Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151598&book=5519#ce9f16
عبد الله بن رباح أبو خالد الأنصاري
وفد على معاوية حدث عن أبي قتادة. قال: خطب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشية فقال: إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم، وتأتون الماء غداً إن شاء الله تعالى. قال أبو قتادة: فانطلق الناس لا يلوي أحد في مسيرهم، فإني أسير إلى جنب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى ابهار الليل، فنعس رسول الله فمال على راحلته، ثم سرنا حتى إذا تهور الليل مال على راحلته ميلة أخرى فدعمته من غير أن أوقظه، فاعتدل على راحلته، ثم سرنا حتى إذا كان من آخر الليل مال ميلة أخرى هي أشد من الميلين الأوليين حتى إذا كاد أن ينجفل فدعمته فرفع رأسه فقال: من هذا؟ قلت: أبو قتادة قال: متى كان هذا مسيرك مني؟ قلت: يا رسول الله، هذا مسيري منك منذ الليلة. قال: حفظك الله بما حفظت به نبيه ثم قال: أترانا نخفى على الناس؟ هل ترى أحداً؟ قلت: هذا راكب، وهذا آخر، فاجتمعنا فكنا سبعة، فمال عن الطريق، ثم وضع رأسه وقال: احفظوا علينا صلاتنا، فكان أول من انتبه والشمس في ظهره، فقمنا فزعين. فقال: اركبوا فركبنا، فجعل بعضنا يهمس بعضاً ما صنعنا تفريطنا في صلاتنا؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما هذا الذي تهمسون دوني؟ قلنا: يا رسول الله، تفريطنا في صلاتنا فقال: أما لكم في أسوة، التفريط ليس في النوم، التفريط من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى، فإذا فعل ذلك فليصلها إذا انتبه لها، ثم ليصلها من الغد لوقتها، ثم نزلنا فدعا بميضأة كانت عندي فتوضأ وضوءاً دون وضوئه، ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم صلى الفجر كما كان يصلي، ثم قال: اركبوا فركبنا، فانتهينا إلى الناس حين تعالى النهار - أو
قال: حين حميت الشمس شك سليمان - وهم يقولون: هلكنا عطشاً، قال: لأهلك عليكم، ثم نزل، ثم قال: اطلقوا لي غمري، فأطلق له، ثم دعا بالميضأة التي كانت عندي، فجعل يصب علي ويسقيهم. فلما رأوا ما في الميضأ تكابوا فقال: أحسنوا الملأ، فكلكم سيروى، فجعل يصب ويسقيهم حتى ما من القوم أحد إلا شرب، غيري وغيره، فصب علي ثم قال: اشرب يا أبا قتادة، فقلت: يا رسول الله، أشرب قبل أن تشرب؟ قال: إن ساقي القوم آخرهم، فشربت وشرب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقال عبد الله بن رباح: إني لفي مسجد الجامع أحدث بهذا الحديث إذ قال عمران بن الحصين: انظر أيها الفتى كيف تحدث، فإني كنت أحد الركب تلك الليلة. قلت له: أبا نجيد، فحدث فأنت أعلم قال: من أنت؟ قال: قلت من الأنصار، قال: فحدث القوم فأنت أعلم بحديثكم. فقال: لقد شهدت تلك الليلة، وما شعرت أن أحداً حفظه كما حفظته.
وحدث عبد الله بن رباح: أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فقال: إني أريد أن أسألك عن شيء، وأنا أسحييك، فقالت: سل ما بدا لك، فإنما أنا أمك، فقلت: يا أم المؤمنين، ما يوجب الغسل، فقالت: إذا اختلف الختانان وجبت الجنابة، فكان قتادة يتبع هذا الحديث: إن عائشة قالت: قد فعلت أنا ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلنا.
فلا أدري أشيء في هذا الحديث أم كان قتادة يقوله.
وحدث عبد الله بن رباح قال: وفدنا إلى معاوية ومعنا أبو هريرة، فكان بعضنا يصنع لبعض الطعام وكان أبو هريرة ممن يصنع لنا، فيكثر، فيدعونا إلى رحله، فقلت: لو أمرت بطعام فصنع ودعوتهم
إلى رحلي، ففعلت، ولقيت أبا هريرة بالعشي فقلت: يا أبا هريرة، الدعوة عندي الليلة، فقال: سبقتني يا أخا الأنصار، فدعوتهم فإنهم لعندي إذ قال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر؟ - وكان عبد الله بن رباح أنصارياً - قال: فذكر فتح مكة، وقال: بعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالد بن الوليد على إحدى المجنبتين، وبعث الزبير على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر ثم آراني فقال: يا أبا هريرة، فقلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، فقال: اهتف لي بالأنصار ولا تأتني إلا بأنصاري. قال: ففعلت، ثم قال: انظروا قريشاً وأوباشهم فاحصدوهم حصداً. قال: فانطلقنا فما أحد منهم يوجه إلينا شيئاً، وما منا أحد منهم إلا أخذه، وجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيرت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، فألقى الناس سلاحهم، ودخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبدأ بالحجر فاستلمه، ثم طاف سبعاً، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم جاء ومعه القوس آخذ بسيتها، فجعل يطعن بها في عين صنم من أصنامهم وهو يقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً " ثم انطلق حتى أتى الصفا فعلا منه حتى يرى البيت، وجعل يحمد الله ويدعوه، والأنصار عنده يقولون: أما الرجل فأدركته رغبته في قريته، ورأفته بعشيرته، وجاء الوحي، وكان الوحي إذا جاء لم يخف علينا، فلما رفع اللوحي قال: يا معشر الأنصار، قلتم: أما الرجل فأدركته رغبته في قريته، ورأفته بعشيرته، كلا فما اسمي إذاً؟ كلا، إني عبد الله ورسوله، المحيا محياكم، والممات مماتكم، فأقبلوا يبكون وقالوا: يا رسول الله، والله ما قلنا إلا لضن بالله وبرسوله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم.
وزاد في حديث آخر قال: فوالله ما منهم من أحد إلا من بل نحره بالدموع من عينيه. رضي الله عنهم.
قال أبو عمران الجوني: وقفت مع عبد الله بن رباح ونحن نقاتل الأزارقة مع المهلب فبكى: فقلت:
ما يبكيك؟ قال: قد كان في أهل الشرك غناء عن قتال أهل القبلة.
قتل أبو خالد في ولاية ابن زياد.