سعيد بن بريد أبو عبد الله
التميمي النباجي الزاهد عابد سياح، من أقران ذي النون المصري، له كلام حسن في المعرفة وغيرها.
قال أبو عبد الله النباجي: أصابتني ضيقة وشدة، فبت وأنا أتفكر في المصير إلى بعض إخواني، فسمعت قائلاً يقول لي في النوم: أيجمل بالحر المديد إذا وجد عند الله ما يريد أن يميل بقلبه إلى العبيد؟ فانتبهت وأنا من أغنى الناس.
قال سعيد بن بريد: بينا نحن صادقون نقاتل العدو بأرض الروم، وإذا أنا بغلام كأحسن ما رأيت من الغلمان، وعليه طرة وقفا، وعليه حلة ديباج، وهو يقاتل قتالاً شديداً وهو يقول: من مجزوء الرمل
أنا في أمري رشاد ... بين غزوٍ وجهاد
بدني يغزو عدوي ... والهوى يغزو فؤادي
قال: فدنوت منه فقلت: يا غلام! هذا القتال، وهذه المقالة، والطرة، والقفا، والحلة....لا يشبه بعضها بعضاً! فقال الغلام: أحببت ربي فشغلني بحبه عن حب غيره، فتزينت لحور العين لعلها تخطبني إلى مولاها.
قال أبو عبد الله النباجي: من خطرت الدنيا بباله لغير القيام بأمر الله حجب عن الله.
وقال: إن أعطاك أغناك، وإن منعك أرضاك.
وقال: أصل العبادة في ثلاثة أشياء: لا ترد من أحكامه شيئاً، ولا تدخر عنه شيئاً، ولا يسمعك تسل غيره حاجةً.
وقال: أشرف ساعاتك ساعة لا يكون لك عارضٌ فيما بينك وبين الله عز وجل.
وقال: ما التنعم إلا في الإخلاص، ولا قرة العين إلا في التقوى، ولا الراحة إلا في التسليم.
وقال: إن لله عز وجل عباداً يستحيون من الصبر، يسلكون مسلك الرضى. وله عبادٌ لو يعلمون ما ينزل من القدر لاستقبلوه استقبالاً حباً لربهم ولقدره عندهم، فكيف يكرهونه بعدما يقع؟! وقال: تدرون ما أراد عبيد أهل الدنيا من مواليهم؟ أن يرضوا عنهم، وأراد الله من عبيده أن يرضوا عنه، وما رضوا عنه حتى كان رضاه عنهم قبل رضاهم عنه.
وقال: خمس خصال بها تمام العمل وهي: معرفة اله عز وجل، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله عز وجل، والعمل على السنة، وأكل الحلال، فإن فقدت واحدة لم يرفع العمل، وذلك أنك إذا عرفت الله عز وجل ولم تعرف الحق لم تنتفع، وإذا عرفت الله، وعرفت الحق، ولم تخلص العمل لم تنتفع، وإذا عرفت الله عز وجل، وعرفت الحق، وأخلصت العمل، ولم تكن على السنة لم تنتفع، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع.
قال رجل لأبي عبد الله النباجي: يا أبا عبد الله، الراضي يسأل؟ قال: يعرض. قال: مثل أي شيء؟ قال: مثل قول أيوب: مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
روى محمد بن عمرو الغزي: أن أبا عبد الله النباجي سأل الله عز وجل أن يجعل رزقه في الماء، فكان غذاؤه في الماء، ثم سأل الله عز وجل أن يقطع عنه شرب الماء، فأري في منامه: إنك خلق أجوف، فكان غذاؤه الماء.
قال محمد بن أبي الورد: صلى أبو عبد الله النباجي بأهل طرسوس صلاة الغداة، فوقع النفير وصاحوا، فلم يخفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا له: أنت جاسوس. قال: وكيف ذلك؟ فقالوا: صاح النفير وأنت في الصلاة لم تخفف. فقال: إنما سميت صلاةً لأنها اتصال بالله، وما حسبت أن أحداً يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطب الله به.
قال أبو عبد الله النباجي: إن أحببتم أن تكونوا أبدالاً فأحبوا ما شاء الله ومن أحب ما شاء الله، لم تنزل به مقادير الله وأحكامه بشيء إلا أحبه.
وكان أبو عبد الله النباجي يقول: كيف يكون عاقلاً من لم يكن لنفسه ناظراً؟ أم كيف يكون عاقلاً من يطلب بأعمال طاعته من المخلوقين ثواباً عاجلاً؟ أم كيف يكون عاقلاً من كان بعيوب نفسه جاهلاً وفي عيوب غيره ظاهراً؟ أم كيف يكون عاقلاً من لم يكن لما يراه من النقص في نفسه، وأهل زمانه، محزوناً باكياً؟ أم كيف يكون عاقلاً من كان في قلة الحياء من الله عز اسمه متمادياً.
قال محمد بن يوسف:
كان أبو عبد الله النباجي مجاب الدعوة، وله آيات وكرامات، بينما هو في بعض أسفاره على ناقة فارهة، وكان في الرفقة رجل عائن، قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه وأسقطه،
فقيل لأبي عبد الله: احفظ ناقتك من العائن. فقال أبو عبد الله: ليس له إلى ناقتي سبيل. فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله فعان ناقته، فاضطربت ناقته، وسقطت تضطرب، فأتى أبو عبد الله، فقيل له: إن العائن قد عان ناقتك، وهي كما تراها تضطرب! فقال: دلوني على العائن، فدل عليه، فوقف عليه وقال: بسم الله، حبس حابس، وشهاب قابس، رددت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، في كلوبته رشيق، وفي ما له يليق " فارجع البصر هل ترى من فطورٍ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ " فخرجت حدقتا العائن، وقامت الناقة لا بأس بها.
التميمي النباجي الزاهد عابد سياح، من أقران ذي النون المصري، له كلام حسن في المعرفة وغيرها.
قال أبو عبد الله النباجي: أصابتني ضيقة وشدة، فبت وأنا أتفكر في المصير إلى بعض إخواني، فسمعت قائلاً يقول لي في النوم: أيجمل بالحر المديد إذا وجد عند الله ما يريد أن يميل بقلبه إلى العبيد؟ فانتبهت وأنا من أغنى الناس.
قال سعيد بن بريد: بينا نحن صادقون نقاتل العدو بأرض الروم، وإذا أنا بغلام كأحسن ما رأيت من الغلمان، وعليه طرة وقفا، وعليه حلة ديباج، وهو يقاتل قتالاً شديداً وهو يقول: من مجزوء الرمل
أنا في أمري رشاد ... بين غزوٍ وجهاد
بدني يغزو عدوي ... والهوى يغزو فؤادي
قال: فدنوت منه فقلت: يا غلام! هذا القتال، وهذه المقالة، والطرة، والقفا، والحلة....لا يشبه بعضها بعضاً! فقال الغلام: أحببت ربي فشغلني بحبه عن حب غيره، فتزينت لحور العين لعلها تخطبني إلى مولاها.
قال أبو عبد الله النباجي: من خطرت الدنيا بباله لغير القيام بأمر الله حجب عن الله.
وقال: إن أعطاك أغناك، وإن منعك أرضاك.
وقال: أصل العبادة في ثلاثة أشياء: لا ترد من أحكامه شيئاً، ولا تدخر عنه شيئاً، ولا يسمعك تسل غيره حاجةً.
وقال: أشرف ساعاتك ساعة لا يكون لك عارضٌ فيما بينك وبين الله عز وجل.
وقال: ما التنعم إلا في الإخلاص، ولا قرة العين إلا في التقوى، ولا الراحة إلا في التسليم.
وقال: إن لله عز وجل عباداً يستحيون من الصبر، يسلكون مسلك الرضى. وله عبادٌ لو يعلمون ما ينزل من القدر لاستقبلوه استقبالاً حباً لربهم ولقدره عندهم، فكيف يكرهونه بعدما يقع؟! وقال: تدرون ما أراد عبيد أهل الدنيا من مواليهم؟ أن يرضوا عنهم، وأراد الله من عبيده أن يرضوا عنه، وما رضوا عنه حتى كان رضاه عنهم قبل رضاهم عنه.
وقال: خمس خصال بها تمام العمل وهي: معرفة اله عز وجل، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله عز وجل، والعمل على السنة، وأكل الحلال، فإن فقدت واحدة لم يرفع العمل، وذلك أنك إذا عرفت الله عز وجل ولم تعرف الحق لم تنتفع، وإذا عرفت الله، وعرفت الحق، ولم تخلص العمل لم تنتفع، وإذا عرفت الله عز وجل، وعرفت الحق، وأخلصت العمل، ولم تكن على السنة لم تنتفع، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع.
قال رجل لأبي عبد الله النباجي: يا أبا عبد الله، الراضي يسأل؟ قال: يعرض. قال: مثل أي شيء؟ قال: مثل قول أيوب: مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
روى محمد بن عمرو الغزي: أن أبا عبد الله النباجي سأل الله عز وجل أن يجعل رزقه في الماء، فكان غذاؤه في الماء، ثم سأل الله عز وجل أن يقطع عنه شرب الماء، فأري في منامه: إنك خلق أجوف، فكان غذاؤه الماء.
قال محمد بن أبي الورد: صلى أبو عبد الله النباجي بأهل طرسوس صلاة الغداة، فوقع النفير وصاحوا، فلم يخفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا له: أنت جاسوس. قال: وكيف ذلك؟ فقالوا: صاح النفير وأنت في الصلاة لم تخفف. فقال: إنما سميت صلاةً لأنها اتصال بالله، وما حسبت أن أحداً يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطب الله به.
قال أبو عبد الله النباجي: إن أحببتم أن تكونوا أبدالاً فأحبوا ما شاء الله ومن أحب ما شاء الله، لم تنزل به مقادير الله وأحكامه بشيء إلا أحبه.
وكان أبو عبد الله النباجي يقول: كيف يكون عاقلاً من لم يكن لنفسه ناظراً؟ أم كيف يكون عاقلاً من يطلب بأعمال طاعته من المخلوقين ثواباً عاجلاً؟ أم كيف يكون عاقلاً من كان بعيوب نفسه جاهلاً وفي عيوب غيره ظاهراً؟ أم كيف يكون عاقلاً من لم يكن لما يراه من النقص في نفسه، وأهل زمانه، محزوناً باكياً؟ أم كيف يكون عاقلاً من كان في قلة الحياء من الله عز اسمه متمادياً.
قال محمد بن يوسف:
كان أبو عبد الله النباجي مجاب الدعوة، وله آيات وكرامات، بينما هو في بعض أسفاره على ناقة فارهة، وكان في الرفقة رجل عائن، قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه وأسقطه،
فقيل لأبي عبد الله: احفظ ناقتك من العائن. فقال أبو عبد الله: ليس له إلى ناقتي سبيل. فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله فعان ناقته، فاضطربت ناقته، وسقطت تضطرب، فأتى أبو عبد الله، فقيل له: إن العائن قد عان ناقتك، وهي كما تراها تضطرب! فقال: دلوني على العائن، فدل عليه، فوقف عليه وقال: بسم الله، حبس حابس، وشهاب قابس، رددت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، في كلوبته رشيق، وفي ما له يليق " فارجع البصر هل ترى من فطورٍ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ " فخرجت حدقتا العائن، وقامت الناقة لا بأس بها.