Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=158392#ada4c7
ابْنُ مَنْدَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، مُحَدِّثُ الإِسْلاَم، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ المُحَدِّثِ أَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ ابْنِ الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
مَنْدَةَ - وَاسمُ مَنْدَةَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سَنْدَةَ بنِ بطَّةَ بنِ أُسْتَنْدَارَ بنِ جِهَارَ بُخْتَ، وَقِيْلَ: إِنَّ اسْمَ أُسْتَنْدَار هَذَا: فَيْرُزَانُ، وَهُوَ الَّذِي أَسلَمَ حِيْنَ افتَتَحَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَهَانَ، وَوَلاَؤُهُ لِعَبْدِ القَيسِ، وَكَانَ مَجُوْسِيّاً فَأَسْلَمَ، وَنَابَ عَلَى بَعْضِ أَعمَالِ أَصْبَهَانَ - العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ.
وَأَوّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيهِ، وَعمِّ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يَحْيَى بنِ مَنْدَة، وَمُحَمَّدِ بن القَاسِمِ بنِ كُوْفِيٍّ الكَرَّانِي، وَمُحَمَّدِ بن عُمَرَ بنِ حَفْص، وَعَبْدِ اللهِ بن يَعْقُوْبَ بن إِسْحَاقَ الكَرْمَانِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ النَّضْرِ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ -، وَعَبْدِ اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ، وَمُحَمَّدِ بن حَمْزَةَ بن عُمَارَةَ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَكِيْم، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اللُّنْبَانِيِّ، وَخَلْقٍ بِأَصْبَهَانَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ وَطَبَقَتِه بِمَكَّةَ، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى العَلَوِيِّ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَحْمَدَ بن زَكَرِيَّا المَقْدِسِيِّ، وَعِدَّةٍ ببَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ القَطَّانِ، وَأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ المَيْدَانِيِّ، وَحَاجِبِ بن أَحْمَدَ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَمِ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ عُمَرَ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ قُوْهيَار، وَأَبِي عُثْمَانَ عَمْرِو بن عَبْدِ اللهِ
البَصْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم بِنَيْسَابُوْرَ، ارْتَحَلَ إِلَيْهَا أَوَّلاً وَعُمرُهُ تِسْعَ عشرَةَ سَنَة، وَسَمِعَ بِهَا نَحْواً مِنْ خَمْسِ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْث.وَسَمِعَ بِبُخَارَى مِنَ الهَيْثَم بن كُلَيْب الشَّاشِي، وَطَائِفَة، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ البَخْتَرِيِّ الرَّزَّاز وَطَبَقَتِهِمَا، وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ أَبِي الطَّاهِرِ أَحْمَد بن عَمْرٍو المَدِيْنِيّ، وَالحَسَنِ بن يُوْسُفَ الطَّرَائِفِيّ، وَأَحْمَد بن بُهزَادَ الفَارِسِيِّ وَأَقرَانِهم، وَبِسَرخسَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَل، وَبِمَرْوَ مِنْ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوْب وَنُظَرَائِهِ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ سِنَان القَنْطَرِي، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بنِ هِشَام، وَابْن أَبِي الْعقب، وَخَلْق.
وَبِطَرَابُلُس خَيْثَمَة بن سُلَيْمَانَ القُرَشِيّ، وَبحِمْص الحَسَن بن مَنْصُوْرٍ الإِمَام، وَبِتِنِّيس عُثْمَان بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِي، وَبغَزَّةَ عَلِيّ بن العَبَّاسِ الغَزِّي، وَسَمِعَ مِنْ خلقٍ سِوَاهُم بِمدَائِنَ كَثِيْرَة.
وَلَمْ أَعلم أَحداً كَانَ أَوسعَ رِحلةً مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَر حَدِيْثاً مِنْهُ مَعَ الحِفْظ وَالثِّقَة، فَبَلَغَنَا أَنَّ عِدَّة شُيُوْخه أَلفٌ وَسَبْعُ مائَةِ شَيْخٍ.
وَيَرْوِي بِالإِجَازَةِ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَالفَضْلِ بن الحَصِيبِ، وَطَائِفَةٍ أَجَازوا لَهُ بِاعتنَاءِ أَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْته، وَلَمْ يُعمَّر كَثِيْراً، بَلْ عَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَأَخَذَ عَنْ أَئِمَّة الحُفَّاظِ: كَأَبِي أَحْمَدَ العسَّال، وَأَبِي حَاتِمٍ بن حِبَّانَ، وَأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَأَمثَالِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحافَّظُ أَبُو الشَّيْخ - أَحَدُ شُيُوْخهِ -، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَار، وَأَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ، وَتَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بنُ أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الرَّازِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ البَقَّالُ، وَأَبُو طَاهِرٍ عُمَرُ بن مُحَمَّدٍ المُؤَدِّب، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ المُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّارُ الزَّاهِد، وَأَبُو الفَتْحِ طَاهِرُ بنُ مَمُّويه، وَأَبُو الحَسَنِ عَدنَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُؤَذِّن، وَأَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ، وَحَمْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ وَلْكيزَ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المَرْزُبَانِ المُقْرِئُ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ التَّاجِرُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُقْبَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسلمٍ الصَّبَّاغُ الأَعْرَجُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَاذه الثَّقَفِيُّ الوَاعِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ شُجَاعٍ المَصْقَلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ سِبْطُ الصَّالِحَانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ النّقَّاشُ، وَحَمْدُ بنُ مُحَمَّدٍ العسَّال، وَزِيَادُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادالبَقَّالُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَسْنَاباذِيُّ، وَشَيْبَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ البُرْجِيُّ الوَاعِظ، وَطَلْحَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَهْرَامَ القَصَّار، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زُفَرَ الدَّلاَّلُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المُعَلِّم، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بن سَلْهَب، وَأَخُوْهُ عُمَرُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّان، وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ الأَعمَى، وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ النَّجَّاد، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ البَقَّالُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَسِيدٍ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بن عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الطِّهْرَانِيّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ يَنَالَ الشَّاعِر، وَأَبُو طَاهِرٍ مُنتجِعُ بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيّ، وَالمُطَهَّرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البُزَانِيُّ، وَكَرِيْمَةُ بِنْت أَبِي سَعْدٍ التَّمِيْمِيُّ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ الحَسَنِ الوَركَانيَّةُ - مِنْ شُيُوْخ الخلاَّل -،
وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبُّوْيَه الخَيَّاطُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَعْدَانِي، وَأَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ وَرْقَاءَ، وَشُجَاعٌ المَصْقَلِي، وَخَلْقٌ، وَأَوْلاَدُه؛ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَإِسْحَاقُ.قَالَ البَاطِرْقَانِيُّ :حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة إِمَامُ الأَئِمَّة فِي الحَدِيْثِ لقَّاهُ اللهُ رِضْوَانَه.
وَقَالَ الحَاكِمُ: التَقَينَا بِبُخَارَى فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ زَادَ زِيَادَةً ظَاهِرَةً، ثُمَّ جَاءنَا إِلَى نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ ذَاهباً إِلَى وَطَنِه، فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ: بَنو مَنْدَةَ أَعلاَمُ الحُفَّاظِ فِي الدُّنْيَا قَدِيْماً وَحديثاً، أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى قَريحَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ؟
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ الحَافِظَ ذُكر لَهُ ابْنُ مَنْدَة، فَقَالَ: كَانَ جبلاً مِنَ الجِبَالِ، فَهَذَا يَقُوْلُه أَبُو نُعَيْمٍ مَعَ الوَحشةِ الشديدَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهل: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَة يَقُوْلُ:لاَ يُخرِّجُ الصَّحِيْحَ إِلاَّ مَنْ يَنزِلُ فِي الإِسْنَاد أَوْ يَكذب - يَعْنِي أَنَّ المَشَايِخ المُتَأَخِّرين لاَ يبلغُونَ فِي الإِتْقَان رُتْبَة الصّحَّة، فيقعُ فِي الكذبِ الحَافِظُ إِن خَرَّجَ عَنْهُم وَسَمَّاهُ صَحِيْحاً، أَوْ يَرْوِي الحَدِيْثَ بِنزُولِ درجَةٍ وَدرجتينِ -.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ مَنْدَةَ إِذَا قِيْلَ لَهُ: فَاتَكَ سَمَاعُ كَذَا وَكَذَا، يَقُوْلُ: مَا فَاتَنَا مِنَ البَصْرَة أَكْثَرُ.
قُلْتُ: مَا دَخَلَ البَصْرَةَ، فَإِنَّهُ ارْتَحَلَ إِلَيْهَا إِلَى مُسنِدِهَا عَلِيِّ بنِ إِسْحَاقَ المَادَرَائِيِّ، فَبلغه مَوْتُه قَبْل وُصولِه إِلَيْهَا، فَحزِنَ وَرَجَعَ.
وَمن تَصَانِيْفِه: كِتَابُ (الإِيْمَان) ، كِتَابُ (التَّوحيد ) ، كِتَابُ (الصِّفَاتِ) ، كِتَابُ (التَّارِيْخِ) كَبِيْر جِدّاً، كِتَابُ (مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ ) ، كِتَابُ (الكُنَى ) ، وَأَشْيَاءُ كَثِيْرَة.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: لابْنِ مَنْدَةَ فِي كِتَاب (مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ) أَوهَامٌ كَثِيْرَة.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي (تَاريخِ أَصْبَهَان) :ابْنُ مَنْدَة حَافِظٌ مِنْ أَولاَد
المُحَدِّثِيْنَ، اخْتَلَط فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَحَدَّث عَنِ ابْنِ أَسِيد، وَابْن أَخِي أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيّ، وَابنِ الجَارُوْدِ بَعْدَ أَنْ سُمِعَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ عَنْهُم إِجَازَةً، وَتَخَبَّط فِي أَمَاليه، وَنسبَ إِلَى جَمَاعَةٍ أَقوَالاً فِي المُعتقدَاتِ لَمْ يُعرفُوا بِهَا - نَسْأَلُ اللهَ السترَ وَالصِّيَانَة -.قُلْتُ: لاَ نعبأُ بِقَولكَ فِي خَصمكَ للعدواةِ السَّائِرَة، كَمَا لاَ نَسْمَعُ أَيْضاً قَوْلَه فِيك، فَلَقَدْ رَأَيْتُ لاِبْنِ مَنْدَة حَطّاً مُقذِعاً عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ وَتَبْدِيْعاً، وَمَا لاَ أُحِبُّ ذِكرَهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَصدوقٌ فِي نَفْسِهِ، غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي نَقلِهِ بِحمدِ الله.
قَالَ أَحْمَدُ البَاطِرْقَانِي: كتبَ إِمَامُ دَهْره أَبُو أَحْمَدَ العسَّال إِلَى ابْنِ مَنْدَة وَهُوَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي حَدِيْثٍ أَشكَلَ عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُ بِإِيضَاحِه، وَبيَان علّته.
وَنقل غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بن حَمْزَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة.
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، عَنْ زَاهِرِ بن أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ: أَنَّ وَالدَه كتب عَنْ أَرْبَعَة مَشَايِخَ أَرْبَعَةَ آلاَفِ جُزءٍ، وَهُم: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَخَيْثَمَةُ الأَطْرَابُلُسِيُّ، وَالهَيْثَم الشَّاشِيُّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كتبتُ عَنْ أَلفٍ وَسَبْعِ مائَة نَفْس.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفرِي: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة، سأَلتُه يَوْماً: كم تكُونُ سَمَاعَاتُ الشَّيْخ؟فَقَالَ: تَكُون خَمْسَةَ آلاَف مَنٍّ.
قُلْتُ: يَكُون المَنُّ نَحْواً مِنْ مُجلَّدينِ، أَوْ مُجَلَّداً كَبِيْراً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الحَافِظ: كتبتُ عَنْ أَزيدَ مِنْ أَلفِ شَيْخٍ، مَا فِيْهِم أَحفظُ مِنِ ابْنِ مَنْدَة.
وَقَالَ شَيْخُ هَرَاةَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ :أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ.
وَأَنبؤونَا عَنْ زَاهِرٍ الثَّقَفيِّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ الخلاَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَوَارِس العَنْبَرِيّ، سَمِعَ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بن الحُسَيْنِ الإِسكَافَ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ثَلاَثِيْنَ أَلفَ شَيْخٍ، فَعشرَةُ آلاَفٍ مِمَّنْ أَرْوِي عَنْهُم وَأَقتدِي بِهِم، وَعشرَةُ آلاَفٍ أَرْوِي عَنْهُم وَلاَ أَقتدِي بِهِم، وَعشرَةُ آلاَفٍ مِنْ نُظَرَائِي، وَلَيْسَ مِنَ الكُلِّ وَاحِدٌ إِلاَّ وَأَحفظُ عَنْهُ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ أَقلُّهَا.
قُلْتُ: قَوْلُه: إِنَّهُ كتب عَنْ أَلفٍ وَسَبْع مائَة شَيْخٍ أَصحُّ، وَهُوَ شَيءٌ يقبله العقلُ، وَنَاهيكَ بِهِ كَثْرَةً، وَقلَّ مَنْ يبلُغُ مَا بلغه الطَّبَرَانِيُّ، وَشُيُوْخُه نَحْوٌ مِنْ أَلف، وَكَذَا الحَاكِمُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْه - فَالله أَعلم -.قَالَ الحَاكِمُ: أَوّلُ خُرُوْج ابْنِ مَنْدَة إِلَى العِرَاقِ مِنْ عِنْدنَا سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فسَمِعَ بِهَا وَبِالشَّامِ، وَأَقَامَ بِمِصْرَ سِنِيْنَ، وَصَنَّفَ (التَّارِيْخَ) ، وَ (الشُّيُوْخ ) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السُّوْذَرْجَانِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَنْدَة يَقُوْلُ:
كتبتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ، لَمْ أَرَ فِيْهِم أَتقنَ مِنَ القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العسَّال.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَظِيْمِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا طَاهِر المَقْدِسِيّ، سَمِعْتُ سَعْد بن عَلِيٍّ الحَافِظ بِمَكَّةَ وَسُئِلَ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَابنِ مَنْدَة، وَالحَاكِمِ، وَعَبْدِ الغَنِيِّ، فَقَالَ: أَمَا الدَّارَقُطْنِيُّ فَأَعلمُهُم بِالعِلَل، وَأَمَّا ابْنُ مَنْدَةَ فَأَكْثَرُهُم حَدِيْثاً مَعَ المَعرفَةِ التَّامَة، وَأَمَّا الحَاكِمُ فَأَحسنهُم تَصنِيفاً، وَأَمَّا عَبْدُ الغَنِيّ فَأَعرفُهُم بِالأَنسَاب.
قُلْتُ: بَقِيَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي الرّحلَةِ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سنَةً، وَأَقَامَ زمَاناً بِمَا وَرَاء النَّهر، وَكَانَ رُبَّمَا عَمل التِّجَارَة، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده
وَقَدْ صَارَ فِي عَشر السَّبْعِيْنَ، فوُلد لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْد اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحِيْم، وَعَبْد الوَهَّابِ.قَالَ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: كُنْتُ مَعَ عمِّي عُبَيْد اللهِ فِي طَرِيْقِ نَيْسَابُوْر، فَلَمَّا بلغْنَا بِئرَ مَجَنَّة، قَالَ عَمِّي: كُنْتُ هَا هُنَا مَرَّةً، فَعَرضَ لِي شَيْخٌ جَمَّال، فَقَالَ: كُنْتُ قَافلاً مِنْ خُرَاسَانَ مَعَ أَبِي، فَلَمَّا وَصلنَا إِلَى هَا هُنَا إِذَا نَحْنُ بِأَرْبَعِيْنَ وِقْراً مِنَ الأَحمَالِ، فَظنَنَّا أَنَّهَا مَنسوجُ الثِّيَابِ، وَإِذَا خَيمَةٌ صَغِيْرَةٌ فِيْهَا شَيْخ، فَإِذَا هُوَ وَالدُكَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُنَا عَنْ تِلْكَ الأَحمَالِ، فَقَالَ: هَذَا مَتَاعٌ قلَّ مَنْ يرغب فِيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، هَذَا حَدِيْثُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ البَاطِرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: طُفت الشَّرقَ وَالغربَ مرَّتين.
وَهَذِه حِكَايَةٌ نكتبهَا للتعجُّبِ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ: حُكِي لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الهَمَذَانِيِّ رَئِيْسِ حُجَّاجِ خُرَاسَانَ، قَالَ: سَأَلتُ بَعْضَ خَدَمِ تُربَة رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، قَالَ: رَأَيْتُ يَوْماً رَجُلاً عَلَيْهِ ثِيَابٌ بيضٌ دَخَلَ الحَرَمَ وَقتَ الظّهرِ، فَانْشَقَّ حَائِطُ التُّرْبَة، فَدَخَلَ فِيْهَا وَبِيَدِهِ مِحبرَةٌ وَكَاغَدٌ وَقَلَمٌ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ انْشَقَّ فَخَرَجَ، فَأَخذتُ بِذَيلِهِ، فَقُلْتُ: بِحقِّ مَعبودِكَ مَنْ
أَنْتَ؟قَالَ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، أَشكل عَلَيَّ حَدِيْثٌ، فَجِئتُ، فسأَلتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَنِي وَأَرجِعُ.
إِسْنَادهَا مُنْقَطِع.
وَقَدْ رَوَى أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا النَّسَوِيّ فِي (تَاريخِ الصُّوْفِيَّة) ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ مَنْدَة وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.
قَالَ البَاطِرْقَانِي: وَكُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيْهَا، فَفِي آخِرِ نَفَسِه قَالَ وَاحِدٌ مِنَّا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله - يُرِيْدُ تَلْقينه - فَأَشَار بِيَدِهِ إِلَيْهِ دفْعَتَيْنِ ثَلاَثَةً، أَي: اسْكُتْ يُقَالُ لِي مِثْلُ هَذَا !
رَوَى يَحْيَى بنُ مَنْدَة فِي (تَارِيْخِهِ) ، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّه: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ قَالَ:
مَا افتصدتُ قَطُّ، وَلاَ شَرِبتُ دوَاءً قَطُّ، وَمَا قَبِلتُ مِنْ أَحدٍ شَيْئاً قَطُّ.
قَالَ يَحْيَى: وَذَكَر لِي عَمِّي عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: قَفَلْتُ مِنْ خُرَاسَان وَمعِي عِشْرُوْنَ وِقْراً مِنَ الكُتُبِ، فنزلتُ عِنْد هَذَا البِئرِ - يَعْنِي بِئر مَجَنَّةَ - فَنزلتُ عِنْدَهُ اقتدَاءً بِالوَالدِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرهُ: مَاتَ ابْنُ مَنْدَةَ فِي سَلْخِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ أَفردتُ تَأْلِيْفاً بِابْنِ مَنْدَة وَأَقَارِبِه.
وَمَا علمتُ بَيْتاً فِي الرُّوَاة مِثْلَ بَيْتِ بنِي مَنْدَةَ؛ بَقيتِ الرِّوَايَةُ فِيْهِم مِنْ خِلاَفَةِ المُعْتَصِم وَإِلَى بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَسِتّ مائَة، وَقَدْ ذكرنَا أَنَّ وَالدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّيْخَ أَبَا يَعْقُوْبَ مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَجَمَاعَة.وآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ: وَلَدُه عَبْد الوَهَّابِ، عُمِّر زمَاناً، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي كِتَاب (السَّابق) :أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيّ إِجَازَةً، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الجَوَّالُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القَزْوِيْنِيّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ يَحْيَى الأَصْبَهَانِيّ، حَدَّثَنَا سُعَيرُ بنُ الخِمْسِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلقَى اللهَ غَداً مُسلماً فليُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلواتِ الخمسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: وَأَمُّ أَولاَد أَبِي عَبْدِ اللهِ هِيَ: أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي سَعْدٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيِّ، وَلَهَا بِنتَانِ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ الأَصْبَهَانِيِّ.
قُلْتُ: النَّوَاحِي الَّتِي لَمْ يَرْحَلْ إِلَيْهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: هَرَاة وَسِجِسْتَان وَكرْمَان وَجُرْجَان وَالرَّيُّ وَقَزْوين وَاليَمَن وَغَيْر ذَلِكَ وَالبَصْرَة، وَرَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاء النَّهر وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ وَمِصْر وَالشَّام.قَالَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الجَهْم المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ لِجليسٍ لَهُ بِحضرتِي: سَأَلتُ أَبَاهُ حِيْنَ وُلدَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَهَذَا الحَدِيْثُ فِي العَقيقَة صَحِيْح ؟ فَكَأَنَّهُ فَهِمَ المَعْنَى، فَقَالَ: حَتَّى يُولد الآخرُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ جَدِّي فِي المَنَامِ، وَأَشَار إِليَّ بِأَرْبَعٍ.
أَنْبَأَنَا الثِّقَةُ عَنْ مثلِه، عَنْ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، قَالَ: سَمِعْتُ عمِّي عبد
الرَّحْمَن، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الطَّبَرَانِيّ يَقُوْلُ:قُمْتُ يَوْماً فِي مَجْلِس وَالدِك - رَحِمَهُ اللهُ - فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، فِيْنَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يدخلُ عَلَى هَذَا المشؤومِ - أَعنِي أَبَا نُعَيْمٍ الأَشْعَرِيَّ -، فَقَالَ: أَخرجُوْهُم.
فَأَخْرَجْنَا مِنَ المَجْلِسِ فُلاَناً وَفلاَناً، ثُمَّ قَالَ: عَلَى الدَّاخلِ عَلَيْهِم حَرَجٌ أَنْ يَدخُلَ مَجلِسَنَا، أَوْ يَسمعَ منَّا، أَوْ يَرْوِي عَنَّا، فَإِنْ فعلَ فلَيْسَ هُوَ منَّا فِي حِلّ.
قُلْتُ: رُبَّمَا آل الأَمْرُ بِالمَعْرُوف بصَاحِبه إِلَى الغضبِ وَالحِدَّة، فيقعُ فِي الهِجْرَان المُحَرَّمُ، وَرُبَّمَا أَفضَى إِلَى التَّفكيرِ وَالسَّعْي فِي الدَّمِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ وَافرَ الجَاهِ وَالحُرمَةِ إِلَى الغَايَة بِبَلَدِهِ، وَشَغَّب عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَافِظِ، بِحيث إِنَّ أَحْمَد اخْتَفَى.
وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ كِتَابٌ كَبِيْرٌ فِي الإِيْمَان فِي مُجَلَّد، وَكِتَابٌ فِي النَّفْس وَالرُّوحِ، وَكِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى اللَّفظيَّةِ.
وَإِذَا رَوَى الحَدِيْثَ وَسكت، أَجَاد، وَإِذَا بوَّب أَوْ تَكَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ، انحرفَ، وَحَرْفَش، بَلَى ذَنْبُه وَذنبُ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُمَا يَرويَانِ الأَحَادِيْثَ السَّاقطَة وَالمَوْضُوْعَةَ، وَلاَ يَهتِكَانِهَا - فنسأَلُ اللهَ الْعَفو -.
وَقَدْ سَمِعْتُ جُمْلَةً مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بِإِجَازَةٍ، وَلَمْ يَقَعْ لِي شَيْءٌ متصلاً، وَكَانَ القَاضِي نَجمُ الدِّيْنِ بنُ حَمْدَانَ آخرَ مَنْ رَوَى حَدِيْثاً عَالِياً.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْه فِي كِتَابِهِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَسَبْعِيْنَ وَسِتّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِرِ بن عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ بِحَرَّانَ سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا وَالدِي، أَخْبَرَنَا الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوْبَ بنِ هَانِئ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْماً وَخَرَجتُ مَعَهُ حَتَّى انتَهَينَا إِلَى المقَابرِ، فَأَمَرَنَا، فَجَلَسْنَا، ثُمَّ تَخَطَّى القُبُوْر حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا، فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَنَاجَاهُ طَوِيْلاً، ثُمَّ ارتَفَعَ نَحيبُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاكياً، فَبكينَا لبُكَائِه.
ثُمَّ أَقبل إِلَيْنَا، فتلَقَّاهُ عُمرُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله! مَا الَّذِي أَبكَاكَ؟ فَقَدْ أَبكَانَا وَأَفزَعَنَا.
فَأَخَذَ بِيَدِ عُمرَ، ثُمَّ أَومأَ إِلَيْنَا، فَأَتينَاهُ، فَقَالَ: (أَفزعَكُم بُكَائِي؟) .
قُلْنَا: نَعَمْ.
قَالَ: (إِنَّ القَبْرَ الَّذِي رأَيتمونِي عِنْدَهُ إِنَّمَا هُوَ قَبْر آمنَةَ بِنْتِ وَهبٍ، وَإِنِّي اسْتَأَذنتُ رَبِّي فِي الاسْتِغْفَار لَهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَنَزَلَ عَلَيَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} ، الْآيَتَيْنِ [التَّوبَة:113، 114] فَأَخذنِي مَا يَأْخُذُ الوَلَدَ لوَالِدِه مِنَ الرِّقَّةِ، فَذَاكَ الَّذِي أَبكَانِي، إِنِّيْ كُنْتُ نَهَيتُكُم عَنْ زِيَارَةِ القُبُوْرِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّهُ يُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَيُذَكِّرُ الآخِرَةَ) .
هَذَا مِنْ غَرَائِب الحَدِيْث.
أَخرجه: ابْنُ مَاجة، عَنِ الثِّقَةِ، عَنِ
ابْنِ وَهْبٍ مُختصراً، وَأَيُّوْبُ هَذَا كُوْفِيٌّ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.