ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام
ابن خويلد بن أسد بت عبد العزى بن قصي أبو مصعب.
ويقال: أبو حكم الأسدي الزبيري.
وفد على عبد الملك بن مروان، ثم وفد على سليمان بن عبد الملك، فأدركه أجله في رجوعه.
حدث ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد رأيتني مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ماءٍ من السماء وأني لأدلك ظهره وأغسله.
قال الزبير بن بكار: كان ثابت بن عبد الله بن الزبير لسان آل الزبير خلداً وفصاحةً وبياناً.
قال: وحدثني مصعب بن عبد الله قال: لم يزل بنو عبد الله بن الزبير خبيب وحمزة وعباد وثابت عند جدهم أبي أمهم منظور بن زبان بالبادية يرعون عليه الإبل كما يفعل عبيده حتى تحرك ثابت، فقال لإخوته: انطلقوا بنا نلحق بأبينا، فركبوا بعض الإبل حتى قدموا على أبيهم، واتبعهم منظور بن زبان، فقدم على آثارهم، فقال لعبد الله بن الزبير: اردد علي أعبدي هؤلاء، فقال: إنهم قد كبروا واحتاجوا أن نعلمهم القرآن، ولا سبيل إليهم، قال: أما إن الذي صنع بهم الصنيع ابنك هذا، مازلت أخافها منه مذ كبر، يعني ثابتاً.
قال: وقال عمي مصعب: فزعموا أن ثابتاً جمع القرآن أو أتم جمعه في ثمانية أشهر، وزوجه عبد الله بن الزبير قبلهم بنت ابن أبي عتيق عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فولدت له جاريتين يقال لإحداهما حكمة، وكان يكنى أبا حكمة، وكان أبوه يكنيه أبا حكمة يشبه لسانه بلسان زمعة بن الأسود، وكان زمعة يكنى أبا حكيمة، وكان ثابتٌ يشهد القتال مع أبيه، ويبارز بين يديه، وكان حمزة بن عبد الله بن الزبير قال لبني عبد الله: لا تطلبوا أموالكم من عبد الملك حين قبضها، وأنا أنفق عليكم، فأتى ثابت بن عبد الله، وقدم على
عبد الملك بن مروان، فدخل عليه، فأكرمه، ورد على ولد عبد الله بعض أموالهم بكلامه.
وانصرف بها ثابتٌ معه.
قال سليمان بن عبد الملك لثابت بن عبد الله: من أفصح الناس؟ قال: أنا، قال: ثم من؟ قال: أنا، قال: ثم من؟ قال: أنا، قال: ثم من؟ قال: ثم أنت، فرضي بذلك سليمان منه بعد مكثٍ، وكان سليمان فصيحاً.
قال مسور بن عبد الملك: كنا نأتي مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ينزعنا إليه إلا استماع كلام ثابت بن عبد الله.
حدث مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال: قال لي أبي: يا بني تعلم العلم، فإنك إن تكن ذا مالٍ يكن لك العلم كمالاً، وإن تكن غير ذي مالٍ يكن لك العلم مالاً.
قال جويرية بن أسماء: أتى عبد الله بن الزبير بابنه ثابت في قيوده فقال: أما والله لو ساف من والدٍ قتل ولده لقتلته.
قال: فبينا هو كذلك إذ حمل عليه أهل الشام حتى دخلوا المسجد، فقال: يا ثابت، قمفرد هؤلاء عني، فقام وإنه لفي ثوبين، فتناول سيفاً وجحفةً، فردهم ولم يرجع حتى دمي سيفه ثم رجع فقعد، فعاد أهل الشام فدخلوا المسجد فقال: يا ثابت قم فردهم عني، فقام فردهم حتى أخرجهم من المسجد.
فلما قتل ابن الزبير لحق ثابتٌ بعبد الملك بن مروان، فأكرمه، ثم قال له يوماً: فيم غضب عليك أبوك؟ قال: أشرت عليه أن يخرج من مكة، فعصاني وغضب علي.
وكان عبد الملك قد فبض أموال ابن الزبير، فقال له ثابت: إن رأيت أن ترد علي حصتي من ميراث أبي فافعل، فردها عليه، فقال ثابت لحمزة: كيف ترى أبا بكر كان صانعاً لو رأى هؤلاء قد سلموا إلي حصتي من ميراثه من بني ولده، وكنت أبغضهم إليه؟ فقال: تالله إن كان يحاكمهم إلا بالسيف.
دخل ثابت بن عبد الله بن الزبير على عبد الملك بن مروان، وهو صبي صغير، فقال
له عبد الملك ألا تنبئني عنك لمَ كان أبوك يشتمك ويبعدك، إني لأحسبه كان يعلم منك ما تستحق منه أن يفعل ذلك بك؟ فقال: إذن أخبرك يا أمير المؤمنين: كنت أشير عليه فيستصغرني، ويرد نصيحتي، من ذلك أني نهيته أن يقاتل بأهل مكة، وقلت له: لا تقاتل بقومٍ أخرجوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخافوه، فلما جاؤوا إلى الإسلام أخرجهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرض بجده الحكم بن أبي العاص حين نفاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونهيته عن أهل المدينة، وذكرته أنهم خذلوا أمير المؤمنين عثمان، وتقاعدوا عنه حتى قتل بين ظهرانيهم - يعرض ببني أمية وأبيه مروان - فقال عبد الملك: اسكت لعنك الله، فأنت كما قال الأول:
شنشنةٌ أعرفها من أخزم
قال ثابت: إني لكذلك في حلمي السلف، غير جبان ولا غدار - يعرض بغدره بعمرو بن سعيد بن العاص - وإني لكما قال كعب بن زهير: " من الطويل "
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ... ولم أخزه لما تغيب في الرجم
أقول شبيهاتٍ بما قال عالمٌ ... بهن ومن أشبه أباه فما ظلم
فأشبهته من بين من وطئ الثرى ... ولم ينتزعني شبه خالٍ ولا ابن عم
مات ثابت بن عبد الله بن الزبير بسرغ من طريق الشام، منصرفاً من عند سليمان بن عبد الملك إلى المدينة، وهو ابن سبعٍ أو ثمان وسبعين سنة.
وقيل توفي بمعان من طريق الشام؛ وموته بسرغ أثبت.
ابن خويلد بن أسد بت عبد العزى بن قصي أبو مصعب.
ويقال: أبو حكم الأسدي الزبيري.
وفد على عبد الملك بن مروان، ثم وفد على سليمان بن عبد الملك، فأدركه أجله في رجوعه.
حدث ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد رأيتني مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ماءٍ من السماء وأني لأدلك ظهره وأغسله.
قال الزبير بن بكار: كان ثابت بن عبد الله بن الزبير لسان آل الزبير خلداً وفصاحةً وبياناً.
قال: وحدثني مصعب بن عبد الله قال: لم يزل بنو عبد الله بن الزبير خبيب وحمزة وعباد وثابت عند جدهم أبي أمهم منظور بن زبان بالبادية يرعون عليه الإبل كما يفعل عبيده حتى تحرك ثابت، فقال لإخوته: انطلقوا بنا نلحق بأبينا، فركبوا بعض الإبل حتى قدموا على أبيهم، واتبعهم منظور بن زبان، فقدم على آثارهم، فقال لعبد الله بن الزبير: اردد علي أعبدي هؤلاء، فقال: إنهم قد كبروا واحتاجوا أن نعلمهم القرآن، ولا سبيل إليهم، قال: أما إن الذي صنع بهم الصنيع ابنك هذا، مازلت أخافها منه مذ كبر، يعني ثابتاً.
قال: وقال عمي مصعب: فزعموا أن ثابتاً جمع القرآن أو أتم جمعه في ثمانية أشهر، وزوجه عبد الله بن الزبير قبلهم بنت ابن أبي عتيق عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فولدت له جاريتين يقال لإحداهما حكمة، وكان يكنى أبا حكمة، وكان أبوه يكنيه أبا حكمة يشبه لسانه بلسان زمعة بن الأسود، وكان زمعة يكنى أبا حكيمة، وكان ثابتٌ يشهد القتال مع أبيه، ويبارز بين يديه، وكان حمزة بن عبد الله بن الزبير قال لبني عبد الله: لا تطلبوا أموالكم من عبد الملك حين قبضها، وأنا أنفق عليكم، فأتى ثابت بن عبد الله، وقدم على
عبد الملك بن مروان، فدخل عليه، فأكرمه، ورد على ولد عبد الله بعض أموالهم بكلامه.
وانصرف بها ثابتٌ معه.
قال سليمان بن عبد الملك لثابت بن عبد الله: من أفصح الناس؟ قال: أنا، قال: ثم من؟ قال: أنا، قال: ثم من؟ قال: أنا، قال: ثم من؟ قال: ثم أنت، فرضي بذلك سليمان منه بعد مكثٍ، وكان سليمان فصيحاً.
قال مسور بن عبد الملك: كنا نأتي مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ينزعنا إليه إلا استماع كلام ثابت بن عبد الله.
حدث مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير قال: قال لي أبي: يا بني تعلم العلم، فإنك إن تكن ذا مالٍ يكن لك العلم كمالاً، وإن تكن غير ذي مالٍ يكن لك العلم مالاً.
قال جويرية بن أسماء: أتى عبد الله بن الزبير بابنه ثابت في قيوده فقال: أما والله لو ساف من والدٍ قتل ولده لقتلته.
قال: فبينا هو كذلك إذ حمل عليه أهل الشام حتى دخلوا المسجد، فقال: يا ثابت، قمفرد هؤلاء عني، فقام وإنه لفي ثوبين، فتناول سيفاً وجحفةً، فردهم ولم يرجع حتى دمي سيفه ثم رجع فقعد، فعاد أهل الشام فدخلوا المسجد فقال: يا ثابت قم فردهم عني، فقام فردهم حتى أخرجهم من المسجد.
فلما قتل ابن الزبير لحق ثابتٌ بعبد الملك بن مروان، فأكرمه، ثم قال له يوماً: فيم غضب عليك أبوك؟ قال: أشرت عليه أن يخرج من مكة، فعصاني وغضب علي.
وكان عبد الملك قد فبض أموال ابن الزبير، فقال له ثابت: إن رأيت أن ترد علي حصتي من ميراث أبي فافعل، فردها عليه، فقال ثابت لحمزة: كيف ترى أبا بكر كان صانعاً لو رأى هؤلاء قد سلموا إلي حصتي من ميراثه من بني ولده، وكنت أبغضهم إليه؟ فقال: تالله إن كان يحاكمهم إلا بالسيف.
دخل ثابت بن عبد الله بن الزبير على عبد الملك بن مروان، وهو صبي صغير، فقال
له عبد الملك ألا تنبئني عنك لمَ كان أبوك يشتمك ويبعدك، إني لأحسبه كان يعلم منك ما تستحق منه أن يفعل ذلك بك؟ فقال: إذن أخبرك يا أمير المؤمنين: كنت أشير عليه فيستصغرني، ويرد نصيحتي، من ذلك أني نهيته أن يقاتل بأهل مكة، وقلت له: لا تقاتل بقومٍ أخرجوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخافوه، فلما جاؤوا إلى الإسلام أخرجهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرض بجده الحكم بن أبي العاص حين نفاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونهيته عن أهل المدينة، وذكرته أنهم خذلوا أمير المؤمنين عثمان، وتقاعدوا عنه حتى قتل بين ظهرانيهم - يعرض ببني أمية وأبيه مروان - فقال عبد الملك: اسكت لعنك الله، فأنت كما قال الأول:
شنشنةٌ أعرفها من أخزم
قال ثابت: إني لكذلك في حلمي السلف، غير جبان ولا غدار - يعرض بغدره بعمرو بن سعيد بن العاص - وإني لكما قال كعب بن زهير: " من الطويل "
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ... ولم أخزه لما تغيب في الرجم
أقول شبيهاتٍ بما قال عالمٌ ... بهن ومن أشبه أباه فما ظلم
فأشبهته من بين من وطئ الثرى ... ولم ينتزعني شبه خالٍ ولا ابن عم
مات ثابت بن عبد الله بن الزبير بسرغ من طريق الشام، منصرفاً من عند سليمان بن عبد الملك إلى المدينة، وهو ابن سبعٍ أو ثمان وسبعين سنة.
وقيل توفي بمعان من طريق الشام؛ وموته بسرغ أثبت.