البَغَوِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ
ابْنِ المَرْزُبَانِ بنِ سَابُوْرَ بنِ
شَاهِنْشَاه، الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ الأَصلِ، البَغْدَادِيُّ الدَّارِ وَالمَولِدِ.مَنسُوبٌ إِلَى مَدِيْنَةَ بَغْشُوْرَ مِنْ مَدَائِنِ إِقلِيمِ خُرَاسَانَ، وَهِيَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هَرَاةَ.
كَانَ أَبُوْهُ وَعَمُّه الحَافِظُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْز البَغَوِيُّ مِنْهَا.
وَهُوَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنِيْعٍ نِسبَةً إِلَى جَدِّه لأُمِّهِ الحَافِظِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ البَغَوِيِّ الأَصَمِّ، صَاحِب (المُسْنَدِ) ، وَنَزِيْل بَغْدَادَ، وَمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُمَا.
وُلِدَ أَبُو القَاسِمِ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ، أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
هَكَذَا أَملاَهُ أَبُو القَاسِمِ عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حبَابَةَ البَزَّازِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ جَدِّهِ - يَعْنِي: أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ -.
حَرصَ عَلَيْهِ جَدُّه، وَأَسْمَعَه فِي الصِّغَرِ، بِحَيثُ إِنَّهُ كَتَبَ بِخَطِّه إِمْلاَءً، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَ سِنُّهُ يَوْمَئِذٍ عَشْرَ سِنِيْنَ وَنِصْفاً، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَداً فِي ذَلِكَ العَصْرِ طَلَبَ الحَدِيْثَ وَكَتَبَهُ أَصغَرَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ، فَأَدرَكَ الأَسَانِيدَ العَالِيَةَ، وَحَدَّثهُ جَمَاعَةٌ عَنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيِّ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيِّ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ العَيْشِيِّ، وَحَاجِبِ بنِ الوَلِيْدِ، وَأَبِي الأَحْوَصِ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ البَغَوِيِّ، وَمُحْرِزِ بنِ عَوْنٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَسَّانٍ السَّمْتِيِّ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ
القَوَارِيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِيْنَةَ، وَجَدِّهِ؛ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَعَمْرِو بنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، وَالعَلاَءِ بنِ مُوْسَى البَاهِلِيِّ، وَطَالُوْتَ بنِ عَبَّادٍ الصَّيْرَفِيِّ، وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ، وَقَطَنِ بنِ نُسَيْرٍ الغُبَرِيِّ، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ المَرْوَزِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ نَصْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.حَتَّى إِنَّهُ كَتَبَ عَنْ أَقرَانِهِ.
وَصَنَّفَ كِتَابَ (مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ) وَجَوَّدَه، وَكِتَابَ (الجَعْديَّاتِ ) وَأَتْقَنَهُ.
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أَكْبَرَ شَيْخٍ لَهُ، وَهُوَ ثَبْتٌ فِيْهِ، مُكْثِرٌ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَدعْلَجٌ السِّجْزِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنَكُ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حبَابَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُهَنْدِسِ المِصْرِيُّ - لَقِيَهُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ - وَأَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ ابْنُ زَبْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الشِّيرَازِيُّ - مُحَدِّثُ الأَهْوَازِ - وَالمُعَافَى بنُ زَكَرِيَّا الجَرِيْرِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ بِمِصْرَ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ - وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ إِلَى الغَايَةِ.وَبَقِيَ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَالِ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ عِنْد أَبِي المُنَجَّا بنِ اللَّتِّيِّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ بنِ المُقَيَّرِ، ثُمَّ كَانَ فِي الدَّورِ الآخرِ المُعَمَّرُ شِهَابُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الحَجَّارُ، فَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى حَدِيْثَه عَالِياً بِالسَّمَاعِ، بَلْ وَبِالإِجَازَةِ، كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ، نَعَمْ وَبَعْدَهُ يُمْكِنُ اليَوْمَ أَنْ يُسمَعَ حَدِيْثُه بِعُلُوٍّ بِثَلاَثِ إِجَازَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، لاَ بَلْ بِإِجَازَتَيْنِ، فَإِنَّ عَجِيْبَةَ البَاقدَارِيَّةَ لَهَا إِجَازَةُ هِبَةِ اللهِ بنِ الشِّبْلِيِّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ - هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ - عَنْ سِمَاكٍ، وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَحُصَيْنٍ، كُلِّهِم عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَكُوْنُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيْراً) .
ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفهَمْهُ، فَسَأَلْتُ أَبِي - وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيْثِهِ: فَسَأَلْتُ القَوْمَ، فَقَالُوا: قَالَ: (كُلُّهُم مِنْ قُرَيْشٍ) .هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مِنَ العَوَالِي لَنَا وَلِصَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بِقِرَاءتِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنِّيْ شَيْخٌ كَبِيْرٌ، شَقَّ عَلَيَّ القِيَامُ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ، لَعَلَّ اللهَ يُوَفِّقنِي فِيْهَا لِلَيْلَةِ القَدْرِ.
فَقَالَ: (عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ ) .
قَالَ البَغَوِيُّ: لَفظُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَلاَ أَعْلَمُه رَوَى هَذَا الحَدِيْثَ بِهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرُ مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ العَلَوِيُّ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ المُؤَرِّخُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُظَفَّرِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ القَصَّارُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ.
وَقَالَ
الشَّيْخُ رَشِيْدُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ مَسْلَمَةَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، أَخْبَرَنَا الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَمْرَةَ:سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُم بِالإِيْمَانِ بِاللهِ، قَالَ: (تَدْرُوْنَ مَا الإِيْمَانُ بِاللهِ؟) .
قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ.
قَالَ: (شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الخُمْسَ مِنَ المَغْنَمِ) .
مُتَّفَقٌ عَلَى ثُبُوْتِهِ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ اليُوْنِيْنِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ الحَاكِمُ، وَأَخُوْهُ؛ دَاوُدُ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَةَ، وَعِيْسَى بنُ حَمدٍ، قَالُوا:أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بنُ حَسَّانٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الفَضْلِ بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ) .
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُسَيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، قَالاَ:أَخْبَرَنَا أَبُو المُنْجَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الحَرِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ البُوْشَنْجِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَا وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ مِنْ أَبَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ - أَوْ ذَكَرَ أَكْثَرَ - فَأَخْبَرَنِي حَمْزَةُ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَعَرَضتُهَا عَلَيْهِ، فَمَا عَرَفَ مِنْهَا إِلاَّ اليَسِيْرَ، خَمْسَةً أَوْ سِتَّةَ أَحَادِيْثَ، فَتَرَكتُ الحَدِيْثَ عَنْهُ.
أَخْرَجَهَا: مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ (صَحِيْحِهِ ) ، عَنْ سُوَيْدٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَقَاءٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بَيَانٍ الدَّيْرَمقرِّيُّ، وَخَلْقٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَسْكَرَ، وَنَفِيْسُ بنُ كَرمٍ، وَحَسَنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ اليَمَنِيُّ، قَالُوا جَمِيْعاً:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ مُوْسَى البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الخَيْلُ مَعْقُوْدٌ فِي نَوَاصِيْهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِسنَادُهُ كَالشَّمْسِ وُضُوْحاً.قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يَعْقُوْبَ الأُمَوِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَنِيْعٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ، إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً، وَشَهِدتُ جِنَازَتَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: الأُمَوِيُّ كَذَّبَهُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ: سَمِعْتُ البَغَوِيَّ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَقَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلدتُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَابْنُ شَاهِيْنٍ أَتقَنُ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيِّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: لاَ يُعرَفُ فِي الإِسْلاَمِ مُحَدِّثٌ وَازَى البَغَوِيَّ فِي قِدَمِ السَّمَاعِ.
قُلْتُ: أَمَّا إِلَى وَقتِهِ فَنَعَم، وَأَمَّا بَعْدَهُ، فَاتَّفَقَ ذَلِكَ لِطَائِفَةٍ مِنْهُم:
عَبْدُ الوَاحِد الزُّبَيْرِيُّ - مُسِْنُدُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ - وَلأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَبَالأَمسِ لأَبِي العَبَّاسِ بنِ الشُّحْنَةِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: قَالَ لِي البَغَوِيُّ: مَا خَبَرُ شَيْخِكُم ذَاكَ؟
قُلْتُ: عَنْ أَيِّ الشَّيْخَيْنِ تَسْأَلُ؟
قَالَ: الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْ قُتَيْبَةَ - يَعْنِي: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ -.
قُلْتُ: خَلَّفتُه حَيّاً.
قَالَ: كَمْ عِنْدَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ؟
قُلْتُ:
جُمْلَةٌ.قَالَ: كَمْ عِنْدَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه؟
قُلْتُ: كَثِيْرٌ.
قَالَ: عَمَّنْ كَتَبَ مِنْ مَشَايِخِنَا؟
فَفَكَّرتُ، قُلْتُ: إِنْ ذَكَرتُ لَهُ شَيْخاً، كَتَبَ عَنْهُ يُزْرِي بِهِ.
قُلْتُ: كَتَبَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُسَيَّبِيِّ، وَمَحْفُوْظِ بنِ أَبِي تَوْبَةَ، وَعِيْسَى بنِ مُسَاوِرٍ الجَوْهَرِيِّ.
قَالَ: أَيَّ سَنَةٍ دَخَلَ بَغْدَادَ؟
قُلْتُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ - أَظُنُّ -.
فَاهْتَزَّ لِذَاكَ، وَقَالَ: أَمَرْتُ أَنْ يُثْبِتَ لِي أَسْمَاء مَشَايِخِي الَّذِيْنَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُم غَيْرِي اليَوْمَ، فَبَلَغُوا سَبْعَةً وَثَمَانِيْنَ شَيْخاً.
قَالَ الحَاكِمُ: وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِبَغْدَادَ البَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو اللَّيْثِ الفَرَائِضِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ المَسْرُوْرِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قُلْتُ: عَاشَ البَغَوِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ سِتَّةَ أَعْوَامٍ، وَتَفَرَّدَ عَنْ خَلْقٍ سِوَى مَنْ ذكرَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ غَيْرَ قَوْلِهِ: لَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، فَقُلْنَا: مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ؟
فَقَالَ: الثِّقَةُ وَابْنُ الثِّقَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ يَوْماً ضَيِّقَ الصَّدْرِ، فَخَرَجتُ إِلَى الشَّطِّ، وَقَعَدتُ وَفِي يَدِي جُزْءٌ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ أَنْظُرُ فِيْهِ، فَإِذَا بِمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ، فَقَالَ لِي: أَيْشٍ مَعَكَ؟
قُلْتُ: جُزْءٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِي، فَرَمَاهُ فِي دِجْلَةَ، وَقَالَ: تُرِيْدُ أَنْ تَجمَعَ بَيْنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ!
قُلْتُ: بِئْسَ مَا صَنَعَ مُوْسَى! عَفَا اللهُ عَنْهُ.
وَرَوَيْنَا عَنِ البَغَوِيِّ، قَالَ: حَضَرتُ مَعَ عَمِّي مَجْلِسَ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ الشَّيْبَانِيُّ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي عَلِيٍّ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ جَعْفَرٍ البَزَّازُ، حَدَّثَنِي البَغَوِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ أُوَرِّقُ، فَسَأَلتُ جَدِّي أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ أَنْ يَمْضِيَ مَعِي إِلَى سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، يَسْأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي الجُزْءَ الأَوَّلَ مِنَ المَغَازِي، عَنْ أَبِيْهِ، حَتَّى أُوَرِّقَهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ مَعِي، وَسَأَلَهُ، فَأَعطَانِي، فَأَخَذتُهُ، وَطُفْتُ بِهِ، فَأَوَّلُ مَا بَدَأْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَلِّسٍ، أَرَيتُه الكِتَابَ، وَأَعْلَمتُهُ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقرَأَ المَغَازِي عَلَى الأُمَوِيِّ، فَدَفَعَ إِلَيَّ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَقَالَ: اكتُبْ لِي مِنْهُ نُسْخَةً.
ثُمَّ طُفتُ بَعْدَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِي، فَلَمْ أَزَلْ آخُذُ مِنْ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً وَإِلَى عَشْرَةِ دَنَانِيْرَ وَأَكْثَرَ وَأَقلَّ، إِلَى أَنْ حَصَلَ مَعِي فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مائَتَا دِيْنَارٍ، فَكَتَبتُ نُسَخاً لأَصحَابِهَا بِشَيْءٍ يَسِيْرٍ، وَقَرَأْتُهَا لَهُم، وَاسْتَفْضَلْتُ البَاقِي.
وَبِهِ: إِلَى الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرَبندِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ بنَ أَحْمَدَ الخَطِيْبَ - سِبْطَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيِّ - سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ:
اجتَازَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ بِنَهْرِ طَابَقٍ عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ، فَسَمِعَ صَوْتَ مُسْتَمْلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالُوا: ابْنُ صَاعِدٍ.
قَالَ: ذَاكَ الصَّبِيُّ؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: وَاللهِ لاَ أَبرَحُ حَتَّى أُملِيَ هَا هُنَا.
فَصَعَدَ دَكَّةً، وَجَلَسَ، وَرَآهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَقَامُوا، وَتَرَكُوا ابْنَ صَاعِدٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ المُحَدِّثُونَ، وَحَدَّثَنَا طَالُوْتُ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ المُحَدِّثُونَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ.
فَأَملَى سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً عَنْ سِتَّةَ عَشَرَ شَيْخاً، مَا بَقِيَ مَنْ يَرْوِي عَنْهُم سِوَاهُ.
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ القَصْرِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ الحُسَيْنَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ عَامِرٍ الكُوْفِيَّ يَقُوْلُ:قَدِمَ البَغَوِيُّ إِلَى الكُوْفَةِ، فَاجتَمَعنَا مَعَ ابْنِ عُقْدَةَ إِلَيْهِ لِنَسْمَعَ مِنْهُ، فَسَأَلنَا عَنْهُ، فَقَالَتِ الجَارِيَةُ: قَدْ أَكَلَ سَمَكاً، وَشَرِبَ فُقَّاعاً، وَنَامَ، فَعَجِبَ ابْنُ عُقْدَةَ مِنْ ذَلِكَ لِكِبَرِ سِنِّهِ، ثُمَّ أَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا.
فَقَالَ: يَا أَبَا العَبَّاسِ! حَدَّثَتْنِي أُخْتِي أَنَّهَا كَانَتْ نَازِلَةً فِي بَنِي حِمَّانَ، وَكَانَ فِي المَوْضِعِ طَحَّانٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ لِغُلاَمِه: اصمِدْ أَبَا بَكْرٍ.
فَيَصمِدُ البَغلُ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: اصْمِدْ عُمَرُ.
فَيَصْمِدُ الآخَرُ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُقْدَةَ: يَا أَبَا القَاسِمِ، لاَ تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنْ تَقُولَ فِي أَهْلِ الكُوْفَةِ مَا لَيْسَ فِيْهِم، مَا رَوَى: (خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ) عَنْ عَلِيٍّ إِلاَّ أَهْلُ الكُوْفَةِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ رَوَوُا: أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ إِلاَّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ: يَا أَبَا العَبَّاسِ! لاَ تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَهْلِ الكُوْفَةِ عَلَى أَنْ تَتَقَوَّلُ عَلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخرَجَ الكُتُبَ، وَانبَسَطَ، وَحَدَّثَنَا.
وَبِهِ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بنَ يُوْسُفَ، سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ يَعْقُوْبَ الأَرْدَبِيْلِيَّ يَقُوْلُ:سَأَلتُ أَحْمَدَ بنَ طَاهِرٍ، قُلْتُ: أَيشٍ كَانَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ يَقُوْلُ فِي ابْنِ بِنْتِ مَنِيْعٍ؟
فَقَالَ: أَيشٍ كَانَ يَقُوْلُ ابْنُ بِنْتِ مَنِيْعٍ فِي مُوْسَى بنِ هَارُوْنَ؟
قُلْتُ: كَيْفَ هَذَا؟
قَالَ: لأَنَّه كَانَ يَرْضَى مِنْهُ رَأْساً بِرَأْسٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ :المَحْفُوْظُ عَنْ مُوْسَى تَوثِيقُ البَغَوِيّ، وَثَنَاؤُه عَلَيْهِ، وَمَدحُهُ لَهُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ الأُشْنَانِيُّ: سَأَلتُ مُوْسَى بنَ هَارُوْنَ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، لَوْ جَازَ لإِنْسَانٍ أَنْ يُقَالَ لَهُ: فَوْقَ الثِّقَةِ، لَقِيلَ لَهُ.
قُلْتُ: يَا أَبَا عِمْرَانَ! إِنَّ هَؤُلاَءِ يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ؟
فَقَالَ: يَحسُدُوْنَهُ، سَمِعَ مِنِ ابْنِ عَائِشَةَ وَلَمْ نَسْمَعْ، ابْنُ مَنِيْعٍ لاَ يَقُوْلُ إِلاَّ الحَقَّ.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنِي العَلاَءُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ الأَنْدَلُسِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، قَالَ:
سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ النَّقَّاشَ: تَحْفَظُ شَيْئاً مِمَّا أُخِذَ عَلَى ابْنِ بِنْتِ مَنِيْعٍ؟
فَقَالَ: غَلِطَ فِي حَدِيْثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
حَدَّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الوَاهِب، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ، عَنْهُ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ الوَرَّاقُ بِلِسَانِهِ، وَدَارَ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا القَاسِمِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا يَوْماً، فَعَرَّفَنَا أَنَّهُ غَلِطَ فِيْهِ، وَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ، فَمَرَّتْ يَدُهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ الحِكَايَةُ تَدُلُّ عَلَى تَثَبُّتِ أَبِي القَاسِمِ وَوَرَعِهِ، وَإِلاَّ فَلَوْ كَاشَرَ - وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ - شَيْخه عَلَى سَبِيْلِ التَّدْلِيْسِ مَنْ كَانَ يَمنَعُهُ؟!ثُمَّ قَالَ النَّقَّاشُ: وَرَأَيْتُ فِيْهِ الانْكِسَارَ وَالغَمَّ، وَكَانَ ثِقَةً.
قُلْتُ: مَتْنُ الحَدِيْثِ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُوْنَ الثَّالِثِ إِذَا كَانُوا جَمِيْعاً.
وَرَوَاهُ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الأَرْدَبِيْلِيُّ: سُئِلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ: أَيَدخُلُ فِي الصَّحِيْحِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدَانَ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ: لاَ شَكَّ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الصَّحِيْحِ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنِيْعٍ قَلَّ مَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الحَدِيْثِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ، كَانَ كَلاَمُهُ كَالمِسمَارِ فِي السَّاجِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، جَبَلٌ، إِمَامٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، ثَبْتٌ، أَقَلُّ المَشَايِخِ خَطَأً، وَكَلاَمُهُ فِي
الحَدِيْثِ أَحسَنُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ صَاعِدٍ.ابْنُ الطُّيُوْرِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ المُذْهِبِ، سَمِعْتُ ابْنَ شَاهِيْنٍ، سَمِعْتُ البَغَوِيَّ، وَقَالَ لَهُ مُسْتَمْلِيْهِ: أَرْجُو أَنْ أَسْتَمْلِيَ عَلَيْكَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: قَدْ ضَيَّقتَ عَلَيَّ عُمُرِي، أَنَا رَأَيْتُ رَجُلاً فِي الحَرَمِ لَهُ مائَةٌ وَسِتٌّ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الحَسَنَ وَابْنَ سِيْرِيْنَ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قُلْتُ: كَانَ يَسُرُّ البَغَوِيَّ أَنْ لَوْ قَالَ لَهُ مُسْتَمْلِيْهِ: أَرْجُو أَنْ أَسْتَمْلِيَ عَلَيْكَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (الكَامِلِ ) لَهُ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، وَكَانَ وَرَّاقاً مِنِ ابْتِدَاءِ أَمرِهِ، يُوَرِّقُ عَلَى جَدِّهِ وَعَمِّهِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ يَبِيعَ أَصلَ نَفْسِه كُلَّ وَقتٍ.
وَوَافَيتُ العِرَاقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَهْلُ العِلْمِ وَالمَشَايِخُ مِنْهُم مُجْتَمِعُوْنَ عَلَى ضَعفِهِ، وَكَانُوا زَاهِدِينَ فِي حُضُوْرِ مَجْلِسِهِ، وَمَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِهِ قَطُّ - فِي ذَلِكَ الوَقْتِ - إِلاَّ دُوْنَ العَشرَةِ غُرَباءَ، بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَ بَنُوهُ الغُرَباءَ مَرَّةً بَعْدَ مرَّةٍ حُضُوْرَ مَجْلِسِ أَبِيْهِم، فَيَقرَأُ عَلَيْهِم لَفظاً.
قَالَ: وَكَانَ مُجَّانُهُم يَقُوْلُوْنَ: فِي دَارِ ابْنِ مَنِيْعٍ سَحَرَةٌ تَحمِلُ دَاوُدَ بنَ عُمَرَ الضَّبِّيَّ مِنْ كَثْرَةِ مَا يَرْوِي عَنْهُ، وَمَا عَلِمتُ أَحَداً حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَكْثَرَ مِمَّا حَدَّثَ هُوَ.
قَالَ: وَسَمِعَهُ قَاسِمٌ المَطَرِّزُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ، فَقَالَ: فِي حِرِ أُمِّ مَنْ يَكذِبُ.
وَتَكَلَّمَ فِيْهِ قَوْمٌ، وَنَسَبُوهُ إِلَى الكَذِبِ عِنْدَ عَبْدِ الحَمِيْدِ الوَرَّاقِ، فَقَالَ: هُوَ أَنعَشُ مِنْ أَنْ يَكذِبَ - يَعْنِي: مَا يُحْسِنُ -.
قَالَ: وَكَانَ بَذِيْءَ اللِّسَانِ، يَتَكَلَّمُ فِي الثِّقَاتِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ يَوْمَ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ: أَنَا قَدْ ذَهَبَ بِي
عَمِّي إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ، وَعَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَسَمِعْتُ مِنْهُمَا.قَالَ: وَلَمَّا مَاتَ أَصْحَابُهُ، احْتَمَلَهُ النَّاسُ، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَنَفَقَ عِنْدَهُم، وَمَعَ نِفَاقه وَإِسنَادِه كَانَ مَجْلِسُ ابْنِ صَاعِدٍ أَضعَافَ مَجْلِسِهِ.
قُلْتُ: قَدْ أَسرَفَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَبَالَغَ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُخَرِّجَ حَدِيْثاً غَلِطَ فِيْهِ، سِوَى حَدِيْثَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يَقضِي لَهُ بِالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ؛ لأَنَّه رَوَى أَزيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ لَمْ يَهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ عَطَفَ وَأَنْصَفَ، وَقَالَ:
وَأَبُو القَاسِمِ كَانَ مَعَهُ طَرَفٌ مِنْ مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ، وَمِنْ مَعْرِفَةِ التَّصَانِيْفِ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَاحتَاجُوا إِلَيْهِ، وَقَبِلَهُ النَّاسُ، وَلَوْلاَ أَنِّي شَرَطتُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِيْهِ مُتَكَلِّمٌ ذَكَرْتُهُ - يَعْنِي: فِي (الكَامِلِ) - وَإِلاَّ كُنْتُ لاَ أَذكُرُهُ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ مِنَ العُلَمَاءِ المُعَمَّرِيْنَ، سَمِعَ دَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى، وَطَالُوْتَ بنَ عَبَّادٍ، وَابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَعِنْدَهُ مائَةُ شَيْخٍ لَمْ يُشَارِكْهُ أَحَدٌ فِيهِم، فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الشُّيُوْخِ.
قَالَ: وَهُوَ حَافِظٌ، عَارِفٌ، صَنَّفَ مُسْنَدَ عَمِّهِ؛ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَقَدْ حَسَدُوهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتَكَلَّمُوا فِيْهِ بِشَيْءٍ لاَ يَقْدَحُ فِيْهِ، وَقَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَاكِمَ، سَمِعْتُ البَغَوِيُّ يَقُوْلُ: وَرَّقتُ لأَلْفِ شَيْخٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَيْمَانِيُّ، الحَافِظُ: البَغَوِيُّ يُتَّهَمُ بِسَرِقَةِ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مَرْدُوْدٌ، وَمَا يَتَّهِمُ أَبُو القَاسِمِ أَحَدٌ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ، بَلْ هُوَ ثِقَةٌ مُطلَقاً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الخُطَبِيُّ: مَاتَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ الوَرَّاقُ لَيْلَةَ الفِطْرِ، مِنْ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ يَوْم الفِطْرِ، وَقَدِ اسْتَكمَلَ مائَةَ
سَنَةٍ وَثَلاَثَ سِنِيْنَ وَشَهْراً وَاحِداً.قَالَ الخَطِيْبُ :وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ بَابِ التِّبْنِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: قَدْ سَمِعُوا عَلَيْهِ يَوْم وَفَاتِهِ، فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ - فِي غَالِبِ ظَنِّي - قَالَ:
كُنَّا نَسْمَعُ عَلَى البَغَوِيِّ، وَرَأْسُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسه، وَقَالَ: كَأَنِّيْ بِهِم يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَلاَ يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ مُسْنِدُ الدُّنْيَا.
ثُمَّ مَاتَ عَقِيبَ ذَلِكَ، أَوْ يَوْمَئِذٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: وَهُوَ مِنَ الَّذِيْنَ جَاوَزُوا المائَةَ - بِيَقِينٍ - كَالطَّبَرَانِيِّ، وَالسِّلَفِيِّ، وَقَدْ أَفرَدْتُهُم فِي جُزْءٍ خَتَمْتُهُ بِالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّيْنِ الحَجَّارِ.
وَمَاتَ مَعَ البَغَوِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ: أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الأَشْعَرِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّةِ؛ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ البَرْذَعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ الحِيْرِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَرمِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المَكِّيُّ بِبَغْدَادَ، وَالقَاضِي أَبُو القَاسِمِ بَدْرُ الدِّيْنِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الكُوْفِيُّ، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَكَّةَ الفَرَضِيُّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ؛ الزُّبَيْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ البَصْرِيُّ الزُّبَيْرِيُّ، وَمُحَدِّثُ مِصْرَ؛ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الصَّيْقَلِ عَلاَّنُ، وَالثِّقَةُ أَبُو العَبَّاسِ الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الزُّبَيْدِيُّ - صَاحِبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ - وَالحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ الطُّوْسِيُّ، وَالحَافِظُ الشَّهِيْدُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ الهَرَوِيُّ بِمَكَّةَ، وَمُسْنِدُ مِصْرَ؛ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ الحَضْرَمِيُّ، وَالزَّاهِدُ الوَاعِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ -.
ابْنِ المَرْزُبَانِ بنِ سَابُوْرَ بنِ
شَاهِنْشَاه، الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العَصْرِ، أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ الأَصلِ، البَغْدَادِيُّ الدَّارِ وَالمَولِدِ.مَنسُوبٌ إِلَى مَدِيْنَةَ بَغْشُوْرَ مِنْ مَدَائِنِ إِقلِيمِ خُرَاسَانَ، وَهِيَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هَرَاةَ.
كَانَ أَبُوْهُ وَعَمُّه الحَافِظُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْز البَغَوِيُّ مِنْهَا.
وَهُوَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنِيْعٍ نِسبَةً إِلَى جَدِّه لأُمِّهِ الحَافِظِ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ البَغَوِيِّ الأَصَمِّ، صَاحِب (المُسْنَدِ) ، وَنَزِيْل بَغْدَادَ، وَمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُمَا.
وُلِدَ أَبُو القَاسِمِ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ، أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
هَكَذَا أَملاَهُ أَبُو القَاسِمِ عَلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حبَابَةَ البَزَّازِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ جَدِّهِ - يَعْنِي: أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ -.
حَرصَ عَلَيْهِ جَدُّه، وَأَسْمَعَه فِي الصِّغَرِ، بِحَيثُ إِنَّهُ كَتَبَ بِخَطِّه إِمْلاَءً، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَ سِنُّهُ يَوْمَئِذٍ عَشْرَ سِنِيْنَ وَنِصْفاً، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَداً فِي ذَلِكَ العَصْرِ طَلَبَ الحَدِيْثَ وَكَتَبَهُ أَصغَرَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ، فَأَدرَكَ الأَسَانِيدَ العَالِيَةَ، وَحَدَّثهُ جَمَاعَةٌ عَنْ صِغَارِ التَّابِعِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ الحَارِثِيِّ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيِّ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ العَيْشِيِّ، وَحَاجِبِ بنِ الوَلِيْدِ، وَأَبِي الأَحْوَصِ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ البَغَوِيِّ، وَمُحْرِزِ بنِ عَوْنٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَسَّانٍ السَّمْتِيِّ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ
القَوَارِيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِيْنَةَ، وَجَدِّهِ؛ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَعَمْرِو بنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، وَالعَلاَءِ بنِ مُوْسَى البَاهِلِيِّ، وَطَالُوْتَ بنِ عَبَّادٍ الصَّيْرَفِيِّ، وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ، وَقَطَنِ بنِ نُسَيْرٍ الغُبَرِيِّ، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ المَرْوَزِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ نَصْرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.حَتَّى إِنَّهُ كَتَبَ عَنْ أَقرَانِهِ.
وَصَنَّفَ كِتَابَ (مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ) وَجَوَّدَه، وَكِتَابَ (الجَعْديَّاتِ ) وَأَتْقَنَهُ.
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أَكْبَرَ شَيْخٍ لَهُ، وَهُوَ ثَبْتٌ فِيْهِ، مُكْثِرٌ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَدعْلَجٌ السِّجْزِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنَكُ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حبَابَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُهَنْدِسِ المِصْرِيُّ - لَقِيَهُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ - وَأَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَطَّةَ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيُّ، وَأَبُو
القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ ابْنُ زَبْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الشِّيرَازِيُّ - مُحَدِّثُ الأَهْوَازِ - وَالمُعَافَى بنُ زَكَرِيَّا الجَرِيْرِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ بِمِصْرَ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ - وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ إِلَى الغَايَةِ.وَبَقِيَ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَالِ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ عِنْد أَبِي المُنَجَّا بنِ اللَّتِّيِّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ بنِ المُقَيَّرِ، ثُمَّ كَانَ فِي الدَّورِ الآخرِ المُعَمَّرُ شِهَابُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الحَجَّارُ، فَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ رَوَى حَدِيْثَه عَالِياً بِالسَّمَاعِ، بَلْ وَبِالإِجَازَةِ، كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ، نَعَمْ وَبَعْدَهُ يُمْكِنُ اليَوْمَ أَنْ يُسمَعَ حَدِيْثُه بِعُلُوٍّ بِثَلاَثِ إِجَازَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، لاَ بَلْ بِإِجَازَتَيْنِ، فَإِنَّ عَجِيْبَةَ البَاقدَارِيَّةَ لَهَا إِجَازَةُ هِبَةِ اللهِ بنِ الشِّبْلِيِّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ - هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ - عَنْ سِمَاكٍ، وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَحُصَيْنٍ، كُلِّهِم عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَكُوْنُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيْراً) .
ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفهَمْهُ، فَسَأَلْتُ أَبِي - وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيْثِهِ: فَسَأَلْتُ القَوْمَ، فَقَالُوا: قَالَ: (كُلُّهُم مِنْ قُرَيْشٍ) .هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مِنَ العَوَالِي لَنَا وَلِصَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بِقِرَاءتِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنِّيْ شَيْخٌ كَبِيْرٌ، شَقَّ عَلَيَّ القِيَامُ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ، لَعَلَّ اللهَ يُوَفِّقنِي فِيْهَا لِلَيْلَةِ القَدْرِ.
فَقَالَ: (عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ ) .
قَالَ البَغَوِيُّ: لَفظُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَلاَ أَعْلَمُه رَوَى هَذَا الحَدِيْثَ بِهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرُ مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ العَلَوِيُّ بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ المُؤَرِّخُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الزَّاغُوْنِيِّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّهْرَوَرْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُظَفَّرِ هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ القَصَّارُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ.
وَقَالَ
الشَّيْخُ رَشِيْدُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ مَسْلَمَةَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، أَخْبَرَنَا الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَمْرَةَ:سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُم بِالإِيْمَانِ بِاللهِ، قَالَ: (تَدْرُوْنَ مَا الإِيْمَانُ بِاللهِ؟) .
قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ.
قَالَ: (شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الخُمْسَ مِنَ المَغْنَمِ) .
مُتَّفَقٌ عَلَى ثُبُوْتِهِ.
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ اليُوْنِيْنِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ
بنُ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّحْوِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ الحَاكِمُ، وَأَخُوْهُ؛ دَاوُدُ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ عَبْدِ اللَّطِيْفِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَةَ، وَعِيْسَى بنُ حَمدٍ، قَالُوا:أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بنُ حَسَّانٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الفَضْلِ بِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ) .
أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُسَيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، قَالاَ:أَخْبَرَنَا أَبُو المُنْجَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الحَرِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ البُوْشَنْجِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُسْهِرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَا وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ مِنْ أَبَانِ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ خَمْسَ مائَةِ حَدِيْثٍ - أَوْ ذَكَرَ أَكْثَرَ - فَأَخْبَرَنِي حَمْزَةُ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَعَرَضتُهَا عَلَيْهِ، فَمَا عَرَفَ مِنْهَا إِلاَّ اليَسِيْرَ، خَمْسَةً أَوْ سِتَّةَ أَحَادِيْثَ، فَتَرَكتُ الحَدِيْثَ عَنْهُ.
أَخْرَجَهَا: مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ (صَحِيْحِهِ ) ، عَنْ سُوَيْدٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَقَاءٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بَيَانٍ الدَّيْرَمقرِّيُّ، وَخَلْقٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَسْكَرَ، وَنَفِيْسُ بنُ كَرمٍ، وَحَسَنُ بنُ أَبِي بَكْرٍ اليَمَنِيُّ، قَالُوا جَمِيْعاً:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ مُوْسَى البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الخَيْلُ مَعْقُوْدٌ فِي نَوَاصِيْهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِسنَادُهُ كَالشَّمْسِ وُضُوْحاً.قَالَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يَعْقُوْبَ الأُمَوِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ مَنِيْعٍ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ، إِلاَّ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً، وَشَهِدتُ جِنَازَتَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: الأُمَوِيُّ كَذَّبَهُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ: سَمِعْتُ البَغَوِيَّ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَقَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلدتُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَابْنُ شَاهِيْنٍ أَتقَنُ.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيِّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: لاَ يُعرَفُ فِي الإِسْلاَمِ مُحَدِّثٌ وَازَى البَغَوِيَّ فِي قِدَمِ السَّمَاعِ.
قُلْتُ: أَمَّا إِلَى وَقتِهِ فَنَعَم، وَأَمَّا بَعْدَهُ، فَاتَّفَقَ ذَلِكَ لِطَائِفَةٍ مِنْهُم:
عَبْدُ الوَاحِد الزُّبَيْرِيُّ - مُسِْنُدُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ - وَلأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ، وَبَالأَمسِ لأَبِي العَبَّاسِ بنِ الشُّحْنَةِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: قَالَ لِي البَغَوِيُّ: مَا خَبَرُ شَيْخِكُم ذَاكَ؟
قُلْتُ: عَنْ أَيِّ الشَّيْخَيْنِ تَسْأَلُ؟
قَالَ: الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْ قُتَيْبَةَ - يَعْنِي: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ -.
قُلْتُ: خَلَّفتُه حَيّاً.
قَالَ: كَمْ عِنْدَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ؟
قُلْتُ:
جُمْلَةٌ.قَالَ: كَمْ عِنْدَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه؟
قُلْتُ: كَثِيْرٌ.
قَالَ: عَمَّنْ كَتَبَ مِنْ مَشَايِخِنَا؟
فَفَكَّرتُ، قُلْتُ: إِنْ ذَكَرتُ لَهُ شَيْخاً، كَتَبَ عَنْهُ يُزْرِي بِهِ.
قُلْتُ: كَتَبَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُسَيَّبِيِّ، وَمَحْفُوْظِ بنِ أَبِي تَوْبَةَ، وَعِيْسَى بنِ مُسَاوِرٍ الجَوْهَرِيِّ.
قَالَ: أَيَّ سَنَةٍ دَخَلَ بَغْدَادَ؟
قُلْتُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ - أَظُنُّ -.
فَاهْتَزَّ لِذَاكَ، وَقَالَ: أَمَرْتُ أَنْ يُثْبِتَ لِي أَسْمَاء مَشَايِخِي الَّذِيْنَ لاَ يُحَدِّثُ عَنْهُم غَيْرِي اليَوْمَ، فَبَلَغُوا سَبْعَةً وَثَمَانِيْنَ شَيْخاً.
قَالَ الحَاكِمُ: وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِبَغْدَادَ البَاغَنْدِيُّ، وَأَبُو اللَّيْثِ الفَرَائِضِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ المَسْرُوْرِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قُلْتُ: عَاشَ البَغَوِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ سِتَّةَ أَعْوَامٍ، وَتَفَرَّدَ عَنْ خَلْقٍ سِوَى مَنْ ذكرَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ غَيْرَ قَوْلِهِ: لَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ، فَقُلْنَا: مَا تَقُوْلُ فِي الرَّجُلِ؟
فَقَالَ: الثِّقَةُ وَابْنُ الثِّقَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ يَوْماً ضَيِّقَ الصَّدْرِ، فَخَرَجتُ إِلَى الشَّطِّ، وَقَعَدتُ وَفِي يَدِي جُزْءٌ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ أَنْظُرُ فِيْهِ، فَإِذَا بِمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ، فَقَالَ لِي: أَيْشٍ مَعَكَ؟
قُلْتُ: جُزْءٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِي، فَرَمَاهُ فِي دِجْلَةَ، وَقَالَ: تُرِيْدُ أَنْ تَجمَعَ بَيْنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ!
قُلْتُ: بِئْسَ مَا صَنَعَ مُوْسَى! عَفَا اللهُ عَنْهُ.
وَرَوَيْنَا عَنِ البَغَوِيِّ، قَالَ: حَضَرتُ مَعَ عَمِّي مَجْلِسَ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ الشَّيْبَانِيُّ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي عَلِيٍّ المُعَدَّلُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ جَعْفَرٍ البَزَّازُ، حَدَّثَنِي البَغَوِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ أُوَرِّقُ، فَسَأَلتُ جَدِّي أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ أَنْ يَمْضِيَ مَعِي إِلَى سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأُمَوِيِّ، يَسْأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَنِي الجُزْءَ الأَوَّلَ مِنَ المَغَازِي، عَنْ أَبِيْهِ، حَتَّى أُوَرِّقَهُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ مَعِي، وَسَأَلَهُ، فَأَعطَانِي، فَأَخَذتُهُ، وَطُفْتُ بِهِ، فَأَوَّلُ مَا بَدَأْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَلِّسٍ، أَرَيتُه الكِتَابَ، وَأَعْلَمتُهُ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقرَأَ المَغَازِي عَلَى الأُمَوِيِّ، فَدَفَعَ إِلَيَّ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَقَالَ: اكتُبْ لِي مِنْهُ نُسْخَةً.
ثُمَّ طُفتُ بَعْدَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِي، فَلَمْ أَزَلْ آخُذُ مِنْ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً وَإِلَى عَشْرَةِ دَنَانِيْرَ وَأَكْثَرَ وَأَقلَّ، إِلَى أَنْ حَصَلَ مَعِي فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مائَتَا دِيْنَارٍ، فَكَتَبتُ نُسَخاً لأَصحَابِهَا بِشَيْءٍ يَسِيْرٍ، وَقَرَأْتُهَا لَهُم، وَاسْتَفْضَلْتُ البَاقِي.
وَبِهِ: إِلَى الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرَبندِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ بنَ أَحْمَدَ الخَطِيْبَ - سِبْطَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيِّ - سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ:
اجتَازَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ بِنَهْرِ طَابَقٍ عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ، فَسَمِعَ صَوْتَ مُسْتَمْلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالُوا: ابْنُ صَاعِدٍ.
قَالَ: ذَاكَ الصَّبِيُّ؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: وَاللهِ لاَ أَبرَحُ حَتَّى أُملِيَ هَا هُنَا.
فَصَعَدَ دَكَّةً، وَجَلَسَ، وَرَآهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، فَقَامُوا، وَتَرَكُوا ابْنَ صَاعِدٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ المُحَدِّثُونَ، وَحَدَّثَنَا طَالُوْتُ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ المُحَدِّثُونَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ.
فَأَملَى سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً عَنْ سِتَّةَ عَشَرَ شَيْخاً، مَا بَقِيَ مَنْ يَرْوِي عَنْهُم سِوَاهُ.
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ القَصْرِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ الحُسَيْنَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ عَامِرٍ الكُوْفِيَّ يَقُوْلُ:قَدِمَ البَغَوِيُّ إِلَى الكُوْفَةِ، فَاجتَمَعنَا مَعَ ابْنِ عُقْدَةَ إِلَيْهِ لِنَسْمَعَ مِنْهُ، فَسَأَلنَا عَنْهُ، فَقَالَتِ الجَارِيَةُ: قَدْ أَكَلَ سَمَكاً، وَشَرِبَ فُقَّاعاً، وَنَامَ، فَعَجِبَ ابْنُ عُقْدَةَ مِنْ ذَلِكَ لِكِبَرِ سِنِّهِ، ثُمَّ أَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا.
فَقَالَ: يَا أَبَا العَبَّاسِ! حَدَّثَتْنِي أُخْتِي أَنَّهَا كَانَتْ نَازِلَةً فِي بَنِي حِمَّانَ، وَكَانَ فِي المَوْضِعِ طَحَّانٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ لِغُلاَمِه: اصمِدْ أَبَا بَكْرٍ.
فَيَصمِدُ البَغلُ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: اصْمِدْ عُمَرُ.
فَيَصْمِدُ الآخَرُ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُقْدَةَ: يَا أَبَا القَاسِمِ، لاَ تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنْ تَقُولَ فِي أَهْلِ الكُوْفَةِ مَا لَيْسَ فِيْهِم، مَا رَوَى: (خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ) عَنْ عَلِيٍّ إِلاَّ أَهْلُ الكُوْفَةِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ رَوَوُا: أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ إِلاَّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ: يَا أَبَا العَبَّاسِ! لاَ تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَهْلِ الكُوْفَةِ عَلَى أَنْ تَتَقَوَّلُ عَلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخرَجَ الكُتُبَ، وَانبَسَطَ، وَحَدَّثَنَا.
وَبِهِ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بنَ يُوْسُفَ، سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ يَعْقُوْبَ الأَرْدَبِيْلِيَّ يَقُوْلُ:سَأَلتُ أَحْمَدَ بنَ طَاهِرٍ، قُلْتُ: أَيشٍ كَانَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ يَقُوْلُ فِي ابْنِ بِنْتِ مَنِيْعٍ؟
فَقَالَ: أَيشٍ كَانَ يَقُوْلُ ابْنُ بِنْتِ مَنِيْعٍ فِي مُوْسَى بنِ هَارُوْنَ؟
قُلْتُ: كَيْفَ هَذَا؟
قَالَ: لأَنَّه كَانَ يَرْضَى مِنْهُ رَأْساً بِرَأْسٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ :المَحْفُوْظُ عَنْ مُوْسَى تَوثِيقُ البَغَوِيّ، وَثَنَاؤُه عَلَيْهِ، وَمَدحُهُ لَهُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ الأُشْنَانِيُّ: سَأَلتُ مُوْسَى بنَ هَارُوْنَ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، لَوْ جَازَ لإِنْسَانٍ أَنْ يُقَالَ لَهُ: فَوْقَ الثِّقَةِ، لَقِيلَ لَهُ.
قُلْتُ: يَا أَبَا عِمْرَانَ! إِنَّ هَؤُلاَءِ يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ؟
فَقَالَ: يَحسُدُوْنَهُ، سَمِعَ مِنِ ابْنِ عَائِشَةَ وَلَمْ نَسْمَعْ، ابْنُ مَنِيْعٍ لاَ يَقُوْلُ إِلاَّ الحَقَّ.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنِي العَلاَءُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ الأَنْدَلُسِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، قَالَ:
سَأَلتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ النَّقَّاشَ: تَحْفَظُ شَيْئاً مِمَّا أُخِذَ عَلَى ابْنِ بِنْتِ مَنِيْعٍ؟
فَقَالَ: غَلِطَ فِي حَدِيْثٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
حَدَّثَ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الوَاهِب، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئ، عَنْهُ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ الوَرَّاقُ بِلِسَانِهِ، وَدَارَ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا القَاسِمِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا يَوْماً، فَعَرَّفَنَا أَنَّهُ غَلِطَ فِيْهِ، وَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ، فَمَرَّتْ يَدُهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ الحِكَايَةُ تَدُلُّ عَلَى تَثَبُّتِ أَبِي القَاسِمِ وَوَرَعِهِ، وَإِلاَّ فَلَوْ كَاشَرَ - وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاهِبِ - شَيْخه عَلَى سَبِيْلِ التَّدْلِيْسِ مَنْ كَانَ يَمنَعُهُ؟!ثُمَّ قَالَ النَّقَّاشُ: وَرَأَيْتُ فِيْهِ الانْكِسَارَ وَالغَمَّ، وَكَانَ ثِقَةً.
قُلْتُ: مَتْنُ الحَدِيْثِ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُوْنَ الثَّالِثِ إِذَا كَانُوا جَمِيْعاً.
وَرَوَاهُ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئٍ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الأَرْدَبِيْلِيُّ: سُئِلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ: أَيَدخُلُ فِي الصَّحِيْحِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدَانَ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ: لاَ شَكَّ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الصَّحِيْحِ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنِيْعٍ قَلَّ مَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الحَدِيْثِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ، كَانَ كَلاَمُهُ كَالمِسمَارِ فِي السَّاجِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ البَغَوِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، جَبَلٌ، إِمَامٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، ثَبْتٌ، أَقَلُّ المَشَايِخِ خَطَأً، وَكَلاَمُهُ فِي
الحَدِيْثِ أَحسَنُ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ صَاعِدٍ.ابْنُ الطُّيُوْرِيِّ: سَمِعْتُ ابْنَ المُذْهِبِ، سَمِعْتُ ابْنَ شَاهِيْنٍ، سَمِعْتُ البَغَوِيَّ، وَقَالَ لَهُ مُسْتَمْلِيْهِ: أَرْجُو أَنْ أَسْتَمْلِيَ عَلَيْكَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: قَدْ ضَيَّقتَ عَلَيَّ عُمُرِي، أَنَا رَأَيْتُ رَجُلاً فِي الحَرَمِ لَهُ مائَةٌ وَسِتٌّ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الحَسَنَ وَابْنَ سِيْرِيْنَ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قُلْتُ: كَانَ يَسُرُّ البَغَوِيَّ أَنْ لَوْ قَالَ لَهُ مُسْتَمْلِيْهِ: أَرْجُو أَنْ أَسْتَمْلِيَ عَلَيْكَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (الكَامِلِ ) لَهُ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، وَكَانَ وَرَّاقاً مِنِ ابْتِدَاءِ أَمرِهِ، يُوَرِّقُ عَلَى جَدِّهِ وَعَمِّهِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ يَبِيعَ أَصلَ نَفْسِه كُلَّ وَقتٍ.
وَوَافَيتُ العِرَاقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَهْلُ العِلْمِ وَالمَشَايِخُ مِنْهُم مُجْتَمِعُوْنَ عَلَى ضَعفِهِ، وَكَانُوا زَاهِدِينَ فِي حُضُوْرِ مَجْلِسِهِ، وَمَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِهِ قَطُّ - فِي ذَلِكَ الوَقْتِ - إِلاَّ دُوْنَ العَشرَةِ غُرَباءَ، بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَ بَنُوهُ الغُرَباءَ مَرَّةً بَعْدَ مرَّةٍ حُضُوْرَ مَجْلِسِ أَبِيْهِم، فَيَقرَأُ عَلَيْهِم لَفظاً.
قَالَ: وَكَانَ مُجَّانُهُم يَقُوْلُوْنَ: فِي دَارِ ابْنِ مَنِيْعٍ سَحَرَةٌ تَحمِلُ دَاوُدَ بنَ عُمَرَ الضَّبِّيَّ مِنْ كَثْرَةِ مَا يَرْوِي عَنْهُ، وَمَا عَلِمتُ أَحَداً حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَكْثَرَ مِمَّا حَدَّثَ هُوَ.
قَالَ: وَسَمِعَهُ قَاسِمٌ المَطَرِّزُ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ العَيْشِيُّ، فَقَالَ: فِي حِرِ أُمِّ مَنْ يَكذِبُ.
وَتَكَلَّمَ فِيْهِ قَوْمٌ، وَنَسَبُوهُ إِلَى الكَذِبِ عِنْدَ عَبْدِ الحَمِيْدِ الوَرَّاقِ، فَقَالَ: هُوَ أَنعَشُ مِنْ أَنْ يَكذِبَ - يَعْنِي: مَا يُحْسِنُ -.
قَالَ: وَكَانَ بَذِيْءَ اللِّسَانِ، يَتَكَلَّمُ فِي الثِّقَاتِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ يَوْمَ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ: أَنَا قَدْ ذَهَبَ بِي
عَمِّي إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ، وَعَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَسَمِعْتُ مِنْهُمَا.قَالَ: وَلَمَّا مَاتَ أَصْحَابُهُ، احْتَمَلَهُ النَّاسُ، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَنَفَقَ عِنْدَهُم، وَمَعَ نِفَاقه وَإِسنَادِه كَانَ مَجْلِسُ ابْنِ صَاعِدٍ أَضعَافَ مَجْلِسِهِ.
قُلْتُ: قَدْ أَسرَفَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَبَالَغَ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُخَرِّجَ حَدِيْثاً غَلِطَ فِيْهِ، سِوَى حَدِيْثَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يَقضِي لَهُ بِالحِفْظِ وَالإِتْقَانِ؛ لأَنَّه رَوَى أَزيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ لَمْ يَهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، ثُمَّ عَطَفَ وَأَنْصَفَ، وَقَالَ:
وَأَبُو القَاسِمِ كَانَ مَعَهُ طَرَفٌ مِنْ مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ، وَمِنْ مَعْرِفَةِ التَّصَانِيْفِ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَاحتَاجُوا إِلَيْهِ، وَقَبِلَهُ النَّاسُ، وَلَوْلاَ أَنِّي شَرَطتُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِيْهِ مُتَكَلِّمٌ ذَكَرْتُهُ - يَعْنِي: فِي (الكَامِلِ) - وَإِلاَّ كُنْتُ لاَ أَذكُرُهُ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ مِنَ العُلَمَاءِ المُعَمَّرِيْنَ، سَمِعَ دَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى، وَطَالُوْتَ بنَ عَبَّادٍ، وَابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَعِنْدَهُ مائَةُ شَيْخٍ لَمْ يُشَارِكْهُ أَحَدٌ فِيهِم، فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الشُّيُوْخِ.
قَالَ: وَهُوَ حَافِظٌ، عَارِفٌ، صَنَّفَ مُسْنَدَ عَمِّهِ؛ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَقَدْ حَسَدُوهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتَكَلَّمُوا فِيْهِ بِشَيْءٍ لاَ يَقْدَحُ فِيْهِ، وَقَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَاكِمَ، سَمِعْتُ البَغَوِيُّ يَقُوْلُ: وَرَّقتُ لأَلْفِ شَيْخٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَيْمَانِيُّ، الحَافِظُ: البَغَوِيُّ يُتَّهَمُ بِسَرِقَةِ الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مَرْدُوْدٌ، وَمَا يَتَّهِمُ أَبُو القَاسِمِ أَحَدٌ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ، بَلْ هُوَ ثِقَةٌ مُطلَقاً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الخُطَبِيُّ: مَاتَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ الوَرَّاقُ لَيْلَةَ الفِطْرِ، مِنْ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ يَوْم الفِطْرِ، وَقَدِ اسْتَكمَلَ مائَةَ
سَنَةٍ وَثَلاَثَ سِنِيْنَ وَشَهْراً وَاحِداً.قَالَ الخَطِيْبُ :وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ بَابِ التِّبْنِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: قَدْ سَمِعُوا عَلَيْهِ يَوْم وَفَاتِهِ، فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي شُرَيْحٍ - فِي غَالِبِ ظَنِّي - قَالَ:
كُنَّا نَسْمَعُ عَلَى البَغَوِيِّ، وَرَأْسُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسه، وَقَالَ: كَأَنِّيْ بِهِم يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَلاَ يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ مُسْنِدُ الدُّنْيَا.
ثُمَّ مَاتَ عَقِيبَ ذَلِكَ، أَوْ يَوْمَئِذٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: وَهُوَ مِنَ الَّذِيْنَ جَاوَزُوا المائَةَ - بِيَقِينٍ - كَالطَّبَرَانِيِّ، وَالسِّلَفِيِّ، وَقَدْ أَفرَدْتُهُم فِي جُزْءٍ خَتَمْتُهُ بِالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّيْنِ الحَجَّارِ.
وَمَاتَ مَعَ البَغَوِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ: أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الأَشْعَرِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّةِ؛ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ البَرْذَعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ الحِيْرِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَرمِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المَكِّيُّ بِبَغْدَادَ، وَالقَاضِي أَبُو القَاسِمِ بَدْرُ الدِّيْنِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الكُوْفِيُّ، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَكَّةَ الفَرَضِيُّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ؛ الزُّبَيْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ البَصْرِيُّ الزُّبَيْرِيُّ، وَمُحَدِّثُ مِصْرَ؛ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ الصَّيْقَلِ عَلاَّنُ، وَالثِّقَةُ أَبُو العَبَّاسِ الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الزُّبَيْدِيُّ - صَاحِبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ - وَالحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ الطُّوْسِيُّ، وَالحَافِظُ الشَّهِيْدُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ الهَرَوِيُّ بِمَكَّةَ، وَمُسْنِدُ مِصْرَ؛ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
زَبَّانَ بنِ حَبِيْبٍ الحَضْرَمِيُّ، وَالزَّاهِدُ الوَاعِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ البَلْخِيُّ - خَاتِمَةُ أَصْحَابِ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ -.