سعيد بن عياذ
من أهل عمان. وفد على عبد الملك بن مروان.
كان بنو عياذ سعيد سليمان وشعوة أيا فتنة ابن الزبير غلبوا على عمان، فكانوا يعشرون الناس، فأصابوا أموالاً كثيرة، فلما قتل ابن الزبير جمعوا ما أصابوا من الأموال، وتحصنوا في قرية بعمان، وهي قريبة من البحر، وهي في البحر. فلما قدم الحجاج العراق استعمل سورة بن أبجر على عمان، وكتب إليه أن ابعث إلى بني عياذ من يحصرهم، فبعث بديل بن طهفة البجلي، فحصرهم في السفن، فلم يكن يصل إليه أحد في البحر. فخلف سعيد وسليمان أخاهما في القلعة، وخرجا إلى عبد الملك، فصالحاه على سبع مئة ألف، على أن لهما ما في القلعة إن أدركاها ولم تفتح، وأنهما وجميع من في القلعة آمنون، وإن كنت القلعة قد فتحت فما فيها لعبد الملك، فأمنهم، وكتب لهما إلى الحجاج. فقدما والقلعة على حالها، فأديا المال، ولحقا بعبد الملك، وحمل إليه هدايا كثيرة وجوهراً سوى ما صالحاه عليه، وكان فيما حملا إليه طست من ذهب فيه شجرة من ياقوت وزمرد، فأعجب بها عبد الملك، وظن أن عندهما أموالاً كثيرة وجوهراً، فأراد أن يعتل عليهما فيأخذ الأموال، فقال لهما: بلغني أنكما كنتما تغصبان الناس، وتخيفان السبيل؟ قال سعيد: قد كنا نفعل، وكل ما أتيناك به فهو من غصب، فأعرض عنهما، وجعل الحجاج يكتب فيهما، ويحمله عليهما، فلما خافا أجمعا على الخروج، فقالا لعبد الملك: قد نفدت نفقاتنا، وعندنا جوهر، فمر صاحب بيت المال أن يأخذه ويسلفنا حاجتنا إلى أن يأتينا مالنا، فقد وجهنا رسولاً يأتينا بمال. فأمر عبد الملك صاحب بيت المال أن يفعل، فاحتالا لصاحب بيت المال فأخرجا له جوهراً، فقومه أصحاب الجوهر مئة ألف. فقالا: متاعنا خيرٌ من ذلك.
فرد عليهما الجوهر، فقال سليمان لأخيه سعيد: يا أخي، مالنا يأتينا إلى أيام فنفتك متاعنا، فاقبل هذه المئة ألف، فإنما هي أيام يسيرة، فدفعوا إلى صاحب المال جوهراً خسيساً، ليست له قيمة، في كيس مثل الكيس الذي كان فيه الجوهر، فأخذه، ولم يفتشه، وظن أنه الأول، ولم ينكر منه شيئاً، وأعطاهما مئة ألف.
فخرجا من وجههما ذلك، وقد كانا فرغا من جهازهما، فاستأجرا أدلاء، وفقدهما عبد الملك بعد ثالثة، فسأل عنهما، فلم يحس لهما أثراً، فقال لصاحب بيت المال: انظر ما في يديك. فأخرجه، فإذا قيمته خمسة آلاف درهم، فكتب عبد الملك إلى الحجاج، وإلى أجناد الشام، وإلى إبراهيم بن عربي، وهو على اليمامة، يأمره بطلبهما، ولحقا بالأسياف، فخفي أمرهما، فلم يزالا مستخفيين حتى كانت فتنة ابن الأشعث، فقدما إلى عمان، فطردا عامل الحجاج، وغلبا على البلاد، فلما انقضت فتنة ابن الأشعث، وهرب فرجع إلى سجستان بعث الحجاج إلى عمان القاسم بن شعر المري، فقتله سليمان بن عياذ، فوجه الحجاج مجاع بن سعر، فظفر بعمان، فقتل أهلها وسباهم، وهرب سعيد وسليمان، فقتلا في بلاد العدو. وتحصن شعوة بن عياذ في تلك القلعة، فاتخذ مجاع مركباً، واتخذ على دقل المركب درجاً، وغشاه بجلود، ووضع فنزراً على رأس الدقل، وأدنى المركب من القلعة، والدقل مشرف على القلعة، وقال: من ينتدب فيصير على الفنزر، ويرامي أهل القلعة، وله دية؟ فانتدب الدني ورجلان معه، فتعصب بجزيرة، فصاروا في الفنزر، فرامى أهل القلعة، ورماهم أهل القلعة فقتل من الثلاثة رجلٌ، وانقصف الدقل أسفل الفنزر بثلاثة أذرع، فسقطوا في البحر، فغرق المقتول وصاحبه ونجا الدني الذي كان شد رأسه بجزيرة، فطفا الدني بالجزيرة التي على رأسه جعلت ترفعه حتى لحقوه بالقوارب، فأخرجوه، فطلب شعوة الأمان، فنزل على حكم عبد الملك، فقتله مجاع حين أخذه.
من أهل عمان. وفد على عبد الملك بن مروان.
كان بنو عياذ سعيد سليمان وشعوة أيا فتنة ابن الزبير غلبوا على عمان، فكانوا يعشرون الناس، فأصابوا أموالاً كثيرة، فلما قتل ابن الزبير جمعوا ما أصابوا من الأموال، وتحصنوا في قرية بعمان، وهي قريبة من البحر، وهي في البحر. فلما قدم الحجاج العراق استعمل سورة بن أبجر على عمان، وكتب إليه أن ابعث إلى بني عياذ من يحصرهم، فبعث بديل بن طهفة البجلي، فحصرهم في السفن، فلم يكن يصل إليه أحد في البحر. فخلف سعيد وسليمان أخاهما في القلعة، وخرجا إلى عبد الملك، فصالحاه على سبع مئة ألف، على أن لهما ما في القلعة إن أدركاها ولم تفتح، وأنهما وجميع من في القلعة آمنون، وإن كنت القلعة قد فتحت فما فيها لعبد الملك، فأمنهم، وكتب لهما إلى الحجاج. فقدما والقلعة على حالها، فأديا المال، ولحقا بعبد الملك، وحمل إليه هدايا كثيرة وجوهراً سوى ما صالحاه عليه، وكان فيما حملا إليه طست من ذهب فيه شجرة من ياقوت وزمرد، فأعجب بها عبد الملك، وظن أن عندهما أموالاً كثيرة وجوهراً، فأراد أن يعتل عليهما فيأخذ الأموال، فقال لهما: بلغني أنكما كنتما تغصبان الناس، وتخيفان السبيل؟ قال سعيد: قد كنا نفعل، وكل ما أتيناك به فهو من غصب، فأعرض عنهما، وجعل الحجاج يكتب فيهما، ويحمله عليهما، فلما خافا أجمعا على الخروج، فقالا لعبد الملك: قد نفدت نفقاتنا، وعندنا جوهر، فمر صاحب بيت المال أن يأخذه ويسلفنا حاجتنا إلى أن يأتينا مالنا، فقد وجهنا رسولاً يأتينا بمال. فأمر عبد الملك صاحب بيت المال أن يفعل، فاحتالا لصاحب بيت المال فأخرجا له جوهراً، فقومه أصحاب الجوهر مئة ألف. فقالا: متاعنا خيرٌ من ذلك.
فرد عليهما الجوهر، فقال سليمان لأخيه سعيد: يا أخي، مالنا يأتينا إلى أيام فنفتك متاعنا، فاقبل هذه المئة ألف، فإنما هي أيام يسيرة، فدفعوا إلى صاحب المال جوهراً خسيساً، ليست له قيمة، في كيس مثل الكيس الذي كان فيه الجوهر، فأخذه، ولم يفتشه، وظن أنه الأول، ولم ينكر منه شيئاً، وأعطاهما مئة ألف.
فخرجا من وجههما ذلك، وقد كانا فرغا من جهازهما، فاستأجرا أدلاء، وفقدهما عبد الملك بعد ثالثة، فسأل عنهما، فلم يحس لهما أثراً، فقال لصاحب بيت المال: انظر ما في يديك. فأخرجه، فإذا قيمته خمسة آلاف درهم، فكتب عبد الملك إلى الحجاج، وإلى أجناد الشام، وإلى إبراهيم بن عربي، وهو على اليمامة، يأمره بطلبهما، ولحقا بالأسياف، فخفي أمرهما، فلم يزالا مستخفيين حتى كانت فتنة ابن الأشعث، فقدما إلى عمان، فطردا عامل الحجاج، وغلبا على البلاد، فلما انقضت فتنة ابن الأشعث، وهرب فرجع إلى سجستان بعث الحجاج إلى عمان القاسم بن شعر المري، فقتله سليمان بن عياذ، فوجه الحجاج مجاع بن سعر، فظفر بعمان، فقتل أهلها وسباهم، وهرب سعيد وسليمان، فقتلا في بلاد العدو. وتحصن شعوة بن عياذ في تلك القلعة، فاتخذ مجاع مركباً، واتخذ على دقل المركب درجاً، وغشاه بجلود، ووضع فنزراً على رأس الدقل، وأدنى المركب من القلعة، والدقل مشرف على القلعة، وقال: من ينتدب فيصير على الفنزر، ويرامي أهل القلعة، وله دية؟ فانتدب الدني ورجلان معه، فتعصب بجزيرة، فصاروا في الفنزر، فرامى أهل القلعة، ورماهم أهل القلعة فقتل من الثلاثة رجلٌ، وانقصف الدقل أسفل الفنزر بثلاثة أذرع، فسقطوا في البحر، فغرق المقتول وصاحبه ونجا الدني الذي كان شد رأسه بجزيرة، فطفا الدني بالجزيرة التي على رأسه جعلت ترفعه حتى لحقوه بالقوارب، فأخرجوه، فطلب شعوة الأمان، فنزل على حكم عبد الملك، فقتله مجاع حين أخذه.