إبراهيم بن عبد الله بن حصن
ابن أحمد بن حزم أبو إسحاق الغافقي، الأندلسيّ المحتسب: محتسب دمشق سمع الحديث الكثير ببغداد ودمشق والرملة وغيرها، وروي عنه.
حدّث عن أبي بكر محمد بن إسحاق الصفّار، بسنده عن سعيد بن كثير، قال: قدم إبراهيم بن سعد العراق سنة أربع وثمانين ومئة، فأكرمه الرّشيد، وأظهر برّه، وسئل عن الغناء فأفتاهم بتحليله؛ وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع من أحاديث الزّهريّ فسمعه يتغنّى، فقال: لقد كنت حريصاً على أن أسمع منك، فأمّا الآن فلا أسمع منك حديثاً أبداً؛ فقال: إذاً لا أفقد إلاّ شخصك، وعليّ وعليّ إن حدّثت ببغداد ما أقمت حديثاً، حتى أغنّي قبله!.
وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرّشيد، فدعا به، فسأله عن حديث المخزوميّة التي قطعها النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرقة الحليّ، فدعا بعود. فقال الرشيد: أعود المجمر؟ فقال: لا، ولكن عود الطّرب، فتبسم، ففهمها إبراهيم، فقال: لعلّك يا أمير المؤمنين بلغك حديث السّفيه الذي آذاني بالأمس، وألجأني أن حلفت، قال: نعم؛ فدعا له الرشيد بعود فغنّى: من البسيط
يا أمّ طلحة إن البين قد أفدا ... قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غداً
فقال الرّشيد: منكان من فقهائكم يكره السّماع؟ قال: من ربطه الله! قال: فهل بلغك عن مالك في هذا شيء؟ قال: إي والله، أخبرني أبي أنّهم اجتمعوا في مدعاة كانت لبني يربوع وهم يومئذ اجلّة، ومالك أقلّهم فقهاً وقدراً، ومعهم معازف وعيدان، يغنّون ويلعبون، ومع مالك دفّ مربّع، وهو يغنيّيهم: من الهزج
سليمى أجمعت بينا ... فأين لقاؤها أينا
وقد قالت لأتراب ... لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب ... لنا العيش تعالينا
فضحك الرّشيد، ووصله بمال عظيم.
وفي هذه السنة مات إبراهيم بن سعد، وهو ابن خمس وسبعين سنة، يكنى أبا إسحق.
وقال عبد المنعم بن علي بن النحوي: وفي يوم الإثنين لثمان خلون من جمادى الأولى سنة خمس وسبعين، عزل الأنصاريّ عن حسبة دمشق، ووليها أبو إسحاق الأندلسيّ الفقيه.
فسمعت أبا محمد بن الأكفاني يحكي عن شيوخه، أن أبا إسحاق كان صارماً في الحسية، وأنه كان بدمشق رجل يقلي القطايف، فكان المحتسب يريد أن يؤدّيه، فإذا رآه القطايفي قد أقبل، قال: بحقّ مولانا امض عنّي، فيمضي عنه؛ فغافله يوماً وأتاه من خلفه، وقال: وحقّ مولانا لا بدّ أن تنزل، فأمر بإنزاله وتأديبه، فلّما ضرب بالدرّة قال: هذه في قفا عثمانّ، قال المحتسب: أنت لا تعرف أسماء الصحّابة، والله لأصفعنّك بعدد أهل بدر ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، فصفعه بعدد أهل بدر، وتركه؛ فمات بعد أيّام من ألم الصّفع، وبلغ الخبر إلى مصر فأتاه كتاب الملّقب بالحاكم يشكره على ما صنع، وقال: هذا جزاء من ينتقص السّلف الصّالح.
قال ابن الأكفاني: مات في يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلون من ذي الحجّة سنة أربع وأربعمئة، وكان قد كتب الكثير، وسافر ولم يحدّث، وكان مالكيّاً يذهب إلى الاعتزال.
ابن أحمد بن حزم أبو إسحاق الغافقي، الأندلسيّ المحتسب: محتسب دمشق سمع الحديث الكثير ببغداد ودمشق والرملة وغيرها، وروي عنه.
حدّث عن أبي بكر محمد بن إسحاق الصفّار، بسنده عن سعيد بن كثير، قال: قدم إبراهيم بن سعد العراق سنة أربع وثمانين ومئة، فأكرمه الرّشيد، وأظهر برّه، وسئل عن الغناء فأفتاهم بتحليله؛ وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع من أحاديث الزّهريّ فسمعه يتغنّى، فقال: لقد كنت حريصاً على أن أسمع منك، فأمّا الآن فلا أسمع منك حديثاً أبداً؛ فقال: إذاً لا أفقد إلاّ شخصك، وعليّ وعليّ إن حدّثت ببغداد ما أقمت حديثاً، حتى أغنّي قبله!.
وشاعت هذه عنه ببغداد فبلغت الرّشيد، فدعا به، فسأله عن حديث المخزوميّة التي قطعها النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرقة الحليّ، فدعا بعود. فقال الرشيد: أعود المجمر؟ فقال: لا، ولكن عود الطّرب، فتبسم، ففهمها إبراهيم، فقال: لعلّك يا أمير المؤمنين بلغك حديث السّفيه الذي آذاني بالأمس، وألجأني أن حلفت، قال: نعم؛ فدعا له الرشيد بعود فغنّى: من البسيط
يا أمّ طلحة إن البين قد أفدا ... قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غداً
فقال الرّشيد: منكان من فقهائكم يكره السّماع؟ قال: من ربطه الله! قال: فهل بلغك عن مالك في هذا شيء؟ قال: إي والله، أخبرني أبي أنّهم اجتمعوا في مدعاة كانت لبني يربوع وهم يومئذ اجلّة، ومالك أقلّهم فقهاً وقدراً، ومعهم معازف وعيدان، يغنّون ويلعبون، ومع مالك دفّ مربّع، وهو يغنيّيهم: من الهزج
سليمى أجمعت بينا ... فأين لقاؤها أينا
وقد قالت لأتراب ... لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب ... لنا العيش تعالينا
فضحك الرّشيد، ووصله بمال عظيم.
وفي هذه السنة مات إبراهيم بن سعد، وهو ابن خمس وسبعين سنة، يكنى أبا إسحق.
وقال عبد المنعم بن علي بن النحوي: وفي يوم الإثنين لثمان خلون من جمادى الأولى سنة خمس وسبعين، عزل الأنصاريّ عن حسبة دمشق، ووليها أبو إسحاق الأندلسيّ الفقيه.
فسمعت أبا محمد بن الأكفاني يحكي عن شيوخه، أن أبا إسحاق كان صارماً في الحسية، وأنه كان بدمشق رجل يقلي القطايف، فكان المحتسب يريد أن يؤدّيه، فإذا رآه القطايفي قد أقبل، قال: بحقّ مولانا امض عنّي، فيمضي عنه؛ فغافله يوماً وأتاه من خلفه، وقال: وحقّ مولانا لا بدّ أن تنزل، فأمر بإنزاله وتأديبه، فلّما ضرب بالدرّة قال: هذه في قفا عثمانّ، قال المحتسب: أنت لا تعرف أسماء الصحّابة، والله لأصفعنّك بعدد أهل بدر ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، فصفعه بعدد أهل بدر، وتركه؛ فمات بعد أيّام من ألم الصّفع، وبلغ الخبر إلى مصر فأتاه كتاب الملّقب بالحاكم يشكره على ما صنع، وقال: هذا جزاء من ينتقص السّلف الصّالح.
قال ابن الأكفاني: مات في يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلون من ذي الحجّة سنة أربع وأربعمئة، وكان قد كتب الكثير، وسافر ولم يحدّث، وكان مالكيّاً يذهب إلى الاعتزال.