جميل بن عبد الله بن معمر
ابن صباح بن ظبيان بن حن بن ربيعة بن حرام بن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة بن سعد أبو عمرو العذري الشاعر المعروف بجميل بن معمر صاحب بثينة حدث عن أنس بن مالك، ووفد على الوليد بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، وقد اختلف في نسبه، ومنهم من لم يذكر صباح في نسبه.
وحن بحاء مهملة مضمومة بعدها نون.
وبثينة هي بنت حبا بن ثعلبة بن الهوذ بن عمرو بن الأحب بن حن بن ربيعة.
قال: والحني بضم الحاء المهملة وكسر النون، هو جميل بن عبد الله بن معمر الشاعر الحني.
كان جميل مع الوليد بن عبد الملك في سفر والوليد على نجيب، فرجز به ابن العذري فقال:
يا بكر هل تعلم من علاكا ... خليفة الله على ذراكا
فقال الوليد لجميل انزل فارجز، وظنه يمدحه، فنزل فقال:
أنا جميل في السنام من معد ... في الذروة العلياء والركن الأشد
فقال له: اركب لا حملك الله. ولم يمدح جميل أحد قط.
قال أدهم التميمي: لقيني كثير عزة فقال: لقيني جميل بن معمر في هذا الموضع الذي لقيتك به فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من عند أبي الحبيبة - يعني أبا بثينة - ثم قال لي: وإلى أين تريد؟ فقلت إلى الحبيبة - أعني عزة - فقال لي: لا بد من أن ترجع عودك على بدئك، فتسجد لي موعداً. فقلت: إن عهدي بها الساعة، وأنا أستحيي. قال: لابد من ذلك. قال: قلت: فمتى آخر عهدك بهم؟ قال: بالدوم وهم يرحضون ثيابهم. قال: فأتيت أباها فقال: ما ردك يا بن أخي؟ فقلت: أبيات عرضت لي أحببت أن أعرضها عليك. قال: هات. فأنشدته:
فقلت لها يا عز أرسل صاحبي ... على نأي دار والموكل مرسل
بأن تجعلي بيني وبينك موعداً ... وأن تأمريني بالذي فيك أفعل
وآخر عهدي منك يوم لقيتني ... بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل
قال: فضربت بثينة جانب الخدر وقالت: إخسأ اخسأ. فقال أبوها، مهيم يا بثينة! قالت: كلب يأتينا إذا الناس نوم الناس من وراء الرابية. قال: فأتيته، فأخبرته أن قد وعدته إذا نوم الناس من وراء الرابية.
ولما استعدى آل بثينة مروان بن الحكم على جميل، وطلبه ربعي بن دجاجة العبدي صاحب تيماء، هرب إلى أقاصي بلاده، فأتى رجلاً من بني عذرة شريفاً وله بنات سبع كأنهن البدور جمالاً، فقال: يا بناتي تحلين بجيد حليكن، والبسن جيد ثيابكن، ثم تعرضن لجميل، فإني أنفس على مثل هذا من قومي، فكان جميل إذا مر بهن ورآهن أعرض بوجهه فلا ينظر إليهن، ففعل ذلك مراراً، وفعله جميل، فلما علم ما أريد بهن أنشأ يقول:
حلفت لكي تعلمن أني صادق ... وللصدق خير في الأمور وأنجح
لتكليم يوم من بثينة واحد ... ورؤيتها عندي ألذّ وأملح
من الدهر لو أخلو بكنّ وإنما ... أعالج قلباً طامحاً حيث يطمح
قال: فقال لهن أبوهن: ارجعن فوالله لا يفلح هذا أبداً.
قال محمد بن أحمد بن جعفر الأهوازي: قدم جميل بن عبد الله بن معمر على عبد العزيز بن مروان بمصر، فدخل حماماً لهم، فإذا في الحمام شيخ من أهل مصر، وكان جميل رجلا جسيماً حسناً وسيماً، فقال له الشيخ: يا فتى، كأنك لست من أهل هذه البلدة! قال: أجل. قال: فمن أين أنت؟ قال: من الحجاز. قال: من أي أهل الحجاز؟ قال: رجل من بني عذرة. قال: فما اسمك؟ قال: جميل بن عبد الله بن معمر. قال صاحب بثينة؟ قال: نعم. قال: فما رأيت فيها يا ابن أخي! فوالله لقد رأيتها ولو ذبح بعرقوبها طائر لانذبح. فقال له جميل: يا عم، إنك لم
ترها بعيني، ولو نظرت إليها بعيني لأحببت أن تلقى الله وأنت زان.
قال: ومرض جميل بمصر مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه العباس بن سهل الساعدي وهو يجود بنفسه، فقال له جميل: يا عباس، ما تقول في رجل لم يقتل نفساً، ولم يزن قطّ، ولم يسرق، ولم يشرب خمراً قطّ، أترجو له؟ فقال العباس: إي والله. قال: فقال جميل: إني لأرجو أن أكون ذلك الرجل. قال العباس: فقلت له سبحان الله! وأنت تتبع بثينة منذ ثلاثين سنة. فقال: يا عباس؛ إني لفي آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، لا نالتني شفاعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن كنت وضعت يدي عليها قطّ. قال: ومات رحمه الله.
وقيل: إن هذه الحكاية جرت له بالشام، وفيها: إن كنت وضعت يدي عليها لريبة قط. ثم مات.
وحدث هارون بن عبد الله القاضي قال: قدم جميل بن معمر مصر على عبد العزيز بن مروان ممتدحاً له، فأذن له وسمع مدائحه، وأحسن جائزته، وسأله عن حبه بثينة، فذكر وجداً فوعده في أمرها موعداً، وأمره بالمقام، وأمر له بمنزل وما يصلحه، فما أقام إلا يسيراً حتى مات هناك، وذلك في سنة اثنتين وثمانين.
ابن صباح بن ظبيان بن حن بن ربيعة بن حرام بن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة بن سعد أبو عمرو العذري الشاعر المعروف بجميل بن معمر صاحب بثينة حدث عن أنس بن مالك، ووفد على الوليد بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، وقد اختلف في نسبه، ومنهم من لم يذكر صباح في نسبه.
وحن بحاء مهملة مضمومة بعدها نون.
وبثينة هي بنت حبا بن ثعلبة بن الهوذ بن عمرو بن الأحب بن حن بن ربيعة.
قال: والحني بضم الحاء المهملة وكسر النون، هو جميل بن عبد الله بن معمر الشاعر الحني.
كان جميل مع الوليد بن عبد الملك في سفر والوليد على نجيب، فرجز به ابن العذري فقال:
يا بكر هل تعلم من علاكا ... خليفة الله على ذراكا
فقال الوليد لجميل انزل فارجز، وظنه يمدحه، فنزل فقال:
أنا جميل في السنام من معد ... في الذروة العلياء والركن الأشد
فقال له: اركب لا حملك الله. ولم يمدح جميل أحد قط.
قال أدهم التميمي: لقيني كثير عزة فقال: لقيني جميل بن معمر في هذا الموضع الذي لقيتك به فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من عند أبي الحبيبة - يعني أبا بثينة - ثم قال لي: وإلى أين تريد؟ فقلت إلى الحبيبة - أعني عزة - فقال لي: لا بد من أن ترجع عودك على بدئك، فتسجد لي موعداً. فقلت: إن عهدي بها الساعة، وأنا أستحيي. قال: لابد من ذلك. قال: قلت: فمتى آخر عهدك بهم؟ قال: بالدوم وهم يرحضون ثيابهم. قال: فأتيت أباها فقال: ما ردك يا بن أخي؟ فقلت: أبيات عرضت لي أحببت أن أعرضها عليك. قال: هات. فأنشدته:
فقلت لها يا عز أرسل صاحبي ... على نأي دار والموكل مرسل
بأن تجعلي بيني وبينك موعداً ... وأن تأمريني بالذي فيك أفعل
وآخر عهدي منك يوم لقيتني ... بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل
قال: فضربت بثينة جانب الخدر وقالت: إخسأ اخسأ. فقال أبوها، مهيم يا بثينة! قالت: كلب يأتينا إذا الناس نوم الناس من وراء الرابية. قال: فأتيته، فأخبرته أن قد وعدته إذا نوم الناس من وراء الرابية.
ولما استعدى آل بثينة مروان بن الحكم على جميل، وطلبه ربعي بن دجاجة العبدي صاحب تيماء، هرب إلى أقاصي بلاده، فأتى رجلاً من بني عذرة شريفاً وله بنات سبع كأنهن البدور جمالاً، فقال: يا بناتي تحلين بجيد حليكن، والبسن جيد ثيابكن، ثم تعرضن لجميل، فإني أنفس على مثل هذا من قومي، فكان جميل إذا مر بهن ورآهن أعرض بوجهه فلا ينظر إليهن، ففعل ذلك مراراً، وفعله جميل، فلما علم ما أريد بهن أنشأ يقول:
حلفت لكي تعلمن أني صادق ... وللصدق خير في الأمور وأنجح
لتكليم يوم من بثينة واحد ... ورؤيتها عندي ألذّ وأملح
من الدهر لو أخلو بكنّ وإنما ... أعالج قلباً طامحاً حيث يطمح
قال: فقال لهن أبوهن: ارجعن فوالله لا يفلح هذا أبداً.
قال محمد بن أحمد بن جعفر الأهوازي: قدم جميل بن عبد الله بن معمر على عبد العزيز بن مروان بمصر، فدخل حماماً لهم، فإذا في الحمام شيخ من أهل مصر، وكان جميل رجلا جسيماً حسناً وسيماً، فقال له الشيخ: يا فتى، كأنك لست من أهل هذه البلدة! قال: أجل. قال: فمن أين أنت؟ قال: من الحجاز. قال: من أي أهل الحجاز؟ قال: رجل من بني عذرة. قال: فما اسمك؟ قال: جميل بن عبد الله بن معمر. قال صاحب بثينة؟ قال: نعم. قال: فما رأيت فيها يا ابن أخي! فوالله لقد رأيتها ولو ذبح بعرقوبها طائر لانذبح. فقال له جميل: يا عم، إنك لم
ترها بعيني، ولو نظرت إليها بعيني لأحببت أن تلقى الله وأنت زان.
قال: ومرض جميل بمصر مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه العباس بن سهل الساعدي وهو يجود بنفسه، فقال له جميل: يا عباس، ما تقول في رجل لم يقتل نفساً، ولم يزن قطّ، ولم يسرق، ولم يشرب خمراً قطّ، أترجو له؟ فقال العباس: إي والله. قال: فقال جميل: إني لأرجو أن أكون ذلك الرجل. قال العباس: فقلت له سبحان الله! وأنت تتبع بثينة منذ ثلاثين سنة. فقال: يا عباس؛ إني لفي آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، لا نالتني شفاعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن كنت وضعت يدي عليها قطّ. قال: ومات رحمه الله.
وقيل: إن هذه الحكاية جرت له بالشام، وفيها: إن كنت وضعت يدي عليها لريبة قط. ثم مات.
وحدث هارون بن عبد الله القاضي قال: قدم جميل بن معمر مصر على عبد العزيز بن مروان ممتدحاً له، فأذن له وسمع مدائحه، وأحسن جائزته، وسأله عن حبه بثينة، فذكر وجداً فوعده في أمرها موعداً، وأمره بالمقام، وأمر له بمنزل وما يصلحه، فما أقام إلا يسيراً حتى مات هناك، وذلك في سنة اثنتين وثمانين.