سليمان أبو أيوب الخوّاص
أحد الزهاد المعروفين والعُباد الموصوفين. سكن الشام، وكان أكثر مقامه ببيت المقدس، ودخل بيروت.
قال سري بن المغلس السقطي: أربعة كانوا في الدنيا، اعملوا أنفسهم في طلب الحلال، ولم يدخلوا أجوافهم إلا
الحلال، فقيل له: من هم يا أبا الحسن؟ قال: وهيب بن الورد، وشعيب بن حرب، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخواص.
وقال: كان أهل الورع في وقت من الأوقات أربعة: حذيفة المرعشي، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخواص، فنظروا إلى الورع، فلما ضاقت عليهم الأمور فزعوا إلى التقلل أو قال التذلل.
قال الفريابي: كنت في مجلس فيه الأوزاعي وسعيد بن عبد لعزيز وسليمان الخواص، فذكر الأوزاعي الزهاد فقال الأوزاعي: ما نريد أن نرى في دهرنا مثل هؤلاء، فقال: سعيد بن عبد العزيز: سليمان الخواص ما رأيت أزهد منه، وكان سليمان في المجلس ولا يعلم سعيد فقنع سليمان رأسه، وقام فأقبل الأوزاعي على سعيد فقال: ويحك لا تعقل ما يخرج من رأسك! تؤذي جليسنا، تُزكيه في وجهه؟! قال سعيد بن عبد العزيز: دخلت على سليمان الخواص فرأيته جالساً في الظلمة وحده، فقلت له: ما لي أراك جالساً في الظلمة وحدك؟! قال: ظلمة القبر أشد يا سعيد. فقال: ألا تطلب لك رفيقاً؟ قال: أكره أن أطلب رفيقاً، ولا أقوم بحقه الذي يجب له علي، قلت له: هذا مال صحيح قد أصبته، وأنا لك به يوم لقيامة، خذه تنفق منه على نفسك وتستر به عورتك، فقال: يا سعيد، إن نفسي لم تجبني إلى ما رأيت حتى خشيت أن لا تفعل، فإن أخذت مالك هذا ثم نفد فمن لي بمثله صحيح، فتركته ثم عدت إليه من الغد، فقلت له: رحمك الله إنه بلغني في الحديث أن الرجل لا تستجاب دعوته في العامة حتى يكون نقي المطعم نقي الملبس، فادع لهذه الأمة دعوة، فابتدر الباب مغضباً ثم قال: يا سعيد، أنت بالأمس تفتنني، وأنت اليوم تشهرني، قال: فأتيت الأوزاعي فأخبرته بما قلت له، وما قال لي، فقال لي الأوزاعي: يا سعيد، دع سليمان الخواص، ودع إبراهيم بن أدهم، فإنهما لو أدركا محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكانا من خيار أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو محمد قدامة الرملي:
قرأ رجل هذه الآية " وتوكّل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً " فأقبل علي سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة، ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره، ثم قال: انظر كيف قال تعالى " وتوكل على الحي الذي لا يموت " فأعلمك أنه لا يموت وأن جميع خلقه يموتون، ثم أمرك بعبادته فقال " وسبح بحمده " ثم أخبرك أنه خبير بصير، ثم قال: والله، يا أبا قدامة، لو عامل عبدُ لله بحسن التوكل وصدق النية له بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء، فمن دونهم، فكيف يكون هذا محتاجاً؟ اجتمع حذيفة المرعشي وسليمان الخواص ويوسف بن أسباط رضي الله عنهم فتذاكروا الفقر والغنى، وسليمان ساكت، فقال بعضهم: الغني من كان له بيت يسكنه، وثوب يستره، وسداد من عيش يكفه عن فضول الدنيا. قال بعضهم: الغني من لم يحتج إلى الناس. فقيل لسليمان: ما تقول أنت يا أبا أيوب؟ فبكى ثم قال: رأيت جوامع الغنى في التوكل، ورأيت جوامع الشر في القنوط، والغنى حق، الغني من أسكن الله في قلبه من غناه يقيناً، ومن معرفته توكلاً، ومن عطاياه وقسمه رضي، فذاك الغني حق الغني وإن أمسى طاوياً، وأصبح معوزاً، فبكى القوم جميعاً من كلامه.
مر سليمان الخواص بإبراهيم بن أدهم، وهو عند قوم قد أضافوه فقال: يا أبا إسحاق، نعم الشيء هذا إن لم تكن تكرمه على دين.
قال سليمان الخواص: من وعظ أخاه المؤمن فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما يبكته.
قال أبو بشر الفقيمي: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن منادياً ينادي: ليقم السابقون الأولون،
فقام سفيان الثوري، ثم قال: ليقم السابقون الأولون، فقام سليمان الخواص، ثم قال: ليقم السابقون الأولون فقام إبراهيم بن أدهم.
أحد الزهاد المعروفين والعُباد الموصوفين. سكن الشام، وكان أكثر مقامه ببيت المقدس، ودخل بيروت.
قال سري بن المغلس السقطي: أربعة كانوا في الدنيا، اعملوا أنفسهم في طلب الحلال، ولم يدخلوا أجوافهم إلا
الحلال، فقيل له: من هم يا أبا الحسن؟ قال: وهيب بن الورد، وشعيب بن حرب، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخواص.
وقال: كان أهل الورع في وقت من الأوقات أربعة: حذيفة المرعشي، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط، وسليمان الخواص، فنظروا إلى الورع، فلما ضاقت عليهم الأمور فزعوا إلى التقلل أو قال التذلل.
قال الفريابي: كنت في مجلس فيه الأوزاعي وسعيد بن عبد لعزيز وسليمان الخواص، فذكر الأوزاعي الزهاد فقال الأوزاعي: ما نريد أن نرى في دهرنا مثل هؤلاء، فقال: سعيد بن عبد العزيز: سليمان الخواص ما رأيت أزهد منه، وكان سليمان في المجلس ولا يعلم سعيد فقنع سليمان رأسه، وقام فأقبل الأوزاعي على سعيد فقال: ويحك لا تعقل ما يخرج من رأسك! تؤذي جليسنا، تُزكيه في وجهه؟! قال سعيد بن عبد العزيز: دخلت على سليمان الخواص فرأيته جالساً في الظلمة وحده، فقلت له: ما لي أراك جالساً في الظلمة وحدك؟! قال: ظلمة القبر أشد يا سعيد. فقال: ألا تطلب لك رفيقاً؟ قال: أكره أن أطلب رفيقاً، ولا أقوم بحقه الذي يجب له علي، قلت له: هذا مال صحيح قد أصبته، وأنا لك به يوم لقيامة، خذه تنفق منه على نفسك وتستر به عورتك، فقال: يا سعيد، إن نفسي لم تجبني إلى ما رأيت حتى خشيت أن لا تفعل، فإن أخذت مالك هذا ثم نفد فمن لي بمثله صحيح، فتركته ثم عدت إليه من الغد، فقلت له: رحمك الله إنه بلغني في الحديث أن الرجل لا تستجاب دعوته في العامة حتى يكون نقي المطعم نقي الملبس، فادع لهذه الأمة دعوة، فابتدر الباب مغضباً ثم قال: يا سعيد، أنت بالأمس تفتنني، وأنت اليوم تشهرني، قال: فأتيت الأوزاعي فأخبرته بما قلت له، وما قال لي، فقال لي الأوزاعي: يا سعيد، دع سليمان الخواص، ودع إبراهيم بن أدهم، فإنهما لو أدركا محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكانا من خيار أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال أبو محمد قدامة الرملي:
قرأ رجل هذه الآية " وتوكّل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً " فأقبل علي سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة، ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره، ثم قال: انظر كيف قال تعالى " وتوكل على الحي الذي لا يموت " فأعلمك أنه لا يموت وأن جميع خلقه يموتون، ثم أمرك بعبادته فقال " وسبح بحمده " ثم أخبرك أنه خبير بصير، ثم قال: والله، يا أبا قدامة، لو عامل عبدُ لله بحسن التوكل وصدق النية له بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء، فمن دونهم، فكيف يكون هذا محتاجاً؟ اجتمع حذيفة المرعشي وسليمان الخواص ويوسف بن أسباط رضي الله عنهم فتذاكروا الفقر والغنى، وسليمان ساكت، فقال بعضهم: الغني من كان له بيت يسكنه، وثوب يستره، وسداد من عيش يكفه عن فضول الدنيا. قال بعضهم: الغني من لم يحتج إلى الناس. فقيل لسليمان: ما تقول أنت يا أبا أيوب؟ فبكى ثم قال: رأيت جوامع الغنى في التوكل، ورأيت جوامع الشر في القنوط، والغنى حق، الغني من أسكن الله في قلبه من غناه يقيناً، ومن معرفته توكلاً، ومن عطاياه وقسمه رضي، فذاك الغني حق الغني وإن أمسى طاوياً، وأصبح معوزاً، فبكى القوم جميعاً من كلامه.
مر سليمان الخواص بإبراهيم بن أدهم، وهو عند قوم قد أضافوه فقال: يا أبا إسحاق، نعم الشيء هذا إن لم تكن تكرمه على دين.
قال سليمان الخواص: من وعظ أخاه المؤمن فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما يبكته.
قال أبو بشر الفقيمي: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن منادياً ينادي: ليقم السابقون الأولون،
فقام سفيان الثوري، ثم قال: ليقم السابقون الأولون، فقام سليمان الخواص، ثم قال: ليقم السابقون الأولون فقام إبراهيم بن أدهم.