البَابُ أَبُو القَاسِمِ حُسَيْنُ بنُ رَوْحِ بنِ بَحْرٍ
كَبِيْر الإِمَامِيَة، وَمَنْ كَانَ أَحَدَ الأَبْوَابِ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان الْمُنْتَظر، الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو القَاسِم حُسَيْنُ بنُ رَوْح بن بَحْر القَيْنِي.
قَالَ ابْنُ أَبِي طَيّ فِي (تَارِيْخِهِ ) :نصَّ عَلَيْهِ بِالنِّيَابَة أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العُمَرِيُّ، وَجَعَلَه مِنْ أَوَّلِ مَنْ يدْخُلُ حِيْنَ جَعَلَ الشِّيْعَة طبقَاتٍ.
قَالَ: وَقَدْ خَرَجَ عَلَى يَدَيْهِ توَاقيعُ كَثِيْرَةٌ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ صَارَتِ النِّيَابَةُ إِلَى حُسَيْنٍ هَذَا، فَجَلَسَ فِي الدَّارِ، وَحَفَّ بِهِ الشِّيْعَةُ، فَخَرَجَ ذكَاء الخَادِمُ، وَمَعَهُ عكازَة، وَمُدَرَّج وَحُقَّه، وَقَالَ لَهُ:إِن مولاَنَا قَالَ: إِذَا دَفَنَنِي أَبُو القَاسِمِ حُسَيْنٌ، وَجَلَسَ، فَسُلِّمَ إِلَيْهِ هَذَا، وَإِذَا فِي الحُقِّ خَوَاتِيمُ الأَئِمَّة.
ثُمَّ قَامَ وَمَعَهُ طَائِفَة فَدَخَلَ دَارَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيِّ، وَكَثُرَتْ غَاشِيَتُهُ حَتَّى كَانَ الأُمَرَاء وَالوزرَاء يَرْكَبُوْنَ إِلَيْهِ وَالأَعيَانُ، وَتوَاصَفَ النَّاسُ عَقْلَهُ وَفَهْمه.
فَرَوَى: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الإِيَادِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: شَاهَدْتُهُ يَوْماً، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو عُمَرَ القَاضِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ: صوَابُ الرَّأْي عِنْد المُشْفِق عِبْرَةٌ عِنْد المتورِّط، فَلاَ يَفْعَل القَاضِي مَا عَزَمَ عَلَيْهِ، فرَأَيْتُ أَبَا عُمَرَ قَدْ نَظَر إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكَ مَا عرفتَه، فمسأَلتِي مِنْ أَيْنَ لَكَ؟ فضولٌ، وَإِنْ كُنْت لَم تَعْرِفْه، فَقَدْ ظَفِرْتَ بِي.
قَالَ: فَقَبَضَ أَبُو عُمَرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَالَ: لاَ بَلْ وَاللهِ أُؤخِّرك ليومِي أَوْ لِغَدِي.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ أَبُو القَاسِمِ: مَا رَأَيْتُ محجوجاً قَطُّ يلقَى البرهَانَ بنفَاقٍ مِثْلَ هَذَا، كَاشَفْتُه بِمَا لمَ أكَاشفُ بِهِ غَيْرَه.
وَلَمْ يَزَلْ أَبُو القَاسِمِ وَافرَ الحُرْمَة إِلَى أَنْ وَزر حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، فجَرَت لَهُ مَعَهُ خُطُوبٌ يطولُ شَرْحُهَا.
ثمَّ سَرَدَ ابْن أَبِي طَيّ تَرْجَمَتَه فِي أَورَاقٍ، وَكَيْفَ أُخِذَ وَسُجِنَ خَمْسَةَ
أَعْوَامٍ، وَكَيْفَ أُطْلِقَ وَقْتَ خَلْعِ المُقْتَدِرِ، فَلَمَّا أَعَادُوهُ إِلَى الخِلاَفَةِ، شَاوَروهُ فِيْهِ، فَقَالَ: دعُوهُ فَبخطّيِتهِ أُوذِيْنَا.وَبقيت حُرْمَتُهُ عَلَى مَا كَانَتْ إِلَى أَنْ مَاتَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ كَادَ أَمرُهُ أَنْ يظْهر.
قُلْتُ: وَلَكِنْ كفَى اللهُ شرَّه، فَقَدْ كَانَ مُضْمِراً لشَقِّ العَصَا.
وَقِيْلَ: كَانَ يُكَاتِبُ القَرَامِطَة ليقْدمُوا بَغْدَادَ وَيحَاصِروهَا.
وَكَانَتِ الإِمَامِيَّة تَبْذُل لَهُ الأَمْوَالَ، وَلَهُ تَلَطُّفٌ فِي الذَبِّ عَنْهُ، وَعبارَاتٌ بليغَة، تَدُلُّ عَلَى فَصَاحتِهِ وَكمَال عَقْلِهِ.
وَكَانَ مُفْتِي الرَّافِضَة وَقُدوتهَم، وَلَهُ جلاَلَة عَجيبَة.
وَهُوَ الَّذِي ردَّ عَلَى الشَّلْمَغَانِيِّ لمَّا عَلِمَ انحلاَله.
كَبِيْر الإِمَامِيَة، وَمَنْ كَانَ أَحَدَ الأَبْوَابِ إِلَى صَاحِبِ الزَّمَان الْمُنْتَظر، الشَّيْخُ الصَّالِحُ أَبُو القَاسِم حُسَيْنُ بنُ رَوْح بن بَحْر القَيْنِي.
قَالَ ابْنُ أَبِي طَيّ فِي (تَارِيْخِهِ ) :نصَّ عَلَيْهِ بِالنِّيَابَة أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العُمَرِيُّ، وَجَعَلَه مِنْ أَوَّلِ مَنْ يدْخُلُ حِيْنَ جَعَلَ الشِّيْعَة طبقَاتٍ.
قَالَ: وَقَدْ خَرَجَ عَلَى يَدَيْهِ توَاقيعُ كَثِيْرَةٌ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو جَعْفَرٍ صَارَتِ النِّيَابَةُ إِلَى حُسَيْنٍ هَذَا، فَجَلَسَ فِي الدَّارِ، وَحَفَّ بِهِ الشِّيْعَةُ، فَخَرَجَ ذكَاء الخَادِمُ، وَمَعَهُ عكازَة، وَمُدَرَّج وَحُقَّه، وَقَالَ لَهُ:إِن مولاَنَا قَالَ: إِذَا دَفَنَنِي أَبُو القَاسِمِ حُسَيْنٌ، وَجَلَسَ، فَسُلِّمَ إِلَيْهِ هَذَا، وَإِذَا فِي الحُقِّ خَوَاتِيمُ الأَئِمَّة.
ثُمَّ قَامَ وَمَعَهُ طَائِفَة فَدَخَلَ دَارَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيِّ، وَكَثُرَتْ غَاشِيَتُهُ حَتَّى كَانَ الأُمَرَاء وَالوزرَاء يَرْكَبُوْنَ إِلَيْهِ وَالأَعيَانُ، وَتوَاصَفَ النَّاسُ عَقْلَهُ وَفَهْمه.
فَرَوَى: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الإِيَادِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: شَاهَدْتُهُ يَوْماً، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو عُمَرَ القَاضِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ: صوَابُ الرَّأْي عِنْد المُشْفِق عِبْرَةٌ عِنْد المتورِّط، فَلاَ يَفْعَل القَاضِي مَا عَزَمَ عَلَيْهِ، فرَأَيْتُ أَبَا عُمَرَ قَدْ نَظَر إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ قُلْتُ لَكَ مَا عرفتَه، فمسأَلتِي مِنْ أَيْنَ لَكَ؟ فضولٌ، وَإِنْ كُنْت لَم تَعْرِفْه، فَقَدْ ظَفِرْتَ بِي.
قَالَ: فَقَبَضَ أَبُو عُمَرَ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَالَ: لاَ بَلْ وَاللهِ أُؤخِّرك ليومِي أَوْ لِغَدِي.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ أَبُو القَاسِمِ: مَا رَأَيْتُ محجوجاً قَطُّ يلقَى البرهَانَ بنفَاقٍ مِثْلَ هَذَا، كَاشَفْتُه بِمَا لمَ أكَاشفُ بِهِ غَيْرَه.
وَلَمْ يَزَلْ أَبُو القَاسِمِ وَافرَ الحُرْمَة إِلَى أَنْ وَزر حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، فجَرَت لَهُ مَعَهُ خُطُوبٌ يطولُ شَرْحُهَا.
ثمَّ سَرَدَ ابْن أَبِي طَيّ تَرْجَمَتَه فِي أَورَاقٍ، وَكَيْفَ أُخِذَ وَسُجِنَ خَمْسَةَ
أَعْوَامٍ، وَكَيْفَ أُطْلِقَ وَقْتَ خَلْعِ المُقْتَدِرِ، فَلَمَّا أَعَادُوهُ إِلَى الخِلاَفَةِ، شَاوَروهُ فِيْهِ، فَقَالَ: دعُوهُ فَبخطّيِتهِ أُوذِيْنَا.وَبقيت حُرْمَتُهُ عَلَى مَا كَانَتْ إِلَى أَنْ مَاتَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ كَادَ أَمرُهُ أَنْ يظْهر.
قُلْتُ: وَلَكِنْ كفَى اللهُ شرَّه، فَقَدْ كَانَ مُضْمِراً لشَقِّ العَصَا.
وَقِيْلَ: كَانَ يُكَاتِبُ القَرَامِطَة ليقْدمُوا بَغْدَادَ وَيحَاصِروهَا.
وَكَانَتِ الإِمَامِيَّة تَبْذُل لَهُ الأَمْوَالَ، وَلَهُ تَلَطُّفٌ فِي الذَبِّ عَنْهُ، وَعبارَاتٌ بليغَة، تَدُلُّ عَلَى فَصَاحتِهِ وَكمَال عَقْلِهِ.
وَكَانَ مُفْتِي الرَّافِضَة وَقُدوتهَم، وَلَهُ جلاَلَة عَجيبَة.
وَهُوَ الَّذِي ردَّ عَلَى الشَّلْمَغَانِيِّ لمَّا عَلِمَ انحلاَله.