Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=149967#3c6fa7
إبراهيم بن محمد بن أبي حصن الحارث
ابن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر أبو إسحاق الفزاري، أحد أئمة المسلمين وأعلام الدّين روى عن جماعة وروى عنه جماعة.
حدّث عن أبي إسحاق سليمان الشيباني، بسنده عن البراء: أنهم كانوا يصّلون مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا ركع ركعوا، وإذا رفع رأسه من الرّكوع فقال: سمع الله لمن حمده، لم نزل قياماً حتى نراه قد وضع وجهه بالأرض، ثم نتبعه.
وروى عن الأعمش، بسنده عن عبد الله بن مسعود، عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن لله ملائكة سيّاحين في الأرض يبلّغوني عن أمتي السّلام ".
قال أبو مسهر: قدم علينا إبراهيم بن محمد الفزاري، قال: فاجتمع النّاس يسمعون منه؛ قال: فقال لي: اخرج إلى النّاس فقل لهم: من كان يرى رأي القدريّة فلا يحضر مجلسنا، ومن كان يرى فلان فلا يحضر مجلسنا، ومن كان يأتي السّلطان فلا يحضر مجلسنا؛ قال: فخرجت فأخبرت النّاس.
قال ابن سعد: وكان ثقة فاضلاً، صاحب سنّة وغزو، كثير الخطأ في حديثه؛ مات بالمصّيصة سنة ثمان وثمانين ومئة، في خلافة هارون.
وقال النّسائي: ثقة مأمون، أحد أئمة الإسلام، كان يكون بالشام.
قال أبو صالح: سمعت الفزاريّ غير مرة يقول: إن من النّاس من يحسن الثّناء عليه وما يساوي عند الله جناح بعوضة.
وقال عطاء الخفّاف: كنت عند الأوزاعي فأراد أن يكتب إلى أبي إسحاق، فقال للكاتب، اكتب إليه وابدأ به فإنه والله خير منّي.
وقال أبو صالح: لقيت فضيل بن عياض فغزّاني بأبي إسحاق، وقال لي: والله لربّما اشتقت إلى المصيصّة ما بي فضل الرّباط، إلاّ لأرى أبا إسحاق.
وقال العجلي: إبراهيم بن محمد كوفيّ ثقة، وكان رجلاً صالحاً، قائماً بالسّنّة؛ وقال في موضع آخر: نزل الثّغر بالمصّيصة، وكان ثقة رجلاً صالحاً، صاحب
سنّة، وهو الذي أدّب أهل الثّغر، وعلّمهم السّنّة، وكان يأمر وينهى، وكان ذا دخل الثّغر رجل مبتدع أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه، وكان عربياً فزاريّاً؛ أمر سلطاناً يوماً ونهاه، فضربه مئتي سوط، فغضب الأوزاعي فتكلّم في أمره.
وعن إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخذ هارون الرّشيد زنديقاً، فأمر بضرب عنقه، فقال الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين؟ قال: أريح العباد منك: قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فأين أنت يا عدوّ الله من أبي إسحاق الفزاريّ وعبد الله بن المبارك ينخلانها ويخرجانها حرفاً حرفاً؟!.
قال عبد الرحمن بن مهدي: النّاس يتفاضلون في العلم، وكلّ إنسان يذهب إلى شيء، ولم أر أحداً أعلم بالسّنّة من حمّاد بن زيد؛ فإذا رأيت بصرياً يحب حمّاد بن زيد فهو صاحب سنّة؛ وإذا رأيت كوفيّاً يحب زائدة ومالك بن مغول، فهو صاحب سنّة؛ وإذا رأيت شامياً يحب الأوزاعيّ وأبا إسحاق الفزاريّ فهو صاحب سنّة؛ وإذا رأيت حجازياً يحبّ مالك بن أنس فهو صاحب سنّة.
قال هارون أمير المؤمنين لأبي إسحاق الفزاريّ: أيها الشيخ، بلغني أنك في موضع من العرب؛ قال: إن ذلك لا يغني عني من الله يوم القيامة شيئاً.
قال الأصمعي: كنت جالساً بين يدي هارون الرّشيد أنشده شعراً، وأبو يوسف القاضي جالس على يساره، فدخل الفضل بن الرّبيع، فقال: بالباب أبو إسحاق الفزاريّ، فقال: أدخله: فلّما دخل قال: عليك السّلام يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال له الرّشيد: لا سلّم الله عليك، ولا قرّب دارك، ولا حيّا مزارك؛ قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: أنت الذي تحرّم السّواد؟ فقال: يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعلّ ذا أخبرك وأشار إلى أبي يوسف وذكر كلمةً؛ والله يا أمير المؤمنين من أخبرك بهذا؟ لعلّ ذا أخبرك وأشار إلى أبي يوسف وذكر كلمةً؛ والله يا أمير المؤمنين لقد خرج إبراهيم على جدّك المنصور، فخرج أخي معه، وعزمت على الغزو، فأتيت أبا حنيفة فذكرت ذلك له، فقال: مخرج أخيك أحبّ إليّ ممّا عزمت عليه من الغزو؛ والله ما حرّمت السّواد.
فقال الرّشيد: فسلّم الله عليك، وقرّب دارك، وحيّا مزارك، اجلس يا أبا إسحاق؛ يا مسرور ثلاثة آلاف دينار لأبي إسحاق، فأتي بها، فوضعا في يده، وخرج فانصرف.
ولقيه ابن المبارك، فقال: من أين أقبلت؟ فقال: من عند أمير المؤمنين، وقد أعطاني هذه الدّنانير، وأنا عنها غنيّ؛ قال: فإن كان في نفسك منها شيء قتصدّق بها.
فما خرج من سوق الرّافقة حتى تصدّق بها كلّها.
قال ابن أبي خيثمة: مات بالمصّيصة سنة ثمان وثمانين ومئة في خلافة هارون.
وقال أحمد بن حنبل: مات سنة خمس وثمانين ومئة.
وقال ابن أبي السرّي: مات سنة ستّ وثمانين ومئة.
وعن مخلد بن الحسين قال: غزونا مع عبد الملك بن صالح الهاشمي، فأقبلنا من غزونا، فمرّ بنا أبو إسحاق الفزاريّ فأسرع ولم يسلّم، فالتفت إليّ عبد الملك مغضباً، فقال لي: يا مخلد، مر بنا أبو إسحاق فأسرع ولم يسلّم! فقلت له: أعزّ الله الأمير، لم يرك، فزدّها ثانية وتبيّن لي فيه الغضب فقلت: أعزّ الله الأمير، أنأذن لي أن أحدّثك رؤيا رأيتها له؟ قال: حدّث.
قلت: رأيت كأن القيامة قد قامت، والنّاس في ظلمة، في حيرة، يتردّدون فيها، فنادى مناد من السّماء: أيها النّاس، اقتدوا بأبي إسحاق الفزاريّ فإنه على الطّريق؛ فغدوت إليه فأعلمته، فقال لي: يا مخلد، لا تحدّث بهذا وأنا حيّ؛ ولوال غضبك أيّها الأمير ما حدّثتك.