الرِّيَاشِيُّ عَبَّاسُ بنُ الفَرَجِ
العَلاَّمَةُ الحَافِظُ، شَيْخُ الأَدبِ، أَبُو الفَضْلِ
الرِّيَاشِيُّ، البَصْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِيِّ الأَمِيْرِ، وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ عبداً لِرَجُلٍ مِنْ جُذَام اسْمُهُ رِيَاش.وُلِدَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ طَائِفَةٍ كَثِيْرَةٍ، وَحملَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَالأَصْمَعِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَأَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَأَشْهلِ بنِ حَاتِمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهبِيِّ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ اليَمَامِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالعَلاَءِ بنِ أَبِي سَوِيَّةَ المِنْقَرِيِّ، وَمُسَدَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: أَبوَ دَاوُدَ كَلاَمَهُ فِي تَفْسِيْر أَسنَانِ الإِبلِ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، وَأَبُو العَبَّاسِ المُبَرِّدُ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمِيرَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ القَاضِي، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو رَوقٍ
الهزَّانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَاوياً لِلأَصْمَعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السّيرَافيُّ: كَانَ الرِّيَاشِيُّ حَافِظاً لِلُّغَةِ وَالشِّعْرِ، كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ عَنِ الأَصْمَعِيِّ.
وَأَخَذَ أَيْضاً عَنْ غَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: المُبَرِّدُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَخْبَارُ الرِّيَاشِيِّ، قَالَ: كُنَّا نرَاهُ يَجِيْءُ إِلَى أَبِي العَبَّاسِ المُبَرِّدِ فِي قَدْمَةٍ قَدمهَا مِنَ البَصْرَةِ، وَقَدْ لَقِيَهُ أَبُو العَبَّاسِ ثعلبٌ، وَكَانَ يُفَضِّلُهُ وَيُقَدِّمُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدِمَ الرِّيَاشِيُّ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ ثِقَةً، وَكَانَ مِنَ الأَدَبِ وَعلمِ النَّحْوِ بِمحَلٍّ عَالٍ.
كَانَ يَحْفَظُ كُتُبَ أَبِي زَيْدٍ، وَكُتُبَ الأَصْمَعِيِّ كُلَّهَا.
وَقَرَأَ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ (كِتَابَ) سِيْبَوَيْه، فَكَانَ المَازِنِيُّ يَقُوْلُ: قَرَأَ عليَّ الرِّيَاشِيُّ (الكِتَابَ) ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قتلتْهُ الزَّنْجُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: لَمَّا كَانَ مِنْ دُخُوْلِ الزَّنْجِ البَصْرَة مَا كَانَ، وَقَتْلِهِم بِهَا مَنْ قَتَلُوا، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ، بَلَغَنَا أَنَّهُم دَخَلُوا عَلَى الرِّيَاشِيِّ المَسْجَدَ بِأَسيَافِهِم، وَالرِّيَاشِيُّ قَائِمٌ يُصَلِّي الضُّحَى، فضربُوهُ
بِالأَسيَافِ، وَقَالُوا: هَاتِ المَالَ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَيُّ مَال، أَيُّ مَال؟!! حَتَّى مَاتَ.فَلَمَّا خرجَتِ الزَّنْجُ عَنِ البَصْرَةِ، دخلنَاهَا، فمررْنَا ببنِي مَازِن الطَّحَّانين - وَهنَاكَ كَانَ يَنْزِلُ الرِّيَاشِيُّ - فَدَخَلْنَا مَسْجِدَهُ، فَإِذَا بِهِ مُلقَىً وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ القِبْلَةِ، كَأَنَّمَا وُجِّهَ إِلَيْهَا.
وَإِذَا بِشَمْلَةٍ تحركُهَا الرِّيْحُ وَقَدْ تمزقَتْ، وَإِذَا جَمِيْعَ خَلْقِهِ صَحِيْحٌ سِوَيٌّ لَمْ ينشَقَّ لَهُ بطنٌ، وَلَمْ يتغيَّرْ لَهُ حَالٌ، إِلاَّ أَنَّ جلدَهُ قَدْ لَصِقَ بِعَظْمِهِ وَيبسَ، وَذَلِكَ بَعْد مقتلِهِ بِسنتينِ -رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: فِتْنَةُ الزَّنْجِ كَانَتْ عَظِيْمَةً، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الشّيَاطينِ الدُّهَاةِ، كَانَ طُرقيّاً أَوْ مُؤَدِّباً، لَهُ نظرٌ فِي الشِّعْرِ وَالأَخْبَارِ، وَيَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ الزَنْدَقَةُ وَالمروقُ، ادَّعَى أَنَّهُ علوِيٌّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، فَالتفَّ عَلَيْهِ قُطَّاعُ طَرِيْقٍ، وَالعَبيدُ السُّودُ مِنْ غلمَانِ أَهْلِ البَصْرَةِ، حَتَّى صَارَ فِي عِدَّةٍ، وَتحيّلُوا وَحَصَّلُوا سُيوفاً وَعِصِيّاً، ثُمَّ ثَارُوا عَلَى أَطرَافِ البلدِ، فَبدَّعُوا وَقَتَّلُوا، وَقَوُوا، وَانضمَّ إِلَيْهِم كُلُّ مجرمٍ، وَاسْتفحلَ الشَّرُّ بِهِم؛ فَسَارَ جَيْشٌ مِنَ العِرَاقِ لحربِهِم، فكسرُوا الجَيْشَ، وَأَخَذُوا البَصْرَةَ، وَاستباحوهَا، وَاشتدَّ الخَطْبُ، وَصَارَ قَائِدُهُمُ الخَبِيْثُ فِي جَيْشٍ وَأُهْبَةٍ كَامِلَةٍ، وَعزمَ عَلَى أَخذِ بَغْدَادَ، وَبنَى لِنَفْسِهِ مَدِيْنَةً عَظِيْمَةً، وَحَارَ الخَلِيْفَةُ المعتمدُ فِي نَفْسِهِ، وَدَام البلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ المَارقِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَابَتْهُ الجُيُوشُ، وَجَرَتْ مَعَهُ مَلاَحِمٌ وَوقَعَاتٌ يطولُ شرحُهَا، قَدْ ذكرَهَا المُؤَرِّخونَ إِلَى أَنْ قُتِلَ.
فَالزَّنْجُ هُمْ عبارَةٌ عَنْ عَبيدِ البَصْرَةِ الَّذِيْنَ ثَارُوا مَعَهُ، لاَ بَارَكَ اللهُ فِيْهِم.
أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا فضلُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِبَغْدَادَ،
أَخْبَرَنَا نصرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجبّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُرْفيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ، سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ هُبَيْرَةَ المَازِنِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْرِمُ أَحَداً كَرَامَتَهُ لِلْعَبَّاسِ.
العَلاَّمَةُ الحَافِظُ، شَيْخُ الأَدبِ، أَبُو الفَضْلِ
الرِّيَاشِيُّ، البَصْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، مَوْلَى مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ العَبَّاسِيِّ الأَمِيْرِ، وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ عبداً لِرَجُلٍ مِنْ جُذَام اسْمُهُ رِيَاش.وُلِدَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ طَائِفَةٍ كَثِيْرَةٍ، وَحملَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَالأَصْمَعِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَأَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَأَشْهلِ بنِ حَاتِمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الوَهبِيِّ، وَعُمَرَ بنِ يُوْنُسَ اليَمَامِيِّ، وَوَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالعَلاَءِ بنِ أَبِي سَوِيَّةَ المِنْقَرِيِّ، وَمُسَدَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: أَبوَ دَاوُدَ كَلاَمَهُ فِي تَفْسِيْر أَسنَانِ الإِبلِ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، وَأَبُو العَبَّاسِ المُبَرِّدُ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمِيرَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ القَاضِي، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو رَوقٍ
الهزَّانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَاوياً لِلأَصْمَعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السّيرَافيُّ: كَانَ الرِّيَاشِيُّ حَافِظاً لِلُّغَةِ وَالشِّعْرِ، كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ عَنِ الأَصْمَعِيِّ.
وَأَخَذَ أَيْضاً عَنْ غَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: المُبَرِّدُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ دُرَيْدٍ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ، وَكَانَ عِنْدَهُ أَخْبَارُ الرِّيَاشِيِّ، قَالَ: كُنَّا نرَاهُ يَجِيْءُ إِلَى أَبِي العَبَّاسِ المُبَرِّدِ فِي قَدْمَةٍ قَدمهَا مِنَ البَصْرَةِ، وَقَدْ لَقِيَهُ أَبُو العَبَّاسِ ثعلبٌ، وَكَانَ يُفَضِّلُهُ وَيُقَدِّمُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَدِمَ الرِّيَاشِيُّ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ ثِقَةً، وَكَانَ مِنَ الأَدَبِ وَعلمِ النَّحْوِ بِمحَلٍّ عَالٍ.
كَانَ يَحْفَظُ كُتُبَ أَبِي زَيْدٍ، وَكُتُبَ الأَصْمَعِيِّ كُلَّهَا.
وَقَرَأَ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ (كِتَابَ) سِيْبَوَيْه، فَكَانَ المَازِنِيُّ يَقُوْلُ: قَرَأَ عليَّ الرِّيَاشِيُّ (الكِتَابَ) ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قتلتْهُ الزَّنْجُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: لَمَّا كَانَ مِنْ دُخُوْلِ الزَّنْجِ البَصْرَة مَا كَانَ، وَقَتْلِهِم بِهَا مَنْ قَتَلُوا، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ، بَلَغَنَا أَنَّهُم دَخَلُوا عَلَى الرِّيَاشِيِّ المَسْجَدَ بِأَسيَافِهِم، وَالرِّيَاشِيُّ قَائِمٌ يُصَلِّي الضُّحَى، فضربُوهُ
بِالأَسيَافِ، وَقَالُوا: هَاتِ المَالَ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: أَيُّ مَال، أَيُّ مَال؟!! حَتَّى مَاتَ.فَلَمَّا خرجَتِ الزَّنْجُ عَنِ البَصْرَةِ، دخلنَاهَا، فمررْنَا ببنِي مَازِن الطَّحَّانين - وَهنَاكَ كَانَ يَنْزِلُ الرِّيَاشِيُّ - فَدَخَلْنَا مَسْجِدَهُ، فَإِذَا بِهِ مُلقَىً وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ القِبْلَةِ، كَأَنَّمَا وُجِّهَ إِلَيْهَا.
وَإِذَا بِشَمْلَةٍ تحركُهَا الرِّيْحُ وَقَدْ تمزقَتْ، وَإِذَا جَمِيْعَ خَلْقِهِ صَحِيْحٌ سِوَيٌّ لَمْ ينشَقَّ لَهُ بطنٌ، وَلَمْ يتغيَّرْ لَهُ حَالٌ، إِلاَّ أَنَّ جلدَهُ قَدْ لَصِقَ بِعَظْمِهِ وَيبسَ، وَذَلِكَ بَعْد مقتلِهِ بِسنتينِ -رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: فِتْنَةُ الزَّنْجِ كَانَتْ عَظِيْمَةً، وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الشّيَاطينِ الدُّهَاةِ، كَانَ طُرقيّاً أَوْ مُؤَدِّباً، لَهُ نظرٌ فِي الشِّعْرِ وَالأَخْبَارِ، وَيَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ الزَنْدَقَةُ وَالمروقُ، ادَّعَى أَنَّهُ علوِيٌّ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، فَالتفَّ عَلَيْهِ قُطَّاعُ طَرِيْقٍ، وَالعَبيدُ السُّودُ مِنْ غلمَانِ أَهْلِ البَصْرَةِ، حَتَّى صَارَ فِي عِدَّةٍ، وَتحيّلُوا وَحَصَّلُوا سُيوفاً وَعِصِيّاً، ثُمَّ ثَارُوا عَلَى أَطرَافِ البلدِ، فَبدَّعُوا وَقَتَّلُوا، وَقَوُوا، وَانضمَّ إِلَيْهِم كُلُّ مجرمٍ، وَاسْتفحلَ الشَّرُّ بِهِم؛ فَسَارَ جَيْشٌ مِنَ العِرَاقِ لحربِهِم، فكسرُوا الجَيْشَ، وَأَخَذُوا البَصْرَةَ، وَاستباحوهَا، وَاشتدَّ الخَطْبُ، وَصَارَ قَائِدُهُمُ الخَبِيْثُ فِي جَيْشٍ وَأُهْبَةٍ كَامِلَةٍ، وَعزمَ عَلَى أَخذِ بَغْدَادَ، وَبنَى لِنَفْسِهِ مَدِيْنَةً عَظِيْمَةً، وَحَارَ الخَلِيْفَةُ المعتمدُ فِي نَفْسِهِ، وَدَام البلاَءُ بِهَذَا الخَبِيْثِ المَارقِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَابَتْهُ الجُيُوشُ، وَجَرَتْ مَعَهُ مَلاَحِمٌ وَوقَعَاتٌ يطولُ شرحُهَا، قَدْ ذكرَهَا المُؤَرِّخونَ إِلَى أَنْ قُتِلَ.
فَالزَّنْجُ هُمْ عبارَةٌ عَنْ عَبيدِ البَصْرَةِ الَّذِيْنَ ثَارُوا مَعَهُ، لاَ بَارَكَ اللهُ فِيْهِم.
أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا فضلُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِبَغْدَادَ،
أَخْبَرَنَا نصرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجبّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُرْفيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ، سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ هُبَيْرَةَ المَازِنِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْرِمُ أَحَداً كَرَامَتَهُ لِلْعَبَّاسِ.