي نا سفيان وسئل: من أكبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: حسبت ابن جدعان أظنه عن أنس قال: أبو بكر وسهيل بن [بيضاء].

- حدثني أحمد بن منصور نا أبو صالح الحراني نا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر من أبي بكر بسنتين وشيء.

- حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة عن حميد عن أنس: أن أبا بكر كان يخضب بالحناء والكتم.

- حدثنا أبو خيثمة نا جرير عن حصين عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت أبا بكر كأن رأسه ولحيته ضرام عرفج.
- حدثنا عبد الله بن عمر نا وكيع عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن أبي جعفر الأنصاري قال: رأيت أبا بكر في غزوة السلاسل كأن رأسه ولحيته جمر الغضا.

- حدثني زهير بن محمد قال: أخبرني صدقة بن سابق نا محمد بن إسحاق قال: آخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فكان أبو بكر الصديق وخارجة بن زيد بن أبي زهير أحد بني الحارث بن الخزرج أخوين.

- حدثني محمد بن إسحاق نا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف قال: كنا عند شفي الأصبحي فقال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يكون خلفي اثنا عشر خليفة أبو بكر لا يلبث إلا قليلا.

- حدثني جدي رحمه الله نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة نا
نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قيل لأبي بكر يا خليفة الله، فقال: ////أخبرنا خليفة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا أرضى بذلك يعني وكره أن يقال: خليفة الله.

- حدثني أبو خيثمة نا يحيى بن سليم الطائفي نا جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: ولينا أبو بكر رحمه الله وارحمه بنا وأحناه علينا.

- حدثنا داود بن عمر الضبي نا عبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة: دعاني أبي - يعني في مرضه - فقال: يا بنية إني كنت أعز قريش وأكثرهم مالا، فلما شغلتني الإمارة رأيت أن أصيب من المال فأصبت هذه العباءة القطوانية و [لقحة] وعبدا فإذا مت فأسرعي به إلى ابن الخطاب يا بنيتي ثيابي ثيابي هذه كفنيني فيها قالت: فبكيت وقلت: يا أبت نحن أيسر من ذلك فقال: غفر الله لك وهل ذلك إلا للمهل، قالت: فلما مات بعثت بذلك إلى ابن الخطاب،
فقال: يرحم الله أباك لقد أحب أن لا يترك لقائل مقالا.

- حدثنا محمد بن بكار نا أبو معشر عن زيد بن أسلم عن أبيه وعن عمر - مولى غفرة - وعن محمد بن مريفع قالوا: توفي أبو بكر لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة.

- حدثني أبو بكر بن زنجويه نا الفريابي نا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: توفي أبو بكر يوم الاثنين عشية.
حدثني أبو بكر بن زنجويه ثني صالح قال: حدثني الليث قال: توفي أبو بكر لليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة.
حدثنا علي بن مسلم نا زياد البكائي عن محمد بن إسحاق قال: كانت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يوما توفي في حمادى الأولى.
- حدثنا أبو خيثمة وهارون بن عبد الله وغيرهما قالوا: نا حبان بن هلال ح
ونا أبو بكر بن أبي شيبة وهارون وابن زنجويه وغيرهم قالوا: نا عفان قالا: نا همام نا ثابت نا أنس بن مالك: أن أبا بكر حدثه قال: نظرت على أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت: يا رسول الله لو أن أحدا نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال: " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
وهذا لفظ حديث أبي خيثمة عن حبان.
أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي
رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته توفي سنة أربع من الهجرة بالمدينة.
حدثني عمي عن أبي عبيد: اسم أبي سلمة: عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
حدثني هارون بن موسى الفروي نا محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن الزهري في مهاجرة الحبشة وفيمن هاجر إلى المدينة وفيمن شهد بدرا: أبو سلمة بن عبد الأسد امرأته أم سلمة بنت أبي أمية ولدت له بأرض الحبشة عمر بن أبي سلمة.////.
- حدثنا منصور بن أبي مزاحم نا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى أبا سلمة يعوده وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من هاجر بظعينة إلى أرض الحبشة ثم إلى المدينة بعد.

- حدثنا أبو خيثمة نا يعقوب بن إبراهيم نا ابن أخي ابن شهاب عن عمته قال: أخبرني عروة بن الزبير قال: إن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أخبرتها قالت: قلت: يا رسول الله إنا لنتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ابنة أم سلمة؟! " قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأيم الله لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن ".
- حدثنا هدبة بن خالد نا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال: حدثني ابن أم سلمة: أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أحب إلي من كذا وكذا لا أدري ما أعدل به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تصيب أحدا مصيبة فيسترجع عند ذلك ثم يقول: اللهم عندك احتسب مصيبتي هذه اللهم اخلفني فيها بخير منها إلا أعطاه الله " قالت أم سلمة: فلما أصيب أبو سلمة قلت: اللهم عندك احتسبت مصيبتي هذه ولم تطب نفسي أن أقول: اللهم اخلفني منها بخير منها ثم قالت: من خير من أبي سلمة أليس؟ أليس؟ ثم قالت ذلك فلما انقضت عدتها أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لابنها: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه.
- حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي نا عجلان بن عبد الله من بني عدي عن مالك بن دينار عن أنس: أن أبا سلمة لما ثقل قالت أم سلمة: إلى من تكلني؟ قال أبو سلمة: إلى الله، اللهم أبدل أم سلمة بخير من أبي سلمة.

- حدثني جدي نا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال: حدثني ابن عمر بن أبي سلمة بمني عن أبيه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصابته مصيبة ... " فذكر الحديث.
وزاد فيه ابن عمر: ابن أبي سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عن أبي سلمة.
قال أبو بكر بن زنجويه: توفي أبو سلمة واسمه: عبد الله بن عبد الأسد في سنة أربع من الهجرة بعد منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد انتقض به جرح أصابه بأحد فمات فشهده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
▲ (2) ▼
Ibn al-Athīr (d. 1233 CE) - Usd al-ghāba fī maʿrifat al-ṣaḥāba ابن الأثير - أسد الغابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86329&book=5559#0e084e
عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق
ب د ع: عَبْد اللَّه بْن عثمان بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة بْن كعب بْن لؤي الْقُرَشِيّ التيمي، أَبُو بَكْر الصديق بْن أَبِي قُحافة، واسم أَبِي قحافة: عثمان وأمه أم الخير سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، وهي ابْنَة عم أَبِي قحافة، وقيل اسمها: ليلى بِنْت صخر بْن عَامِر، قاله مُحَمَّد بْن سعد، وقَالَ غيره: اسمها سلمى بِنْت صخر بْن عَامِر بْن عَمْرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم، وهذا ليس بشيء، فإنها تكون ابْنَة أخيه، ولم تكن العرب تنكح بنات الإخوة، والأول أصح، وهو صاحبُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغار وفي الهجرة، والخليفة بعده.
روى عن: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ: عُمَر، وعثمان، وعلي، وعبد الرَّحْمَن بْن عوف، وابن مَسْعُود، وابن عُمَر، وابن عَبَّاس، وحذيفة، وزيد بْن ثابت، وغيرهم.
وَقَدْ اختلف فِي اسمه، فقيل: كَانَ عَبْد الكعبة، فسماه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّه، وقيل: إن أهله سموه عَبْد اللَّه، وَيُقَالُ لَهُ: عتيق أيضًا، واختلفوا فِي السبب الَّذِي قيل لَهُ لأجله عتيق، فَقَالَ بعضهم، قيل لَهُ: عتيق لحسن وجهه وجماله، قاله الليث بْن سعد وجماعة معه، وقَالَ الزُّبَيْر بْن بكار، وجماعة معه، إنَّما قيل لَهُ: عتيق لأنَّه لم يكن فِي نسبه شيء يعاب بِهِ، وقيل: إنَّما سمي عتيقًا، لأن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " أنت عتيق اللَّه من النار ".

(792) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الْفَقِيهُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: " أَنْتَ عَتِيقٌ مِنَ النَّارِ "، فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ عَتِيقًا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْنٍ، وَقَالَ: مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ
(793) وَقِيلَ لَهُ: الصِّدِّيقُ أَيْضًا، لِمَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ، إِذْنًا، أَنْبَأَنَا أَبِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمُطَرِّزُ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، أَصْبَحَ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ النَّاسَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ وَصَدَّقَ بِهِ وَفُتِنُوا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي لأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ غَدْوَةً أَوْ رَوْحَةً، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ " وقَالَ أَبُو محجن الثقفي:
وسميت صديقًا وكل مهاجر سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت إلى الْإِسْلَام والله شاهد وكنت جليسًا فِي العريش المشهر
[إسلامه]
كَانَ أَبُو بَكْر رَضِي اللَّه عَنْهُ، من رؤساء قريش فِي الجاهلية، محببًا فيهم، مألفًا لهم، وكان إِلَيْه الأشناق فِي الجاهلية، والأشناق: الديات، وكان إِذَا حمل شيئًا صدقته قريش وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
فلما جاء الْإِسْلَام سبق إِلَيْه، وأسلم عَلَى يده جماعة لمحبتهم لَهُ، وميلهم إِلَيْه، حتَّى إنه أسلم عَلَى يده خمسة من العشرة، وَقَدْ ذكرناه عند أسمائهم، وَقَدْ ذهب جماعة من العلماء إلى أَنَّهُ أول من أسلم، منهم ابْنُ عَبَّاس، من رواية الشَّعْبِيّ، عَنْهُ، وقَالَ حسان بْن ثابت فِي شعره، وعمرو بْن عبسة، وإبراهيم النخعي، وغيرهم.
(794) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ السَّمِينِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الإِسْلامِ إِلا كَانَتْ لَهُ عَنْهُ كَبْوَةٌ، وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ، إِلا أَبَا بَكْرٍ مَا عَتَمَ حِينَ ذَكَرْتُهُ لَهُ، مَا تَرَدَّدَ فِيهِ "
(795) أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، كِتَابَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَيَانٍ، قَالَ عَلِيٌّ: ثُمَّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الصَّوَّافِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا خَلَفٌ الْعُرْفُطِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ، مِنْ وَلَدِ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنِ ابْنِ دَابٍ، يَعْنِي عِيسَى بْنَ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ " كُنْتُ جَالِسًا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَاعِدًا، فَمَرَّ بِهِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، قَالَ: هَلْ وَجَدْتَ؟ قَالَ: لا، وَلَمْ آلُ مِنْ طَلَبٍ، فَقَالَ:
كُلُّ دِينٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مَا قَضَى اللَّهُ وَالْحَنِيفَةُ بُورُ
أما إن هَذَا النَّبِيّ الَّذِي ينتظر منا، أَوْ منكم، أَوْ من أهل فلسطين، قَالَ: ولم أكن سَمِعْتُ قبل ذَلِكَ بنبي ينتظر، أَوْ يبعث، قَالَ: فخرجت أريد ورقة بْن نوفل، وكان كَثِير النظر فِي السماء، كَثِير همهمة الصدر، قَالَ: فاستوقفته، ثُمَّ اقتصصت عَلَيْهِ الحديث، فَقَالَ: نعم يا ابْنَ أخي، أَبَى أهل الكتاب والعلماء إلا أن هَذَا النَّبِيّ الَّذِي ينتظر من أوسط العرب نسبًا، ولي علم بالنسب، وقومك أوسط العرب نسبًا، قَالَ: قلت: يا عم، وما يَقُولُ النَّبِيّ؟ قلت: يَقُولُ ما قيل لَهُ، إلا أَنَّهُ لا ظلم ولا تظالم، فلما بعث النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمنت وصدقت "
(796) وَأَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْغَازِي النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْقَزْوِينِيُّ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ التِّكَكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مِنْ وَلَدِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: إِنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ عَلَى شَيْخٍ مِنَ الأَزْدِ عَالِمٍ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ، وَعَلِمَ مِنْ عِلْمِ النَّاسِ كَثِيرًا، فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: أَحْسَبُكَ حَرَمِيًا؟ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ، قَالَ: وَأَحْسَبُكَ قُرَشِيًّا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: وَأَحْسَبُكَ تَيْمِيًّا، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا مِنْ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: بَقِيَتْ لِي فِيكَ وَاحِدَةٌ، قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: تَكْشِفُ عَنْ بَطْنِكَ، قُلْتُ: لا أَفْعَلُ أَوْ تُخْبِرُنِي لِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَجِدُ فِي الْعِلْمِ الصَّحِيحِ الصَّادِقِ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ فِي الْحَرَمِ، يُعَاوِنُ عَلَى أَمْرِهِ فَتًى وَكَهْلٌ، فَأَمَّا الْفَتَى فَخَوَّاضُ غَمَرَاتٍ وَدَفَّاعُ مُعْضِلاتٍ، وَأَمَّا الْكَهْلُ فَأَبْيَضُ نَحِيفٌ، عَلَى بَطْنِهِ شَامَةٌ، وَعَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى عَلامَةٌ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ تُرِيَنِي مَا سَأَلْتُكَ، فَقَدْ تَكَامَلَتْ لِي فِيكَ الصِّفَةُ إِلا مَا خَفِيَ عَلَيَّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَشَفْتُ لَهُ عَنْ بَطْنِي، فَرَأَى شَامَةً سَوْدَاءَ فَوْقَ سُرَّتِي، فَقَالَ: أَنْتَ هُوَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ إِلَيْكَ فِي أَمْرٍ فَاحْذَرْهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِيَّاكَ وَالْمَيْلَ عَنِ الْهُدَى، وَتَمَسَّكْ بِالطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى الْوُسْطَى، وَخَفِ اللَّهَ فِيمَا خَوَّلَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَضَيْتُ بِالْيَمَنِ أُرَبِّي، ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّيْخَ لأُوَدِّعَهُ، فَقَالَ: أَحَامِلٌ عَنِّي أَبْيَاتًا مِنَ الشِّعْرِ قُلْتُهَا فِي ذَلِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَعَمْ، فَذَكَرَ أَبْيَاتًا،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ، وَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَنِي عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَشَيْبَةُ، وَرَبِيعَةُ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَصَنَادِيدُ قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَلْ نَابَتْكُمْ نَائِبَةٌ، أَوْ ظَهَرَ فِيكُمْ أَمْرٌ؟ قَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَعْظَمُ الْخَطْبِ: يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَوْلا أَنْتَ مَا انْتَظَرْنَا بِهِ، فَإِذْ قَدْ جِئْتَ، فَأَنْتَ الْغَايَةُ وَالْكِفَايَةُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَصَرَفْتُهُمْ عَلَى أَحْسَنِ مَسٍّ، وَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: فِي مَنْزِلِ خَدِيجَةَ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَخَرَجَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَدْتَ مِنْ مَنَازِلِ أَهْلِكَ، وَتَرَكْتَ دِينَ آبَائِكَ وَأَجْدَادِكَ؟ قَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ وَإِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ، فَآمِنْ بِاللَّهِ "، فَقُلْتُ: مَا دَلِيلُكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: " الشَّيْخُ الَّذِي لَقِيتُ بِالْيَمَنِ "، قُلْتُ: وَكَمْ مِنْ شَيْخٍ لَقِيتَ بِالْيَمَنِ؟ قَالَ: " الشَّيْخُ الَّذِي أَفَادَكَ الأَبْيَاتَ "، قُلْتُ: وَمَنْ خَبَّرَكَ بِهَذَا يَا حَبِيبِي؟ قَالَ: " الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ الَّذِي يَأْتِي الأَنْبِيَاءَ قَبْلِي "، قُلْتُ: مُدَّ يَدَكَ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّه،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَانْصَرَفْتُ وَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَشَدَّ سُرُورًا مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلامِي
(797) أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ الْبَنَّاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ الْمُجَدَّرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مَنْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ: " أَبُو بَكْرٍ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ حَسَّانٍ:
إِذَا تَذَكَّرْتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ فَاذْكُرْ أَخَاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلا
خَيْرَ الْبَرِيَّةِ أَتْقَاهَا وَأَعْدَلَهَا بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَوْفَاهَا بِمَا حَمَلا
وَالثَّانِيَ التَّالِيَ الْمَحْمُودَ مَشْهَدُهُ وَأَوَّلَ النَّاسِ مِنْهُمْ صَدَّقَ الرُّسُلا "

(798) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ، إِجَازَةً بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلامٍ الْحَبَشِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ عَنْبَسَةَ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: أُلْقِيَ فِي رَوْعِي أَنَّ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ بَاطِلٌ، فَسَمِعَنِي رَجُلٌ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَقُولُ كَمَا تَقُولُ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ مُخْتَفٍ لا أَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا بِاللَّيْلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُمْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَمَا عَلِمْتُ إِلا بِصَوْتِهِ يُهَلِّلُ اللَّهَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: " رَسُولُ اللَّهِ "، فَقُلْتُ: وَبِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: " أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، وَتُحْقَنُ الدِّمَاءُ، وَتُوصَلُ الأَرْحَامُ "، قَالَ: قُلْتُ: وَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: " حُرٌّ، وَعَبْدٌ "، فَقُلْتُ: أَبْسِطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ، فَلَقْد رَأَيْتُنِي وَإِنِّي رَابِعُ الإِسْلامِ
(799) وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى السُّلَمِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ " أَلَسْتَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا؟ يَعْنِيَ الْخِلافَةَ، أَلَسْتَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟ أَلَسْتَ صَاحِبَ كَذَا؟ أَلَسْتَ صَاحِبَ كَذَا "؟ ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[هجرته مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
هاجر أَبُو بَكْر الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه فِي الغار لما سارا مهاجرين، وآنسه فِيهِ، ووقاه بنفسه، قَالَ بعض العلماء: لو قَالَ قائل: إن جميع الصحابة، ما عدا أبا بَكْر ليست، لَهُ صحبة لم يكفر، ولو قَالَ: إن أبا بَكْر لم يكن صاحب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفر، فإن القرآن العزيز قَدْ نطق أَنَّهُ صاحبه.
(800) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ يَنْتَظِرُ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَجَاءَ جِبْرِيلُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ، فَمَكَرَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ أَنْ لا يَبِيتَ مَكَانَهُ فَفَعَلَ، وَخَرَجَ عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ، وَمَعَهُ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ، فَجَعَلَ يَنْثُرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَأَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ،

وَكَانَ مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَقَبَةِ بِشَهْرَيْنِ، وَأَيَّامَ بُويِعَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَخَرَجَ لِهِلالِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْخُرُوجِ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَعْجَلْ، لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَكَ صَاحِبًا "، فَلَمَّا كَانَتِ الْهِجْرَةُ جَاءَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَأَيْقَظَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ "، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَقْد رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكَي مِنَ الْفَرَحِ، ثُمَّ خَرَجَا حَتَّى دَخَلَ الْغَارَ، فَأَقَامَا فِيهِ ثَلاثًا
(801) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْغَارِ، وَقَالَ مَرَّةً: وَنَحْنُ فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى تَحْتِ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا! قَالَ، فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا "
(802) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن خَيْثَمَةُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْرَفَ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَكَانَ الرَّجُلُ لا يَزَالُ قَدْ عَرَفَ أَبَا بَكْرٍ مَعَهُ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَيُقوُل: هَذَا يَهْدِينِي السَّبِيلَ "
(803) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَدْرَانَ الْحُلْوَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ عَازِبٍ سَرْجًا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى مَنْزِلِي، فَقَالَ: لا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ حَيْثُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتَ مَعَهُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " خَرَجْنَا فَأَدْلَجْنَا فَأَحْيَيْنَا يَوْمَنَا وَلَيْلَتَنَا، حَتَّى أَظْهَرْنَا وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَضَرَبْتُ بِبَصَرِي: هَلْ أَرَى ظِلا نَأْوِي إِلَيْه؟ فَإِذَا أَنَا بِصَخْرَةٍ، فَأَهْوَيْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلِّهَا، فَسَوَّيْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَشْتُ لَهُ فَرْوَةً، وَقُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّه فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَنْظُرُ هَلْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الطَّلَبِ؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقِلْ شَاةً مِنْهَا، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفِّضْ ضَرْعَهَا، ثُمَّ أَمَرْتُهُ فَنَفِّضْ كَفَّيْهِ مِنَ الْغُبَّارِ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنَ اللَّبَنِ، فَصَبَبْتُ عَلَى الْقَدَحِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ آنَ الرَّحِيلُ؟ قَالَ: فَارْتَحَلْنَا، وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا؟ قَالَ: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَّا، فَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَدْرُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ، أَوْ قَالَ: رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا وَبَكَيْتُ، قَالَ: لِمَ تَبْكِي؟، قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَيْكَ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ، فَسَاخَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا فِي أَرْضٍ صَلْدٍ، وَوَثَبَ عَنْهَا، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغَنَمِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، قَالَ: وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْلَقَ وَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى الأَجَاجِيرِ، وَاشْتَدَّ الْخَدَمُ وَالصِّبْيَانُ فِي الطَّرِيقِ، يَقُولُونَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، جَاءَ رَسُولُ اللَّه، جَاءَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَتَنَازَعَ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ: وَقَالَ الْبَرَاءُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، أَخُو بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، فَقُلْنَا: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هُوَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، قَالَ الْبَرَاءُ: وَلَمْ يَقْدَمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ، قَالَ إِسْرَائِيلُ: وَكَانَ الْبَرَاءُ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ
(804) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ الْبَغَّداِدُّي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرٌ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: " أَنْتَ أَخِي، وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ "
[شهوده بدرًا وغيرها]
(805) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الْحُسَيْنِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَسْدِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُبَلِّيُّ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ، أَخْبَرَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ، وَمَعَ الآخَرِ مِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، مَلِكٌ عَظِيمٌ، يَشْهَدُ الْقِتَالَ، وَيَكُونُ فِي الصَّفِّ "
(806) أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ السَّمِينِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا، فَتَكُونُ فِيهِ وَنُنِيخُ إِلَيْكَ رَكَائِبَكَ، وَنَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِنْ أَظْفَرَنَا اللَّهُ وَأَعَزَّنَا، فَذَاكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى تَجْلِسْ عَلَى رَكَائِبِكَ، فَتَلْحَقْ بِمَنْ وَرَاءَنَا؟ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ، فَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرِيشٌ، فَكَانَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، مَا مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُ رَبَّهُ وَعْدَهُ وَنَصْرَهُ، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلَكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ لا تُعْبَدْ "، وَأَبُو بَكْرٍ، يَقُولُ: بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّكَ، فَإِنَّ اللَّهَ مُوَفِّيكَ مَا وَعَدَ مِنْ نَصْرِهِ
وقَالَ مُحَمَّد بْن سعد: قَالُوا: وشهد أَبُو بَكْر بدرًا، وأحدًا، والخندق، والحديبية والمشاهد كلها مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاَيْته العظمى يَوْم تبوك إِلَى أَبِي بَكْر، وكانت سوداء، وأطعمه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خيبر مائة وسق، وكان فيمن ثبت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم أحد، ويوم حنين حين ولى النَّاس،

ولم يختلف أهل السير فِي أن أبا بَكْر الصديق رَضِي اللَّه عَنْهُ، لم يتخلف عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مشهد من مشاهده كلها.
[فضائله رَضِي اللَّه عَنْهُ]
(807) أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُتَوَفَّى بِيَوْمٍ: " قَدْ كَانَ لِي فِيكُمْ أُخْوَةٌ وَأَصْدِقَاءُ، وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ أَكُونَ اتَّخَذْتُ مِنْكُمْ خَلِيلا، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا، وَإِنَّ رَبِّي اتَّخَذَنِي خَلِيلا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلا "
(808) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ التَّنُوخِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَضَّاحِ الْحُرْفِيُّ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابُلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ مَنْكِبَهُ فَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " يَا قَوْمُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}
الحرفي: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء، وبالفاء
(809) أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُسْلِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ السِّيحِيُّ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَمِيسٍ الْجُهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ طَوْقٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ الْمَرْجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةً، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ "
(810) أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ بْنِ طَبَرْزَدَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُخَيْتٍ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَلَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَعْدَانَ الْكَرَابِيسِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ رُوَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: قُلْ لِعَتِيقِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ: إِنَّهُ عَنْهُ رَاضٍ
(811) قال: وأَخْبَرَنَا ابْنُ بخيت، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن كَثِير بْن وقدان، حَدَّثَنَا سوار بْن عَبْد اللَّه العنبري، قَالَ: قَالَ ابْنُ عيينة عاتب اللَّه سبحانه المسلمين كلهم فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أبا بَكْر، فإنه خرج من المعاتبة: {إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}
(812) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الطّراحِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حُبَابَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَهْمِ الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِي وَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ، وَوَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ "، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: " إِنَّ أَهْلَ عِلِّييَن لَيَرَاهُمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُمْ كَمَا تَرَوْنَ النُّجُومَ، أَوِ الْكَوَكْبَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا "، قُلْتُ لأَبِي سَعِيدٍ: وَمَا أَنْعَمَا؟ قَالَ: أَهْلُ ذَاكَ هُمَا
وأسلم عَلَى يد أَبِي بَكْر: الزُّبَيْر، وعثمان، وعبد الرَّحْمَن بْن عوف، وطلحة، وأعتق سبعةً كانوا يعذبون فِي اللَّه تَعَالَى، منهم: بلال، وعامر بْنُ فهيرة، وغيرهما يذكرون فِي مواضعهم، وكان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِير الثقة إِلَيْه وبما عنده من الْإِيمَان واليقين، ولهذا لما قيل لَهُ: إن البقرة تكلمت، قَالَ: " آمنت بذلك أَنَا، وَأَبُو بَكْر، وعمر "، وما هُماَ فِي القوم.

(813) أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَرْكَبُ بَقَرَةً إِذْ قَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آمَنْتُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ "، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا فِي الْقَوْمِ
(814) أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ مُكَارِمِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْمُؤَدِّبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَنَسٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَوْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَابِرٍ زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَلَقْد أُعْطَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلاثَةَ خِصَالٍ، لأَنْ أَكُونَ أُعْطِيتُهُنَّ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ: زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَسَدَّ الأَبْوَابَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلا بَابَ عَلِيٍّ "
(815) أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الرَّجَاءِ الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ.
ح قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَقَالَ: " اثْبُتْ فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ "
(816) أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: " هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، إِلا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ "
(817) قال: وأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن خيثمة بْن سُلَيْمَان بْن حيدرة الأطرابلسي، حَدَّثَنَا يَحيى بْن أَبِي طَالِب، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن مَنْصُور، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المحاربي، عَنْ جويبر، عَنِ الضحاك فِي قولُه تَعَالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} " مَعَ أَبِي بَكْر وعمر
(818) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " يَا وَهْبُ، أَلا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا؟ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَرَجُلٌ آخَرُ "، وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذَا مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ
(819) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصٍّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْقَافْلانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " تَنَاوَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَرْضِ سَبْعَ حَصَيَاتٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ أَبَا بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ، كَمَا سَبَّحْنَ فِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ كَمَا سَبَّحْنَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُثْمَانَ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ كَمَا سَبَّحْنَ فِي يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ "
(820) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مَحْفُوظِ بْنِ صَصَرَى التَّغْلِبِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ حَيْدَرَةَ الْعَلَوِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسْدِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلانِسِيُّ، بِالرَّمْلَةِ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ مصححٍ، أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ صَائِمًا؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ شَهِدَ جِنَازَةً؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " مَنْ جَمَعَهُنَّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَجَبَتْ لَهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ "
(821) قَالَ: وَحَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: وَفَدَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلُوا الْمَدِينَةَ تَحَدَّثَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ ذَكَرُوا أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَفَضَّلَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَبَا بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ، وَفَضَّلَ بَعْضُ الْقَوْمِ عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ الْجَارُودُ بْنُ الْمُعَلَّى مِمَّنْ فَضَّلَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ، فَجَاءَ عُمَرُ، وَمَعَهُ دِرَّتُهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى الَّذِينَ فَضَّلُوهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُمْ بِالدِّرَّةِ، حَتَّى مَا يَتَّقِي أَحَدُهُمْ إِلا بِرِجْلِهِ، فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: أَفِقْ أَفِقْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ يَرَانَا نُفَضِّلُكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْكَ فِي كَذَا، وَأَفْضَلُ مِنْكَ فِي كَذَا، فَسُرِّيَ عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَشِيِّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَلا إِنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ بَعْدَ مُقَامِي هَذَا فَهُوَ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي "
(822) قَالَ: وَحَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلالِيِّ، قَالَ: وَافَقْنَا مِنْ عَلِيٍّ طِيبَ نَفْسٍ وَمُزَاحٍ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ: " كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي، قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: سَلُونِي، قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: ذَاكَ امْرُؤٌ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صِدِّيقًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ وَلِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّلاةِ، رَضِيَهُ لِدِينِنَا، فَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا "
[علمه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]
(823) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَاسِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ: مَنْ كَانَ يُفْتِي النَّاسَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، مَا أَعْلَمُ غَيْرَهُمَا "
(824) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رُشَيْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَقَالَ: " إِنَّ رَجُلا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ "، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَتَعَجَّبْنَا لِبُكَائِهِ، أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ قَدْ خُيِّرَ، وَكَانَ هُوَ الْمُخَيَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، فَقَالَ: " لا تَبْكِ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُهُ خَلِيلا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ، إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ "
[زهده وتواضعه وَإِنفاقه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]
(825) أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ خَلِيلُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ دُرُسْتُوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَسْلَمُ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: دَعَا أَبُو بَكْرٍ بِشَرَابٍ، فَأُتِيَ بِمَاءٍ وَعَسَلٍ، فَلَمَّا أَدْنَاهُ مِنْ فِيهِ نَحَّاهُ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَكَّى أَصْحَابُهُ، فَسَكَتُوا وَمَا سَكَتَ، ثُمَّ عَادَ فَبَكَى حتَّى ظَنُّوا أَنَّهُمْ لا يَقْوُونَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ شَيْئًا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مَعَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا الَّذِي تَدْفَعُ، وَلا أَرَى أَحَدًا مَعَكَ؟ قَالَ: " هَذِهِ الدُّنْيَا تَمَثَّلَتْ فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي، فَتَنَحَّتْ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ أَفْلَتَّ فَلَنْ يُفْلِتَ مَنْ بَعْدَكَ "، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ فَمَقَتُّ أَنْ تَلْحَقَنِيَ
(826) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو السّعُودِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمجْلِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعُكْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَلَفِ بْنِ خَاقَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا مُدِحَ، قَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ، وَلا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ "
(827) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّبَرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، سَمِعَ أَبَا السَّفَرِ، قَالَ: دَخَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَلا نَدْعُوا لَكَ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: " قَدْ نُظِرَ إِلَيَّ "، قَالُوا: مَا قَالَ لَكَ؟، قَالَ: " إِنِّي فَعَّالٌ لِمَا أُرِيدُ "
(828) أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو رُشَيْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدُوَيْهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ "، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: وَهَلْ أَنَا وَمَالِي إِلا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
(829) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} ...
إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بِنِصْفِ مَالِهِ يَحْمِلُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِمَالِهِ أَجْمَعَ يَكَادُ يُخْفِيهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَرَكْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قَالَ: عِدَّةُ اللَّهِ وَعِدَّةُ رَسُولِهِ، قَالَ: يَقُولُ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: بِنَفْسِي أَنْتَ وَبِأَهْلِي أَنْتَ، مَا اسْتَبَقْنَا بَابَ خَيْرٍ قَطُّ إِلا سَبَقْتَنَا إِلَيْهِ
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ، وَوَافَقَ ذَلِكَ مَالا عِنْدِي، فَقُلْتُ، الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ: " مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قُلْتُ: مِثْلُهُ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.
(830) أَخْبَرَنَا الْقَاسِم بْن عليّ بْن الْحَسَن الدمشقي، إجازة، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم بْن السَّمَرْقَنْدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن الطبري، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن بْن الفضل، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا يعقوب، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الحميدي، حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَنْ هشام بْن عروة، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أسلم أَبُو بَكْر، وله أربعون ألفًا، فأنفقها فِي اللَّه، وأعتق سبعة كلهم يعذب فِي اللَّه: أعتق بلالًا، وعامر بْن فهيرة، وزنيرة، والنهدية وابنتها، وجارية بني مؤمل، وأم عبيس زنيرة: بكسر الزاي، والنون المشددة، وبعدها ياء تحتها نقطتها، ثُمَّ راء وهاء، وعبيس: بضم العين المهملة، وفتح الباء الموحدة، والياء الساكنة تحتها نقطتان، وآخره سين مهملة.
(831) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاسِطِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَايِحِ بْنِ قوامَةَ، بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا جِبْرِيلُ بْنُ منجَاعٍ الْكُشَانِيُّ بِهَا، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَتَعَاهَدُ عَجُوزًا كَبِيرَةً عَمْيَاءَ، فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْمَدِينَةِ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَسْتَقِي لَهَا وَيَقُومُ بِأَمْرِهَا، فَكَانَ إِذَا جَاءَ وَجَدَ غَيْرَهُ قَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهَا، فَأَصْلَحَ مَا أَرَادَتْ، فَجَاءَهَا غَيْرَ مَرَّةٍ كَيْلا يُسْبَقَ إِلَيْهَا، فَرَصَدَهُ عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الَّذِي يَأْتِيهَا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ هُوَ لَعَمْرِي
(832) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ عَمَّتَهُ أُنَيْسَةَ، قَالَتْ: نَزَلَ فِينَا أَبُو بَكْرٍ ثَلاثَ سِنِينَ: سَنَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ، وَسَنَةً بَعْدَ مَا اسْتُخْلِفَ، فَكَانَ جَوَارِي الْحَيِّ يَأْتِينَهُ بِغَنَمِهِنَّ، فَيَحْلِبْهُنَّ لَهُنَّ

(833) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صبيحَةَ، عَنْ أَبِيهِ.
ح، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالسُّنُحِ عِنْدَ زَوْجَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ حَجْرَةٌ مِنْ شِعْرٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ هُنَاكَ بِالسُّنُحِ، بَعْدَمَا بُويِعَ لَهُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، يَغْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَيُوَافِي الْمَدِينَةَ فَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِالنَّاسِ، فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَكَانَ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ، فَلَمَّا بُويِعَ لَهُ بِالْخِلافَةِ، قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنَ الْحَيِّ: الآنَ لا يُحْلَبُ لَنَا مَنَائِحُنَا، فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: بَلَى، لَعَمْرِي لأَحْلِبَنَّهَا لَكُمْ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَحْلِبُ لَهُمْ، فَرُبَّمَا قَالَ لِلْجَارِيَةِ: أَتُحِبِّينَ أَنْ أُرْغِيَ لَكُمْ أَوْ أَنْ أُصَرِّحَ؟ فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ، وَرُبَّمَا، قَالَتْ: صَرِّحْ فَأَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ
وله فِي تواضعه أخبار كثيرة، نقتصر منها عَلَى هَذَا القدر
[خلافته]
(834) أَخْبَرَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَشَائِرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيلِ بْنِ فَارِسٍ الْقَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الْمِصِّيصِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَكْرَوَيْهِ الْبَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رَأَيْتُنِي عَلَى حَوْضٍ، فَوَرَدَتْ عَلَيَّ غَنَمٌ سُودٌ وَبِيضٌ، فَأَوَّلْتُ السُّودَ: الْعَجَمَ، وَالْعُفْرَ: الْعَرَبُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنِّي، فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ فَمَلأَ الْحَوْضَ وَأَرْوَى الْوَارِدَ "
(835) قَالَ: وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ "
(836) قال: وحَدَّثَنَا خيثمة، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن ملاعب الْبَغْدَادِيّ، أَخْبَرَنَا خلف بْن الْوَلِيد، أَخْبَرَنَا المبارك بْن فضالة، حَدَّثَني مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر، قَالَ: أرسلني عُمَر بْن عَبْد العزيز إِلَى الْحَسَن الْبَصْرِيّ أسأله عَنْ أشياء، فصعدت إِلَيْه، فإذا هُوَ متكئٌ عَلَى وسادة من أدم، فقلت: أرسلني إليك عُمَر أسألك عَنْ أشياء، فأجابني فيما سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وقلت: اشفني فيما اختلف النَّاس فِيهِ: هَلْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استخلف أبا بَكْر؟ فاستوى الْحَسَن قاعدًا، فَقَالَ: أَوْ فِي شك هُوَ لا أبا لَكَ؟ إي والله الَّذِي لا إله إلا هُوَ، لقد استخلفه، ولهو كَانَ أعلم بالله، وأتقى لَهُ، وأشد مخافة من أن يموت عليها لو لم يأمره
(837) أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي يَعْلَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دِينَارٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيُصَلِّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ "، قَالُوا: لَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ؟ قَالَ: " لا يَنْبَغِي لأُمَّتِي أَنْ يَؤُمَّهُمْ إِمَامٌ، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ "
(838) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمَا، بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي عِيسَى السُّلَمِيِّ، حَدَّثَنَا النَّصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ "
(839) قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ قَالَ: " إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ "

(840) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رُشَيْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَسْعُودٍ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَإِنِّي لَشَاهِدٌ غَيْرُ غَائِبٍ، وَإِنِّي لَصَحِيحٌ غَيْرُ مَرِيضٍ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُقَدِّمَنِي لَقَدَّمَنِي، فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِدِينِنَا "
(841) أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَعِيشُ بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْوَزِيرُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ نُبَيْطٍ يَعْنِيَ ابْنَ شُرَيْطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَال: " مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ "، قَالَ: ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ، فَقَالَ: " أُقِيمَتِ الصَّلاةُ؟ "، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ؟، قَالَ: " إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ " ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: " أُقِيمَتِ الصَّلاةُ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " ادْعُوا إِلَيَّ إِنْسَانًا أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ "، فَجَاءَتْ بُرَيْرَةُ، وَإِنْسَانٌ آخَرُ، فَانْطَلَقُوا يَمْشُونَ بِهِ، وَإِنَّ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، قَالَ: " فَأَجْلِسُوهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ، فَحَبَسَهُ حتَّى فَرَغَ النَّاسُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قَالَ: وَكَانُوا قَوْمًا أُمِّيِّينَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَهُ، قَالَ عُمَرُ: لا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِمَوْتِهِ إِلا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا، قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: اذْهَبْ إِلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَادْعُهُ، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَأَجْهَشْتُ أَبْكِي، قَالَ: لَعَلَّ نَبِيَّ اللَّهِ تُوُفِّيَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ، قَالَ: لا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ بِمَوْتِهِ إِلا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا! قَالَ: فَأَخَذَ بِسَاعِدِي ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي، حَتَّى دَخَلَ، فَأَوْسَعُوا لَهُ، فَأَكَبَّ عَلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ وَجْهُهُ يَمَسُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ نَفْسَهُ حَتَّى اسْتَبَانَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ، فَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَجِيءُ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَيُكَبِّرُونَ فَيَدْعُونَ وَيَذْهَبُونَ حَتَّى يَفْرَغَ النَّاسُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، هَلْ يُدْفَنُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: أَيْنَ يُدْفَنُ؟ قَالَ: حَيْثُ قَبَضَ اللَّهُ رُوحَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، إِلا فِي مَوْضِعٍ طَيِّبٍ، قَالَ: فَعَرَفُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ، ثُمَّ خَرَجَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْه الْمُهَاجِرُونَ أَوْ مَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْه مِنْهُمْ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِنَّ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَقِّ نَصِيبًا، قَالَ: فَذَهَبُوا حَتَّى أَتَوُا الأَنْصَارَ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ لَيَتَآمَرُونَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَامَ عُمَرُ وَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ إِذَنْ لا يَصْطَحِبَانِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَهُ هَذِهِ الثَّلاثَةُ: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} مَعَ مَنْ؟ فَبُسِطَ يَدُ أَبِي بَكْرٍ، فَضُرِبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: بَايِعُوا، فَبَايَعَ النَّاسُ أَحْسَنَ بَيْعَةً
(842) أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَبِي حَبَّةَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتِ الأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُم أَمِيرٌ، فَأَتَاهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ "؟ فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟، فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ
(843) أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا مشرفُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قال: كَانَ رُجُوعُ الأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بِكَلامٍ، قَالَهُ عُمَرُ، قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، " أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ "؟، قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُزِيلَهُ عَنْ مُقَامِهِ الَّذِي أَقَامَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: كُلُّنَا لا تَطِيبُ أَنْفُسُنَا، نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثَ عُمَرَ، فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ، تَرَكْنَاهُ لِطُولِهِ وَشُهْرَتِهِ
ولما توفي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتجت مكَّة، فسمع بذلك أَبُو قحافة، فَقَالَ: ما هَذَا؟ قَالُوا: قبض رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أمر جليل، فمن ولي بعده؟ قَالُوا: ابنك، قَالَ: فهل رضيت بذلك بنو عَبْد مناف، وبنو المغيرة؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: لا مانع لما أعطى اللَّه، ولا معطي لما منع،
وكان عُمَر بْن الخطاب أول من بايعه، وكانت بيعته فِي السقيفة يَوْم وفاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كانت بيعة العامة فِي الغد، وتخلف عَنْ بيعته: عليّ، وبنو هاشم، والزبير بْن العوام، وخالد بْن سَعِيد بْن العاص، وسعد بْن عبادة الْأَنْصَارِيّ، ثُمَّ إن الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سعد بْن عبادة، فإنه لم يبايع أحدًا إِلَى أن مات، وكانت بيعتهم بعد ستة أشهر عَلَى القول الصحيح، وقيل غير ذَلِكَ،
وقام فِي قتال أهل الردة مقامًا عظيمًا، ذكرناه فِي الكامل فِي التاريخ.
(844) أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، فَإِذَا حَدَّثَنِي عَنْهُ غَيْرُهُ أَسْتَحْلِفُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، وَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ قَالَ مِسْعَرٌ: وَيُصَلِّي، وَقَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلا غَفَرَ لَهُ "
[وفاته]
قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: توفي أَبُو بَكْر رَضِي اللَّه عَنْهُ، يَوْم الجمعة، لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث عشرة، وصلى عَلَيْهِ عُمَر بْن الخطاب، وقَالَ غيره: توفي عشي يَوْم الاثنين، وقيل: ليلة الثلاثاء، وقيل: عشي يَوْم الثلاثاء، لثمان بقين من جمادى الآخرة.
(845) وأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِمِ إجازة، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْن عَبْد الواحد، حَدَّثَنَا شجاع بْن عليّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّه بْن منده، قَالَ: وُلد يعني أَبا بَكْر بعد الفيل بسنتين وأربعة أشهر إلا أيامًا، ومات بعد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنتين وأشهر بالمدينة، وهو ابْنُ ثلاث وستين سنة، وكان رجلًا أبيض نحيفًا، خفيف العارضين، معروق الوجه غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب بالحناء والكتم، وكان أول من أسلم من الرجال، وأسلم أبواه لَهُ، ولوالديه ولولده، وولد ولده صحبة رَضِي اللَّه عَنْهُمْ
(846) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر الفرضي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الجوهري، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَر بْن حيوية، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن معروف، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بْن القهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد، حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه الأويسي، حَدَّثَني ليث بْن سعد، عَنْ عقيل، عَنِ ابْنِ شهاب، أن أبا بَكْر، والحارث بْن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بَكْر، فَقَالَ الحارث: ارفع يدك يا خليفة رَسُول اللَّه، والله إن فيها لسم سنة، وأنا وأنت نموت فِي يَوْم واحد، قَالَ: فرفع يده، فلم يزالا عليلين حتَّى ماتا فِي يَوْم واحد، عند انقضاء السنة
(847) قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبِي بِإِسْنَادِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سعد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عروة، عَنْ عَائِشَة، قَالَتْ: " كَانَ أول ما بدئ مرض أَبِي بَكْر، أَنَّهُ اغتسل يَوْم الاثنين، لسبع خلون من جمادى الآخرة، وكان يومًا باردًا، فحم خمسة عشر يومًا، لا يخرج إِلَى صلاة، وكان يأمر عُمَر يصلي بالناس، ويدخل النَّاس عَلَيْهِ يعودونه وهو يثقل كل يَوْم، وهو نازل يومئذ فِي داره التي قطع لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاه دار عثمان بْن عفان اليوم، وكان عثمان ألزمهم لَهُ فِي مرضه، وتوفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، فكانت خلافته سنتين، وثلاثة أشهر وعشر ليال، وكان أَبُو معشر، يَقُولُ: سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال، وتوفي وهو ابْنُ ثلاث وستين سنة، مجمع عَلَى ذَلِكَ فِي الروايات كلها، استوفى سن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان أَبُو بَكْر ولد بعد الفيل بثلاث سنين
وهو أول خليفة كَانَ فِي الْإِسْلَام، وأول من حج أميرا فِي الْإِسْلَام، فإن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتح مكَّة سنة ثمان، وسير أبا بَكْر يحج بالناس أميرًا سنة تسع، وهو أول من جمع القرآن، وقيل: عليّ بْن أَبِي طَالِب أولُ من جمعه، وكان سبب جمع أَبِي بَكْر للقرآن ما ذكرناه فِي ترجمة عثمان بْن عفان، وهو أول خليفة ورثه أَبُوهُ ".
وقَالَ زياد بْن حنظلة: كَانَ سببُ موت أَبِي بَكْر الكمد عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومثله قَالَ عَبْد اللَّه بْن عُمَر،
ولما حضره الموت استخلف عُمَر بْن الخطاب رَضِي اللَّه عَنْهُمَا، وَقَدْ ذكرنا ذلك فِي ترجمة عُمَر رَضِي اللَّه عَنْهُ.
▲ (0) ▼
Abū Nuʿaym al-Aṣbahānī (d. 1038 CE) - Maʿrifat al-ṣaḥāba أبو نعيم الأصبهاني - معرفة الصحابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=86329&book=5559#5b7b99
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي الْعَشَرَةِ
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ النَّحْوِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ أَبَا رِفَاعَةَ الْفَهْمِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ الْمُعَافَى، ثنا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَتِيقٍ مِنَ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ» وَاسْمُهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ يَوْمَ وُلِدَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ فَغَلَبَ عَلَيْهِ اسْمُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي

Details of عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Al-Dhahabī
Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ الذهبي - سير أعلام النبلاء
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=155217&book=5528#459184
عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ الهُذَلِيُّ
ابْنِ شَمْخِ بنِ فَارِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ صَاهِلَةَ بنِ كَاهِلِ بنِ الحَارِثِ بنِ تَمِيْمِ بنِ سَعْدِ بنِ هُذَيْلِ بنِ مُدْرَكَةَ بنِ إِلْيَاسِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارٍ.
الإِمَامُ الحَبْرُ، فَقِيْهُ الأُمَّةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ، المَكِّيُّ، المُهَاجِرِيُّ، البَدْرِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ.
كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ عَلَى النَّفْلِ، وَمَنَاقِبُهُ غَزِيْرَةٌ، رَوَى عِلْماً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَجَابِرٌ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو أُمَامَةَ، فِي طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَلْقَمَةُ،
وَالأَسْوَدُ، وَمَسْرُوْقٌ، وَعُبَيْدَةُ، وَأَبُو وَاثِلَةَ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَالرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ، وَطَارِقُ بنُ شِهَابٍ، وَزَيْدُ بنُ وَهْبٍ، وَوَلَدَاهُ؛ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَرَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ، وَطَائِفَةٌ.
اتَّفَقَا لَهُ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) عَلَى أَرْبَعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِإِخْرَاجِ أَحَدٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِ خَمْسَةٍ وَثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً.
وَلَهُ عِنْدَ بَقِيٍّ بِالمُكَرَّرِ ثَمَانِي مَائَةٍ وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ: رَأَيْتُهُ آدَمَ، خَفِيْفَ اللَّحْمِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.
وَرَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ لَطِيْفاً، فَطِناً.
قُلْتُ: كَانَ مَعْدُوْداً فِي أَذْكِيَاءِ العُلَمَاءِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ عَظِيْمَ البَطْنِ، أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ.
قُلْتُ: رَآهُ سَعِيْدٌ لَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَةَ عَامَ تُوُفِّيَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِأُمِّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ:
أُمُّهُ: هِيَ أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدٍّ بنِ سُوَيٍّ، مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ لِي.وَرَوَى: المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مِيْنَا، عَنْ نُوَيْفِعٍ مَوْلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ ثَوْباً أَبْيَضَ، وَأَطْيَبَ النَّاسِ رِيْحاً.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدِمْتُ مَكَّةَ مَعَ عُمُوْمَةٍ لِي - أَوْ أُنَاسٍ مِنْ قَوْمِي - نَبْتَاعُ مِنْهَا مَتَاعاً، وَكَانَ فِي بُغْيَتِنَا شِرَاءُ عِطْرٍ، فَأَرْشَدُوْنَا عَلَى العَبَّاسِ.
فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى زَمْزَمَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا، أَبْيَضُ، تَعْلُوْهُ حُمْرَةٌ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، أَشَمُّ، أَقْنَى، أَذْلَفُ، أَدْعَجُ العَيْنَيْنِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، دَقِيْقُ المَسْرُبَةِ، شَثْنُ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، كَأَنَّهُ القَمَرُ لَيْلَةَ البَدْرِ، يَمْشِي عَلَى يَمِيْنِهِ غُلاَمٌ حَسَنُ الوَجْهِ، مُرَاهِقٌ، أَوْ مُحْتَلِمٌ، تَقْفُوْهُمُ امْرَأَةٌ قَدْ سَتَرَتْ مَحَاسِنَهَا، حَتَّى قَصَدَ نَحْوَ الحَجَرِ، فَاسْتَلَمَ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الغُلاَمُ، وَاسْتَلَمَتِ المَرْأَةُ.
ثُمَّ طَافَ بِالبَيْتِ سَبْعاً، وَهُمَا يَطُوْفَانِ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ، فَرَفَعَ يَدَهُ وَكَبَّرَ، وَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَرَأَيْنَا شَيْئاً أَنْكَرْنَاهُ، لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ بِمَكَّةَ.
فَأَقْبَلْنَا عَلَى العَبَّاسِ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الفَضْلِ! إِنَّ هَذَا الدِّيْنَ حَدَثٌ فِيْكُم، أَوْ أَمْرٌ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُهُ؟
قَالَ: أَجَلْ - وَاللهِ - مَا تَعْرِفُوْنَ هَذَا، هَذَا ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَالغُلاَمُ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالمَرْأَةُ خَدِيْجَةُ بِنْتُ خُوَيْلدٍ امْرَأَتُهُ، أَمَا وَاللهِ مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ نَعْلَمُهُ يَعْبُدُ اللهَ بِهَذَا الدِّيْنِ، إِلاَّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ.
قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: لاَ نَعْلَمُ رَوَى هَذَا إِلاَّ بِشْرٌ الخَصَّافُ، وَهُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ.مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مَعْنٍ المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَادِسَ سِتَّةٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُنَا.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.
وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:
أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ (ح) .
وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الحَافِظِ بنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَكُمَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ فَارِسٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مَائَةٍ، وَأَنَا فِي الخَامِسَةِ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَلاَلِ، وَابْنُ مُؤْمِنٍ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ القَاضِي، أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ
بنُ صَصْرَى، أَنْبَأَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بنُ الحُبُوْبِيِّ (ح) .وَأَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأُرْمَوِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَسِتُّ الفَخْرِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحُبُوْبِيِّ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ العَبْدِيُّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالمُسلمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا حَنْبَلٌ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لِعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ! هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ.
قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفَحْلُ؟
فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ، فَمَسَحَ ضِرْعَهَا، فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبَ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ لِلضِّرْعِ: (اقْلُصْ) .
فَقَلَصَ.
زَادَ أَحْمَدُ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا.
ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ.
فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: (يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَفِيْهِ زِيَادَةٌ، مِنْهَا:
فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، مَا نَازَعَنِي فِيْهَا بَشَرٌ.
وَرَوَاهُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، عَنْ سَلاَمٍ أَبِي المُنْذِرِ، عَنْ عَاصِمٍ، وَفِيْهِ قَالَ:فَأَتَيْتُهُ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ، فَحَلَبَ فِيْهَا.
قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، وَأَتَيْتُهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ سِتَّةٌ.
فَقَالَ المُشْرِكُوْنَ: اطْرُدْ هَؤُلاَءِ عَنْكَ، فَلاَ يَجْتَرِئُوْنَ عَلَيْنَا.
وَكُنْتُ أَنَا، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَرَجُلاَنِ نَسِيْتُ اسْمَهُمَا.
فَوَقَعَ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللهُ، وَحَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ.
فَأَنْزَلَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ} [الأَنْعَامُ : 52، 53] .
رَوَاهُ: قَبِيْصَةُ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ المِقْدَامِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
أَبُو بَكْرٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ آيَةً عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
قُلْتُ: هَذَا مُؤَوَّلٌ، فَقَدْ صَلَّى قَبْلَ عَبْدِ اللهِ جَمَاعَةٌ بِالقُرْآنِ.أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى مِثْلَهُ: سُفْيَانُ بنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَاهُ: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ ) .
وَفِيْهِ: لِمُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَخْبَرَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ آدَمَ، لَطِيْفَ الجِسْمِ، ضَعِيْفَ اللَّحْمِ.
قُلْتُ: أَكْثَرُ مَنْ آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُم مُهَاجِرِيٌّ وَأَنْصَارِيٍّ.
قَالَ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ: وَمِمَّنْ قَدِمَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الحَبَشَةِ - الهِجْرَةِ الأُوْلَى إِلَى مَكَّةَ - عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى المَدِيْنَةِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
مَا بَقِيَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهُمُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ:
سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُوْدٍ وَأَبَا مُوْسَى
حِيْنَ مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَحَدُهُمَا يَقُوْلُ لِصَاحِبِهِ: أَتَرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ كَانَ يُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا، وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.
يَحْيَى: عَنْ قُطْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِيْناً، وَمَا نَحْسِبُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَثْرَةِ دُخُوْلِهِم وَخُرُوْجِهِم عَلَيْهِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:
وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ، وَمَا أَرَاهُ إِلاَّ عَبْدَ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَبْدَ اللهِ! إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الحِجَابَ، وَتَسْمَعَ سِوَادِي
حَتَّى أَنْهَاكَ ) .رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَزَائِدَةُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَفِي لَفْظٍ: (أَنْ تَرْفَعَ السِّتْرَ، وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِي) .
وَرَوَاهُ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَكَذَا رَوَاهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الحَسَنِ.
وَالسِّوَادُ: السِّرَارُ، وَقِيْلَ: المُحَادَثَةُ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : مِنْ طَرِيْقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: كُنْتُ لاَ أُحْبَسُ عَنِ النَّجْوَى، وَعَنْ كَذَا، وَعَنْ كَذَا.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ صَاحِبَ سِوَادِ رَسُوْلِ اللهِ - يَعْنِي سِرَّهُ - وَوِسَادِهِ - يَعْنِي فِرَاشَهُ - وَسِوَاكِهِ، وَنَعْلَيْهِ، وَطَهُوْرِهِ، وَهَذَا يَكُوْنُ فِي السَّفَرِ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُلْبِسُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعْلَيْهِ، ثُمَّ يَمْشِي أَمَامَهُ بِالعَصَا، حَتَّى إِذَا أَتَى مَجْلِسَهُ نَزَعَ نَعْلَيْهِ، فَأَدْخَلَهُمَا فِي ذِرَاعِهِ، وَأَعْطَاهُ العَصَا، وَكَانَ يَدْخُلُ
الحُجْرَةَ أَمَامَهُ بِالعَصَا.المَسْعُوْدِيُّ: عَنْ عَيَّاشٍ العَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ صَاحِبَ الوِسَادِ، وَالسِّوَاكِ، وَالنَّعْلِيْنِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآيَة، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قِيْلَ لِي: أَنْتَ مِنْهُم) .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ هَدْياً وَدَلاًّ وَقَضَاءً وَخُطْبَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِيْنِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، لاَ أَدْرِي مَا يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ لَعَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ، وَلَقَدْ عَلِمَ المُتَهَجِّدُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَقْرَبِهِم عِنْدَ اللهِ وَسِيْلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ.
لَفْظُ مَنْصُوْرٍ: كَذَا قَالَ المُتَهَجِّدُوْنَ، وَلَعَلَّهُ المُجْتَهِدُوْنَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، فَجَاءَ خَبَّابُ بنُ
الأَرَتِّ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:أَكُلُّ هَؤُلاَءِ يَقْرَؤُوْنَ كَمَا تَقْرَأُ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ.
قَالَ: أَجَل.
فَقَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ.
فَقَالَ فُلاَنٌ: أَتَأْمُرُهُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟
قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ بِمَا قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْمِهِ وَقَوْمِكَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقَرَأْتُ خَمْسِيْنَ آيَةً مِنْ سُوْرَةِ مَرْيَمَ.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا قَرَأَ إِلاَّ كَمَا أَقْرَأُ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُطْرَحَ؟
فَنَزَعَه، وَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ تَرَاهُ عَلَيَّ أَبَداً.
شَيْبَانُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مُوْسَى وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ إِلَى مُصْحَفٍ.
فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللهِ، وَذَهَبَ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: وَاللهِ مَا أَعْلَمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَالَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ قَرَأتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي تُبَلِّغُنِيْهُ الإِبِلُ لأَتَيْتُهُ.
جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مِرْدَاسٍ:كَانَ عَبْدُ اللهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمْسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَنَشْتَهِي أَنْ يَزِيْدَ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي مَا وَطِئَ عَقِبِي رَجُلاَنِ.
جَابِرُ بنُ نُوْحٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَا نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ نَزَلَتْ، وَفِيْمَا نَزَلَتْ، الحَدِيْثَ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ لَهُ ذُؤَابَةٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ.
عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ:قَالَ عَبْدُ اللهِ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} [آلُ عِمْرَانَ: 161] عَلَى قِرَاءةِ مَنْ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ؟
لَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ.
قَالَ شَقِيْقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حِلَقٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْهُمْ يَعِيْبُ عَلَيْهِ شَيْئاً مِمَّا قَالَ، وَلاَ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
شُعْبَةُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:أَنَّهُم ذَكَرُوا قِرَاءتَهُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوْهُ، فَقَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ أَنِّي أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ.
ثُمَّ كَأَنَّهُ نَدِمَ، فَقَالَ: وَلَسْتُ بِخَيْرِهِم.
سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
لَمَّا أَمَرَ عُثْمَانُ بِتَشْقِيْقِ المَصَاحِفِ، قَامَ عَبْدُ اللهِ خَطِيْباً، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ
أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ.ثُمَّ قَالَ: وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِم.
زَائِدَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعَبْدُ اللهِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ سُوْرَةَ النِّسَاءِ يَسْجِلُهَا.
فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأِ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَأَخَذَ عَبْدُ اللهِ فِي الدُّعَاءِ، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (سَلْ تُعْطَ) .
فَكَانَ فِيْمَا سَأَلَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيْمَاناً لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيْماً لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَعْلَى جِنَانِ الخُلْدِ.
فَأَتَى عُمَرُ عَبْدَ اللهِ يُبَشِّرُهُ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ خَارِجاً قَدْ سَبَقَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَسَبَّاقٌ بِالخَيْرِ.
رَوَاهُ: يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ (ح) .
وَالأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ مَرْوَانَ:
أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ، فَقَالَ: جِئْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ الكُوْفَةِ، وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلاً يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَغَضِبَ عُمَرُ، وَانْتَفَخَ حَتَّى كَادَ يَمْلأُ مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّجُلِ.
فَقَالَ: وَمَنْ هُوَ وَيْحَكَ؟
فَقَالَ: ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَمَا زَالَ يُطْفِئُ غَضَبَهُ، وَيَتَسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عَادَ إِلَى حَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:
وَيْحَكَ! وَاللهِ مَا أَعْلَمُ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ
أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ:كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَزَالُ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ كَذَلِكَ فِي الأَمْرِ مِنْ أَمْرِ المُسْلِمِيْنَ، وَإِنَّهُ سَمَرَ عِنْدَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَأَنَا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المَسْجِدِ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ، فَلَمَّا كِدْنَا أَنْ نَعْرِفَهُ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو، فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لَهُ: (سَلْ تُعْطَهُ) .
فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَغْدُوَنَّ إِلَيْهِ، فَلأُبَشِّرُهُ.
قَالَ: فَغَدَوْتُ، فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَنِي.
رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ ) ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، ... فَذَكَرَ القِصَّةَ.
مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ صَخْرٍ الأَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ وَهُوَ يَقْرَأُ حَرْفاً حَرْفاً، فَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَسْمَعْهُ مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ ) .
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ المُصْطَلِقِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِ مَا قَبْلَهُ.
وَرَوَى:
جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوِهِ.زُهَيْرُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّراً أَحَداً عَنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لأَمَّرْتُ عَلَيْهِم ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: وَكِيْعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَرَوَاهُ: أَبُو سَعِيْدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.
وَقَدْ رَوَاهُ: القَاسِمُ بنُ مَعْنٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَاصِمُ بنُ ضَمْرَةَ بَدَلَ الحَارِثِ.
وَلَفْظُ وَكِيْعٍ: (لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفاً مِنْ غَيْرِ مَشُوْرَةٍ، لاَسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ) .
ابْنُ فُضَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَصَعَدَ شَجَرَةً يَأْتِيْهِ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللهِ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوْشَةِ سَاقَيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا تَضحكُوْنَ؟ لَرِجْلُ
عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .وَرَوَاهُ: جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ: أَبُو عَتَّابٍ الدَّلاَّلُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ بنِ إِيَاسٍ المُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلَىً لِرِبْعِيٍّ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ هَكَذَا عَنْهُ.
وَرَوَاهُ: أَسْبَاطٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ مَوْلَى رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ.
وَرَوَاهُ: سَالِمٌ المُرَادِيُّ، عَنْ عَمْرِو بنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
وَقَالَ: وَكِيْعٌ، عَنْ سَالِمٍ المُرَادِيِّ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ.
وَرَوَاهُ: يَحْيَى بنُ سَلَمَةَ بنِ
كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ... ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَعْلَى: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (رَضِيْتُ لأُمَّتِي مَا رَضِيَ لَهَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
رَوَاهُ: الثَّوْرِيُّ، وَإِسْرَائِيْلُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلاً.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَة: عَنْ أَبِي العُمَيْسِ، عَنِ القَاسِمِ مُرْسَلاً.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنِ المَسْعُوْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَدْ رَضِيْتُ لَكُم مَا رَضِيَ لَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ).
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مَائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ سَهْلُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
صَعَدَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ شَجَرَةً، فَجَعَلُوا يَضْحَكُوْنَ مِنْ دِقَّةِ
سَاقَيْهِ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَهُمَا فِي المِيْزَانِ أَثْقَلُ مِنْ أُحُدٍ ) .
حَاتِمُ بنُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُوْسَى بنِ يَعْقُوْبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، حَدَّثَتْنِي سَارَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَثْقَلُ فِي المِيْزَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ ) .
عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ) .
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟!
قَالَ: (إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) .
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} [النِّسَاءُ: 41] ، فَغَمَزَنِي بِرِجْلِهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.
رَوَاهُ: أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، فَقَالَ: عَلْقَمَةُ بَدَلَ عُبَيْدَةَ.
وَرَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مُنْقَطِعاً.
البَزَّارُ صَاحِبُ (المُسْنَدِ) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا مِفْضَلُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيُّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، وَمُغِيْرَةُ، وَابْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:اسْتَقْرَأَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ سُوْرَةَ النِّسَاءِ، فَقَرَأْتُ حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيْدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيْداً} .
فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ عَلَى قِرَاءةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ) .
مِفْضَلٌ تَرَكَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ.
الحُمَيْدِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنِ القَاسِمِ:
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابْنِ مَسْعُوْدٍ: (اقْرَأْ) .
فَقَالَ: أَقْرَأُ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! ... الحَدِيْثَ.
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدٍ القُبَّيْطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ أَسْبَاطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ).
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، قَالَ:قَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ جَزِعَ، فَقِيْلَ لَهُ:
قَدْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدْنِيْكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ؟!
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا كَانَ ذَاكَ مِنْهُ، أَحُبٌّ أَوْ كَانَ يَتَأَلَّفُنِي، وَلَكِنْ أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، وَابْنِ سُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ كَثِيْرٍ النَّوَّاءِ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُلَيْلٍ :
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلاَّ وَقَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُفَقَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيْتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالمِقْدَادُ، وَحُذَيْفَةُ، وَعَمَّارٌ، وَسَلْمَانُ ) .
رَوَاهُ: عَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، عَنْ كَثِيْرٍ، فَوَقَفَهُ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ أَشْبَهُ.
أُنْبِئْتُ عَنِ الخُشُوْعِيِّ، وَغَيْرِهِ:
أَنَّ مُرْشِدَ بنَ يَحْيَى أَنْبَأَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الطَّفَّالُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ أَبِيْهِ، وَإِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيْعٌ، وَهُوَ
يَذُبُّ النَّاسَ بِسَيْفِهِ، فَقُلْتُ:الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ!
قَالَ: هَلْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، فَجَعَلْتُ أَتَنَاوَلُهُ بِسَيْفٍ لِي، فَأَصَبْتُ يَدَهُ، فَنَدَرَ سَيْفُهُ، فَأَخَذَتْهُ، فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَأَنَّمَا أَقَلَّ مِنَ الأَرْضِ.
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) .
قَالَ: فَقَامَ مَعِي حَتَّى خَرَجَ يَمْشِي مَعِي حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَخْزَاكَ يَا عَدُوَّ اللهِ، هَذَا كَانَ فِرْعُوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ ) .
قَالَ وَكِيْعٌ:
وَزَادَ فِيْهِ: أَبِي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ:
فَنَفَلَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ.
أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ مُحْتَسِبٍ البَصْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ:
خَطَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خُطْبَةً خَفِيْفَةً، فَلَمَّا فَرَغ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ، فَقَصَّرَ دُوْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ثُمَّ قَالَ: (يَا عُمَرُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ عُمَرُ، فَقَصَّرَ دُوْنَ أَبِي بَكْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: (يَا فُلاَنُ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَشَقَّقَ القَوْلَ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْكُتْ أَوِ اجْلِسْ، فَإِنَّ التَّشْقِيْقَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ البَيَانَ مِنَ السِّحْرِ) .
وَقَالَ: (يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ! قُمْ فَاخْطُبْ) .
فَقَامَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ،
ثُمَّ قَالَ:أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- رَبُّنَا، وَإِنَّ الإِسْلاَم دِيْنُنَا، وَإِنَّ القُرْآنَ إِمَامُنَا، وَإِنَّ البَيْتَ قِبْلَتُنَا، وَإِنَّ هَذَا نَبِيُّنَا - وَأَوْمَأَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيْنَا مَا رَضِيَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَكَرِهْنَا مَا كَرِهَ اللهُ لَنَا وَرَسُوْلُهُ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَصَابَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ وَصَدَقَ، رَضِيْتُ بِمَا رَضِيَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، وَكَرِهْتُ مَا كَرِهَ اللهُ لأُمَّتِي وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ ) .
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ.
رَوَاهُ: الطَّبَرَانِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) .
وَنَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ هَكَذَا ابْنُ خُثَيْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، هَكَذَا هُوَ فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) .
وَرَوَاهُ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيُّ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ نَحْوَهُ.
وَسَعِيْدٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَلاَ أَدْرِي مَنْ هُوَ مُحْتَسِبٌ؟
إِسْرَائِيْلُ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ يَزِيْدَ، قَالَ:
قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَخْبِرْنَا بِرَجُلٍ قَرِيْبِ السَّمْتِ وَالدَّلِّ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَلْزَمَهُ.
قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَقْرَبَ سَمْتاً وَلاَ هَدْياً وَلاَ دَلاًّ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يُوَارِيَهُ جِدَارُ بَيْتِهِ مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
وَلَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِم إِلَى اللهِ زُلْفَةً.
قَوْلُهُ: وَلَقَدْ عَلِمَ ... اِلْخَ، رَوَاهُ: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ:حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ.
نُعَيْمٌ : حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ ذَكَرَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَهْلَكَهُ الشُّحُّ وَبِطَانَةُ السُّوْءِ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ يُشْبِهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللهِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ
الخَطَّابِ إِلَى أَهْلِ الكُوْفَةِ:إِنَّنِي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ عَمَّاراً أَمِيْراً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ مُعَلِّماً وَوَزِيْراً، وَهُمَا مِنَ النُّجَبَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَاسْمَعُوا لَهُمَا، وَاقْتَدُوا بِهِمَا، وَقَدْ آثَرْتُكُم بِعَبْدِ اللهِ عَلَى نَفْسِي.
الأَعْمَشُ: عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (اسْتَقْرِئُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ) .
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ، وَوَكِيْعٌ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَلَعَلَّهُ عِنْدَ الأَعْمَشِ بِالإِسْنَادَيْنِ.
وَقَدْ رَوَاهُ: شُعْبَةُ أَيْضاً، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَرَوَاهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلاَّنَ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَنَّ حَنْبَلَ بنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بنُ عَامِرٍ، أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
أُمِرَ بِالمَصَاحِفِ أَنْ تُغَيَّرَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ:
مَنِ اسْتطَاعَ مِنْكُم أَنْ يَغِلَّ مُصْحَفَهُ فَلْيَغِلَّهُ، فَإِنَّهُ مَنْ غَلَّ شَيْئاً جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فَمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، أَفَأَتْرُكُ مَا أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ
الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ) ، عَنْ عَمْرِو بنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خُمَيْرٍ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ: إِنِّي غَالٌّ مُصْحَفِي، ... وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ، فَدَخَلْنَا إِلَيْهِ، فَقُلْنَا:
اقْرَأْ عَلَيْنَا سُوْرَةَ البَقَرَةِ.
قَالَ: لاَ أَحْفَظُهَا.
تَفَرَّدَ بِهِ: الوَاقِدِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوْكٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَرِهَ لِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ نَسْخَ المَصَاحِفِ، وَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِيْنَ! أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ المَصَاحِفِ، وَيُوَلاَّهَا رَجُلٌ، وَالله لَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ أَبِيْهِ كَافِرٌ.
يُرِيْدُ زَيْدَ بن ثَابِتٍ.
وِلِذَاكَ يَقُوْلُ عَبْدُ اللهِ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! اكْتُمُوا المَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُم وَغُلُّوْهَا، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، فَالْقَوُا اللهَ بِالمَصَاحِفِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنِي أَنَّ ذَلِكَ كُرِهِ مِنْ مَقَالَةِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، كَرِهَهُ رِجَالٌ مِنْ
الصَّحَابَةِ.أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَشْعَث، حَدَّثَنَا الهَيْصَمُ بنُ شدَاخٍ:
سَمِعْتُ الأَعْمَشَ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
عَجَبٌ لِلنَّاسِ وَتَرْكِهِم قِرَاءتِي، وَأَخْذِهِم قِرَاءةَ زَيْدٍ، وَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَزَيْدٌ صَاحِبُ ذُؤَابَةٍ، يَجِيْءُ وَيذْهَبُ فِي المَدِيْنَةِ.
سَعْدَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
خَطَبَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:
غُلُّوا مَصَاحِفَكُم، كَيْفَ تَأْمُرُوْنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَى قِرَاءةِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَرَأْتُ مِنْ فِيِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سُوْرَةً، وَإِنَّ زَيْداً لَيَأْتِي مَعَ الغِلْمَانِ، لَهُ ذُؤَابَتَانِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا شَقَّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ، لِكَوْنِ عُثْمَانَ مَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ المُصْحَفِ، وَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ وَلَدَهُ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ عُثْمَانُ لِغَيْبَتِهِ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، وَلأَنَّ زَيْداً كَانَ يَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ إِمَامٌ فِي الرَّسْمِ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ فَإِمَامٌ فِي الأَدَاءِ، ثُمَّ إِنَّ زَيْداً هُوَ الَّذِي نَدَبَهُ الصِّدِّيْقُ لِكِتَابَةِ المُصْحَفِ وَجَمْعِ القُرْآنِ، فَهَلاَّ عَتَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ وَتَابَعَ عُثْمَانَ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
وَفِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ أَشْيَاءُ أَظُنُّهَا نُسِخَتْ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَكَانَ أَحْدَثَ القَوْمِ بِالعَرْضَةِ الأَخِيْرَةِ الَّتِي عَرَضَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ تُوُفِّيَ عَلَى جِبْرِيْلَ.
قَالَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَقِيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
كُنَّا نَعُدُّ عَبْدَ اللهِ حَنَّاناً، فَمَا بَالُهُ يُوَاثِبُ الأُمَرَاءَ؟
رَوَاهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي (المَصَاحِفِ).
وَبِإِسْنَادَيْنِ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَابِسٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المَدِيْنَةَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ:
وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ قَدْ أَصْبَحَ اليَوْمَ فِيْكُم مِنْ أَفْضَلِ مَا أَصْبَحَ فِي أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ وَالعِلْمِ بِالقُرْآنِ وَالفِقْهِ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى حُرُوْفٍ، وَاللهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلاَنِ لَيَخْتَصِمَانِ أَشَدَّ مَا اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ قَطُّ، فَإِذَا قَالَ القَارِئُ: هَذَا أَقْرَأَنِي، قَالَ: أَحْسَنْتَ.
وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ: أَعْجِلْ وَحَيَّ هَلاَ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
لَمَّا بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ يَأْمُرُهُ بِالمَجِيْءِ إِلَى المَدِيْنَةِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالُوا:
أَقِمْ فَلاَ تَخْرُجْ، وَنَحْنُ نَمْنَعُكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ.
فَقَالَ: إِنَّ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةً، وَإِنَّهَا سَتَكُوْنُ أُمُوْرٌ وَفِتَنٌ لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهَا.
فَرَدَّ النَّاسَ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ.
مُحَمَّدُ بنُ سَنْجَرَ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ،
عَنْ سُفْيَانَ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ مُسلمٍ، عَنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
قَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَوِيٍّ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ آيَاتٍ، لَمْ نَتَعَلَّمْ مِنَ العَشْرِ الَّتِي نَزَلَتْ بَعْدَهَا حَتَّى نَعْلمَ مَا فِيْهَا -يَعْنِي: مِنَ العِلْم -.
مِسْعَرٌ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، قَالَ:
سُئِلَ عَلِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
قَرَأَ القُرْآنَ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَهُ، وَكُفِيَ بِهِ.
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَادَ: وَعَلِمَ السُّنَّةَ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: مِنْ حَدِيْثِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ:
أَتَيْنَا أَبَا مُوْسَى، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ عَبْدَ اللهِ، وَأَبَا مَسْعُوْدٍ، وَهُمْ يَنْظُرُوْنَ فِي مُصْحَفٍ، فَتَحَدَّثْنَا سَاعَةً، ثُمَّ رَاحَ عَبْدُ اللهِ.
فَقَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَعْلَمُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرَكَ أَحَداً أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ مِنْ هَذَا القَائِمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:إِنِّي لَجَالِسٌ مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، إِذْ جَاءَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، فَكَادَ الجُلُوْس يُوَارُوْنَهُ مِنْ قِصَرِهِ، فَضَحِكَ عُمَرُ حِيْنَ رَآهُ.
فَجَعَلَ عُمَرُ يُكَلِّمُهُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، وَيُضَاحِكُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلَّى، فَأَتْبَعَهُ عُمَرُ بَصَرَهُ حَتَّى تَوَارَى، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَسَدِ بنِ وَدَاعَةَ:
أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، فَقَالَ:
كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً، آثَرْتُ بِهِ أَهْلَ القَادِسِيَّةِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ:
أَنَّ مُهَاجَرَ عَبْدِ اللهِ كَانَ بِحِمْصَ، فَجَلاَهُ عُمَرُ إِلَى الكُوْفَةِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِم:
إِنِّي - وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ - آثَرْتُكُم بِهِ عَلَى نَفْسِي، فَخُذُوا مِنْهُ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَافَرَ عَبْدُ اللهِ سَفَراً يَذْكُرُوْنَ أَنَّ العَطَشَ قَتَلَهُ وَأَصْحَابَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، فَقَالَ:
لَهُوَ أَنْ يُفَجِّرَ اللهُ لَهُ عَيْناً يَسْقِيْهِ مِنْهَا وَأَصْحَابَهُ أَظَنُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ عَطَشاً.
هُشَيْمٌ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ رَأَى رَجُلاً قَدْ أَسْبَلَ،
فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ.فَقَالَ: وَأَنْتَ يَا ابْنَ مَسْعُوْدٍ فَارْفَعْ إِزَارَكَ.
قَالَ: إِنّ بِسَاقَيَّ حُمُوْشَةً، وَأَنَا أَؤُمُّ النَّاسَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ الرَّجُلَ، وَيَقُوْلُ:
أَتَرُدُّ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ ؟
مَعْمَرٌ: عَنْ زَيْدِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ رَاجَعَهَا حِيْنَ دَخَلَتْ فِي الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
فَقَالَ أَبِي: وَكَيْف يُفْتِي مُنَافِقٌ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: نُعِيْذُكَ بِاللهِ أَنْ تَكُوْنَ هَكَذَا.
قَالَ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنَ الحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَبَّةَ بنِ جُوَيْنٍ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الكُوْفَةَ، أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلَهُم عَنْهُ حَتَّى رَأَوْا أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُم، فَقَالَ:
وَأَنَا أَقُوْلُ فِيْهِ مِثْلَ الَّذِي قَالُوا وَأَفَضْلَ: قَرَأَ القُرْآنَ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَقِيْهٌ فِي الدِّيْنِ، عَالِمٌ بِالسُّنَّةِ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : مِنْ رِوَايَةِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ - وَقِيْلَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ - فَقَالَ: عَلِمَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، ثُمَّ انْتَهَى.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
إِنَّ أَبَا مُوْسَى اسْتُفْتِيَ فِي شَيْءٍ مِنَ الفَرَائِضِ، فَغَلِطَ، وَخَالَفَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: لاَ تَسْأَلُوْنِي عَنْ شَيْءٍ
مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُم.وَرَوَى نَحْوَهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ.
وَرَوَى: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ بِنَحْوِ ذَلِكَ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا مُوْسَى يَقُوْلُ:
مَجْلِسٌ كُنْتٌ أُجَالِسُهُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ، أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ حُرَيْثِ بنِ ظُهَيْرٍ، قَالَ:
جَاءَ نَعْيُ عَبْدِ اللهِ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ.
سَمِعَهَا: يَحْيَى القَطَّانُ مِنْ سُفْيَانَ.
أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ: عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
شَامَمْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَزَيْدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُبِيٍّ.
ثُمَّ شَامَمْتُ السِّتَّةَ، فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمُ انْتَهَى
إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ.وَبَعْضُهُم يَرْوِيْهِ عَنْ مَنْصُوْرٍ، فَقَالَ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ.
وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: مَا أَعْدِلُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ أَحَداً.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا دَخَلَ الكُوْفَةَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْفَعَ عِلْماً، وَلاَ أَفْقَهَ صَاحِباً مِنْ عَبْدِ اللهِ.
وَبِإِسْنَادِ (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُعِدَ حَتَّى رَعُدَتْ ثِيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَ ذَا، أَوْ شبِيْهاً بِذَا.
رَوَاهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، عَنْ إِسْرَائِيْلَ، فَأَبْدَلَ ابْنَ وَثَابٍ بِالشَّعْبِيِّ.
وَرَوَى نَحْوَهُ: مُسلمٌ البَطِيْنُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ.
فَقَالَ القَعْنَبِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسلمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
صَحِبْتُ عَبْدَ اللهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْراً، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ حَدِيْثاً وَاحِداً، فَرَأَيْتُهُ يَفْرَقُ، ثُمَّ غَشِيَهُ بُهْرٌ، ثُمَّ قَالَ نَحْوَهُ، أَوْ شِبْهَهُ.
مِسْعَرٌ: عَنْ مَعْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا هَدَأَتِ العُيُوْنُ قَامَ، فَسَمِعْتُ لَهُ دَوِيّاً كَدَوِيِّ النَّحْلِ.
ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ.
حُمَيْدُ بنُ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ بِعَيْنَيْ عَبْدِ اللهِ أَثَرَيْنِ أَسْوَدَيْنِ مِنَ البُكَاءِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الحَارِثِ بنِ سُوَيْدٍ، قَالَ:
أَكْثَرُوا عَلَى عَبْدِ اللهِ يَوْماً، فَقَالَ:
وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لَوْ تَعْلَمُوْنَ عِلْمِي، لَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي.
رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ.
وَفِي (مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ) : لِلثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ تَعْلَمُوْنَ ذُنُوْبِي، مَا وَطِئَ عَقِبِي اثْنَانِ، وَلَحَثَيْتُمُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ غَفَرَ لِي ذَنْباً مِنْ ذُنُوْبِي، وَأَنِّي دُعِيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوْثَةَ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ:
مِمَّنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مِنَ الكُوْفَةِ.
فَقَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ، وَالوِسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيْكُمْ صَاحِبُ السِّرِّ، وَفِيْكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى
لِسَانِ نَبِيِّهِ ؟عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ كَانَ يَقُوْلُ فِي دُعَائِهِ: خَائِفٌ مُسْتَجِيْرٌ، تَائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ، رَاغِبٌ رَاهِبٌ.
الأَعْمَشُ: عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ، لَخَشِيْتُ أَنْ أَكُوْنَ كَلْباً، وَإِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغاً لَيْسَ فِي عَمَلِ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا.
وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ قَيْسِ بنِ حَبْتَرٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: حَبَّذَا المَكْرُوْهَانِ: المَوْتُ، وَالفَقْرُ، وَايْمُ اللهِ، مَا هُوَ إِلاَّ الغِنَى وَالفَقْرُ، مَا أُبَالِي بِأَيِّهِمَا ابْتُدِئْتُ، إِنْ كَانَ الفَقْرُ إِنَّ فِيْهِ لَلصَّبْرَ، وَإِنْ كَانَ الغِنَى إِنَّ فِيْهِ لَلْعَطْفَ، لأَنَّ حَقَّ اللهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبٌ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ أَضَرَّ بِالدُّنْيَا، وَمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا أَضَرَّ بِالآخِرَةِ، يَا قَوْمُ! فَأَضِرُّوا بِالفَانِي لِلْبَاقِي.
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أَيُّوْبَ سَعِيْدٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ
بنُ الوَلِيْدِ:سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حُجَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا قَعَدَ: إِنَّكُم فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فِي آجَالٍ مَنْقُوْصَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَحْفُوْظَةٍ، وَالمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، مَنْ زَرَعَ خَيْراً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ زَرَعَ شَرّاً يُوْشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، وَلكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ، لاَ يُسْبَقُ بَطِيْءٌ بِحَظِّهِ، وَلاَ يُدْرِكُ حَرِيْصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللهُ وَقَاهُ، المُتَّقُوْنَ سَادَةٌ، وَالفُقَهَاءُ قَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُم زِيَادَةٌ.
العَلاَءُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ تَكُنْ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَاجْتَنِبْ المَحَارِمَ تَكُنْ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ، وَأَدِّ مَا افْتُرِضَ عَلَيْك تَكُنْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ.
عَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ: عَنْ عَمْرِو بنِ جُنْدَبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
جَاهِدُوا المُنَافِقِيْنَ بِأَيْدِيْكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا فَبِأَلْسِنَتِكُم، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيْعُوا إِلاَّ أَنْ تَكْفَهِرُّوا فِي وُجُوْهِهِم، فَافْعَلُوا.
سَيْفُ بنُ عُمَرَ: عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَيْفٍ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ تَرَكَ عَطَاءهُ حِيْنَ مَاتَ عُمَرُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ أَغْنِيَاءُ، وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ ضَيْعَةً بِرَاذَانَ، فَمَاتَ عَنْ تِسْعِيْنَ أَلْفِ مِثْقَالٍ، سِوَى رَقِيْقٍ وَعرُوْضٍ وَمَاشِيَةٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَكِيْعٌ: عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
أَوْصَى ابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَكَتَبَ:
إِنَّ وَصِيَّتِي إِلَى اللهِ، وَإِلَى الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ
الزُّبَيْرِ، وَإِنَّهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ مِمَّا قَضَيَا فِي تَرِكَتِي، وَإِنَّهُ لاَ تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي إِلاَّ بِإِذْنِهِمَا.قُلْتُ: كَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَشَهِدَ فِي طَرِيْقِهِ بِالرَّبَذَةِ أَبَا ذَرٍّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى: عَنْ أَبِي شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، قَالَ:
مَرِضَ عَبْدُ اللهِ، فَعَادَهُ عُثْمَانُ، وَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟
قَالَ: ذُنُوْبِي.
قَالَ: فَمَا تَشْتَهِي؟
قَالَ: رَحْمَةَ رَبِّي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِطَبِيْبٍ؟
قَالَ: الطَّبِيْبُ أَمْرَضَنِي.
قَالَ: أَلاَ آمُرُ لَكَ بِعَطَاءٍ؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ.
كَذَا رَوَاهُ: سَعِيْدُ بنُ مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بنُ الرَّبِيْعِ.
وَرَوَاهُ: ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: عَنْ شُجَاعٍ.
وَرَوَاهُ: عُثْمَانُ بنُ يَمَانٍ، وَحَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ، عَنِ السَّرِيِّ، عَنْ شُجَاعٍ، عَنْ أَبِي فَاطِمَةَ.
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ الزُّبَيْرُ عَلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:
أَعْطِنِي عَطَاءَ عَبْدِ اللهِ، فَعِيَالُ عَبْدِ اللهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَيْتِ المَالِ.
فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً.
حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:وَكَانَ عُثْمَانُ حَرَمَهُ عطَاءهُ سَنَتَيْنِ.
يَحْيَى الحِمَّانِيُّ: عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
أَنَّ ابْنَ مَسْعُوْدٍ أَوْصَى إِلَى الزُّبَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ.
وَكَذَا أَرَّخَهُ فِيْهَا جَمَاعَةٌ.
وَعَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ عَاشَ بِضْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي عُتْبَةَ: عَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ هُوَ، وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَاتَ فِي أَوَّلِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُم: مَاتَ قَبْلَ عُثْمَانَ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ ريْذَةَ، أَنْبَأَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبِشْرٌ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ:
إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمْلِي المَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
فَفَزِعَ عُمَرُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! انْظُرْ مَا تَقُوْلُ.
وَغَضِبَ، فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ إِلاَّ بِالحَقِّ.
قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَداً أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ:
إِنَّا سَمَرْنَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِ مَا يَكُوْنُ مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ خَرَجْنَا وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ.
فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى المَسْجِدِ، إِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعُ إِلَيْهِ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَعْتَمْتَ.
فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ: اسْكُتْ.
قَالَ: فَقَرَأَ، وَرَكَعَ،
وَسَجَدَ، وَجَلَسَ يَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ.فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سَلْ تُعْطَهُ) .
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ رَطْباً كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْ قِرَاءةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) .
فَعَلِمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ لأُبَشِّرَهُ، فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ.
وَمَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ، إِلاَّ سَبَقَنِي إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: زَائِدَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ.

عبد الله امير المؤمنين المامون بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب

Details of عبد الله امير المؤمنين المامون بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Al-Khaṭīb al-Baghdādī
Al-Khaṭīb al-Baghdādī (d. 1071 CE) - Tārīkh Baghdād الخطيب البغدادي - تاريخ بغداد
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=133983&book=5525#256473
عبد اللَّه أمير المؤمنين المأمون بْن هارون الرشيد بْن مُحَمَّد المهدي بْن عبد الله المنصور بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْن عَبْدِ اللَّه بن العباس بن عبد المطّلب، ويكنى أبا العباس، وقيل: أبا جعفر :
دعي له بالخلافة بِخراسان في حياة أخيه الأمين، ثم قدم بغداد بعد قتله، وكان مولد المأمون على ما:
أَخْبَرَنَا علي بن أَحْمَد بن عمر المقرئ، حدّثنا علي بن أحمد بن أبي قيس الرَّفَّاء، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا، حَدَّثَنَا عباس- يعني ابن هشام- عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ولد المأمون ليلة ملك هارون في شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ: سنة سبعين ومائة فيها ولد المأمون ليلة الجمعة للنصف من شهر ربيع الأول، ليلة مات موسى.
أَخْبَرَنَا أَبُو تغلب عَبْد الوهاب بْن عَلِيّ بن الحسن المؤدب، حَدَّثَنَا المعافى بْن زكريا قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القاسم الكوكبي، حدّثنا محمّد بن موسى الخراساني، أَخْبَرَنَا الزبير بن بكار قَالَ: أخبرتني ميمونة- كاتبة إِبْرَاهِيم بن المهدي- قَالت: سمعت إبراهيم يَقُول: مات خليفة، وولي خليفة، وولد خليفة، في ليلة واحدة مات موسى، وولي الرشيد، وولد المأمون في ليلة واحدة.
حَدَّثَنَا عبد العزيز بن علي الورّاق، أخبرنا محمّد بن أحمد المفيد، حَدَّثَنَا أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد الدولابي، أَخْبَرَنِي علي بْن الْحَسَن بْن علي بْن الجعد، حدّثني حاتم بن أبي حاتم الجوهريّ، حَدَّثَنَا علي بن الجعد قَالَ: لَما قتل مُحَمَّد بن زبيدة، أفضت الخلافة إلى المأمون عبد اللَّه بن هارون، وهو يومئذ بِخراسان بِمرو، وكان مولده سنة سبعين ومائة، للنصف من ربيع الأول.
قَالَ أبو بشر: وسمعت ابن الأزهر الكاتب يَقُول: استخلف المأمون يوم الأحد
لِخمس بقين من المحرم سنة ثَمان وتسعين ومائة، وهو ابْن سبع وعشرين سنة، وعشرة أشهر، وعشرة أيام، وبويع له وهو بخراسان.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا عمر بن حفص السدوسي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يزيد قَالَ: واستخلف عبد اللَّه بن هارون المأمون في المحرم سنة ثَمان وتسعين ومائة، وكنيته أبو العباس، وقد سلم عليه بالخلافة قبل ذلك ببلاد خراسان نحو سنتين، وَخَلَعَ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَغَيْرُهُمْ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد ابن أَحْمَد بن البراء قَالَ: المأمون عبد اللَّه بن الرشيد وكنيته أبو جعفر. ولد بالياسرية، ثم استخلف، وبايع لعلي بْن مُوسَى بْنُ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ بْنِ الْحُسَيْن بن علي بن أبي طالب، وسماه الرّضى وطرح السواد وألبس الناس الخضرة، فمات علي بسرخس، وقدم المأمون بغداد في سنة أربع- يعني ومائتين- في صفر، وطرح الخضرة، وعاد إلى السواد، وأمر المأمون في آخر عمره أن يكون أبو إسحاق أخوه الخليفة من بعده.
أَخْبَرَنَا علي بن أَحْمَد بن عمر المقرئ، أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن أبي قيس، حَدَّثَنَا ابن أبي الدنيا قَالَ: وكان المأمون أبيض ربعة حسن الوجه، قد وخطه الشيب، تعلوه صفرة، أعين طويل اللحية رقيقها، ضيق الجبين، على خده خال، يكنى أبا العباس، أمه أم ولد يقال لَها مراجل.
أَخْبَرَنَا باي بن جعفر الجيلي، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي يَموت بن المزرع، حَدَّثَنِي عمرو بن بَحر الجاحظ قَالَ: كان المأمون أبيض يعلو لونه صفرة يسيرة، وكان ساقاه من سائر جسده صفراوين حتى كأنهما طليتا بالزعفران.
أخبرني الأزهري، حدّثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: قَالَ أبو مُحَمَّد اليزيدي: كنت أؤدب المأمون وهو في حجر سعيد الجوهري، قَالَ: فأتيته يومًا وهو داخل، فوجهت إليه بعض خدمه يعلمه بِمكاني، فأبطأ علي، ثم وجهت إليه آخر فأبطأ، فقلت لسعيد إن هذا الفتى ربما تشاغل بالبطالة وتأخر؟ قَالَ:
أجل، ومع هذا إنه إذا فارقك يعرم على خدمه، ويلقون منه أذى شديدا، فقومه
بالأدب، فلما خرج أمرت بحمله فضربته سبع درر، قَالَ: فإنه ليدلك عينه من البكاء، إذ قيل هذا جعفر بن يَحْيَى قد أقبل، فأخذ منديلًا فمسح عينيه من البكاء، وجمع ثيابه وقام إلى فراشه فقعد عليها متربعًا ثم قَالَ: ليدخل، فدخل فقمت عن المجلس، وخفت أن يشكوني إليه، فألقى منه ما أكره، قَالَ: فأقبل عليه بوجهه وحديثه، حتى أضحكه وضحك إليه، فلما هم بالحركة دعا بدابته وأمر غلمانه فسعوا بين يديه، ثم سأل عني فجئت، فَقَالَ: خذ على ما بقي من جزئي، فقلت أيها الأمير- أطال اللَّه بقاءك- لقد خفت أن تشكوني إلى جعفر بن يَحْيَى، ولو فعلت ذلك لتنكر لي، فَقَالَ:
أتراني يا أبا مُحَمَّد كنت أطلع الرشيد على هذه؟ فكيف بجعفر بن يَحْيَى حتى أطلعه أني أحتاج إلى أدب؟ إذًا يغفر اللَّه لك بعد ظنك ووجيب قلبك، خذ في أمرك فقد خطر ببالك ما لا تراه أبدًا، ولو عدت في كل يوم مائة مرة.
أَخْبَرَنَا القاضي أبو الطّيّب الطبري، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباريّ، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: قَالَ منصور البرمكي: كانت لِهارون الرشيد جارية غلامية تصب على يده، وتقف عَلَى رأسه، وكان المأمون يعجب بِها وهو أمرد، فبينا هي تصب على هارون من إبريق معها والمأمون مع هارون قد قابل بوجهه وجه الجارية، إذ أشار إليها بقبلة، فزبرته بحاجبها، وأبطأت عن الصب في مهلة ما بين ذلك، فنظر إليها هارون فَقَالَ: ما هذا؟ فتلكأت عليه، فَقَالَ: ضعي ما معك، علي كذا إن لم تخبريني لأقتلنك، فقَالت: أشار إلي عبد اللَّه بقبلة، فالتفت إليه وإذا هو قد نزل به من الحياء والرعب ما رحمه منه، فاعتنقه وقَالَ: أتحبها؟ قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، فَقَالَ: قم فادخل بِها في تلك القبة. فقام ففعل، فقَالَ له هارون: قل في هذا شعرًا، فانشأ يَقُول:
ظبي كنيت بطرفي ... عن الضمير إليه
قبلته من بعيدٍ ... فاعتل من شفتيه
ورد أخبث رد ... بالكسر من حاجبيه
فما برحت مكاني ... حتى قدرت عليه
أَخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن الْحَسَن بن الْحَسَن بن المنذر المحتسب، أخبرنا إسماعيل ابن سعيد المعدل، أخبرنا أبو بكر بن دريد، أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن خضر قَالَ: سمعت ابن أبي دؤاد يَقُول: أدخل رجل من الخوارج على المأمون، فَقَالَ: ما حملك على خلافنا؟
قَالَ: آية في كتاب اللَّه تعالى. قَالَ: وما هي؟ قَالَ قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ
[المائدة 44] فقَالَ له المأمون: ألك علم بأنها منزلة، قَالَ:
نعم، قَالَ: وما دليلك؟ قَالَ: إجماع الأمة، قَالَ فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل، فارض بإجماعهم في التأويل قَالَ: صدقت السلام عليك يا أمير المؤمنين.
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن أَبِي طالب، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن محمّد بن عمران، حدّثنا صالح بن محمّد، حَدَّثَنِي أخي صدقة بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ لي أبو مُحَمَّد عبد اللَّه بن مُحَمَّد الأزهري قَالَ المأمون: غلبة الحجة أحب إلي من غلبة القدرة، لأن غلبة القدرة تزول بزوالها، وغلبة الحجة لا يزيلها شيء.
أَخْبَرَنَا علي بن الحسين- صاحب العبّاسي- أخبرنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدّثنا أبو بكر الكوكبي، حدّثنا البحتريّ الوليد بن عبيد، أخبرني أبو تَمَّام حبيب بن أوس قَالَ: قَالَ المأمون لأبي حفص عمر بن الأزرق الكرماني: أريدك للوزارة، قَالَ: لا أصلح لَها يا أمير المؤمنين، قَالَ: ترفع نفسك عنها؟ قَالَ: ومن رفع نفسه عن الوزارة؟
ولكني قلت هذا رافعا لها، وواضعا لنفسي عنها، قال المأمون: إنا نعرف موضع الكفاة الثقات المتقدمين من الرجال، ولكن دولتنا منكوسة، إن قومناها بالراجحين انتقصت، وإن أيدناها بالناقصين استقامت. ولذلك اخترت استعمال الصواب فيك.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا- إملاء- حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي، حَدَّثَنَا أبو سهل الرازي قَالَ: لَما دخل المأمون بغداد تلقاه أهلها، فقَالَ له رجل من الموالي: يا أمير المؤمنين بارك اللَّه لك في مقدمك، وزاد في نعمك، وشكرك عن رعيتك، فقد فقت من قبلك وأتعبت من بعدك، وآيست أن يعتاض منك، لأنه لم يكن مثلك، ولا علم شبهك. أما فيمن مضى فلا يعرفونه، وأما فيمن بقي فلا يرتجونه فهم بين دعاء لك، وثناء عليك، وتمسك بك، أخصب لهم جنابك، واحْلَوْلَى لَهم ثوابك، وكرمت مقدرتك، وحسنت أثرتك، ولانت نظرتك، فجبرت الفقير، وفككت الأسير، وأنت كما قَالَ الشاعر:
ما زلت في البذل والنوال وإط ... لاق لعان بجرمه علق
حتى تمنى البراء أنهم ... عندك أمسوا في القيد والحلق
فقَالَ المأمون: مثلك يعيب من لا يصطنعه، ويعر من يجهل قدره، فاعذرني في سالفك، فإنك ستجدنا في مستأنفك.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَسَنُ بن عثمان الواعظ، أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحكم الواسطيّ، حدّثني أحمد بن الحسن الكسائيّ، حدّثنا سليمان بن الفضل النهرواني، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ قَالَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ الْمَأْمُونِ فَعَطِشْتُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ لأشرب ماء، فرآني المأمون فقال: مالك لَيْسَ تَنَامُ يا يَحْيَى؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا وَاللَّهِ عَطْشَانُ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى مَوْضِعَكَ، فَقَامَ وَاللَّهِ إِلَى الْبَرَّادَةِ فَجَاءَنِي بِكُوزِ مَاءٍ، وَقَامَ عَلَى رَأْسِي فَقَالَ اشْرَبْ يَا يَحْيَى، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَهَلا وَصِيفٌ أَوْ وَصِيفَةٌ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ نِيَامٌ، قُلْتُ: فَأَنَا كُنْتُ أَقُومُ لِلشُّرْبِ، فَقَالَ لي: لُؤْمٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ ضَيْفَهُ. ثُمَّ قَالَ يَا يَحْيَى، فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَلا أُحَدِّثُكَ، قُلْتُ: بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّشِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمَهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمَنْصُورُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سَيِّدُ الْقَوْمِ خَادِمُهُمْ» .
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن علي الجوهريّ، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني، حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى المكي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن خلاد عَنْ يَحْيَى بن أكثم قَالَ: ما رأيت أكرم من المأمون، بت عنده ليلة فعطش وقد نمنا، فكره أن يصيح بالغلمان فأنتبه- وكنت منتبها- فرأيته قد قام يمشي قليلًا قليلًا إلى البرادة، وبينه وبينها بعيد، حتى شرب ورجع.
قَالَ يَحْيَى: ثم بت عنده ونحن بالشام وما معي أحد فلم يحملني النوم، فأخذ المأمون سعال فرأيته يسد فاه بكم قميصه كي لا أنتبه، ثم حملني آخر الليل النوم، وكان له وقت يقوم فيه يستاك، فكره أن ينبهني، فلما ضاق الوقت عليه تحركت فَقَالَ: اللَّه أكبر، يا غلمان نعل أبي مُحَمَّد.
قَالَ يَحْيَى بن أكثم: وكنت أمشي يومًا مع المأمون في بستان موسى في ميدان البستان، والشمس علي وهو في الظل، فلما رجعنا قَالَ لي كن الآن أنت في
الظل، فأبيت عليه فَقَالَ: أول العدل أن يعدل الملك في بطانته، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ إلى الطبقة السفلى.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بن محمّد الخلّال، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الْحَسَن بن مُحَمَّد الموصلي، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن محمود الْمَرْوَزِيّ قَالَ:
سمعت يَحْيَى بن أكثم الْقَاضِي يَقُول: ما رأيت أكمل آلة من المأمون، وجعل يحدث بأشياء استحسنها من كان في مجلسه، ثم قَالَ: كنت عنده- يعني ليلة- أذاكره وأحدثه، ثم نام وأنتبه فَقَالَ: يا يَحْيَى انظر أيش عند رجلي فنظرت فلم أر شيئًا، فقَالَ شمعة، فتبادر الفراشون فقَالَ انظروا، فنظروا فإذا تحت فراشه حية بطوله فقتلوها، فقلت قد انضاف إلى كمال أمير المؤمنين علم الغيب، فقَالَ: معاذ الله، ولكني هتف بي هاتف الساعة وأنا نائم فَقَالَ:
يا راقد الليل انتبه ... إن الخطوب لها سرى
ثقة الفتى بزمانه ... ثقة محللة العرى
قَالَ: فانتبهت فعلمت أن قد حدث أمر إما قريب، وإما بعيد، فتأملت ما قرب فكان ما رأيت.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن علي المقرئ، أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قَالَ:
سمعتُ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن سليمان الزاهد يَقُول: سمعتُ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السامي يَقُول: سمعت أبا الصلت عبد السلام بن صالح يَقُول: حبسني الخليفة المأمون ليلة، فكنا نتحدث حتى ذهب من الليل ما ذهب وطفئ السراج، ونام القيم الذي كان يصلح السراج، فدعاه فلم يجبه- وكان نائمًا- فقلت: يا أمير المؤمنين أصلحه؟ فَقَالَ لا فأصلحه هو، ثم انتبه الخادم فظننت أنه يعاقبه لأنه كان يناديه وهو نائم فلا يجيبه، قَالَ: فتعجبت أنا فسمعته يَقُول: ربما أكون في المتوضأ فيشتموني- وأظنه قَالَ: ويفترون علي- ولا يدرون أني أسمع، فأعفو عنهم.
أَخْبَرَنَا الجوهري، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا الصولي، حدّثنا عون بن محمّد، حدّثنا عبد الله بن البواب قَالَ: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات، جلس يستاك على دجلة من بغداد من وراء ستره ونحن قيام بين يديه فمر ملاح وهو يَقُول بأعلى صوته: أتظنون أن هذا المأمون ينبل في عيني وقد قتل أخاه؟! قال: فو الله ما زاد على أن تبسم وقَالَ لنا: ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل!
أخبرني الأزهري، حدّثنا محمّد بن جامع، حدّثنا أبو عمر الزاهد، حدّثنا محمّد ابن يزيد المبرد، حَدَّثَنِي عمارة بن عقيل قَالَ: قَالَ ابن أبي حفصة الشّاعر: أعلمت أن أمير المؤمنين لا يبصر الشعر؟ فقلت ماذا يكون أفرس منه واللَّه إنا لننشد أول البيت فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه. قَالَ: إني أنشدته بيتًا أجدت فيه فلم أره تَحرك له، وهذا هو البيت فاسمعه:
أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا ... بالدين والناس بالدّنيا مشاغيل
فقلت له: ما زدت على أن جعلته عجوزًا في محرابها في يدها سبحة، فمن يقوم بأمر الدنيا إذا كان مشغولًا عنها، وهو المطوق لَها؟ ألا قلت كما قَالَ عمك جرير- لعبد العزيز بن الوليد:
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه ... ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي المعدل، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحِيم المازني، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حَدَّثَنَا أبو الفضل الربعي قَالَ: لَمَّا ولد جعفر بن المأمون المعروف بابن بَخّة، دخل المهنئون على المأمون فهنوه بصنوف من التهاني، وكان فيمن دخل العباس بن الأحنف. فمثل قائمًا بين يديه ثم أنشأ يَقُول:
مد لك اللَّه الحياة مدًا ... حتى يريك ابنك هذا جدا
ثم يفدى مثل ما تفدى ... كأنه أنت إذا تبدا
أشبه منك قامة وقدا ... مؤزرًا بِمجده مردى
فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: حكى لي عن ابن عبادة أنه ذكر المأمون يومًا فَقَالَ: كان واللَّه أحد ملوك الأرض، وكان يَجب له هذا الاسم على الحقيقة.
أَخْبَرَنِي الخلّال، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ المقرئ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الوكيل، حَدَّثَنَا القاسم بن مُحَمَّد بن عباد قَالَ: سمعت أبي يَقُول: لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان بن عفان، والمأمون.
أَخْبَرَنَا أبو الفرج أحمد بن عمر بن عثمان الغضاري، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق قَالَ: حدّثنا الحسن بن أبي سعيد، أَخْبَرَنَا ذو الرياستين- في شوال سنة ثنتين ومائتين- أن المأمون ختم في شهر رمضان
ثلاثًا وثلاثين ختمة، أما سمعتم في صوته بحوحة؟ إن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد اليزيدي في أذنه صمم، فكان يرفع صوته ليسمع، وكان يأخذ عليه.
أخبرني الخلّال، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عمران، حدّثنا محمّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا أبو العيناء قَالَ: كان المأمون يَقُول: كان معاوية بعَمْرِهِ، وعبد الملك بحَجَّاجِهِ، وأنا بنفسي.
أخبرني الحسين بن علي الصيمري، حدّثنا محمّد بن عمران المرزباني، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو العيناء قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن أَبِي دؤاد يقول: يعجبني قول المأمون- إذا رفع الطعام من بين يديه-: الحمد لله الذي جعل أرزاقنا أكثر من أقواتنا، وقوله عند شرب الماء البارد: شرب الماء بالثلج أدعى إلى إخلاص الحمد.
أخبرني الخلّال، حدّثنا يوسف بن عمر القواس، حدثنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حزام حاجب المقتدر، حدّثنا أبو عيسى الهاشميّ، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: كنت بحضرة المأمون، فأحضر رجلًا فأمر بضرب عنقه، وكان الرجل من ذوي العقول، فَقَالَ ليَحْيَى بن أكثم: إن أمير المؤمنين قد أمر بضرب عنقي، وإن دمي عليه لحرام، فهل لي في حاجة أسأله إياها، لا تضر بدينه ولا مروءته؟ فإذا فعل ذلك فهو في حل من دمي. فأظهر المأمون تحرجًا، فقَالَ ليَحْيَى بن أكثم سله عنها، فقَالَ الرجل: يضع يده في يدي إلى الموضع الذي يضرب فيه عنقي، فإذا فعل ذلك فهو في حل من دمي، فقام المأمون من مجلسه وضرب بيده إلى يد الرجل، فلم يزل يخبره وينشده ويحدثه، حتى كأنه بعض من آنس به، فلما أن رأى السياف والسيف والموضع الذي يكون فيه مثل هذه الحال، انعطف فقال لأمير المؤمنين المأمون: بحق هذه الصحبة والمحادثة لما عفوت؟ فعفا عنه، وأجزل له الجائزة.
أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين النعالي، أخبرنا أحمد بن نصر الذارع، حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد إِبْرَاهِيم بن إدريس المؤدب، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الجوهري قَالَ: وقف رجل بين يدي المأمون- قد جنى جناية- فقَالَ له: واللَّه لأقتلنك، فقَالَ الرجل: يا أمير المؤمنين تأن علي، فإن الرفق نصف العفو، قَالَ فكيف- وقد حلفت لأقتلنك؟ قَالَ: يا أمير المؤمنين لأن تلقى اللَّه حانثًا، خير لك من أن تلقاه قاتلًا، قَالَ: فخلى سبيله.
أَخْبَرَنَا باي بن جعفر الجيلي، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي يعقوب بن بيان الكاتب قَالَ: سمعت عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن عبد
الأعلى الإسكافي يَقُول: عاش المأمون ثمانيًا وأربعين سنة، وعاش المعتصم مثلها، وطاهر مثلها، وعبيد اللَّه بن طاهر مثلها، وعاش المتوكل ثلاثًا وأربعين سنة، وعاش الفتح مثلها.
أَخْبَرَنَا علي بن أَحْمَد بن عمر المقرئ، أَخْبَرَنَا علي بن أحمد بن أبي قيس، حدّثنا ابن أبي العيناء قَالَ: ومات المأمون ليلة الخميس لعشر خلون من رجب بالبذندون، وهو متوجه يريد الغزو فحمل إلى طرسوس، فدفن بها في دار خاقان الخادم، وصلى عليه أخوه المعتصم.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن أبي بكر، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ، حدّثنا عمر بن حفص السدوسي، أخبرنا مُحَمَّد بن يزيد قَالَ: كانت خلافة المأمون من قتل محمّد ابن هارون عشرين سنة ونحو أربعة أشهر، وتوفي في ناحية طرسوس في رجب سنة ثمان عشرة وتوفي وله ثمان وأربعون سنة، وأمه مراجل البادعسية- أم ولد- وصلى عليه المعتصم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ الْبَرَاءِ قَالَ: ومات المأمون بالبذندون من أرض الروم لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة ثَمان عشرة ومائتين، وحمل إلى طرسوس. قَالَ أَبُو سعيد المخزومي:
ما رأيت النجوم أغنت عن المأ ... مون ولا عن ملكه المأسوس
خلفوه بعرصتي طرسوس ... مثل ما خلفوا أباه بطوس
قَالَ: وكان عمره سبعًا وأربعين سنة، وخلافته من قتل مُحَمَّد عشرون سنة، وخمسة أشهر، واثنان وعشرون يومًا

عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي

Details of عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Al-Dhahabī
Al-Dhahabī (d. 1348 CE) - Siyar aʿlām al-nubalāʾ الذهبي - سير أعلام النبلاء
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156170&book=5577#dca68c
عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ بنِ وَاضِحٍ الحَنْظَلِيُّ
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عَالِمُ زَمَانِهِ، وَأَمِيْرُ الأَتْقِيَاءِ فِي وَقْتِهِ،
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَنْظَلِيُّ مَوْلاَهُم، التُّرْكِيُّ، ثُمَّ المَرْوَزِيُّ، الحَافِظُ، الغَازِي، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خُوَارِزْميَّةٌ.مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
فَطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
فَأَقْدَمُ شَيْخٍ لَقِيَهُ: هُوَ الرَّبِيْعُ بنُ أَنَسٍ الخُرَاسَانِيُّ، تَحَيَّلَ وَدَخَلَ إِلَيْهِ إِلَى السِّجنِ، فَسمِعَ مِنْهُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَخَذَ عَنْ بقَايَا التَّابِعِيْنَ، وَأَكْثَرَ مِنَ التَّرْحَالِ وَالتَّطْوَافِ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَفِي الغَزْوِ، وَفِي التِّجَارَةِ، وَالإِنفَاقِ عَلَى الإِخْوَانِ فِي اللهِ، وَتَجهِيزِهِم مَعَهُ إِلَى الحَجِّ.
سَمِعَ مِنْ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَالجُرَيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَبُرِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بُردَةَ، وَخَالِدٍ الحَذَّاءِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، وَمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، وَأَجْلَحَ الكِنْدِيِّ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَحَنْظَلَةَ السَّدُوْسِيِّ، وَحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ المِصْرِيِّ، وَكَهْمَسٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُوْنُسَ الأَيْلِيِّ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ،
وَهُشَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَبَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.وَصنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ الكَثِيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ شُيُوْخِه، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَقرَانِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، وَالقَطَّانُ، وَعَفَّانُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَحِبَّانُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ، وَمُسْلِمٌ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدَانُ، وَالحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ البُوْرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، وَالحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَأُمَمٌ يَتَعَذَّرُ إِحصَاؤُهُم، وَيَشُقُّ اسْتِقصَاؤُهُم.
وَحَدِيْثُهُ حُجَّةٌ بِالإِجْمَاعِ، وَهُوَ فِي المَسَانِيْدِ وَالأُصُوْلِ.
وَيقعُ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ سِتَّةُ أَنْفُسٍ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَعِدَّةٌ، عَنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ الأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَتِ الفُتْيَا فِي (المَاءُ مِنَ المَاءِ) رُخصَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلاَمِ، ثُمَّ نُهِيَ عَنْهَا.
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَرُوَاتُهُ
ثِقَاتٌ، لَكِنْ لَهُ عِلَّةٌ، لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ سَهْلٍ.ارْتَحَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى: الحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقَ، وَالجَزِيْرَةِ، وَخُرَاسَانَ، وَحَدَّثَ بِأَمَاكِنَ.
قَالَ قَعْنَبُ بنُ المُحَرِّرِ: ابْنُ المُبَارَكِ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، مِنْ تَمِيْمٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: وَلاَؤُهُ لِبَنِي حَنْظَلَةَ.
وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ فِي (تَارِيْخِ مَرْوَ) : كَانَتْ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ خُوَارِزمِيَّةً، وَأَبُوْهُ تُرْكِيٌّ، وَكَانَ عَبداً لِرَجُلٍ تَاجِرٍ مِنْ هَمَذَانَ، مِنْ بَنِي حَنْظَلَةَ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا قَدِمَ هَمَذَانَ، يَخضَعُ لِوَالِدَيْهِ وَيُعَظِّمُهُم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ السِّيْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سُفْيَانَ بِالكُوْفَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
نَظَرَ أَبُو حَنِيْفَةَ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: أَدَّتْ أُمُّهُ
إِلَيْكَ الأَمَانَةَ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بعَبْدِ اللهِ.قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: وُلِدَ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَأَمَّا الحَاكِمُ، فَرَوَى عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ الحَمَّادِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى البَاشَانِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَانَ بنَ عُثْمَانَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: ذَاكَرَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ السُّننَ، فَقُلْتُ: إِنَّ العَجَمَ لاَ يَكَادُوْنَ يَحفَظُوْنَ ذَلِكَ، لَكِنِّي أَذْكُرُ أَنِّي لَبِستُ السَّوَادَ وَأَنَا صَغِيْرٌ، عِنْدَمَا خَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَكَانَ أَخَذَ النَّاسَ كُلَّهُم بِلبسِ السَّوَادِ، الصِّغَارَ وَالكِبَارَ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُكثِرُ الجُلُوْسَ فِي بَيْتِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَسْتَوحِشُ؟
فَقَالَ: كَيْفَ أَسْتَوحِشُ وَأَنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ؟!
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ القَطَّانُ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ أَتَى حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ سَمْتُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مَنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، مِنْ مَرْوَ.
قَالَ: تَعْرِفُ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا فَعَلَ؟
قَالَ: هُوَ الَّذِي يُخَاطِبُكَ.
قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَرَحَّبَ بِهِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ:
أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ، فَقَالَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ لِحَمَّادٍ: سَلْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! تُحِدِّثُهُم، فَإِنَّهُم قَدْ سَأَلُوْنِي؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! يَا أَبَا إِسْمَاعِيْلَ، أُحَدِّثُ وَأَنْتَ حَاضِرٌ.
فَقَالَ: أَقسَمتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ.
فَقَالَ: خُذُوا، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، فَمَا حَدَّثَ بِحَرْفٍ إِلاَّ عَنْ حَمَّادٍ.قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ:
عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ المُبَارَكِ: أَيش يَقُوْلُ الرَّجُلُ إِذَا عَطَسَ؟
قَالَ: الحَمْدُ للهِ.
فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ابْنُ المُبَارَكِ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ، رَجُلٌ صَالِحٌ، يَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَكَانَ جَامِعاً لِلْعِلْمِ.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: جَمَعَ عَبْدُ اللهِ الحَدِيْثَ، وَالفِقْهَ، وَالعَرَبِيَّةَ، وَأَيَّامَ النَّاسِ، وَالشَّجَاعَةَ، وَالسَّخَاءَ، وَالتِّجَارَةَ، وَالمَحَبَّةَ عِنْدَ الفَرْقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى.
عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ إِذَا طَلَبتُ دَقِيْقَ المَسَائِلِ، فَلَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ ابْنِ المُبَارَكِ، أَيِسْتُ مِنْهُ.
عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ الفَرَائِضِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ صَدَقَةَ، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ، قَالَ:مَا لَقِيَ ابْنُ المُبَارَكِ رَجُلاً إِلاَّ وَابْنُ المُبَارَكِ أَفْضَلُ مِنْهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ.
عُمَرُ بنُ مُدْرِكٍ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بنُ شُعْبَةَ المَصِّيْصِيُّ، قَالَ:
قَدِمَ الرَّشِيْدُ الرَّقَّةَ، فَانْجَفَلَ النَّاسُ خَلْفَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَتَقَطَّعَتِ النِّعَالُ، وَارتَفَعَتِ الغَبَرَةُ، فَأَشرَفَتْ أُمُّ وَلَدٍ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ بُرْجٍ مِنْ قَصْرِ الخَشَبِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: عَالِمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَدِمَ.
قَالَتْ: هَذَا -وَاللهِ- المُلْكُ، لاَ مُلْكَ هَارُوْنَ الَّذِي لاَ يَجْمَعُ النَّاسَ إِلاَّ بِشُرَطٍ وَأَعْوَانٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زَيْدٍ الجَهْضَمِيُّ، قَالَ:
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: لَوْ رَأْيْتَهُ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رِزمَةَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ نَاحِيتِكُم مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ زَمْعَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ خَالِدٍ، قَالَ:
تَعَرَّفْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَيَّاشٍ بِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ: مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ خَلَقَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الخَيْرِ، إِلاَّ وَقَدْ جَعَلَهَا فِي عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ.
وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَصْحَابِي أَنَّهُم صَحِبُوهُ مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُطْعِمُهُمُ
الخَبِيْصَ، وَهُوَ الدَّهْرَ صَائِمٌ.قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ سَعِيْدٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الصُّوْفِيُّ بِمَنْبِجَ، قَالَ:
خَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ بَغْدَادَ يُرِيْدُ المَصِّيْصَةَ، فَصَحِبَهُ الصُّوفِيَّةُ،
فَقَالَ لَهُم: أَنْتُم لَكُم أَنْفُسٌ تَحْتَشِمُوْنَ أَنْ يُنفَقَ عَلَيْكُم، يَا غُلاَمُ! هَاتِ الطَّسْتَ.
فَأَلْقَى عَلَيْهِ مِنْدِيلاً، ثُمَّ قَالَ: يُلقِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُم تَحْتَ المِندِيلِ مَا مَعَهُ.
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُلقِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، وَالرَّجُلُ يُلقِي عِشْرِيْنَ، فَأَنفَقَ عَلَيْهِم إِلَى المَصِّيْصَةِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ بِلاَدُ نَفِيرٍ، فَنَقْسِمُ مَا بَقِيَ، فَجَعَلَ يُعطِي الرَّجُلَ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، فَيَقُوْلُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّمَا أَعْطَيْتُ عِشْرِيْنَ دِرْهَماً.
فَيَقُوْلُ: وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يُبَارِكَ اللهُ لِلْغَازِي فِي نَفَقَتِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ المُقْرِئُ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِذَا كَانَ وَقْتُ الحجِّ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، فَيَقُوْلُوْنَ: نَصْحَبُكَ.
فَيَقُوْلُ: هَاتُوا نَفَقَاتِكُم.
فَيَأْخُذُ نَفَقَاتِهِم، فَيَجْعَلُهَا فِي صُنْدُوْقٍ، وَيُقْفِلُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَكتَرِي لَهُم، وَيُخْرِجُهُم مِنْ مَرْوَ إِلَى بَغْدَادَ، فَلاَ يَزَالُ يُنفِقُ عَلَيْهِم، وَيُطعِمُهُم أَطْيَبَ الطَّعَامِ، وَأَطْيَبَ الحَلوَى، ثُمَّ يُخْرِجُهُم مِنْ بَغْدَادَ بِأَحْسَنِ زِيٍّ، وَأَكمَلِ مُرُوءةٍ، حَتَّى يَصِلُوا إِلَى مَدِيْنَةِ الرَّسُوْلِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُوْلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُم مِنَ المَدِيْنَةِ مِنْ طُرَفِهَا؟
فَيَقُوْلُ: كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ
يُخْرِجُهُم إِلَى مَكَّةَ، فَإِذَا قَضَوْا حَجَّهُم، قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُم مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ؟فَيَقُوْلُ: كَذَا وَكَذَا.
فَيَشْتَرِي لَهُم، ثُمَّ يُخْرِجهُم مِنْ مَكَّةَ، فَلاَ يَزَالُ يُنْفِقُ عَلَيْهِم إِلَى أَنْ يَصِيْرُوا إِلَى مَرْوَ، فَيُجَصِّصُ بُيُوْتَهُم وَأَبْوَابَهُم، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، عَمِلَ لَهُم وَلِيمَةً وَكَسَاهُم، فَإِذَا أَكَلُوا وَسُرُّوا، دَعَا بِالصُّنْدُوقِ، فَفَتَحَهُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُم صُرَّتَهُ عَلَيْهَا اسْمُهُ.
قَالَ أَبِي: أَخْبَرَنِي خَادمُهُ أَنَّهُ عَملَ آخرَ سَفْرَةٍ سَافَرَهَا دَعْوَةً، فَقَدَّمَ إِلَى النَّاسِ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ خِوَاناً فَالُوْذَجَ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ لِلْفُضَيْلِ: لَوْلاَكَ وَأَصْحَابَكَ مَا اتَّجَرْتُ.
وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الفُقَرَاءِ، فِي كُلِّ سَنَةٍ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَقضِيَ دَيْناً عَلَيْهِ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى وَكِيلٍ لَهُ.
فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ الكِتَابُ، قَالَ لَهُ الوَكِيلُ: كَمِ الدَّيْنُ الَّذِي سَأَلتَهُ قَضَاءهُ؟
قَالَ: سَبْعُ مائَةِ دِرْهَمٍ.
وَإِذَا عَبْدُ اللهِ قَدْ كَتَبَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ سَبْعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَرَاجَعَهُ الوَكِيلُ، وَقَالَ: إِنَّ الغَلاَّتِ قَدْ فَنِيَتْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ: إِنْ كَانَتِ الغَلاَّتُ قَدْ فَنِيَتْ، فَإِنَّ العُمْرَ أَيْضاً قَدْ فَنِيَ، فَأَجِزْ لَهُ مَا سَبَقَ بِهِ قَلمِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، قَالَ:
كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ كَثِيْرَ الاختِلاَفِ إِلَى طَرَسُوْسَ، وَكَانَ يَنْزِلُ الرَّقَّةَ فِي خَانٍ، فَكَانَ شَابٌّ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، وَيَقُوْمُ بِحَوَائِجِهِ، وَيَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيْثَ، فَقَدِمَ عَبْدُ اللهِ مَرَّةً، فَلَمْ يَرَهُ، فَخَرَجَ فِي النَّفِيْرِ مُسْتَعجِلاً، فَلَمَّا
رَجَعَ، سَأَلَ عَنِ الشَّابِّ، فَقَالَ: مَحْبُوْسٌ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.فَاسْتَدَلَّ عَلَى الغَرِيْمِ، وَوَزَنَ لَهُ عَشْرَةَ آلاَفٍ، وَحَلَّفَهُ أَلاَّ يُخْبِرَ أَحَداً مَا عَاشَ، فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ، وَسَرَى ابْنُ المُبَارَكِ، فَلَحِقَهُ الفَتَى عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الرَّقَّةِ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى أَيْنَ كُنْتَ؟ لَمْ أَرَكَ!
قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! كُنْتُ مَحْبُوْساً بِدَيْنٍ.
قَالَ: وَكَيْفَ خَلصتَ؟
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَضَى دَيْنِي، وَلَمْ أَدرِ.
قَالَ: فَاحْمَدِ اللهَ، وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّجُلُ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ.
أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الفُضَيْلِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لابْنِ المُبَارَكِ:
أَنْتَ تَأْمُرُنَا بِالزُّهْدِ وَالتَّقَلُّلِ وَالبُلْغَةِ، وَنَرَاكَ تَأْتِي بِالبَضَائِعِ، كَيْفَ ذَا؟
قَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَا لأَصُوْنَ وَجْهِي، وَأُكرِمَ عِرضِي، وَأَسْتَعِيْنَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّي.
قَالَ: يَا ابْنَ المُبَارَكِ مَا أَحْسَنَ ذَا إِنْ تَمَّ ذَا.
الفَتْحُ بنُ سُخْرُفٍ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بنُ مُوْسَى، قَالَ:
عُوتِبَ ابْنُ المُبَارَكِ فِيْمَا يُفَرِّقُ مِنَ المَالِ فِي البُلْدَانِ دُوْنَ بَلَدِهِ، قَالَ: إِنِّيْ أَعْرِفُ مَكَانَ قَوْمٍ لَهُم فَضْلٌ وَصِدْقٌ، طَلَبُوا الحَدِيْثَ، فَأَحْسَنُوا طَلَبَهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِم، احْتَاجُوا، فَإِنْ تَرَكْنَاهُم، ضَاعَ عِلْمُهُم، وَإِنْ أَعَنَّاهُم، بَثُّوا العِلْمَ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ أَعْلَمُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلَ مِنْ بَثِّ العِلْمِ.
عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً يُحَدِّثُ للهِ إِلاَّ سِتَّةُ نَفَرٍ، مِنْهُم ابْنُ المُبَارَكِ.
أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الطَّبَّاعِ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: الأَئِمَّةُ أَرْبَعَةٌ:
سُفْيَانُ، وَمَالِكٌ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ.وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ مِنْ سُفْيَانَ، وَلاَ أَحْسَنَ عَقْلاً مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَقشَفَ مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ لِلْحَدِيْثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ، وَلاَ أَشَدَّ تَقَشُّفاً مِنْ شُعْبَةَ، وَلاَ أَعقَلَ مِنْ مَالِكٍ، وَلاَ أَنصَحَ لِلأُمَّةِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ.
أَبُو نَشِيْطٍ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ:
قُلْتُ لابْنِ مَهْدِيٍّ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟
فَقَالَ: ابْنُ المُبَارَكِ.
قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يُخَالِفُوْنَكَ.
قَالَ: إِنَّهُم لَمْ يُجَرِّبُوا، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ.
نُوْحُ بنُ حَبِيْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، وَكَانَ نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحْرِزٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ أَعْلَمُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَعْيَنَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَقَالُوا لَهُ: جَالَسْتَ الثَّوْرِيَّ، وَسَمِعْتَ مِنْهُ، وَمِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَأَيُّهُمَا أَرْجَحُ؟
قَالَ: لَوْ أَنَّ سُفْيَانَ جَهِدَ عَلَى أَنْ يَكُوْنَ يَوْماً مِثْلَ عَبْدِ اللهِ، لَمْ يَقْدِرْ.
ابْنُ أَبِي العَوَّامِ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ شُعَيْبَ بنَ حَرْبٍ يَقُوْلُ:قَالَ سُفْيَانُ: إِنِّيْ لأَشتَهِي مِنْ عُمُرِي كُلِّهِ أَنْ أَكُوْنَ سَنَةً مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَكُوْنَ وَلاَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَحْرٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى الطَّرَسُوْسِيُّ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ سُفْيَانَ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قَالَ: مَنْ أَهْلِ المَشْرِقِ.
قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُم أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟
قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟
قَالَ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ.
قَالَ: وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِقِ؟!
قَالَ: نَعَمْ، وَأَهْلِ المَغْرِبِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ قَالَ:
كَانَ فُضَيْلٌ وَسُفْيَانُ وَمَشْيَخَةٌ جُلُوْساً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَطَلَعَ ابْنُ المُبَارَكِ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: هَذَا رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ.
فَقَالَ فُضَيْلٌ: رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي جَمِيْلٍ، قَالَ:
كُنَّا حَوْلَ ابْنِ المُبَارَكِ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا عَالِمَ الشَّرقِ، حَدِّثْنَا - وَسُفْيَانُ قَرِيْبٌ مِنَّا يَسْمَعُ - فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! عَالِمَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَزِيْرِ يَقُوْلُ: قَدِمْتُ عَلَى سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا وَصِيُّ عَبْدِ اللهِ.
فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ عَبْدَ اللهِ، مَا خَلَّفَ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ قَالَ:شَهِدتُ سُفْيَانَ وَفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، قَالَ سُفْيَانُ لِفُضَيْلٍ: يَا أَبَا عَلِيٍّ! أَيُّ رَجُلٍ ذَهَبَ!
يَعْنِي: ابْنَ المُبَارَكِ.
قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! وَبَقِيَ بَعْدَ ابْنِ المُبَارَكِ مَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ ؟!
مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ:
لَمَّا مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ، بَلَغَنِي أَنَّ هَارُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: مَاتَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.
المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الفَزَارِيَّ يَقُوْلُ: ابْنُ المُبَارَكِ إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ أَجْمَعِيْنَ.
قُلْتُ: هَذَا الإِطلاَقُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَعْنِيٌّ بِمُسْلِمِي زَمَانِهِ.
قَالَ المُسَيَّبُ: وَرَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ المُبَارَكِ قَاعِداً يَسْأَلُهُ.
قَالَ أَبُو وَهْبٍ أَحْمَدُ بنُ رَافِعٍ - وَرَّاقُ سُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ -: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: نَظَرْتُ فِي أَمرِ الصَّحَابَةِ وَأَمرِ عَبْدِ اللهِ، فَمَا رَأَيْتُ لَهُم عَلَيْهِ فَضْلاً، إِلاَّ بِصُحْبَتِهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَزْوِهِم مَعَهُ.
مَحْمُودُ بنُ وَالاَن، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بنَ الحَسَنِ يَمدَحُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَيَقُوْلُ:
إِذَا سَارَ عَبْدُ اللهِ مِنْ مَرْوَ لَيْلَةَ ... فَقَدْ سَارَ مِنْهَا نُوْرُهَا وَجَمَالُهَاإِذَا ذُكِرَ الأَحْبَارُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ ... فَهُم أَنْجُمٌ فِيْهَا وَأَنْتَ هِلاَلُهَا
هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ طَالُوْتَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
انْتَهَى العِلْمُ إِلَى رَجُلَيْنِ: إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ، ثُمَّ إِلَى ابْنِ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ: قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ أَوسَعُ عِلْماً مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بنِ آدَمَ.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوْذَكِيُّ: سَمِعْتُ سَلاَّمَ بنَ أَبِي مُطِيْعٍ يَقُوْلُ: مَا خَلَّفَ ابْنُ المُبَارَكِ بِالمَشْرِقِ مِثْلَهُ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَذَكَرُوا عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَافِظاً.
فَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: كَانَ عَبْدُ اللهِ -رَحِمَهُ اللهُ- كَيِّساً، مُسْتَثْبِتاً، ثِقَةً، وَكَانَ عَالِماً، صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتْ كُتُبُهُ الَّتِي يُحَدِّثُ بِهَا عِشْرِيْنَ أَلْفاً أَوْ وَاحِداً وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ حَمْدَوَيْه بنُ الخَطَّابِ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ نَصْرَ بنَ المُغِيْرَةِ البُخَارِيَّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَمَّاسٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَفقَهَ النَّاسِ ابْنَ المُبَارَكِ، وَأَورَعَ النَّاسِ الفُضَيْلَ، وَأَحْفَظَ النَّاسِ وَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ - وَذَكَرَ أَصْحَابَ سُفْيَانَ - فَقَالَ:خَمْسَةٌ: ابْنُ المُبَارَكِ - فَبَدَأَ بِهِ - وَوَكِيْعٌ، وَيَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: قُلْتُ لابْنِ مَعِيْنٍ: اخْتَلَفَ القَطَّانُ، وَوَكِيْعٌ؟
قَالَ: القَوْلُ قَوْلُ يَحْيَى.
قَالَ: فَإِذَا اخْتَلَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى؟
قَالَ: يَحتَاجُ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: فَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ؟
قَالَ: يَحتَاجُ مَنْ يَفصِلُ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: الأَشْجَعِيُّ؟
قَالَ: مَاتَ الأَشْجَعِيُّ، وَمَاتَ حَدِيْثُهُ مَعَهُ.
قُلْتُ: ابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: ذَاكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
مَحْمُودُ بنُ وَالاَنَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُوْسَى يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَنْ أَثْبَتُ فِي مَعْمَرٍ، ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ؟
وَكَانَ يَحْيَى مُتَّكِئاً، فَجَلَسَ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ خَيْراً مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ، كَانَ عَبْدُ اللهِ سَيِّداً مِنْ سَادَاتِ المُسْلِمِيْنَ.
وَسُئِلَ إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: إِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَعْمَرٍ؟
قَالَ: القَوْلُ قَوْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
الدَّغُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ مُسَاوِرٍ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: هَلْ تَتَحَفَّظُ الحَدِيْثَ؟
فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَقَالَ: مَا تَحَفَّظْتُ حَدِيْثاً قَطُّ، إِنَّمَا آخُذُ الكِتَابَ، فَأَنظُرُ فِيْهِ، فَمَا اشْتَهَيْتُهُ، عَلِقَ بِقَلْبِي.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى: أَخْبَرَنِي صَخْرٌ - صَدِيْقُ ابْنِ المُبَارَكِ - قَالَ:كُنَّا غِلْمَاناً فِي الكُتَّابِ، فَمَرَرْتُ أَنَا وَابْنُ المُبَارَكِ، وَرَجُلٌ يَخطُبُ، فَخَطَبَ خُطْبَةً طَوِيْلَةً، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: قَدْ حَفِظتُهَا.
فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَالَ: هَاتِهَا.
فَأَعَادهَا وَقَدْ حَفِظَهَا.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، قَالَ:
قَالَ لِي أَبِي: لَئِنْ وَجَدْتُ كُتُبَكَ، لأُحَرِقَنَّهَا.
قُلْتُ: وَمَا عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي صَدْرِي.
وَقَالَ أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُزَاحِمٍ: العَجَبُ مِمَّنْ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ رَجُلٍ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلَ حَتَّى يُحَدِّثُه بِهِ.
قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ابْنُ المُبَارَكِ مَرْوَزِيٌّ، ثِقَةٌ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ بِمَكَّةَ أَتَى زَمْزَمَ، فَاسْتَقَى شُربَةً، ثُمَّ اسْتَقبَلَ القِبْلَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي المَوَّالِ حَدَّثَنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ) وَهَذَا أَشرَبُهُ لِعَطَشِ القِيَامَةِ، ثُمَّ شَرِبَهُ.
كَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي المَوَّالِ، وَصَوَابُهُ: ابْنُ المُؤَمَّلِ عَبْدُ اللهِ المَكِّيُّ، وَالحَدِيْثُ بِهِ يُعْرَفُ، وَهُوَ مِنَ الضُّعَفَاءِ، لَكِنْ يَرْوِيْهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ خَبَرُ ابْنِ المُبَارَكِ فَرْدٌ مُنْكَرٌ، مَا أَتَى بِهِ سِوَى سُوَيْدٍ، رَوَاهُ: المَيَانَجِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ.أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: سَمِعْتُ الخَلِيْلَ أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ:
بُغْضُ الحَيَاةِ وَخَوْفُ اللهِ أَخْرَجَنِي ... وَبَيْعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا
إِنِّيْ وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِيَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلاَ وَاللهِ مَا اتَّزَنَا
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِذَا قَرَأَ كِتَابَ (الرِّقَاقِ) ، يَصِيْرُ كَأَنَّهُ ثَوْرٌ مَنْحُوْرٌ، أَوْ بَقَرَةٌ مَنْحُوْرَةٌ مِنَ البُكَاءِ، لاَ يَجْتَرِئُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ دَفَعَهُ.
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيُّ، قَالَ:
كُنَّا سَرِيَّةً مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ فِي بِلاَدِ الرُّوْمِ، فَصَادَفْنَا العَدُوَّ، فَلَمَّا التَقَى الصَّفَّانِ، خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ العَدُوِّ، فَدَعَا إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ دَعَا إِلَى البِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَارَدَهُ سَاعَةً، فَطَعَنَهُ، فَقَتَلَهُ، فَازدَحَمَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَإِذَا هُوَ يَكْتُمُ وَجْهَهُ بِكُمِّهِ، فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ كُمِّهِ، فَمَدَدْتُهُ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَقَالَ: وَأَنْتَ
يَا أَبَا عَمْرٍو مِمَّنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا !!قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا وَهْبٍ يَقُوْلُ: مَرَّ ابْنُ المُبَارَكِ بِرَجُلٍ أَعْمَى، فَقَالَ لَهُ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَدعُوَ لِي أَنْ يَرُدَّ اللهَ عَلَيَّ بَصَرِي.
فَدَعَا اللهَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَأَنَا أَنْظُرُ.
وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ عِيْسَى بنُ عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: اسْتَعَرتُ قَلَماً بِأَرْضِ الشَّامِ، فَذَهَبتُ عَلَى أَنْ أَرُدَّهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مَرْوَ، نَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ مَعِي، فَرَجَعتُ إِلَى الشَّامِ حَتَّى رَدَدْتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ.
قَالَ أَسْوَدُ بنُ سَالِمٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ إِمَاماً يُقْتَدَى بِهِ، كَانَ مِنْ أَثبَتِ النَّاسِ فِي السُّنَّةِ، إِذَا رَأَيْتَ رَجُلاً يَغمِزُ ابْنَ المُبَارَكِ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلاَمِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ بِهَا، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المُقْرِئُ، وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّرَّاحِ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاءِ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المُرْهفِ المِقْدَادُ بنُ أَبِي القَاسِمِ القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الرَّزَازُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلاَّنَ فِي كِتَابِهِ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ دَاوُدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الوَكِيْلَ أَخْبَرَهُم، قَالُوا:أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَكَتَبَ إِلَيْنَا الفَخْرُ عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَتْنَا نِعْمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، قَالَ سبْعَتُهُم:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدِّلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمَائَتَيْنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو المُصْعَبِ مِشْرَحُ بنُ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا ) .
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، ... فَذَكَرَهُ.
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، قَالَ: انْظُرُوا فُلاَناً لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَإِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَهُ فِي ابْنَتِي قَوْلاً كَشَبِيْهِ العِدَةِ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى الله -تَعَالَى- بِثُلُثِ النِّفَاقِ، وَأُشْهِدُكُم أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ.
هَارُوْنُ ثِقَةٌ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْحَقْ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي زَمَانِ ابْنِ المُبَارَكِ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنْهُ.وَعَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَهُوَ فِي المُحَدِّثِيْنَ مِثْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي النَّاسِ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ مَوْلَى ابْنِ المُبَارَكِ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِثْلُ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، وَمَخْلَدِ بنِ الحُسَيْنِ، فَقَالُوا:
تَعَالَوْا نَعُدُّ خِصَالَ ابْنِ المُبَارَكِ مِنْ أَبْوَابِ الخَيْرِ، فَقَالُوا: العِلْمُ، وَالفِقْهُ، وَالأَدَبُ، وَالنَّحْوُ، وَاللُّغَةُ، وَالزُّهْدُ، وَالفَصَاحَةُ، وَالشِّعْرُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ، وَالعِبَادَةُ، وَالحَجُّ، وَالغَزْوُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالفُرُوْسِيَّةُ، وَالقُوَّةُ، وَتَرْكُ الكَلاَمِ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْهِ، وَالإِنصَافُ، وَقِلَّةُ الخِلاَفِ عَلَى أَصْحَابِهِ.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُبَارَكِ: قَرَأْتُ البَارِحَةَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
فَقَالَ: لَكِنِّي أَعْرِفُ رَجُلاً لَمْ يَزَلِ البَارِحَةَ يُكَرِّرُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إِلَى الصُّبْحِ، مَا قَدِرَ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا -يَعْنِي نَفْسَهُ-.
قَالَ العَبَّاسُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ البُنَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ:
حَمَلتُ العِلْمَ عَنْ أَرْبَعَةِ آلاَفِ شَيْخٍ، فَرَويتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ.
ثُمَّ قَالَ العَبَّاسُ: فَتَتَبَّعْتُهُم حَتَّى وَقَعَ لِي ثَمَانُ مائَةِ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ حَبِيْبٌ الجَلاَّبُ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الإِنْسَانُ؟
قَالَ: غَرِيْزَةُ عَقْلٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: حُسْنُ أَدَبٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: أَخٌ شَفِيْقٌ يَسْتَشِيْرُهُ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: صَمْتٌ طَوِيْلٌ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ؟
قَالَ: مَوْتٌ عَاجِلٌ.
وَرَوَى: عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:إِذَا غَلَبَتْ مَحَاسِنُ الرَّجُلِ عَلَى مَسَاوِئِهِ، لَمْ تُذْكَرِ المَسَاوِئُ، وَإِذَا غَلَبَتِ المَسَاوِئُ عَنِ المَحَاسِنِ، لَمْ تُذْكَرِ المَحَاسِنُ.
قَالَ نُعَيْمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
عَجِبتُ لِمَنْ لَمْ يَطلُبِ العِلْمَ، كَيْفَ تَدعُوْهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ؟!
قَالَ عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: قَالَ لِي عَطَاءُ بنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: مَا رَأَيْتَ وَلاَ تَرَى مِثْلَهُ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ جَنَّادٍ: وَسَمِعْتُ العُمَرِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ فِي دَهْرِنَا هَذَا مَنْ يَصلُحُ لِهَذَا الأَمْرِ -يَعْنِي: الإِمَامَةَ- إِلاَّ ابْنَ المُبَارَكِ.
قَالَ مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ، تُصِيْبُ عِنْدَهُ الشَّيءَ الَّذِي لاَ تُصِيْبُهُ عِنْدَ أَحَدٍ.
قَالَ شَقِيْقٌ البَلْخِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ لِمَ لاَ تَجْلِسُ مَعَنَا؟
قَالَ: أَجلِسُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، أَنْظُرُ فِي كُتُبِهِم وَآثَارِهِم، فَمَا أَصْنَعُ مَعَكُم؟ أَنْتُم تَغْتَابُوْنَ النَّاسَ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: لِيَكُنْ عُمْدَتُكُم الأَثَرُ، وَخُذُوا مِنَ الرَّأْيِ مَا يُفَسِّرُ لَكُمُ الحَدِيْثَ.
مَحْبُوبُ بنُ الحَسَنِ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
مَنْ بَخِلَ بِالعِلْمِ، ابْتُلِي بِثَلاَثٍ: إِمَّا مَوْتٌ يُذْهِبُ عِلْمَهُ، وَإِمَّا يَنْسَى، وَإِمَّا يَلْزَمُ السُّلْطَانَ، فَيَذْهَبُ عِلْمُهُ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْفَعَةِ العِلْمِ أَنْ يُفِيْدَ بَعْضُهُم بَعْضاً.
المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ قِيْلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَطلُبُ الحَدِيْثَ للهِ، يَشتَدُّ فِي سَنَدِهِ.قَالَ: إِذَا كَانَ للهِ، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَشتَدَّ فِي سَنَدِهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا فِي القَلْبِ، وَالذُّنُوْبُ فَقَدِ احْتَوَشَتْهُ، فَمَتَى يَصِلُ الخَيْرُ إِلَيْهِ؟
وَعَنْهُ، قَالَ: لَوِ اتَّقَى الرَّجُلُ مائَةَ شَيْءٍ، وَلَمْ يَتَّقِ شَيْئاً وَاحِداً، لَمْ يَكُ مِنَ المُتَّقِيْنَ، وَلَو تَوَرَّعَ عَنْ مائَةِ شَيْءٍ، سِوَى وَاحِدٍ، لَمْ يَكُنْ وَرِعاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خُلَّةٌ مِنَ الجَهْلِ، كَانَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ، أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُوْلُ لِنُوْحٍ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مِنْ أَجْلِ ابْنِهِ: {إِنِّيْ أَعِظُكَ أَنْ تَكُوْنَ مِنَ الجَاهِلِيْنَ} [هُوْدُ: 460] .
إِسْنَادُهَا لاَ يَصِحُّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ خِلاَفُ هَذَا، وَأَنَّ الاعْتِبَارَ بِالكَثْرَةِ، وَمُرَادُهُ بِالخُلَّةِ مِنَ الجَهْلِ: الإِصرَارُ عَلَيْهَا.
وَجَاءَ أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ سُئِلَ: مَنِ النَّاسُ؟
فَقَالَ: العُلَمَاءُ.
قِيْلَ: فَمَنِ المُلُوْكُ؟
قَالَ: الزُّهَّادُ.
قِيْلَ: فَمَنِ الغَوْغَاءُ؟
قَالَ: خُزَيْمَةُ وَأَصْحَابُهُ -يَعْنِي: مِنْ أُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ-.
قِيْلَ: فَمَنِ السَّفِلَةُ؟
قَالَ: الَّذِيْنَ يَعِيْشُوْنَ بِدِيْنِهِم.
وَعَنْهُ، قَالَ: لِيَكُنْ مَجْلِسُكَ مَعَ المَسَاكِيْنِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَجلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ قَدْرَ نَفْسِهِ، يَصِيْرُ عِنْدَ نَفْسِهِ أَذَلَّ مِنْ كَلْبٍ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يَقَعُ مَوقِعَ الكَسْبِ عَلَى العِيَالِ شَيْءٌ، وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيْلِ اللهِ.
وَقَالَ: رُبَّ عَمَلٍ صَغِيْرٍ تُكَثِّرُهُ النِّيَّةُ، وَرُبَّ عَمَلٍ كَثِيْرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّةُ.أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ إِجَازَةً، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغِدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَنْ أَبَوَيهِ، فَقَالَ: مَنْ يَرْوِيْهِ؟
قُلْتُ: شِهَابُ بنُ خِرَاشٍ.
قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟
قُلْتُ: عَنِ الحَجَّاجِ بنِ دِيْنَارٍ.
قَالَ: ثِقَةٌ، عَمَّنْ؟
قُلْتُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَفَاوِزُ تَنْقَطِعُ فِيْهَا أَعْنَاقُ الإِبِلِ.
أَخْبَرَنَا بِيْبَرْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَجْدِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّوَامِيُّ، أَخْبَرَتْنَا تَجَنِّي مَوْلاَةُ ابْنِ وَهْبَانَ، وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَرْدَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الخَطِيْبُ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةُ، وَفَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ح) .
وَأَخْبَرَتْنَا سِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ النَّاصِحِ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَغْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحَفَّارُ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُجَشِّرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
عَاصِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ - وَمَرَرْتُ مَعَهُ بِبُقْعَةٍ - فَقَالَ:سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (رُبَّ يَمِيْنٍ لاَ تَصْعَدُ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي هَذِهِ البُقْعَةِ ) .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَأَيْتُ فِيْهَا النَّخَّاسِيْنَ.
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ المُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَكُلُّ مُسْكرٍ خَمْرٌ ) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاغِدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
إِنَّا لَنَحكِي كَلاَمَ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارِى، وَلاَ نَستَطِيْعُ أَنْ نَحكِيَ كَلاَمَ الجَهْمِيَّةِ.
وَبِهِ: إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ: سَمِعْتُ أَبَا يَحْيَى يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ: كَيْفَ يُعْرَفُ رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ-؟قَالَ: فِي السَّمَاءِ عَلَى العَرْشِ.
قُلْتُ لَهُ: إِنَّ الجَهْمِيَّةَ تَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ: لاَ نَقُوْلُ كَمَا قَالَتِ الجَهْمِيَّةُ، هُوَ مَعَنَا هَا هُنَا.
قُلْتُ: الجَهْمِيَّةُ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ البَارِي -تَعَالَى- فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالسَّلَفُ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ عِلْمَ البَارِي فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: {وَهُوَ مَعَكُم أَيْنَمَا كُنْتُمْ} [الحَدِيْدُ: 4] يَعْنِي: بِالعِلْمِ، وَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ اسْتَوَى، كَمَا نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ - وَهُوَ إِمَام وَقْتِهِ -: كُنَّا - وَالتَّابِعُوْنَ مُتَوَافِرُوْنَ - نَقُوْلُ:
إِنَّ اللهَ -تَعَالَى- فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤمِنُ بِمَا وَردَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الطَّوَائِفِ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمرَارُ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا كَمَا جَاءتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ تَحرِيْفٍ، وَلاَ تَشْبِيْهٍ وَلاَ تَكْيِيفٍ، فَإِنَّ الكَلاَمَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الكَلاَمِ فِي الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.
وَقَدْ عَلِمَ المُسْلِمُوْنَ أَنَّ ذَاتَ البَارِي مَوْجُوْدَةٌ حَقِيْقَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا، وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ -تَعَالَى- مَوْجُوْدَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْهُ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ اللُّبْنَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ ) لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ
الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، قَالَ:سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: كَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْرِفَ رَبَّنَا؟
قَالَ: عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِه، وَلاَ نَقُوْلُ كَمَا تَقُوْلُ الجَهْمِيَّةُ: إِنَّهُ هَا هُنَا فِي الأَرْضِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ فِي هَذَا الكِتَاب بِإِسْنَادِهِ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ:
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَدْ خِفْتُ اللهَ -تَعَالَى- مِنْ كَثْرَةِ مَا أَدْعُو عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ: لاَ تَخَفْ، فَإِنَّهُم يَزْعُمُوْنَ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: كُلُّ حَدِيْثٍ لاَ يَعْرِفُهُ ابْنُ المُبَارَكِ، فَنَحْنُ مِنْهُ بَرَاءٌ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: فِي صَحِيْحِ الحَدِيْثِ شُغْلٌ عَنْ سَقِيْمِهِ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلعِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الحَاجِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ:
سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ قَرَأَ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ العَظِيْمِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ: قُمْتُ لأَخْرُجَ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَذَاكَرَنِي عِنْد البَابِ بِحَدِيْثٍ - أَوْ ذَاكَرْتُهُ - فَمَا زِلْنَا نَتَذَاكَرُ حَتَّى جَاءَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ.وَقَالَ فَضَالَةُ النَّسَائِيُّ: كُنْتُ أُجَالِسُهُم بِالكُوْفَةِ، فَإِذَا تَشَاجَرُوا فِي حَدِيْثٍ، قَالُوا: مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا الطَّبِيْبِ حَتَّى نَسْأَلَه - يَعنُوْنَ: ابْنَ المُبَارَكِ -.
قَالَ وَهْبُ بنُ زَمْعَةَ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَدِيْثٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الحَمِيْدِ! تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ لَقِيْتَ مَنْصُوْرَ بنَ المُعْتَمِرِ؟
فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَنَا مِثْلُ عَبْدِ اللهِ، أَحْمِلُ عِلْمَ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَعِلمَ أَهْلِ العِرَاقِ، وَأَهْلِ الحِجَازِ، وَأَهْلِ اليَمَنِ، وَأَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ لِيَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَهُ.
فَقَالَ الشَّرِيْفُ لِغُلاَمِهِ: قُمْ، فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لاَ يَرَى أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَلَمَّا قَامَ لِيَركَبَ، جَاءَ ابْنُ المُبَارَكِ لِيُمْسِكَ بِرِكَابِه، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تَفْعَلُ هَذَا، وَلاَ تَرَى أَنْ تُحَدِّثَنِي؟
فَقَالَ: أَذِلُّ لَكَ بَدَنِي، وَلاَ أَذِلُّ لَكَ الحَدِيْثَ.
رَوَى المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ المُبَارَكِ - وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ يَأْخُذُ - فَقَالَ:
قَدْ يَلقَى الرَّجُلُ ثِقَةً، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، وَقَدْ يَلْقَى الرَّجُلُ غَيْرَ ثِقَةٍ يُحَدِّثُ عَنْ ثِقَةٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ: ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ.
عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ
ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ قَطُّ: (حَدَّثَنَا) ، كَانَ يَرَى (أَخْبَرَنَا) أَوْسَعَ، وَكَانَ لاَ يَرُدُّ عَلَى أَحَدٍ حَرفاً إِذَا قَرَأَ.وَقَالَ نُعَيْمٌ: مَا رَأَيْتُ أَعقَلَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ أَكْثَرَ اجْتِهَاداً فِي العِبَادَةِ.
الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي حَدِيْثِ ثَوْبَانَ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسْتَقِيْمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ ) : يُفَسِّرُهُ حَدِيْثُ أُمِّ سَلَمَةَ: (لاَ تَقْتُلُوْهُمْ مَا صَلَّوْا ) .
وَاحْتَجَّ ابْنُ المُبَارَكِ فِي مَسْأَلَةِ الإِرْجَاءِ، وَأَنَّ الإِيْمَانَ يَتَفَاوَتُ، بِمَا رَوَى عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هُزَيْلِ بنِ شُرَحْبِيْلَ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: لَوْ وُزِنَ إِيْمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيْمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ، لَرَجَحَ.
قُلْتُ: مُرَادُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَهْلُ أَرْضِ زَمَانِهِ.
نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
السَّيْفُ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِتْنَةٌ، وَلاَ أَقُوْلُ لأَحَدٍ مِنْهُم هُوَ مَفْتُونٌ.
وَعَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَسُئِلَ: مَنِ السِّفْلَةُ؟قَالَ: الَّذِي يَدُورُ عَلَى القُضَاةِ يَطلُبُ الشَّهَادَاتِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّ البُصرَاءَ لاَ يَأْمنُوْنَ مِنْ أَرْبَعٍ: ذَنْبٍ قَدْ مَضَى لاَ يُدْرَى مَا يَصْنَعُ فِيْهِ الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعُمُرٍ قَدْ بَقِيَ لاَ يُدْرَى مَا فِيْهِ مِنَ الهَلَكَةِ، وَفَضْلٍ قَدْ أُعْطِيَ العَبْدُ لَعَلَّهُ مَكْرٌ وَاسْتِدْرَاجٌ، وَضَلاَلَةٌ قَدْ زُيِّنَتْ، يَرَاهَا هُدَىً، وَزَيْغِ قَلْبٍ سَاعَةً فَقَدْ يُسلَبُ المَرْءُ دِيْنَهُ وَلاَ يَشعُرُ.
قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ دِيْنَارٍ؛ صَاحِبُ ابْنِ المُبَارَكِ:
إِنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يَتَصَدَّقُ لِمُقَامِهِ بِبَغْدَادَ كُلَّ يَوْمٍ بِدِيْنَارٍ.
وَعَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ السُّكَّرِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُعجِبُه إِذَا خَتَمَ القُرْآنَ أَنْ يَكُوْنَ دُعَاؤُهُ فِي السُّجُودِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ نُوْحٍ المَوْصِلِيُّ: قَدِمَ الرَّشِيْدُ عَيْنَ زَرْبَةَ، فَأَمَرَ أَبَا سُلَيْمٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بَابْنِ المُبَارَكِ.
قَالَ: فَقُلْتُ: لاَ آمَنُ أَنْ يُجِيْبَ ابْنُ المُبَارَكِ بِمَا يَكرَهُ، فَيَقتُلُهُ، فَقُلْتُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هُوَ رَجُلٌ غَلِيْظُ الطِّبَاعِ، جِلْفٌ.
فَأَمسَكَ الرَّشِيْدُ.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْأَلُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنِ الرَّجُلِ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفطِرُ يَوْماً.
قَالَ: هَذَا رَجُل يُضِيعُ نِصْفَ عُمُرِهِ، وَهُوَ لاَ يَدْرِي.
يَعْنِي: لِمَ لاَ يَصُوْمُهَا.
قُلْتُ: أَحسِبُ ابْنَ المُبَارَكِ لَمْ يَذْكُرْ حِيْنَئِذٍ حَدِيْثَ: (أَفْضَلُ
الصَّوْمِ صَوْمُ دَاوُدَ ) ، وَلاَ حَدِيْثَ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ.قَالَ أَبُو وَهْبٍ المَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ: مَا الكِبْرُ؟
قَالَ: أَنْ تَزْدَرِيَ النَّاسَ.
فَسَأَلْتُهُ عَنِ العُجْبِ؟
قَالَ: أَنْ تَرَى أَنَّ عِنْدَكَ شَيْئاً لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِك، لاَ أَعْلَمُ فِي المُصَلِّيْنَ شَيْئاً شَرّاً مِنَ العُجْبِ.
قَالَ حَاتِمُ بنُ الجَرَّاحِ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَرْحَةٍ خَرَجتْ فِي رُكبَتِهِ مُنْذُ سَبْعِ سِنِيْنَ، وَقَدْ عَالَجتُهَا بِأَنْوَاعِ العِلاَجِ، وَسَأَلْتُ الأَطِبَّاءَ، فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِهِ.
فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ، فَاحفِرْ بِئْراً فِي مَكَانِ حَاجَةٍ إِلَى المَاءِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَنبُعَ هُنَاكَ عَيْنٌ، وَيُمْسِكَ عَنْكَ الدَّمَ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ، فَبَرَأَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُحَدِّثُ مِنَ الكِتَابِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَقطٌ كَثِيْرٌ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَكَانَ يَكُوْنُ لَهُ سَقطٌ كَمْ يَكُوْنُ حَفِظُ الرَّجُلِ.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ ابْنَ المُبَارَكِ قِيْلَ لَهُ: إِلَى مَتَى تَكتُبُ العِلْمَ؟
قَالَ: لَعَلَّ الكَلِمَةَ الَّتِي أَنْتَفِعُ بِهَا لَمْ أَكتُبْهَا بَعْدُ.
قَالَ عَمْرٌو النَّاقِدُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ يُشْبِهُ ابْنَ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي زَائِدَةَ.
وَقَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: جَالَسْتُ أَيُّوْبَ، وَابْنَ عَوْنٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيْهِم مَنْ أُفَضِّلُهُ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ.قَالَ عَبْدَانُ: قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ - وَذَكَرَ التَّدْلِيسَ - فَقَالَ فِيْهِ قَوْلاً شَدِيْداً، ثُمَّ أَنْشَدَ:
دَلَّسَ لِلنَّاسِ أَحَادِيْثَهُ ... وَاللهُ لاَ يَقْبَلُ تَدْلِيْسَا
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: مَنِ اسْتَخَفَّ بِالعُلَمَاءِ، ذَهَبتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالأُمَرَاءِ، ذَهَبتْ دُنْيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالإِخْوَانِ، ذَهَبتْ مُرُوءتُهُ.
قَدْ أَسلَفْنَا لِعَبْدِ اللهِ مَا يَدلُّ عَلَى فُرُوْسِيَّتِه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سِنَانٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ، وَمُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ بِطَرَسُوْسَ، فَصَاحَ النَّاسُ: النَّفِيرُ.
فَخَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ، وَالنَّاسُ، فَلَمَّا اصطَفَّ الجَمْعَانِ، خَرَجَ رُوْمِيٌّ، فَطَلَبَ البِرَازَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَشَدَّ العِلْجُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ سِتَّةً مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ يَطلُبُ المُبَارَزَةَ، وَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ! إِنْ قُتِلْتُ، فَافعَلْ كَذَا وَكَذَا.
ثُمَّ حَرَّكَ دَابَّتَه، وَبَرَزَ لِلْعِلْجِ، فَعَالَجَ مَعَهُ سَاعَةً، فَقَتَلَ العِلْجَ، وَطَلَبَ المُبَارَزَةَ، فَبَرَزَ لَهُ عِلْجٌ آخَرُ، فَقَتَلَهُ، حَتَّى قَتَلَ سِتَّةَ عُلُوجٍ، وَطَلَبَ البِرَازَ، فَكَأَنَّهُم كَاعُوا عَنْهُ،
فَضَرَبَ دَابَّتَه، وَطَرَدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ غَابَ، فَلَمْ نَشْعُرْ بِشَيْءٍ، وَإِذَا أَنَا بِهِ فِي المَوْضِعِ الَّذِي كَانَ، فَقَالَ لِي:يَا عَبْدَ اللهِ! لَئِنْ حَدَّثتَ بِهَذَا أَحَداً، وَأَنَا حَيٌّ ... ، فَذَكَرَ كَلِمَةً.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الفَرَّاءُ: سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ عَنْ كِتَابَةِ العِلْمِ، فَقَالَ: لَوْلاَ الكِتَابُ مَا حَفِظْنَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الحِبْرُ فِي الثَّوْبِ خَلُوْقُ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ: تَوَاطُؤُ الجِيْرَانِ عَلَى شَيْءٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ المُبَارَكِ مَرَّ بِرَاهِبٍ عِنْدَ مَقْبُرَةٍ وَمَزْبَلَةٍ، فَقَالَ:
يَا رَاهِبُ، عِنْدَكَ كَنْزُ الرِّجَالِ، وَكَنْزُ الأَمْوَالِ، وَفِيْهِمَا مُعْتَبَرٌ.
وَقَدْ تَفَقَّهَ ابْنُ المُبَارَكِ بِأَبِي حَنِيْفَةَ، وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِي تَلاَمِذَتِهِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ غَنِيّاً، شَاكِراً، رَأْسُ مَالِهِ نَحْوُ الأَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى: رَأَيْتُ سُفرَةَ ابْنِ المُبَارَكِ حُمِلَتْ عَلَى عَجَلَةٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ: رَأَيْتُ بَعِيْرَيْنِ مُحَمَّلَيْنِ دَجَاجاً مَشْوِياً لِسُفْرَةِ ابْنِ المُبَارَكِ.
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْمٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَكَانَ يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ، فَيُشْوَى لَهُ جَدْيٌ، وَيُتَّخَذُ لَهُ فَالُوذَقُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
إِنِّيْ دَفَعتُ إِلَى وَكِيلِي أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَمَرتُهُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ حَمَّادٍ: دَخَلَ أَبُو أُسَامَةَ عَلَى ابْنِ المُبَارَكِ، فَوَجَدَ فِي
وَجْهِه عَبْدُ اللهِ أَثَرَ الضُّرِّ، فَلَمَّا خَرَجَ، بَعَثَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ:وَفَتَىً خَلاَ مِنْ مَالِهِ ... وَمِنَ المُرُوءةِ غَيْرُ خَالِ
أَعْطَاكَ قَبْلَ سُؤَالِهِ ... وَكَفَاكَ مَكْرُوهَ السُّؤَالِ
وَقَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: سُدَّ بِهَا فِتْنَةَ القَوْمِ عَنْكَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمَ: قُلْتُ لِعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ:
كَيْفَ فَضَلَكُمُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَسَنَّ مِنْكُم؟
قَالَ: كَانَ يَقْدَمُ، وَمَعَهُ الغِلْمَةُ الخُرَاسَانِيَّةُ، وَالبِزَّةُ الحَسَنَةُ، فَيَصِلُ العُلَمَاءَ، وَيُعْطِيْهِم، وَكُنَّا لاَ نَقدِرُ عَلَى هَذَا.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: قَدِمَ ابْنُ المُبَارَكِ أَيْلَةَ عَلَى يُوْنُسَ بنِ يَزِيْدَ، وَمَعَهُ غُلاَمٌ مُفرَّغٌ لِعَمَلِ الفَالُوذَجِ، يَتَّخِذُهُ لِلْمُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ فِي كِتَابِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ ) .
فَقُلْتُ لِلْوَلِيْدِ: أَيْنَ سَمِعْتَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ؟
قَالَ: فِي الغَزْوِ.
عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ: لِيَكُنْ مَجْلِسُكَ مَعَ المَسَاكِيْنِ، وَاحْذَرْ أَنْ تَجلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.قَالَ الحَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ فِي السَّفَرِ، قَالَ: أَشْتَهِي سَوِيْقاً.
فَلَمْ نَجِدْه إِلاَّ عِنْدَ رَجُلٍ كَانَ يَعْمَلُ لِلسُّلْطَانِ، وَكَانَ مَعَنَا فِي السَّفِيْنَةِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: دَعُوْهُ.
فَمَاتَ وَلَمْ يَشْرَبْهُ.
قَالَ العَلاَءُ بنُ الأَسْوَدِ: ذُكِرَ جَهْمٌ عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَقَالَ:
عَجِبتُ لِشَيْطَانٍ أَتَى النَّاسَ دَاعِياً ... إِلَى النَّارِ وَانشَقَّ اسْمُهُ مِنْ جَهَنَّمِ
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ بِأَهْلِهِ الضِّيْقُ، أَمَرَهُمْ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً، نَحْنُ نَرْزُقُكَ}.
هَذَا مُرْسَلٌ، قَدِ انْقَطَع فِيْهِ مَا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَجَدِّ أَبِيْهِ عَبْدِ اللهِ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ -رَحِمَهُ اللهُ- شَاعِراً، مُحْسِناً، قَوَّالاً بِالحَقِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَمِيْلٍ المَرْوَزِيُّ: قِيْلَ لابْنِ المُبَارَكِ:
إِنَّ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عُلَيَّةَ قَدْ وَلِي القَضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
يَا جَاعِلَ العِلْمِ لَهُ بَازِياً ... يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِيْنِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا ... بِحِيْلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّيْنِفِصِرتَ مَجْنُوْناً بِهَا بَعْد مَا ... كُنْتَ دَوَاءً لِلمَجَانِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِي سَرْدِهَا ... عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيْرِيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيْمَا مَضَى ... فِي تَرْكِ أَبْوَابِ السَّلاَطِيْنِ
إِنْ قُلْتَ: أُكْرِهْتُ، فَمَاذَا كَذَا ... زَلَّ حِمَارُ العِلْمِ فِي الطِّيْنِ
وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي نَصِيْبِيْنَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي سُكَيْنَةَ، قَالَ:
أَمْلَى عَلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَأَنفَذَهَا مَعِي إِلَى الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ مِنْ طَرَسُوْسَ:
يَا عَابِدَ الحَرَمِيْنِ لَوْ أَبْصَرْتَنَا ... لَعَلِمْتَ أَنَّكَ فِي العِبَادَةِ تَلْعَبُ
مَنْ كَانَ يَخْضِبُ جِيْدَهُ بِدُمُوْعِهِ ... فَنُحُوْرُنَا بِدِمَائِنَا تَتَخَضَّبُ
أَوْ كَانَ يُتْعِبُ خَيْلَهُ فِي بَاطِلٍ ... فَخُيُوْلُنَا يَوْمَ الصَّبِيْحَةِ تَتْعَبُ
رِيْحُ العَبِيْرِ لَكُمْ وَنَحْنُ عَبِيْرُنَا ... رَهَجُ السَّنَابِكِ وَالغُبَارُ الأَطْيَبُ
وَلَقَدْ أَتَانَا مِنْ مَقَالِ نَبِيِّنَا ... قَوْلٌ صَحِيْحٌ صَادِقٌ لاَ يُكْذَبُ:
لاَ يَسْتَوِي وَغُبَارُ خَيْلِ اللهِ فِي ... أَنْفِ امْرِئٍ وَدُخَانُ نَارٍ تَلهبُ
هَذَا كِتَابُ اللهِ يَنْطِقُ بَيْنَنَا ... لَيْسَ الشَّهِيْدُ بِمَيِّتٍ لاَ يُكْذَبُ
فَلَقِيْتُ الفُضَيْلَ بِكِتَابِهِ فِي الحَرَمِ، فَقَرَأَهُ، وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَصَحَ.قَالَ ابْنُ سَهْمٍ الأَنْطَاكِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنْشِدُ:
فَكَيْفَ قَرَّتْ لأَهْلِ العِلْمِ أَعْيُنُهُم ... أَوِ اسْتَلَذُّوا لَذِيذَ النَّوْمِ أَوْ هَجَعُوا
وَالنَّارُ ضَاحِيَةٌ لاَ بُدَّ مَوْرِدُهَا ... وَلَيْسَ يَدْرُوْنَ مَنْ يَنْجُو وَمَنْ يَقَعُ
وَطَارَتِ الصُّحْفُ فِي الأَيْدِي مُنَشَّرَةً ... فِيْهَا السَّرَائِرُ وَالجَبَّارُ مُطَّلِعُ
إِمَّا نَعِيْمٌ وَعَيْشٌ لاَ انْقِضَاءَ لَهُ ... أَوِ الجَحِيمُ فَلاَ تُبْقِي وَلاَ تَدَعُ
تَهْوِي بِسَاكِنِهَا طَوْراً وَتَرْفَعُهُ ... إِذَا رَجَوْا مَخْرَجاً مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
لِيَنْفَعِ العِلْمُ قَبْلَ المَوْتِ عَالِمَهُ ... قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا
وَرَوَى: إِسْحَاقُ بنُ سُنَيْنٍ لابْنِ المُبَارَكِ:
إِنِّيْ امْرُؤٌ لَيْسَ فِي دِيْنِي لِغَامِزِه ... لِيْنٌ، وَلَسْتُ عَلَى الإِسْلاَمِ طَعَّانَا
فَلاَ أَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَلاَ عُمَراً ... وَلَنْ أَسُبَّ - مَعَاذَ اللهِ - عُثْمَانَا
وَلاَ ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ أَشْتِمُهُ ... حَتَّى أُلَبَّسَ تَحْتَ التُّربِ أَكْفَانَا
وَلاَ الزُّبَيْرَ حَوَارِيَّ الرَّسُوْلِ، وَلاَ ... أُهْدِي لِطَلْحَةَ شَتْماً عَزَّ أَوْ هَانَاوَلاَ أَقُوْلُ: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ، إِذاً ... قَدْ قُلْتُ -وَاللهِ- ظُلْماً ثُمَّ عُدْوَانَا
وَلاَ أَقُوْلُ بِقَوْلِ الجَهْمِ، إِنَّ لَهُ ... قَوْلاً يُضَارِعُ أَهْلَ الشِّركِ أَحْيَانَا
وَلاَ أَقُوْلُ: تَخَلَّى مِنْ خَلِيقَتِهِ ... رَبُّ العِبَادِ وَوَلَّى الأَمْرَ شَيْطَانَا
مَا قَالَ فِرْعَوْنُ هَذَا فِي تَمَرُّدِهِ ... فِرْعَوْنُ مُوْسَى وَلاَ هَامَانُ طُغْيَانَا
اللهُ يَدْفَعُ بِالسُّلْطَانِ مُعْضِلَةً ... عَنْ دِيْنِنَا رَحْمَةً مِنْهُ وَرِضْوَانَا
لَوْلاَ الأَئِمَّةُ لَمْ تَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ ... وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْباً لأَقْوَانَا
فَيُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ أَعْجَبَهُ هَذَا، فَلَمَّا أَن بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنِ المُبَارَكِ بِهِيْتَ، قَالَ:
إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، يَا فَضْلُ! إِيْذَنْ لِلنَّاسِ يُعَزُّونَا فِي ابْنِ المُبَارَكِ.
وَقَالَ: أَمَا هُوَ القَائِلُ:
اللهُ يَدفَعُ بِالسُّلْطَان مُعْضِلَةً ... ...
فَمَنِ الَّذِي يَسْمَعُ هَذَا مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَلاَ يَعْرِفُ حَقَّنَا؟
قَالَ الكُدَيْمِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ فُضَيلِ
بنِ عِيَاضٍ وَعِنْدَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَهْلَكَ وَعِيَالَكَ قَدِ احْتَاجُوا مَجْهُوْدِيْنَ مُحْتَاجِينَ إِلَى هَذَا المَالِ، فَاتَّقِ اللهَ، وَخُذْ مِنْ هَؤُلاَءِ القَوْمِ.فَزَجَرَهُ ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
خُذْ مِنَ الجَارُوْشِ وَال ـ ... آرُزِّ وَالخُبْزِ الشَّعِيْرِ
وَاجْعَلَنْ ذَاكَ حَلاَلاً ... تَنْجُ مِنْ حَرِّ السَّعِيْرِ
وَانْأَ مَا اسْطَعْتَ هَدَا ... كَ اللهُ عَنْ دَارِ الأَمِيْرِ
لاَ تَزُرْهَا وَاجْتَنِبْهَا ... إِنَّهَا شَرُّ مَزُورِ
تُوهِنُ الدِّيْنَ وَتُدْ ... نِيْكَ مِنَ الحُوبِ الكَبِيْرِ
قَبْلَ أَنْ تَسْقُطَ يَا ... مَغْرُوْرُ فِي حُفْرَةِ بِيْرِ
وَارْضَ - يَا وَيْحَكَ! - مِنْ ... دُنْيَاكَ بِالقُوتِ اليَسِيْرِ
إِنَّهَا دَارُ بَلاَءٍ ... وَزَوَالٍ وَغُرُوْرِ
مَا تَرَى قَدْ صَرَعَتْ ... قَبْلَكَ أَصْحَابَ القُصُوْرِ؟
كَمْ بِبَطْنِ الأَرْضِ مِنْ ... ثَاوٍ شَرِيْفٍ وَوَزِيْرِ؟
وَصَغِيْرِ الشَّأْنِ عَبْدٍ ... خَامِلِ الذِّكرِ حَقِيْرِ؟
لَوْ تَصَفَّحتَ وُجُو ... هَ القَوْمِ فِي يَوْمٍ نَضِيْرِ
لَمْ تُمَيِّزْهُم، وَلَم ... تَعْرِفْ غَنِيّاً مِنْ فَقِيْرِ
خَمَدُوا فَالقَوْمُ صَرْعَى ... تَحْتَ أَشقَاقِ الصُّخُورِ
وَاسْتَوَوْا عِنْدَ مَلِيكٍ ... بِمَسَاوِيهِم خَبِيْرِ
احْذَرِ الصَّرْعَةَ يَا ... مِسْكِيْنُ مِنْ دَهْرٍ عَثُورِ
أَيْنَ فِرْعَوْنُ وَهَا ... مَانُ وَنُمْرُودُ النُّسُورِ؟
أَوَ مَا تَخْشَاهُ أَنْ ... يَرْمِيكَ بِالمَوْتِ المُبِيْرِ؟
أَوَ مَا تَحْذَرُ مِنْ ... يَوْمٍ عَبُوْسٍ قَمْطَرِيْرِ؟
اقْمَطرَّ الشَّرُّ فِيْهِ ... بِعَذَابِ الزَّمْهرِيْرِ
قَالَ: فَغُشِيَ عَلَى الفُضَيْلِ، فَردَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْخُذْه.وَلابْنِ المُبَارَكِ:
جَرَّبتُ نَفْسِي فَمَا وَجَدْتُ لَهَا ... مِنْ بَعْدِ تَقْوَى الإِلَهِ كَالأَدَبِ
فِي كُلِّ حَالاَتِهَا وَإِنْ كَرِهَتْ ... أَفْضَلَ مِنْ صَمْتِهَا عَنِ الكَذِبِ
أَوْ غِيْبَةِ النَّاسِ إِنَّ غِيْبَتَهُم ... حَرَّمَهَا ذُو الجَلاَلِ فِي الكُتُبِ
قُلْتُ لَهَا طَائِعاً وَأُكْرِهُهَا ... : الحِلْمُ وَالعِلْمُ زَيْنُ ذِي الحَسَبِ
إِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ كَلاَمُكِ يَا ... نَفْسُ، فَإِنَّ السُّكُوتَ مِنْ ذَهَبِ
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: أَنْشَدَنِي يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدٍ لابْنِ المُبَارَكِ:
أَبِإِذْنٍ نَزَلْتَ بِي يَا مَشِيْبُ ... أَيُّ عَيْشٍ وَقَدْ نَزَلْتَ يَطِيْبُ؟
وَكَفَى الشَّيْبُ وَاعِظاً غَيْرَ أَنِّي ... آمُلُ العَيْشَ وَالمَمَاتُ قَرِيْبُ
كَمْ أُنَادِي الشَّبَابَ إِذْ بَانَ مِنِّي ... وَنِدَائِي مُوَلِّياً مَا يُجِيْبُ
وَبِهِ:
يَا عَائِبَ الفَقْرِ أَلاَ تَزْدَجِرْ؟ ... عَيْبُ الغِنَى أَكْثَرُ لَوْ تَعْتَبِرْ
مِنْ شَرَفِ الفَقْرِ وَمِنْ فَضْلِهِ ... عَلَى الغِنَى لَوْ صَحَّ مِنْكَ النَّظَرْ
أَنَّكَ تَعْصِي لِتَنَالَ الغِنَى ... وَلَيْسَ تَعْصِي اللهَ كِي تَفْتَقِرْ
قَالَ حِبَّانُ بنُ مُوْسَى: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنشِدُ:
كَيْفَ القَرَارُ وَكَيْفَ يَهْدَأُ مُسْلِمٌ ... وَالمُسْلِمَاتُ مَعَ العَدُوِّ المُعْتَدِي؟
الضَّارِبَاتُ خُدُوْدَهُنَّ بِرَنَّةٍ ... الدَّاعِيَاتُ نَبِيَّهُنَّ مُحَمَّدِ
القَائِلاَتُ إِذَا خَشِيْنَ فَضِيحَةً ... جَهدَ المَقَالَةِ: لَيْتَنَا لَمْ نُولَدِ
مَا تَسْتَطِيْعُ وَمَا لَهَا مِنْ حِيْلَةٍ ... إِلاَّ التَّسَتُّرُ مِنْ أَخِيْهَا بِاليَدِ
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ المُبَارَكِ، فَانْهَدَّ القَهَنْدَزُ، فَأَتَى بِسِنَّيْنِ، فَوُجِدَ وَزْنُ أَحَدِهِمَا مَنَوَانِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ:أَتَيْتُ بِسِنَّيْنِ قَدْ رُمَّتَا ... مِنَ الحِصْنِ لَمَّا أَثَارُوا الدَّفِيْنَا
عَلَى وَزْنِ مَنَوَيْنِ، إِحْدَاهُمَا ... تُقِلُّ بِهِ الكَفُّ شَيْئاً رَزِيْنَا
ثَلاَثُوْنَ سِنّاً عَلَى قَدْرِهَا ... تَبَارَكْتَ يَا أَحسَنَ الخَالِقِيْنَا!
فَمَاذَا يَقُوْمُ لأَفْوَاهِهَا ... وَمَا كَانَ يَمْلأُ تِلْكَ البُطُونَا
إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ أَجسَامَهُم ... تَصَاغَرَتِ النَّفْسُ حَتَّى تَهُوْنَا
وَكُلٌّ عَلَى ذَاكَ ذَاقَ الرَّدَى ... فَبَادُوا جَمِيْعاً، فَهُم هَامِدُوْنَا
وَجَاءَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ - وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ لِحَمِيْدٍ النَّحْوِيِّ -:
اغْتَنِمْ رَكْعَتَيْنِ زُلفَى إِلَى اللهِ ... إِذَا كُنْتَ فَارِغاً مُسْتَرِيْحَا
وَإِذَا مَا هَمَمْتَ بِالنُّطْقِ بِالبَاطِلِ ... فَاجْعلْ مَكَانَهُ تَسْبِيْحَا
فَاغْتِنَامُ السُّكُوتِ أَفْضَلُ مِنْ ... خَوْضٍ، وَإِنْ كُنْتَ بِالكَلاَمِ فَصِيْحَا
وَسَمِعَ بَعْضُهُم ابْنَ المُبَارَكِ وَهُوَ يُنْشِدُ عَلَى سُوْرِ طَرَسُوْسَ:
وَمِنَ البَلاَءِ وَلِلْبَلاَءِ عَلاَمَةٌ ... أَنْ لاَ يُرَى لَكَ عَنْ هَوَاكَ نُزُوعُ
العَبْدُ عَبْدُ النَّفْسِ فِي شَهَوَاتِهَا ... وَالحُرُّ يَشْبَعُ مَرَّةً وَيَجُوْعُ
قَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الأَسْوَدُ: سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
أُحِبُّ الصَّالِحِيْنَ وَلَسْتُ مِنْهُم، وَأُبْغِضُ الطَّالِحِيْنَ وَأَنَا شَرٌّ مِنْهُم، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
الصَّمْتُ أَزْيَنُ بِالفَتَى ... مِنْ مَنْطِقٍ فِي غَيْرِ حِيْنِهِوَالصِّدْقُ أَجْمَلُ بِالفَتَى ... فِي القَوْلِ عِنْدِي مِنْ يَمِيْنِهِ
وَعَلَى الفَتَى بِوَقَارِهِ ... سِمَةٌ تَلُوحُ عَلَى جَبِيْنِهِ
فَمَنِ الَّذِي يَخفَى عَلَي ـ ... ـكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى قَرِيْنِهِ
رُبَّ امْرِئٍ مُتَيَقِّنٍ ... غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَى يَقِيْنِهِ
فَأَزَالَهُ عَنْ رَأْيِهِ ... فَابْتَاعَ دُنْيَاهُ بِدِيْنِهِ
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ، جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ تُحْسِنُ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِماً بَعْدِي، إِذَا لَقَّنْتَنِي، فَقُلْتُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ثُمَّ لَمْ أُحْدِثْ كَلاَماً بَعْدَهَا، فَدَعْنِي، فَإِذَا أَحْدَثْتُ كَلاَماً، فَلَقِّنِّي حَتَّى تَكُوْنَ آخِرَ كَلاَمِي.
يُقَالُ: إِنَّ الرَّشِيْدَ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَاتَ اليَوْمَ سَيِّدُ العُلَمَاءِ.
قَالَ عَبْدَانُ بنُ عُثْمَانَ: مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ بِهِيْتَ وَعَانَاتَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ حَسَنُ بنُ الرَّبِيْعِ: قَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ: أَنَا ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ذَهَبْتُ لأَسْمَعَ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ، فَلَمْ أُدْرِكْهُ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَخَرَجَ إِلَى الثَّغْرِ، وَلَمْ أَرَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: أَيُّ العَمْلِ أَفْضَلُ؟قَالَ: الأَمْرُ الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ.
قُلْتُ: الرِّبَاطُ وَالجِهَادُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي مَغْفِرَةً مَا بَعْدَهَا مَغْفِرَةٌ.
رَوَاهَا: رَجُلاَنِ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الفِرَبْرِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ وَاقِفاً عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، بِيَدِهِ مِفْتَاحٌ، فَقُلْتُ: مَا يُوقِفُكَ هَهُنَا؟
قَالَ: هَذَا مِفْتَاحُ الجَنَّةِ، دَفَعَهُ إِلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: حَتَّى أَزُورَ الرَّبَّ، فَكُنْ أَمِيْنِي فِي السَّمَاءِ، كَمَا كُنْتَ أَمِيْنِي فِي الأَرْضِ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَصِّيْصِيُّ: رَأَيْتُ الحَارِثَ بنَ عَطِيَّةَ فِي النَّومِ، فَسَأَلتُهُ، فَقَالَ: غَفَر لِي.
قُلْتُ: فَابْنُ المُبَارَكِ؟
قَالَ: بَخٍ بَخٍ، ذَاكَ فِي عِلِّيِّينَ، مِمَّنْ يَلِجُ عَلَى اللهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ.
وَعَنْ نَوْفَلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّومِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي بِرِحْلَتِي فِي الحَدِيْثِ، عَلَيْكَ بِالقُرْآنِ، عَلَيْكَ بِالقُرْآنِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ السَّوَاقُ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي بِرِحْلَتِي.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الأَوْزَاعِيِّ: عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ.
قَالَ الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ الرَّبِيْعِ يَقُوْلُ:
شَهِدْتُ مَوْتَ ابْنِ المُبَارَكِ، مَاتَ لِعَشْرٍ مَضَى مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ، وَمَاتَ سَحَراً، وَدَفَنَّاهُ بِهِيْتَ.
وَلبَعْضِ الفُضَلاَءِ:
مَرَرْتُ بِقَبْرِ ابْنِ المُبَارَكِ غَدْوَةً ... فَأَوْسَعَنِي وَعْظاً وَلَيْسَ بِنَاطِقِ
وَقَدْ كُنْتُ بِالعِلْمِ الَّذِي فِي جَوَانِحِي ... غَنِيّاً وَبِالشَّيْبِ الَّذِي فِي مَفَارِقِيوَلَكِنْ أَرَى الذِّكْرَى تُنَبِّهُ عَاقِلاً ... إِذَا هِيَ جَاءتْ مِنْ رِجَالِ الحَقَائِقِ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيِّ، أَخْبَرَكُمُ القَاضِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُميلٍ الشَّافِعِيُّ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِمَنْزِلِهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ الخَرَقِيُّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ السُّوْسِيُّ، أَخْبَرَنَا سَهْلُ بنُ بِشْرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُنِيْرٍ الخَلاَّلُ، حَدَّثَنِي خَالِي أَحْمَدُ بنُ عَتِيْقٍ الخَشَّابُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الأَصْبَغِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاءَ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُوْلُ:
المَرْءُ مِثْلُ هِلاَلٍ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ... يَبدُو ضَئِيْلاً تَرَاهُ ثُمَّ يَتَّسِقُ
حَتَّى إِذَا مَا تَرَاهُ ثُمَّ أَعقَبَهُ ... كَرُّ الجَدِيْدَيْنِ نَقْصاً ثُمَّ يَمَّحِقُ
مِنْ (تَارِيْخِ أَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الصَّدَفِيِّ) : مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَاسْتُؤْذِنَ لِعَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ بِالدُّخُولِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَرَأَيْنَا مَالِكاً تَزَحزَحَ لَهُ فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ أَقعَدَهُ بِلصْقِهِ، وَمَا رَأَيْتُ مَالِكاً تَزَحزَحَ لأَحَدٍ فِي مَجْلِسِهِ غَيْرِه، فَكَانَ القَارِئُ يَقْرَأُ عَلَى مَالِكٍ، فَرُبَّمَا مَرَّ بِشَيْءٍ، فَيَسْأَلُهُ مَالِكٌ: مَا مَذْهَبُكُم فِي هَذَا؟ أَوْ: مَا عِنْدَكُم فِي هَذَا؟
فَرَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُجَاوِبُه، ثُمَّ قَامَ، فَخَرَجَ، فَأُعْجِبَ مَالِكٌ بِأَدَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا مَالِكٌ: هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ فَقِيْهُ خُرَاسَانَ.
عَنِ المُسَيَّبِ بنِ وَاضِحٍ، قَالَ: أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: سُدَّ بِهَذِهِ فِتْنَةَ القَوْمِ عَنْكَ.
وَسُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ بِحُضُوْرِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ:
إِنَّا نُهِيْنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ عِنْد أَكَابِرِنَا.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابٍ، وَمَنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابٍ، لاَ يَكَادُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ سَقطٌ كَثِيْرٌ.وَكَانَ وَكِيْعٌ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ، فَكَانَ يَكُوْنُ لَهُ سَقَطٌ، كَمْ يَكُوْنُ حِفْظُ الرَّجُلِ؟

عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم

Details of عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم (hadith transmitter) in 2 biographical dictionaries by the authors Ibn Ḥibbān and Ibn ʿAdī al-Jurjānī
▲ (2) ▼
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Majrūḥīn ابن حبان - المجروحون
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114009&book=5543#b4b4fa
عبد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب الْعمريّ أَخُو عبيد الله
بن عمر من أهل الْمَدِينَة يروي عَن نَافِع روى عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَأهل الْمَدِينَة كَانَ مِمَّن غلب عَلَيْهِ الصّلاح وَالْعِبَادَة حَتَّى غفل عَن ضبط الْأَخْبَار وجودة الْحِفْظ للآثار فَرفع الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته فَلَمَّا فحش خَطؤُهُ اسْتحق التّرْك وَمَات سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَة أخبرنَا الْهَمدَانِي قَالَ حَدثنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا يُحَدِّثُ عَن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر قَالَ أَبُو حَاتِم وَهُوَ الَّذِي روى عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ خلل ليحته وروى عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ من أَتَى عرافا يسْأَله لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ ليل وروى عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسْهم للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما فِيمَا يشبه هَذَا من المقلوبات والملزوقات الَّتِي لَا ينكرها إِلَّا من أمعن فِي الْعلم وَطَلَبه فِي مظانه
▲ (1) ▼
Ibn ʿAdī al-Jurjānī (d. 976 CE) - al-Kāmil fī ḍuʿafāʾ al-rijāl ابن عدي الجرجاني - الكامل في ضعفاء الرجال
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=114009&book=5543#17f175
عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر بْنِ حفص بن عاصم بن عُمَر بن الخطاب أبو عَبد الرحمن مديني.
أخو عُبَيد الله بن عُمَر وكان قديما، وقِيلَ: يُكَنَّى أبا القاسم.
حَدَّثني ابن حماد، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، سألتُ يَحْيى بْنَ مَعِين، عَن عَبد الله العُمَريّ فقال ضعيف.
حَدَّثَنَا علي بن أحمد، حَدَّثَنا أحمد بن سعد سمعت يَحْيى يقول عَبد الله بن عُمَر بن حفص ليس به بأس يكتب حديثه.
حَدَّثَنَا مُحَمد بن عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيد، قلتُ ليحيى بن مَعِين: عَبد الله العُمَريّ ما حاله في نافع قال: صالحٌ .
حَدَّثَنَا الجنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ، حَدَّثني عَمْرو، قَال: كان يَحْيى لا يحدث عن عَبد اللَّه بن عُمَر.
كتب إلي مُحَمد بن الْحَسَنِ، حَدَّثَنا عَمْرو بْنُ عَلِيٍّ، قَال: كان يَحْيى لا يحدث عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر وكان عَبد الرحمن يحدث عنه.
قال الشيخ: سمعتُ ابنَ حماد يقول: قال البُخارِيّ عَبد الله بن عُمَر العُمَريّ أبو عَبد الرحمن كان يَحْيى يضعفه.
حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عَبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه قَالَ عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر بن حفص بن عاصم بن عُمَر بن الخطاب، وَهو أخو عُبَيد الله بن عُمَر كذا وكذا.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، حَدَّثَنا أبو طالب سألت أحمد بن حنبل عن عَبد الله بن عُمَر العُمَريّ قال صالح قد روى عنه لا بأس ولكن ليس مثل أخيه عُبَيد الله.
قال النسائي عَبد الله بن عُمَر بن حفص بن عاصم بن عُمَر بن الخطاب ليس بالقوي، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ يَحْيى الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر العُمَريّ عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَر يَرْمُلُ ثَلاثًا مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَيَمْشِي أَرْبعًا وَيَقُولُ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- وَبِإِسْنَادِهِ؛، عنِ ابْنِ عُمَر عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: اعفوا اللحا واحفوا الشوارب.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبد الرَّحْمَنِ أبو الفوارس الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر قَالَ أَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ للراجل سهم وللفارس سهمان.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ جَعْفَرٍ الإِمَامُ، حَدَّثَنا كامل بن طلحة، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: أَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبد اللَّهِ، وَعَبد الرحمن.
حَدَّثَنَا ابن صاعد، حَدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ، حَدَّثَنا إسحاق الْفَرَوِيُّ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر العُمَريّ عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ مُنْكَرٌ والذي تقدم مشاهير.
حَدَّثَنَا أبو همام سَعِيد بن مُحَمد البكراوي، حَدَّثَنا سليمان بن داود الشاذكوني، حَدَّثَنا وَكِيعٌ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، وَعَبد الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، أَن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ الحد له.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بَنَانِ بْنِ مَعْنٍ، حَدَّثَنا أبو همام، حَدَّثَنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بن عُمَر بن حفص بن عَاصِمِ بْنِ عُمَر عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَيَانٍ، حَدَّثَنا أَبُو صالح كاتب الليث، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر عَنْ نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: بَيْنَمَا ثَلاثَةٌ يَمْشُونَ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْغَارِ.
قال الشَّيْخُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لا أَعْلَمُ يرويه عَن عَبد اللَّهِ بْن عُمَر غير الليث بن سعد ورواه جماعة، عنِ ابن زغبة عن الليث مثله.
حَدَّثَنَا أبو يعلى، حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ مَعِين، حَدَّثَنا ابن أبي مريم، حَدَّثَنا اللَّيْثُ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ وَهب، عَنِ العُمَريّ عْن نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَر، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ لم يسجد يوم ذا الْيَدَيْنِ سَجْدَتَي السَّهْوِ.
قال الشيخ: وهذا لا أعلم رواه عَن عَبد الله العُمَريّ غير بن وهب وعن بن وهب الليث بن سعد وعن الليث غير بن أبي مريم وقد روى الليث، عنِ ابن وهب جميع ما عند بْنُ وَهْبٍ، عنِ ابْنِ جُرَيج (ح) وحدثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صالح الحراني، حَدَّثَنا أبو مصعب يلقب مطرف، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْن عُمَر عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: مَنْ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلا كَانَ ذَلِكَ شُكْرَ تلك النعمة
حَدَّثَنَاهُ مُحَمد بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنا علي بن بحر البري، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ بإسنادِه، نَحوه.
قال الشَّيْخُ: وَهَذَا لا أَعْلَمُ يَرْوِيهِ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عُمَر غير أبي مصعب مطرف هذا.
حَدَّثَنَا أبو يعلى، حَدَّثَنا كامل بن طلحة، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ لا يَدْخُلُ قَالَ كَامِلٌ يَعْنِي الشَّيْطَانَ.
وَبِإِسْنَادٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُحَمد بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَأَيْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَكَلُوا خُبْزًا ولحما ثم صلوا ولم يتوضأوا.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ الْمَدِينِيُّ يُلَقَّبُ مُطَرِّفٌ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَن عَاصِمِ بْنِ عُبَيد اللَّهِ عَنْ عَبد اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبد اللَّهِ، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: مَا مِنْ مُحْرِمٍ يُضَحِّي لِلشَّمْسِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلا غَرَبَتْ ذُنُوبُهُ كَمَا وَلَدَتْهُ أمه.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنا يزيد بن صالح، حَدَّثَنا العُمَريّ يَعْنِي عَبد اللَّهِ بْنَ عُمَر عَنْ سَعِيد بْنِ أَبِي سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ، عنِ ابْنِ عُمَر، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَتَنَاجَى اثنان دون الثالث
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْنُ مُحَمد بن ناجية، حَدَّثَنا داود بن عَمْرو الضبي، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ عُمَر بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ حُمَيْدٍ، عَن أَنَس، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ احْتَجَمَ، وَهو مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِرَأْسِهِ.
قال الشيخ: ولعبد الله بن عُمَر حديث صالح وأروي من رأيت عنه بن وهب ووكيع وغيرهما من ثقات المسلمين، وَهو لا بأس به في رواياته، وإِنَّما قالوا به لا يلحق أخاه عُبَيد الله وإلا فهو في نفسه صدوق لا بأس به.

عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي

Details of عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Ibn al-Kayyāl
Ibn al-Kayyāl (d. 1523 CE) - al-Kawākib al-nayyirāt fī man ikhtalaṭa min al-ruwāt al-thiqāt ابن الكَيّال - الكواكب النَيّرات في من اختلط من الرواة الثقات
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=162491&book=5520#1e6a1c
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي أخو أبي العميس من كبار العلماء عن أبي بكر بن حزم
وعبد الرحمن بن الأسود النخعي وعمرو بن مرة
وجامع بن شداد وسعيد بن أبي بردة وغيرهم
وعنه علي بن الجعد وعاصم بن علي والسفيانان
وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي وشعبة بن الحجاج وغيرهم وحكم يحيى بن معين وغيره بتوثيقه إلا أن الإمام أحمد ذكر أنه اختلط ببغداد وأن سماع من سمع منه هناك ليس بشيء قال ومن سمع منه بالكوفة فسماعه جيد وذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو
صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء وذكر حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل أنه قال سماع عاصم بن علي وأبي النضر هاشم من المسعودي بعدما اختلط قال الأبناسي في كتابه الشذا الفياح وقد سمع
من المسعودي بعد الاختلاط عاصم بن علي وأبو النضر هاشم بن القاسم وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وحجاج بن محمد بن الأعور وأبو داود الطيالسي وعلي بن الجعد قال محمد بن عبد الله بن نمير كان المسعودي ثقة فلما كان بأخرة اختلط سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم وقال عمرو بن علي الفلاس سمعت يحيى بن سعيد يقول رأيت المسعودي سنة رآه عبد الرحمن بن مهدي فلم أكلمه قال الطيالسي سمع بن مهدي من المسعودي بمكة
شيئا يسيرا وقال الفلاس سمعت أبا قتيبة هو سالم بن قتيبة يقول رأيت المسعودي سنة ثلاث وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح ثم رأيته سنة سبع وخمسين والذر يدخل في أذنيه وأبو داود يكتب عنه فقلت له أتطمع أن تحدث عنه وأنا حي وقال عثمان بن عمر بن فارس كتبنا عن المسعودي وأبو
داود جرو يلعب بالقرب وأما علي بن الجعد فإن سماعه منه أيضا ببغداد فإن علي بن الجعد إنما قدم البصرة سنة ست وخمسين ومائة والمسعودي يومئذ ببغداد وقال معاذ بن معاذ رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعني أنه قد تغير حفظه وهذا موافق لما حكي عن أحمد أنه اختلط ببغداد ومن سمع منه بالكوفة وبالبصرة فسماعه جيد وقدومه بغداد سنة أربع وخمسين ولكن لم يختلط في أول قدومه فقد سمع منه شعبة بها وعلى هذا
فقد طالت مدة اختلاطه لا سيما على قول من قال أنه مات سنة خمس وستين وهو قول يعقوب بن أبي شيبة رواه الخطيب في التاريخ عنه وقال معاذ بن معاذ قدم علينا المسعودي البصرة قدمتين يملي علينا إملاء ثم لقيت المسعودي ببغداد سنة أربع وخمسين وما أنكر منه قليلا ولا كثيرا فجعل يملي على ثم أذن لي في بيته ومعي عبد الله بن عثمان ما ننكر منه قليلا ولا كثيرا ثم قدمت عليه قدمة أخرى مع عبد الله بن حسن فقلت لمعاذ سنة كم
قال سنة إحدى وستين قال ثم لقيته يوما فسألته عن حديث القاسم فأنكره وقال ليس من حديثي قال ثم رأيت رجلا جاءه بكتاب عمرو بن مرة عن إبراهيم فقال كيف هو في كتابك قال عن علقمة وجعل يلاحظ كتابه قال معاذ فقلت له إنك إنما حدثتناه عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن عبد الله قال هو عين علقمة فهذا يدل على أنه تأخر إلى سنة إحدى وستين
ومنها في بيان من سمع منه قبل اختلاطه قال أحمد يعني بن حنبل سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديم وأبو نعيم أيضا قال أنه اختلط ببغداد وعلى هذا تقبل رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد كأميه بن خالد وبشر بن المفضل وجعفر بن عون وخالد بن الحارث وسفيان بن حبيب وسفيان
الثوري وأبو قتيبة سلم بن قتيبة وطلق بن غنام وعبد الله بن رجاء وعثمان بن عمر بن فارس وعمرو بن مرزوق وعمرو بن الهيثم والقاسم بن معن بن
عبد الرحمن ومعاذ بن معاذ العنبري والنضر بن شميل ويزيد بن زريع وقد شدد بعضهم في أمر المسعودي ورد حديثه كله لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير قال بن حبان في تاريخ الضعفاء كان المسعودي صدوقا إلا أنه اختلط في آخر عمره اختلاطا شديدا حتى ذهب عقله وكان يحدث بما يحب فحمل عنه ولم يتميز فاستحق الترك والصحيح ما تقدم من التفصيل قبل الاختلاط فيقبل وبعده فلا انتهى وقال يحيى بن معين كان يغلط ويخطىء فيما يروي عن
شيوخه الصغار كعاصم وسلمة والأعمش بخلاف ما يروي عن الكبار وعن يحيى أيضا أحاديثه عن الأعمش مقلوبة وأحاديثه عن القاسم وعن عون صحيحة وقال علي بن المديني كان ثقة إلا أنه كان يغلط فيما روى عن عاصم بن بهدلة وسلمة وماروى عن القاسم ومعن
صحيح وقال محمد بن عبد الله بن نمير كان ثقة إلا أنه اختلط بأخرة سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديثه مختلطة وما روى عنه الشيوخ مستقيم وقال محمد بن سعد كان ثقة كثير الحديث إلا أنه اختلط في آخر عمره ورواية المتقدمين عنه صحيحة وقال النسائي ليس به بأس وقال مسعر ما أعلم أحد أعلم بعلم بن مسعود منه
روى له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة وتوفي سنة ستين ومائة.

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم

Details of عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم (hadith transmitter) in 3 biographical dictionaries by the authors Ibn ʿAbd al-Barr , Al-Khaṭīb al-Baghdādī and Ibn Qāniʿ
▲ (1) ▼
Ibn Qāniʿ (d. 962 CE) - Muʿjam al-ṣaḥāba ابن قانع - معجم الصحابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102759&book=5579#4bb88f
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، نا عَفَّانُ، نا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ خَثِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ , وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ»
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، نا أَبُو الْجَمَاهِرِ، نا خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ , وَمَنْ مَاتَ لَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً , وَمَنْ مَاتَ تَحْتَ رَايَةِ عِمِّيَّةٍ , يَنْصُرُ عُصْبَةً فَجَاهِلِيَّةٌ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَمَّارُ، نا أَبُو نُعَيْمٍ، نا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أُدْخِلَ قَبْرَ رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ»
▲ (1) ▼
Al-Khaṭīb al-Baghdādī (d. 1071 CE) - Tārīkh Baghdād الخطيب البغدادي - تاريخ بغداد
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102759&book=5579#bd7ceb
وعبد اللَّه بْن الْعَبَّاسِ بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، ويكنى: أبا العباس :
وأمه: لبابة بنت الحارث بْن حزن بْن بجير الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلّم.
ولد بمكة في شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين.
ودعا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه الحكمة والتأويل »
. وكان عُمَر بْن الخطاب يقربه ويدنيه ويستشيره مع شيوخ الصحابة. ويقول: نعم ترجمان القرآن ابْن عباس.
وكانت عائشة تقول: هو أعلم من بقي بالسنة. وكان ابْن عُمَر يقول: هو أعلم الناس بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. وشهد ابْن عباس مع عَلِيّ بْن أَبِي طالب صفين وقتال الخوارج بالنهروان وورد في صحبته المدائن.
أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أنبأنا الحسين بن صفوان قال: نبأنا ابن أبي الدّنيا قال: نبأنا محمّد بن سعيد قَالَ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ، قال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وُلِدْتُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ وَنَحْنُ فِي الشِّعْبِ، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا ابن ثلاث عشرة .
أَخْبَرَنِي أحمد بن محمد بن يعقوب الكاتب قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمر بْن أَحْمَد الواعظ قَالَ: نبأنا محمد بن حميد الرّازيّ قال: أنبأنا سلمة بن الفضل قال: نا محمّد ابن إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَمَّا أُصِيبَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ خَرَجَ عَلِيٌّ وَأَنَا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: وَيْلَكُمُ الْتَمِسُوهُ يَعْنِي الْمِخْدَجَ- فَالْتَمَسُوهُ فَجَاءُوا، فَقَالُوا: لَمْ نَجِدْهُ، فَعُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ ضَعُوا عَلَيْهِمُ الْقَصَبَ- أَيْ عَلِّمُوا كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِالْقَصَبِ، فَجَاءُوا بِهِ فَلَمَّا رَآهُ خَرَّ سَاجِدًا.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قال: نبأنا يعقوب بن سفيان قال نبأنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: نبأنا أَبُو أسامة عَنِ الأعمش عَنْ مجاهد، قَالَ كان ابْن عباس يسمى البحر من كثرة علمه .
أخبرنا الجوهريّ قال: أنبأنا عيسى بن على قال: نبأنا عبد الله بن محمّد البغويّ قال: نبأنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَاعِدَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ يَدْعُو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَيُقَرِّبُهُ، وَيَقُولُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاكَ يَوْمًا فَمَسَحَ رَأْسَكَ، وَتَفَلَ فِي فِيكَ. وَقَالَ:
«اللَّهُمَّ فَهِّمْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»
. أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ الْهَاشِمِيُّ قال: نبأنا على بن إسحاق المادرائي قال: نبأنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ قَالَ: أنبأنا جعفر بن عون الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَوْ أَنَّ ابْنَ عبّاس أدرك أسناننا ما عاشره مِنَّا رَجُلٌ. قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَأَخْبَرَنَا القاسم بْنُ جَعْفَرٍ قال: أنبأنا على بن إسحاق قال: نا جعفر بن شاكر الضائع قال: نا داود بن مهران قال: أنبأنا عَبْدُ الجبار- يَعْنِي ابْنَ الورد-، قَالَ:
سمعت عطاء يقول: ما رأيت مجلسا قط كان أكرم من مجلس ابن عبّاس، أكثر علما وأعظم جفنة، وأن أصحاب القرآن عنده يسألونه، وأصحاب النحو عنده يسألونه، وأصحاب الشعر عنده يسألونه، وأصحاب الفقه عنده يسألونه، كلهم يصدرهم في واد واسع.
أخبرنا الحسن بن على المقنعي قال: أنبأنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ قَالَ: نا أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن إِسْحَاقَ الصُّوفِيُّ قَالَ: نا عبد الأعلى بن حمّاد قال: نا سفيان بْن عيينة عَنْ سالم بْن أَبِي حفصة عَنْ منذر الثوري قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن عَلِيّ- حين مات ابْن عباس: اليوم مات رباني هذه الأمة .
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم العبدوي قال: أنبأنا القاسم بن غانم المهلّبي قال: أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ البوشنجي قَالَ: سمعت ابْن بكير يقول: مات ابْن عباس سنة خمس وستين، ويقال: ثمان وستين، ومات بالطائف، وصلى عليه محمّد بن الحنفية، وكبر عليه أربعا، وأدخله من قبل القبلة.
أَخْبَرَنَا ابْن الفضل قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن جعفر قال: أنبأنا يعقوب بْن سفيان قَالَ:
قَالَ أَبُو نعيم: مات ابْن عباس سنة ثمان وستين.
أَخْبَرَنَا القاسم بن جعفر الهاشميّ قال: نبأنا على بن إسحاق قال: نبأنا أحمد بن زهير قال: نبأنا مصعب قال: توفي وهو ابْن أربع وسبعين، وسمعت أَحْمَد بْن حَنْبَل يقول: مات ابْن عباس سنة ثمان وستين.
▲ (0) ▼
Ibn ʿAbd al-Barr (d. 1071 CE) - al-Istīʿāb fī maʿrifat al-ṣaḥāba ابن عبد البر - الاستيعاب في معرفة الصحابة
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=102759&book=5579#f8939a
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بْن عبد مناف بْن قصي القرشي الهاشمي.
يكنى أَبَا الْعَبَّاس، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وَكَانَ ابْن ثلاث عشرة سنة إذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هَذَا قول الْوَاقِدِيّ والزبير. قال الزُّبَيْر وغيره من أهل العلم بالسير والخبر: ولد عَبْد الله ابن الْعَبَّاس فِي الشعب قبل خروج بني هاشم منه، وذلك قبل الهجرة بثلاث
سنين. وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ يَعْنِي الْمُفَصَّلَ. هَذِهِ رواية أَبِي بشر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر. وقد رَوَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا خَتِينٌ أَوْ قَالَ مَخْتُونٌ. وَلا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال أَبِي: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وقال الزُّبَيْرِيّ:
يروى عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي حجة الوداع: وكنت يومئذ قد ناهزت الحلم.
قال أَبُو عُمَر: وما قاله أهل السير والعلم بأيام الناس عندي أصح، والله أعلم، وَهُوَ قولهم إنّه ابْن عَبَّاس كَانَ ابْن ثلاث عشرة سنة يَوْم توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومات عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بالطائف سنة ثمان وستين فِي أيام ابْن الزُّبَيْر، وَكَانَ ابْن الزُّبَيْر قد أخرجه من مكة إِلَى الطائف، ومات بها وَهُوَ ابْن سبعين سنة، وقيل ابْن إحدى وسبعين سنة. وقيل: ابْن أربع وسبعين سنة، وصلى عَلَيْهِ مُحَمَّد ابْن الحنفية، وكبر عَلَيْهِ أربعا، وَقَالَ: اليوم مات رباني هَذِهِ الأمة، وضرب على قبره فسطاطا.
وروى عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه أَنَّهُ قَالَ لعبد الله بن عباس:
اللَّهمّ علمه الحكمة وتأويل القرآن، وفي بعض الروايات: اللَّهمّ فقّهه في الدين.
علمه التأويل. وفي حديث آخر: اللَّهمّ بارك فِيهِ، وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين. وفي حديث آخر اللَّهمّ زده علما وفقها. وهي كلها أحاديث صحاح.
وقال مُجَاهِد عَنِ ابْن عَبَّاس: رأيت جبرئيل عِنْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتين، ودعا لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحكمة مرتين.
وكان عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يحبه ويدنيه ويقربه ويشاوره مع أجلة الصحابة. وكان عُمَر يَقُول: ابْن عَبَّاس فتى الكهول، لَهُ لسان قئول، وقلب عقول. وروى عَنْ مسروق عَنِ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ: نعم ترجمان القرآن ابْن عَبَّاس، لو أدرك أسناننا مَا عاشره منا رجل.
وقال ابْن عُيَيْنَة، عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ: مَا سمعت فتيا أحسن من فتيا ابْن عَبَّاس، إلا أن يَقُول قائل: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروي مثل هَذَا عَنِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد. قال طاوس: أدركت نحو خمسمائة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذاكروا ابْن عَبَّاس فخالفوه لم يزل يقررهم حَتَّى ينتهوا إِلَى قوله. وقال يَزِيد بْن الأصم: خرج مُعَاوِيَة حاجا، معه ابْن عَبَّاس، فكان لمعاوية موكب، ولابن عَبَّاس موكب ممن يطلب العلم.
وَرَوَى شُرَيْكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ:
كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ. فَإِذَا تَكَلَّمَ قُلْتُ: أفَصْحُ النَّاسِ. وَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ.
وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. حَدَّثَنَا شَقِيقٌ
أَبُو وَائِلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَوْسِمِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ النُّورِ، فَجَعَلَ يَقْرَأَ وَيُفَسِّرَ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: مَا رَأَيْتُ وَلا سَمِعْتُ كَلامَ رَجُلٍ مِثْلِهِ، وَلَوْ سَمِعَتْهُ فَارِسُ، وَالرُّومُ، وَالتُّرْكُ، لأَسْلَمَتْ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْن آدم، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عَنْ شقيق مثله.
وقال عَمْرو بْن دينار: مَا رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلس ابْن عَبَّاس:
الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب، وأحسبه قَالَ: والشعر.
وقال أَبُو الزناد، عَنْ عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّهِ، قَالَ: مَا رأيت أحدا كَانَ أعلم بالسنة، ولا أجل رأيا، ولا أثقب نظرا من ابْن عَبَّاس، ولقد كَانَ عُمَر يعده للمعضلات مع اجتهاد عُمَر ونظره للمسلمين.
وقال الْقَاسِم بْن مُحَمَّد: مَا رأيت فِي مجلس ابْن عَبَّاس باطلا قط، وما سمعت فتوى أشبه بالسنة من فتواه، وَكَانَ أصحابه يسمونه البحر، ويسمونه الحبر.
قال عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بْن أَبِي زَيْد الهلالي:
ونحن ولدنا الْفَضْل والحبر بعده ... عنيت أَبَا الْعَبَّاس ذا الْفَضْل والندى
وقال أَبُو عَمْرو بْن العلاء: نظر الحطيئة إِلَى ابْن عَبَّاس فِي مجلس عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غالبا عَلَيْهِ، فَقَالَ: من هَذَا الَّذِي برع الناس بعلمه، ونزل عنهم بسنه، قَالُوا: عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، فَقَالَ فِيهِ أبياتا منها:
إِنِّي وجدت بيان المرء نافلةً ... تهدى لَهُ ووجدت العىّ كالصمم
والمرء يفنى ويبقى سائر الكلم ... وقد يلام الفتى يوما ولم يلم
وفيه يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه :
إذا مَا ابْن عباسٍ بدا لك وجهه ... رأيت لَهُ فِي كل أحواله فضلا
إذا قَالَ لم يترك مقالا لقائلٍ ... بمنتظماتٍ لا ترى بينها فصلا
كفى وشفى مَا فِي النفوس فلم يدع ... لذي إربةٍ فِي القول جدا ولا هزلا
سموت إِلَى العليا بغير مشقةٍ ... فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا
خلقت خليقا للمودة والندى ... فليجا ولم تخلق كهاما ولا جهلا
ويروى أن مُعَاوِيَة نظر إِلَى ابْن عَبَّاس يوما يتكلم، فأتبعه بصره، وقال متمثّلا:
إذا قَالَ لم يترك مقالا لقائلٍ ... مصيبٍ ولم يثن اللسان على هجر
يصرف بالقول اللسان إذا انتحى ... وينظر فِي أعطافه نظر الصقر
وروى أن عَبْد اللَّهِ بْن صَفْوَان بْن أُمَيَّة مر يوما بدار عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس بمكة، فرأى جماعة من طالبي الفقه، ومر بدار عُبَيْد الله بْن عَبَّاس، فرأى فيها جماعة ينتابونها للطعام، فدخل على ابْن الزُّبَيْر. فقال لَهُ: أصبحت والله كما قال الشاعر:
فإن تصبك من الأيام قارعة ... لم نبك منك عليه دنيا ولا دين
قال: وما ذاك يَا أعرج؟ قَالَ: هذان ابنا عَبَّاس، أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس، فما أبقيا لك مكرمة، فدعا عَبْد اللَّهِ بْن مطيع. وقال: انطلق إِلَى ابني عَبَّاس، فقل لهما: يَقُول لكما أمير المؤمنين: اخرجا عني، أنتما ومن أصغى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت. فقال عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس لابن الزبير:
والله مَا يأتينا من الناس إلا رجلان: رجل يطلب فقها، ورجل يطلب فضلا، فأي هذين تمنع؟ وَكَانَ بالحضرة أَبُو الطفيل عَامِر بْن واثلة الكناني، فجعل يَقُول:
لا در درّ الليالي كيف تضحكنا ... منهما خطوب أعاجيب وتبكينا
ومثل مَا تحدث الأيام من عبرٍ ... في ابْن الزُّبَيْر عَنِ الدنيا تسلينا
كنا نجيء ابْن عَبَّاس فيسمعنا ... فقها ونكسبنا أجرا ويهدينا
ولا يزال عُبَيْد الله مترعةً ... جفانه مطعما ضيفا ومسكينا
فالبر والدين والدنيا بدارهما ... ننال منها الَّذِي نبغي إذا شينا
إن النَّبِيّ هُوَ النور الَّذِي كشطت ... به عمايات ماضينا وباقينا
ورهطه عصمة فِي دينه لهم ... فضل علينا وحق واجب فينا
ففيم تمنعنا منهم وتمنعهم ... منّا وتؤذيهم فينا وتؤدينا
ولست بأولاهم بِهِ رحما ... يا بْن الزُّبَيْر ولا أولى بِهِ دينا
لن يؤتي الله إنسانا ببغضهم ... في الدين عزا ولا فِي الارض تمكينا
وكان ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قد عمي فِي آخر عمره. وروى عَنْهُ أَنَّهُ رأى رجلا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يعرفه، فسأل النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى اللَّهِ عَلَيْهِ وسلم: أرأيته؟ قَالَ: نعم. قال: ذَلِكَ جبرئيل، أما إنك ستفقد بصرك، فعمي بعد ذَلِكَ فِي آخر عمره، وَهُوَ القائل فِي ذَلِكَ فيما روي عَنْهُ من وجوه:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخلٍ ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور
يروى أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إِلَى الناس.
ويقال: بل دخل قبره طائر أبيض وقيل: إنه بصره فِي التأويل.
وقال الزُّبَيْر: مات ابْن عَبَّاس بالطائف، فجاء طائر أبيض، فدخل فِي نعشه حين حمل، فما رئي خارجا منه.
شهد عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس مع علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الجمل وصفين والنهروان، وشهد معه الْحَسَن والحسين وَمُحَمَّد بنوه، وعبد الله وقثم ابنا الْعَبَّاس، وَمُحَمَّد وعبد الله وعون بنو جَعْفَر بْن أَبِي طالب. والمغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب، وعقيل بْن أَبِي طالب، وعبد الله بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ قَاسِمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد ابن الْحُسَيْنِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ نَاسٌ يَأْتُونَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الشِّعْرِ وَالأَنْسَابِ، وَنَاسٌ يَأْتُونَ لأَيَّامِ الْحَرْبِ وَوَقَائِعَهَا، وَنَاسٌ يَأْتُونَ لِلْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، مَا مِنْهُمْ صِنْفٌ إِلا يُقْبِلُ عَلَيْهِمْ بِمَا شاءوا.

عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الواحد بن محمد الفامي الفارسي ابو محمد الفقيه الشافعي

Details of عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الواحد بن محمد الفامي الفارسي ابو محمد الفقيه الشافعي (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Ibn al-Najjār
Ibn al-Najjār (d. 1245 CE) - Dhayl Tārīkh Baghdād ابن النجار - ذيل تاريخ بغداد
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=138187&book=5531#9c9f44
عَبْد الوهاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد الفامي الفارسي، أبو محمد، الفقيه الشافعي :
من أهل شيراز. قدم بغداد في تاسع شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة
للتدريس بالمدرسة النظامية، وكان مدرسها يومئذ الحسين بن محمد الطبري، فبقي كل واحد منهما يدرس يوما مناوبة، فلم يزالا على ذلك إلى أن عزلا في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين، أملى الحديث بجامع القصر.
وحدث عن أبوي بكر أحمد بن الحسن بن الليث الحافظ ومحمد بن أحمد بن عبدان بن عبدك الحبال وأبي الحسين عبد الواحد بن يوسف القزاز وأبي القاسم علي ابن بندار بن إبراهيم الحنفي وأبي زرعة أحمد بن يحيى الخطيب وأبي طاهر عبد الواحد ابن أحمد الفرضي وأبي محمد الحسن بن محمد بن عثمان بن كرابه وأبي الحسن محمد ابن يحيى المحتسب الشيرازيين، روى عنه من البغداديين عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وأبو الفضل بن ناصر.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الضَّرِيرُ النَّحْوِيُّ بقراءتي عليه قال:
حدثنا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ إِمْلاءً قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي الإِمَامُ جَمَالُ الإِسْلامِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيُّ الشَّافِعِيُّ وَيُعْرَفُ بِالْفَامِيِّ- قَدِمَ عَلَيْنَا مَدِينَةَ السَّلامِ- إِمْلاءً فِي جَامِعِ دَارِ الْخَلِيفَةِ وَكَانَ أَنْفَذَ بِهِ نَظَامُ الْمُلْكِ مُدَرِّسًا بِالْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ يُوسُفَ الْقَزَّازُ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَد عُبَيْد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بيان الحافظ، حدثنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّقِّيُّ بِالْكُوفَةِ، حدثنا محمد بن الجنيد، حدثنا الوليد بن القاسم الهمداني، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَزَلَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفٌ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ: «هل عند كن مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ نَزَلَ بِي ضَيْفٌ؟» فَأَرْسَلْنَ: لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِلا الْمَاءَ! إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: «يَا فُلانُ! هَلْ عِنْدَكَ اللَّيْلَةَ مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ نَزَلَ بِي ضَيْفٌ، تَذْهَبُ بِضَيْفِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَذَهَبَ بِهِ إِلَي أَهْلِهِ، قَالَ:
لامْرَأَتِهِ: هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ خُبْزَةٌ لَنَا، قَالَ: قَرِّبِيهَا وَكَأَنَّكِ تُصْلِحِينَ الْمِصْبَاحَ فَأَطْفِئِيهِ؛ فَفَعَلَتْ فَجَعَلَ يُقَرِّبُ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَأْكُلُ مَعَ ضَيْفِهِ فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُبْزَةِ حَتَّى أَكَلَهَا وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا ضَيْفُهُ لِحَاجَتِهِ وَغَدَا الأَنْصَارِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا صَنَعْتَ اللَّيْلَةَ بِضَيْفِكَ؟» وَظَنَّ أَنَّهُ شَكَاهُ وَحَدَّثَهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصَنِيعِكَ إِلَى ضَيْفِكَ- أَوْ ضَحِكَ بِصَنِيعِكَ إِلَيْهِ» .
كتب إلي علي بن الفضل الحافظ بن علي بن عتيق الأنصاري أخبره عن القاضي عياض بن موسى التجيي قال: سمعت القاضي أبا علي حسين بن محمد الصدفي المعروف بابن سكرة يقول: عبد الوهاب بن محمد الشيرازي الفامي القاضي أبو محمد جليل من أئمة العلماء الشافعية وكبارهم، دخل بغداد أيام كوني بها، وأنهض إلى التدريس في المدرسة النظامية، وتلقاه أهل بغداد وخرجوا إليه كافة من العلماء وأهل الدولة وغيرهم، وحضر أرباب الدولة من القضاة وحجاب الخليفة أول يوم درس وقرئ منشوره وكان يوما مشهودا، سمعت عليه كثيرا.
وسمعته يقول: صنفت سبعين تأليفا في ثمانية عشر عاما، وسمعته يقول: لي كتاب في تفسير القرآن ضمنته مائة ألف بيت شاهدا، وكان يملي يوم الجمعة في جامع القصر، ومستمليه أبو ياسر بن كادش وأخر، وحفظ عليه تصحيف شنيع ، ثم أجلب عليه وطولب، ورمي بالاعتزال حتى فر بنفسه.
أَخْبَرَنِي شِهَابٌ الْحَاتِمِيُّ بِهَرَاةَ قال: سمعت أبا سعد بن السمعاني يقول: سَمِعْتُ أَبَا الْعَلاءِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى عَلَيْهِمْ بِبَغْدَادَ يَوْمًا حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «صَلاةٌ فِي أَثَرِ صَلاةٍ كِتَابٌ فِي عَلِّيِّينَ»
، فَصَحَّفَ وَقَالَ: كَنَارٍ فِي غَلَسٍ، وَكَانَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ حاضرا فقال له- أو قيل لَهُ: مَا مَعْنَى كَنَارٍ فِي غَلَسٍ؟ فَقَالَ: النَّارُ فِي الْغَلَسِ تَكُونُ أَضْوَأَ؛ قال الطرقي: وسأله بعض أصدقائي عن جامع أبي عيسى الترمذي وقال
له: هل لك به سماع؟ فقال: ما الجامع ومن أبو عيسى؟ ما سمعت بهذا الكتاب؛ ثم رأيته بعد ذلك يعده في مسموعاته. وذكر يوما أنه سمع صحيح البخاري، فقلت له:
هل معك أصل سماعك؟ فقال: لماذا؟ فقلت: لنسمع منك، فقال: وما ببغداد صحيح البخاري؟ في النسخ كثرة ، اقرءوا من بعضها.
قال الطرقي: ولما أراد الفامي أن يملي في جامع القصر فقلت له: لو استعنت ببعض حفاظ البلد فانتقي الأحاديث ورتبها على ما جرت به عاداتهم؟ فقال: إنما يفعل ذلك من قلت معرفته بالحديث، وأما أنا فحفظي يغنيني ، ولم أحتج إلى أحد فيما يعنيني، وكان هذا أول يوم قدم وما كنت بلوته، فأملى اليوم الثاني وامتحنت بالاستملاء- أعوذ بالله من البلاء، فأول ما حدث رأيته يسقط من الإسناد رجلا ويزيد فيه رجلا، ويبدل رجلا برجل، ويجعل الرجل الواحد رجلين والرجلين رجلا واحدا، ورأيت نصحه أعجز عن ذلك، وسأفصل ما أجملته: أما إسقاط رجل ففي غير موضع منها أنه ذكر الحسن بن سفيان عن يزيد بن زريع، فأمسك أهل المجلس أقلامهم ورفعوا إلي رؤسهم، فمنهم المنكر بصريح لسانه، ومنهم المشير بحاجبه وبنانه، فقلت لهم: سقط أحد رجلين، ولا يزيد بين الحسن بن سفيان ويزيد إما محمد بن المنهال أو أمية بن بسطام، فقال المملي : اكتبوا كما في أصلي؛ وأما زيادة رجل فإنه أورد إسنادا وكان في الكتاب «أنبأنا سهل بن بحر أنا سألته» فصحفه وقال «أنبأنا سهل بن بحر أنبأنا ساليه» وأما تبديل رجل برجل فأكثر من أن يلحقه الإحصاء كتبديل عمر بعمرو وجميل بجميل وحبان بحبان وأشباه ذلك؛ وأما جعله الرجل الواحد رجلين فإنه رأى في كتاب سعيد بن عمرو الأشعثي وهو شيخ مسلم بن
الحجاج القشيري فقال هو: أنبأنا سعيد بن عمرو الأشعثي قالا: أنبأنا فلان بن فلان، فقلت: إنما هو سعيد بن عمرو الأشعثي؟ قال: لا! ليس كما تقول، قلت: فمن الأشعثي؟ قال: فضول منك؛ وأما جعله الرجلين رجلا واحدا فإني رأيت بأخره مجلسا كتبه عنه بعض البغداديين المشهورين يحفظ الحديث فقرأته، وإذا فيه «حدثنا ورقاء بن قيس بن الربيع» فأنكرت عليه وقلت: يا إنسان: تكتب مثل هذه الأخبار وتفضي عن موضع الإنكار! وليس هذا مما يخفى على من شم رائحة الحديث، ألست تعلم أنه ورقاء بن عمر اليشكري وعن قيس بن الربيع؟ فقال: بلى! ولكنه شديد الكلام حديد اللسان، وإني قد رددت عليه في مواضع فأغلظ علي في القول فآليت أن لا أرد عليه.
قال الطرقي: وأما تصاحيفه في المتون فقد شذ عني الأكثر، ومن ذلك أنه قال في أول حديث أملاه قال حميل بن بصرة: لقيت أبا هريرة وهو يجيء من الطود، فقيل له: إنما هو الطور، قال: بل هو الطود، قال الله تعالى فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
؛ وأما ما أخذ عليه في علم اللغة والنحو والعروض والشعر فمنها أني كنت أقرأ عليه تصنيفا له في معجزات الأنبياء [و] كرامات الأولياء، فذكر في معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم كلامه في الخشف والضب والناقة، فقيل له: ما الخشف؟ فقال: طائر؛ وقال يوما في بعض ما جرى معه: الدلو يذكر؛ فقلت: إنما يستدل على التأنيث والتذكير بالجمع والتصغير، وتصغير الدلو دلية، فقال: تصغير الرجل أيضا رجيله، فيجب أن يكون الرجل مؤنثا، فكأنما ألقمني حجرا مثلثا؛ وقال في بعض مناظراته مع ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني: الفعل لا يوصف، فقال الشيخ أبو الفضل الهمداني:
يقول الله تعالى (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً)
بما انتصب صالحا؟
قال: انتصب على الحال؛ وأنشد بيتا فأسقط منه كلمة تحتوي على وتد مجموع وسبب خفيف وذاك جزء خماسي على وزن فعولن، فقلت: البيت مكسور، فقال-
كأني لم أعرف الأوزان والنحو والعروض- كذا كذا بحرا منها الطويل ومنها البسيط ومنها الممدود، فأخذني الضحك وقمت عنه.
قال ابن السمعاني: والحافظ الطرقي كتب رسالة في جزء ضخم إلى نظام الملك يذكر فيها أحوال عبد الوهاب الفامي: وذكر من هذا الجنس فيها جملة، اقتصرت منه على هذا القدر، ولولا أنه حافظ كبير رحل وجمع وشرط في هذه الرسالة أنه لا يزيد شيئا بل ينقص مما سمع، ما أوردت هذا القدر.
كتب إلي أبو جعفر محمد وأبو بكر لا مع ابنا أحمد بن نصر الصيدلاني أن يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده أخبرهما قال: عبد الوهاب بن محمد الفامي أحفظ من رأيناه لمذهب الشافعي، صنف كتاب «تأريخ الفقهاء» وكتب فيه: مات جدي أبو الفرج عبد الوهاب سنة أربع عشرة وأربعمائة وفيها ولدت؛ ذكر أبو نصر الحسن بن محمد اليونارتي الأصبهاني في معجم شيوخه ونقلته من خطه أن عبد الوهاب بن محمد الفامي توفي بشيراز في السابع والعشرين من رمضان سنة خمسمائة.

عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود

Details of عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (hadith transmitter) in 1 biographical dictionary by the author Burhān al-Dīn al-Ḥalabī
Burhān al-Dīn al-Ḥalabī (d. 1438 CE) - al-Ightibāṭ bi-man rumiya min al-ruwāt bi-l-ikhtilāṭ برهان الدين الحلبي - الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=161227&book=5568#4a3518
عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
وقد ذكره فيهم أيضا ابن الصلاح
[التعليق]
قلت: وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي ثقة مستقيم الحديث قبل أن يختلط ببغداد وقد تشدد بعضهم في أمره ورد حديثه كله لأنه لم يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير ومن هؤلاء ابن حبان حتى قال عنه: إنه استحق الترك وهذا لا يصح، ولكن الصحيح التفصيل كما فصل الأئمة فمن سمع منه ببغداد فقد سمع بعد الاختلاط ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد فقد كان اختلاطه ببغداد كما نص عليه أحمد بن حنبل. وقد تعقب الحافظ العراقي كلام ابن الصلاح في علومه فقال: "وفيه أمور:
[أحدها] أن المصنف اقتصر على ذكر اثنين ممن سمع منه بعد الاختلاط وهما عاصم بن على وأبو النضر هاشم بن القاسم وممن سمع منه أيضا بعد الاختلاط عبد الرحمن ابن مهدى ويزيد بن هارون وحجاج بن محمد الأعور وأبو داود الطيالسى وعلى بن الجعد قال محمد بن عبد الله بن نمير كان المسعودى ثقة فلما كان بآخرة اختلط سمع منه عبد الرحمن بن مهدى ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم".
وذكر الحافظ العراقي كلاماً للأئمة في ذلك ثم قال:
[الأمر الثانى] فى بيان ابتداء اختلاطه وقد اقتصر المصنف على حكاية كلام ابن معين أن من سمع منه فى زمان أبى جعفر فهو صحيح السماع وعلى هذا فكانت مدة اختلاطه سنة أو سنتين فإن أبا جعفر المنصور مات بظاهر مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وماية وكانت وفاة المسعودى على المشهور فى سنة ستين وماية قاله سليمان بن حرب وأبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل وبه حزم البخارى فى تاريخه نقلا عن أحمد وابن حبان فى الضعفاء وابن زبر وابن قانع وابن عساكر فى التاريخ والمزى فى التهذيب والذهبى فى العبر والميزان وما اقتضاه كلام يحيى بن معين من قدر مدة اختلاطه صرح به أبو حاتم الرازى فقال تغير بآخره قبل موته بسنة أو سنتين وفى كلام غير واحد أنه اختلط قبل ذلك وتقدم قول أبى قتيبة سلم بن قتيبة أنه رآه سنة سبع وخمسين والذر يدخل فى أذنيه وقال عمرو بن على الفلاس سمعت معاذ بن معاذ يقول رأيت المسعودى سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعنى أنه قد تغير حفظه وهذا موافق لما حكاه عبد الله بن أحمد ابن حنبل عن أبيه أنه قال انما اختلط المسعودى ببغداد ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد وكان قدوم المسعودى بغداد سنة أربع وخمسين ولكن لم يختلط فى أول قدومه بغداد فقد سمع منه شعبة ببغداد كما ذكره ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وعلى هذا فقد طالت مدة اختلاطه لا سيما على قول من قال أنه مات سنة خمس وستين وهو قول يعقوب بن شيبة رواه الخطيب فى التاريخ عنه وان كان المشهور أنه توفى سنة ستين وماية كما تقدم لكن قد روينا بالإسناد الصحيح إلى على بن المدينى سمعت معاذ بن معاذ يقول قدم علينا المسعودى البصرة قدمتين يملى علينا إملاء ثم لقيت المسعودى ببغداد سنة أربع وخمسين وما أنكر منه قليلا ولا كثيرا فجعل يملى على ثم أذن لى فى بينه ومعى عبد الله ابن عثمان ما أنكر منه قليلا ولا كثيرا قال ثم قدمت عليه مرة أخرى مع عبد الله بن حسن قال فقلت لمعاذ سنة كم قال سنة إحدى وستين فقالوا دخل عليه فذهب ببعض سماعه فأنكروه لذلك قال معاذ فتلقانا يوما فسألته عن حديث القاسم فأنكره وقال ليس من حديثى قال ثم رأيت رجلا جاءه بكتاب عمرو بن مرة عن إبراهيم فقال كيف هو فى كتابك قال عن علقمة وجعل يلاحظ كتابه فقال معاذ فقلت له انك انما حدثتناه عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن عبد الله قال هو عن علقمة ففى هذا أنه تأخر إلى سنة إحدى وستين وقد رواه هكذا ابن عساكر فى التاريخ وغيره وذكره المزى فى التهذيب وضبب على قوله إحدى وذلك أنه اقتصر فى التهذيب على أنه توفى سنة ستين فرأى هذا مخالفا لما ذكر من وفاته فضبب عليه والله أعلم.
[الأمر الثالث] في بيان من سمع منه قبل اختلاطه قال أحمد بن حنبل سماع وكيع من المسعودى بالكوفة قديم وأبو نعيم أيضا قال وانما اختلط المسعودى ببغداد قال ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد انتهى وعلى هذا فتقبل رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد وهم أمية بن خالد وبشر بن المفضل وجعفر بن عون وخالد بن الحرث وسفيان بن حبيب وسفيان الثورى وأبو قتيبة سلم بن قتيبة وطلق بن غنام وعبد الله بن رجاء الغدانى وعثمان بن عمر بن فارس وعمرو بن مرزوق وعمرو بن الهيثم والقاسم بن معن بن عبد الرحمن ومعاذ بن معاذ العنبرى والنضر ابن شميل ويزيد بن زريع
[الأمر الرابع] أنه قد شدد بعضهم فى أمر المسعودى ورد حديثه كله لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير قال ابن حبان فى تاريخ الضعفاء كان المسعودى صدوقا الا أنه اختلط فى آخر عمره اختلاطا شديدا حتى ذهب عقله وكان يحدث بما يحب فحمل عنه فاختلط حديثه القديم بحديثه الأخير ولم يتميز فاستحق الترك وقال أبو الحسن القطان فى كتاب بيان الوهم والايهام كان لا يتميز فى الأغلب ما رواه قبل اختلاطه مما رواه بعد انتهى والصحيح ما قدمناه من أن من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد فسماعه صحيح كما قال أحمد وابن عمار وقد ميز بعض ذلك والله أعلم. انتهى كلام الحافظ العراقي.

Software and presentation © 2025 Hawramani.com. All texts belong to the public domain.

Privacy Policy | Terms of Use

Arabic Keyboard لوحة المفاتيح العربية ▼
Click a letter to place it inside the search box:
← delete
ا
ى
ء
أ
ؤ
ئ
إ
آ
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
هـ
و
ي
ة
space