جرير بن عبد المسيح بن عبد الله
ابن زيد بن دوفن بن حرب بن وهب بن جلى بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة بن نزار بن معد ابن عدنان الضبعي المتلمس شاعر مشهور جاهلي. قدم دمشق هارباً من عمرو بن هند. وذكر دمشق وبصرى في شعره.
والمتلمس خال طرفة بن العبد، وكان سيداً، وإنما سمي المتلمس لقوله:
فهذا أوان العرض جن ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمس
روى أبو مسلم الخطابي في حديث سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كتب لعيينة بن حصين كتاباً. فلما أخذ كتابه قال: يا محمد، أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمس. يقول: لا أحمل إلى قومي كتابا لاعلم لي بمضمونه.
وكان من قصة المتلمس وصحيفته أنه وطرفة بن العبد كانا ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة فهجواه. وفي حديث: فبينما طرفة يوما يشرب معه في يده جام من ذهب فيه شراب أشرفت أخت عمرو فرأى طرفة خيالها في الإناء فقال:
ألا يا بأبي الظبي الذي يبرق شنفاه ... ولولا الملك القاعد قد ألثمني فاه
فسمعها عمرو فاصطنعها عليه، وأمسكها في نفسه، وقد كان هجاه فمما قاله فيه:
وليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثاً حول قبتنا تخور
وكان المتلمس قال في عمرو أيضاً شعراً كان يتوعده فيه، فبلغ ذلك عمراً، فهم عمرو بقتل المتلمس وطرفة، ثم أشفق من ذلك وأراد قتلهما بيد غيره، وكان على طرفة أحنق، فأراد قتله فعلم أنه إن فعل هجاه المتلمس، فكتب لهما كتابين إلى البحرين وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة فخرجا من عنده والكتابان في يديهما، فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق متكشفاً لقضاء الحاجة، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى. فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذا الشيخ! فسمع الشيخ مقالته فقال: ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثاً وأدخل طيباً وأقتل عدواً، وإن أعجب مني لمن يحمل حتفه بيده وهو لايدري. فأوجس المتلمس في
نفسه خيفة، وارتاب بكتابه. ولقيه غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام؟ فقال: نعم. ففض خاتم كتابه ودفعه إلى الغلام فقرأه عليه، فإذا فيه: إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حياً. وأقبل على طرفة فقال: تعلم والله لقد كتب فيك بمثل هذا، فادفع كتابك إلى الغلام يقرأه. فقال: كلا، ما كان يجسر على بمثل هذا. وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة؛ ومضى طرفة بكتابه إلى صاحب البحرين، فأمر به المعلى بن حنش العبدي فقتله، وهرب المتلمس فلحق ببلاد الشام وهجا عمراً، وبلغ شعره عمراً فآلى إن وجده بالعراق ليقتلنه، فقال المتلمس من أبيات:
آليت حب العراق الدهر أطعمه ... والحب يأكله في القرية السوس
فضرب المثل بصحيفة المتلمس.
قال الخليل بن أحمد: أحسن ما قاله المتلمس:
وأعلم علم حق غير ظن ... لتقوى الله من خير العتاد
فحفظ المال أيسر من بغاه ... وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
قال أبو عمرو بن العلاء: كانت العرب إذا أرادت أن تنشد قصيدة المتلمس توضؤوا لها:
تعيرني أمي رجال ولن ترى ... أخا كرم إلا بأن يتكرما
ابن زيد بن دوفن بن حرب بن وهب بن جلى بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة بن نزار بن معد ابن عدنان الضبعي المتلمس شاعر مشهور جاهلي. قدم دمشق هارباً من عمرو بن هند. وذكر دمشق وبصرى في شعره.
والمتلمس خال طرفة بن العبد، وكان سيداً، وإنما سمي المتلمس لقوله:
فهذا أوان العرض جن ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمس
روى أبو مسلم الخطابي في حديث سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كتب لعيينة بن حصين كتاباً. فلما أخذ كتابه قال: يا محمد، أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمس. يقول: لا أحمل إلى قومي كتابا لاعلم لي بمضمونه.
وكان من قصة المتلمس وصحيفته أنه وطرفة بن العبد كانا ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة فهجواه. وفي حديث: فبينما طرفة يوما يشرب معه في يده جام من ذهب فيه شراب أشرفت أخت عمرو فرأى طرفة خيالها في الإناء فقال:
ألا يا بأبي الظبي الذي يبرق شنفاه ... ولولا الملك القاعد قد ألثمني فاه
فسمعها عمرو فاصطنعها عليه، وأمسكها في نفسه، وقد كان هجاه فمما قاله فيه:
وليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثاً حول قبتنا تخور
وكان المتلمس قال في عمرو أيضاً شعراً كان يتوعده فيه، فبلغ ذلك عمراً، فهم عمرو بقتل المتلمس وطرفة، ثم أشفق من ذلك وأراد قتلهما بيد غيره، وكان على طرفة أحنق، فأراد قتله فعلم أنه إن فعل هجاه المتلمس، فكتب لهما كتابين إلى البحرين وقال لهما: إني قد كتبت لكما بصلة فخرجا من عنده والكتابان في يديهما، فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق متكشفاً لقضاء الحاجة، وهو مع ذلك يأكل ويتفلى. فقال أحدهما لصاحبه: هل رأيت أعجب من هذا الشيخ! فسمع الشيخ مقالته فقال: ما ترى من عجبي؟ أخرج خبيثاً وأدخل طيباً وأقتل عدواً، وإن أعجب مني لمن يحمل حتفه بيده وهو لايدري. فأوجس المتلمس في
نفسه خيفة، وارتاب بكتابه. ولقيه غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام؟ فقال: نعم. ففض خاتم كتابه ودفعه إلى الغلام فقرأه عليه، فإذا فيه: إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حياً. وأقبل على طرفة فقال: تعلم والله لقد كتب فيك بمثل هذا، فادفع كتابك إلى الغلام يقرأه. فقال: كلا، ما كان يجسر على بمثل هذا. وألقى المتلمس كتابه في نهر الحيرة؛ ومضى طرفة بكتابه إلى صاحب البحرين، فأمر به المعلى بن حنش العبدي فقتله، وهرب المتلمس فلحق ببلاد الشام وهجا عمراً، وبلغ شعره عمراً فآلى إن وجده بالعراق ليقتلنه، فقال المتلمس من أبيات:
آليت حب العراق الدهر أطعمه ... والحب يأكله في القرية السوس
فضرب المثل بصحيفة المتلمس.
قال الخليل بن أحمد: أحسن ما قاله المتلمس:
وأعلم علم حق غير ظن ... لتقوى الله من خير العتاد
فحفظ المال أيسر من بغاه ... وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
قال أبو عمرو بن العلاء: كانت العرب إذا أرادت أن تنشد قصيدة المتلمس توضؤوا لها:
تعيرني أمي رجال ولن ترى ... أخا كرم إلا بأن يتكرما