السُّهْرَوَرْدِيُّ شِهَابُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ حَبَشِ بنِ أَمِيْرَكَ
العَلاَّمَةُ، الفَيْلَسُوْفُ، السِّيْمَاوِيُّ، المَنْطِقِيُّ، شِهَابُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ حَبَشِ بن أَمِيْرك السُّهْرَوَرْدِيُّ، مَنْ كَانَ يَتَوَقَّدُ ذكَاءً، إِلاَّ أَنَّهُ قَلِيْل الدِّيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة : اسْمه عُمَر، وَكَانَ أَوحد فِي حكمه الأَوَائِل،
بارعاً فِي أُصُوْل الفِقْه، مُفْرِط الذّكَاء، فَصِيْحاً، لَمْ يُنَاظر أَحَداً إِلاَّ أَربَى عَلَيْهِ.قَالَ الفَخْر المَارْدِيْنيّ : مَا أَذكَى هَذَا الشَّابّ وَأَفصحه! إِلاَّ أَنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ لَكَثْرَة تَهوُّره وَاستهتَارِه.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ نَاظر فُقَهَاء حلب، فَلَمْ يُجَاره أَحَد، فَطَلَبَهُ الظَّاهِر، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِساً، فَبَان فَضلُه، فَقرَبّه الظَّاهِر، وَاختصَّ بِهِ، فَشَنَّعُوا، وَعملُوا محَاضِر بكُفره، وَبعثَوهَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَخوَّفُوهُ أَنْ يُفْسِد اعْتِقَاد وَلده، فَكَتَبَ إِلَى وَلده بِخَطِّ الفَاضِل يَأْمره بِقَتْلِهِ حتماً، فَلما لَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَتله، اخْتَار لِنَفْسِهِ أَنْ يُمَات جوعاً، فَفَعَل ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، بِقَلْعَة حلب، وَعَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَة الحَكِيْم، قَالَ:
خَرَجْنَا مِنْ بَاب الْفرج مَعَهُ، فَذَكَرنَا السّيمِيَاء، فَقَالَ: مَا أَحْسَن هَذِهِ الموَاضِع!
فَنظرنَا مِنْ نَاحِيَة الشَّرْق جَوَاسق مبيضَة كَبِيْرَة مزخرفَة، وَفِي طَاقَاتهَا نسَاء كَالأَقمَار وَمغَانِي، فَتعجّبنَا، وَانذهلنَا، فَبقينَا سَاعَة، وَعدنَا إِلَى مَا كُنَّا نَعهده، إِلاَّ أَنِّي عِنْد رُؤْيَة ذَلِكَ، بقيت أُحسّ مِنْ نَفْسِي كَأَنَّنِي فِي سِنَةٍ خفِيَّة، وَلَمْ يَكُنْ إِدرَاكِي كَالحَالَة الَّتِي أَتحقّقهَا مِنِّي.
وَحَدَّثَنِي عجمِيّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ بِالقَابُوْنِ، فَقُلْنَا: يَا مَوْلاَنَا! نُرِيْد رَأْس غنم.
فَأَعْطَانَا
عَشْرَة درَاهِم، فَاشترَينَا بِهَا رَأْساً، ثُمَّ تَنَازعنَا نَحْنُ وَالتُّرُكْمَانِيّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: روحُوا بِالرَّأْس، أَنَا أُرْضيه.ثُمَّ تَبِعَنَا الشَّيْخُ، فَقَالَ التُّرُكْمَانِيّ : أَرْضنِي.
فَمَا كلّمه، فَجَاءَ، وَجذب يَده، فَإِذَا بِيَدِ الشَّيْخ قَدِ انْخَلَعَتْ مِنْ كتفه، وَبقيت فِي يَد ذَاكَ، وَدَمهَا يَشخب، فَرمَاهَا، وَهَرَبَ، فَأَخَذَ الشَّيْخ يَده بِاليد الأُخْرَى، وَجَاءَ، فَرَأَينَا فِي يَدِهِ مِنْدِيله لاَ غَيْر.
قَالَ الضِّيَاء صَقر : فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ قَدِمَ السُّهْرَوَرْدِيّ، وَنَزَلَ فِي الحلاَويَّة، وَمُدَرِّسهَا الافتخَار الهَاشِمِيّ، فَبحث، وَعَلَيْهِ دَلَق وَلَهُ إِبرِيق وَعُكَّاز، فَأَخْرَج لَهُ الافتخَار ثَوْب عتابِيّ، وَبقيَاراً، وَغلاَلَة، وَلباساً مَعَ ابْنه إِلَيْهِ، فَقَالَ: اقْض لِي حَاجَة.
وَأَخْرَج فَصّاً كَالبيضَة، وَقَالَ: نَاد لِي عَلَيْهِ.
قَالَ: فَجَاب خَمْسَة وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَطَلَعَ بِهِ العَرِيْف إِلَى الظَّاهِر، فَدَفَعَ فِيْهِ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فَجَاءَ وَشَاوره، فَغَضِبَ، وَأَخَذَ الفصّ، وَضَرَبَه بِحجر فَتّنه، وَقَالَ: خُذِ الثِّيَابَ، وَقبّل يَد وَالِدك، وَقُلْ لَهُ: لَوْ أَردنَا
الْمَلْبُوس مَا غلبنَا، وَأَمَّا السُّلْطَان، فَطَلبَ العَرِيْف، وَقَالَ: أُرِيْد الفَصّ.قَالَ: هُوَ لابْن الافتخَار.
فَنَزَلَ السُّلْطَان إِلَى المَدْرَسَة، ثُمَّ اجْتمع بِالسُّهْرَوَرْدِيّ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ، وَصَارَ لَهُ شَأْن عَظِيْم، وَبحث مَعَ الفُقَهَاء، وَعجَّزهُم ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَأَفتَوا فِي دَمه، فَقِيْلَ: خُنِقَ، ثُمَّ بَعْد مُدَّة حَبَس الظَّاهِر جَمَاعَة مِمَّنْ أَفْتَى، وَصَادرهَم.
وَحَدَّثَنِي السَّدِيْد مَحْمُوْدُ بنُ زقَيْقَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَتمشَّى مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ فِي جَامِع مَيَّافَارِقِيْن، وَعَلَيْهِ جُبَّة قصِيْرَة، وَعَلَى رَأْسه فُوطَة، وَهُوَ بزربول كَأَنَّهُ خَرْبَنْدَا.
وَللشِهَاب شعر جَيِّد.
وَلَهُ كِتَاب (التلويحَات اللوحيَة وَالعرشيَة) ، وَكِتَاب (اللَّمْحَة) ، وَكِتَاب (هيَاكل النُّوْر) ، وَكِتَاب (المعَارج وَالمطَارحَات) ، وَكِتَاب (حِكْمَة الإِشرَاق) ، وَسَائِرهَا لَيْسَتْ مِنْ علُوْم الإِسْلاَم.
وَكَانَ قَدْ قرَأَ عَلَى الْمجد الجِيْلِيّ بِمَرَاغَة، وَكَانَ شَافِعِيّاً، وَيُلَقَّبُ بِالمُؤَيَّد بِالملكوت.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ : وَكَانَ يُتَّهَم بِالانحَلاَل وَالتعطيل، وَيَعتقد مَذْهَب الأَوَائِل اشْتهر ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَفتَى عُلَمَاء حلب بِقَتْلِهِ، وَأَشدُّهُم الزِّين
وَالمجد ابْنَا جَهْبَل.قُلْتُ: أَحْسَنُوا وَأَصَابُوا.
قَالَ المُوَفَّق يَعِيْش النَّحْوِيّ : لمَا تَكلّمُوا فِيْهِ، قَالَ لَهُ تِلْمِيْذه: إِنَّك تَقُوْلُ: النُّبُوَّة مكتسبَة، فَانزح بِنَا.
قَالَ: حَتَّى نَأْكل بِطِّيخ حلب، فَإِنَّ بِي طرفاً مِنَ السّلّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى قَرْيَة بِهَا بِطِّيخ، فَأَقمنَا أَيَّاماً، فَجَاءَ يَوْماً إِلَى محفرَة لِتُرَاب الرَّأْس، فَحَفَر حَتَّى ظهر لَهُ حصَى، فَدهنَه بِدهن مَعَهُ، وَلفَّه فِي قُطْن، وَحمله فِي وَسطه أَيَّاماً، ثُمَّ ظهر كُلّه يَاقُوْتاً أَحْمَر، فَبَاع مِنْهُ، وَوهب أَصْحَابه، وَلَمَّا قُتِل كَانَ مَعَهُ مِنْهُ.
قُلْتُ: كَانَ أَحْمَق، طيَّاشاً، مُنحلاًّ.
حكَى السَّيْف الآمِدِيّ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لاَ بُدَّ لِي أَنْ أَملك الدُّنْيَا.
قُلْتُ: مَنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّيْ شَرِبت مَاء البَحْر.
قُلْتُ: لَعَلَّ يَكُوْن اشتهَار علمك.
فَلَمْ يَرْجِع عَمَّا فِي نَفْسِهِ، وَوجدته كَثِيْرَ العِلْمِ، قَلِيْل العَقْل، وَلَهُ عِدَّةُ مُصَنَّفَات.
قُلْتُ: قُتِلَ فِي أَوَائِل سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
العَلاَّمَةُ، الفَيْلَسُوْفُ، السِّيْمَاوِيُّ، المَنْطِقِيُّ، شِهَابُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ حَبَشِ بن أَمِيْرك السُّهْرَوَرْدِيُّ، مَنْ كَانَ يَتَوَقَّدُ ذكَاءً، إِلاَّ أَنَّهُ قَلِيْل الدِّيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة : اسْمه عُمَر، وَكَانَ أَوحد فِي حكمه الأَوَائِل،
بارعاً فِي أُصُوْل الفِقْه، مُفْرِط الذّكَاء، فَصِيْحاً، لَمْ يُنَاظر أَحَداً إِلاَّ أَربَى عَلَيْهِ.قَالَ الفَخْر المَارْدِيْنيّ : مَا أَذكَى هَذَا الشَّابّ وَأَفصحه! إِلاَّ أَنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ لَكَثْرَة تَهوُّره وَاستهتَارِه.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ نَاظر فُقَهَاء حلب، فَلَمْ يُجَاره أَحَد، فَطَلَبَهُ الظَّاهِر، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِساً، فَبَان فَضلُه، فَقرَبّه الظَّاهِر، وَاختصَّ بِهِ، فَشَنَّعُوا، وَعملُوا محَاضِر بكُفره، وَبعثَوهَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَخوَّفُوهُ أَنْ يُفْسِد اعْتِقَاد وَلده، فَكَتَبَ إِلَى وَلده بِخَطِّ الفَاضِل يَأْمره بِقَتْلِهِ حتماً، فَلما لَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَتله، اخْتَار لِنَفْسِهِ أَنْ يُمَات جوعاً، فَفَعَل ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، بِقَلْعَة حلب، وَعَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَة الحَكِيْم، قَالَ:
خَرَجْنَا مِنْ بَاب الْفرج مَعَهُ، فَذَكَرنَا السّيمِيَاء، فَقَالَ: مَا أَحْسَن هَذِهِ الموَاضِع!
فَنظرنَا مِنْ نَاحِيَة الشَّرْق جَوَاسق مبيضَة كَبِيْرَة مزخرفَة، وَفِي طَاقَاتهَا نسَاء كَالأَقمَار وَمغَانِي، فَتعجّبنَا، وَانذهلنَا، فَبقينَا سَاعَة، وَعدنَا إِلَى مَا كُنَّا نَعهده، إِلاَّ أَنِّي عِنْد رُؤْيَة ذَلِكَ، بقيت أُحسّ مِنْ نَفْسِي كَأَنَّنِي فِي سِنَةٍ خفِيَّة، وَلَمْ يَكُنْ إِدرَاكِي كَالحَالَة الَّتِي أَتحقّقهَا مِنِّي.
وَحَدَّثَنِي عجمِيّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ بِالقَابُوْنِ، فَقُلْنَا: يَا مَوْلاَنَا! نُرِيْد رَأْس غنم.
فَأَعْطَانَا
عَشْرَة درَاهِم، فَاشترَينَا بِهَا رَأْساً، ثُمَّ تَنَازعنَا نَحْنُ وَالتُّرُكْمَانِيّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: روحُوا بِالرَّأْس، أَنَا أُرْضيه.ثُمَّ تَبِعَنَا الشَّيْخُ، فَقَالَ التُّرُكْمَانِيّ : أَرْضنِي.
فَمَا كلّمه، فَجَاءَ، وَجذب يَده، فَإِذَا بِيَدِ الشَّيْخ قَدِ انْخَلَعَتْ مِنْ كتفه، وَبقيت فِي يَد ذَاكَ، وَدَمهَا يَشخب، فَرمَاهَا، وَهَرَبَ، فَأَخَذَ الشَّيْخ يَده بِاليد الأُخْرَى، وَجَاءَ، فَرَأَينَا فِي يَدِهِ مِنْدِيله لاَ غَيْر.
قَالَ الضِّيَاء صَقر : فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ قَدِمَ السُّهْرَوَرْدِيّ، وَنَزَلَ فِي الحلاَويَّة، وَمُدَرِّسهَا الافتخَار الهَاشِمِيّ، فَبحث، وَعَلَيْهِ دَلَق وَلَهُ إِبرِيق وَعُكَّاز، فَأَخْرَج لَهُ الافتخَار ثَوْب عتابِيّ، وَبقيَاراً، وَغلاَلَة، وَلباساً مَعَ ابْنه إِلَيْهِ، فَقَالَ: اقْض لِي حَاجَة.
وَأَخْرَج فَصّاً كَالبيضَة، وَقَالَ: نَاد لِي عَلَيْهِ.
قَالَ: فَجَاب خَمْسَة وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَطَلَعَ بِهِ العَرِيْف إِلَى الظَّاهِر، فَدَفَعَ فِيْهِ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فَجَاءَ وَشَاوره، فَغَضِبَ، وَأَخَذَ الفصّ، وَضَرَبَه بِحجر فَتّنه، وَقَالَ: خُذِ الثِّيَابَ، وَقبّل يَد وَالِدك، وَقُلْ لَهُ: لَوْ أَردنَا
الْمَلْبُوس مَا غلبنَا، وَأَمَّا السُّلْطَان، فَطَلبَ العَرِيْف، وَقَالَ: أُرِيْد الفَصّ.قَالَ: هُوَ لابْن الافتخَار.
فَنَزَلَ السُّلْطَان إِلَى المَدْرَسَة، ثُمَّ اجْتمع بِالسُّهْرَوَرْدِيّ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ، وَصَارَ لَهُ شَأْن عَظِيْم، وَبحث مَعَ الفُقَهَاء، وَعجَّزهُم ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَأَفتَوا فِي دَمه، فَقِيْلَ: خُنِقَ، ثُمَّ بَعْد مُدَّة حَبَس الظَّاهِر جَمَاعَة مِمَّنْ أَفْتَى، وَصَادرهَم.
وَحَدَّثَنِي السَّدِيْد مَحْمُوْدُ بنُ زقَيْقَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَتمشَّى مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ فِي جَامِع مَيَّافَارِقِيْن، وَعَلَيْهِ جُبَّة قصِيْرَة، وَعَلَى رَأْسه فُوطَة، وَهُوَ بزربول كَأَنَّهُ خَرْبَنْدَا.
وَللشِهَاب شعر جَيِّد.
وَلَهُ كِتَاب (التلويحَات اللوحيَة وَالعرشيَة) ، وَكِتَاب (اللَّمْحَة) ، وَكِتَاب (هيَاكل النُّوْر) ، وَكِتَاب (المعَارج وَالمطَارحَات) ، وَكِتَاب (حِكْمَة الإِشرَاق) ، وَسَائِرهَا لَيْسَتْ مِنْ علُوْم الإِسْلاَم.
وَكَانَ قَدْ قرَأَ عَلَى الْمجد الجِيْلِيّ بِمَرَاغَة، وَكَانَ شَافِعِيّاً، وَيُلَقَّبُ بِالمُؤَيَّد بِالملكوت.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ : وَكَانَ يُتَّهَم بِالانحَلاَل وَالتعطيل، وَيَعتقد مَذْهَب الأَوَائِل اشْتهر ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَفتَى عُلَمَاء حلب بِقَتْلِهِ، وَأَشدُّهُم الزِّين
وَالمجد ابْنَا جَهْبَل.قُلْتُ: أَحْسَنُوا وَأَصَابُوا.
قَالَ المُوَفَّق يَعِيْش النَّحْوِيّ : لمَا تَكلّمُوا فِيْهِ، قَالَ لَهُ تِلْمِيْذه: إِنَّك تَقُوْلُ: النُّبُوَّة مكتسبَة، فَانزح بِنَا.
قَالَ: حَتَّى نَأْكل بِطِّيخ حلب، فَإِنَّ بِي طرفاً مِنَ السّلّ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى قَرْيَة بِهَا بِطِّيخ، فَأَقمنَا أَيَّاماً، فَجَاءَ يَوْماً إِلَى محفرَة لِتُرَاب الرَّأْس، فَحَفَر حَتَّى ظهر لَهُ حصَى، فَدهنَه بِدهن مَعَهُ، وَلفَّه فِي قُطْن، وَحمله فِي وَسطه أَيَّاماً، ثُمَّ ظهر كُلّه يَاقُوْتاً أَحْمَر، فَبَاع مِنْهُ، وَوهب أَصْحَابه، وَلَمَّا قُتِل كَانَ مَعَهُ مِنْهُ.
قُلْتُ: كَانَ أَحْمَق، طيَّاشاً، مُنحلاًّ.
حكَى السَّيْف الآمِدِيّ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لاَ بُدَّ لِي أَنْ أَملك الدُّنْيَا.
قُلْتُ: مَنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّيْ شَرِبت مَاء البَحْر.
قُلْتُ: لَعَلَّ يَكُوْن اشتهَار علمك.
فَلَمْ يَرْجِع عَمَّا فِي نَفْسِهِ، وَوجدته كَثِيْرَ العِلْمِ، قَلِيْل العَقْل، وَلَهُ عِدَّةُ مُصَنَّفَات.
قُلْتُ: قُتِلَ فِي أَوَائِل سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.