Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=126793#03ddfe
إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ولدته أمه مارية القبطية في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وذكر الزبير عن أشياخه أن أم إبراهيم مارية ولدته بالعالية في المال الّذي يقال له اليوم مشربة أم إبراهيم بالقف ، وكانت قابلتها سلمى مولاة النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ امرأة أبي رافع، فبشر أبو رافع به النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فوهب له عبدًا، فلما كان يوم سابعه عق عنه بكبش، وحلق رأسه، حلقه أبو هند، وسماه يومئذ، وتصدق بوزن شعره ورقًا على المساكين، وأخذوا شعره فدفنوه في الأرض.
هكذا قَالَ الزبير: سماه يوم سابعه. والحديث المرفوع أصح من قوله وأولى إن شاء الله عز وجل.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة بن سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، قَالَ الزُّبَيْرُ: ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ، امْرَأَةِ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ. قَالَ أبو عمر رضى الله عنه في حديث أنس: تصديق ما ذكره الزبير
أنه دفعه إلى أم سيف، قَالَ أنس في حديثه في موت إبراهيم قَالَ: فانطلق رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وانطلقت معه، فصادفنا أبا سيف ينفخ في كيره، وقد امتلأ البيت دخانًا، فأسرعت في المشي بين يدي رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ حتى انتهيت إلى أبي سيف، فقلت: يا أبا سيف، أمسك، جاء رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، فأمسك فدعا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالصبي فضمه إليه، وقال: ما شاء الله أن يقول. قَالَ: فلقد رأيته يكيد بنفسه، قال: فدمعت عينا النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فقال:
تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم المحزونون. قَالَ الزبير أيضًا: وتنافست الأنصار فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لما يعلمون من هواه فيها، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطعة من الضأن ترعى بالقف، ولقاح بذي الجدر تروح عليها، فكانت تؤتى بلبنها كل ليلة فتشرب منه وتسقي ابنها، فجاءت أم بردة بنت المنذر بن زيد الأنصاري زوجة البراء بن أوس، فكلمت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أن ترضعه بلبن ابنها في بني مازن بن النجار وترجع به إلى أمه، وأعطى رسول الله صلّى الله عليه
وسلم أمّ بردة قطعة من نخل فنا قلت بها إلى مال عَبْد الله بن زمعة، وتوفي إبراهيم في بني مازن عند أم بردة، وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، وكانت وفاته في ذي الحجة سنة ثمان، وقيل: بل ولد في ذي الحجة سنة ثمان، وتوفي سنة عشر، وغسلته أم بردة، وحمل من بيتها على سرير صغير، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبقيع، وقال: ندفنه عند فرطنا عثمان بن مظعون.
وقال الواقدي: توفي إبراهيم بن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة عشر، ودفن بالبقيع، وكانت وفاته في بني مازن عند أم بردة بنت المنذر من بني النجار، ومات وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، وكذلك قَالَ مصعب الزبيري، وهو الذي ذكره الزبير.
وقال آخرون: توفي وهو ابن ستة عشر شهرًا، قَالَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مؤمل المخزومي في تاريخه: ثم دخلت سنة عشر، ففيها توفي إبراهيم بن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وكسفت الشمس يومئذ على اثنتي عشر ساعة من النهار، وتوفّى وهو ابن ستة عشر شهرًا وثمانية أيام. وقال غيره: توفي وهو ابن ستة عشر شهرًا وستة أيام، وذلك سنة عشر.
وأرفع ما فيه ما ذكره مُحَمَّد بن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن أبى بكر
عن عمرة بنت عَبْد الرحمن عن عائشة قالت: توفي إبراهيم بن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمانية عشر شهرًا.
قَالَ أبو عمر: ثبت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بكى على ابنه إبراهيم دون رفع صوت، وقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدولابي حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَأَتَى بِهِ النَّخْلَ، فَإِذَا ابْنُهُ إِبْرَاهِيمَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ، وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ، فأخذه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ قَالَ:
يَا إِبْرَاهِيمُ. إِنَّا لا نَغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا. ثُمَّ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ:
يَا إِبْرَاهِيمُ، لَوْلا أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ، وَوَعْدٌ صِدْقٌ، وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمْحُزُونُونَ، تَبْكِي الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ. وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَهُو يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم
فقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ. وَوَافَقَ مَوْتُهُ كُسُوفَ الشَّمْسِ، فَقَالَ قوم: إنّ الشمس انكسفت لموته، فحطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَلاةِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ رَضَاعَهُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ: [أَمَا] إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ. وَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ قال الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
وروى ابن إسحاق عن عَبْد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه. وهذا غير صحيح، والله أعلم، لأن الجمهور قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا وراثة وعملا مستفيضًا عن السلف والخلف، ولا أعلم أحدا جاء عنه غير هذا إلا عن سمرة بن جندب، والله أعلم.
وقد يحتمل أن يكون معنى حديث عائشة أنه لم يصل عليه في جماعة أو أمر أصحابه فصلوا عليه ولم يحضرهم، فلا يكون مخالفًا لما عليه العلماء في ذلك، وهو أولى ما حمل عليه حديثها ذلك، والله أعلم.
وقد قيل إن الفضل بن العباس غسل إبراهيم ونزل في قبره مع أسامة ابن زيد، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جالس على شفير القبر.
قَالَ الزبير: ورش قبره، وأعلم فيه بعلامة. قَالَ: وهو أول قبر رش عليه، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لو عاش إبراهيم لأعتقت أخواله، ولوضعت الجزية عن كل قبطي. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إذا دخلتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا. وكانت مارية القبطية قد أهداها إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المقوقس صاحب الإسكندرية ومصر هي وأختها سيرين ، فوهب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سيرين لحسان بن ثابت الشاعر، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الْمُبَارَكِ أَبُو يُوسُفَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا داود بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ، قال: سألت أنس بن مالك: كم كان بَلَغَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم؟ قال: قد
كَانَ مَلأَ مَهْدَهُ، وَلَوْ بَقِيَ لَكَانَ نَبِيًّا، ولكن لم يكن ليبقى، لأَنَّ نَبِيَّكُمْ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدولابي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي أَوْفَى: أَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ لَعَاشَ، وَلَكِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أبو عمر: هذا لا أدرى ما هو؟ وقد ولد نوح عليه السلام من ليس نبيا، وكما يلد غير النبي نبيًا فكذلك يجوز أن يلد النبي غير نبي والله أعلم. ولو لم يلد النبيّ إلا نبيًا لكان كل واحد نبيًا، لأنه من ولد نوح عليه السلام، وذا آدم نبي مكلم، وما أعلم في ولده لصلبه نبيًا غير شيث.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ على، قال:
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابن أبى بجيح عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَلا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 13: 28. قَالَ: بِمُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.