أحمد بن أبي خالد يزيد
ابن عبد الرحمن الكاتب أبو العباس الأحول، مولى عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة أصله من الأردن.
وترقت به الحال إلى أن استوزره المأمون بعد الفضل بن سهل، وكان أبو خالد كاتباً لأبي عبيد الله وزير المهدي.
حدث أسد بن سالم صاحب ديوان السواد أن أحمد بن أبي خالد قال لثمامة بن أشرس: كل أحد في الدار له مغنى غيرك فإنه لا مغنى لك في دار أمير المؤمنين فقال له ثمامة: إن مغناي في الدار والحاجة إليه بينة. قال: وما الذي تصلح له؟ قال: أشاور في مثلك. هل تصلح لمن معك أو لا تصلح؟ قال: فأفحم فما رد عليه جواباً.
قال الصولي: وكان ثمامة لما قتل الفضل بن سهل قد بعث إليه المأمون في الليل فعرض عليه الوزارة وألح عليه فيها، وقال له المأمون: أريدك لكذا وكذا، فقال: إني لا أقوم بذلك يا أمير المؤمنين، وإني لأضن بموضعي وحالي أن تزول، ولم أر أحداً يعرض للخدمة والوزارة إلا لم يكد تسلم حاله، ولا تدوم منزلته، فأعفاه منها، وقال له: فأشر علي برجل يصلح لما عرفتك، فقال: أحمد بن أبي خالد الأحول يقوم بالخدمة، إلى أن ينظر أمير المؤمنين من يصلح، فدعاه المأمون، وأمره بلزوم الخدمة. فلما تمكن له الأمر واستوثقت له الحال تذمم المأمون من تنحيته عن الأمر.
قال أبو العباس أحمد بن أبي خالد: كنت يوماً عند المأمون أكلمه في بعض الأمر فحضرتني عطسة فرددتها، وفهم المأمون ذلك، وقال: يا أحمد، لم فعلت هذا؟ أما علمت أنه ربما قتل ولسنا نحمل أحداً على هذه الخطيئة، فدعوت له وقلت: يا أمير المؤمنين ما سمعت كلمةٌ لملك أشرف من هذه. قال: بلى، كلمة هشام حين أراد الأبرش الكلبي أن يسوي عليه ثوبه فقال له هشام: إنا لا نتخذ الإخوان خولاً.
ومن كلام أحمد بن أبي خالد: لا يعدن شجاعاً من لم يكن جواداًن فإن من لم يقدر على نفسه بالبذل لم يقدم على عدوه بالقتل.
وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: كان الناس يقولون: إن الشجاع لا يكون بخيلاً، وإن الشجاعة والبخل لا يجتمعان. وذلك أن من جاد بنفسه كان بماله أجود، حتى نشأ عبد الله بن الزبير فكان من الشجاعة بحيث لا يدانيه كبير أحد وكان من البخل على مثل هذا الحد، وعلى قول من أنكر اجتماع الشجاعة والبخل قوله من البسيط
يجود بالنفس إن ضن الجبان بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
قال أحمد بن أبي داود: لما مات أحمد بن أبي خالد وزير المأمون في آخر سنة اثنتي عشرة ومئتين صلى عليه المأمون، ووقف على قبره، فلما دلي في قبره قال: رحمك الله، أنت والله كما قال الشاعر: من الطويل
أخو الجد إن جد الرجال وشمروا ... وذو باطلٍ إن كان في القوم باطل
وقيل: مات في ذي القعدة سنة إحدى عشرة ومئتين.
ابن عبد الرحمن الكاتب أبو العباس الأحول، مولى عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة أصله من الأردن.
وترقت به الحال إلى أن استوزره المأمون بعد الفضل بن سهل، وكان أبو خالد كاتباً لأبي عبيد الله وزير المهدي.
حدث أسد بن سالم صاحب ديوان السواد أن أحمد بن أبي خالد قال لثمامة بن أشرس: كل أحد في الدار له مغنى غيرك فإنه لا مغنى لك في دار أمير المؤمنين فقال له ثمامة: إن مغناي في الدار والحاجة إليه بينة. قال: وما الذي تصلح له؟ قال: أشاور في مثلك. هل تصلح لمن معك أو لا تصلح؟ قال: فأفحم فما رد عليه جواباً.
قال الصولي: وكان ثمامة لما قتل الفضل بن سهل قد بعث إليه المأمون في الليل فعرض عليه الوزارة وألح عليه فيها، وقال له المأمون: أريدك لكذا وكذا، فقال: إني لا أقوم بذلك يا أمير المؤمنين، وإني لأضن بموضعي وحالي أن تزول، ولم أر أحداً يعرض للخدمة والوزارة إلا لم يكد تسلم حاله، ولا تدوم منزلته، فأعفاه منها، وقال له: فأشر علي برجل يصلح لما عرفتك، فقال: أحمد بن أبي خالد الأحول يقوم بالخدمة، إلى أن ينظر أمير المؤمنين من يصلح، فدعاه المأمون، وأمره بلزوم الخدمة. فلما تمكن له الأمر واستوثقت له الحال تذمم المأمون من تنحيته عن الأمر.
قال أبو العباس أحمد بن أبي خالد: كنت يوماً عند المأمون أكلمه في بعض الأمر فحضرتني عطسة فرددتها، وفهم المأمون ذلك، وقال: يا أحمد، لم فعلت هذا؟ أما علمت أنه ربما قتل ولسنا نحمل أحداً على هذه الخطيئة، فدعوت له وقلت: يا أمير المؤمنين ما سمعت كلمةٌ لملك أشرف من هذه. قال: بلى، كلمة هشام حين أراد الأبرش الكلبي أن يسوي عليه ثوبه فقال له هشام: إنا لا نتخذ الإخوان خولاً.
ومن كلام أحمد بن أبي خالد: لا يعدن شجاعاً من لم يكن جواداًن فإن من لم يقدر على نفسه بالبذل لم يقدم على عدوه بالقتل.
وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: كان الناس يقولون: إن الشجاع لا يكون بخيلاً، وإن الشجاعة والبخل لا يجتمعان. وذلك أن من جاد بنفسه كان بماله أجود، حتى نشأ عبد الله بن الزبير فكان من الشجاعة بحيث لا يدانيه كبير أحد وكان من البخل على مثل هذا الحد، وعلى قول من أنكر اجتماع الشجاعة والبخل قوله من البسيط
يجود بالنفس إن ضن الجبان بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
قال أحمد بن أبي داود: لما مات أحمد بن أبي خالد وزير المأمون في آخر سنة اثنتي عشرة ومئتين صلى عليه المأمون، ووقف على قبره، فلما دلي في قبره قال: رحمك الله، أنت والله كما قال الشاعر: من الطويل
أخو الجد إن جد الرجال وشمروا ... وذو باطلٍ إن كان في القوم باطل
وقيل: مات في ذي القعدة سنة إحدى عشرة ومئتين.