Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157314&book=5573#104326
صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَبِيْبٍ الأَسَدِيُّ جَزَرَةُ
ابْنِ حَسَّانِ بنِ المُنْذِرِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ، وَاسْمُ أَبِي
الأَشْرَسِ: عَمَّارٌ، مَوْلَىً لبنِي أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ.الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ المَشْرِقِ، أَبُو عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ البَغْدَادِيُّ، المُلَقَّبُ جَزَرَة - بِجِيْمٍ وَزَايٍ - نَزِيْلَ بُخَارَى.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَخَالِدَ بنَ خِدَاش، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَيَحْيَى بنَ عَبدِ الحَمِيدِ الحِمَّانِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ، وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ، وَأَبَا خَيْثَمَةَ، وَالأَزْرَقَ بنَ عَلِيٍّ، وَخَلَفَ بنَ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَطَبَقَتهُم بِالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَبِخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ خَارجَ (الصَّحِيْحِ) وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِقَلِيْلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، وَبكرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيّ، وَالهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
واسْتَوْطَنَ بُخَارَى مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَلَّكَهُ أَمِيْرُ بُخَارَى بِالإِحسَانِ وَالاحْتِرَامِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مِنْ وَلَدِ حَبِيْبِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ، أَقَامَ بِبُخَارَى، وَحَدِيْثُهُ عِنْدَهُم.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً غَازياً.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، مَا أَعْلمُ فِي عَصْرِهِ بِالعِرَاقِ وَخُرَاسَان فِي الحِفْظِ مِثْلَهُ، دَخَلَ مَا وَرَاء النَّهْرِ، فَحَدَّثَ مُدَّةً
مِنْ حِفْظِهِ، وَمَا أَعْلَمُ أُخِذَ عَلَيْهِ مِمَّا حَدَّثَ خَطأ، وَرَأَيْتُ أَبَا أَحْمَدَ بنَ عَدِيٍّ يُفَخِّمُ أَمْرَهُ وَيُعَظِّمُه.وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكتَانِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: فَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا قَدَّمْنَا.
وَكَذَلِكَ سَاقَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ دَهْراً طَوِيْلاً، وَلَمْ يَكُن اسْتَصْحَبَ مَعَهُ كِتَاباً، وَكَانَ صَدُوْقاً ثَبْتاً، ذَا مُزَاحٍ وَدُعَابَةٍ، مَشْهُوراً بِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: كَانَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى فِي (الزُّهْرِيَّات) فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيْثَ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَرْقِي مِنَ الخَرَزَةِ.
فَقَالَ: مِنَ الجَزَرَةِ، فلُقِّبَ بِهِ.
رَوَاهَا الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: هَذَا غَلَطٌ، لأَنَّهُ لُقِّبَ بِجَزَرَةَ فِي حَدَاثَتِهِ يَعْنِي: قَبْلَ ارْتِحَالِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بِزَمَانٍ.
قَالَ: فَأَخْبَرَنَا المَالِيْنِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سَعْدَانَ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا بَعْضُ الشُّيُوْخِ مِنَ الشَّامِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ حَرِيزِ بنِ عُثْمَانَ، فَقَرَأْت عَلَيْهِ: حَدَّثَكُم حَرِيزُ بنُ عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ لأَبِي أُمَامَةَ خَرَزَةٌ يَرْقِي بِهَا المَرِيْض. فَقُلْتُ: جَزَرَةُ، فَلُقِّبْتُ جَزَرَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ البُخَارِيُّ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ وَسُئِلَ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَةَ؟فَقَالَ: قَدِمَ عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ الحَدَثِيُّ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَلْق، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ فَرَاغِ المَجْلِسِ سُئِلتُ: مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ؟
فَقُلْتُ: مِنْ حَدِيْثِ الجَزَرَةِ، فَبَقِيَتْ عَلَيَّ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه: أَنَّهُ سَمِعَ الأَمِيْر خَالِدَ بنَ أَحْمَدَ يَسْأَلُ أَبَا عَلِيٍّ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَة؟
قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ فَحَدَّثَهُم بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسرٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَرَزَةٌ للمَرِيْض، فَجِئْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الحَدِيْث، فرَأَيْتُ فِي كِتَابِ بَعْضِهِم وَصِحْتُ بِالشَّيْخِ: يَا أَبَا حَفْصٍ! يَا أَبَا حَفْصٍ! كَيْفَ حَدِيْثُ عَبْد اللهِ بن بُسْرٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَزَرَةٌ يُدَاوِي بِهَا المَرْضَى، فَصَاحَ المُحَدِّثُونَ المُجَّان، فَبقيَ عليَّ حَتَّى السَّاعَة.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ صَالِحٌ صَاحِبَ دُعَابَةٍ، وَلاَ يَغْضَبُ إِذَا وَاجَهَهُ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّقَبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيّ، قَالَ:
كَانَ صَالِحٌ رُبَّمَا يَطْنِزُ، كَانَ بِبُخَارَى رَجُلٌ حَافِظٌ يُلَقَّبُ بِجَمَلٍ، فَكَانَ يَمْشِي مَعَ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيٍّ؟
قَالَ: أَنَا عَلَيْكَ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطعَةٌ.
وَرَوَى الحَاكِم: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أُسَايرُ الجَمَلَ الشَّاعِرَ بِمِصْرَ، فَاسْتقبلَنَا جَملٌ عَلَيْهِ جَزَر،
فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيّ؟قُلْتُ: أَنَا عَلَيْكَ.
قَالَ خَلَفٌ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَرْبَعَ سِنِيْنَ وَكَانَ لاَ يَقْرَأُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُحَدِّثُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَعَنْ جَعْفَرٍ الطِّستِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيّ يَقُوْلُ - وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ - فَقَالَ: مَا أَهْوَنَهُ عَلَيْكُم، أَلاَ تَقُولُوْنَ: سَيِّدُ المُسْلِمِينَ!
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي زُرْعَةَ: حَفِظَ اللهُ أَخَانَا صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، لاَ يَزَالُ يُضْحِكُنَا شَاهداً وَغَائِباً، كَتَبَ إِلَيَّ يذْكُرُ أَنَّهُ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَجَلَسَ للتَّحديثِ شَيْخٌ يُعرف بِمُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ مَحْمشٍ، فَحَدَّثَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ البَعِيْرُ ) .
وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رِفْقَةً فِيْهَا خُرْسٌ ) فَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكُمْ فِي المَاضِي، وَأَعْظَمَ أَجْرَكُمْ فِي البَاقِي.
وَرَوَى البَرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيِّ، قَالَ:بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحاً سَمِعَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ يَقُوْلُ: إِنَّ السِّينَ وَالصَّادَ يَتَعَاقَبَان، فسَأَلَ بَعْضَ تَلاَمِذَتِهِ عَنْ كُنْيَتِهِ فَقَالَ لَهُ: أَبُو صَالِحٍ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ: يَا أَبَا سَالِح، أَسْلَحَكَ اللهُ، هَلْ يَجُوْزُ أَنْ تَقْرَأَ: (نَحْنُ نَقُسُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَسَس) ؟
فَقَالَ لِي بَعْضُ تلاَمِذَتِه: تُواجِهُ الشَّيْخ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ: فَلاَ يَكْذِب، إِنَّمَا تَتَعَاقَبُ السِّيْن وَالصَّاد فِي مَوَاضِعَ.
وَرُوِيَ عَنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: الأَحْوَلُ فِي البَيْتِ مُبَارَكٌ، يَرَى الشَّيْءَ شَيْئَيْنِ.
قَالَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ يَمْتَحِنُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ غَالياً فِي التَّشَيُّعِ، فَقَالَ لِي: مَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمٍ؟
قُلْتُ: مُعَاوِيَةَ.
قَالَ: فَمَنْ نَقَلَ تُرَابَهَا؟
قُلْتُ: عَمْرُو بن العَاصِ.
فصَاحَ فِيَّ وَقَامَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَبَدَتْ عَورَتُهُ، فَأَشَار إِلَيْهِ بَعْضُنَا بِأَنَّ يَتَغَطَّى، فَقَالَ: رَأَيْتَهُ؟ لاَ تَرْمَدُ أَبَداً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يَأْخُذْ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيّ! حَدِّثْنِي.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةَ، قَالَ: عَلِّمْ مَجَّاناً كَمَا عُلِّمْتَ مَجَّاناً.
فَقَالَ: تُعَرِّضُ بِي؟
فَقُلْتُ: لاَ، بَلْ قَصَدْتُكَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ الطُّوْسِيّ يَقُوْلُ: مَرِضَ صَالِحٌ
جَزَرَة، فَكَانَ الأَطِبَّاءُ يَخْتلفون إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ الأَمْرُ، أَخذَ العَسَلَ وَالشُّونِيْز، فَزَادَتْ حُمَّاهُ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْتَعِدُ وَيَقُوْلُ: بأَبِي أَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا كَانَ أَقلَّ بَصَرَكَ بِالطِّبِّ!قُلْتُ: هَذَا مُزَاحٌ لاَ يَجُوْزُ مَعَ سَيِّدِ الخَلْقِ، بَلْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ النَّاسِ بِالطِّبِّ النَّبوِيّ، الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ، فَإِنَّهُ قَاله بِوَحْيٍ: (فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً، إِلاَّ وَأَنْزَلَ لَهُ دوَاءً ) ، فَعَلَّمَ رَسُولَهُ مَا أَخْبَرَ الأُمَّة بِهِ، وَلَعَلَّ صَالِحاً قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةُ مِنَ الهُجْرِ فِي حَالِ غَلَبَة الرِّعْدَةِ، فَمَا وَعَى مَا يَقُوْلُ، أَوْ لَعَلَّهُ تَاب مِنْهَا، وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ عبَّادَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِل طَلْحَة وَالزُّبَيْر الجَنَّةَ.
قُلْتُ: وَيْلَكَ! وَلِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهُمَا قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ بَايعَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ :بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ وَقَفَ خَلْفَ الشَّيْخِ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيّ، وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ بَرَكَةَ الحَلَبِيِّ بِتِلْكَ الأَحَادِيْثِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الحُسَيْنِ! لَيْسَ ذَا بَرَكَةٌ، ذَا نِقْمَةٌ.
قُلْتُ: كَانَ بركَةُ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ.قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ بِالبَصْرَةِ أَبُو مُوْسَى الزَّمِنُ، فِي عَقْلِهِ شَيْءٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ - أَعنِي: ابْنَ عَبدِ الحمِيدِ - حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ - يَعْنِي: السِّخْتِيَانِيَّ -.
فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ.
فَقُلْتُ: يَعْنِي ابْنَ مِنهَالٍ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَيُّ شَيْءٍ تُعَذِّبُ المِسْكِيْنَ؟
وَقَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِس أَبِي عليٍّ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المَجْلِسِ: يَا شَيْخُ! مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
فَكَتَبَ الرَّجُل: حَدَّثَنَا وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ إِسْحَاقَ: كُنْتُ عِنْد صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الرُّستَاقِ، فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الشُّيُوْخِ، وَيَكْتُبُ جَوَابَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ؟
فَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
فَكَتَبَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَلُمْتُهُ.
فَقَالَ لِي: مَا أَعْجَبَكَ! مَنْ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ سُفْيَانَ لاَ تُبَالِ حَكَى عَنْكَ أَوْ لَمْ يَحْكِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ: كُنْتُ مَعَ صَالِحِ بن مُحَمَّدٍ جَالِساً عَلَى بَاب دَارِهِ إِذْ أَقبلَ ابْنُهُ، عَنْ يمِينه رَجُلٌ أَقْصَرُ مِنْهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ صَبِيٌّ، فَقَالَ لِي صَالِح: يَا أَبَا نَصْرٍ! تبّت ؟
وَيُقَالُ: كَانَ وَلدُ صَالِحٍ مُغَفَّلاً، فَقَالَ صَالِحٌ: سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً فَرَزَقَنِي جَمَلاً.قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَلِيٍّ، أَحَدُ أَركَانِ الحِفْظِ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ.
قُلْتُ: هَذَا سَعْدَويْه، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لَهُ، ثُمَّ سَمَّى لَهُ الحَاكِمُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ وَجَمَاعَةً، وَقَالَ: فَهَؤُلاَءِ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِيْنَ، وَرِحْلَتُهُ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا، كَتَبَ مِنْ مِصْرَ إِلَى سَمَرْقَنْد.
وَرَدَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَاسْتَوطَنَهَا مُدَّةً، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الذُّهْلِيُّ كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ أَحَادِيْثَ يَسْمَعُهَا مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ، فَرَحَلَ إِلَيْهِ، فَذَكِرَ لَهُ بِمَرْوَ أَحَادِيْثَ عَنْ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ أَفرَاد، فَخَرَجَ إِلَيْهِ.
قَالَ: فَثَبَّطَهُ الأَمِيْرُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بِبُخَارَى، وَأَقبلَ عَلَيْهِ، فتَأَهَّلَ وَوُلِدَ لَهُ.
وَمَاتَ: بِهَا فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيّ، سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عليٍّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ مِصْرَ فَإِذَا حَلقَةٌ ضَخْمَةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: صَاحِبُ نَحْوٍ.
فَقَرُبْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بصَادٍ، جَاز بِالسِّينِ.
فَدَخَلْتُ بَيْنَ النَّاسِ وَقُلْتُ: صَلاَمٌ عَلِيْكُمْ يَا أَبَا سَالِح، سَلَّيْتُم بَعْد؟
فَقَالَ لِي: يَا رَقِيْع! أَيُّ كَلاَمٍ هَذَا؟
قُلْتُ: هَذَا مِنْ قَوْلِكَ الآنَ.
قَالَ: أَظُنُّكَ مِنْ عَيَّارِي بَغْدَادَ.
قُلْتُ: هُوَ مَا تَرَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عِصْمَةَ بنَ بجمَاك، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: حَرَجٌ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسِي.
فَقُلْتُ: أَمَّا المَاجنُ فَأَنَا هُوَ - وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: صَالِحٌ المَاجنُ - قَدْ حضَرَ مَجْلِسَكَ.
ثمَّ إِنَّ الحَاكِمَ مدَّ النَّفَسَ فِي تَرْجَمَةِ صَالِح بِالغَرَائِبِ وَالسُّؤَالاَتِ، وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ سَمِعُوا مِنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، آخِرُهُم وَفَاةً أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبُخَارَى، وَكَانَتْ وَفَاةُ صَالِحٍ فِي ذِي الحِجَّةِ، لِثمَانٍ بَقِيْنَ مِنْه، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.وَفِيْهَا مَاتَ: عُمَرُ بنُ حَفْصِ السَّدُوْسِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسِ بنِ كَامِلٍ، وعَبْدَان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ بِمَرْوَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ بِمِصْرَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ المُعَافَى بنِ سُلَيْمَانَ، تُوُفِّيَ بِالثَّغْرِ، وَدَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ الحَلِيمِ بنِ عِمْرَانَ الفَقِيْهِ سَحْنُوْن بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ الصَّفرَاوِيّ، سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو المَحَاسِنِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرُّويَانِيّ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْس مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عبدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي نَصْرٍ العَاصِمِيّ بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ أَبُو الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى، عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَة بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ أَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لِتُفْهَمَ عَنْهُ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيورِيّ، سَمِعْتُ الصُّوْرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ نُوْحٍ، سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ العَسَّالَ، سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ يَقُوْلُ:يحتَاجُ المُحَدِّث أَنْ يَكْتُبَ مائَة أَلْفٍ وَمائَة أَلْف - فَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ: وَمائَةَ أَلْفٍ وَيرْفَعُ رَأَسَهُ إِلَى فَوْقَ، حَتَّى كَادَتْ قَلَنْسَوَتُهُ أَنْ تَسْقُطَ - حَدِيْثٍ بِعُلُوّ، وَمائَةَ أَلْفٍ وَمائَةَ أَلْف - وَجَعَلَ يخفِضُ رَأْسَهُ حَتَّى عَادَتِ القَلَنْسُوَة - حَدِيْثٍ بِنُزوْلٍ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ صَاحِبُ حَدِيْثٍ.