أماجور
ولي إمرة دمشق في أيام المعتمد على الله سنة ست وخمسين ومائتين.
ومات سنة أربع وستين ومائتين، وكان أميراً مهاباً ضابطاً لعمله، خشناً، شجاعاً، لا يقطع في جميع أعماله الطريق، فوجه مرة فارساً إلى أذرعات في رسالة، فلما رجع الفارس من أذرعات نزل اليرموك، فصادف في القرية رجلاً من الأعراب، فلما رأى الأعرابي الجندي مد يده فنتف من سبال الجندي خصلتين من شعر.
فلما أن رجع الفارس إلى دمشق اتصل الخبر بأماجور ما فعل الأعرابي بالفارس، فدعاه أماجور فسأله عن القصة؟ فأخبره، فأمر بالفارس فحبس، ثم قال لكاتبه: اطلبوا معلماً يعلم الصبيان فجاؤوا بمعلم، فقال أماجور للمعلم: هو ذا أعطيك نفقة واسعة وتخرج إلى اليرموك، وأعطيك طيوراً تكون معك، فإذا دخلت القرية، تقول لهم: إني معلم جئت أطلب المعاش، وأعلم صبيانكم، فإذا تمكنت من القرية، فارصد لي الأعرابي الذي نتف سبال الفارس، وخذ خبره واسمه، ولا تبرح من القرية وإن بقيت بها مدة طويلة، حتى يوافي هذا الأعرابي القرية، فإذا رأيته قد وافى، فخذ هذا الكتاب الذي أعطيك، وادفعه إلى أهل القرية حتى يقرؤوه، ثم أرسل الطيور إلي بخبرك طيراً خلف طير، ففعل المعلم ذلك، ووافى اليرموك، وأقام بها ستة أشهر، حتى وافى الأعرابي القرية، فلما أن رآه المعلم أخرج كتاب أماجور إلى القرية: الله الله في
أنفسكم، اشغلوا الأعرابي إلى ما أوافيكم، فإن جئت ولم أوافه خربت القرية، وقتلت الرجال.
وخلى المعلم الطيور إلى دمشق بخبر الأعرابي، وموافاته القرية، فلما أن وصل الخبر إلى أماجور ضرب بالبوق، وخرج من وقته حتى وافى اليرموك في أسرع وقت وأحدقوا بالقرية، فأصاب الأعرابي في وسط القرية، فأخذه وأردفه خلف بعض غلمانه، ووافى به دمشق، فلما أصبح أماجور دعا بالأعرابي فقال له: ما حملك على أن رأيت رجلاً من أولياء السلطان في قرية لم يؤذك ولم يعارضك، نتفت خصلتين من سباله، فقال الأعرابي: كنت سكران أيها الأمير لم أعقل ما فعلت، فقال أماجور: ادعوا لي بحجام، فأتي بحجام، فقال: لا تدع في وجه الأعرابي ولا في رأسه، ولا على بدنه شعرة إلا نتفتها، فبدأ بأشفار عينيه ثم بحاجبيه ثم بلحيته ثم بشاربه، ثم برأسه، ثم بيديه، فما ترك عليه شعرة إلا نتفها، ثم قال: هاتوا الجلادين، فأتي بالجلادين، فضربه أربع مئة سوط، ثم أمر بحبسه، فلما كان من الغد، دعا به فضربه أربع مئة سوط آخر، ثم قطع يديه، فلما أن كان اليوم الثالث قطع رجليه فلما أن كان في اليوم الرابع ضرب رقبته وصلبه، ثم دعا بذلك الجندي من الحبس، فضربه مائة عصا وأسقط اسمه، وقال: أنت ليس فيك خير لنفسك حيث رأيت أعرابياً واحداً ليس معه أحد ولا غلمان ولا أصحاب استخذيت له وخضعت له حتى فعل بسبالك ما فعل.
كيف يكون لي فيك خير إذا احتجت إليك؛ وطرده.
قال أبو يعقوب الأذرعي: لما بنى أماجور الفندق الذي في الخواصين كتب على بابه: مائة سنة وسنة.
قال: فما عاش بعد أن كتب ذلك إلا مائة يوم ويوم، وتوفي أماجور أمير دمشق في سنة أربع وستين ومائتين.
قال أبو علي الحسن بن قريش المحاملي: رأيت أماجور الأمير في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي.
قلت: بماذا؟ قال: بضبطي لطرق المسلمين، وطريق الحاج.
ولي إمرة دمشق في أيام المعتمد على الله سنة ست وخمسين ومائتين.
ومات سنة أربع وستين ومائتين، وكان أميراً مهاباً ضابطاً لعمله، خشناً، شجاعاً، لا يقطع في جميع أعماله الطريق، فوجه مرة فارساً إلى أذرعات في رسالة، فلما رجع الفارس من أذرعات نزل اليرموك، فصادف في القرية رجلاً من الأعراب، فلما رأى الأعرابي الجندي مد يده فنتف من سبال الجندي خصلتين من شعر.
فلما أن رجع الفارس إلى دمشق اتصل الخبر بأماجور ما فعل الأعرابي بالفارس، فدعاه أماجور فسأله عن القصة؟ فأخبره، فأمر بالفارس فحبس، ثم قال لكاتبه: اطلبوا معلماً يعلم الصبيان فجاؤوا بمعلم، فقال أماجور للمعلم: هو ذا أعطيك نفقة واسعة وتخرج إلى اليرموك، وأعطيك طيوراً تكون معك، فإذا دخلت القرية، تقول لهم: إني معلم جئت أطلب المعاش، وأعلم صبيانكم، فإذا تمكنت من القرية، فارصد لي الأعرابي الذي نتف سبال الفارس، وخذ خبره واسمه، ولا تبرح من القرية وإن بقيت بها مدة طويلة، حتى يوافي هذا الأعرابي القرية، فإذا رأيته قد وافى، فخذ هذا الكتاب الذي أعطيك، وادفعه إلى أهل القرية حتى يقرؤوه، ثم أرسل الطيور إلي بخبرك طيراً خلف طير، ففعل المعلم ذلك، ووافى اليرموك، وأقام بها ستة أشهر، حتى وافى الأعرابي القرية، فلما أن رآه المعلم أخرج كتاب أماجور إلى القرية: الله الله في
أنفسكم، اشغلوا الأعرابي إلى ما أوافيكم، فإن جئت ولم أوافه خربت القرية، وقتلت الرجال.
وخلى المعلم الطيور إلى دمشق بخبر الأعرابي، وموافاته القرية، فلما أن وصل الخبر إلى أماجور ضرب بالبوق، وخرج من وقته حتى وافى اليرموك في أسرع وقت وأحدقوا بالقرية، فأصاب الأعرابي في وسط القرية، فأخذه وأردفه خلف بعض غلمانه، ووافى به دمشق، فلما أصبح أماجور دعا بالأعرابي فقال له: ما حملك على أن رأيت رجلاً من أولياء السلطان في قرية لم يؤذك ولم يعارضك، نتفت خصلتين من سباله، فقال الأعرابي: كنت سكران أيها الأمير لم أعقل ما فعلت، فقال أماجور: ادعوا لي بحجام، فأتي بحجام، فقال: لا تدع في وجه الأعرابي ولا في رأسه، ولا على بدنه شعرة إلا نتفتها، فبدأ بأشفار عينيه ثم بحاجبيه ثم بلحيته ثم بشاربه، ثم برأسه، ثم بيديه، فما ترك عليه شعرة إلا نتفها، ثم قال: هاتوا الجلادين، فأتي بالجلادين، فضربه أربع مئة سوط، ثم أمر بحبسه، فلما كان من الغد، دعا به فضربه أربع مئة سوط آخر، ثم قطع يديه، فلما أن كان اليوم الثالث قطع رجليه فلما أن كان في اليوم الرابع ضرب رقبته وصلبه، ثم دعا بذلك الجندي من الحبس، فضربه مائة عصا وأسقط اسمه، وقال: أنت ليس فيك خير لنفسك حيث رأيت أعرابياً واحداً ليس معه أحد ولا غلمان ولا أصحاب استخذيت له وخضعت له حتى فعل بسبالك ما فعل.
كيف يكون لي فيك خير إذا احتجت إليك؛ وطرده.
قال أبو يعقوب الأذرعي: لما بنى أماجور الفندق الذي في الخواصين كتب على بابه: مائة سنة وسنة.
قال: فما عاش بعد أن كتب ذلك إلا مائة يوم ويوم، وتوفي أماجور أمير دمشق في سنة أربع وستين ومائتين.
قال أبو علي الحسن بن قريش المحاملي: رأيت أماجور الأمير في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي.
قلت: بماذا؟ قال: بضبطي لطرق المسلمين، وطريق الحاج.