سالم خادم ذي النون الإخميمي
صحبه وحدث عنه قال: بينا أنا أسير مع ذي النون في جبل لبنان إذ قال لي: مكانك يا سالم، لا تبرح حتى أعود إليك. فغاب عني ثلاثة أيام، وأنا أتقمش من نبات الأرض وبقولها، وأشرب من غدر الماء، ثم عاد بعد ثلاث متغير اللون خائراً، فلما رآني ثابت إليه نفسه فقلت له: أين كنت؟ فقال: إني دخلت كهفاً من كهوف الجبل، فرأيت رجلاً أغبر أشعث نحيفاً نحيلاً، كأنما أخرج من حفرته، وهو يصلي، فلما قضى صلاته سلمت عليه، فرد علي، وقام إلى الصلاة، فما زال يركع ويسجد حتى قرب العصر. فصلى العصر، واستند إلى حجر المحراب يسبح. فقلت له: يرحمك الله توصيني بشيء، أو تدعو لي بدعوة. فقال: يا بني، آنسك الله بقربه. وسكت. فقلت: زدني. فقال: يا
بني، من آنسه الله بقربه أعطاه أربع خصالٍ: عزاً من غير عشيرة، وعلماً من غير طلب، وغنًى من غير مال، وأنساً من غير جماعة. ثم شهق شهقةً فلم يفق إلى الغد، حتى توهمت أنه ميتٌ، ثم أفاق فقام وتوضأ، ثم قال: يا بني كم فاتني من الصلوات؟ قلت: ثلاث. فقضاها ثم قال: إن ذكر الحبيب هيج شوقي، وأزال عقلي. قلت: إني راجع فزدني. قال: حب مولاك، ولا ترد بحبه بديلاً: فإن المحبين لله هم تيجان العباد وزين البلاد. ثم صرخ صرخةً، فحركته فإذا هو ميت، فما كان إلا بعد هنيهةٍ إذا بجماعة من العباد منحدرين من الجبل. فصلوا عليه، وواروه، فقلت: ما اسم هذا الشيخ؟ قالوا: شيبان المجنون. قال سالم: فسألت أهل الشام عنه فقالوا: كان مجنوناً، هرب من أذى الصبيان. قلت: فهل تعرفون من كلامه شيئاً؟ قالوا: نعم، كلمةً، كان إذا خرج إلى الصحاري يقول: فإذا ما لم أجن بإلهي فبمن؟ وربما قال: فإذا ما لم أجن بك ربي فبمن؟.
صحبه وحدث عنه قال: بينا أنا أسير مع ذي النون في جبل لبنان إذ قال لي: مكانك يا سالم، لا تبرح حتى أعود إليك. فغاب عني ثلاثة أيام، وأنا أتقمش من نبات الأرض وبقولها، وأشرب من غدر الماء، ثم عاد بعد ثلاث متغير اللون خائراً، فلما رآني ثابت إليه نفسه فقلت له: أين كنت؟ فقال: إني دخلت كهفاً من كهوف الجبل، فرأيت رجلاً أغبر أشعث نحيفاً نحيلاً، كأنما أخرج من حفرته، وهو يصلي، فلما قضى صلاته سلمت عليه، فرد علي، وقام إلى الصلاة، فما زال يركع ويسجد حتى قرب العصر. فصلى العصر، واستند إلى حجر المحراب يسبح. فقلت له: يرحمك الله توصيني بشيء، أو تدعو لي بدعوة. فقال: يا بني، آنسك الله بقربه. وسكت. فقلت: زدني. فقال: يا
بني، من آنسه الله بقربه أعطاه أربع خصالٍ: عزاً من غير عشيرة، وعلماً من غير طلب، وغنًى من غير مال، وأنساً من غير جماعة. ثم شهق شهقةً فلم يفق إلى الغد، حتى توهمت أنه ميتٌ، ثم أفاق فقام وتوضأ، ثم قال: يا بني كم فاتني من الصلوات؟ قلت: ثلاث. فقضاها ثم قال: إن ذكر الحبيب هيج شوقي، وأزال عقلي. قلت: إني راجع فزدني. قال: حب مولاك، ولا ترد بحبه بديلاً: فإن المحبين لله هم تيجان العباد وزين البلاد. ثم صرخ صرخةً، فحركته فإذا هو ميت، فما كان إلا بعد هنيهةٍ إذا بجماعة من العباد منحدرين من الجبل. فصلوا عليه، وواروه، فقلت: ما اسم هذا الشيخ؟ قالوا: شيبان المجنون. قال سالم: فسألت أهل الشام عنه فقالوا: كان مجنوناً، هرب من أذى الصبيان. قلت: فهل تعرفون من كلامه شيئاً؟ قالوا: نعم، كلمةً، كان إذا خرج إلى الصحاري يقول: فإذا ما لم أجن بإلهي فبمن؟ وربما قال: فإذا ما لم أجن بك ربي فبمن؟.