جويرية بنت أبي سفيان صخر بن حرب
أخت أم حبيبة ويزيد ومعاوية بني أبي سفيان أسلمت بعد الفتح وبايعت سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهدت اليرموك، وسكنت دمشق، وأمهم جميعاً هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.
دخلت جويوية بنت أبي سفيان على أخيها معاوية تشكو إليه الأرق. فقال: ولم ذاك يا أخته؟ قالت: أم والله إنه لمن غير ألم، وما هو إلا تفكر فيك وفي علي بن أبي طالب، وتفضيل الناس علياً عليك، وأنت ابن صخر بن حرب بن أمية، وكان أمية من قريش لنابها الذي تقضى عنده آرابها، وأنت ابن صخر بن حرب بن أمية، القائل الفاعل. ابن ماء المزن الحلاحل، وأنت بعد ذلك كاتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذو صهره من أمته ونجيبه من عترته. فقال لها معاوية: فعلى عليّ تعوّلين بالشرف! وهو ابن عبد المطلب، المطعم في الكرب، الفرّاج للكرب، مع ما كان له من الفواضل والسوابق مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أما إني سأريك التي حاولت وحاولت، حتى تعلمي فضل رأيي وحلمي، فادخلي القبة، وأرخي عليك السجف.
ثم قال لآذنه: انظر من بالباب. فإذا هو بأربعة من بني تميم، الأحنف بن قيس، وزيد بن جلبة، وجارية بن قدامة، وسماك بن مخرمة، فقال: ائذن للأحنف بن قيس فدخل وقضى سلامه فقال: إيهاً يا حنيف بني قيس! قال: مهلاً يا أمير المؤمنين، بل
الأحنف بن قيس. قال: أأنت المطلع غدراً، الناظر في عطفيه شزراً، تحمل قومك على مدلهمات الفتن، وتذكرهم بقديمات الإحن، مع قتلك أمير المؤمنين عثمان، وخذلانك أم المؤمنين، ورودك عليّ بالخيل يوم صفين! فقال: والله يا أمير المؤمنين، إن منه ما أعرف، ومنه ما أنكر، فأما قولك قتل أمير المؤمنين، فأنتم معشر قريش نحرتم ودجه، وسقيتم الأرض دمه. وأما قولك خذلاني أم المؤمنين عائشة، فإني نظرت في كتاب الله فلم أر لها عليّ حقاً إلا أن تقر في بيتها وتستتر بسترها. فلما برزت عطّلت ما كان لها عليّ من حق. وأما قولك ورودي عليك بالخيل يوم صفين، حين أردت أن تقطع أعناقهم عطشاً وتقتلهم غرثاً. وايم الله لو أحد الأعجمين غلب كانوا أنكى شوكة وأشد كلبا. قال: اخرج عني.
ثم قال: ائذنوا لزيد بن جلبة. فدخل وقضى سلامه. فقال له: إيهاً يازييد بني جليبة! قال: مهلاً يا أمير المؤمنين، بل زيد بن جلبة يا أمير المؤمنين. إنا فررنا قريشاً كلها، فوجدناك آمنها عهداً، وأوفاها عقداً، فإن تف فأهل الوفاء أنت، وإن تغدر فإنا خلّفنا خلفنا خيلاً جيادا، وأذرعة شدادا، وأسنة حدادا، وإن شئت لتصفين روعة صدورنا بفضل رأيك وحلمك. قال: إذاً نفعل. قال: إذاً نقبل. قال: اخرج عني.
ثم قال: ائذن لجارية بن قدامة. فدخل وقضى سلامه، فقال له: إيهاً يا جويرية بني قدامة! قال مهلاً يا أمير المؤمنين، بل جارية بن قدامة يا أمير المؤمنين. إنا كنا نصار حرب يوم الفجار، حين حزمتم الغبار، وهمت قريش بالفرار. فقال له مه، لا أرضى لك، أنت الذي قريت أهل الشام ظباة السيوف وأطراف الرماح، قال: إي والله يا أمير المؤمنين إني لأنا هو، ولو كنت بالمكان الذي كان فيه أهل الشام لقريتك بمثل ما قريتهم به، قال: فحاجتك يا أبا فندش؟ قال: أما إنها إليك غير طويلة، تقر الناس في بيوتهم فلا توفدهم إليك، إنما يوفد إليك الأغنياء وتذرون الفقراء.
قال: ائذن لسماك بن مخرمة. فدخل وقضى سلامه. فقال: إيهاً يا سميك بني مخرمة! قال: مهلا يا أمير المؤمنين، بل سماك بن خرمة، والله يا أمير المؤمنين ما أحببناك
منذ أبغضناك، ولا أبغضنا علياً منذ أحببناه، وإن السيوف التي ضربناك بها لعلى عواتقنا، وإن القلوب التي قاتلناك بها لبين جوانحنا، ولئن قدمت إلينا شبرا من غدر، لنقدمن إليك باعاً من ختر، قال: اخرج عني.
ثم قال لأخته: الذي عانيت من قبيله واحدة، فماذا رأيت! قالت: والله يا أمير المؤمنين لقد ضاق بي مجلسي حتى أردت أن أكلمهم لنا كلموك به. قال: إذاً والله كانوا إليك أسرع، وعليك أجراً، هم العرب لا تفروها.
أخت أم حبيبة ويزيد ومعاوية بني أبي سفيان أسلمت بعد الفتح وبايعت سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهدت اليرموك، وسكنت دمشق، وأمهم جميعاً هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف.
دخلت جويوية بنت أبي سفيان على أخيها معاوية تشكو إليه الأرق. فقال: ولم ذاك يا أخته؟ قالت: أم والله إنه لمن غير ألم، وما هو إلا تفكر فيك وفي علي بن أبي طالب، وتفضيل الناس علياً عليك، وأنت ابن صخر بن حرب بن أمية، وكان أمية من قريش لنابها الذي تقضى عنده آرابها، وأنت ابن صخر بن حرب بن أمية، القائل الفاعل. ابن ماء المزن الحلاحل، وأنت بعد ذلك كاتب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذو صهره من أمته ونجيبه من عترته. فقال لها معاوية: فعلى عليّ تعوّلين بالشرف! وهو ابن عبد المطلب، المطعم في الكرب، الفرّاج للكرب، مع ما كان له من الفواضل والسوابق مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أما إني سأريك التي حاولت وحاولت، حتى تعلمي فضل رأيي وحلمي، فادخلي القبة، وأرخي عليك السجف.
ثم قال لآذنه: انظر من بالباب. فإذا هو بأربعة من بني تميم، الأحنف بن قيس، وزيد بن جلبة، وجارية بن قدامة، وسماك بن مخرمة، فقال: ائذن للأحنف بن قيس فدخل وقضى سلامه فقال: إيهاً يا حنيف بني قيس! قال: مهلاً يا أمير المؤمنين، بل
الأحنف بن قيس. قال: أأنت المطلع غدراً، الناظر في عطفيه شزراً، تحمل قومك على مدلهمات الفتن، وتذكرهم بقديمات الإحن، مع قتلك أمير المؤمنين عثمان، وخذلانك أم المؤمنين، ورودك عليّ بالخيل يوم صفين! فقال: والله يا أمير المؤمنين، إن منه ما أعرف، ومنه ما أنكر، فأما قولك قتل أمير المؤمنين، فأنتم معشر قريش نحرتم ودجه، وسقيتم الأرض دمه. وأما قولك خذلاني أم المؤمنين عائشة، فإني نظرت في كتاب الله فلم أر لها عليّ حقاً إلا أن تقر في بيتها وتستتر بسترها. فلما برزت عطّلت ما كان لها عليّ من حق. وأما قولك ورودي عليك بالخيل يوم صفين، حين أردت أن تقطع أعناقهم عطشاً وتقتلهم غرثاً. وايم الله لو أحد الأعجمين غلب كانوا أنكى شوكة وأشد كلبا. قال: اخرج عني.
ثم قال: ائذنوا لزيد بن جلبة. فدخل وقضى سلامه. فقال له: إيهاً يازييد بني جليبة! قال: مهلاً يا أمير المؤمنين، بل زيد بن جلبة يا أمير المؤمنين. إنا فررنا قريشاً كلها، فوجدناك آمنها عهداً، وأوفاها عقداً، فإن تف فأهل الوفاء أنت، وإن تغدر فإنا خلّفنا خلفنا خيلاً جيادا، وأذرعة شدادا، وأسنة حدادا، وإن شئت لتصفين روعة صدورنا بفضل رأيك وحلمك. قال: إذاً نفعل. قال: إذاً نقبل. قال: اخرج عني.
ثم قال: ائذن لجارية بن قدامة. فدخل وقضى سلامه، فقال له: إيهاً يا جويرية بني قدامة! قال مهلاً يا أمير المؤمنين، بل جارية بن قدامة يا أمير المؤمنين. إنا كنا نصار حرب يوم الفجار، حين حزمتم الغبار، وهمت قريش بالفرار. فقال له مه، لا أرضى لك، أنت الذي قريت أهل الشام ظباة السيوف وأطراف الرماح، قال: إي والله يا أمير المؤمنين إني لأنا هو، ولو كنت بالمكان الذي كان فيه أهل الشام لقريتك بمثل ما قريتهم به، قال: فحاجتك يا أبا فندش؟ قال: أما إنها إليك غير طويلة، تقر الناس في بيوتهم فلا توفدهم إليك، إنما يوفد إليك الأغنياء وتذرون الفقراء.
قال: ائذن لسماك بن مخرمة. فدخل وقضى سلامه. فقال: إيهاً يا سميك بني مخرمة! قال: مهلا يا أمير المؤمنين، بل سماك بن خرمة، والله يا أمير المؤمنين ما أحببناك
منذ أبغضناك، ولا أبغضنا علياً منذ أحببناه، وإن السيوف التي ضربناك بها لعلى عواتقنا، وإن القلوب التي قاتلناك بها لبين جوانحنا، ولئن قدمت إلينا شبرا من غدر، لنقدمن إليك باعاً من ختر، قال: اخرج عني.
ثم قال لأخته: الذي عانيت من قبيله واحدة، فماذا رأيت! قالت: والله يا أمير المؤمنين لقد ضاق بي مجلسي حتى أردت أن أكلمهم لنا كلموك به. قال: إذاً والله كانوا إليك أسرع، وعليك أجراً، هم العرب لا تفروها.