حفص الأموي
شاعر من شعراء الدولة الأموية، بقي حتى أدرك دولة بني العباس، ولحق بعبد الله بن علي، واستأمنه فأمنه.
قال إبراهيم بن سفيان الزيادي: كان حفص الأموي هجاء لبني هاشم، وطلبه عبد الله بن علي فلم يقدر عليه، ثم جاءه فقال: عائذ بالأمير منه، قال: ومن أنت؟ قال: حفص الأموي، قال: ألست الهجاء لبني هاشم؟ قال: أنا الذي أقول أعز الله الأمير: من المتقارب
وكانت أمية في ملكها ... تجور وتكثر عدوانها
فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم يطق الناس طغيانها
رماها بسفّاح آل الرسول ... فجذّ بكفّيه أعيانها
ولو آمنت قبل وقع العذاب ... لقد قبل الله إيمانها
فقال: اجلس، فجلس، فتغدى بين يديه، ثم دعا خادماً له، فساره بشيء، ففزع حفص فقال: ايها الأمير قد تحرمت بك وبطعامك، وفي أقل من هذا كانت العرب تهب الدماء، فقال: ليس ما ظننت، فجاء الخادم بخمس مئة دينار فقال: خذها ولا تقطعنا وأصلح ما شعبت منا.
قال هشام يوماً لجلسائه وقوامه على خيله: كم أكثر ما ضمت عليه حلبة من الخيل في إسلام أو جاهلية؟ فقيل له: ألف فرس، وقيل: ألفان، فأمر أن يؤذن الناس بحلبة أربعة آلاف فرس، فقيل له: يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضاً، ولا يتسع لها طريق، فقال: نطلقها ونتوكل على الله، والله الصانع. فجعل الغاية خمسين ومئتي غلوة، والقصب: مئة، والمقوس ستة أسهم، وقاد إليه الناس من كل أوب، ثم برز هشام إلى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام، فأصلح
طريقاً واسعاً لا يضيق بها، فلما أرسلت يوم الحلبة بين يديه، كان ينظر إليها تدور حتى ترجع، فجعل الناس يتراءونها حتى أقبل الذائد كأنه ريح لا يتعلق به شيء، حتى دخل سابقاً وأخذ القصبة، ثم جاءت الخيل بعد لأيٍ أفذاذاً وأفواجاً، ووثب الرجاز يرتجزون: منهم المادح للذائد، ومنهم المادح لفرسه، ومنهم المادح لخيل قومه، فوثب مولاهم حفص الأموي وقام مرتجزاً يقول: من مشطور الرجز
إنّ الجواد السابق الإمام ... خليفة الله الرضي الهمام
أنجبه السوابق الكرام ... من منجباتٍ ما بهنّ ذام
ومنها:
أطلق وهو يفعٌ غلام ... في حلبةٍ تمّ لها التّمام
من آل فهرٍ وهم السّنام ... فبذّهم سبقاً وما ألاموا
كذلك الذّائد يوم قاموا ... أتى يبذّ الخيل ما يرام
مجلّياً كأنه حسام ... سبّاق غاياتٍ لها ضرام
لا يقبل العفو ولا يضام ... ويل الجياد منه ماذا راموا
سهم تعزّ دونه السهام
فأعطاه هشام يومئذ ثلاثة آلاف درهم، وخلع عليه ثلاث حلل من جيد وشي اليمن، وحمله على فرس له من خيله السوابق، وانصرف معه ينشده هذا الرجز حتى قعد في مجلسه وأخذه بملازمته، فكان أثيراً عنده، وأعطى أصحاب الخيل المقصبة يومئذ عطايا كثيرة.
قال الكلبي: لا نعلم لتلك الحلبة نظيراً في الحلائب.
شاعر من شعراء الدولة الأموية، بقي حتى أدرك دولة بني العباس، ولحق بعبد الله بن علي، واستأمنه فأمنه.
قال إبراهيم بن سفيان الزيادي: كان حفص الأموي هجاء لبني هاشم، وطلبه عبد الله بن علي فلم يقدر عليه، ثم جاءه فقال: عائذ بالأمير منه، قال: ومن أنت؟ قال: حفص الأموي، قال: ألست الهجاء لبني هاشم؟ قال: أنا الذي أقول أعز الله الأمير: من المتقارب
وكانت أمية في ملكها ... تجور وتكثر عدوانها
فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم يطق الناس طغيانها
رماها بسفّاح آل الرسول ... فجذّ بكفّيه أعيانها
ولو آمنت قبل وقع العذاب ... لقد قبل الله إيمانها
فقال: اجلس، فجلس، فتغدى بين يديه، ثم دعا خادماً له، فساره بشيء، ففزع حفص فقال: ايها الأمير قد تحرمت بك وبطعامك، وفي أقل من هذا كانت العرب تهب الدماء، فقال: ليس ما ظننت، فجاء الخادم بخمس مئة دينار فقال: خذها ولا تقطعنا وأصلح ما شعبت منا.
قال هشام يوماً لجلسائه وقوامه على خيله: كم أكثر ما ضمت عليه حلبة من الخيل في إسلام أو جاهلية؟ فقيل له: ألف فرس، وقيل: ألفان، فأمر أن يؤذن الناس بحلبة أربعة آلاف فرس، فقيل له: يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضاً، ولا يتسع لها طريق، فقال: نطلقها ونتوكل على الله، والله الصانع. فجعل الغاية خمسين ومئتي غلوة، والقصب: مئة، والمقوس ستة أسهم، وقاد إليه الناس من كل أوب، ثم برز هشام إلى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام، فأصلح
طريقاً واسعاً لا يضيق بها، فلما أرسلت يوم الحلبة بين يديه، كان ينظر إليها تدور حتى ترجع، فجعل الناس يتراءونها حتى أقبل الذائد كأنه ريح لا يتعلق به شيء، حتى دخل سابقاً وأخذ القصبة، ثم جاءت الخيل بعد لأيٍ أفذاذاً وأفواجاً، ووثب الرجاز يرتجزون: منهم المادح للذائد، ومنهم المادح لفرسه، ومنهم المادح لخيل قومه، فوثب مولاهم حفص الأموي وقام مرتجزاً يقول: من مشطور الرجز
إنّ الجواد السابق الإمام ... خليفة الله الرضي الهمام
أنجبه السوابق الكرام ... من منجباتٍ ما بهنّ ذام
ومنها:
أطلق وهو يفعٌ غلام ... في حلبةٍ تمّ لها التّمام
من آل فهرٍ وهم السّنام ... فبذّهم سبقاً وما ألاموا
كذلك الذّائد يوم قاموا ... أتى يبذّ الخيل ما يرام
مجلّياً كأنه حسام ... سبّاق غاياتٍ لها ضرام
لا يقبل العفو ولا يضام ... ويل الجياد منه ماذا راموا
سهم تعزّ دونه السهام
فأعطاه هشام يومئذ ثلاثة آلاف درهم، وخلع عليه ثلاث حلل من جيد وشي اليمن، وحمله على فرس له من خيله السوابق، وانصرف معه ينشده هذا الرجز حتى قعد في مجلسه وأخذه بملازمته، فكان أثيراً عنده، وأعطى أصحاب الخيل المقصبة يومئذ عطايا كثيرة.
قال الكلبي: لا نعلم لتلك الحلبة نظيراً في الحلائب.