إِبْرَاهِيم بْن السري بْن سهل، أَبُو إِسْحَاق النحوي الزجاج :
صاحب كتاب «معاني القرآن» . كَانَ من أهل الفضل وَالدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، وله مصنفات حسان فِي الأدب. روى عَنْهُ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن المغيرة وغيره.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَبِي علي المعدّل، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق- في كتابه- حدّثني أبو محمّد بن درستويه النّحويّ، حَدَّثَنِي الزجاج. قَالَ: كنت أخرط الزجاج فاشتهيت النحو، فلزمت المبرد لتعلمه، وكَانَ لا يعلم مجانا، ولا يعلم بأجرة إلا عَلَى قدرها، فَقَالَ لي: أي شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج وكسبي فِي كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ فِي تعليمي وأنا أعطيك كل يوم
درهما، وأشرط لَكَ أني أعطيك إياه أبدا إِلَى أن يفرق الموت بيننا استغنيت عَنِ التعليم أو احتجت إليه. قَالَ: فلزمته وكنت أخدمه فِي أموره مع ذلك وأعطيه الدرهم، فِينصحني فِي العلم حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارمة من الصراة يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفد إليه كل شهر ثلاثين درهما، وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عَلَيْهِ، ومضت مدة عَلَى ذلك، فطلب منه عبيد اللَّه بْن سُلَيْمَان مؤدبا لابنه الْقَاسِم فَقَالَ له: لا أعرف لَكَ إلا رجلا زَجَّاجًا بالصَّرَاةِ مع بني مارمة، قَالَ: فكتب إليهم عبيد اللَّه فاستنزلهم عني فتركوني له فأحضرني وأسلم الْقَاسِم إليَّ، فكَانَ ذلك سبب غناي. وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم فِي كل يوم إِلَى أن مات، ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي.
وأخبرني علي بن أبي علي، أخبرني أبي، حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْنِ عبّاس القاضي، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن السري الزجاج. قَالَ: كنت أؤدب الْقَاسِم بْن عبيد اللَّه وأقول له: إن بلغك اللَّه مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟
فِيقول: ما أحببت. فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار؟ وكَانَت غاية أمنيتي، فما مضت إلا سنون حتى ولي الْقَاسِم الوزارة وأَنَا عَلَى ملازمتي له، وقد صرت نديمه، فدعتني نفسي إِلَى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كَانَ فِي اليوم الثالث من وزارته قَالَ لي: يا أبا إِسْحَاق لم أرك أذكرتني بالنذر! فقلت: عولت عَلَى رعاية الوزير أيده اللَّه، وأنه لا يحتاج إِلَى إذكار لنذر عَلَيْهِ فِي أمر خادم واجب الحق، فَقَالَ لي: أنه المعتضد، ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك فِي مكَانَ واحد، ولكن أخاف أن يصير لي معه حَدِيث فاسمح لي بأخذه متفرقا. فقلت: يا سيدي افعل. فَقَالَ: اجلس للناس وخذ رقاعهم فِي الحوائج الكبار، واستعجل عليها ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فِيهِ، صحيحا كَانَ أو محالا، إِلَى أن يحصل لَكَ مال النذر. قَالَ: ففعلت ذلك وكنت أعرض عَلَيْهِ كل يوم رقاعا فِيوقع فِيهَا، وربما قَالَ لي: كم ضمن لَكَ عَلَى هذا فأقول كذا وكذا، فِيقول غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدونني حتى أبلغ الحد الَّذِي رسمه، قَالَ: وعرضت عَلَيْهِ شيئا عظيما، فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها فِي مديدة، فَقَالَ لي بعد شهور: يا أبا
إِسْحَاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا! فسكت، وكنت أعرض فِيسألني فِي كل شهر أو نحوه هل حصل المال؟ فأقول لا خوفا من انقطاع الكسب، إِلَى أن حصل عندي ضعف ذلك المال، وسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير. فَقَالَ: فَرَّجْتَ وَالله عني فقد كنت مشغول القلب إِلَى أن يحصل لَكَ، قَالَ: ثم أخذ الدواة ووقع لي إِلَى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة، فأخذتها، وامتنعت أن أعرض عَلَيْهِ شيئا ولم أدر كيف أقع منه، فلما كَانَ من غد جئته وجلست عَلَى رسمي. فأومأ إِلَى هات ما معك يستدعي مني الرقاع عَلَى الرسم، فقلت ما أخذت من أحد رقعة لأن النذر قد وقع الوفاء بِهِ، ولم أدر كيف أقع من الوزير، فَقَالَ: يا سبحان اللَّه أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لَكَ عادة، وعلم بِهِ الناس وصارت تلك بِهِ منزلة عندهم وجاه، وغدو ورواح إِلَى بابك، ولا يعلم سبب انقطاعه فِيظن ذلك لضعف جاهك عندي، أو تغير رتبتك، اعرض عَلَيَّ عَلَى رسمك وخذ بلا حساب. فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع، فكنت أعرض عَلَيْهِ كل يوم شيئا إِلَى أن مات، وقد تأثلت حالي هذه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الجوائز الْحَسَن بن علي بن ماري الكاتب الواسطيّ، حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِم عَلِيّ بْن طلحة بْن كردان النحوي قَالَ: سمعت أبا عَلِيّ الفارسي يقول: دخلت مع شيخنا أَبِي إِسْحَاق الزجاج عَلَى الْقَاسِم بْن عبيد اللَّه الوزير، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر له، ثم تقدم إِلَى شيخنا أَبِي إِسْحَاق بالملازمة إِلَى أن يعود، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفِي وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عَن ذلك لأنس كَانَ بينه وبينه فَقَالَ له: كَانَت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات فسمتها أن تبيَعْنِي إياها وامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد من نصحها بان تهديها إِلَى رجاء أن أضاعف لها ثمنها؛ فلما وردت أعلمني الخادم بذلك فنهضت مستبشرا لافتضاضها؛ فوجدتها قد حاضت. فكَانَ مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه وكتب:
فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن فِي الظلم
رام أن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بدم
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْن عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن طلحة اليزدادي قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المحرم أنه جرى بين إبراهيم بن السري الزجاج النحوي وبين المعروف بمسينة وكَانَ من أهل العلم- شر، فاتصل
ونسجه إبليس وأحكمه حتى خرج إِبْرَاهِيم بْن السري الزجاج إِلَى حد الشتم، فكتب إليه مسينة:
أَبى الزجاج إلا شتم عرضي ... لينفعه فآثمه وضره
وأقسم صادقا ما كَانَ حر ... ليطلق لفظه فِي شتم حره
ولو أني كررت لفر مني ... ولكن للمنون عَلِيّ كره
فأصبح قد وقاه اللَّه شري ... ليوم لا وقاه اللَّه شره
فلما اتصل هذا بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه، وسأله الصفح.
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد العزال، حدّثنا علي بن عبد العزيز الطّاهري، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الوراق- جار كَانَ لنا-. قَالَ: كنت بشارع الأنبار وأَنَا صبي فِي يوم نيروز، فعبر رَجُل راكب، فبادر بعض الصبيان فأقلب عَلَيْهِ ماء، فأنشأ يقول وَهُوَ ينفض رداءه من الماء:
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير فِي وجه إذا قلّ ماءه
فلما عبر قيل لنا: هذا هو أَبُو إِسْحَاق الزجاج! قَالَ الطاهري: شارع الأنبار هو النافذ إِلَى الكبش وَالأسد.
بلغني عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن الفرات قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الفتح عبيد اللَّه بْن أَحْمَد النحوي. قَالَ: توفِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن السري الزجاج النحوي فِي جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. قَالَ غيره: مات يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من الشهر.
صاحب كتاب «معاني القرآن» . كَانَ من أهل الفضل وَالدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، وله مصنفات حسان فِي الأدب. روى عَنْهُ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن المغيرة وغيره.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَبِي علي المعدّل، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق- في كتابه- حدّثني أبو محمّد بن درستويه النّحويّ، حَدَّثَنِي الزجاج. قَالَ: كنت أخرط الزجاج فاشتهيت النحو، فلزمت المبرد لتعلمه، وكَانَ لا يعلم مجانا، ولا يعلم بأجرة إلا عَلَى قدرها، فَقَالَ لي: أي شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج وكسبي فِي كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ فِي تعليمي وأنا أعطيك كل يوم
درهما، وأشرط لَكَ أني أعطيك إياه أبدا إِلَى أن يفرق الموت بيننا استغنيت عَنِ التعليم أو احتجت إليه. قَالَ: فلزمته وكنت أخدمه فِي أموره مع ذلك وأعطيه الدرهم، فِينصحني فِي العلم حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارمة من الصراة يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفد إليه كل شهر ثلاثين درهما، وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عَلَيْهِ، ومضت مدة عَلَى ذلك، فطلب منه عبيد اللَّه بْن سُلَيْمَان مؤدبا لابنه الْقَاسِم فَقَالَ له: لا أعرف لَكَ إلا رجلا زَجَّاجًا بالصَّرَاةِ مع بني مارمة، قَالَ: فكتب إليهم عبيد اللَّه فاستنزلهم عني فتركوني له فأحضرني وأسلم الْقَاسِم إليَّ، فكَانَ ذلك سبب غناي. وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم فِي كل يوم إِلَى أن مات، ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي.
وأخبرني علي بن أبي علي، أخبرني أبي، حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْنِ عبّاس القاضي، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن السري الزجاج. قَالَ: كنت أؤدب الْقَاسِم بْن عبيد اللَّه وأقول له: إن بلغك اللَّه مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟
فِيقول: ما أحببت. فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار؟ وكَانَت غاية أمنيتي، فما مضت إلا سنون حتى ولي الْقَاسِم الوزارة وأَنَا عَلَى ملازمتي له، وقد صرت نديمه، فدعتني نفسي إِلَى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كَانَ فِي اليوم الثالث من وزارته قَالَ لي: يا أبا إِسْحَاق لم أرك أذكرتني بالنذر! فقلت: عولت عَلَى رعاية الوزير أيده اللَّه، وأنه لا يحتاج إِلَى إذكار لنذر عَلَيْهِ فِي أمر خادم واجب الحق، فَقَالَ لي: أنه المعتضد، ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك فِي مكَانَ واحد، ولكن أخاف أن يصير لي معه حَدِيث فاسمح لي بأخذه متفرقا. فقلت: يا سيدي افعل. فَقَالَ: اجلس للناس وخذ رقاعهم فِي الحوائج الكبار، واستعجل عليها ولا تمتنع من مسألتي شيئا تخاطب فِيهِ، صحيحا كَانَ أو محالا، إِلَى أن يحصل لَكَ مال النذر. قَالَ: ففعلت ذلك وكنت أعرض عَلَيْهِ كل يوم رقاعا فِيوقع فِيهَا، وربما قَالَ لي: كم ضمن لَكَ عَلَى هذا فأقول كذا وكذا، فِيقول غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدونني حتى أبلغ الحد الَّذِي رسمه، قَالَ: وعرضت عَلَيْهِ شيئا عظيما، فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها فِي مديدة، فَقَالَ لي بعد شهور: يا أبا
إِسْحَاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا! فسكت، وكنت أعرض فِيسألني فِي كل شهر أو نحوه هل حصل المال؟ فأقول لا خوفا من انقطاع الكسب، إِلَى أن حصل عندي ضعف ذلك المال، وسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير. فَقَالَ: فَرَّجْتَ وَالله عني فقد كنت مشغول القلب إِلَى أن يحصل لَكَ، قَالَ: ثم أخذ الدواة ووقع لي إِلَى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة، فأخذتها، وامتنعت أن أعرض عَلَيْهِ شيئا ولم أدر كيف أقع منه، فلما كَانَ من غد جئته وجلست عَلَى رسمي. فأومأ إِلَى هات ما معك يستدعي مني الرقاع عَلَى الرسم، فقلت ما أخذت من أحد رقعة لأن النذر قد وقع الوفاء بِهِ، ولم أدر كيف أقع من الوزير، فَقَالَ: يا سبحان اللَّه أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لَكَ عادة، وعلم بِهِ الناس وصارت تلك بِهِ منزلة عندهم وجاه، وغدو ورواح إِلَى بابك، ولا يعلم سبب انقطاعه فِيظن ذلك لضعف جاهك عندي، أو تغير رتبتك، اعرض عَلَيَّ عَلَى رسمك وخذ بلا حساب. فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع، فكنت أعرض عَلَيْهِ كل يوم شيئا إِلَى أن مات، وقد تأثلت حالي هذه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الجوائز الْحَسَن بن علي بن ماري الكاتب الواسطيّ، حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِم عَلِيّ بْن طلحة بْن كردان النحوي قَالَ: سمعت أبا عَلِيّ الفارسي يقول: دخلت مع شيخنا أَبِي إِسْحَاق الزجاج عَلَى الْقَاسِم بْن عبيد اللَّه الوزير، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر له، ثم تقدم إِلَى شيخنا أَبِي إِسْحَاق بالملازمة إِلَى أن يعود، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفِي وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عَن ذلك لأنس كَانَ بينه وبينه فَقَالَ له: كَانَت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات فسمتها أن تبيَعْنِي إياها وامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد من نصحها بان تهديها إِلَى رجاء أن أضاعف لها ثمنها؛ فلما وردت أعلمني الخادم بذلك فنهضت مستبشرا لافتضاضها؛ فوجدتها قد حاضت. فكَانَ مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه وكتب:
فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن فِي الظلم
رام أن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بدم
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْن عَبْدِ اللَّهِ الطّبريّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن طلحة اليزدادي قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المحرم أنه جرى بين إبراهيم بن السري الزجاج النحوي وبين المعروف بمسينة وكَانَ من أهل العلم- شر، فاتصل
ونسجه إبليس وأحكمه حتى خرج إِبْرَاهِيم بْن السري الزجاج إِلَى حد الشتم، فكتب إليه مسينة:
أَبى الزجاج إلا شتم عرضي ... لينفعه فآثمه وضره
وأقسم صادقا ما كَانَ حر ... ليطلق لفظه فِي شتم حره
ولو أني كررت لفر مني ... ولكن للمنون عَلِيّ كره
فأصبح قد وقاه اللَّه شري ... ليوم لا وقاه اللَّه شره
فلما اتصل هذا بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه، وسأله الصفح.
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد العزال، حدّثنا علي بن عبد العزيز الطّاهري، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الوراق- جار كَانَ لنا-. قَالَ: كنت بشارع الأنبار وأَنَا صبي فِي يوم نيروز، فعبر رَجُل راكب، فبادر بعض الصبيان فأقلب عَلَيْهِ ماء، فأنشأ يقول وَهُوَ ينفض رداءه من الماء:
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير فِي وجه إذا قلّ ماءه
فلما عبر قيل لنا: هذا هو أَبُو إِسْحَاق الزجاج! قَالَ الطاهري: شارع الأنبار هو النافذ إِلَى الكبش وَالأسد.
بلغني عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن الفرات قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الفتح عبيد اللَّه بْن أَحْمَد النحوي. قَالَ: توفِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن السري الزجاج النحوي فِي جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. قَالَ غيره: مات يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من الشهر.