الفرخ من موالي بني أمية
لما أراد جعفر المتوكل الخروج من الشام إلى العراق أحب أن يجعل طريقه على البرية لينظر إلى آثار بني أمية، ومصانعهم وكان في طريقه دير يعرف بدير حنينة فلما عزم على ذلك اتصل خبره ببعض موالي بني أمية. فقال: لأنغصت عليه نزهته بأبيات أحبرها، ثم تقدم إلى الدير، فجعل لصاحب الدير جعلاً على أن يدعه يكتب في صدر الهيكل أبياتاً فأذن له، فكتب: من الطويل
أيا منزلاً بالدير أصبح ثاوياً ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم تقطنك بيض نواعم ... ولم تتبختر في فنائك حور
وأبناء أملاكي غياشم سادة ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا نزعوا تيجانهم فضراغم ... وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنهم يوم اللقاء قساور ... ولكنهم عند النوال بحور
وكم يصبح الصهريج والناس حوله ... عليه فساطيط لهم وخدور
وحولك رايات لهم وعساكر ... وخيل لها بعد الصهيل نخير
ليالي هشام بالرصافة قاطناً ... وفيك ابنه يا دير وهو أمير
إن الملك غض والخلافة لبنة ... وأنت خصيب والزمان طرير
وروضك مرتاض وبيعك بائع ... ودهر بني مروان فيك قصير
بمسلمة الميمون وهو الذي له ... تكاد قلوب المشركين تطير
بلى فسقيت الغيث صوباً مباكراً ... إليك به بعد الرواح بكور
تذكرت قومي فيكم فبكيتهم ... وإن سخياً بالبكا لجدير
فعزيت نفسي وهي نفس لها إذا ... جرى ذكر قومي أنة وزفير
رويدك إن اليوم معقبه غداً ... وأن صروف الدائرات تدور
لعل زماناً جار يوماً عليهم ... لهم بالذي تهوى النفوس يحور
فيفرح مرثاد ويأمن خائف ... ويطلق من كل الوثاق أسير
فلما قرأه المتوكل قال: ما كتب هذا إلا رجل من بني أمية، يريد أن ينغص علي ما أنا فيه، فمن أتاني به فله ديته، فأتي به، وإذا هو رجل من بني أمية من دمشق، يعرف بالفرخ، فأمر المتوكل بقتله، وقال: بما قدمت يداك، وما الله بظلام العبيد. وزاد في آخره: أن المتوكل بكى بكاءً شديداً لما قرأها، وأمر بهدم الموضع، فهدم الحائط.
لما أراد جعفر المتوكل الخروج من الشام إلى العراق أحب أن يجعل طريقه على البرية لينظر إلى آثار بني أمية، ومصانعهم وكان في طريقه دير يعرف بدير حنينة فلما عزم على ذلك اتصل خبره ببعض موالي بني أمية. فقال: لأنغصت عليه نزهته بأبيات أحبرها، ثم تقدم إلى الدير، فجعل لصاحب الدير جعلاً على أن يدعه يكتب في صدر الهيكل أبياتاً فأذن له، فكتب: من الطويل
أيا منزلاً بالدير أصبح ثاوياً ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم تقطنك بيض نواعم ... ولم تتبختر في فنائك حور
وأبناء أملاكي غياشم سادة ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا نزعوا تيجانهم فضراغم ... وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنهم يوم اللقاء قساور ... ولكنهم عند النوال بحور
وكم يصبح الصهريج والناس حوله ... عليه فساطيط لهم وخدور
وحولك رايات لهم وعساكر ... وخيل لها بعد الصهيل نخير
ليالي هشام بالرصافة قاطناً ... وفيك ابنه يا دير وهو أمير
إن الملك غض والخلافة لبنة ... وأنت خصيب والزمان طرير
وروضك مرتاض وبيعك بائع ... ودهر بني مروان فيك قصير
بمسلمة الميمون وهو الذي له ... تكاد قلوب المشركين تطير
بلى فسقيت الغيث صوباً مباكراً ... إليك به بعد الرواح بكور
تذكرت قومي فيكم فبكيتهم ... وإن سخياً بالبكا لجدير
فعزيت نفسي وهي نفس لها إذا ... جرى ذكر قومي أنة وزفير
رويدك إن اليوم معقبه غداً ... وأن صروف الدائرات تدور
لعل زماناً جار يوماً عليهم ... لهم بالذي تهوى النفوس يحور
فيفرح مرثاد ويأمن خائف ... ويطلق من كل الوثاق أسير
فلما قرأه المتوكل قال: ما كتب هذا إلا رجل من بني أمية، يريد أن ينغص علي ما أنا فيه، فمن أتاني به فله ديته، فأتي به، وإذا هو رجل من بني أمية من دمشق، يعرف بالفرخ، فأمر المتوكل بقتله، وقال: بما قدمت يداك، وما الله بظلام العبيد. وزاد في آخره: أن المتوكل بكى بكاءً شديداً لما قرأها، وأمر بهدم الموضع، فهدم الحائط.