Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151052#eab5a4
زكريا بن حنا ويقال زكريا
ابن دان. ويقال: زكريا بن أدن بن مسلم بن صدوف. ينتهي نسبه إلى سليمان ابن داود عليه السلام، أبو يحيى النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم من بني إسرائيل، دخل البثنية من أعمال دمشق في طلب ابنه يحيى. وقيل: إنه كان بدمشق حين قتل ابنه يحيى.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كان زكريا نجاراً.
قالوا: وكان زكريا بن دان أبو يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس، وكان عمران بن ماثان أبو مريم من أبناء ملوك بني إسرائيل من ولد سليمان.
قال ابن عباس: ولم يكن أحد من أبناء الأنبياء إلا ومن نسله أو جنسه محررٌ لبيت المقدس والمحرر الذي يكون حبيساً لبيت المقدس وكان زكريا تزوج أخت مريم بنت عمران، فهي أم يحيى.
وكانت مريم بنت عمران من بيت آل داود من سبط يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
قال مكحول: وكان زكريا وعمران تزوجا أختين، فكانت أم يحيى عند زكريا، وكانت أم مريم عند عمران، وكان الله تعالى أمسك عنها الولد حتى أيست وكانوا أهل البيت من الله بمكان.
وعن ابن عباس: في قوله عز وجل: " ذكر رحمة ربك " قال: ذكره الله منه برحمة عبده زكريا، حيث دعاه، فذلك قوله: " ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً " يعني: دعا ربه دعاءٌ خفياً في الليل، لا يسمع أحداً ويسمع أذنيه، فقال: " رب إني وهن " يعني: ضعف " العظم مني واشتعل الرأس شيباً " يعني: غلب البياض
السواد " ولم أكن بدعائك رب شقيا ". أي: رب، إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى، فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي، عودتني الإجابة من نفسك. " وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا " فلم يبق لي وارث، وخفت العصبة أن ترثني " فهب لي من لدنك وليا " يعني: من عندك ولداً " يرثني " يعني: يرث محرابي وعصاي ويونس القربان وقلمي الذي أكتب به الوحي " ويرث من آل يعقوب " النبوة " واجعله رب رضيا " يعني: مرضياً عندك.
قوله: " وكانت امرأتي عاقرا "، قال ابن عباس: خاف أنها لا تلد فقال: وامرأتي عاقرٌ، وأنت تفعل ما تشاء، فهب لي ولدا، ً فإذا وهبته فاجعله رب رضياً زاكياً بالعمل. فاستجاب الله له، وكانا قد دخلا في السن هو وامرأته.
فبينا هم قائم يصلي في المحراب، حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال: يا زكريا، إن الله يبشرك، وهو قوله: " إنا نبشرك بغلامٍ اسمه يحيى " واسم يحيى هو اسمٌ من أسماء الله اشتق من يا حي، سماه الله تعالى من فوق عرشه " لم نجعل له من قبل سمياً ".
قال ابن عباس: لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولداً نظيرها " هل تعلم له سمياً " يعني: هل تعلم له ولداً، ولم يكن لزكريا قبله ولدٌ، ولم يكن قبل يحيى أحدٌ يسمي يحيى.
قال: وكان اسمه حي، فلما وهب الله لسارة إسحاق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء الطالقة الرحم التي تلد، فسماها الله سارة، وحول الياء من يسارة إلى حي فسماه يحيى.
ثم قال: " مصدقاً بكلمةٍ " يعني بعيسى " من الله " وكان يحيى أول من صدق
بعيسى، وهو ابن ثلاث سنين، وبين يحيى وعيسى ثلاث سنين، وهما ابنا خالةٍ. ثم قال تعالى: " وسيداً " يعني حليماً " وحصوراً " يعني: لا ماء له، ولا يحتاج إلى النساء.
قال مجاهد: " وهن العظم مني " شكا ذهاب أضراسه، وقال: " وقد بلغت من الكبر عتياً " قال: قحول العظم وقال ماده سناً قال: كان ابن بضع وسبعين سنة.
وقال مجاهد: " وسبح بالعشي والإبكار " قال: الإبكار: أول الفجر، والعشي: ميل الشمس إلى أن تغيب.
وقال الضحاك: " إلا رمزاً " قال: الرمز الإشارة.
قال محمد بن كعب القرظي:
لو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا. قال الله تعالى: " آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيامٍ إلا رمزا واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والإبكار ". ولو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص للذين يقاتلون في سبيل الله، قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً ".
وقال عكرمة في قوله: " ثلاث ليالٍ سوياً " يقول سوياً من غير خرس.
وقال قتادة: " فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً " قال: أومأ إليهم أن صلوا بكرة وعشياً.
وقال: في قوله تعالى: " وأصلحنا له زوجه " قال: كان في خلقها سوءٌ، وكان في لسانها طولٌ وهو البذاء، فأصلح الله تبارك وتعالى ذلك منها. وقال سعيد بن جبير: كانت لا تلد.
عن يزيد بن أبي منصور قال: دخل يحيى بن زكريا عليهما السلام بيت المقدس، فرأى المتعبدين قد لبسوا الشعر وبرانس الصوف، ونظر إلى مجتهديهم قد خرقوا التراقي، وسلكوا فيها السلاسل، وشدوها إلى حنايا بيت المقدس. فلما نظر إلى ذلك منهم هاله ذلك، ورجع إلى أبويه، فمر بصبيانٍ يلعبون، فقالوا: يا يحيى هلم فلنلعب. فقال: إني لم أخلق للعب. فأتى أبويه فسألهما أن يدرعاه الشعر، ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس، فكان يخدمه نهاراً، ويسرح فيه ليلاً، حتى أتت عليه خمس عشرة حجة، فأتاه الخوف، فساح، ولزم أطراف الأرض وغيران الشعاب.
وخرج أبواه في طلبه، فوجداه حين نزلا من جبال البثنية على بحيرة الأردن، وأدركاه وقد قعد على شفير البحيرة ينقع قدميه في الماء، وقد كان العطش أن يذبحه، وهو يقول: وعزتك لا أشرب بارد الشراب حتى أعلم أين مكاني منك. فسأله أبواه أن يأكل قرصاً كان معهما من شعير، ويشرب من ذلك الماء، ففعل، وكفر عن يمينه، ورده أبواه إلى بيت المقدس.
وكان إذا قام في صلاته يبكي حتى تبكي معه الشجر والمدر، ويبكي زكريا لبكائه حتى يغمى عليه، فلم يزل يبكي حتى حرقت دموعه لحم خديه، وبدت أضراسه، فقالت له أمه: يا يحيى، لو أذنت لي أن أتخذ لك لبداً أواري به أضراسك عن الناظرين. قال: أنت وذاك. فعمدت إلى قطعتي لبدٍ فألصقتهما على خديه، فكان إذا بكى استنقعت دموعه في القطعتين، فتقوم إليه أمه فتعصرهما بيديها، فكان إذا نظر إلى دموعه تجري على ذراعي أمه قال: اللهم هذه دموعي، وهذه أمي، وأنا عبدك، وأنت أرحم الراحمين.
قال وهب بن منبه: إن زكريا هرب ودخل جوف شجرةٍ، فوضع على الشجرة المنشار، وقطع بنصفين، فلما بلغ المنشار على ظهره أن، فأوحى الله تعالى وتبارك: يا زكريا، إما أن تكف عن أنينك، أو أقلب الأرض ومن عليها. قال: فسكت حتى قطع بنصفين.
وعن ابن عباس قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به رأى زكريا في السماء، فسلم عليه، فقال له: يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان، ولم قتلك بنو إسرائيل؟ قال: يا محمد، أخبرك أن يحيى كان خير أهل زمانه وكان أجملهم وأصبحهم وجها، ً وكان كما قال الله عز وجل: " سيداً وحصوراً "، وكان لا يحتاج إلى النساء، فهويته امرأة ملك بني إسرائيل، وكانت بغية، فأرسلت إليه، وعصمة الله، وامتنع يحيى وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى، ولهم عيدٌ يجتمعون في كل عام، وكانت سنة الملك أن يوعد، ولا يخلف، ولا يكذب، قال: فخرج الملك إلى العيد، فقامت امرأته فشيعته، وكان بها معجباً، ولم تكن تفعله فيما مضى. فلما أن شيعته قال الملك: سليني، فما سألتني شيئاً إلا أعطيتك. قالت: أريد دم يحيى بن زكريا. قال لها: سليني غيره. قالت: هو ذاك قال: هو لك. قال: فبعثت جلاوزتها إلى يحيى، وهو في محرابه يصلي، وأنا إلى جانبه أصلي. قال: فذبح في طستٍ، وحمل رأسه ودمه إليها.
قال: فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فما بلغ من صبرك؟ قال: ما انفتلت من صلاتي.
قال: فلما حمل رأسه إليها فوضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل: قد غضب إله زكريا لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا.
قال: فخرجوا في طلبي ليقتلوني، فجاءني النذير، فهربت منهم، وإبليس أمامهم،
يدلهم علي، فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرةٌ، فنادتني فقالت: إلي إلي، وانصدعت لي، فدخلت فيها.
قال: وجاء إبليس حتى أخذ طرف ردائي، والتأمت الشجرة، وبقي طرف ردائي خارجاً من الشجرة. وجاءت بنو إسرائيل، فقال إبليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة؟ هذا طرف ردائه، دخلها بسحره، فقالوا: نحرق هذه الشجرة. فقال إبليس: شقوه بالمنشار شقاً. قال: فشققت مع الشجرة بالمنشار.
فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا زكريا هل وجدت له مساً أو وجعاً؟ قال: لا، إنما وجدت تلك الشجرة، جعل الله تعالى روحي فيها.
وعن وهب: أن الذي انصدعت له الشجرة، ودخل فيها كان أشعياء قبل عيسى، وأن زكريا مات موتاً.