إِبْرَاهِيم بن الْحسن العلاف من أهل الْبَصْرَة يروي عَن حَمَّاد بن زيد حَدَّثنا عَنهُ الْحسن بن سُفْيَان وَغَيره من شُيُوخنَا
7055. ابراهيم بن الحجاج السامي1 7056. ابراهيم بن الحجاج السامي ابو اسحاق1 7057. ابراهيم بن الحجاج النيلي1 7058. ابراهيم بن الحجاج بن منير الحمصي1 7059. ابراهيم بن الحسن الثعلبي2 7060. ابراهيم بن الحسن العلاف17061. ابراهيم بن الحسن الكندي2 7062. ابراهيم بن الحسن المقسمي2 7063. ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب امه فاطمة بنت الحسين...1 7064. ابراهيم بن الحسن بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري القرشي...1 7065. ابراهيم بن الحسن بن نجيح العلاف البصري...1 7066. ابراهيم بن الحسين ابو اسحاق البنا الحنبلي...1 7067. ابراهيم بن الحسين ابو اسحاق المؤدب الحلاج...1 7068. ابراهيم بن الحسين الانطاكي1 7069. ابراهيم بن الحسين الهمداني ابو اسحاق...1 7070. ابراهيم بن الحسين بن الفرج الهمذاني1 7071. ابراهيم بن الحسين بن حكمان ابو منصور الصيرفي ابن الكرجي...1 7072. ابراهيم بن الحسين بن داود بن موسى ابو اسحاق القطان...1 7073. ابراهيم بن الحسين بن زريق ابو اسحاق1 7074. ابراهيم بن الحسين بن علي ابو اسحاق الخضيب الصفار...1 7075. ابراهيم بن الحسين بن علي بن ابراهيم بن موسى بن عمران ابو اسحاق ال...1 7076. ابراهيم بن الحكم بن ابان1 7077. ابراهيم بن الحكم بن ابان الصنعاني1 7078. ابراهيم بن الحكم بن ابان العدني5 7079. ابراهيم بن الحكم بن ظهير ابو اسحاق1 7080. ابراهيم بن الحكم بن ظهير الكوفي1 7081. ابراهيم بن الزبرقان1 7082. ابراهيم بن الزبرقان ابو اسحاق الكرخي...1 7083. ابراهيم بن الزبرقان التميمي1 7084. ابراهيم بن السري ابو اسحاق المقرئ1 7085. ابراهيم بن السري بن المغلس السقطي1 7086. ابراهيم بن السري بن سهل ابو اسحاق النحوي الزجاج...1 7087. ابراهيم بن السندي بن علي1 7088. ابراهيم بن الشاذ بن محمد بن اسحاق الجبلي...1 7089. ابراهيم بن الصباح ابو اسحاق الدقاق1 7090. ابراهيم بن الصلت الصوفي1 7091. ابراهيم بن العباس بن محمد بن صول1 7092. ابراهيم بن العلاء ابو هارون الغنوي1 7093. ابراهيم بن العلاء ابو هارون الغنوي2 7094. ابراهيم بن العلاء بن الضحاك بن مهاجر...2 7095. ابراهيم بن الفضل2 7096. ابراهيم بن الفضل ابو اسحاق المديني المخزومي...1 7097. ابراهيم بن الفضل ابو نصر الاصبهاني1 7098. ابراهيم بن الفضل المخزومي1 7099. ابراهيم بن الفضل المخزومي ابو اسحاق1 7100. ابراهيم بن الفضل المدني1 7101. ابراهيم بن الفضل المدني المخزومي1 7102. ابراهيم بن الفضل بن ابي سويد الذارع1 7103. ابراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني1 7104. ابراهيم بن الفضل بن سلمان المخزومي المديني...1 7105. ابراهيم بن الفضل بن سليمان1 7106. ابراهيم بن القاسم بن يونس الوراق1 7107. ابراهيم بن القعقاع ابو اسحاق1 7108. ابراهيم بن الليث النخشبي1 7109. ابراهيم بن المبارك بن حسن ابو اسحاق بن ابي نزار...1 7110. ابراهيم بن المبارك بن عبد الله ابو اسحاق...1 7111. ابراهيم بن المثنى1 7112. ابراهيم بن المختار ابو اسماعيل التميمي...2 7113. ابراهيم بن المختار ابو اسماعيل التميمي الرازي...1 7114. ابراهيم بن المختار الرازي1 7115. ابراهيم بن المستمر العروقي1 7116. ابراهيم بن المستمر العروقي ابو اسحاق...1 7117. ابراهيم بن المطلب بن السائب2 7118. ابراهيم بن المطلب بن السائب بن ابي وداعة...1 7119. ابراهيم بن المظفر بن ابراهيم ابو اسحاق بن ابي منصور البرني البغدا...1 7120. ابراهيم بن المظفر بن عبيد الله بن خفيف ابو اسحاق السمسار...1 7121. ابراهيم بن المغيرة3 7122. ابراهيم بن المغيرة المروزي ختن بن المبارك...1 7123. ابراهيم بن المغيرة بن سعيد النوفلي1 7124. ابراهيم بن المغيرة بن سعيد النوفلي حجازي...1 7125. ابراهيم بن المغيرة ختن علي الحسين بن واقد...1 7126. ابراهيم بن المنذر1 7127. ابراهيم بن المنذر ابو اسحاق الحزامي1 7128. ابراهيم بن المنذر الحزامي1 7129. ابراهيم بن المنذر الحزامي ابو اسحاق1 7130. ابراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر...1 7131. ابراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن...1 7132. ابراهيم بن المهاجر1 7133. ابراهيم بن المهاجر البجلي الكوفي1 7134. ابراهيم بن المهاجر بن مشمار1 7135. ابراهيم بن المولد ابو اسحاق الصوفي1 7136. ابراهيم بن النبي1 7137. ابراهيم بن النضر بن مروان بن سويد العطار...1 7138. ابراهيم بن الهيثم البلدي1 7139. ابراهيم بن الهيثم بن المهلب ابو اسحاق...1 7140. ابراهيم بن الهيثم بن المهلب ابو اسحاق البلدي...2 7141. ابراهيم بن الوليد الجشاش1 7142. ابراهيم بن الوليد بن ايوب ابو اسحاق الجشاش...1 7143. ابراهيم بن الوليد بن سلمة الازدي1 7144. ابراهيم بن الوليد بن سلمة الطبراني1 7145. ابراهيم بن اليسع ابو اسحاق الشعبي1 7146. ابراهيم بن اورمة ابو اسحاق1 7147. ابراهيم بن اورمة الاصبهاني ابو اسحاق...1 7148. ابراهيم بن اورمة بن سياوش بن فروخ ابو اسحاق الاصبهاني الحافظ...1 7149. ابراهيم بن ايوب الحوراني الدمشقي1 7150. ابراهيم بن ايوب الطبري1 7151. ابراهيم بن ايوب الفرساني1 7152. ابراهيم بن ايوب الفرساني الاصبهاني1 7153. ابراهيم بن بديل الخزاعي1 7154. ابراهيم بن بديل بن بشير الخزاعي1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
إبراهيم بن الحسن بن نجيح العلاف البصري روى عن بشير ابن سريج البندار وحماد بن زيد روى عنه أبو زرعة.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن إبراهيم بن الحسن فقال كتبت عنه بالبصرة وكان صاحب قرآن كان بصيرا به وكان شيخا ثقة.
حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن إبراهيم بن الحسن فقال كتبت عنه بالبصرة وكان صاحب قرآن كان بصيرا به وكان شيخا ثقة.
إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند بن النعمان بن علجة بن الأقفع بْن كزمان بْن الحارث بْن حارثة بْن مالك بن سعد بن عبيدة بن سامة بن الحارث بن لؤي بن غالب، ويقال عبيدة بن الحارث بن أسامة بن لؤي بن غالب، أبو إسحاق السامي البصري :
سكن بغداد. وَحَدَّثَ بِها عَنْ يَحْيَى بْن سعيد القطان، وعبد الرحمن بْن مهدي،
ومحمد بن جعفر غندر، ومحمد بن بكر البرساني، ومعن بن عيسى، وعبد الوهاب الثقفي، وحرمي بن عمارة، ومعاذ بن هشام، وأزهر بن سعد السمان، ومعتمر بن سليمان، وجعفر بن سليمان، وقراد أبي نوح، وزيد بن الحباب، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وعبد الرَّزَّاق بْن همام. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الصاغاني، وَمحمد بْن خَالِد بْن يزيد الآجري، وَأَحْمَد بْن إسحاق بن صالح الورّاق، وجعفر بن محمد الطيالسي، وصالح جزرة، ومحمد بن عبدوس بن كامل وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ بْنِ البرند ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الْغُلامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخِضْرُ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ أَدْرَكَ لأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا»
. أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدّثنا أبي، حدثنا عثمان بن جعفر بن محمد الحربي، حدثنا محمد بن عبيد الله. قال: كنت عند أحمد بن حنبل، فقال له إبراهيم ابن خرزاذ: يا أبا عبد الله إن ابن عرعرة يحدث! فقال: أف، لا يبالون عمن كتبوا- يعنى إبراهيم بن عرعرة -.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدّثني أبو الشيخ الأصبهانيّ، وأخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حدثنا عمر بن محمد الجوهري- واللفظ لأبي الشّيخ- قالا: حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله- يعنى أحمد بن حنبل-: تحفظ عن قتادة عن أبي حسان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يزور البيت كل ليلة؟ فقال: كتبوه من كتاب معاذ، ولم يسمعوه. قلت: هاهنا إنسان يزعم أنه قد سمعه من معاذ، فأنكر ذلك.
قال: من هو؟ قلت: إبراهيم بن عرعرة، فتغير وجهه ونفض يده. وقال: كذب وزور، سبحان الله ما سمعوه منه! إنما قال فلان كتبناه من كتابه، ولم يسمعه سبحان الله، واستعظم ذلك منه .
وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِالْحَدِيثِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا أبو بكر الشافعي، حدّثنا إسماعيل القاضي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: رَوَى قَتَادَةُ حَدِيثًا غَرِيبًا لا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ إِلا مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ، فَنَسَخْتُهُ مِنْ كِتَابِ ابْنِهِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ حَاضِرٌ، لَمْ أَسْمَعُهُ مِنْهُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لي معاذ: هاته حتى أقرأه. قُلْتُ: دَعْهُ الْيَوْمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ لَيْلَةٍ مَا أَقَامَ بِمِنًى. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَاطَأَهُ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هَكَذَا هُوَ فِي الْكِتَابِ .
وما الذي يمنع أن يكون إبراهيم بن محمد بن عرعرة سمع هذا الحديث من معاذ مع سماعه منه غيره؟ وقد قال ابن أَبِي حاتم الرَّازِيّ فِي كتاب «الجرح والتعديل» :
سئل أبي عن إبراهيم بن عرعرة فقال: صدوق .
وأنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا محمّد بن حميد المخرمي، حدثنا علي بن الحسين بن حبان. قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده. قلت له- يعني ليحيى بن معين- ابن عرعرة؟ قال: ثقة معروف بالحديث، كان يحيى بن سعيد يكرمه، مشهور بالطلب، كيس الكتاب، ولكنه يفسد نفسه يدخل في كل شيء .
أخبرنا أبو سعد الماليني- قراءة- أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال: سمعت القاسم بن صفوان البرذعي يقول: قال لنا عثمان ابن خرزاذ: أحفظ من رأيت أربعة، فذكر فيهم إبراهيم بن عرعرة .
أخبرنا محمد بن الحسين القطّان، أخبرنا جعفر بن محمّد الخالدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان الحضرمي. قَالَ: سنة إحدى وثلاثين ومائتين فيها مات إبراهيم ابن عرعرة .
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمد بن المظفر. قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات إبراهيم بن عرعرة في رمضان سنة إحدى وثلاثين ومائتين .
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا محمد بن عمر بن غالب، أخبرنا موسى ابن هارون. قال: مات إبراهيم بن محمد بن عرعرة ببغداد، يوم الاثنين لسبع بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين، لا يخضب .
سكن بغداد. وَحَدَّثَ بِها عَنْ يَحْيَى بْن سعيد القطان، وعبد الرحمن بْن مهدي،
ومحمد بن جعفر غندر، ومحمد بن بكر البرساني، ومعن بن عيسى، وعبد الوهاب الثقفي، وحرمي بن عمارة، ومعاذ بن هشام، وأزهر بن سعد السمان، ومعتمر بن سليمان، وجعفر بن سليمان، وقراد أبي نوح، وزيد بن الحباب، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وعبد الرَّزَّاق بْن همام. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الصاغاني، وَمحمد بْن خَالِد بْن يزيد الآجري، وَأَحْمَد بْن إسحاق بن صالح الورّاق، وجعفر بن محمد الطيالسي، وصالح جزرة، ومحمد بن عبدوس بن كامل وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ بْنِ البرند ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الْغُلامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخِضْرُ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ أَدْرَكَ لأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا»
. أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدّثنا أبي، حدثنا عثمان بن جعفر بن محمد الحربي، حدثنا محمد بن عبيد الله. قال: كنت عند أحمد بن حنبل، فقال له إبراهيم ابن خرزاذ: يا أبا عبد الله إن ابن عرعرة يحدث! فقال: أف، لا يبالون عمن كتبوا- يعنى إبراهيم بن عرعرة -.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدّثني أبو الشيخ الأصبهانيّ، وأخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفِ الدّقّاق، حدثنا عمر بن محمد الجوهري- واللفظ لأبي الشّيخ- قالا: حدثنا الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله- يعنى أحمد بن حنبل-: تحفظ عن قتادة عن أبي حسان عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يزور البيت كل ليلة؟ فقال: كتبوه من كتاب معاذ، ولم يسمعوه. قلت: هاهنا إنسان يزعم أنه قد سمعه من معاذ، فأنكر ذلك.
قال: من هو؟ قلت: إبراهيم بن عرعرة، فتغير وجهه ونفض يده. وقال: كذب وزور، سبحان الله ما سمعوه منه! إنما قال فلان كتبناه من كتابه، ولم يسمعه سبحان الله، واستعظم ذلك منه .
وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِالْحَدِيثِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، أَخْبَرَنَا أبو بكر الشافعي، حدّثنا إسماعيل القاضي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ: رَوَى قَتَادَةُ حَدِيثًا غَرِيبًا لا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ إِلا مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ، فَنَسَخْتُهُ مِنْ كِتَابِ ابْنِهِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ حَاضِرٌ، لَمْ أَسْمَعُهُ مِنْهُ عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ لي معاذ: هاته حتى أقرأه. قُلْتُ: دَعْهُ الْيَوْمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ لَيْلَةٍ مَا أَقَامَ بِمِنًى. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَاطَأَهُ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هَكَذَا هُوَ فِي الْكِتَابِ .
وما الذي يمنع أن يكون إبراهيم بن محمد بن عرعرة سمع هذا الحديث من معاذ مع سماعه منه غيره؟ وقد قال ابن أَبِي حاتم الرَّازِيّ فِي كتاب «الجرح والتعديل» :
سئل أبي عن إبراهيم بن عرعرة فقال: صدوق .
وأنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب، أخبرنا محمّد بن حميد المخرمي، حدثنا علي بن الحسين بن حبان. قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده. قلت له- يعني ليحيى بن معين- ابن عرعرة؟ قال: ثقة معروف بالحديث، كان يحيى بن سعيد يكرمه، مشهور بالطلب، كيس الكتاب، ولكنه يفسد نفسه يدخل في كل شيء .
أخبرنا أبو سعد الماليني- قراءة- أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال: سمعت القاسم بن صفوان البرذعي يقول: قال لنا عثمان ابن خرزاذ: أحفظ من رأيت أربعة، فذكر فيهم إبراهيم بن عرعرة .
أخبرنا محمد بن الحسين القطّان، أخبرنا جعفر بن محمّد الخالدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان الحضرمي. قَالَ: سنة إحدى وثلاثين ومائتين فيها مات إبراهيم ابن عرعرة .
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر، أخبرنا محمد بن المظفر. قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات إبراهيم بن عرعرة في رمضان سنة إحدى وثلاثين ومائتين .
أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا محمد بن عمر بن غالب، أخبرنا موسى ابن هارون. قال: مات إبراهيم بن محمد بن عرعرة ببغداد، يوم الاثنين لسبع بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين، لا يخضب .
إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بْن حبيب بْن المهلب بْن أبي صفرة، أبو عبد الله العتكي الأسديّ الواسطي الملقب نفطويه النحوي :
سكن بغداد وحدث بِها عن إسحاق بن وهب العلاف، وخلف بن محمد كردوس ومحمد بن عبد الملك الدقيقي الواسطيين، وشعيب بن أيوب الصريفيني وَعباس بْن مُحَمَّد الدوري، وَعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شاكر، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وعبد الكريم بن الهيثم العاقولي، وغيرهم. روى عنه أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الله الشافعي، وأبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ. وأبو عمر بن حيويه، وأحمد
ابن إبراهيم بن شاذان، وأبو عبيد اللَّه المرزباني، والمعافى بْن زكريا.
وكان صدوقا وله مصنفات كثيرة منها كتاب كبير في غريب القرآن وكتاب التاريخ وغيرهما.
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطيب الدَّسْكَرِيُّ- لَفْظًا بِحُلْوَانَ- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ المقرئ بأصبهان، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عرفة نفطويه، حدّثنا أبو البختريّ، حدّثنا أبو داود، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مُحْرِمًا وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» الْحَدِيثُ
. قال ابن المقرئ: هكذا قال مسعر عن عمرو وإنما هو أبو داود عن سفيان والله أعلم.
أخبرني صوابه محمّد بن عبد الملك القرشيّ، أخبرنا علي بن عمر الدارقطني، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدَانَ الصَّيْدَلانِيُّ بواسط، حدّثنا شعيب بن أيّوب، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ- يَعْنِي مُحْرِمًا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثِيَابِهِ وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي»
. قال الدارقطني: وحدث بهذا الحديث أبو عبد الله النحوي إبراهيم بن محمد بن عرفة الملقب نفطويه عن شعيب بن أيوب فوهم عليه فيه فحدث به عنه عن أبي داود الحفري، عن مسعر، عن عمرو بن دينار وهذا وهم قبيح، والصواب: سفيان كما ذكرناه عن الصيدلاني عن شعيب، والله أعلم.
قُلْتُ: أَمَّا ابْنُ الْمُقْرِئِ فَرَوَاهُ عَنْ نِفْطَوَيْهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وهو عبد الله بن محمّد ابن شَاكِرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلا، لا عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَيُّوبَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّمَّاخِيُّ الْهَرَوِيُّ، عَنْ نِفْطَوَيْهِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. غَيْرَ أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ. وَرَوَاهُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ نَفْطَوَيْهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَيُّوبَ كَمَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ.
كَذَلِكَ قَرَأْتُهُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الْعَلاءِ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أبي الفتح الأزديّ. قال:
حدّثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْهِ قَالَ: حدّثنا شعيب بن أيّوب، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلا خَرَّ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا»
. قَالَ الأَزْدِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ نِفْطَوَيْهِ رَجَعَ عَنْهُ.
أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، أخبرنا منصور بن ملاعب بن جعفر الصيرفي قال: أنشدني إبراهيم بن محمّد- يعني لنفسه-:
أستغفر الله مما يعلم الله ... إن الشقي لمن لم يرحم الله
هبه تجاوز لي عن كلّ مظلمة ... وا سوأتا من حيائي يوم ألقاه
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز البزار- بهمذان- قال: أنشدني أبو بكر المقرئ- بأصبهان- قال: أنشدني أبو عبد الله نفطويه لنفسه:
كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني ... منه الحياء وخوف الله والحذر
كم قد خلوت بمن أهوى فيقنعني ... منه الفكاهة والتحديث والنظر
أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم ... وليس لي في حرام منهم وطر
كذلك الحب لا إتيان معصية ... لا خير في لذة من بعدها سقر
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن عُثْمَان الصيرفي. قَالَ: قَالَ لنا أَبُو بَكْر بْن شَاذَانَ:
بَكَّرَ إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه يوما إلى درب الرواسين، فلم يعرف الموضع فتقدم إلى رجل يبيع البقل فقال له: أيها الشيخ كيف الطريق إلى درب الرواسين؟
قال: فالتفت البقلي إلى جار له فقال: يا فلان ألا ترى إلى الغلام فعل الله به وصنع، فقد احتبس علي، فقال: وما الذي تريد منه؟ قال: لم يبادر فيجيئني بالسلق، بأي شيء أصفع هذا العاض بظر أمه- لا يكنى- قال: فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشيء.
ذكر أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي أنه سأل أبا الحسن الدارقطني، عن إبراهيم بن محمد بن عرفة فَقَالَ: لا بأس بِهِ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي. قال: توفي أَبُو عَبْد اللَّه إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة المعروف بنفطويه في يوم الأربعاء لست خلون من صفر
سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ودفن في يوم الخميس في مقابر باب الكوفة، وصلى عليه البربهاري رئيس الحنبلية، وكان حسن الافتنان في العلوم، وذكر أن مولده سنة أربعين ومائتين، وكان يخضب بالوسمة.
أخبرني الأزهري، حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: توفي ابن عرفة النحوي الأزدي يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس بساعة لست خلون من صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ودفن من يومه بباب الكوفة مع صلاة العصر، وصلى عليه أبو محمّد البربهاري.
سكن بغداد وحدث بِها عن إسحاق بن وهب العلاف، وخلف بن محمد كردوس ومحمد بن عبد الملك الدقيقي الواسطيين، وشعيب بن أيوب الصريفيني وَعباس بْن مُحَمَّد الدوري، وَعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شاكر، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وعبد الكريم بن الهيثم العاقولي، وغيرهم. روى عنه أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الله الشافعي، وأبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ. وأبو عمر بن حيويه، وأحمد
ابن إبراهيم بن شاذان، وأبو عبيد اللَّه المرزباني، والمعافى بْن زكريا.
وكان صدوقا وله مصنفات كثيرة منها كتاب كبير في غريب القرآن وكتاب التاريخ وغيرهما.
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطيب الدَّسْكَرِيُّ- لَفْظًا بِحُلْوَانَ- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ المقرئ بأصبهان، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عرفة نفطويه، حدّثنا أبو البختريّ، حدّثنا أبو داود، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مُحْرِمًا وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» الْحَدِيثُ
. قال ابن المقرئ: هكذا قال مسعر عن عمرو وإنما هو أبو داود عن سفيان والله أعلم.
أخبرني صوابه محمّد بن عبد الملك القرشيّ، أخبرنا علي بن عمر الدارقطني، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدَانَ الصَّيْدَلانِيُّ بواسط، حدّثنا شعيب بن أيّوب، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ- يَعْنِي مُحْرِمًا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثِيَابِهِ وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي»
. قال الدارقطني: وحدث بهذا الحديث أبو عبد الله النحوي إبراهيم بن محمد بن عرفة الملقب نفطويه عن شعيب بن أيوب فوهم عليه فيه فحدث به عنه عن أبي داود الحفري، عن مسعر، عن عمرو بن دينار وهذا وهم قبيح، والصواب: سفيان كما ذكرناه عن الصيدلاني عن شعيب، والله أعلم.
قُلْتُ: أَمَّا ابْنُ الْمُقْرِئِ فَرَوَاهُ عَنْ نِفْطَوَيْهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وهو عبد الله بن محمّد ابن شَاكِرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلا، لا عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَيُّوبَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّمَّاخِيُّ الْهَرَوِيُّ، عَنْ نِفْطَوَيْهِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. غَيْرَ أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ. وَرَوَاهُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ الْمَوْصِلِيُّ عَنْ نَفْطَوَيْهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَيُّوبَ كَمَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ.
كَذَلِكَ قَرَأْتُهُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الْعَلاءِ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أبي الفتح الأزديّ. قال:
حدّثنا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْهِ قَالَ: حدّثنا شعيب بن أيّوب، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلا خَرَّ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا»
. قَالَ الأَزْدِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ نِفْطَوَيْهِ رَجَعَ عَنْهُ.
أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، أخبرنا منصور بن ملاعب بن جعفر الصيرفي قال: أنشدني إبراهيم بن محمّد- يعني لنفسه-:
أستغفر الله مما يعلم الله ... إن الشقي لمن لم يرحم الله
هبه تجاوز لي عن كلّ مظلمة ... وا سوأتا من حيائي يوم ألقاه
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز البزار- بهمذان- قال: أنشدني أبو بكر المقرئ- بأصبهان- قال: أنشدني أبو عبد الله نفطويه لنفسه:
كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني ... منه الحياء وخوف الله والحذر
كم قد خلوت بمن أهوى فيقنعني ... منه الفكاهة والتحديث والنظر
أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم ... وليس لي في حرام منهم وطر
كذلك الحب لا إتيان معصية ... لا خير في لذة من بعدها سقر
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن عُثْمَان الصيرفي. قَالَ: قَالَ لنا أَبُو بَكْر بْن شَاذَانَ:
بَكَّرَ إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه يوما إلى درب الرواسين، فلم يعرف الموضع فتقدم إلى رجل يبيع البقل فقال له: أيها الشيخ كيف الطريق إلى درب الرواسين؟
قال: فالتفت البقلي إلى جار له فقال: يا فلان ألا ترى إلى الغلام فعل الله به وصنع، فقد احتبس علي، فقال: وما الذي تريد منه؟ قال: لم يبادر فيجيئني بالسلق، بأي شيء أصفع هذا العاض بظر أمه- لا يكنى- قال: فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشيء.
ذكر أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي أنه سأل أبا الحسن الدارقطني، عن إبراهيم بن محمد بن عرفة فَقَالَ: لا بأس بِهِ.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي. قال: توفي أَبُو عَبْد اللَّه إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة المعروف بنفطويه في يوم الأربعاء لست خلون من صفر
سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ودفن في يوم الخميس في مقابر باب الكوفة، وصلى عليه البربهاري رئيس الحنبلية، وكان حسن الافتنان في العلوم، وذكر أن مولده سنة أربعين ومائتين، وكان يخضب بالوسمة.
أخبرني الأزهري، حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: توفي ابن عرفة النحوي الأزدي يوم الأربعاء بعد طلوع الشمس بساعة لست خلون من صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ودفن من يومه بباب الكوفة مع صلاة العصر، وصلى عليه أبو محمّد البربهاري.
إِبْرَاهِيم بْن دينار بْن أَحْمَد بْن حسن النهرواني أَبُو حكيم الحنبلي الصالح :
كَانَ ينزل باب الأزج، لَهُ هناك مدرسة منسوبة إِلَيْه، تفقه عَلَى أَبِي الخطاب وكان حسن المعرفة بالمذهب والفرائض. تفقه عَلَيْهِ جماعة وكان حسن السيرة متواضعا، سمع أبا الْحَسَن العلاف وابن بيان وأبا عليّ بْن نبهان وحدث وأفتى، سَمِعَ مِنْهُ عُمَر القرشي وجماعة، وأخبرنا عَنْهُ أَبُو الفرج بْن الجوزي وقَالَ: توفي في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وخمسمائة وولد سنة ثمانين وأربعمائة. قَالَ: وكان يضرب بِهِ المثل فِي الحلم والتواضع. وقَالَ صدقة بْن الْحُسَيْن: صلى عَلَيْهِ الشَّيْخ عَبْد القادر الجيلي.
كَانَ ينزل باب الأزج، لَهُ هناك مدرسة منسوبة إِلَيْه، تفقه عَلَى أَبِي الخطاب وكان حسن المعرفة بالمذهب والفرائض. تفقه عَلَيْهِ جماعة وكان حسن السيرة متواضعا، سمع أبا الْحَسَن العلاف وابن بيان وأبا عليّ بْن نبهان وحدث وأفتى، سَمِعَ مِنْهُ عُمَر القرشي وجماعة، وأخبرنا عَنْهُ أَبُو الفرج بْن الجوزي وقَالَ: توفي في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وخمسمائة وولد سنة ثمانين وأربعمائة. قَالَ: وكان يضرب بِهِ المثل فِي الحلم والتواضع. وقَالَ صدقة بْن الْحُسَيْن: صلى عَلَيْهِ الشَّيْخ عَبْد القادر الجيلي.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ بنِ شُعْبَةَ الهَرَوِيُّ
الإِمَامُ، عَالِمُ خُرَاسَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ الهَرَوِيُّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ، ثُمَّ
حَرَمِ اللهِ -تَعَالَى-.وُلِدَ: فِي آخِرِ زَمَانِ الصَّحَابَةِ الصِّغَارِ، وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَحَمَلَ عَنْ: آدَمَ بنِ عَلِيٍّ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي حُصَيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ - شَيْخُهُ - وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَمَعْنٌ القَزَّازُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ الضَّرِيْسِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: لَمْ يَزلِ الأَئِمَّةُ يَشتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَيَرغَبُوْنَ فِيْهِ، وَيُوَثِّقُونَهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ، مِنْ أَهْلِ سَرْخَسَ، خَرَجَ يُرِيْدُ الحجَّ، فَقَدِمَ نَيسَابُوْرَ، فَوَجَدَهُم عَلَى قَوْلِ جَهْمٍ، فَقَالَ: الإِقَامَةُ عَلَى هَؤُلاَءِ، أَفْضَلُ مِنَ الحَجِّ.فَأَقَامَ، فَنَقَلَهُم مِنْ قَوْلِ جَهْمٍ إِلَى الإِرْجَاءِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ، حَسَنُ الحَدِيْثِ، يَمِيْلُ شَيْئاً إِلَى الإِرْجَاءِ فِي الإِيْمَانِ، حَبَّبَ اللهُ حَدِيْثَهُ إِلَى النَّاسِ، جَيِّدُ الرِّوَايَةِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: كَانَ صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي رَجَاءٍ عَبْدِ اللهِ بنِ وَاقِدٍ.
قُلْتُ لَهُ: فَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ؟
قَالَ: كَانَ ذَاكَ مُرْجِئاً.
ثُمَّ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ: لَمْ يَكُنْ إِرْجَاؤُهُم هَذَا المَذْهَبَ الخَبِيْثَ: أَنَّ الإِيْمَانَ قَوْلٌ بِلاَ عَملٍ، وَأَنَّ تَرْكَ العَمْلِ لاَ يَضُرُّ بِالإِيْمَانِ، بَلْ كَانَ إِرْجَاؤُهُم أَنَّهُم يَرجُونَ لأَهْلِ الكبَائِرِ الغُفرَانَ، رَدّاً عَلَى الخَوَارِجِ وَغَيْرِهِم الَّذِيْنَ يُكَفِّرُوْنَ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ.
وَسَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ فِي آخِرِ أَمرِهِ:
نَحْنُ نَرْجُوْ لِجَمِيْعِ أَهْلِ الكبَائِرِ الَّذِيْنَ يَدِيْنُوْنَ دِيْنَنَا، وَيُصَلُّوْنَ صَلاَتَنَا، وَإِنْ عَمِلُوا أَيَّ عَملٍ.
قَالَ: وَكَانَ شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ أَنبَلِ النَّاسِ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ، وَأَوْثَقِهِم، وَأَوْسَعِهِم عِلْماً.
قَالَ حَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ:وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، لقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ قِيْرَاطٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ: الجَهْمِيَّةُ وَالقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخَانِ بِخُرَاسَانَ مُرْجِئَانِ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَذُكِرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ مُتَّكِئاً مِنْ عِلَّةٍ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُوْنَ فَيُتَّكَأُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مُرْجِئاً، شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ غَسَّانُ أَخُو مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ: كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ
إِلَى القَرْيَةِ، فَكَانَ لاَ يَرضَى مِنَّا حَتَّى يُطْعِمَنَا، وَكَانَ شَيْخاً وَاسِعَ القَلْبِ، وَكَانَتْ قَرْيَتُهُ بَاشَانُ مِنَ القَصَبَةِ عَلَى فَرْسَخٍ.أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ عَامَ سِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ بُوْرَجَه يَقُوْلُ:
قَالَ مَالِكُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ جِرَايَةٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ فَاخِرَةٌ، يَأْخُذُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَكَانَ يَسخُو بِهِ.
فَسُئِلَ مَرَّةً فِي مَجْلِسِ الخَلِيْفَةِ، فَقَالَ: لاَ أَدْرِي.
قَالُوا لَهُ: تَأخُذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَلاَ تُحْسِنُ مَسْأَلَةً؟
فَقَالَ: إِنَّمَا آخُذُ عَلَى مَا أُحْسِنُ، وَلَوْ أَخَذْتُ عَلَى مَا لاَ أُحسِنُ، لَفَنِيَ بَيْتُ المَالِ عَلَيَّ، وَلاَ يَفْنَى مَا لاَ أُحسِنُ.
فَأَعْجَبَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ جوَابُهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَاخِرَةٍ، وَزَادَ فِي جِرَايَتِهِ.
قُلْتُ: شَذَّ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ ضَعِيْفٌ، مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيْهِ لِلإِرْجَاءِ.
وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: فَاضِلٌ، يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ.
وَكَذَلِكَ أَشَارَ السُّلَيْمَانِيُّ
إِلَى تَلْيِينِه، وَقَالَ: أَنْكَرُوا عَلَيْهِ حَدِيْثَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ، وَحَدِيْثَهُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: فِي سِدْرَةِ المُنْتَهَى.وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيْحُ الحَدِيْثِ، مُقَاربٌ.
قُلْتُ: لَهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلاَ يَنحَطُّ حَدِيْثُه عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ فِي كِتَابِهِم، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبْدِ البَاقِي، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ملُوْكٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بِجُرْجَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً).
رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ الهَرَوِيِّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُنَادِي، أَنْبَأَنَا العَلاَّمَةُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ - فِي رَجَبٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ - أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَقَرَأْتُ عَلَى سِتِّ الأَهْلِ بِنْتِ عُلْوَانَ، أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الفَجْرِ، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَتَى كُتِبْتَ نَبِيّاً؟
قَالَ: (وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ السَّنَدِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْه فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَأَخْبَرَنَاهُ سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ بنِ مُبَارَكٍ الأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ بِهَذَا، لَكِنَّهُ قَالَ: مَتَى كُنْتَ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا
أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ مَاتَ.
قَالَ: (اذْهَبْ، فَوَارِهِ، وَلاَ تُحْدِثْ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي) .
فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: (اغْتَسِلْ) .
وَعَلَّمَنِي دَعَوَاتٍ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ.
الإِمَامُ، عَالِمُ خُرَاسَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ الهَرَوِيُّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ، ثُمَّ
حَرَمِ اللهِ -تَعَالَى-.وُلِدَ: فِي آخِرِ زَمَانِ الصَّحَابَةِ الصِّغَارِ، وَارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَحَمَلَ عَنْ: آدَمَ بنِ عَلِيٍّ، وَثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَسِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي حُصَيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَحُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَعَطَاءِ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ، وَمَطَرٍ الوَرَّاقِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ - شَيْخُهُ - وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَحَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، وَمَعْنٌ القَزَّازُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَيَحْيَى بنُ الضَّرِيْسِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: حَسَنُ الحَدِيْثِ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: لَمْ يَزلِ الأَئِمَّةُ يَشتَهُوْنَ حَدِيْثَهُ، وَيَرغَبُوْنَ فِيْهِ، وَيُوَثِّقُونَهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ، مِنْ أَهْلِ سَرْخَسَ، خَرَجَ يُرِيْدُ الحجَّ، فَقَدِمَ نَيسَابُوْرَ، فَوَجَدَهُم عَلَى قَوْلِ جَهْمٍ، فَقَالَ: الإِقَامَةُ عَلَى هَؤُلاَءِ، أَفْضَلُ مِنَ الحَجِّ.فَأَقَامَ، فَنَقَلَهُم مِنْ قَوْلِ جَهْمٍ إِلَى الإِرْجَاءِ.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ، حَسَنُ الحَدِيْثِ، يَمِيْلُ شَيْئاً إِلَى الإِرْجَاءِ فِي الإِيْمَانِ، حَبَّبَ اللهُ حَدِيْثَهُ إِلَى النَّاسِ، جَيِّدُ الرِّوَايَةِ.
قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه: كَانَ صَحِيْحَ الحَدِيْثِ، كَثِيْرَ السَّمَاعِ، مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَكْثَرُ حَدِيْثاً مِنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الصَّلْتِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ صَالِحٍ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي رَجَاءٍ عَبْدِ اللهِ بنِ وَاقِدٍ.
قُلْتُ لَهُ: فَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ؟
قَالَ: كَانَ ذَاكَ مُرْجِئاً.
ثُمَّ قَالَ أَبُو الصَّلْتِ: لَمْ يَكُنْ إِرْجَاؤُهُم هَذَا المَذْهَبَ الخَبِيْثَ: أَنَّ الإِيْمَانَ قَوْلٌ بِلاَ عَملٍ، وَأَنَّ تَرْكَ العَمْلِ لاَ يَضُرُّ بِالإِيْمَانِ، بَلْ كَانَ إِرْجَاؤُهُم أَنَّهُم يَرجُونَ لأَهْلِ الكبَائِرِ الغُفرَانَ، رَدّاً عَلَى الخَوَارِجِ وَغَيْرِهِم الَّذِيْنَ يُكَفِّرُوْنَ النَّاسَ بِالذُّنُوبِ.
وَسَمِعْتُ وَكِيْعاً يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ فِي آخِرِ أَمرِهِ:
نَحْنُ نَرْجُوْ لِجَمِيْعِ أَهْلِ الكبَائِرِ الَّذِيْنَ يَدِيْنُوْنَ دِيْنَنَا، وَيُصَلُّوْنَ صَلاَتَنَا، وَإِنْ عَمِلُوا أَيَّ عَملٍ.
قَالَ: وَكَانَ شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ أَنبَلِ النَّاسِ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ، وَأَوْثَقِهِم، وَأَوْسَعِهِم عِلْماً.
قَالَ حَفْصُ بنُ عَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ:وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، لقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ قِيْرَاطٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ طَهْمَانَ يَقُوْلُ: الجَهْمِيَّةُ وَالقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخَانِ بِخُرَاسَانَ مُرْجِئَانِ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَذُكِرَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ مُتَّكِئاً مِنْ عِلَّةٍ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُوْنَ فَيُتَّكَأُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مُرْجِئاً، شَدِيْداً عَلَى الجَهْمِيَّةِ.
قَالَ غَسَّانُ أَخُو مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ: كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ
إِلَى القَرْيَةِ، فَكَانَ لاَ يَرضَى مِنَّا حَتَّى يُطْعِمَنَا، وَكَانَ شَيْخاً وَاسِعَ القَلْبِ، وَكَانَتْ قَرْيَتُهُ بَاشَانُ مِنَ القَصَبَةِ عَلَى فَرْسَخٍ.أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ عَامَ سِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ بُوْرَجَه يَقُوْلُ:
قَالَ مَالِكُ بنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ جِرَايَةٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ فَاخِرَةٌ، يَأْخُذُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَكَانَ يَسخُو بِهِ.
فَسُئِلَ مَرَّةً فِي مَجْلِسِ الخَلِيْفَةِ، فَقَالَ: لاَ أَدْرِي.
قَالُوا لَهُ: تَأخُذُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَلاَ تُحْسِنُ مَسْأَلَةً؟
فَقَالَ: إِنَّمَا آخُذُ عَلَى مَا أُحْسِنُ، وَلَوْ أَخَذْتُ عَلَى مَا لاَ أُحسِنُ، لَفَنِيَ بَيْتُ المَالِ عَلَيَّ، وَلاَ يَفْنَى مَا لاَ أُحسِنُ.
فَأَعْجَبَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ جوَابُهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَاخِرَةٍ، وَزَادَ فِي جِرَايَتِهِ.
قُلْتُ: شَذَّ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ ضَعِيْفٌ، مُضْطَرِبُ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، إِنَّمَا تَكَلَّمُوا فِيْهِ لِلإِرْجَاءِ.
وَقَالَ الجُوْزَجَانِيُّ: فَاضِلٌ، يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ.
وَكَذَلِكَ أَشَارَ السُّلَيْمَانِيُّ
إِلَى تَلْيِينِه، وَقَالَ: أَنْكَرُوا عَلَيْهِ حَدِيْثَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ، وَحَدِيْثَهُ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: فِي سِدْرَةِ المُنْتَهَى.وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيْحُ الحَدِيْثِ، مُقَاربٌ.
قُلْتُ: لَهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلاَ يَنحَطُّ حَدِيْثُه عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ فِي كِتَابِهِم، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبْدِ البَاقِي، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ملُوْكٍ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بِجُرْجَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً).
رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بنِ سُلَيْمَانَ الهَرَوِيِّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُنَادِي، أَنْبَأَنَا العَلاَّمَةُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ - فِي رَجَبٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ - أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَقَرَأْتُ عَلَى سِتِّ الأَهْلِ بِنْتِ عُلْوَانَ، أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةُ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ العَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الفَجْرِ، قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَتَى كُتِبْتَ نَبِيّاً؟
قَالَ: (وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوْحِ وَالجَسَدِ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ السَّنَدِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوْه فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَأَخْبَرَنَاهُ سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ بنِ مُبَارَكٍ الأَحْوَلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ بِهَذَا، لَكِنَّهُ قَالَ: مَتَى كُنْتَ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ، أَنْبَأَنَا
أَبُو سَعْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ مَاتَ.
قَالَ: (اذْهَبْ، فَوَارِهِ، وَلاَ تُحْدِثْ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي) .
فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: (اغْتَسِلْ) .
وَعَلَّمَنِي دَعَوَاتٍ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ العِجْلِيُّ
القُدْوَةُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، سَيِّدُ الزُّهَّادِ، أَبُو إِسْحَاقَ العِجْلِيُّ - وَقِيْلَ: التَّمِيْمِيُّ - الخُرَاسَانِيُّ، البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ الشَّامِ.
مَوْلِدُهُ:
فِي حُدُوْدِ المائَةِ.حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَمُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهُ؛ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَقِيْقٌ البَلْخِيُّ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ، وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ الخُرَاسَانِيُّ - خَادِمُهُ - وَسَهْلُ بنُ هَاشِمٍ، وَعُتْبَةُ بنُ السَّكَنِ.
وَحَكَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ تَمِيْمِيٌّ، يَرْوِي عَنْ مَنْصُوْرٍ.
قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: العِجْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ.
وَذَكَرَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ، صَاحِبِ الدَّعْوَةِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، أَحَدُ الزُّهَّادِ.
وَعَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: حَجَّ وَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ وَزَوْجَتُهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيْمَ بِمَكَّةَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ البَلْخِيِّ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثِيْرَ المَالِ وَالخَدَمِ، وَالمَرَاكِبِ وَالجنَائِبِ وَالبُزَاةِ، فَبَيْنَا إِبْرَاهِيْمُ فِي الصَّيْدِ عَلَى فَرَسِه يُرْكِضُه، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ فَوْقِه: يَا إِبْرَاهِيْمُ! مَا هَذَا العَبَثُ ؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [المُؤْمِنُوْنَ: 115] ، اتَّقِ اللهَ، عَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الفَاقَةِ.
فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِه، وَرَفَضَ الدُّنْيَا.
وَفِي (رِسَالَةِ) القُشَيْرِيِّ، قَالَ: هُوَ مِنْ كُوْرَةِ بَلْخٍ، مِنْ أَبْنَاءِ المُلُوْكِ، أَثَارَ ثَعْلَباً أَوْ أَرْنَباً، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَلِهَذَا
خُلِقتَ؟ أَمْ بِهَذَا أُمِرتَ؟فَنَزَلَ، وَصَادفَ رَاعِياً لأَبِيْهِ، فَأَخَذَ عَبَاءتَه، وَأَعْطَاهُ فَرَسَه، وَمَا مَعَهُ، وَدَخَلَ البَادِيَةَ، وَصَحِبَ الثَّوْرِيَّ، وَالفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَدَخَلَ الشَّامَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنَ الحَصَادِ وَحِفْظِ البَسَاتِيْنِ، وَرَأَى فِي البَادِيَةِ رَجُلاً، عَلَّمَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ فَدَعَا بِهِ، فَرَأَى الخَضِرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّمَكَ أَخِي دَاوُدُ.
رَوَاهَا: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ الوَاعِظُ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الخَرَّازُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بِذَلِكَ، لَمَّا سَأَلْتُه عَنْ بَدْءِ أَمرِهِ.
وَرُوِيتُ عَنِ: ابْنِ بَشَّارٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَزَادَ، قَالَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ المَشَايِخِ عَنِ الحَلاَلِ، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّامِ.
فَصِرتُ إِلَى المَصِّيْصَةِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، ثُمَّ قِيْلَ لِي: عَلَيْك بِطَرَسُوْسَ، فَإِنَّ بِهَا المُبَاحَاتِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَابِ البَحْرِ، اكْتَرَانِي رَجُلٌ أَنْطُرُ بُسْتَانَه، فَمَكَثتُ مُدَّةً.
قَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ الخَوَّاصُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ التَّوبَةَ، فَلْيَخرُجْ مِنَ المَظَالِمِ، وَلْيَدَعْ مُخَالطَةَ النَّاسِ، وَإِلاَّ لَمْ يَنَلْ مَا يُرِيْدُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
رَآنِي ابْنُ عَجْلاَنَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ سَاجِداً، وَقَالَ: سَجَدتُ للهِ شُكْراً حِيْنَ رَأَيتُكَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِمَّنْ
سَمِعَ؟قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَهُ فَضْلٌ فِي نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، وَمَا رَأَيتُهُ يُظْهِرُ تَسبِيْحاً، وَلاَ شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ، وَلاَ أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ يَدَه.
أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ، لَكَانَ رَجُلاً فَاضِلاً.
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِماً إِلاَّ وَقَدْ أَكَلَ بِدِيْنِهِ، إِلاَّ وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، وَيُوْسُفَ بنَ أَسْبَاطٍ، وَسَلْمَ الخَوَّاصَ.
قَالَ شَقِيْقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: تَرَكتَ خُرَاسَانَ؟
قَالَ: مَا تَهنَّأتُ بِالعَيْشِ إِلاَّ فِي الشَّامِ، أَفِرُّ بِدِيْنِي مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: جَمَّالٌ، يَا شَقِيْقُ! مَا نَبُلَ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالجِهَادِ وَلاَ بِالحجِّ، بَلْ كَانَ بِعَقْلِ مَا يَدْخُلُ بَطْنَه.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ: مُنْذُ كَمْ قَدِمتَ الشَّامَ؟
قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا جِئْتُ لِربَاطٍ وَلاَ لِجِهَادٍ، جِئْتُ لأَشبَعَ مِنْ خُبْزِ الحَلاَلِ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: الزُّهْدُ فَرضٌ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَرَامِ، وَزُهْدُ سَلاَمَةٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَلاَلِ.
يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ:دَعَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامِه، فَأَتَيْتُهُ، فَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَه اليُسْرَى تَحْتَ أَلْيَتِه، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ:
هَذِهِ جِلْسَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ العَبْدِ، خُذُوا بِسْمِ اللهِ.
فَلَمَّا أَكَلْنَا، قُلْتُ لِرَفِيْقِه: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَه.
قَالَ: كُنَّا صِيَاماً، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفطِرُ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا، فَقُلْتُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَنْ نَأْتِيَ الرَّسْتَنَ، فَنكْرِي أَنْفُسَنَا مَعَ الحَصَّادِيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاكْتَرَانِي رَجُلٌ بِدِرْهَمٍ.
فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، أَرَاهُ ضَعِيْفاً.
فَمَا زِلتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ، فَاشْتَرَيتُ مِنْ كِرَائِي حَاجَتِي، وَتَصَدَّقتُ بِالبَاقِي، فَقرَّبتُ إِلَيْهِ الزَّادَ، فَبَكَى، وَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَاسْتَوفَيْنَا أُجُورَنَا، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوَفَّيْنَا صَاحِبَنَا أَم لاَ؟
فَغضِبتُ، فَقَالَ: أَتَضْمَنُ لِي أَنَّا وَفَّيْنَاهُ، فَأَخَذتُ الطَّعَامَ، فَتصَدَّقتُ بِهِ.
وَبِالإِسْنَادِ عَنْ بَقِيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي البَحْرِ، فَهَاجَتْ رِيْحٌ، وَاضْطَرَبتْ السَّفِيْنَةُ، وَبَكَوْا، فَقُلْنَا: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! مَا تَرَى؟
فَقَالَ: يَا حَيُّ حِيْنَ لاَ حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ! قَدْ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ، فَأَرِنَا عَفْوَكَ، فَهَدَأَتِ السَّفِيْنَةُ مِنْ سَاعَتِه.
ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ، قَالَ:
أَخَافُ أَنْ لاَ أُؤْجَرَ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ الطَّعَامِ، لأَنِّيْ لاَ أَشْتَهِيهِ.
وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طَيِّبٍ، قَدَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ،
وَقَنَعَ بِالخُبْزِ وَالزَّيْتُوْنِ.مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: لَوْ تَزَوَّجتَ؟
قَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي، لَفَعَلْتُ.
عَنْ خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيْمُ الجَبَلَ، وَاشْتَرَى فَأْساً، فَقَطَعَ حَطَباً، وَبَاعَهُ، وَاشْتَرَى نَاطِفاً، وَقَدَّمَه إِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَكَلُوا، فَقَالَ يُبَاسِطُهُم: كَأَنَّكُم تَأْكُلُوْنَ فِي رَهْنٍ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادِ بنِ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:
كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ يَرَى مَا يُكَافِئُه، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي، فَقَالَ: خُذْ ذَاكَ السَّرْجَ.
فَأَخَذَهُ، فَسُرِرتُ حِيْنَ نَزَلَ مَالِي بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، كَرِيْمَ الحَسَبِ، وَإِذَا حَصدَ، ارْتَجَزَ، وَقَالَ:
اتَّخِذِ اللهَ صَاحِباً ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِباً
وَكَانَ يَلْبَس فَرْواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ شَقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَيَصُومُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلاَ يَنَامُ اللَّيْلَ، وَكَانَ يَتفكَّرُ، وَيَقْبِضُ أَصْحَابُهُ أُجرَتَه، فَلاَ يَمَسُّهَا بِيَدِهِ، وَيَقُوْلُ: كُلُوا بِهَا شَهَوَاتِكُم. وَكَانَ يَنْطُرُ،
وَكَانَ يَطحَنُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ.قَالَ أَبُو يُوْسُفَ الغَسُّوْلِيُّ: دَعَا الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، فَقصَّرَ فِي الأَكلِ، فَقَالَ: لِمَ قَصَّرتَ؟
قَالَ: رَأَيتُكَ قَصَّرتَ فِي الطَّعَامِ.
بِشْرٌ الحَافِي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، قَالَ:
كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، تَحرَّزَ مِنَ الكَلاَمِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ طَالُوْتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَم يَقُوْلُ: مَا صَدَقَ اللهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.
قُلْتُ: عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ شُهرَةً، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ، لاَ يَحرَدُ وَلاَ يُبرِّئُ نَفْسَه، بَلْ يَعترِفُ، وَيَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إِلَيَّ عُيُوبِي، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ؛ لاَ يَشعرُ بِعُيُوبِهَا، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ، فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمِنٌ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادٍ: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ حَازِمٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِمَكَّةَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً، مُسْتكمِلَ الإِيْمَانِ، يَهزُّ الجَبَلَ لَتَحَرَكَ.
فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ: اسْكُنْ، لَيْسَ إِيَّاكَ أَرَدْتُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَم يَجْتَنِي الرُّطَبَ مِنْ شَجَرِ البَلُّوْطِ.
وَعَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: قِيْلَ لابْنِ أَدْهَم: مَا تَبلُغُ مِنْ كَرَامَةِ المُؤْمِنِ؟قَالَ: أَنْ يَقُوْلَ لِلْجَبَلِ: تَحرَّكْ، فَيَتحَرَّكُ.
قَالَ: فَتَحَرَّكَ الجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ عَنَيْتُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كُلُّ مَلِكٍ لاَ يَكُوْنُ عَادِلاً، فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ لاَ يَكُوْنُ تَقِيّاً، فَهُوَ وَالذِّئْبُ سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ لِغَيْرِ اللهِ، فَهُوَ وَالكَلْبُ سَوَاءٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُلُوْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ الله بنَ اللَّتِّيِّ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ المُتَوَكِّلِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: وَأَيُّ دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ! مَنْ طَلَبَ العِلْمَ للهِ، كَانَ الخُمُوْلُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوُلِ، وَاللهِ مَا الحَيَاةُ بِثِقَةٍ، فَيُرْجَى نَوْمُهَا، وَلاَ المَنِيَّةُ بِعُذرٍ، فَيُؤمَنُ عُذْرُهَا، فَفِيْمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيْرُ وَالاتِّكَالُ وَالإِبطَاءُ؟ قَدْ رَضِينَا مِنْ أَعْمَالِنَا بِالمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوبَةِ بِالتَّوَانِي، وَمِنَ العَيْشِ البَاقِي بِالعَيْشِ الفَانِي.
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: أَمْسَينَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ لَيْلَةً، لَيْسَ لَنَا مَا نَفطَرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا ابْنَ بَشَّارٍ! مَاذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ مِنَ النَّعِيْمِ وَالرَّاحَةِ، لاَ يَسْأَلُهُم يَوْمَ القِيَامَةَ عَنْ زَكَاةٍ، وَلاَ حَجٍّ، وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلاَ صِلَةِ رَحِمٍ! لاَ تَغتمَّ، فَرِزقُ اللهِ سَيَأْتِيْكَ، نَحْنُ -وَاللهِ- المُلُوْكُ الأَغْنِيَاءُ، تعجلُنَا الرَّاحَة، لاَ نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنَّا إِذَا أَطَعنَا اللهَ.
ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاَتِه، وَقُمْتُ إِلَى صَلاَتِي، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ، وَتَمْرٍ كَثِيْرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يَا مَغْمُوْمُ.
فَدَخَلَ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ أَرغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاَثَةً، وَأَكَلَ رَغِيْفَيْنِ.وَكُنْتُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مُسنَّمٍ، فَترحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:
هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بنِ جَابِرٍ، أَمِيْرِ هَذِهِ المُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَارِقاً فِي بِحَارِ الدُّنْيَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهَا.
بَلَغَنِي: أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ، وَنَامَ، فَرَأَى رَجُلاً بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا هُوَ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ: لاَ تُؤثِرَنَّ فَانِياً عَلَى بَاقٍ، وَلاَ تَغتَرَّنَّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ فِيْهِ جَسِيْمٌ لَوْلاَ أَنَّهُ عَدِيْمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ لَوْلاَ أَنَّ بَعْدَهُ هُلْكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُوْرٌ، لَوْلاَ أَنَّهُ غُرُوْرٌ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ لَهُ بَعْدُ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِيْنَ} [آلُ عِمْرَانَ: 133] .
فَانتَبَهُ فَزَعاً، وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيْهٌ مِنَ اللهِ وَمَوْعِظَةٌ.
فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ، وَقَصَدَ هَذَا الجَبَلَ، فَعَبَدَ اللهَ فِيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ حَصدَ لَيْلَةً مَا يَحصُدُهُ عَشَرَةٌ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ دِيْنَاراً.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بَدءُ أَمرِكَ؟
قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ.
قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْماً.
قَالَ: كَانَ أَبِي مِنَ المُلُوْكِ المَيَاسِيْرِ، وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ، فَرَكِبتُ، فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحرَّكتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرْتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ يَمنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
ثُمَّ حَرَّكتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيْمُ! لَيْسَ لِذَا خُلِقتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ فَلاَ أَرَى أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قَرَبُوْسِ سَرجِي
بِذَاكَ، فَقُلْتُ: أُنْبِهْتُ، أُنْبِهْتُ، جَاءنِي نَذِيرٌ، وَاللهِ لاَ عَصَيتُ اللهَ بَعْدَ يَوْمِي مَا عَصَمنِي اللهُ.فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَخَلَّيتُ فَرَسِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لأَبِي، فَأَخَذتُ جُبَّةً كِسَاءً، وَأَلقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلتُ إِلَى العِرَاقِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا الحَلاَلُ، فَقِيْلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ ... ، فَذَكَرَ حِكَايَةَ نِطَارَتِه الرُّمَّانَ.
وَقَالَ الخَادِمُ لَهُ: أَنْتَ تَأْكُلُ فَاكِهَتنَا، وَلاَ تَعْرِفُ الحُلْوَ مِنَ الحَامِضِ؟
قُلْتُ: وَاللهِ مَا ذُقْتُهَا.
فَقَالَ: أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ.
فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، ذَكَرَ صِفَتِي فِي المَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَاخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجرِ، وَالنَّاسُ دَاخِلُوْنَ، فَاخْتلَطْتُ مَعَهُم وَأَنَا هَاربٌ.
قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَ إِبْرَاهِيْمَ فِي (تَارِيْخِي) أَزْيَدَ مِمَّا هُنَا، وَأَخْبَارَهُ فِي: (تَارِيْخِ دِمَشْقَ ) وَفِي: (الحِلْيَة ) ؛ وَتَآلِيْفَ لابْنِ جَوْصَا، وَأَخْبَارَهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، وَأَشْيَاءَ.
وثَّقهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَقَبْرُهُ يُزَارُ.
وَتَرْجَمَتُه فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) فِي ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَرَقَةً.
القُدْوَةُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، سَيِّدُ الزُّهَّادِ، أَبُو إِسْحَاقَ العِجْلِيُّ - وَقِيْلَ: التَّمِيْمِيُّ - الخُرَاسَانِيُّ، البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ الشَّامِ.
مَوْلِدُهُ:
فِي حُدُوْدِ المائَةِ.حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الجُمَحِيِّ - صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَمُقَاتِلِ بنِ حَيَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهُ؛ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَقِيْقٌ البَلْخِيُّ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ، وَخَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ الخُرَاسَانِيُّ - خَادِمُهُ - وَسَهْلُ بنُ هَاشِمٍ، وَعُتْبَةُ بنُ السَّكَنِ.
وَحَكَى عَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ تَمِيْمِيٌّ، يَرْوِي عَنْ مَنْصُوْرٍ.
قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: العِجْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: هُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ.
وَذَكَرَ المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ، صَاحِبِ الدَّعْوَةِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، أَحَدُ الزُّهَّادِ.
وَعَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: حَجَّ وَالِدُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ وَزَوْجَتُهُ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيْمَ بِمَكَّةَ.
وَعَنْ يُوْنُسَ البَلْخِيِّ، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثِيْرَ المَالِ وَالخَدَمِ، وَالمَرَاكِبِ وَالجنَائِبِ وَالبُزَاةِ، فَبَيْنَا إِبْرَاهِيْمُ فِي الصَّيْدِ عَلَى فَرَسِه يُرْكِضُه، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ فَوْقِه: يَا إِبْرَاهِيْمُ! مَا هَذَا العَبَثُ ؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً} [المُؤْمِنُوْنَ: 115] ، اتَّقِ اللهَ، عَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الفَاقَةِ.
فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِه، وَرَفَضَ الدُّنْيَا.
وَفِي (رِسَالَةِ) القُشَيْرِيِّ، قَالَ: هُوَ مِنْ كُوْرَةِ بَلْخٍ، مِنْ أَبْنَاءِ المُلُوْكِ، أَثَارَ ثَعْلَباً أَوْ أَرْنَباً، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَلِهَذَا
خُلِقتَ؟ أَمْ بِهَذَا أُمِرتَ؟فَنَزَلَ، وَصَادفَ رَاعِياً لأَبِيْهِ، فَأَخَذَ عَبَاءتَه، وَأَعْطَاهُ فَرَسَه، وَمَا مَعَهُ، وَدَخَلَ البَادِيَةَ، وَصَحِبَ الثَّوْرِيَّ، وَالفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَدَخَلَ الشَّامَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنَ الحَصَادِ وَحِفْظِ البَسَاتِيْنِ، وَرَأَى فِي البَادِيَةِ رَجُلاً، عَلَّمَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ فَدَعَا بِهِ، فَرَأَى الخَضِرَ، وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّمَكَ أَخِي دَاوُدُ.
رَوَاهَا: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ الوَاعِظُ.
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الخَرَّازُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ بِذَلِكَ، لَمَّا سَأَلْتُه عَنْ بَدْءِ أَمرِهِ.
وَرُوِيتُ عَنِ: ابْنِ بَشَّارٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَزَادَ، قَالَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ المَشَايِخِ عَنِ الحَلاَلِ، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّامِ.
فَصِرتُ إِلَى المَصِّيْصَةِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، ثُمَّ قِيْلَ لِي: عَلَيْك بِطَرَسُوْسَ، فَإِنَّ بِهَا المُبَاحَاتِ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَابِ البَحْرِ، اكْتَرَانِي رَجُلٌ أَنْطُرُ بُسْتَانَه، فَمَكَثتُ مُدَّةً.
قَالَ المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ الخَوَّاصُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ التَّوبَةَ، فَلْيَخرُجْ مِنَ المَظَالِمِ، وَلْيَدَعْ مُخَالطَةَ النَّاسِ، وَإِلاَّ لَمْ يَنَلْ مَا يُرِيْدُ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
رَآنِي ابْنُ عَجْلاَنَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ سَاجِداً، وَقَالَ: سَجَدتُ للهِ شُكْراً حِيْنَ رَأَيتُكَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: قُلْتُ لابْنِ المُبَارَكِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ مِمَّنْ
سَمِعَ؟قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَهُ فَضْلٌ فِي نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، وَمَا رَأَيتُهُ يُظْهِرُ تَسبِيْحاً، وَلاَ شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ، وَلاَ أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ قَطُّ، إِلاَّ كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ يَدَه.
أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ، لَكَانَ رَجُلاً فَاضِلاً.
قَالَ بِشْرٌ الحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِماً إِلاَّ وَقَدْ أَكَلَ بِدِيْنِهِ، إِلاَّ وُهَيْبَ بنَ الوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، وَيُوْسُفَ بنَ أَسْبَاطٍ، وَسَلْمَ الخَوَّاصَ.
قَالَ شَقِيْقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: تَرَكتَ خُرَاسَانَ؟
قَالَ: مَا تَهنَّأتُ بِالعَيْشِ إِلاَّ فِي الشَّامِ، أَفِرُّ بِدِيْنِي مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُوْلُ: جَمَّالٌ، يَا شَقِيْقُ! مَا نَبُلَ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالجِهَادِ وَلاَ بِالحجِّ، بَلْ كَانَ بِعَقْلِ مَا يَدْخُلُ بَطْنَه.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ: مُنْذُ كَمْ قَدِمتَ الشَّامَ؟
قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا جِئْتُ لِربَاطٍ وَلاَ لِجِهَادٍ، جِئْتُ لأَشبَعَ مِنْ خُبْزِ الحَلاَلِ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: الزُّهْدُ فَرضٌ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَرَامِ، وَزُهْدُ سَلاَمَةٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الحَلاَلِ.
يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ:دَعَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامِه، فَأَتَيْتُهُ، فَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَه اليُسْرَى تَحْتَ أَلْيَتِه، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ:
هَذِهِ جِلْسَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ العَبْدِ، خُذُوا بِسْمِ اللهِ.
فَلَمَّا أَكَلْنَا، قُلْتُ لِرَفِيْقِه: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَه.
قَالَ: كُنَّا صِيَاماً، فَلَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفطِرُ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا، فَقُلْتُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَنْ نَأْتِيَ الرَّسْتَنَ، فَنكْرِي أَنْفُسَنَا مَعَ الحَصَّادِيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاكْتَرَانِي رَجُلٌ بِدِرْهَمٍ.
فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي؟
قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، أَرَاهُ ضَعِيْفاً.
فَمَا زِلتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ، فَاشْتَرَيتُ مِنْ كِرَائِي حَاجَتِي، وَتَصَدَّقتُ بِالبَاقِي، فَقرَّبتُ إِلَيْهِ الزَّادَ، فَبَكَى، وَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَاسْتَوفَيْنَا أُجُورَنَا، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوَفَّيْنَا صَاحِبَنَا أَم لاَ؟
فَغضِبتُ، فَقَالَ: أَتَضْمَنُ لِي أَنَّا وَفَّيْنَاهُ، فَأَخَذتُ الطَّعَامَ، فَتصَدَّقتُ بِهِ.
وَبِالإِسْنَادِ عَنْ بَقِيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي البَحْرِ، فَهَاجَتْ رِيْحٌ، وَاضْطَرَبتْ السَّفِيْنَةُ، وَبَكَوْا، فَقُلْنَا: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! مَا تَرَى؟
فَقَالَ: يَا حَيُّ حِيْنَ لاَ حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ! قَدْ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ، فَأَرِنَا عَفْوَكَ، فَهَدَأَتِ السَّفِيْنَةُ مِنْ سَاعَتِه.
ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ، قَالَ:
أَخَافُ أَنْ لاَ أُؤْجَرَ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ الطَّعَامِ، لأَنِّيْ لاَ أَشْتَهِيهِ.
وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طَيِّبٍ، قَدَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ،
وَقَنَعَ بِالخُبْزِ وَالزَّيْتُوْنِ.مُحَمَّدُ بنُ مَيْمُوْنٍ المَكِّيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ:
قِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: لَوْ تَزَوَّجتَ؟
قَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي، لَفَعَلْتُ.
عَنْ خَلَفِ بنِ تَمِيْمٍ، قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيْمُ الجَبَلَ، وَاشْتَرَى فَأْساً، فَقَطَعَ حَطَباً، وَبَاعَهُ، وَاشْتَرَى نَاطِفاً، وَقَدَّمَه إِلَى أَصْحَابِهِ، فَأَكَلُوا، فَقَالَ يُبَاسِطُهُم: كَأَنَّكُم تَأْكُلُوْنَ فِي رَهْنٍ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادِ بنِ الجَرَّاحِ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:
كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ يَرَى مَا يُكَافِئُه، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي، فَقَالَ: خُذْ ذَاكَ السَّرْجَ.
فَأَخَذَهُ، فَسُرِرتُ حِيْنَ نَزَلَ مَالِي بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، كَرِيْمَ الحَسَبِ، وَإِذَا حَصدَ، ارْتَجَزَ، وَقَالَ:
اتَّخِذِ اللهَ صَاحِباً ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِباً
وَكَانَ يَلْبَس فَرْواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ شَقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَيَصُومُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلاَ يَنَامُ اللَّيْلَ، وَكَانَ يَتفكَّرُ، وَيَقْبِضُ أَصْحَابُهُ أُجرَتَه، فَلاَ يَمَسُّهَا بِيَدِهِ، وَيَقُوْلُ: كُلُوا بِهَا شَهَوَاتِكُم. وَكَانَ يَنْطُرُ،
وَكَانَ يَطحَنُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ.قَالَ أَبُو يُوْسُفَ الغَسُّوْلِيُّ: دَعَا الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ، فَقصَّرَ فِي الأَكلِ، فَقَالَ: لِمَ قَصَّرتَ؟
قَالَ: رَأَيتُكَ قَصَّرتَ فِي الطَّعَامِ.
بِشْرٌ الحَافِي: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، قَالَ:
كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، تَحرَّزَ مِنَ الكَلاَمِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ طَالُوْتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَم يَقُوْلُ: مَا صَدَقَ اللهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ.
قُلْتُ: عَلاَمَةُ المُخْلِصِ الَّذِي قَدْ يُحبُّ شُهرَةً، وَلاَ يَشعُرُ بِهَا، أَنَّهُ إِذَا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ، لاَ يَحرَدُ وَلاَ يُبرِّئُ نَفْسَه، بَلْ يَعترِفُ، وَيَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ أَهدَى إِلَيَّ عُيُوبِي، وَلاَ يَكُنْ مُعجَباً بِنَفْسِهِ؛ لاَ يَشعرُ بِعُيُوبِهَا، بَلْ لاَ يَشعرُ أَنَّهُ لاَ يَشعرُ، فَإِنَّ هَذَا دَاءٌ مُزْمِنٌ.
عِصَامُ بنُ رَوَّادٍ: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ حَازِمٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِمَكَّةَ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً، مُسْتكمِلَ الإِيْمَانِ، يَهزُّ الجَبَلَ لَتَحَرَكَ.
فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ: اسْكُنْ، لَيْسَ إِيَّاكَ أَرَدْتُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَم يَجْتَنِي الرُّطَبَ مِنْ شَجَرِ البَلُّوْطِ.
وَعَنْ مَكِّيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: قِيْلَ لابْنِ أَدْهَم: مَا تَبلُغُ مِنْ كَرَامَةِ المُؤْمِنِ؟قَالَ: أَنْ يَقُوْلَ لِلْجَبَلِ: تَحرَّكْ، فَيَتحَرَّكُ.
قَالَ: فَتَحَرَّكَ الجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ عَنَيْتُ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، قَالَ: كُلُّ مَلِكٍ لاَ يَكُوْنُ عَادِلاً، فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ لاَ يَكُوْنُ تَقِيّاً، فَهُوَ وَالذِّئْبُ سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ لِغَيْرِ اللهِ، فَهُوَ وَالكَلْبُ سَوَاءٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُلُوْدِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ الله بنَ اللَّتِّيِّ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ المُتَوَكِّلِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، حَدَّثَنَا الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ يَقُوْلُ: وَأَيُّ دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ! مَنْ طَلَبَ العِلْمَ للهِ، كَانَ الخُمُوْلُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوُلِ، وَاللهِ مَا الحَيَاةُ بِثِقَةٍ، فَيُرْجَى نَوْمُهَا، وَلاَ المَنِيَّةُ بِعُذرٍ، فَيُؤمَنُ عُذْرُهَا، فَفِيْمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيْرُ وَالاتِّكَالُ وَالإِبطَاءُ؟ قَدْ رَضِينَا مِنْ أَعْمَالِنَا بِالمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوبَةِ بِالتَّوَانِي، وَمِنَ العَيْشِ البَاقِي بِالعَيْشِ الفَانِي.
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: أَمْسَينَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ لَيْلَةً، لَيْسَ لَنَا مَا نَفطَرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا ابْنَ بَشَّارٍ! مَاذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَى الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ مِنَ النَّعِيْمِ وَالرَّاحَةِ، لاَ يَسْأَلُهُم يَوْمَ القِيَامَةَ عَنْ زَكَاةٍ، وَلاَ حَجٍّ، وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلاَ صِلَةِ رَحِمٍ! لاَ تَغتمَّ، فَرِزقُ اللهِ سَيَأْتِيْكَ، نَحْنُ -وَاللهِ- المُلُوْكُ الأَغْنِيَاءُ، تعجلُنَا الرَّاحَة، لاَ نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ كُنَّا إِذَا أَطَعنَا اللهَ.
ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاَتِه، وَقُمْتُ إِلَى صَلاَتِي، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ، وَتَمْرٍ كَثِيْرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يَا مَغْمُوْمُ.
فَدَخَلَ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ ثَلاَثَةَ أَرغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاَثَةً، وَأَكَلَ رَغِيْفَيْنِ.وَكُنْتُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مُسنَّمٍ، فَترحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ:
هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بنِ جَابِرٍ، أَمِيْرِ هَذِهِ المُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَارِقاً فِي بِحَارِ الدُّنْيَا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهَا.
بَلَغَنِي: أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ، وَنَامَ، فَرَأَى رَجُلاً بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا هُوَ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ: لاَ تُؤثِرَنَّ فَانِياً عَلَى بَاقٍ، وَلاَ تَغتَرَّنَّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ فِيْهِ جَسِيْمٌ لَوْلاَ أَنَّهُ عَدِيْمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ لَوْلاَ أَنَّ بَعْدَهُ هُلْكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُوْرٌ، لَوْلاَ أَنَّهُ غُرُوْرٌ، وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ لَهُ بَعْدُ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِيْنَ} [آلُ عِمْرَانَ: 133] .
فَانتَبَهُ فَزَعاً، وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيْهٌ مِنَ اللهِ وَمَوْعِظَةٌ.
فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ، وَقَصَدَ هَذَا الجَبَلَ، فَعَبَدَ اللهَ فِيْهِ حَتَّى مَاتَ.
وَرُوِيَ: أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَدْهَمَ حَصدَ لَيْلَةً مَا يَحصُدُهُ عَشَرَةٌ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ دِيْنَاراً.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا السَّرَّاجُ:
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ بَشَّارٍ يَقُوْلُ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بَدءُ أَمرِكَ؟
قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ.
قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْماً.
قَالَ: كَانَ أَبِي مِنَ المُلُوْكِ المَيَاسِيْرِ، وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ، فَرَكِبتُ، فَثَارَ أَرْنَبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحرَّكتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرْتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ يَمنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
ثُمَّ حَرَّكتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيْمُ! لَيْسَ لِذَا خُلِقتَ، وَلاَ بِذَا أُمِرتَ.
فَوَقَفتُ أَنظُرُ فَلاَ أَرَى أَحَداً، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللهُ إِبْلِيسَ.
فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قَرَبُوْسِ سَرجِي
بِذَاكَ، فَقُلْتُ: أُنْبِهْتُ، أُنْبِهْتُ، جَاءنِي نَذِيرٌ، وَاللهِ لاَ عَصَيتُ اللهَ بَعْدَ يَوْمِي مَا عَصَمنِي اللهُ.فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فَخَلَّيتُ فَرَسِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لأَبِي، فَأَخَذتُ جُبَّةً كِسَاءً، وَأَلقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلتُ إِلَى العِرَاقِ، فَعَمِلتُ بِهَا أَيَّاماً، فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا الحَلاَلُ، فَقِيْلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ ... ، فَذَكَرَ حِكَايَةَ نِطَارَتِه الرُّمَّانَ.
وَقَالَ الخَادِمُ لَهُ: أَنْتَ تَأْكُلُ فَاكِهَتنَا، وَلاَ تَعْرِفُ الحُلْوَ مِنَ الحَامِضِ؟
قُلْتُ: وَاللهِ مَا ذُقْتُهَا.
فَقَالَ: أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ.
فَانْصَرَفَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، ذَكَرَ صِفَتِي فِي المَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَاخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجرِ، وَالنَّاسُ دَاخِلُوْنَ، فَاخْتلَطْتُ مَعَهُم وَأَنَا هَاربٌ.
قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَ إِبْرَاهِيْمَ فِي (تَارِيْخِي) أَزْيَدَ مِمَّا هُنَا، وَأَخْبَارَهُ فِي: (تَارِيْخِ دِمَشْقَ ) وَفِي: (الحِلْيَة ) ؛ وَتَآلِيْفَ لابْنِ جَوْصَا، وَأَخْبَارَهُ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، وَأَشْيَاءَ.
وثَّقهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ، وَقَبْرُهُ يُزَارُ.
وَتَرْجَمَتُه فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) فِي ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَرَقَةً.