البُوْشَنْجِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفنُوْنَ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُوْسَى العَبْدِيّ، الفَقِيْه، المَالِكِيّ، البُوْشَنْجِيّ، شَيْخ أَهْل الحَدِيْث فِي عصره بِنَيْسَابُوْرَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ شَرقاً وَغرباً، وَلقي الكِبَارَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَسَارَ ذكرُه، وَبَعُدَ صِيتُه.
سَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَروح بن صلاَح، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقيّ، وَمُسَدَّداً، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ الضَّرير، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاء، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيّ، وَسُلَيْمَان بن بِنْت شُرَحْبِيْل، وَمحبوب بن مُوْسَى الأَنْطَاكِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عِمْرَانَ بنِ مِقْلاص، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَطَبَقَتهُم.حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ - وَهُمَا أَكْبَر مِنْهُ - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيد، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم: أَبُو الفوَارِس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ جُمعَة، المتوفَّى بَعْد ابْن نُجَيد بعَام.
قَالَ دَعْلَج: حَدَّثَنِي فَقِيْهٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد بن عَلِيّ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَيْهِم يَوْماً، وَجَلَسَ فِي أُخريَات النَّاس، ثُمَّ إِنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ دَاوُد، فَأُعْجِب بِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّك أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَامَ إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ: قَدْ حضَركُم مَنْ يُفيد وَلاَ يَسْتَفيد.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: شَهدْتُ جَنَازَة الحُسَيْن القَبَّانِيّ، فَصَلَّى بِنَا عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَلَمَّا أَرَادُوا الاَنصرَاف، قُدِّمَتْ دَابَّةُ أَبِي عبد
الله، وَأَخَذَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف بِلِجَامِه، وَأَخذ إمَام الأَئِمَّة بِرِكَابه، وَأَبُو بَكْرٍ الجَارُوديُّ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُسَوِّيَان عَلَيْهِ ثيَابَه، فَلَمْ يمْنَع وَاحِداً مِنْهُم، وَمَضَى.قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: قَالَ لِي البُوْشَنْجِيّ مرَّةً: أَحسنت.
ثُمَّ التفتَ إِلَى أَبِي، وَقَالَ: قُلْتُ لابْنك: أَحسنت، وَلَوْ قُلْتُ: هَذَا لأَبِي عُبَيْدٍ لفَرح بِهِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: تقدَّمْتُ لأُصَافح أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ تَبَرُّكاً بِهِ، فَقَبَض عَنِّي يدَه، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ! لَسْتُ هُنَاكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُزَكِّي: أَخْبَرَنَا البُوْشَنْجِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيّ، عَنْ زُهَيْر بنِ مُحَمَّد، عَنْ صَالِح بن كَيْسَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (البَذَاذَة مِنَ الإِيْمَان ) .
فَقَالَ البُوْشَنْجِيّ: البذَاء خِلاَفُ البَذَاذَة، إِنَّمَا البذَاء: طول
اللِّسَان برمِي الفَواحش وَالبُهْتَان، وَالبَذَاذَة: رثَاثَة الثِّيَاب فِي الْملبس وَالمَفْرَش، تواضعاً عَنْ رَفيع الثِّيَاب وثَمِين الملاَبس وَالمُفْتَرَش، وَهِيَ ملاَبس أَهْل الزُّهْد، يُقَال: فُلاَن بذُّ الهيئَة: رثّ الملبَس.قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ للمُسْتملِي: الزَم لَفظِي، وَخَلاَك ذمّ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ فِي معنَى قَوْل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ ) .
قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمَلَ القُرْآن وَقرأَه، لَمْ تَمَسَّهُ النَّار.
الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَذِكْرُه يَمْلأ الْفَم.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَندرَاوَرْديّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيّ قَاضِي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ وَلاَ أَعْرَبَ، لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا النَّاس، فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه، فَاسْتجلَسَتِ النَّاس، ثُمَّ حَمِدت الله، وَأَثنتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ:أَمَّا بَعْد ... فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط، وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا مِنْهُنَّ، مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّابُوْنَ، عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم فَرْجاً.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم.
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً، وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ.
وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم.
وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر، فَمَا أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص.
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يَزِيْدَ بنِ جَابِر، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ نُحَاس، إِذَا عَطِش، نَزَل، فَشَرِبَ.
ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام حَاضِريهم، تَأْديباً لَهُم، وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم، وَامتحَاناً لأَوهَامهِم، فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وَلَهُ كتب فِي العِلْمِ،
يَقُوْلُ هَذَا، وَالمقسلاَط: مَوْضِعٌ بِدِمَشْقَ بسُوق الدَّقيق، يُرِيْد أَنَّ الصَّنم لاَ يَعْطش، وَلَوْ عَطِش نَزَل فَشرب، فينفِي عَنْهُ النُّزُول وَالعَطَش.قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ قُتَيْبَة بن سَعِيْد، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سُلَيْمٍ يَقُوْلُ: الأَرُزُّ مِنْ طَعَام الكِرَام.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَلَمَّا حَجَجْتُ صَيَّروهُ حَدِيْثاً، فَكَانُوا يَجِيْئون بِبَغْدَادَ، فَيَقُوْلُوْنَ: حَدِيْث الأَرز، حَدِيْث الأَرز.
سَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاء، سَمِعْتُ يُوْسُف بن أَسْبَاط يَقُوْلُ: قَالَ لِي سُفْيَان: إِذَا رَأَيْت القَارِئ يَلُوذ بِالسُّلْطَان، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصُّ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يلوذُ بِالأَغنيَاء فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ، وَإِيَّاك أَنْ تُخْدَع، وَيُقَالُ لَكَ: تردُّ مظلمَةً، وَتدفعُ عَنْ مَظْلُوم، فَإِنَّ هَذِهِ خِدعَةُ إِبليس، اتَّخَذَهَا القُرَّاءُ سُلَّماً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ عِنْدنَا ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَانَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَبِي عَبْدِ اللهِ مِنَ البُخْل بِالعِلْمِ مَا كَانَ، مَا خَرَجتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم وَالفِقْه بِغَيْر أَدبٍ، فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ وَرَسُوْله.
ذكر السُّلَيمَانِيُ الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَقَالَ: أَحَد أَئِمَّة أَصْحَاب مَالِك.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ: كَانَ مقَام أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى اللَّيْثِيَّةِ، فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامُهُم، خَرَجَ إِلَى بُخَارَى، إِلَى حضَرَة الأَمِيْر إِسْمَاعِيْل، فَالتَمَس مِنْهُ - بَعْد أَن أَقَامَ عِنْدَهُ برهَة - أَن يكْتب أَرزَاقه بِنَيْسَابُوْرَ.الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: وَصَلنِي مِنَ اللَّيْثِيَّة سبعُ مائَة أَلْف دِرْهَم.
وَقَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: - وَأَشَار إِلَى ابْنِ خُزَيْمَة -: كيِّسٌ، وَأَنَا لاَ أَقُول ذَا لأَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْثاً فِي (الصَّحِيْحِ) ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
قَالَ ابْنُ الذّهبِيّ فِي (الصَّحِيْحِ ) : حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي تَفْسِيْر سُوْرَة البَقَرَة ، فَإِن لَمْ يَكُنِ البُوْشَنْجِيّ، فَهُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَالأَغلب أَنَّهُ البُوْشَنْجِيّ، لأَنَّ الحَدِيْث بِعَيْنِهِ قَدْ رَوَاهُ الحَاكِم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا مِسْكِيْن بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِد الحَذَّاء، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَر، عَنْ رَجُلٍ، وَهُوَ ابْن عُمَرَ: أَنَّهَا نُسخت: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} الآيَة [الْبَقَرَة: 284] .
الحَاكِم: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ.... فذَكَرَهُ.أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم التَّميم مُدَرِّس الشَّامِيّة، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، وَزَيْنَب بِنْتِ كِنديّ قِرَاءةً عَلَيْهِم، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَزَيْنَب بِنْت أَبِي القَاسِمِ الشَّعرِيّ.
قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعديّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُعزِّ: أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ المُعَلِّم.
وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسرورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ صلاَحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ، تَمَنَّى أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَمَنْ تَكُنْ فِيْهِ أَرْبَعٌ، لَمْ يَضُرَّه مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيْقَةٍ، وَعَفَافٌ، وَصِدْقُ حَدِيْثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ).
حديثٌ غَرِيْبٌ، عَالٍ جِدّاً.وَرَوْحٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ) ، وَبَالَغَ الحَاكِمُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَدْ طوَّلَ الحَاكِمُ تَرْجَمَةَ البُوْشَنْجِيِّ بِفنُوْنٍ مِنَ الفَوَائِدِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ المُحرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلخِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، فدُفنَ مِنَ الغَدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَبُوْشَنْجُ - بِشِينٍ مُعجمَةٍ -: قيَّده أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ: بَلدَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ هَرَاةَ.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُم يَقُوْلُهَا بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ.
بِعَونِهِ تَعَالَى وَتَوفِيقِهِ تَمَّ الجُزءُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ (سِيَرِ أَعلاَمِ النُّبَلاَءِ) ، وَيَلِيهِ الجُزءُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأوَّلُه تَرجَمَةُ: ثَعْلَبٍِ، أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى.
الجُزْءُ الرَّابِعَ عَشَرَ
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ شَرقاً وَغرباً، وَلقي الكِبَارَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَسَارَ ذكرُه، وَبَعُدَ صِيتُه.
سَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَروح بن صلاَح، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقيّ، وَمُسَدَّداً، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ الضَّرير، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاء، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيّ، وَسُلَيْمَان بن بِنْت شُرَحْبِيْل، وَمحبوب بن مُوْسَى الأَنْطَاكِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عِمْرَانَ بنِ مِقْلاص، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَطَبَقَتهُم.حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ - وَهُمَا أَكْبَر مِنْهُ - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيد، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم: أَبُو الفوَارِس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ جُمعَة، المتوفَّى بَعْد ابْن نُجَيد بعَام.
قَالَ دَعْلَج: حَدَّثَنِي فَقِيْهٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد بن عَلِيّ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَيْهِم يَوْماً، وَجَلَسَ فِي أُخريَات النَّاس، ثُمَّ إِنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ دَاوُد، فَأُعْجِب بِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّك أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَامَ إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ: قَدْ حضَركُم مَنْ يُفيد وَلاَ يَسْتَفيد.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: شَهدْتُ جَنَازَة الحُسَيْن القَبَّانِيّ، فَصَلَّى بِنَا عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَلَمَّا أَرَادُوا الاَنصرَاف، قُدِّمَتْ دَابَّةُ أَبِي عبد
الله، وَأَخَذَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف بِلِجَامِه، وَأَخذ إمَام الأَئِمَّة بِرِكَابه، وَأَبُو بَكْرٍ الجَارُوديُّ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُسَوِّيَان عَلَيْهِ ثيَابَه، فَلَمْ يمْنَع وَاحِداً مِنْهُم، وَمَضَى.قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: قَالَ لِي البُوْشَنْجِيّ مرَّةً: أَحسنت.
ثُمَّ التفتَ إِلَى أَبِي، وَقَالَ: قُلْتُ لابْنك: أَحسنت، وَلَوْ قُلْتُ: هَذَا لأَبِي عُبَيْدٍ لفَرح بِهِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: تقدَّمْتُ لأُصَافح أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ تَبَرُّكاً بِهِ، فَقَبَض عَنِّي يدَه، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ! لَسْتُ هُنَاكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُزَكِّي: أَخْبَرَنَا البُوْشَنْجِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيّ، عَنْ زُهَيْر بنِ مُحَمَّد، عَنْ صَالِح بن كَيْسَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (البَذَاذَة مِنَ الإِيْمَان ) .
فَقَالَ البُوْشَنْجِيّ: البذَاء خِلاَفُ البَذَاذَة، إِنَّمَا البذَاء: طول
اللِّسَان برمِي الفَواحش وَالبُهْتَان، وَالبَذَاذَة: رثَاثَة الثِّيَاب فِي الْملبس وَالمَفْرَش، تواضعاً عَنْ رَفيع الثِّيَاب وثَمِين الملاَبس وَالمُفْتَرَش، وَهِيَ ملاَبس أَهْل الزُّهْد، يُقَال: فُلاَن بذُّ الهيئَة: رثّ الملبَس.قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ للمُسْتملِي: الزَم لَفظِي، وَخَلاَك ذمّ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ فِي معنَى قَوْل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ ) .
قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمَلَ القُرْآن وَقرأَه، لَمْ تَمَسَّهُ النَّار.
الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَذِكْرُه يَمْلأ الْفَم.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَندرَاوَرْديّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيّ قَاضِي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ وَلاَ أَعْرَبَ، لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا النَّاس، فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه، فَاسْتجلَسَتِ النَّاس، ثُمَّ حَمِدت الله، وَأَثنتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ:أَمَّا بَعْد ... فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط، وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا مِنْهُنَّ، مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّابُوْنَ، عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم فَرْجاً.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم.
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً، وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ.
وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم.
وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر، فَمَا أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص.
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يَزِيْدَ بنِ جَابِر، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ نُحَاس، إِذَا عَطِش، نَزَل، فَشَرِبَ.
ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام حَاضِريهم، تَأْديباً لَهُم، وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم، وَامتحَاناً لأَوهَامهِم، فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وَلَهُ كتب فِي العِلْمِ،
يَقُوْلُ هَذَا، وَالمقسلاَط: مَوْضِعٌ بِدِمَشْقَ بسُوق الدَّقيق، يُرِيْد أَنَّ الصَّنم لاَ يَعْطش، وَلَوْ عَطِش نَزَل فَشرب، فينفِي عَنْهُ النُّزُول وَالعَطَش.قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ قُتَيْبَة بن سَعِيْد، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سُلَيْمٍ يَقُوْلُ: الأَرُزُّ مِنْ طَعَام الكِرَام.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَلَمَّا حَجَجْتُ صَيَّروهُ حَدِيْثاً، فَكَانُوا يَجِيْئون بِبَغْدَادَ، فَيَقُوْلُوْنَ: حَدِيْث الأَرز، حَدِيْث الأَرز.
سَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاء، سَمِعْتُ يُوْسُف بن أَسْبَاط يَقُوْلُ: قَالَ لِي سُفْيَان: إِذَا رَأَيْت القَارِئ يَلُوذ بِالسُّلْطَان، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصُّ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يلوذُ بِالأَغنيَاء فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ، وَإِيَّاك أَنْ تُخْدَع، وَيُقَالُ لَكَ: تردُّ مظلمَةً، وَتدفعُ عَنْ مَظْلُوم، فَإِنَّ هَذِهِ خِدعَةُ إِبليس، اتَّخَذَهَا القُرَّاءُ سُلَّماً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ عِنْدنَا ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَانَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَبِي عَبْدِ اللهِ مِنَ البُخْل بِالعِلْمِ مَا كَانَ، مَا خَرَجتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم وَالفِقْه بِغَيْر أَدبٍ، فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ وَرَسُوْله.
ذكر السُّلَيمَانِيُ الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَقَالَ: أَحَد أَئِمَّة أَصْحَاب مَالِك.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ: كَانَ مقَام أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى اللَّيْثِيَّةِ، فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامُهُم، خَرَجَ إِلَى بُخَارَى، إِلَى حضَرَة الأَمِيْر إِسْمَاعِيْل، فَالتَمَس مِنْهُ - بَعْد أَن أَقَامَ عِنْدَهُ برهَة - أَن يكْتب أَرزَاقه بِنَيْسَابُوْرَ.الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: وَصَلنِي مِنَ اللَّيْثِيَّة سبعُ مائَة أَلْف دِرْهَم.
وَقَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: - وَأَشَار إِلَى ابْنِ خُزَيْمَة -: كيِّسٌ، وَأَنَا لاَ أَقُول ذَا لأَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْثاً فِي (الصَّحِيْحِ) ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
قَالَ ابْنُ الذّهبِيّ فِي (الصَّحِيْحِ ) : حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي تَفْسِيْر سُوْرَة البَقَرَة ، فَإِن لَمْ يَكُنِ البُوْشَنْجِيّ، فَهُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَالأَغلب أَنَّهُ البُوْشَنْجِيّ، لأَنَّ الحَدِيْث بِعَيْنِهِ قَدْ رَوَاهُ الحَاكِم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا مِسْكِيْن بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِد الحَذَّاء، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَر، عَنْ رَجُلٍ، وَهُوَ ابْن عُمَرَ: أَنَّهَا نُسخت: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} الآيَة [الْبَقَرَة: 284] .
الحَاكِم: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ.... فذَكَرَهُ.أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم التَّميم مُدَرِّس الشَّامِيّة، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، وَزَيْنَب بِنْتِ كِنديّ قِرَاءةً عَلَيْهِم، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَزَيْنَب بِنْت أَبِي القَاسِمِ الشَّعرِيّ.
قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعديّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُعزِّ: أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ المُعَلِّم.
وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسرورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ صلاَحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ، تَمَنَّى أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَمَنْ تَكُنْ فِيْهِ أَرْبَعٌ، لَمْ يَضُرَّه مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيْقَةٍ، وَعَفَافٌ، وَصِدْقُ حَدِيْثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ).
حديثٌ غَرِيْبٌ، عَالٍ جِدّاً.وَرَوْحٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ) ، وَبَالَغَ الحَاكِمُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَدْ طوَّلَ الحَاكِمُ تَرْجَمَةَ البُوْشَنْجِيِّ بِفنُوْنٍ مِنَ الفَوَائِدِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ المُحرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلخِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، فدُفنَ مِنَ الغَدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَبُوْشَنْجُ - بِشِينٍ مُعجمَةٍ -: قيَّده أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ وَقَالَ: بَلدَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ هَرَاةَ.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُم يَقُوْلُهَا بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ.
بِعَونِهِ تَعَالَى وَتَوفِيقِهِ تَمَّ الجُزءُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ (سِيَرِ أَعلاَمِ النُّبَلاَءِ) ، وَيَلِيهِ الجُزءُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأوَّلُه تَرجَمَةُ: ثَعْلَبٍِ، أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى.
الجُزْءُ الرَّابِعَ عَشَرَ