أَبُو عاصم التمار قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر، روى عَنْهُ الأزهر بْن راشد.
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
أبو عاصم التمار، روى عن سعيد بن جبير، روى عنه الأزهر بن راشد الكاهلى .
أبو عاصم التمار روى عن سعيد بن جبير روى عنه الازهر بن راشد سمعت أبي يقول ذلك.
أَبُو عَاصِم التمار يروي عَنْ سعيد بن جُبَير روى عَنهُ الْأَزْهَر بْن رَاشد
أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ
ابْنِ الضَّحَّاكِ بن مُسْلِمِ بنِ الضَّحَّاكِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ الأَثْبَاتِ، أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ مَوْلاَهُمْ - وَيُقَالُ: مَنْ أَنْفُسِهِم - البَصْرِيُّ.
وَأُمُّهُ: مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يَبِيْعُ الحَرِيْرَ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَبَهْزِ بنِ حَكِيْمٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَحرُفاً مِنَ التَّفْسِيْرِ، وَحَنْظَلَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَزَكَرِيَّا بنِ إِسْحَاقَ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَعُثْمَانَ بنِ سَعْدٍ الكَاتِبِ، وَحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَبَكَّارِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَثَوْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَجَعْفَرِ بنِ يَحْيَى بنِ ثَوْبَانَ، وَحَجَّاجِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ، وَأَشْعَثَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَشَبِيْبِ بنِ بِشْرٍ، وَمُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي زِيَادٍ القَدَّاحِ، وَطَلْحَةَ بنِ عَمْرٍو، وَجُبَيْرِ بنِ فَرْقَدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبَّادِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَمُسْتقِيْمِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَعُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ - وَهُوَ أَجَلُّ شُيُوْخِه وَأَكْبَرُهُم - وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ - شَيْخُهُ - وَالأَصْمَعِيُّ، وَالخُرَيْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه، وَعَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَبُنْدَارُ، وَابْنُ مُثَنَّى، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَالحَسَنُ الحُلْوَانِيُّ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَالذُّهْلِيُّ، وَالفَلاَّسُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْرٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَعْقُوْبَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَالكَوْسَجُ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عِصَامٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي قُرَيْشٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَخَلْقٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ الأَزْهَرُ القَطَّانُ.وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، لَهُ فِقْهٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَوْحِ بنِ عُبَادَةَ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الزَّجَّاجُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِحَدِيْثٍ، فَقُلْتُ لأَبِي عَاصِمٍ: ذَكَرَ ابْنَ جُرَيْجٍ؟فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكَ بِهِ، حَدَّثُونِي بِهِ، وَمَا دَلَّسْتُ حَدِيْثاً قَطُّ، إِنِّيْ لأَرحَمُ مَنْ يُدَلِّسُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو عَاصِمٍ ثِقَةً، فَقِيْهاً.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: لَمْ يُرَ فِي يَدِهِ كِتَابٌ قَطُّ.
وَذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ، فَقَالَ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زُهْداً، وَعِلْماً، وَدِيَانَةً، وَإِتْقَاناً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
مُنْذُ عَقَلْتُ أَنَّ الغِيْبَةَ حَرَامٌ، مَا اغْتَبتُ أَحَداً قَطُّ.
وَرَوَى: أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو عَاصِمٍ يَحْفَظُ قَدْرَ أَلفِ حَدِيْثٍ مِنْ جَيِّدِ حَدِيْثِهِ، وَكَانَ فِيْهِ مُزَاحٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ: النَّبِيْلُ؛ لأَنَّ فِيْلاً قَدِمَ البَصْرَةَ، فَذَهَبَ النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَا لَكَ لاَ تَنْظُرُ؟
قَالَ: لاَ أَجِدُ مِنْكَ عِوَضاً.
قَالَ: أَنْتَ نَبِيْلٌ.
وَبَعْضُهُم نَقَلَ: أَنَّ أَبَا عَاصِمٍ كَانَ ضَخْمَ الأَنْفِ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَمَّا خَلاَ بِهَا، دنَا مِنْهَا لِيُقَبِّلَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: نَحِّ رُكْبَتَكَ عَنْ وَجْهِي.
قَالَ: لَيْسَ ذَا رُكْبَةً، إِنَّمَا هُوَ أَنْفٌ.
نَقَلَ ذَلِكَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ - وَالِي خُرَاسَانَ - عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ.وَقِيْلَ: لأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الخَزَّ وَجَيِّدَ الثِّيَابِ، وَكَانَ إِذَا أَقْبَلَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: جَاءَ النَّبِيْلُ.
وَقِيْلَ: لأَنَّ شُعْبَةَ حَلَفَ أَلاَّ يُحَدِّثَ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ شَهْراً، فَقَصَدَهُ أَبُو عَاصِمٍ، فَدَخَلَ مَجْلِسَه، وَقَالَ: حَدِّثْ، وَغُلاَمِي العَطَّارُ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ كَفَّارَةً عَنْ يَمِيْنِكَ.
فَأَعْجَبَه ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الزَّجَّاجُ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ، فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى الأُمُوْرِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ خَيْرَ النَّاسِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
وُلِدَتْ أُمِّي سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ، وَوُلِدْتُ أَنَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ الجَوْهَرِيُّ المُسْتَمْلِي بِدْعَةً : سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، لأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْهُ.
وَأَرَّخَهُ فِيْهَا: خَلِيْفَةُ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ الذَّرَّاعُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، مَا ذَكَرَ الشَّهْرَ.وَقَالَ جَابِرُ بنُ كُرْدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ - فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ -.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الزِّمَّانِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ - وَهَذَا بَعِيْدٌ -.
وَأَبعَدُ مِنْهُ مَا رَوَى: ابْنُ المُقْرِئِ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ التَّمَّارِ، عَنْ حَمْدَانَ بنِ عَلِيٍّ الوَرَّاقِ، قَالَ:
ذَهَبنَا إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، فَسَأَلنَاهُ أَنْ يُحَدِّثنَا،
فَقَالَ:
تَسْمَعُوْنَ مِنِّي وَمِثْلُ أَبِي عَاصِمٍ فِي الحَيَاةِ؟! اخْرُجُوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ - فَوَهِمَ رَحِمَهُ اللهُ -: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِي آخِرِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا مائَةٌ وَإِحْدَى وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ ابْنُ حِبَّانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيٍّ قِرَاءةً، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ (ح) .
وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَنَّ عُمَرَ بنَ مَسْرُوْرٍ الزَّاهِدَ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا بَهْزُ بنُ
حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَبَرُّ؟
قَالَ: (أُمَّكَ) .
قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الأَقْرَبَ، فَالأَقْرَبَ).
ابْنِ الضَّحَّاكِ بن مُسْلِمِ بنِ الضَّحَّاكِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ الأَثْبَاتِ، أَبُو عَاصِمٍ الشَّيْبَانِيُّ مَوْلاَهُمْ - وَيُقَالُ: مَنْ أَنْفُسِهِم - البَصْرِيُّ.
وَأُمُّهُ: مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يَبِيْعُ الحَرِيْرَ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَبَهْزِ بنِ حَكِيْمٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَحرُفاً مِنَ التَّفْسِيْرِ، وَحَنْظَلَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَزَكَرِيَّا بنِ إِسْحَاقَ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَابْنِ عَجْلاَنَ، وَعُثْمَانَ بنِ سَعْدٍ الكَاتِبِ، وَحَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَبَكَّارِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَثَوْرِ بنِ يَزِيْدَ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَجَعْفَرِ بنِ يَحْيَى بنِ ثَوْبَانَ، وَحَجَّاجِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ رَافِعٍ، وَأَشْعَثَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَشَبِيْبِ بنِ بِشْرٍ، وَمُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي زِيَادٍ القَدَّاحِ، وَطَلْحَةَ بنِ عَمْرٍو، وَجُبَيْرِ بنِ فَرْقَدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبَّادِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَمُسْتقِيْمِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَعُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ - وَهُوَ أَجَلُّ شُيُوْخِه وَأَكْبَرُهُم - وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ - شَيْخُهُ - وَالأَصْمَعِيُّ، وَالخُرَيْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْه، وَعَلِيٌّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَبُنْدَارُ، وَابْنُ مُثَنَّى، وَمَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، وَالحَسَنُ الحُلْوَانِيُّ، وَهَارُوْنُ الحَمَّالُ، وَالذُّهْلِيُّ، وَالفَلاَّسُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْرٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَعْقُوْبَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَالكَوْسَجُ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عِصَامٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي قُرَيْشٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَخَلْقٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ الأَزْهَرُ القَطَّانُ.وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، لَهُ فِقْهٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَوْحِ بنِ عُبَادَةَ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الزَّجَّاجُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِحَدِيْثٍ، فَقُلْتُ لأَبِي عَاصِمٍ: ذَكَرَ ابْنَ جُرَيْجٍ؟فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكَ بِهِ، حَدَّثُونِي بِهِ، وَمَا دَلَّسْتُ حَدِيْثاً قَطُّ، إِنِّيْ لأَرحَمُ مَنْ يُدَلِّسُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو عَاصِمٍ ثِقَةً، فَقِيْهاً.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: لَمْ يُرَ فِي يَدِهِ كِتَابٌ قَطُّ.
وَذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ، فَقَالَ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زُهْداً، وَعِلْماً، وَدِيَانَةً، وَإِتْقَاناً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
مُنْذُ عَقَلْتُ أَنَّ الغِيْبَةَ حَرَامٌ، مَا اغْتَبتُ أَحَداً قَطُّ.
وَرَوَى: أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو عَاصِمٍ يَحْفَظُ قَدْرَ أَلفِ حَدِيْثٍ مِنْ جَيِّدِ حَدِيْثِهِ، وَكَانَ فِيْهِ مُزَاحٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ: النَّبِيْلُ؛ لأَنَّ فِيْلاً قَدِمَ البَصْرَةَ، فَذَهَبَ النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَا لَكَ لاَ تَنْظُرُ؟
قَالَ: لاَ أَجِدُ مِنْكَ عِوَضاً.
قَالَ: أَنْتَ نَبِيْلٌ.
وَبَعْضُهُم نَقَلَ: أَنَّ أَبَا عَاصِمٍ كَانَ ضَخْمَ الأَنْفِ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَلَمَّا خَلاَ بِهَا، دنَا مِنْهَا لِيُقَبِّلَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: نَحِّ رُكْبَتَكَ عَنْ وَجْهِي.
قَالَ: لَيْسَ ذَا رُكْبَةً، إِنَّمَا هُوَ أَنْفٌ.
نَقَلَ ذَلِكَ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ - وَالِي خُرَاسَانَ - عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ.وَقِيْلَ: لأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الخَزَّ وَجَيِّدَ الثِّيَابِ، وَكَانَ إِذَا أَقْبَلَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: جَاءَ النَّبِيْلُ.
وَقِيْلَ: لأَنَّ شُعْبَةَ حَلَفَ أَلاَّ يُحَدِّثَ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ شَهْراً، فَقَصَدَهُ أَبُو عَاصِمٍ، فَدَخَلَ مَجْلِسَه، وَقَالَ: حَدِّثْ، وَغُلاَمِي العَطَّارُ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ كَفَّارَةً عَنْ يَمِيْنِكَ.
فَأَعْجَبَه ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الزَّجَّاجُ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
مَنْ طَلَبَ الحَدِيْثَ، فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى الأُمُوْرِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ خَيْرَ النَّاسِ.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
وُلِدَتْ أُمِّي سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ، وَوُلِدْتُ أَنَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ الجَوْهَرِيُّ المُسْتَمْلِي بِدْعَةً : سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، لأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْهُ.
وَأَرَّخَهُ فِيْهَا: خَلِيْفَةُ، وَالكُدَيْمِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ الذَّرَّاعُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، مَا ذَكَرَ الشَّهْرَ.وَقَالَ جَابِرُ بنُ كُرْدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ - فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ -.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الزِّمَّانِيُّ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ - وَهَذَا بَعِيْدٌ -.
وَأَبعَدُ مِنْهُ مَا رَوَى: ابْنُ المُقْرِئِ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ التَّمَّارِ، عَنْ حَمْدَانَ بنِ عَلِيٍّ الوَرَّاقِ، قَالَ:
ذَهَبنَا إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، فَسَأَلنَاهُ أَنْ يُحَدِّثنَا،
فَقَالَ:
تَسْمَعُوْنَ مِنِّي وَمِثْلُ أَبِي عَاصِمٍ فِي الحَيَاةِ؟! اخْرُجُوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ - فَوَهِمَ رَحِمَهُ اللهُ -: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فِي آخِرِهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ، وَبَيْنَ وَفَاتَيْهِمَا مائَةٌ وَإِحْدَى وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ ابْنُ حِبَّانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيٍّ قِرَاءةً، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ (ح) .
وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، وَأَخْبَرُوْنَا عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَنَّ عُمَرَ بنَ مَسْرُوْرٍ الزَّاهِدَ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا بَهْزُ بنُ
حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَبَرُّ؟
قَالَ: (أُمَّكَ) .
قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الأَقْرَبَ، فَالأَقْرَبَ).
أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بنِ شَدَّادِ
(ت، س) وَابْنهابْنِ عَمْرِو بنِ عَامِرٍ، كَذَا أَسْمَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بنِ بِشْرِ بنِ شَدَّادٍ.
وَقَالَ ابْنُ دَاسَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ بَشِيْرِ بنِ شَدَّادٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ ) ، وَزَادَ: ابْنَ عَمْرِو بنِ عِمْرَانَ.
الإِمَامُ، شَيْخُ السُّنَّةِ، مُقَدَّمُ الحُفَّاظِ، أَبُو دَاوُدَ الأَزْدِيُّ، السِّجِسْتَانِيُّ، مُحَدِّثُ البَصْرَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ، وَرَحَلَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ عَلَى عَفَّانَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ، وَدَخَلْتُ البَصْرَةَ وَهُم يَقُوْلُوْنَ: أَمْسِ مَاتَ عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ المُؤَذِّنُ.
فَسَمِعْتُ مِنْ أَبِي عُمَرَ الضَّرِيْرِ مَجْلِساً وَاحِداً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ، مِنْ سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَمَاتَ عُثْمَانُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ.
قَالَ: وَتَبِعْتُ عُمَرَ بنَ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَسَمِعْتُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ مَجْلِساً وَاحِداً، وَمِنْ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ مَجْلِساً وَاحِداً.
قُلْتُ: وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنَ: القَعْنَبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُوْسَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَطَبَقَتِهِم بِالبَصْرَةِ.
ثمَّ سَمِعَ بِالكُوْفَةِ مِنَ: الحَسَنِ بنِ الرَّبِيْعِ البُورَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيْعِ بنِ نَافِعٍ بِحَلَبَ.
وَمِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ، وَعِدَّةٍ، بِحَرَّانَ.
وَمِنْ: حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ رَبِّهِ، وَخَلْقٍ بِحِمْصَ.
وَمِنْ: صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ
عَمَّارٍ بِدِمَشْقَ.وَمِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَطَبَقَتِهِ بِخُرَاسَانَ.
وَمِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِ بِبَغْدَادَ.
وَمِنْ: قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ بِبَلْخٍ.
وَمِنْ: أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، وَخَلْقٍ بِمِصْرَ.
وَمِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَشَّارٍ الرَّمَادِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسَهْلِ بنِ بَكَّارٍ، وَشَاذِّ بنِ فَيَّاضٍ، وَأَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو المُقْعَدِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُبَارَكِ العَيْشِيِّ، وَعَبْدِ السَّلامِ بنِ مُطَهِّرٍ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ نَجْدَةَ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المِنْهَالِ الضَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ العَبْدِيِّ، وَمُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدٍ، وَمُعَاذِ بنِ أَسَدٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَأُمَمٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عِيْسَى فِي (جَامِعِهِ) ، وَالنَّسَائِيُّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْدَانَ العَاقِولِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأُشنَانِيِّ البَغْدَادِيُّ - نَزِيْلُ الرَّحْبَةِ، رَاوِي (السُّنَنِ) عَنْهُ - وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الأَشْعَرِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَنٍ البَصْرِيُّ - رَاوِي (السُّنَنِ) عَنْهُ - وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ - رَاوِي (السُّنَنِ) بِفَوْتٍ لَهُ - وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ الفَقِيْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ الهَرَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الرَّمْلِيُّ الوَرَّاقُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ.
وَحَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الكَرْمَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ صَاحِبِ الشَّاشِيِّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الذَّارِعُ،
وَالحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ الهَرَوِيُّ.وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ عَبْدَانُ، وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ العَبْدِ الأَنْصَارِيُّ - أَحَدُ رُوَاةِ (السُّنَنِ ) - وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ مَاغَمَّه، وَعِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ البَكْرِيُّ.
وَالفَضْلُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوَلابِيُّ الحَافِظُ.
وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ اللُؤْلُؤِيُّ - رَاوِي (السُّنَنِ ) - وَمُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ المَتُّوْثِيُّ البَصْرِيُّ - رَاوِي كِتَابِ (القَدَرِ) لَهُ - وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرِ بنِ دَاسَةَ التَّمَّارِ - مِنْ رُوَاةِ (السُّنَنِ ) - وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَجَاءَ البَصْرِيُّ، وَأَبُو سَالِمٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَدَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ المَكِّيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الرَّوَّاسُ - رَاوِي (السُّنَنِ) بِفَوَاتَاتٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ الآجُرِّيُّ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ الخَضِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي (سُنَنِهِ) مَوَاضِعَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَحَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَحْيَى المَدَنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرُو بنُ عَوْنٍ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ هُوَ السِّجِسْتَانِيُّ، فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ السَّبْعَةِ، لَكِنْ شَارَكَهُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ سَيْفٍ الحَرَّانِيُّ فِي الرِّوَايَة عَنْ بَعْضِهِم، وَالنَّسَائِيُّ فَمُكْثِرٌ عَنِ الحَرَّانِيِّ.وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ (الكُنَى) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ الأَشْعثِ، وَلَمْ يَكْنِهِ.
وَذَكَرَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي (النَّبَلِ ) أَنَّ النَّسَائِيَّ يَرْوِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ.
أَنبَانِي جَمَاعَةٌ سَمِعُوا ابْنَ طَبَرْزَد، أَخْبَرَنَا أَبُو البَدْرِ الكَرْخِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُؤْلُؤيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (عَشْرٌ) .
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: (عِشْرُوْنَ) .
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: (ثَلاَثُوْنَ).
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ - فِيمَا أَظُنُّ - وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُودِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عِيْسَى فِي (جَامِعِهِ) عَنِ الحَافِظِ عَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ، فَوَافَقْنَاهُمَا بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الحَلِيمِ الفَقِيْهُ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلْمَانَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ، بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيْعُ بنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نَهَى عَنْ تَلَقِّي الجَلَبِ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ مُتَلَقٍّ فَاشْتَرَاْهُ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالخِيَارِ إِذَا وَرَدَ السُّوْقَ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيْقِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَهُوَ مِنْ أَفرَادِهِ.وَقَعَ لَنَا عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَالِيَةٍ لأَبِي دَاوُدَ، وَكِتَابِ (النَّاسِخِ) لَهُ.
وَسَكَنَ البَصْرَةَ بَعْدَ هَلاَكِ الخَبِيْثِ طَاغِيَةِ الزِّنْجِ، فَنَشَرَ بِهَا العِلْمَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى بَغْدَادَ.
قَالَ الخَطِيْبُ أَبُو بَكْرٍ: يُقَالُ: إِنَّهُ صَنَّفَ كِتَابَهُ (السُّنَنَ) قَدِيْماً، وَعَرَضَهُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَاسْتَجَادَهُ، وَاسْتَحْسَنَهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ خَالِدَ بنَ خِدَاشٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَمْ أَسْمَعْ مَنْ يُوْسُفَ الصَّفَّارِ، وَلاَ مِنِ ابْنِ الأَصْبهَانِيِّ، وَلاَ مِنْ عَمْرِو بنِ حَمَّادٍ، وَالحَدِيْثُ رِزْقٌ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجِرِّيُّ: وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ لاَ يُحَدِّثُ عَن ابْنِ الحِمَّانِيِّ، وَلاَ عَنْ سُوَيْدٍ، وَلاَ عَنِ ابْنِ كَاسِبٍ، وَلاَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَلاَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ دَاسَةَ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُهُ هَذَا الكِتَابَ -يَعْنِي:
كِتَابَ (السُّنَنِ) - جمعتُ فِيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ وثمَانِي مائَةِ حَدِيْثٍ، ذَكَرْتُ الصَّحِيْحَ، وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الإِنسَانَ لِدِيْنِهِ مِنْ ذَلِكَ أَربعةُ أَحَادِيْثَ:أَحَدُهَا: قَوْله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) .
وَالثَّانِي: (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ ) .
وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: (لاَ يَكُوْنُ المُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى يَرْضَى لأَخِيْهِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ ) .
وَالرَّابِع: (الحَلاَلُ بَيِّنٌ) ... الحَدِيْثَ.
رَوَاهَا الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَارِي الدِّيْنَوَرِيُّ بِلَفْظِهِ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الفَرَضِيَّ، سَمِعَ ابْنَ دَاسَةَ.
قَوْلُهُ: يَكْفِي الإِنْسَانَ لِدِيْنِهِ، ممنُوعٌ، بَلْ يَحْتَاجُ المُسْلِمُ إِلَى عَدَدٍ كَثِيْرٍ مِنَ السُّنَنِ الصَّحِيْحَةِ مَعَ القُرْآنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ: أَبُو دَاوُدَ الإِمَامُ المُقَدَّمُ فِي زَمَانِهِ، رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِتَخْرِيجِ العُلُوْمِ، وَبَصَرِهِ بِمَوَاضِعِهِ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ، رَجُلٌ وَرِعٌ مُقَدَّمٌ، سَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ حَدِيْثاً وَاحِداً، كَانَ أَبُو دَاوُدَ يَذْكُرُهُ.قُلْتُ: هُوَ حَدِيْثُ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ قَيْسٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ:
عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ العَتِيْرَةِ، فَحَسَّنَهَا.
وَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، تُكُلِّمَ فِي ابْنِ قَيْسٍ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِنَّمَا المَحْفُوظُ عِنْدَ حَمَّادٍ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيْثُ:
(أَمَا تَكُوْنُ الذَّكَاةُ إِلاَّ مِنَ اللَّبَّةِ ) .
ثُمَّ قَالَ الخَلاَّلُ: وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ الأَصْبهَانِيُّ ابْنُ أُورمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ صَدَقَةَ يَرْفعُوْنَ مِنْ قَدْرِهِ، وَيَذْكُرُونَهُ بِمَا لاَ يَذْكُرُوْنَ أَحَداً فِي زَمَانِهِ مِثْلَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ: كَانَ أَبُو دَاوُدَ أَحَدَ حُفَّاظِ الإِسْلاَمِ لِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِلْمِهِ وَعِلَلِهِ وَسَنَدِهِ، فِي أَعْلَى دَرَجَةِ النُّسْكِ وَالعَفَافِ، وَالصَّلاَحِ وَالوَرَعِ، مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: لَمَّا صَنَّفَ أَبُو دَاوُدَ كِتَابَ (السُّنَنِ) أُلِيْنَ لأَبِي دَاوُدَ الحَدِيْثُ، كَمَا أُلِيْنَ لِدَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، الحَدِيْدُ.الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو دَاوُدَ يَفِي بِمُذَاكرَةِ مائَة أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَلَمَّا صَنَّفَ كِتَابَ (السُّنَنِ) ، وَقَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، صَارَ كِتَابُهُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ كَالمُصْحَفِ، يَتَّبِعُونَهُ وَلاَ يُخَالِفُوْنَهُ، وَأَقَرَّ لَهُ أَهْلُ زَمَانِهِ بِالحِفْظِ وَالتَّقَدُّم فِيْهِ.
وَقَالَ الحَافِظُ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: خُلِقَ أَبُو دَاوُدَ فِي الدُّنْيَا لِلْحَدِيْثِ، وَفِي الآخِرَةِ لِلجَنَّة.
وَقَالَ عَلاَّنُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: أَبُو دَاوُدَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا فِقْهاً وَعِلْماً وَحِفْظاً، وَنُسْكاً وَوَرَعاً وَإِتْقَاناً، جَمَعَ وَصَنَّفَ وَذَبَّ عَنِ السُّنَنِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: الَّذِيْنَ خَرَّجُوا وَمَيَّزُوا الثَّابِتَ مِنَ المَعْلُولِ، وَالخَطَأَ مِنَ الصَّوَابِ أَرْبَعَةٌ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، ثُمَّ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: أَبُو دَاوُدَ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي عَصْرِهِ بِلاَ مُدَافَعَةٍ، سَمِعَ بِمِصْرَ وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ وَالعِرَاقَيْنِ، وَخُرَاسَانَ، وَقَدْ كَتَبَ
بِخُرَاسَانَ قَبْلَ خُرُوْجِهِ إِلَى العِرَاقِ، فِي بَلَدِهِ وَهَرَاةَ، وَكَتَبَ بِبَغْلاَنَ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَبَالرَّيِّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى، إِلاَّ أَنَّ أَعْلَى إِسْنَادِهِ: القَعْنَبِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.... وَسَمَّى جمَاعةً.قَالَ: وَكَانَ قَدْ كَتَبَ قَدِيْماً بِنَيْسَابُورَ، ثُمَّ رَحَلَ بَابْنِهِ؛ أَبِي بَكْرٍ إِلَى خُرَاسَانَ.
رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّي، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: دَخَلْتُ الكُوْفَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، وَمَا رَأَيْتُ بِدِمَشْقَ مِثْلَ أَبِي النَّضْرِ الفَرَادِيِسِيِّ، وَكَانَ كَثِيْرَ البُكَاءِ، كَتَبْتُ عَنْهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ القَاضِي الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ قَاضِي بَلَدِنَا يَقُوْلُ:
جَاءَ سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ إِلَى أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، فَقِيْلَ: يَا أَبَا دَاوُدَ: هَذَا سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ جَاءكَ زَائِراً - فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَجْلَسَهُ - فَقَالَ سَهْلٌ: يَا أَبَا دَاوُدَ! لِي إلَيْكَ حَاجَةٌ.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: حَتَّى تَقُوْلُ: قَدْ قَضَيْتُهَا مَعَ الإِمَكَانِ.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَخْرِجْ إِلَيَّ لِسَانَكَ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ أَحَادِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أُقَبِّلَهُ.
فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ لِسَانَهُ فَقَبَّلَهُ.
رَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، عَنِ الصَّاغَانِيِّ، قَالَ:
لُيِّنَ لأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ الحَدِيْثُ، كَمَا لُيِّنَ لِدَاوُدَ الحَدِيْدُ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي دَاوُدَ.
قَالَ ابْنُ دَاسَةَ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ، يَقُوْلُ: ذَكَرْتُ فِي (السُّنَنِ) الصَّحِيْحَ وَمَا يُقَارِبَهُ، فَإِنْ كَانَ فِيْهِ وَهْنٌ شَدِيدٌ بَيَّنْتُهُ.
قُلْتُ: فَقَدْ وَفَّى -رَحِمَهُ اللهُ- بِذَلِكَ بِحَسَبِ اجتِهَادِهِ، وَبَيَّنَ مَا ضَعْفُهُ شَدِيْدٌ، وَوَهْنُهُ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ، وَكَاسَرَ عَنْ مَا ضَعْفُهُ خَفِيْفٌ مُحْتَمَلٌ، فَلاَ يَلْزَمُ مِنْ سُكُوْتِهِ - وَالحَالَةِ هَذِهِ - عَنِ الحَدِيْثِ أَنْ يَكُونَ حَسَناً عِنْدَهُ، وَلاَ سِيَمَا إِذَا حَكَمْنَا عَلَى حَدِّ الحَسَنِ بِاصطِلاَحِنَا المولَّد الحَادِث، الَّذِي هُوَ فِي عُرْفِ السَّلَفِ يَعُودُ إِلَى قِسمٍ مِنْ أَقسَامِ الصَّحِيْحِ، الَّذِي يَجِبُ العَمَلُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُوْرِ العُلَمَاءِ، أَوِ الَّذِي يَرْغَبُ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَيُمَشِّيَهُ مُسْلِمٌ، وَبَالعَكْسِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي أَدَانِي مَرَاتِبِ الصِّحَّةِ، فَإِنَّهُ لَوْ انْحَطَّ عَنْ ذَلِكَ لخَرَجَ عَنِ الاحْتِجَاجِ، وَلَبَقِيَ مُتَجَاذَباً بَيْنَ الضَّعْفِ وَالحَسَنِ، فَكِتَابُ أَبِي دَاوُدَ أَعْلَى مَا فِيْهِ مِنَ الثَّابِتِ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ نَحْو مِنْ شَطْرِ الكِتَابِ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ، وَرَغِبَ عَنْهُ الآخَرُ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا رَغِبَا عَنْهُ، وَكَانَ إِسْنَادُهُ جَيِّداً، سَالِماً مِنْ عِلَةٍ وَشُذُوْذٍ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا كَانَ إِسْنَادُهُ صَالِحاً، وَقَبِلَهُ العُلَمَاءُ لِمَجِيْئِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ لَيِّنَيْن فَصَاعِداً، يَعْضُدُ كُلُّ إِسْنَادٍ مِنْهُمَا الآخَرُ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا ضُعِّفَ إسنَادُهُ لِنَقْصِ حِفْظِ رَاوِيهِ، فَمِثْلُ هَذَا يُمَشِّيْهِ أَبُو دَاوُدَ، وَيَسْكُتُ عَنْهُ غَالِباً، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا كَانَ بَيِّنَ الضَّعْفِ مِنْ جِهَةِ رَاوِيْهِ، فَهَذَا لاَ
يَسْكُتُ عَنْهُ، بَلْ يُوْهِنُهُ غَالِباً، وَقَدْ يَسْكُتُ عَنْهُ بِحَسْبِ شُهْرَتِهِ وَنَكَارَتِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.قَالَ الحَافِظُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: كِتَابُ اللهِ أَصْلُ الإِسْلاَمِ، وَكِتَابُ أَبِي دَاوُدَ عَهْدُ الإِسْلاَمِ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو دَاوُدَ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي الحَدِيْثِ وَفُنُوْنِهِ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ، فَكِتَابُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، لاَزَمَ مَجْلِسَهُ مُدَّةً، وَسَأَلَهُ عَنْ دِقَاقِ المَسَائِلِ فِي الفُرُوْعِ وَالأُصُوْلِ.
وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالتَّسْلِيمِ لَهَا، وَتَرْكِ الخَوْضِ
فِي مَضَائِقِ الكَلاَمِ.رَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ.
وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللهِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ يُشَبَّهُ بعَلْقَمَةَ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مَنْصُوْرٌ يُشَبَّهُ بِإِبْرَاهِيْمَ.
وَقِيْلَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُشَبَّهُ بِمَنْصُوْرٍ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يُشَبَّهُ بِسُفْيَانَ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُشَبَّهُ بوَكِيْعٍ، وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ.
قَالَ الخطَّابِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المِسْكِيّ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ جَابِرٍ خَادِمُ أَبِي دَاوُدَ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ:
كُنْتُ مَعَ أَبِي دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، فَصَلَّينَا المَغْرِبَ، فَجَاءهُ الأَمِيْرُ أَبُو أَحْمَدَ المُوَفَّق -يَعْنِي: وَلِيَّ العَهْدِ- فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِالأَمِيْرِ فِي مِثْلِ هَذَا الوَقْتِ؟
قَالَ: خِلاَلٌ ثَلاَثٌ.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: تَنْتَقِلُ إِلَى البَصْرَةِ فَتَتَّخِذَهَا وَطَناً، لِيَرْحَلَ إِلَيْكَ طَلَبَةُ العِلْمِ، فَتَعْمُرَ بِكَ، فَإِنَّهَا قَدْ خَرِبَتْ، وَانقَطَعَ عَنْهَا النَّاسُ، لِمَا جَرَى عَلَيْهَا مِنْ مِحْنَةِ الزِّنْجِ.
فَقَالَ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ.
قَالَ: وَترْوِي لأَوْلاَدِي (السُّنَنَ) .
قَالَ: نَعَمْ، هَاتِ الثَّالِثَة.
قَالَ: وَتُفْرِدُ لَهُم مَجْلِساً، فَإِنَّ أَولاَدَ الخُلَفَاءِ لاَ يَقْعُدُوْنَ مَعَ العَامَّةِ.
قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَلاَ سَبِيْلَ إِلَيْهَا، لأَنَّ النَّاسَ فِي العِلْمِ سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَكَانُوا يَحْضُرُوْنَ وَيَقْعُدُوْنَ فِي كِمٍّ حِيْرِيٍّ، عَلَيْهِ سِتْرٌ، وَيَسْمَعُوْنَ مَعَ العَامَّةِ.
قَالَ ابْنُ دَاسَةَ: كَانَ لأَبِي دَاوُدَ كُمٌّ وَاسِعٌ، وَكُمٌّ ضَيْقٌ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: الوَاسِعُ لِلْكُتُبِ، وَالآخَرُ لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَيْرُ الكَلاَمِ مَا دَخَلَ الأُذُنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: اللَّيْثُ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَى عَنْ أَرْبَعَةٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَ عَنْ: خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَانَ عُمَيْرُ بنُ هَانِئ قَدَرِيّاً، يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ مائَة أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ، قُتِلَ صَبْراً بِدَارَيَّا أَيَّامَ يَزِيْدَ بنِ الوَلِيْدِ، وَكَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَسْلَمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَنْهُ مُسَدَّدٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
عَنْ عَائِشَةَ: (إيَّاكُم وَالزِّنْجَ، فَإِنَّهُ خَلْقٌ مُشَوَّهٌ ) .
فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا، فَاتَّهِمْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ لَيْسَ هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ، هُوَ وَالبَكَّائِيُّ سَمِعَا مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِالرَّيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ مَوْلِدُهُ بِسِجِسْتَانَ، وَلَهُ وَلِسَلَفِهِ إِلَى الآنَ بِهَا عُقَدٌ وَأَملاَكٌ وَأَوقَافٌ، خَرَجَ مِنْهَا فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ إِلَى البَصْرَةِ، فَسَكَنَهَا، وَأَكْثَرَ بِهَا السَّمَاعَ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي النُّعْمَانَ،
وَأَبِي الوَلِيْدِ، ثُمَّ دَخَلَ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَانْصَرَفَ إِلَى العِرَاقِ، ثُمَّ رَحَلَ بَابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى بَقِيَّةِ المَشَايِخِ، وَجَاءَ إِلَى نَيْسَابُورَ، فسَمَّعَ ابْنَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ مَنْصُوْرٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى سِجِسْتَانَ.وَطَالَعَ بِهَا أَسْبَابَهُ، وَانْصَرَفَ إِلَى البَصْرَةِ وَاسْتَوْطَنَهَا.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّاهِدُ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قَيْسٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ:
(أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ العَتِيْرَةِ، فَحَسَّنَهَا ) .
قِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ كَتَبَ عَنْ أَبِي هَذَا، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: ذَكَرْنَا يَوْماً أَحَادِيْثَ أَبِي العُشَرَاءِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لاَ أَعرِفُ لَهُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلاَّ حَمَّادٌ حَدِيْثَ اللَّبَّةِ، وَحَدِيْثَ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي العُشَرَاءِ عِمَامَةً.
فَذَكَرْتُ لأَحْمَدَ هَذَا، فَقَالَ: أَمِلَّهُ عَلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: لِمُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِينَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
فَسَأَلَنِي، فَكَتَبَهُ عَنِّي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي سَمِينَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَدْرَكْتُ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ مَنْ أَدْرَكْتُ، لَمْ يَكُنْ فِيهِم أَحْفَظُ لِلْحَدِيْثِ، وَلاَ أَكْثَرُ جَمْعاً لَهُ مِنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ أَوْرَعُ وَلاَ أَعْرَفُ بِفِقْهِ الحَدِيْثِ مِنْ أَحْمَدَ، وَأَعْلَمُهُمُ بِعِلَلِهِ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ - عَلَى حِفْظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ - يُقَدِّمُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَعْتَرِفُ لَهُ.
وَحَدَّثنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مَنْدَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ النَّسَائِيِّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بِالبَصْرَةِ، قَالَ:سَمِعَ الزُّهْرِيُّ مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَسٌ، سَهْلٌ، السَّائِبُ، سُنَيْن أَبِي جَمِيلَة، مَحْمُوْدُ بنُ الرَّبِيْعِ، رَجُلٌ مِنْ بَلِي، ابْنُ أَبِي صُعَيْر، أَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ.
وَقَالُوا: ابْنُ عُمَرَ؟
فَقَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَّ عَلَى وَجْهِهِ المَاءَ سَنّاً.
وَقَالُوا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ يَذْكُرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ قُبِضَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَزْهَر.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَيَان بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَكُم الحَسَنُ بنُ صَبَّاحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ النَّحَاسُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الأَغَرِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ لَيُغَان عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي اليَوْمِ مَائَةَ مَرَّةٍ).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضاً مِنْ حَدِيْثِ حَمَّادٍ هَذَا، وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيْثِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الأَغَرِّ بنِ يَسَارٍ المُزَنِيِّ، وَقِيْلَ: الجُهَنِيِّ، وَمَا عَلِمْتُهُ رَوَى شَيْئاً سِوَى هَذَا الحَدِيْثِ.وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيْدٍ الثَّغْرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ:
عَمْرُو بنُ مُرَّةَ أَخْبَرَنِي، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، يُقَال لَهُ الأَغَرُّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! تُوْبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنِّي أَتُوْبُ إِلَى اللهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَائَةَ مَرَّةٍ ) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي (سُنَنِهِ) : شَبَرْتُ قِثَّاءة بِمِصْرَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ شِبْراً، وَرَأَيْتُ أُتْرُجَّةً عَلَى بَعِيْرٍ، وَقَدْ قُطِعَتْ قِطْعَتَيْنِ، وَعُمِلَتْ مِثْلَ عدْلَيْنِ.
فَأَمَّا سِجِسْتَانَ، الإِقلِيْمُ الَّذِي مِنْهُ الإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ: فَهُوَ إِقْلِيْمٌ صَغِيْرٌ مُنْفَرِدٌ، مُتَاخِمٌ لإِقلِيْمِ السِّنْدِ، غَرْبِيَّهُ بَلَدُ هَرَاة، وَجَنُوبِيَّهُ مَفَازَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِقْلِيْمِ فَارِسَ وَكَرْمَانَ، وَشَرْقِيَّهُ مَفَازَةٌ وَبرِّيَّةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكْرَانَ الَّتِي هِيَ قَاعِدَةُ السِّنْدِ، وَتَمَامُ هَذَا الحَدِّ الشَّرْقِيِّ بِلاَدُ المُلْتَان، وَشَمَالِيَّهُ أَوَّلُ الهِنْدِ.
فَأَرْضُ سِجِسْتَانَ كَثِيْرَةُ النَّخْلِ وَالرَّمْلِ، وَهِيَ مِنَ الإِقْلِيْمِ الثَّالِثِ مِنَ السَّبْعَةِ، وَقَصَبَةُ سِجِسْتَانَ هِيَ: زَرَنْج، وَعَرْضُهَا اثْنَتَانِ وثَلاَثُوْنَ دَرَجَةً، وَتُطْلَقُ
زَرَنج عَلَى سِجِسْتَانَ، وَلَهَا سُوْرٌ، وَبِهَا جَامِعٌ عَظِيْمٌ، وَعَلَيْهَا نَهْرٌ كَبِيْرٌ، وَطُوْلُهَا مِنْ جَزَائِرِ الخَالِدَاتِ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ دَرَجَةً، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أَيْضاً: (سِجْزِيّ) وَهَكَذَا يَنسِبُ أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَبَا دَاوُدَ فَيَقُوْلُ: السِّجْزِيُّ، وَإلَيْهَا يُنْسَبُ مُسْنِدُ الوَقْتِ أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ.وَقَدْ قِيْلَ - وَلَيْسَ بِشَيْءٍ -: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ مِنْ سِجِسْتَانَ قَرْيَةٌ مِنْ أَعمَالِ البَصْرَةِ، ذَكَرَهُ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ فِي (وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ ) ، فَأَبُو دَاوُدَ أَوَّلُ مَا قَدِمَ مِنَ البِلاَدِ، دَخَلَ بَغْدَادَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرَى البَصْرَةَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى البَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: تُوُفِّيَ أَبُو دَاوُدَ: فِي سَادِسِ عَشر شَوَّال، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ أَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ أَسَنَّ مِنْهُ بِقَلِيْلٍ، وَكَانَ رَفِيْقاً لَهُ فِي الرِّحْلَةِ.
يَرْوِي عَنْ: أَصْحَابِ شُعْبَةَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ.
وَمَاتَ: كَهْلاً، قَبْل أَبِي دُوَادَ بِمُدَّةٍ.
(ت، س) وَابْنهابْنِ عَمْرِو بنِ عَامِرٍ، كَذَا أَسْمَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بنِ بِشْرِ بنِ شَدَّادٍ.
وَقَالَ ابْنُ دَاسَةَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ بَشِيْرِ بنِ شَدَّادٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ ) ، وَزَادَ: ابْنَ عَمْرِو بنِ عِمْرَانَ.
الإِمَامُ، شَيْخُ السُّنَّةِ، مُقَدَّمُ الحُفَّاظِ، أَبُو دَاوُدَ الأَزْدِيُّ، السِّجِسْتَانِيُّ، مُحَدِّثُ البَصْرَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ، وَرَحَلَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ عَلَى عَفَّانَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ، وَدَخَلْتُ البَصْرَةَ وَهُم يَقُوْلُوْنَ: أَمْسِ مَاتَ عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ المُؤَذِّنُ.
فَسَمِعْتُ مِنْ أَبِي عُمَرَ الضَّرِيْرِ مَجْلِساً وَاحِداً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ، مِنْ سَنَةِ عِشْرِيْنَ، وَمَاتَ عُثْمَانُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ.
قَالَ: وَتَبِعْتُ عُمَرَ بنَ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَسَمِعْتُ مِنْ سَعِيْدِ بنِ سُلَيْمَانَ مَجْلِساً وَاحِداً، وَمِنْ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ مَجْلِساً وَاحِداً.
قُلْتُ: وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنَ: القَعْنَبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُوْسَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَطَبَقَتِهِم بِالبَصْرَةِ.
ثمَّ سَمِعَ بِالكُوْفَةِ مِنَ: الحَسَنِ بنِ الرَّبِيْعِ البُورَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيْعِ بنِ نَافِعٍ بِحَلَبَ.
وَمِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ، وَعِدَّةٍ، بِحَرَّانَ.
وَمِنْ: حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ رَبِّهِ، وَخَلْقٍ بِحِمْصَ.
وَمِنْ: صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ
عَمَّارٍ بِدِمَشْقَ.وَمِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَطَبَقَتِهِ بِخُرَاسَانَ.
وَمِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتِهِ بِبَغْدَادَ.
وَمِنْ: قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ بِبَلْخٍ.
وَمِنْ: أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، وَخَلْقٍ بِمِصْرَ.
وَمِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَشَّارٍ الرَّمَادِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَسَهْلِ بنِ بَكَّارٍ، وَشَاذِّ بنِ فَيَّاضٍ، وَأَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو المُقْعَدِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ المُبَارَكِ العَيْشِيِّ، وَعَبْدِ السَّلامِ بنِ مُطَهِّرٍ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ نَجْدَةَ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَمْرِو بنِ عَوْنٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المِنْهَالِ الضَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ العَبْدِيِّ، وَمُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدٍ، وَمُعَاذِ بنِ أَسَدٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَأُمَمٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عِيْسَى فِي (جَامِعِهِ) ، وَالنَّسَائِيُّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَمْدَانَ العَاقِولِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأُشنَانِيِّ البَغْدَادِيُّ - نَزِيْلُ الرَّحْبَةِ، رَاوِي (السُّنَنِ) عَنْهُ - وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الأَشْعَرِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَنٍ البَصْرِيُّ - رَاوِي (السُّنَنِ) عَنْهُ - وَأَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ - رَاوِي (السُّنَنِ) بِفَوْتٍ لَهُ - وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ الفَقِيْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ الهَرَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الرَّمْلِيُّ الوَرَّاقُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ.
وَحَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الكَرْمَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ صَاحِبِ الشَّاشِيِّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الذَّارِعُ،
وَالحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ الهَرَوِيُّ.وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ عَبْدَانُ، وَابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ العَبْدِ الأَنْصَارِيُّ - أَحَدُ رُوَاةِ (السُّنَنِ ) - وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ مَاغَمَّه، وَعِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ البَكْرِيُّ.
وَالفَضْلُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّوَلابِيُّ الحَافِظُ.
وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ اللُؤْلُؤِيُّ - رَاوِي (السُّنَنِ ) - وَمُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ المَتُّوْثِيُّ البَصْرِيُّ - رَاوِي كِتَابِ (القَدَرِ) لَهُ - وَمُحَمَّدُ بنُ بَكْرِ بنِ دَاسَةَ التَّمَّارِ - مِنْ رُوَاةِ (السُّنَنِ ) - وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ رَجَاءَ البَصْرِيُّ، وَأَبُو سَالِمٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَدَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ المَكِّيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الرَّوَّاسُ - رَاوِي (السُّنَنِ) بِفَوَاتَاتٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ الآجُرِّيُّ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ الخَضِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ.
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي (سُنَنِهِ) مَوَاضِعَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَحَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَحْيَى المَدَنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرُو بنُ عَوْنٍ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ هُوَ السِّجِسْتَانِيُّ، فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ السَّبْعَةِ، لَكِنْ شَارَكَهُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ سَيْفٍ الحَرَّانِيُّ فِي الرِّوَايَة عَنْ بَعْضِهِم، وَالنَّسَائِيُّ فَمُكْثِرٌ عَنِ الحَرَّانِيِّ.وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ (الكُنَى) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ الأَشْعثِ، وَلَمْ يَكْنِهِ.
وَذَكَرَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي (النَّبَلِ ) أَنَّ النَّسَائِيَّ يَرْوِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ.
أَنبَانِي جَمَاعَةٌ سَمِعُوا ابْنَ طَبَرْزَد، أَخْبَرَنَا أَبُو البَدْرِ الكَرْخِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُؤْلُؤيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم.
فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (عَشْرٌ) .
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: (عِشْرُوْنَ) .
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، وَقَالَ: (ثَلاَثُوْنَ).
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ - فِيمَا أَظُنُّ - وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُودِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عِيْسَى فِي (جَامِعِهِ) عَنِ الحَافِظِ عَبْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ، فَوَافَقْنَاهُمَا بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الحَلِيمِ الفَقِيْهُ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُخْتَارٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلْمَانَ الفَقِيْهُ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ، بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيْعُ بنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نَهَى عَنْ تَلَقِّي الجَلَبِ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ مُتَلَقٍّ فَاشْتَرَاْهُ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالخِيَارِ إِذَا وَرَدَ السُّوْقَ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيْقِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَهُوَ مِنْ أَفرَادِهِ.وَقَعَ لَنَا عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَالِيَةٍ لأَبِي دَاوُدَ، وَكِتَابِ (النَّاسِخِ) لَهُ.
وَسَكَنَ البَصْرَةَ بَعْدَ هَلاَكِ الخَبِيْثِ طَاغِيَةِ الزِّنْجِ، فَنَشَرَ بِهَا العِلْمَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى بَغْدَادَ.
قَالَ الخَطِيْبُ أَبُو بَكْرٍ: يُقَالُ: إِنَّهُ صَنَّفَ كِتَابَهُ (السُّنَنَ) قَدِيْماً، وَعَرَضَهُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَاسْتَجَادَهُ، وَاسْتَحْسَنَهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ خَالِدَ بنَ خِدَاشٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَمْ أَسْمَعْ مَنْ يُوْسُفَ الصَّفَّارِ، وَلاَ مِنِ ابْنِ الأَصْبهَانِيِّ، وَلاَ مِنْ عَمْرِو بنِ حَمَّادٍ، وَالحَدِيْثُ رِزْقٌ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجِرِّيُّ: وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ لاَ يُحَدِّثُ عَن ابْنِ الحِمَّانِيِّ، وَلاَ عَنْ سُوَيْدٍ، وَلاَ عَنِ ابْنِ كَاسِبٍ، وَلاَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَلاَ عَنْ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ دَاسَةَ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُهُ هَذَا الكِتَابَ -يَعْنِي:
كِتَابَ (السُّنَنِ) - جمعتُ فِيْهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ حَدِيْثٍ وثمَانِي مائَةِ حَدِيْثٍ، ذَكَرْتُ الصَّحِيْحَ، وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الإِنسَانَ لِدِيْنِهِ مِنْ ذَلِكَ أَربعةُ أَحَادِيْثَ:أَحَدُهَا: قَوْله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) .
وَالثَّانِي: (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ ) .
وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: (لاَ يَكُوْنُ المُؤْمِنُ مُؤْمِناً حَتَّى يَرْضَى لأَخِيْهِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ ) .
وَالرَّابِع: (الحَلاَلُ بَيِّنٌ) ... الحَدِيْثَ.
رَوَاهَا الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَارِي الدِّيْنَوَرِيُّ بِلَفْظِهِ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الفَرَضِيَّ، سَمِعَ ابْنَ دَاسَةَ.
قَوْلُهُ: يَكْفِي الإِنْسَانَ لِدِيْنِهِ، ممنُوعٌ، بَلْ يَحْتَاجُ المُسْلِمُ إِلَى عَدَدٍ كَثِيْرٍ مِنَ السُّنَنِ الصَّحِيْحَةِ مَعَ القُرْآنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ: أَبُو دَاوُدَ الإِمَامُ المُقَدَّمُ فِي زَمَانِهِ، رَجُلٌ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِتَخْرِيجِ العُلُوْمِ، وَبَصَرِهِ بِمَوَاضِعِهِ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ، رَجُلٌ وَرِعٌ مُقَدَّمٌ، سَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ حَدِيْثاً وَاحِداً، كَانَ أَبُو دَاوُدَ يَذْكُرُهُ.قُلْتُ: هُوَ حَدِيْثُ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ قَيْسٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ:
عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ العَتِيْرَةِ، فَحَسَّنَهَا.
وَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، تُكُلِّمَ فِي ابْنِ قَيْسٍ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِنَّمَا المَحْفُوظُ عِنْدَ حَمَّادٍ بِهَذَا السَّنَدِ حَدِيْثُ:
(أَمَا تَكُوْنُ الذَّكَاةُ إِلاَّ مِنَ اللَّبَّةِ ) .
ثُمَّ قَالَ الخَلاَّلُ: وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ الأَصْبهَانِيُّ ابْنُ أُورمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ صَدَقَةَ يَرْفعُوْنَ مِنْ قَدْرِهِ، وَيَذْكُرُونَهُ بِمَا لاَ يَذْكُرُوْنَ أَحَداً فِي زَمَانِهِ مِثْلَهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ: كَانَ أَبُو دَاوُدَ أَحَدَ حُفَّاظِ الإِسْلاَمِ لِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِلْمِهِ وَعِلَلِهِ وَسَنَدِهِ، فِي أَعْلَى دَرَجَةِ النُّسْكِ وَالعَفَافِ، وَالصَّلاَحِ وَالوَرَعِ، مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ: لَمَّا صَنَّفَ أَبُو دَاوُدَ كِتَابَ (السُّنَنِ) أُلِيْنَ لأَبِي دَاوُدَ الحَدِيْثُ، كَمَا أُلِيْنَ لِدَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، الحَدِيْدُ.الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو دَاوُدَ يَفِي بِمُذَاكرَةِ مائَة أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَلَمَّا صَنَّفَ كِتَابَ (السُّنَنِ) ، وَقَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، صَارَ كِتَابُهُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ كَالمُصْحَفِ، يَتَّبِعُونَهُ وَلاَ يُخَالِفُوْنَهُ، وَأَقَرَّ لَهُ أَهْلُ زَمَانِهِ بِالحِفْظِ وَالتَّقَدُّم فِيْهِ.
وَقَالَ الحَافِظُ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: خُلِقَ أَبُو دَاوُدَ فِي الدُّنْيَا لِلْحَدِيْثِ، وَفِي الآخِرَةِ لِلجَنَّة.
وَقَالَ عَلاَّنُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: أَبُو دَاوُدَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا فِقْهاً وَعِلْماً وَحِفْظاً، وَنُسْكاً وَوَرَعاً وَإِتْقَاناً، جَمَعَ وَصَنَّفَ وَذَبَّ عَنِ السُّنَنِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: الَّذِيْنَ خَرَّجُوا وَمَيَّزُوا الثَّابِتَ مِنَ المَعْلُولِ، وَالخَطَأَ مِنَ الصَّوَابِ أَرْبَعَةٌ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، ثُمَّ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: أَبُو دَاوُدَ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي عَصْرِهِ بِلاَ مُدَافَعَةٍ، سَمِعَ بِمِصْرَ وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ وَالعِرَاقَيْنِ، وَخُرَاسَانَ، وَقَدْ كَتَبَ
بِخُرَاسَانَ قَبْلَ خُرُوْجِهِ إِلَى العِرَاقِ، فِي بَلَدِهِ وَهَرَاةَ، وَكَتَبَ بِبَغْلاَنَ عَنْ قُتَيْبَةَ، وَبَالرَّيِّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى، إِلاَّ أَنَّ أَعْلَى إِسْنَادِهِ: القَعْنَبِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ.... وَسَمَّى جمَاعةً.قَالَ: وَكَانَ قَدْ كَتَبَ قَدِيْماً بِنَيْسَابُورَ، ثُمَّ رَحَلَ بَابْنِهِ؛ أَبِي بَكْرٍ إِلَى خُرَاسَانَ.
رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّي، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: دَخَلْتُ الكُوْفَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، وَمَا رَأَيْتُ بِدِمَشْقَ مِثْلَ أَبِي النَّضْرِ الفَرَادِيِسِيِّ، وَكَانَ كَثِيْرَ البُكَاءِ، كَتَبْتُ عَنْهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ القَاضِي الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ قَاضِي بَلَدِنَا يَقُوْلُ:
جَاءَ سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ إِلَى أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، فَقِيْلَ: يَا أَبَا دَاوُدَ: هَذَا سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ جَاءكَ زَائِراً - فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَجْلَسَهُ - فَقَالَ سَهْلٌ: يَا أَبَا دَاوُدَ! لِي إلَيْكَ حَاجَةٌ.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: حَتَّى تَقُوْلُ: قَدْ قَضَيْتُهَا مَعَ الإِمَكَانِ.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: أَخْرِجْ إِلَيَّ لِسَانَكَ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ أَحَادِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أُقَبِّلَهُ.
فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ لِسَانَهُ فَقَبَّلَهُ.
رَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، عَنِ الصَّاغَانِيِّ، قَالَ:
لُيِّنَ لأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ الحَدِيْثُ، كَمَا لُيِّنَ لِدَاوُدَ الحَدِيْدُ.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي دَاوُدَ.
قَالَ ابْنُ دَاسَةَ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ، يَقُوْلُ: ذَكَرْتُ فِي (السُّنَنِ) الصَّحِيْحَ وَمَا يُقَارِبَهُ، فَإِنْ كَانَ فِيْهِ وَهْنٌ شَدِيدٌ بَيَّنْتُهُ.
قُلْتُ: فَقَدْ وَفَّى -رَحِمَهُ اللهُ- بِذَلِكَ بِحَسَبِ اجتِهَادِهِ، وَبَيَّنَ مَا ضَعْفُهُ شَدِيْدٌ، وَوَهْنُهُ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ، وَكَاسَرَ عَنْ مَا ضَعْفُهُ خَفِيْفٌ مُحْتَمَلٌ، فَلاَ يَلْزَمُ مِنْ سُكُوْتِهِ - وَالحَالَةِ هَذِهِ - عَنِ الحَدِيْثِ أَنْ يَكُونَ حَسَناً عِنْدَهُ، وَلاَ سِيَمَا إِذَا حَكَمْنَا عَلَى حَدِّ الحَسَنِ بِاصطِلاَحِنَا المولَّد الحَادِث، الَّذِي هُوَ فِي عُرْفِ السَّلَفِ يَعُودُ إِلَى قِسمٍ مِنْ أَقسَامِ الصَّحِيْحِ، الَّذِي يَجِبُ العَمَلُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُوْرِ العُلَمَاءِ، أَوِ الَّذِي يَرْغَبُ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ، وَيُمَشِّيَهُ مُسْلِمٌ، وَبَالعَكْسِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي أَدَانِي مَرَاتِبِ الصِّحَّةِ، فَإِنَّهُ لَوْ انْحَطَّ عَنْ ذَلِكَ لخَرَجَ عَنِ الاحْتِجَاجِ، وَلَبَقِيَ مُتَجَاذَباً بَيْنَ الضَّعْفِ وَالحَسَنِ، فَكِتَابُ أَبِي دَاوُدَ أَعْلَى مَا فِيْهِ مِنَ الثَّابِتِ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ نَحْو مِنْ شَطْرِ الكِتَابِ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ، وَرَغِبَ عَنْهُ الآخَرُ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا رَغِبَا عَنْهُ، وَكَانَ إِسْنَادُهُ جَيِّداً، سَالِماً مِنْ عِلَةٍ وَشُذُوْذٍ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا كَانَ إِسْنَادُهُ صَالِحاً، وَقَبِلَهُ العُلَمَاءُ لِمَجِيْئِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ لَيِّنَيْن فَصَاعِداً، يَعْضُدُ كُلُّ إِسْنَادٍ مِنْهُمَا الآخَرُ، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا ضُعِّفَ إسنَادُهُ لِنَقْصِ حِفْظِ رَاوِيهِ، فَمِثْلُ هَذَا يُمَشِّيْهِ أَبُو دَاوُدَ، وَيَسْكُتُ عَنْهُ غَالِباً، ثُمَّ يَلِيْهِ مَا كَانَ بَيِّنَ الضَّعْفِ مِنْ جِهَةِ رَاوِيْهِ، فَهَذَا لاَ
يَسْكُتُ عَنْهُ، بَلْ يُوْهِنُهُ غَالِباً، وَقَدْ يَسْكُتُ عَنْهُ بِحَسْبِ شُهْرَتِهِ وَنَكَارَتِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.قَالَ الحَافِظُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: كِتَابُ اللهِ أَصْلُ الإِسْلاَمِ، وَكِتَابُ أَبِي دَاوُدَ عَهْدُ الإِسْلاَمِ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو دَاوُدَ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي الحَدِيْثِ وَفُنُوْنِهِ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ، فَكِتَابُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ نُجَبَاءِ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، لاَزَمَ مَجْلِسَهُ مُدَّةً، وَسَأَلَهُ عَنْ دِقَاقِ المَسَائِلِ فِي الفُرُوْعِ وَالأُصُوْلِ.
وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالتَّسْلِيمِ لَهَا، وَتَرْكِ الخَوْضِ
فِي مَضَائِقِ الكَلاَمِ.رَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ.
وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللهِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ يُشَبَّهُ بعَلْقَمَةَ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مَنْصُوْرٌ يُشَبَّهُ بِإِبْرَاهِيْمَ.
وَقِيْلَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُشَبَّهُ بِمَنْصُوْرٍ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يُشَبَّهُ بِسُفْيَانَ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُشَبَّهُ بوَكِيْعٍ، وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ يُشَبَّهُ بِأَحْمَدَ.
قَالَ الخطَّابِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المِسْكِيّ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ جَابِرٍ خَادِمُ أَبِي دَاوُدَ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ:
كُنْتُ مَعَ أَبِي دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، فَصَلَّينَا المَغْرِبَ، فَجَاءهُ الأَمِيْرُ أَبُو أَحْمَدَ المُوَفَّق -يَعْنِي: وَلِيَّ العَهْدِ- فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِالأَمِيْرِ فِي مِثْلِ هَذَا الوَقْتِ؟
قَالَ: خِلاَلٌ ثَلاَثٌ.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: تَنْتَقِلُ إِلَى البَصْرَةِ فَتَتَّخِذَهَا وَطَناً، لِيَرْحَلَ إِلَيْكَ طَلَبَةُ العِلْمِ، فَتَعْمُرَ بِكَ، فَإِنَّهَا قَدْ خَرِبَتْ، وَانقَطَعَ عَنْهَا النَّاسُ، لِمَا جَرَى عَلَيْهَا مِنْ مِحْنَةِ الزِّنْجِ.
فَقَالَ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ.
قَالَ: وَترْوِي لأَوْلاَدِي (السُّنَنَ) .
قَالَ: نَعَمْ، هَاتِ الثَّالِثَة.
قَالَ: وَتُفْرِدُ لَهُم مَجْلِساً، فَإِنَّ أَولاَدَ الخُلَفَاءِ لاَ يَقْعُدُوْنَ مَعَ العَامَّةِ.
قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَلاَ سَبِيْلَ إِلَيْهَا، لأَنَّ النَّاسَ فِي العِلْمِ سَوَاءٌ.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَكَانُوا يَحْضُرُوْنَ وَيَقْعُدُوْنَ فِي كِمٍّ حِيْرِيٍّ، عَلَيْهِ سِتْرٌ، وَيَسْمَعُوْنَ مَعَ العَامَّةِ.
قَالَ ابْنُ دَاسَةَ: كَانَ لأَبِي دَاوُدَ كُمٌّ وَاسِعٌ، وَكُمٌّ ضَيْقٌ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: الوَاسِعُ لِلْكُتُبِ، وَالآخَرُ لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: خَيْرُ الكَلاَمِ مَا دَخَلَ الأُذُنَ بِغَيْرِ إِذْنٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: اللَّيْثُ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَى عَنْ أَرْبَعَةٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَ عَنْ: خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُوْلُ: كَانَ عُمَيْرُ بنُ هَانِئ قَدَرِيّاً، يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ مائَة أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ، قُتِلَ صَبْراً بِدَارَيَّا أَيَّامَ يَزِيْدَ بنِ الوَلِيْدِ، وَكَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَسْلَمَةُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَنْهُ مُسَدَّدٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَ عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
عَنْ عَائِشَةَ: (إيَّاكُم وَالزِّنْجَ، فَإِنَّهُ خَلْقٌ مُشَوَّهٌ ) .
فَقَالَ: مَنْ حَدَّثَ بِهَذَا، فَاتَّهِمْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ لَيْسَ هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ، هُوَ وَالبَكَّائِيُّ سَمِعَا مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِالرَّيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيُّ مَوْلِدُهُ بِسِجِسْتَانَ، وَلَهُ وَلِسَلَفِهِ إِلَى الآنَ بِهَا عُقَدٌ وَأَملاَكٌ وَأَوقَافٌ، خَرَجَ مِنْهَا فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ إِلَى البَصْرَةِ، فَسَكَنَهَا، وَأَكْثَرَ بِهَا السَّمَاعَ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَأَبِي النُّعْمَانَ،
وَأَبِي الوَلِيْدِ، ثُمَّ دَخَلَ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَانْصَرَفَ إِلَى العِرَاقِ، ثُمَّ رَحَلَ بَابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى بَقِيَّةِ المَشَايِخِ، وَجَاءَ إِلَى نَيْسَابُورَ، فسَمَّعَ ابْنَهُ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ مَنْصُوْرٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى سِجِسْتَانَ.وَطَالَعَ بِهَا أَسْبَابَهُ، وَانْصَرَفَ إِلَى البَصْرَةِ وَاسْتَوْطَنَهَا.
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّاهِدُ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قَيْسٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ:
(أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ العَتِيْرَةِ، فَحَسَّنَهَا ) .
قِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ كَتَبَ عَنْ أَبِي هَذَا، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: ذَكَرْنَا يَوْماً أَحَادِيْثَ أَبِي العُشَرَاءِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لاَ أَعرِفُ لَهُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلاَّ حَمَّادٌ حَدِيْثَ اللَّبَّةِ، وَحَدِيْثَ: رَأَيْتُ عَلَى أَبِي العُشَرَاءِ عِمَامَةً.
فَذَكَرْتُ لأَحْمَدَ هَذَا، فَقَالَ: أَمِلَّهُ عَلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: لِمُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِينَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
فَسَأَلَنِي، فَكَتَبَهُ عَنِّي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي سَمِينَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
أَدْرَكْتُ مِنْ أَهْلِ الحَدِيْثِ مَنْ أَدْرَكْتُ، لَمْ يَكُنْ فِيهِم أَحْفَظُ لِلْحَدِيْثِ، وَلاَ أَكْثَرُ جَمْعاً لَهُ مِنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ أَوْرَعُ وَلاَ أَعْرَفُ بِفِقْهِ الحَدِيْثِ مِنْ أَحْمَدَ، وَأَعْلَمُهُمُ بِعِلَلِهِ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ - عَلَى حِفْظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ - يُقَدِّمُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَعْتَرِفُ لَهُ.
وَحَدَّثنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مَنْدَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ النَّسَائِيِّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ الأَشْعَثِ بِالبَصْرَةِ، قَالَ:سَمِعَ الزُّهْرِيُّ مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَسٌ، سَهْلٌ، السَّائِبُ، سُنَيْن أَبِي جَمِيلَة، مَحْمُوْدُ بنُ الرَّبِيْعِ، رَجُلٌ مِنْ بَلِي، ابْنُ أَبِي صُعَيْر، أَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ.
وَقَالُوا: ابْنُ عُمَرَ؟
فَقَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَّ عَلَى وَجْهِهِ المَاءَ سَنّاً.
وَقَالُوا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ يَذْكُرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ قُبِضَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَزْهَر.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَيَان بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَكُم الحَسَنُ بنُ صَبَّاحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ النَّحَاسُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الأَغَرِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ لَيُغَان عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي اليَوْمِ مَائَةَ مَرَّةٍ).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضاً مِنْ حَدِيْثِ حَمَّادٍ هَذَا، وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيْثِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الأَغَرِّ بنِ يَسَارٍ المُزَنِيِّ، وَقِيْلَ: الجُهَنِيِّ، وَمَا عَلِمْتُهُ رَوَى شَيْئاً سِوَى هَذَا الحَدِيْثِ.وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعِيْدٍ الثَّغْرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ:
عَمْرُو بنُ مُرَّةَ أَخْبَرَنِي، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، يُقَال لَهُ الأَغَرُّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! تُوْبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنِّي أَتُوْبُ إِلَى اللهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَائَةَ مَرَّةٍ ) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي (سُنَنِهِ) : شَبَرْتُ قِثَّاءة بِمِصْرَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ شِبْراً، وَرَأَيْتُ أُتْرُجَّةً عَلَى بَعِيْرٍ، وَقَدْ قُطِعَتْ قِطْعَتَيْنِ، وَعُمِلَتْ مِثْلَ عدْلَيْنِ.
فَأَمَّا سِجِسْتَانَ، الإِقلِيْمُ الَّذِي مِنْهُ الإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ: فَهُوَ إِقْلِيْمٌ صَغِيْرٌ مُنْفَرِدٌ، مُتَاخِمٌ لإِقلِيْمِ السِّنْدِ، غَرْبِيَّهُ بَلَدُ هَرَاة، وَجَنُوبِيَّهُ مَفَازَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِقْلِيْمِ فَارِسَ وَكَرْمَانَ، وَشَرْقِيَّهُ مَفَازَةٌ وَبرِّيَّةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكْرَانَ الَّتِي هِيَ قَاعِدَةُ السِّنْدِ، وَتَمَامُ هَذَا الحَدِّ الشَّرْقِيِّ بِلاَدُ المُلْتَان، وَشَمَالِيَّهُ أَوَّلُ الهِنْدِ.
فَأَرْضُ سِجِسْتَانَ كَثِيْرَةُ النَّخْلِ وَالرَّمْلِ، وَهِيَ مِنَ الإِقْلِيْمِ الثَّالِثِ مِنَ السَّبْعَةِ، وَقَصَبَةُ سِجِسْتَانَ هِيَ: زَرَنْج، وَعَرْضُهَا اثْنَتَانِ وثَلاَثُوْنَ دَرَجَةً، وَتُطْلَقُ
زَرَنج عَلَى سِجِسْتَانَ، وَلَهَا سُوْرٌ، وَبِهَا جَامِعٌ عَظِيْمٌ، وَعَلَيْهَا نَهْرٌ كَبِيْرٌ، وَطُوْلُهَا مِنْ جَزَائِرِ الخَالِدَاتِ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ دَرَجَةً، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أَيْضاً: (سِجْزِيّ) وَهَكَذَا يَنسِبُ أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَبَا دَاوُدَ فَيَقُوْلُ: السِّجْزِيُّ، وَإلَيْهَا يُنْسَبُ مُسْنِدُ الوَقْتِ أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ.وَقَدْ قِيْلَ - وَلَيْسَ بِشَيْءٍ -: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ مِنْ سِجِسْتَانَ قَرْيَةٌ مِنْ أَعمَالِ البَصْرَةِ، ذَكَرَهُ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ فِي (وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ ) ، فَأَبُو دَاوُدَ أَوَّلُ مَا قَدِمَ مِنَ البِلاَدِ، دَخَلَ بَغْدَادَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرَى البَصْرَةَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى البَصْرَةِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: تُوُفِّيَ أَبُو دَاوُدَ: فِي سَادِسِ عَشر شَوَّال، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ أَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ أَسَنَّ مِنْهُ بِقَلِيْلٍ، وَكَانَ رَفِيْقاً لَهُ فِي الرِّحْلَةِ.
يَرْوِي عَنْ: أَصْحَابِ شُعْبَةَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ.
وَمَاتَ: كَهْلاً، قَبْل أَبِي دُوَادَ بِمُدَّةٍ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشِ بنِ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ
الكُوْفِيُّ، الحَنَّاطُ - بِالنُّوْنَ - المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وَبَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ، مَوْلَى وَاصِلٍ الأَحْدَبِ.
وَفِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ: أَشهَرُهَا شُعْبَةُ، فَإِنَّ أَبَا هَاشِمٍ الرِّفَاعِيَّ، وَحُسَيْنَ بنَ عَبْدِ الأَوَّلِ، سَأَلاَهُ عَنِ اسْمِهِ.
فَقَالَ شُعْبَةُ: وَسَأَلَه يَحْيَى بنُ آدَمَ، وَغَيْرُهُ عَنِ اسْمِهِ، فَقَالَ: اسْمِي كُنْيَتِي.
وَأَمَّا النَّسَائِيُّ، فَقَالَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.
وَقِيْلَ: اسْمُهُ مُطَرِّفٌ.
وَقِيْلَ: رُؤْبَةُ.
وَقِيْلَ: عَتِيْقٌ.
وَقِيْلَ: سَالِمٌ.
وَقِيْلَ: أَحْمَدُ، وَعَنْتَرَةُ، وَقَاسِمٌ، وَحُسَيْنٌ، وَعَطَاءٌ، وَحَمَّادٌ، وَعَبْدُ اللهِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ القُرْآنَ وَجَوَّدَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ عَلَى: عَاصِم بنِ أَبِي النَّجُوْدِ.
وَعَرَضَه أَيْضاً - فِيْمَا بَلَغَنَا - عَنْ: عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَأَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَاصِمٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَصَالِحٍ مَوْلَى عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، حَدَّثَهُ عَنْ:
أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي حُصَيْنٍ عُثْمَانَ بنِ عَاصِمٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَالأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُغِيْرَةَ بنِ مِقْسَمٍ، وَمُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ، وَيَحْيَى بنِ هَانِئٍ المُرَادِيِّ، وَدَهْثَمَ بنِ قُرَّانَ، وَسُفْيَانَ التَّمَّارِ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِه - وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَالكَسَائِيُّ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيُّ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: أَبُو الحَسَنِ الكَسَائِيُّ - وَمَاتَ قَبْلَه - وَيَحْيَى العُلَيْمِيُّ، وَأَبُو يُوْسُفَ الأَعْشَى، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ صَالِحٍ البُرْجُمِيُّ، وَعُرْوَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَمَّادٍ.
وَأَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ تَحْرِيْراً وَإِتْقَاناً: يَحْيَى بنُ آدَمَ.
ذَكَرَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، رُبَّمَا غَلِطَ، صَاحِبُ قُرْآنٍ وَخَيْرٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ صَالِحٍ الأَنْمَاطِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، أَلْقَاهُ إِلَى جِبْرِيْلَ، وَأَلْقَاهُ جِبْرِيْلُ إِلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُوْدُ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسرَعَ إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ صَدُوْقٌ، وَلَهُ أَوهَامٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَعْبَأُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَإِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ، كَلَحَ وَجْهُهُ.
وَرَوَى: مُهَنَّا بنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
أَبُو بَكْرٍ كَثِيْرُ الغَلَطِ جِدّاً، وَكُتُبُهُ لَيْسَ فِيْهَا خَطَأٌ.
قَالَ عَلِيُّ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ بَيْنَ يَدِيَّ، مَا سَأَلتُهُ عَنْ شَيْءٍ.
ثُمَّ قَالَ: إِسْرَائِيْلُ فَوْقَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: أَبُو بَكْرٍ ضَعِيْفٌ فِي الأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: أَبُو بَكْرٍ، وَأَخُوْهُ حَسَنٌ: لَيْسَا بِذَاكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الأَحْوَصِ، فَقَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا، لاَ أُبَالِي بِأَيِّهِمَا بَدَأْتُ.
وَقَالَ أَبِي: أَبُو بَكْرٍ وَشَرِيْكٌ فِي الحِفظِ سَوَاءٌ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَصَحُّ كِتَاباً.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: سَخَاءُ الحَدِيْثِ كَسَخَاءِ المَالِ.
قُلْتُ: فَأَمَّا حَالُهُ فِي القِرَاءةِ، فَقَيِّمٌ بِحَرفِ عَاصِمٍ، وَقَدْ خَالَفَه حَفْصٌ فِي أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِ مائَةِ حَرْفٍ، وَحَفْصٌ أَيْضاً حُجَّةٌ فِي القِرَاءةً، لَيِّنٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي حَدِيْثُ أَبِي بَكْرٍ عَالِياً، فَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ،
وَالخَضِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمُّوَيْه، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، عَنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، قَالَ:خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُه، فَأَحرَمْنَا بِالحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: (اجْعَلُوا حَجَّكُم عُمْرَةً) .
فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! فَكَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَقَدْ أَحْرَمْنَا بِالحَجِّ؟
قَالَ: (انْظُرُوا الَّذِي آمُرُكُم بِهِ، فَافْعَلُوا) .
فَرَدُّوا عَلَيْهِ القَوْلَ، فَغَضِبَ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ غَضْبَانَ، فَرَأَتِ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: مَنْ أَغْضَبَكَ؟ أَغْضَبَهُ اللهُ.
قَالَ: (وَمَا لِيَ لاَ أَغْضَبُ، وَأَنَا آمُرُ بِالأَمْرِ، فَلاَ أُتَّبَعُ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ مِنَ العَوَالِي، يَرْوِيْهِ: عِدَّةٌ فِي وَقْتِنَا، عَنِ النَّجِيْبِ، وَابْنِ عَبْد الدَّائِمِ، بِسَمَاعِهِمَا مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ.
أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَه، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَحْضَرَ هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ مِنَ الكُوْفَةِ، فَجَاءَ وَمَعَهُ وَكِيْعٌ، فَدَخَلَ وَوَكِيْعٌ يَقُودُهُ، فَأَدنَاهُ الرَّشِيْدُ، وَقَالَ لَهُ:
قَدْ أَدْرَكتَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ وَأَيَّامَنَا، فَأَيُّنَا خَيْرٌ؟
قَالَ: أَنْتُم أَقْوَمُ بِالصَّلاَةِ، وَأُوْلَئِكَ كَانُوا أَنْفَعَ لِلنَّاسِ.
قَالَ: فَأَجَازَهُ الرَّشِيْدُ بِسِتَّةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَصَرَفَهُ، وَأَجَازَ وَكِيْعاً بِثَلاَثَةِ آلاَفِ.
رَوَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ - وَكَانَ ثِقَةً - قَالَ:سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ، فَقُلْتُ: قَدْ بَلَغَكَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي القُرْآنِ.
قَالَ: وَيْلَكَ! مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ زِنْدِيقٌ، عَدُوُّ اللهِ، لاَ نُجَالِسُهُ، وَلاَ نُكَلِّمُهُ.
رَوَى: يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيِّ، قَالَ:
لَمْ يُفْرَشْ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ فِرَاشٌ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، قَالَ:
زَامَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ إِلَى مَكَّةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْهُ، لَقَدْ أَهْدَى لَهُ رَجُلٌ رُطَباً، فَبَلَغَهُ أَنَّهُ مِنْ بُستَانٍ أُخِذَ مِنْ خَالِدِ بنِ سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيِّ، فَأَتَى آلَ خَالِدٍ، فَاسْتَحَلَّهُم، وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المُعَيْطِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ بِمَكَّةَ، جَاءهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَبَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ سُفْيَانَ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ:
لاَ تَسْأَلْنِي عَنْ حَدِيْثٍ مَا دَامَ هَذَا الشَّيْخُ قَاعِداً.
رَوَاهَا: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، عَنِ المُعَيْطِيِّ، وَقَالَ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُوْلُ: يَا سُفْيَانُ! كَيْفَ أَنْتَ، وَكَيْفَ عَائِلَةُ أَبِيْكَ؟
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ: حَدِّثْنِي.
وَكُنْتُ أُحَدِّثُ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيَّ، فَيَستَمِعُ إِلَيَّ، وَكُنْتُ أُحَدِّثُ الأَعْمَشَ، فَيَستَعِيْدُنِي.
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِسَنَتَيْنِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: أَبُو بَكْرٍ أَكْبَرُ مِنِّي بِعَشْرِ سِنِيْنَ.وَقَالَ الأَخْنَسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
وَاللهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً يَطْلُبُ الحَدِيْثَ بِمَكَانَ كَذَا وَكَذَا، لأَتَيْتُ مَنْزِلَهُ حَتَّى أُحَدِّثُه.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، قَالَ: شَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عِنْد شَرِيْكٍ، فَكَأَنَّهُ رَأَى مِنْ شَرِيْكٍ اسْتِخْفَافاً، فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُوْنَ جَبَّاراً.
قَالَ: فَقَالَ شَرِيْكٌ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الحَنَّاطَ هَكَذَا أَحْمَقُ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ غَائِباً، فَجَاءهُ أَخُوْهُ الحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: أَيْش حَالُ شُعْبَةَ، قَدِمَ بَعْدُ؟
يَعْنِي: أَخَاهُ.
وَقَالَ بِشْرٌ الحَافِي: قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ:
سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ عَنِ الحَدِيْثِ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُحَدِّثَ، فَلَسْتَ بِأَهْلٍ أَنْ تُؤْتَى، وَإِنْ كُنْتَ تَكرَهُ أَنْ تُؤْتَى، فَبِالحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ - وَذَكَرُوا لَهُ حَدِيْثاً أَنْكَرُوهُ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ - فَقَالَ:
كَانَ الأَعْمَشُ يَضرِبُ هَؤُلاَءِ وَيَشْتِمُهُم وَيَطْرُدُهُم، وَكَانَ يَأْخُذُ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَيَجْلِسُ مَعَهُ فِي زَاوِيَةٍ لِحَالِ القُرْآنِ.
وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ لِلْحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بِالمَدِيْنَةِ: مَا أَبقَتِ الفِتْنَةُ مِنْكَ؟
فَقَالَ: وَأَيُّ فِتْنَةٍ رَأَيْتَنِي فِيْهَا؟
قَالَ: رَأَيْتُهُم يُقَبِّلُوْنَ يَدَكَ وَلاَ تَمنَعُهُم.
أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ خَلِيْفَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَصِّ القُرْآنِ، لأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- يَقُوْلُ: {لِلْفُقَرَاءِ
المُهَاجِرِيْنَ الَّذِيْنَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِم وَأَمْوَالِهِم يَبْتَغُوْنَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً، وَيَنْصُرُوْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ، أُولِئِكَ هُمُ الصَّادِقُوْنَ} [الحَشْرُ: 8] .قَالَ: فَمَنْ سَمَّاهُ اللهُ صَادِقاً، فَلَيْسَ يَكْذِبُ، هُم قَالُوا: يَا خَلِيْفَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ الحَافِظُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعْرُوْفاً بِالصَّلاَحِ البَارِعِ، وَكَانَ لَهُ فِقْهٌ، وَعِلْمُ الأَخْبَارِ، وَفِي حَدِيْثِهِ اضْطِرَابٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ: لَمْ يَكُنْ فِي شُيُوْخِنَا أَحَدٌ أَكْثَرُ غَلَطاً مِنْ أَبِي بَكْرٍ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ خَيِّراً فَاضِلاً، لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، قَالَ:
جِئْتُ لَيْلَةً إِلَى زَمْزَمَ، فَاسْتَقَيْتُ مِنْهُ دَلْواً لَبَناً وَعَسَلاً.
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
الخَلْقُ أَرْبَعَةٌ: مَعْذُورٌ، وَمَخْبُورٌ، وَمَجْبُورٌ، وَمَثْبُورٌ.
فَالمَعْذُورُ: الهَائِمُ.
وَالمَخْبُورُ: ابْنُ آدَمَ.
وَالمَجْبُورُ: المَلِكُ.
وَالمَثْبُورُ: الجِنُّ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: أَدْنَى السُّكُوتِ السَّلاَمَةُ، وَكَفَى بِهِ عَافِيَةً، وَأَدْنَى ضَرَرِ المَنْطِقِ الشُّهرَةُ، وَكَفَى بِهَا بَلِيَّةً.
رَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
الحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ، وَأَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ: ثِقَتَانِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ
يَقُوْلُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ إِذَا حَدَّثَ بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ: قَدْ جَاءكُمُ السَّيْلُ، وَأَنَا اليَوْمَ مِثْلُ الأَعْمَشِ.فَقُلْتُ: مَنْ فَوَائِدِ أَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو تُرَابٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ، قَالَ:
سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الكُوْفِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي سِكَّةِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ كَلْبٌ، إِذَا رَأَى صَاحِبَ مِحْبَرَةٍ، حَمَلَ عَلَيْهِ، فَأَطْعَمَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ شَيْئاً، فَقَتَلُوْهُ.
فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا رَآهُ مَيْتاً، قَالَ: إِنَّا للهِ، ذَهَبَ الَّذِي كَانَ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوْفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ:
تَعَلَّمْتُ مِنْ عَاصِمٍ القُرْآنَ، كَمَا يَتَعَلَّمُ الصَّبِيُّ مِنَ المُعَلِّمِ، فَلَقِيَ مِنِّي شِدَّةً، فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَ قِرَاءتِهِ، وَهَذَا الَّذِي أُحَدِّثُكَ بِهِ مِنَ القِرَاءاتِ إِنَّمَا تَعَلَّمْتُهُ مِنْ عَاصِمٍ تَعَلُّماً.
وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَاصِماً وَأَنَا حَدَثٌ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ رَجُلاً: أَنَّهُ سَأَل أَبَا بَكْرٍ: أَقَرَأْتَ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِ عَاصِمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، عَلَى: عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَأَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ.
هَذَا إِسْنَادٌ لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
تَعَلَّمْتُ القُرْآنَ مِنْ عَاصِمٍ خَمْساً خَمْساً، وَلَمْ أَتَعَلَّمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلاَ قَرَأْتُ عَلَى غَيْرِهِ.
يَحْيَى: عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى عَاصِمٍ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، فِي الحَرِّ وَالشِّتَاءِ وَالمَطَرِ، حَتَّى رُبَّمَا اسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَهْلِ مَسْجِدِ بَنِي كَاهِلٍ.
وَقَالَ لِي عَاصِمٌ: احْمَدِ اللهَ -تَعَالَى- فَإِنَّكَ جِئْتَ وَمَا تُحْسِنُ شَيْئاً.
فَقُلْتُ: إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنَ المَكْتَبِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَيْكَ.
قَالَ: فَلَقَدْ فَارَقتُ عَاصِماً وَمَا أُسقِطَ مِنَ القُرْآنِ حَرفاً.قَالَ عُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقرَأَ مِنْ عَاصِمٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ مِنَ المُغِيْرَةِ، فَلَزِمْتُهُ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: الدُّخُولُ فِي العِلْمِ سَهْلٌ، لَكِنَّ الخُرُوْجَ مِنْهُ إِلَى اللهِ شَدِيْدٌ.
وَعَنْ بِشْرِ بنِ الحَارِثِ: سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
يَا مَلَكَيَّ ادْعُوَا اللهَ لِي، فَإِنَّكُمَا أَطْوَعُ للهِ مِنِّي.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوْهٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ مَكَثَ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّةً.
وَهَذِهِ عِبَادَةٌ يُخْضَعُ لَهَا، وَلَكِنْ مُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: (لَمْ يَفْقَهْ مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ ) .
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، قَالَ: لَمَّا
حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الوَفَاةُ، بَكَتْ أُخْتُهُ، فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيْكِ؟ انْظُرِي إِلَى تِلكَ الزَّاوِيَةِ، فَقَدْ خَتَمَ أَخُوْكِ فِيْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ خَتْمَةٍ.قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ:
رَأَيْتُ الدُّنْيَا فِي النَّوْمِ عَجُوْزاً مُشَوَّهَةً.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ القُرَشِيِّ - وَهُوَ وَالِدُهُ، إِنْ شَاءَ اللهُ - قَالَ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: وَدِدْتُ أَنَّهُ صُفِحَ لِي عَمَّا كَانَ مِنِّي فِي الشَّبَابِ، وَأَنَّ يَدَيَّ قُطِعَتَا.
سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ القُرْآنِ، فَقَالَ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: إِمَامُنَا يَهْمِزُ (مُؤْصَدَةً ) ، فَأَشْتَهِي أَنْ أَسُدَّ أُذُنَيَّ إِذَا هَمَزَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: لِي جَارٌ رَافِضِيٌّ قَدْ مَرِضَ.
قَالَ: عُدْهُ مِثْلَ مَا تَعُوْدُ اليَهُوْدِيَّ، وَالنَّصْرَانِيَّ، لاَ تَنْوِي فِيْهِ الأَجْرَ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الصَّفَّارُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَأَخَذْتُ رِزْقَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمَكَثْتُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، مَا شَرِبتُ مَاءً، مَا أَشْرَبُ إِلاَّ النَّبِيْذَ.
قُلْتُ: النَّبِيْذُ الَّذِي هُوَ نَقِيْعُ التَّمْرِ، وَنَقِيْعُ الزَّبِيْبِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ،
وَالفُقَاعُ، حَلاَلٌ شُرْبُهُ، وَأَمَّا نَبِيْذَ الكُوْفِيِّيْنَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيْرُهُ، فَحَرَامٌ الإِكْثَارُ مِنْهُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَسَائِرِ العُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ يُحْرَمُ يَسِيْرُهُ عَنْدَ الجُمْهُوْرِ، وَيَتَرَخَّصُ فِيْهِ الكُوْفِيُّوْنَ، وَفِي تَحْرِيْمِهِ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.وَكَانَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ قَدْ قَطَعَ الإِقْرَاءَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ كَانَ يَرْوِي الحُرُوْفَ، فَقَيَّدَهَا عَنْهُ يَحْيَى بنُ آدَمَ عَالِمُ الكُوْفَةِ، وَاشْتُهِرَتْ قِرَاءةُ عَاصِمٍ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَتَلَقَّتْهَا الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، وَتَلَقَّاهَا أَهْلُ العِرَاقِ.
وَأَمَّا الحَدِيْثُ: فَيَأْتِي أَبُو بَكْرٍ فِيْهِ بِغَرَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: ذَكَرتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ:
حَدِيْثَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لاَ تُقْطَعُ الخَمْسُ إِلاَّ فِي خَمْسٍ.
وَحَدِيْثَ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لاَ يَرِثُ قَاتِلٌ خَطَأً وَلاَ عَمْداً، حَدَّثَ بِهِمَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَيُّهُمَا أَنْكَرُ عِنْدَكَ؟ - وَكَانَ حَدِيْثُ مُطَرِّفٍ عِنْدِي أَنْكَرُ - فَقَالَ: حَدِيْثُ مَنْصُوْرٍ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ سَمِعْتُهُمَا مِنْهُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:أَتَى رَجُلٌ أَهْلَهُ، فَرَأَى مَا بِهِم مِنَ الخَصَاصَةِ، فَخَرَجَ إِلَى البَرِّيَّةِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَا يُعْتَجَنُ وَيُخْتَبَزُ.
قَالَ: فَإِذَا الجَفْنَةُ مَلأَى عَجِيْناً، وَإِذَا الرَّحَى تَطْحَنُ، وَإِذَا التَّنُّورُ مَلأَى جنُوبَ شِوَاءٍ.
فَجَاءَ زَوجُهَا، فَقَالَ: عِنْدَكُم شَيْءٌ؟
قَالَتْ: نَعَمْ، رِزْقُ اللهِ.
فَجَاءَ، فَكَنَسَ مَا حَوْلَ الرَّحَى، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَوْ تَرَكَهَا لَدَارَتْ - أَوْ: لَطَحَنَتْ - إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ) .
فَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُنْكِرُ: حَدِيْثَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ.
قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ امْرَأَةٌ، فَقَالُوا: إِنَّهَا تَغْتَسِلُ ثُمَّ تَتَوَضَّأُ.
فَقَالَ: أَمَّا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عِنْدِي لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ: نَرَاهُ وَهِمَ أَبُو بَكْرٍ، وَإِنَّمَا هَذَا يَرْوِيْهِ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ.
الحَسَنُ بنُ عُلَيْلٍ العَنَزِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
قَالَ لِي الرَّشِيْدُ: كَيْفَ اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؟
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! سَكَتَ اللهُ، وَسَكَتَ رَسُوْلُهُ، وَسَكَتَ المُؤْمِنُوْنَ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا زِدْتَنِي إِلاَّ عَمَىً.
قُلْتُ: مَرِضَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بِلاَلٌ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَالوَحْيُ يَنْزِلُ، فَسَكَتَ رَسُوْلُ اللهِ لِسُكُوتِ اللهِ، وَسَكَتَ المُؤْمِنُوْنَ لِسُكُوتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيْكَ.
زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
طَلَبَ الرَّشِيْدُ أَبِي،
فَمَضَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنِي بِحَدِيْثٍ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَكُوْنُ قَوْمٌ بَعْدِي يُنْبَزُوْنَ بِالرَّافِضَّةِ، فَاقْتُلُوْهُم، فَإِنَّهُم مُشْرِكُوْنَ) ، فَوَاللهِ لَئِنْ كَانَ الحَدِيْثُ حَقّاً، لأَقْتُلَنَّهُم.فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، خِفْتُ، وَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُم لَيُحِبُّونَكُم أَشَدَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَهُمْ إِلَيْكُم أَمْيَلُ.
قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَأَمَرَ لِي بِأَرْبَعِ بِدَرٍ، فَأَخَذْتُهَا.
قُلْتُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَجْهُوْلٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: قَدِمَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، فَأُخْلِيَ لَهُ مَجْلِسُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُخْرِجَنَّ غَداً مِنْ رِجَالِي رَجُلَينِ، لاَ يَبْقَى عِنْدَ جَرِيْرٍ أَحَدٌ.
قَالَ: فَأَخْرَجَ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيَّ، وَأَبَا حُصَيْنٍ.
الأَحْمَسِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ يَبْزُقُ فِي وُجُوْهِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَقَدِ اعْتَنَى أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ بِأَمرِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً مِنْ رِوَايَةِ ثِقَةٍ عَنْهُ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الصَّفَّارُ، وَغَيْرُهُ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا ابْنُ قَوَامٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا ابْنُ الزُّبَيْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمُّوَيْه، أَخْبَرَنَا الفِرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، سَمِعَهُ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، شَفِعْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلِ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ.
فَيَدْخُلُوْنَ، ثُمَّ أَقُوْلُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلِ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْءٍ ) .
فَقَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى أَصَابعِ رَسُوْلِ اللهِ.
هَذَا مِنْ أَغْرِبِ مَا فِي الصَّحِيْحِ.
وَيُوْسُفُ: هُوَ القَطَّانُ، نَسَبَهُ إِلَى جَدِّه.
وَأَحْمَدُ: هُوَ اليَرْبُوْعِيُّ.
الكُوْفِيُّ، الحَنَّاطُ - بِالنُّوْنَ - المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وَبَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ، مَوْلَى وَاصِلٍ الأَحْدَبِ.
وَفِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ: أَشهَرُهَا شُعْبَةُ، فَإِنَّ أَبَا هَاشِمٍ الرِّفَاعِيَّ، وَحُسَيْنَ بنَ عَبْدِ الأَوَّلِ، سَأَلاَهُ عَنِ اسْمِهِ.
فَقَالَ شُعْبَةُ: وَسَأَلَه يَحْيَى بنُ آدَمَ، وَغَيْرُهُ عَنِ اسْمِهِ، فَقَالَ: اسْمِي كُنْيَتِي.
وَأَمَّا النَّسَائِيُّ، فَقَالَ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ.
وَقِيْلَ: اسْمُهُ مُطَرِّفٌ.
وَقِيْلَ: رُؤْبَةُ.
وَقِيْلَ: عَتِيْقٌ.
وَقِيْلَ: سَالِمٌ.
وَقِيْلَ: أَحْمَدُ، وَعَنْتَرَةُ، وَقَاسِمٌ، وَحُسَيْنٌ، وَعَطَاءٌ، وَحَمَّادٌ، وَعَبْدُ اللهِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ القُرْآنَ وَجَوَّدَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ عَلَى: عَاصِم بنِ أَبِي النَّجُوْدِ.
وَعَرَضَه أَيْضاً - فِيْمَا بَلَغَنَا - عَنْ: عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَأَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَاصِمٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيِّ، وَصَالِحٍ مَوْلَى عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، حَدَّثَهُ عَنْ:
أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحُصَيْنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي حُصَيْنٍ عُثْمَانَ بنِ عَاصِمٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَالأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، وَمَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُغِيْرَةَ بنِ مِقْسَمٍ، وَمُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ، وَيَحْيَى بنِ هَانِئٍ المُرَادِيِّ، وَدَهْثَمَ بنِ قُرَّانَ، وَسُفْيَانَ التَّمَّارِ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِه - وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، وَهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَالكَسَائِيُّ، وَوَكِيْعٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيُّ، وَهَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيُّ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: أَبُو الحَسَنِ الكَسَائِيُّ - وَمَاتَ قَبْلَه - وَيَحْيَى العُلَيْمِيُّ، وَأَبُو يُوْسُفَ الأَعْشَى، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ صَالِحٍ البُرْجُمِيُّ، وَعُرْوَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَمَّادٍ.
وَأَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ تَحْرِيْراً وَإِتْقَاناً: يَحْيَى بنُ آدَمَ.
ذَكَرَهُ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، رُبَّمَا غَلِطَ، صَاحِبُ قُرْآنٍ وَخَيْرٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ صَالِحٍ الأَنْمَاطِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، أَلْقَاهُ إِلَى جِبْرِيْلَ، وَأَلْقَاهُ جِبْرِيْلُ إِلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُوْدُ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسرَعَ إِلَى السُّنَّةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ صَدُوْقٌ، وَلَهُ أَوهَامٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَعْبَأُ بِأَبِي بَكْرٍ، وَإِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ، كَلَحَ وَجْهُهُ.
وَرَوَى: مُهَنَّا بنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ:
أَبُو بَكْرٍ كَثِيْرُ الغَلَطِ جِدّاً، وَكُتُبُهُ لَيْسَ فِيْهَا خَطَأٌ.
قَالَ عَلِيُّ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ بَيْنَ يَدِيَّ، مَا سَأَلتُهُ عَنْ شَيْءٍ.
ثُمَّ قَالَ: إِسْرَائِيْلُ فَوْقَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: أَبُو بَكْرٍ ضَعِيْفٌ فِي الأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: أَبُو بَكْرٍ، وَأَخُوْهُ حَسَنٌ: لَيْسَا بِذَاكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الأَحْوَصِ، فَقَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا، لاَ أُبَالِي بِأَيِّهِمَا بَدَأْتُ.
وَقَالَ أَبِي: أَبُو بَكْرٍ وَشَرِيْكٌ فِي الحِفظِ سَوَاءٌ، غَيْرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَصَحُّ كِتَاباً.
وَقَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: سَخَاءُ الحَدِيْثِ كَسَخَاءِ المَالِ.
قُلْتُ: فَأَمَّا حَالُهُ فِي القِرَاءةِ، فَقَيِّمٌ بِحَرفِ عَاصِمٍ، وَقَدْ خَالَفَه حَفْصٌ فِي أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِ مائَةِ حَرْفٍ، وَحَفْصٌ أَيْضاً حُجَّةٌ فِي القِرَاءةً، لَيِّنٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَقَدْ وَقَعَ لِي حَدِيْثُ أَبِي بَكْرٍ عَالِياً، فَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ،
وَالخَضِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمُّوَيْه، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، عَنْ أَبِي الفَرَجِ بنِ كُلَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، قَالَ:خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُه، فَأَحرَمْنَا بِالحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: (اجْعَلُوا حَجَّكُم عُمْرَةً) .
فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! فَكَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَقَدْ أَحْرَمْنَا بِالحَجِّ؟
قَالَ: (انْظُرُوا الَّذِي آمُرُكُم بِهِ، فَافْعَلُوا) .
فَرَدُّوا عَلَيْهِ القَوْلَ، فَغَضِبَ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ غَضْبَانَ، فَرَأَتِ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَتْ: مَنْ أَغْضَبَكَ؟ أَغْضَبَهُ اللهُ.
قَالَ: (وَمَا لِيَ لاَ أَغْضَبُ، وَأَنَا آمُرُ بِالأَمْرِ، فَلاَ أُتَّبَعُ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ مِنَ العَوَالِي، يَرْوِيْهِ: عِدَّةٌ فِي وَقْتِنَا، عَنِ النَّجِيْبِ، وَابْنِ عَبْد الدَّائِمِ، بِسَمَاعِهِمَا مِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ.
أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَه، عَنِ الثِّقَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَحْضَرَ هَارُوْنُ الرَّشِيْدُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ مِنَ الكُوْفَةِ، فَجَاءَ وَمَعَهُ وَكِيْعٌ، فَدَخَلَ وَوَكِيْعٌ يَقُودُهُ، فَأَدنَاهُ الرَّشِيْدُ، وَقَالَ لَهُ:
قَدْ أَدْرَكتَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ وَأَيَّامَنَا، فَأَيُّنَا خَيْرٌ؟
قَالَ: أَنْتُم أَقْوَمُ بِالصَّلاَةِ، وَأُوْلَئِكَ كَانُوا أَنْفَعَ لِلنَّاسِ.
قَالَ: فَأَجَازَهُ الرَّشِيْدُ بِسِتَّةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَصَرَفَهُ، وَأَجَازَ وَكِيْعاً بِثَلاَثَةِ آلاَفِ.
رَوَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ - وَكَانَ ثِقَةً - قَالَ:سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ، فَقُلْتُ: قَدْ بَلَغَكَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي القُرْآنِ.
قَالَ: وَيْلَكَ! مَنْ زَعَمَ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ زِنْدِيقٌ، عَدُوُّ اللهِ، لاَ نُجَالِسُهُ، وَلاَ نُكَلِّمُهُ.
رَوَى: يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيِّ، قَالَ:
لَمْ يُفْرَشْ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ فِرَاشٌ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، قَالَ:
زَامَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ إِلَى مَكَّةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْهُ، لَقَدْ أَهْدَى لَهُ رَجُلٌ رُطَباً، فَبَلَغَهُ أَنَّهُ مِنْ بُستَانٍ أُخِذَ مِنْ خَالِدِ بنِ سَلَمَةَ المَخْزُوْمِيِّ، فَأَتَى آلَ خَالِدٍ، فَاسْتَحَلَّهُم، وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المُعَيْطِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ بِمَكَّةَ، جَاءهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَبَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ سُفْيَانَ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ:
لاَ تَسْأَلْنِي عَنْ حَدِيْثٍ مَا دَامَ هَذَا الشَّيْخُ قَاعِداً.
رَوَاهَا: يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ، عَنِ المُعَيْطِيِّ، وَقَالَ: فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُوْلُ: يَا سُفْيَانُ! كَيْفَ أَنْتَ، وَكَيْفَ عَائِلَةُ أَبِيْكَ؟
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ: حَدِّثْنِي.
وَكُنْتُ أُحَدِّثُ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيَّ، فَيَستَمِعُ إِلَيَّ، وَكُنْتُ أُحَدِّثُ الأَعْمَشَ، فَيَستَعِيْدُنِي.
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِسَنَتَيْنِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: أَبُو بَكْرٍ أَكْبَرُ مِنِّي بِعَشْرِ سِنِيْنَ.وَقَالَ الأَخْنَسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
وَاللهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً يَطْلُبُ الحَدِيْثَ بِمَكَانَ كَذَا وَكَذَا، لأَتَيْتُ مَنْزِلَهُ حَتَّى أُحَدِّثُه.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، قَالَ: شَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عِنْد شَرِيْكٍ، فَكَأَنَّهُ رَأَى مِنْ شَرِيْكٍ اسْتِخْفَافاً، فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُوْنَ جَبَّاراً.
قَالَ: فَقَالَ شَرِيْكٌ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الحَنَّاطَ هَكَذَا أَحْمَقُ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ غَائِباً، فَجَاءهُ أَخُوْهُ الحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: أَيْش حَالُ شُعْبَةَ، قَدِمَ بَعْدُ؟
يَعْنِي: أَخَاهُ.
وَقَالَ بِشْرٌ الحَافِي: قَالَ عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ:
سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ عَنِ الحَدِيْثِ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُحَدِّثَ، فَلَسْتَ بِأَهْلٍ أَنْ تُؤْتَى، وَإِنْ كُنْتَ تَكرَهُ أَنْ تُؤْتَى، فَبِالحَرِيِّ أَنْ تَنْجُوَ.
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ - وَذَكَرُوا لَهُ حَدِيْثاً أَنْكَرُوهُ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ - فَقَالَ:
كَانَ الأَعْمَشُ يَضرِبُ هَؤُلاَءِ وَيَشْتِمُهُم وَيَطْرُدُهُم، وَكَانَ يَأْخُذُ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ، فَيَجْلِسُ مَعَهُ فِي زَاوِيَةٍ لِحَالِ القُرْآنِ.
وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ لِلْحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بِالمَدِيْنَةِ: مَا أَبقَتِ الفِتْنَةُ مِنْكَ؟
فَقَالَ: وَأَيُّ فِتْنَةٍ رَأَيْتَنِي فِيْهَا؟
قَالَ: رَأَيْتُهُم يُقَبِّلُوْنَ يَدَكَ وَلاَ تَمنَعُهُم.
أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ خَلِيْفَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَصِّ القُرْآنِ، لأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- يَقُوْلُ: {لِلْفُقَرَاءِ
المُهَاجِرِيْنَ الَّذِيْنَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِم وَأَمْوَالِهِم يَبْتَغُوْنَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً، وَيَنْصُرُوْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ، أُولِئِكَ هُمُ الصَّادِقُوْنَ} [الحَشْرُ: 8] .قَالَ: فَمَنْ سَمَّاهُ اللهُ صَادِقاً، فَلَيْسَ يَكْذِبُ، هُم قَالُوا: يَا خَلِيْفَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ الحَافِظُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعْرُوْفاً بِالصَّلاَحِ البَارِعِ، وَكَانَ لَهُ فِقْهٌ، وَعِلْمُ الأَخْبَارِ، وَفِي حَدِيْثِهِ اضْطِرَابٌ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَيْنٍ: لَمْ يَكُنْ فِي شُيُوْخِنَا أَحَدٌ أَكْثَرُ غَلَطاً مِنْ أَبِي بَكْرٍ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ خَيِّراً فَاضِلاً، لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، قَالَ:
جِئْتُ لَيْلَةً إِلَى زَمْزَمَ، فَاسْتَقَيْتُ مِنْهُ دَلْواً لَبَناً وَعَسَلاً.
قَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
الخَلْقُ أَرْبَعَةٌ: مَعْذُورٌ، وَمَخْبُورٌ، وَمَجْبُورٌ، وَمَثْبُورٌ.
فَالمَعْذُورُ: الهَائِمُ.
وَالمَخْبُورُ: ابْنُ آدَمَ.
وَالمَجْبُورُ: المَلِكُ.
وَالمَثْبُورُ: الجِنُّ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: أَدْنَى السُّكُوتِ السَّلاَمَةُ، وَكَفَى بِهِ عَافِيَةً، وَأَدْنَى ضَرَرِ المَنْطِقِ الشُّهرَةُ، وَكَفَى بِهَا بَلِيَّةً.
رَوَى: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
الحَسَنُ بنُ عَيَّاشٍ، وَأَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ: ثِقَتَانِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ
يَقُوْلُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ إِذَا حَدَّثَ بِثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ: قَدْ جَاءكُمُ السَّيْلُ، وَأَنَا اليَوْمَ مِثْلُ الأَعْمَشِ.فَقُلْتُ: مَنْ فَوَائِدِ أَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو تُرَابٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ، قَالَ:
سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الكُوْفِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي سِكَّةِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ كَلْبٌ، إِذَا رَأَى صَاحِبَ مِحْبَرَةٍ، حَمَلَ عَلَيْهِ، فَأَطْعَمَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ شَيْئاً، فَقَتَلُوْهُ.
فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا رَآهُ مَيْتاً، قَالَ: إِنَّا للهِ، ذَهَبَ الَّذِي كَانَ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوْفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ:
تَعَلَّمْتُ مِنْ عَاصِمٍ القُرْآنَ، كَمَا يَتَعَلَّمُ الصَّبِيُّ مِنَ المُعَلِّمِ، فَلَقِيَ مِنِّي شِدَّةً، فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَ قِرَاءتِهِ، وَهَذَا الَّذِي أُحَدِّثُكَ بِهِ مِنَ القِرَاءاتِ إِنَّمَا تَعَلَّمْتُهُ مِنْ عَاصِمٍ تَعَلُّماً.
وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَاصِماً وَأَنَا حَدَثٌ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: سَمِعْتُ رَجُلاً: أَنَّهُ سَأَل أَبَا بَكْرٍ: أَقَرَأْتَ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِ عَاصِمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، عَلَى: عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَأَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ.
هَذَا إِسْنَادٌ لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ آدَمَ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
تَعَلَّمْتُ القُرْآنَ مِنْ عَاصِمٍ خَمْساً خَمْساً، وَلَمْ أَتَعَلَّمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلاَ قَرَأْتُ عَلَى غَيْرِهِ.
يَحْيَى: عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى عَاصِمٍ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، فِي الحَرِّ وَالشِّتَاءِ وَالمَطَرِ، حَتَّى رُبَّمَا اسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَهْلِ مَسْجِدِ بَنِي كَاهِلٍ.
وَقَالَ لِي عَاصِمٌ: احْمَدِ اللهَ -تَعَالَى- فَإِنَّكَ جِئْتَ وَمَا تُحْسِنُ شَيْئاً.
فَقُلْتُ: إِنَّمَا خَرَجْتُ مِنَ المَكْتَبِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَيْكَ.
قَالَ: فَلَقَدْ فَارَقتُ عَاصِماً وَمَا أُسقِطَ مِنَ القُرْآنِ حَرفاً.قَالَ عُبَيْدُ بنُ يَعِيْشَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقرَأَ مِنْ عَاصِمٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ مِنَ المُغِيْرَةِ، فَلَزِمْتُهُ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: الدُّخُولُ فِي العِلْمِ سَهْلٌ، لَكِنَّ الخُرُوْجَ مِنْهُ إِلَى اللهِ شَدِيْدٌ.
وَعَنْ بِشْرِ بنِ الحَارِثِ: سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ يَقُوْلُ:
يَا مَلَكَيَّ ادْعُوَا اللهَ لِي، فَإِنَّكُمَا أَطْوَعُ للهِ مِنِّي.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوْهٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَيَّاشٍ مَكَثَ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّةً.
وَهَذِهِ عِبَادَةٌ يُخْضَعُ لَهَا، وَلَكِنْ مُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: (لَمْ يَفْقَهْ مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ ) .
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، قَالَ: لَمَّا
حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الوَفَاةُ، بَكَتْ أُخْتُهُ، فَقَالَ لَهَا: مَا يُبْكِيْكِ؟ انْظُرِي إِلَى تِلكَ الزَّاوِيَةِ، فَقَدْ خَتَمَ أَخُوْكِ فِيْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ خَتْمَةٍ.قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ:
رَأَيْتُ الدُّنْيَا فِي النَّوْمِ عَجُوْزاً مُشَوَّهَةً.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ القُرَشِيِّ - وَهُوَ وَالِدُهُ، إِنْ شَاءَ اللهُ - قَالَ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: وَدِدْتُ أَنَّهُ صُفِحَ لِي عَمَّا كَانَ مِنِّي فِي الشَّبَابِ، وَأَنَّ يَدَيَّ قُطِعَتَا.
سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ القُرْآنِ، فَقَالَ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: إِمَامُنَا يَهْمِزُ (مُؤْصَدَةً ) ، فَأَشْتَهِي أَنْ أَسُدَّ أُذُنَيَّ إِذَا هَمَزَهَا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ: لِي جَارٌ رَافِضِيٌّ قَدْ مَرِضَ.
قَالَ: عُدْهُ مِثْلَ مَا تَعُوْدُ اليَهُوْدِيَّ، وَالنَّصْرَانِيَّ، لاَ تَنْوِي فِيْهِ الأَجْرَ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الصَّفَّارُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَأَخَذْتُ رِزْقَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمَكَثْتُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، مَا شَرِبتُ مَاءً، مَا أَشْرَبُ إِلاَّ النَّبِيْذَ.
قُلْتُ: النَّبِيْذُ الَّذِي هُوَ نَقِيْعُ التَّمْرِ، وَنَقِيْعُ الزَّبِيْبِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ،
وَالفُقَاعُ، حَلاَلٌ شُرْبُهُ، وَأَمَّا نَبِيْذَ الكُوْفِيِّيْنَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيْرُهُ، فَحَرَامٌ الإِكْثَارُ مِنْهُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَسَائِرِ العُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ يُحْرَمُ يَسِيْرُهُ عَنْدَ الجُمْهُوْرِ، وَيَتَرَخَّصُ فِيْهِ الكُوْفِيُّوْنَ، وَفِي تَحْرِيْمِهِ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.وَكَانَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ قَدْ قَطَعَ الإِقْرَاءَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ كَانَ يَرْوِي الحُرُوْفَ، فَقَيَّدَهَا عَنْهُ يَحْيَى بنُ آدَمَ عَالِمُ الكُوْفَةِ، وَاشْتُهِرَتْ قِرَاءةُ عَاصِمٍ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَتَلَقَّتْهَا الأُمَّةُ بِالقَبُولِ، وَتَلَقَّاهَا أَهْلُ العِرَاقِ.
وَأَمَّا الحَدِيْثُ: فَيَأْتِي أَبُو بَكْرٍ فِيْهِ بِغَرَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى: ذَكَرتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ:
حَدِيْثَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لاَ تُقْطَعُ الخَمْسُ إِلاَّ فِي خَمْسٍ.
وَحَدِيْثَ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لاَ يَرِثُ قَاتِلٌ خَطَأً وَلاَ عَمْداً، حَدَّثَ بِهِمَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَيُّهُمَا أَنْكَرُ عِنْدَكَ؟ - وَكَانَ حَدِيْثُ مُطَرِّفٍ عِنْدِي أَنْكَرُ - فَقَالَ: حَدِيْثُ مَنْصُوْرٍ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ سَمِعْتُهُمَا مِنْهُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ
سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:أَتَى رَجُلٌ أَهْلَهُ، فَرَأَى مَا بِهِم مِنَ الخَصَاصَةِ، فَخَرَجَ إِلَى البَرِّيَّةِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَا يُعْتَجَنُ وَيُخْتَبَزُ.
قَالَ: فَإِذَا الجَفْنَةُ مَلأَى عَجِيْناً، وَإِذَا الرَّحَى تَطْحَنُ، وَإِذَا التَّنُّورُ مَلأَى جنُوبَ شِوَاءٍ.
فَجَاءَ زَوجُهَا، فَقَالَ: عِنْدَكُم شَيْءٌ؟
قَالَتْ: نَعَمْ، رِزْقُ اللهِ.
فَجَاءَ، فَكَنَسَ مَا حَوْلَ الرَّحَى، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَوْ تَرَكَهَا لَدَارَتْ - أَوْ: لَطَحَنَتْ - إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ) .
فَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يُنْكِرُ: حَدِيْثَ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ.
قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ امْرَأَةٌ، فَقَالُوا: إِنَّهَا تَغْتَسِلُ ثُمَّ تَتَوَضَّأُ.
فَقَالَ: أَمَّا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عِنْدِي لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ: نَرَاهُ وَهِمَ أَبُو بَكْرٍ، وَإِنَّمَا هَذَا يَرْوِيْهِ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ.
الحَسَنُ بنُ عُلَيْلٍ العَنَزِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
قَالَ لِي الرَّشِيْدُ: كَيْفَ اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-؟
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! سَكَتَ اللهُ، وَسَكَتَ رَسُوْلُهُ، وَسَكَتَ المُؤْمِنُوْنَ.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا زِدْتَنِي إِلاَّ عَمَىً.
قُلْتُ: مَرِضَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بِلاَلٌ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَالوَحْيُ يَنْزِلُ، فَسَكَتَ رَسُوْلُ اللهِ لِسُكُوتِ اللهِ، وَسَكَتَ المُؤْمِنُوْنَ لِسُكُوتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيْكَ.
زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ:
طَلَبَ الرَّشِيْدُ أَبِي،
فَمَضَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنِي بِحَدِيْثٍ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَكُوْنُ قَوْمٌ بَعْدِي يُنْبَزُوْنَ بِالرَّافِضَّةِ، فَاقْتُلُوْهُم، فَإِنَّهُم مُشْرِكُوْنَ) ، فَوَاللهِ لَئِنْ كَانَ الحَدِيْثُ حَقّاً، لأَقْتُلَنَّهُم.فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، خِفْتُ، وَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُم لَيُحِبُّونَكُم أَشَدَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَهُمْ إِلَيْكُم أَمْيَلُ.
قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَأَمَرَ لِي بِأَرْبَعِ بِدَرٍ، فَأَخَذْتُهَا.
قُلْتُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَجْهُوْلٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: قَدِمَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، فَأُخْلِيَ لَهُ مَجْلِسُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُخْرِجَنَّ غَداً مِنْ رِجَالِي رَجُلَينِ، لاَ يَبْقَى عِنْدَ جَرِيْرٍ أَحَدٌ.
قَالَ: فَأَخْرَجَ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيَّ، وَأَبَا حُصَيْنٍ.
الأَحْمَسِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ يَبْزُقُ فِي وُجُوْهِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَقَدِ اعْتَنَى أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ بِأَمرِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً مِنْ رِوَايَةِ ثِقَةٍ عَنْهُ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الصَّفَّارُ، وَغَيْرُهُ، وَيَحْيَى بنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا ابْنُ قَوَامٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا ابْنُ الزُّبَيْدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا الدَّاوُوْدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمُّوَيْه، أَخْبَرَنَا الفِرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، سَمِعَهُ يَقُوْلُ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، شَفِعْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلِ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ.
فَيَدْخُلُوْنَ، ثُمَّ أَقُوْلُ: يَا رَبِّ! أَدْخِلِ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْءٍ ) .
فَقَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَى أَصَابعِ رَسُوْلِ اللهِ.
هَذَا مِنْ أَغْرِبِ مَا فِي الصَّحِيْحِ.
وَيُوْسُفُ: هُوَ القَطَّانُ، نَسَبَهُ إِلَى جَدِّه.
وَأَحْمَدُ: هُوَ اليَرْبُوْعِيُّ.
أبو أيوب التّمّار يحيى بن ميمون (بن عطاء) . عن عاصم الأحول، وعلى بن زيد هو عندهم كذاب. حدث بأحاديث موضوعة عن على بن زيد، وعن عاصم أحاديث منكرة.
أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى التَّمِيْمِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ يَحْيَى بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، مُحَدِّثُ المَوْصِلِ، وَصَاحِبُ (المُسْنَدِ) وَ (المُعْجَم) .
وُلِدَ: فِي ثَالثِ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ، فَهُوَ أَكْبَرُ مِنَ النَّسَائِيِّ بِخَمْسِ سِنِيْنَ، وَأَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُ.
لقِي الكِبَارَ، وَارْتَحَلَ فِي حَدَاثَتِهِ إِلَى الأَمصَارِ بِاعتنَاء أَبِيْهِ وَخَالِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى، ثُمَّ بِهِمَّتِهِ العَالِيَةِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ، وَأَحْمَدَ بنِ جَمِيلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ النِّيلِيِّ صَاحِبِ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وإِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ سَبَلاَنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي مَعْمرٍ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهُذَلِيِّ، وَأَبِي
إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلَ التَّرْجُمَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ القُرَشِيِّ، وأَيُّوْبَ بنِ يُوْنُسَ البَصْرِيِّ: عَنْ وُهَيْبٍ، وَالأَزْرَقِ بنِ عَلِيٍّ أَبِي الجَهْمِ، وَأُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ.وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَبِشْرِ بنِ هِلاَلٍ، وَبَسَّامِ بنِ يَزِيْدَ النقَّالِ.
وَجَعْفَرِ بنِ مِهْرَانَ السَّبَّاكِ، وَجُبارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَجَعْفَرِ بنِ حُمَيْدٍ الكُوْفِيِّ.
وحَوْثَرَةَ بنِ أَشْرَسَ العَدَوِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَالحَارِثِ بنِ سُرَيْجٍ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ الحُلْوَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بنِ الشَّاعِرِ.
وخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَخَالِدِ بنِ مِرْدَاسٍ، وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ.
وَرَوحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ المُقْرِئِ، وَالرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ.
وَأَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى زَحْمُوْيَه، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الرَّقَاشِيِّ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الكِسَائِيِّ الكُوْفِيِّ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَأَبِي الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الخُتُّلِيِّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ المُبَاركِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانِ، وَسَعِيْدِ بنِ مُطَرّفٍ البَاهِلِيِّ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَسَهلِ بنِ زَنْجَلَةَ الرَّازِيِّ.
وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوخٍ.
وَالصَّلْتِ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مَالِكٍ الخُوَارِزْمِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلَمَةَ البَصْرِيِّ، عَنْ أَشعَثَ بنِ بَرَازٍ الهُجَيْمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ الخَرَّازِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ، وَعُبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيِّ، وَعُبَيدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ صَالِحٍ الأَزْدِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ غِيَاثٍ، وَعَبْدِ الغَفَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ المِعْوَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرٍو النَّاقِدِ، وَعَمْرِو بنِ الحُصَيْنِ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعِيْسَى بنِ سَالِمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَسَّانَ بنِ الرَّبِيْعِ، وَالفَضْلِ بنِ الصَّبَّاحِ، وقَطَنِ بنِ نُسَيْرٍ، وكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ.وَمُصعبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمَنْصُوْرِ بنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَمَسْرُوْقِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَالمُنتجعِ بنِ مُصْعَبٍ - بَصرِيٍّ - وَمُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ الضَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَامِعٍ
العَطَّارِ - وَضَعَّفَهُ - وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ المَكِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُسَيِّبِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيِّ.وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ.
وهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَهَاشِمِ بنِ الحَارِثِ، وَالهُذَيْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجُمَّانِيِّ.
ووَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ.
وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابرِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ سِوَاهُم، مَذْكُوْرينَ فِي (مُعْجَمِهِ) .
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ الأَبَرْقُوْهِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ:
أَنَّ وَالدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ رَحَلَ إِلَى أَبِي يَعْلَى، وَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا رَحَلتُ إِلَيْكَ لإجمَاعِ أَهْلِ العَصْرِ عَلَى ثِقَتِكَ وَإِتْقَانِكَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ أَبِي يَعْلَى، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي (الكُنَى) ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المُثَنَّى، نِسبَة إِلَى جَدِّه، وَالحَافِظُ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ حِبَّانُ، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ، وَأَبُوْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ النَّخَّاسُ -
بِمُعْجَمةٍ - وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الخَلِيْلِ المَرْجِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ فِي (تَارِيْخ المَوْصِلِ) :وَمِنْهُم أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ.
فَذَكَرَ نَسَبَهُ وَكِبارَ شُيوخِهِ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَالدِّينِ وَالحِلمِ، رَوَى عَنْ: غَسَّان بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَغَيرِهِمَا مِنَ المَوَاصِلَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَهُوَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنّفَ (المُسْنَدَ) وَكُتُباً فِي الزُّهْدِ وَالرقَائِقِ، وَخَرَّجَ الفَوَائِدَ، وَكَانَ عَاقِلاً، حَلِيماً صَبُوْراً، حَسنَ الأَدبِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ ابْنَ قُدَامَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَان يَقُوْلُ:
مَا تمتَّعَ مُتمتِّعٌ بِمثلِ ذِكْرِ اللهِ، قَالَ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -:مَا أَحْلَى ذكرَ اللهِ فِي أَفْوَاهُ المتعبِّدينَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجُوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ: الرَّافِضيُّ عِنْدِي كَافِر.
وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ: أَنَّهُ كَانَ يُفضِّلُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ عَلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، فَقِيْلَ لَهُ: كَيْفَ تُفَضِّلُهُ وَ (مُسنَدُ الحَسَنِ) أَكْبَرُ، وَشُيُوخُهُ أَعْلَى؟
قَالَ: لأَنَّ أَبَا يَعْلَى كَانَ يُحَدِّث احتسَاباً، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ كَانَ يُحَدِّثُ اكتسَاباً.
وَقَدْ وَثَّقَ أَبَا يَعْلَى: أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مِنَ المُتْقِنِيْنَ المُوَاظِبينَ عَلَى رِعَايَةِ الدِّينِ وَأَسبَابِ الطَّاعَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا سَمِعْتُ مُسنَداً عَلَى الوَجْهِ إِلاَّ (مُسنَدَ أَبِي يَعْلَى) ؛لأَنَّه كَانَ يُحَدِّثُ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ يُثْنِي عَلَى (مُسنَدِ أَبِي يَعْلَى) ، وَيَقُوْلُ: مَنْ كَتَبَهُ قَلَّ مَا يَفوتُهُ مِنَ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَقُوْلُ: عَامَّةُ سَمَاعِي بِالبَصْرَةِ مَعَ أَبِي زُرْعَةَ.وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ: أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ، كَانَ عَلَى رَأْي أَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ: نَعَم، لأَنَّه أَخَذَ الفِقْهَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوْسُفَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلِ بنِ دِيْنَارٍ التَّمِيْمِيُّ أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَات، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ ) فِي ذِكرِ مُحَمَّدٍ الطُّفَاوِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَقُوْلُ: عِنْدِي عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ (المُسْنَدُ) وَ (التَّفْسِيْرُ) ، وَالمَوْقُوَفَاتُ، حَدِيْثُهُ كُلُّه.
وَقَدْ وَصف أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ أَبَا يَعْلَى بِالإِتْقَانِ وَالدِّينِ، ثُمَّ قَالَ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثَةُ أَنفُس.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كُنْت أَرَى أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ مُعْجَباً بِأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَحفظِهِ وَإِتقَانِهِ، وَحفظِهِ لحديثِهِ، حَتَّى كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ إِلاَّ اليَسِيْر.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: لَوْ لَمْ يَشتغلْ أَبُو يَعْلَى بكُتُبِ أَبِي يُوْسُفَ عَلَى بِشْر بن الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ سُلَيْمَانَ بن حَرْبٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ.
قُلْتُ: قَنِعَ برفيقهِمَا الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل التَّيْمِيِّ الحَافِظ يَقُوْلُ:قَرَأْتُ المسَانيدَ كـ (مسنَدِ العَدَنِيّ) ، وَ (مسندِ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْع) ، وَهِيَ كَالأَنهَار، وَ (مسنَد أَبِي يَعْلَى) كَالبَحْر يَكُوْنُ مجتَمع الأَنهَار.
قُلْتُ: صَدَقَ، وَلاَ سِيَّمَا (مُسنده) الَّذِي عِنْد أَهْلِ أَصْبَهَان مِنْ طريقِ ابْنِ المُقْرِئِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ كَبِيْرٌ جِدّاً، بِخلاَفِ (المُسْنَدِ) الَّذِي روينَاهُ مِنْ طريقِ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمدَانَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مُخْتَصَرٌ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَال لِلشَّيْخِ فَخرِ الدِّيْنِ بنِ البُخَارِيّ فِي (أَمَالِي الجَوْهَرِيِّ) ، وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ لأَوْلاَدِنَا فِي أَثْنَاء (جُزء مَأْمُوْنٍ) ، وَقَدْ قَرَأْتُ سَمَاعه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ - صَاحِب مَالِكٍ - وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ حَيٌّ بِالبَصْرَةِ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَعَاشَ أَبُو يَعْلَى إِلَى أَثْنَاءِ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقيَّده أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الأُولَى.
قُلْتُ: وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلوُّ الإِسْنَاد، وَازدحَمَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْث، وَعَاشَ سَبْعاً وَتسعين سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ سبعٍ: عِدَّةٌ مِنَ الكِبَارِ، كَالحَافِظ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ مُوْسَى بنِ سَهْل الجَوْنِيِّ، شَيْخَي الحَدِيْث بِالبَصْرَةِ، وَالحَافِظُ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ الرُّويَانِيُّ، وَشَيْخا بَلَدِ وَاسِطَ: جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْقَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمسنِدُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الطيِّب الشّجَاعِيُّ البَلْخِيُّ، وَمُسنِدُ أَصْبَهَان المُعَمَّرُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلدِ بنِ فَرْقَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأُشْنَانِي، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ النَّيْسَابُوْرِيّ بِمَكَّةَ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُوْرِيُّ - صَاحِب
قُتَيْبَة بِمِصْرَ - وَالحَافِظُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَج بِحَلَبَ، وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكَ، وَمُقْرِئ مِصْر أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكِ بنِ سَيْفٍ التُّجِيْبِيّ، وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو مُحَمَّدٍ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيّ.ورفيقُهُ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن ذَرِيْح العُكْبَرِيُّ - رَحِمَهُمُ الله تَعَالَى -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَربعِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنِ الهِرْمَاسِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ العِيْدِ الأَضحَى يَخْطُبُ عَلَى بَعِيْر.
هَذَا حَدِيْثٌ حسنٌ، عَالٍ جِدّاً، تُسَاعِيٌّ لَنَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيّ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْن: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ قَالَ:
قَالَ عُمَر لسَعد: قَدْ شَكوكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَمدُّ فِي الأُولَيَيْن، وَأَحذِفُ فِي الأُخْرَيَيْن، وَمَا آلُوا مَا اقتدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَة رَسُوْل اللهِ.
قَالَ:
ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ كذَاكَ ظَنِّي بِك.قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيّ: أَنْشَدَنَا عُمَر بن شَبَّةَ، عَنْ أَبِي غزيَة:
لاَ يُزْهِدَنَّكَ فِي أَخٍ ... لَكَ أَنْ تَرَاهُ زَل زلَّه
وَالمَرْءُ يَطْرَحُهُ الَّذ ... ينَ يَلونَهُ فِي شَرِّ إِلَّه
وَيَخُونُهُ مَنْ كَانَ مِنْ ... أَهْلِ البِطَانَةِ وَالدَّخِلَّه
وَالموتُ أَعْظَمُ حَادِثٍ ... مِمَّا يَمُرُّ عَلَى الجِبِلَّه
الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ يَحْيَى بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، مُحَدِّثُ المَوْصِلِ، وَصَاحِبُ (المُسْنَدِ) وَ (المُعْجَم) .
وُلِدَ: فِي ثَالثِ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ، فَهُوَ أَكْبَرُ مِنَ النَّسَائِيِّ بِخَمْسِ سِنِيْنَ، وَأَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُ.
لقِي الكِبَارَ، وَارْتَحَلَ فِي حَدَاثَتِهِ إِلَى الأَمصَارِ بِاعتنَاء أَبِيْهِ وَخَالِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى، ثُمَّ بِهِمَّتِهِ العَالِيَةِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ، وَأَحْمَدَ بنِ جَمِيلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ النِّيلِيِّ صَاحِبِ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وإِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ سَبَلاَنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي مَعْمرٍ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهُذَلِيِّ، وَأَبِي
إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلَ التَّرْجُمَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ القُرَشِيِّ، وأَيُّوْبَ بنِ يُوْنُسَ البَصْرِيِّ: عَنْ وُهَيْبٍ، وَالأَزْرَقِ بنِ عَلِيٍّ أَبِي الجَهْمِ، وَأُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ.وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَبِشْرِ بنِ هِلاَلٍ، وَبَسَّامِ بنِ يَزِيْدَ النقَّالِ.
وَجَعْفَرِ بنِ مِهْرَانَ السَّبَّاكِ، وَجُبارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَجَعْفَرِ بنِ حُمَيْدٍ الكُوْفِيِّ.
وحَوْثَرَةَ بنِ أَشْرَسَ العَدَوِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَالحَارِثِ بنِ سُرَيْجٍ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ الحُلْوَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بنِ الشَّاعِرِ.
وخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَخَالِدِ بنِ مِرْدَاسٍ، وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ.
وَرَوحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ المُقْرِئِ، وَالرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ.
وَأَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى زَحْمُوْيَه، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الرَّقَاشِيِّ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الكِسَائِيِّ الكُوْفِيِّ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَأَبِي الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الخُتُّلِيِّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ المُبَاركِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانِ، وَسَعِيْدِ بنِ مُطَرّفٍ البَاهِلِيِّ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَسَهلِ بنِ زَنْجَلَةَ الرَّازِيِّ.
وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوخٍ.
وَالصَّلْتِ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مَالِكٍ الخُوَارِزْمِيِّ،
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلَمَةَ البَصْرِيِّ، عَنْ أَشعَثَ بنِ بَرَازٍ الهُجَيْمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ الخَرَّازِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ، وَعُبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيِّ، وَعُبَيدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ صَالِحٍ الأَزْدِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ غِيَاثٍ، وَعَبْدِ الغَفَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ المِعْوَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرٍو النَّاقِدِ، وَعَمْرِو بنِ الحُصَيْنِ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعِيْسَى بنِ سَالِمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَسَّانَ بنِ الرَّبِيْعِ، وَالفَضْلِ بنِ الصَّبَّاحِ، وقَطَنِ بنِ نُسَيْرٍ، وكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ.وَمُصعبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمَنْصُوْرِ بنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَمَسْرُوْقِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَالمُنتجعِ بنِ مُصْعَبٍ - بَصرِيٍّ - وَمُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ الضَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَامِعٍ
العَطَّارِ - وَضَعَّفَهُ - وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ المَكِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُسَيِّبِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيِّ.وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ.
وهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَهَاشِمِ بنِ الحَارِثِ، وَالهُذَيْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجُمَّانِيِّ.
ووَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ.
وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابرِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ سِوَاهُم، مَذْكُوْرينَ فِي (مُعْجَمِهِ) .
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ الأَبَرْقُوْهِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ:
أَنَّ وَالدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ رَحَلَ إِلَى أَبِي يَعْلَى، وَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا رَحَلتُ إِلَيْكَ لإجمَاعِ أَهْلِ العَصْرِ عَلَى ثِقَتِكَ وَإِتْقَانِكَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ أَبِي يَعْلَى، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي (الكُنَى) ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المُثَنَّى، نِسبَة إِلَى جَدِّه، وَالحَافِظُ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ حِبَّانُ، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ، وَأَبُوْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ النَّخَّاسُ -
بِمُعْجَمةٍ - وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الخَلِيْلِ المَرْجِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ فِي (تَارِيْخ المَوْصِلِ) :وَمِنْهُم أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ.
فَذَكَرَ نَسَبَهُ وَكِبارَ شُيوخِهِ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَالدِّينِ وَالحِلمِ، رَوَى عَنْ: غَسَّان بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَغَيرِهِمَا مِنَ المَوَاصِلَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَهُوَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنّفَ (المُسْنَدَ) وَكُتُباً فِي الزُّهْدِ وَالرقَائِقِ، وَخَرَّجَ الفَوَائِدَ، وَكَانَ عَاقِلاً، حَلِيماً صَبُوْراً، حَسنَ الأَدبِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ ابْنَ قُدَامَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَان يَقُوْلُ:
مَا تمتَّعَ مُتمتِّعٌ بِمثلِ ذِكْرِ اللهِ، قَالَ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -:مَا أَحْلَى ذكرَ اللهِ فِي أَفْوَاهُ المتعبِّدينَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجُوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ: الرَّافِضيُّ عِنْدِي كَافِر.
وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ: أَنَّهُ كَانَ يُفضِّلُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ عَلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، فَقِيْلَ لَهُ: كَيْفَ تُفَضِّلُهُ وَ (مُسنَدُ الحَسَنِ) أَكْبَرُ، وَشُيُوخُهُ أَعْلَى؟
قَالَ: لأَنَّ أَبَا يَعْلَى كَانَ يُحَدِّث احتسَاباً، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ كَانَ يُحَدِّثُ اكتسَاباً.
وَقَدْ وَثَّقَ أَبَا يَعْلَى: أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مِنَ المُتْقِنِيْنَ المُوَاظِبينَ عَلَى رِعَايَةِ الدِّينِ وَأَسبَابِ الطَّاعَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا سَمِعْتُ مُسنَداً عَلَى الوَجْهِ إِلاَّ (مُسنَدَ أَبِي يَعْلَى) ؛لأَنَّه كَانَ يُحَدِّثُ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ يُثْنِي عَلَى (مُسنَدِ أَبِي يَعْلَى) ، وَيَقُوْلُ: مَنْ كَتَبَهُ قَلَّ مَا يَفوتُهُ مِنَ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَقُوْلُ: عَامَّةُ سَمَاعِي بِالبَصْرَةِ مَعَ أَبِي زُرْعَةَ.وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ: أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ، كَانَ عَلَى رَأْي أَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ: نَعَم، لأَنَّه أَخَذَ الفِقْهَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوْسُفَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلِ بنِ دِيْنَارٍ التَّمِيْمِيُّ أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَات، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ ) فِي ذِكرِ مُحَمَّدٍ الطُّفَاوِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَقُوْلُ: عِنْدِي عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ (المُسْنَدُ) وَ (التَّفْسِيْرُ) ، وَالمَوْقُوَفَاتُ، حَدِيْثُهُ كُلُّه.
وَقَدْ وَصف أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ أَبَا يَعْلَى بِالإِتْقَانِ وَالدِّينِ، ثُمَّ قَالَ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثَةُ أَنفُس.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كُنْت أَرَى أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ مُعْجَباً بِأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَحفظِهِ وَإِتقَانِهِ، وَحفظِهِ لحديثِهِ، حَتَّى كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ إِلاَّ اليَسِيْر.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: لَوْ لَمْ يَشتغلْ أَبُو يَعْلَى بكُتُبِ أَبِي يُوْسُفَ عَلَى بِشْر بن الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ سُلَيْمَانَ بن حَرْبٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ.
قُلْتُ: قَنِعَ برفيقهِمَا الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل التَّيْمِيِّ الحَافِظ يَقُوْلُ:قَرَأْتُ المسَانيدَ كـ (مسنَدِ العَدَنِيّ) ، وَ (مسندِ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْع) ، وَهِيَ كَالأَنهَار، وَ (مسنَد أَبِي يَعْلَى) كَالبَحْر يَكُوْنُ مجتَمع الأَنهَار.
قُلْتُ: صَدَقَ، وَلاَ سِيَّمَا (مُسنده) الَّذِي عِنْد أَهْلِ أَصْبَهَان مِنْ طريقِ ابْنِ المُقْرِئِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ كَبِيْرٌ جِدّاً، بِخلاَفِ (المُسْنَدِ) الَّذِي روينَاهُ مِنْ طريقِ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمدَانَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مُخْتَصَرٌ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَال لِلشَّيْخِ فَخرِ الدِّيْنِ بنِ البُخَارِيّ فِي (أَمَالِي الجَوْهَرِيِّ) ، وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ لأَوْلاَدِنَا فِي أَثْنَاء (جُزء مَأْمُوْنٍ) ، وَقَدْ قَرَأْتُ سَمَاعه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ - صَاحِب مَالِكٍ - وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ حَيٌّ بِالبَصْرَةِ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَعَاشَ أَبُو يَعْلَى إِلَى أَثْنَاءِ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقيَّده أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الأُولَى.
قُلْتُ: وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلوُّ الإِسْنَاد، وَازدحَمَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْث، وَعَاشَ سَبْعاً وَتسعين سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ سبعٍ: عِدَّةٌ مِنَ الكِبَارِ، كَالحَافِظ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ مُوْسَى بنِ سَهْل الجَوْنِيِّ، شَيْخَي الحَدِيْث بِالبَصْرَةِ، وَالحَافِظُ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ الرُّويَانِيُّ، وَشَيْخا بَلَدِ وَاسِطَ: جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْقَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمسنِدُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الطيِّب الشّجَاعِيُّ البَلْخِيُّ، وَمُسنِدُ أَصْبَهَان المُعَمَّرُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلدِ بنِ فَرْقَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأُشْنَانِي، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ النَّيْسَابُوْرِيّ بِمَكَّةَ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُوْرِيُّ - صَاحِب
قُتَيْبَة بِمِصْرَ - وَالحَافِظُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَج بِحَلَبَ، وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكَ، وَمُقْرِئ مِصْر أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكِ بنِ سَيْفٍ التُّجِيْبِيّ، وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو مُحَمَّدٍ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيّ.ورفيقُهُ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن ذَرِيْح العُكْبَرِيُّ - رَحِمَهُمُ الله تَعَالَى -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَربعِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنِ الهِرْمَاسِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ العِيْدِ الأَضحَى يَخْطُبُ عَلَى بَعِيْر.
هَذَا حَدِيْثٌ حسنٌ، عَالٍ جِدّاً، تُسَاعِيٌّ لَنَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيّ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْن: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ قَالَ:
قَالَ عُمَر لسَعد: قَدْ شَكوكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَمدُّ فِي الأُولَيَيْن، وَأَحذِفُ فِي الأُخْرَيَيْن، وَمَا آلُوا مَا اقتدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَة رَسُوْل اللهِ.
قَالَ:
ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ كذَاكَ ظَنِّي بِك.قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيّ: أَنْشَدَنَا عُمَر بن شَبَّةَ، عَنْ أَبِي غزيَة:
لاَ يُزْهِدَنَّكَ فِي أَخٍ ... لَكَ أَنْ تَرَاهُ زَل زلَّه
وَالمَرْءُ يَطْرَحُهُ الَّذ ... ينَ يَلونَهُ فِي شَرِّ إِلَّه
وَيَخُونُهُ مَنْ كَانَ مِنْ ... أَهْلِ البِطَانَةِ وَالدَّخِلَّه
وَالموتُ أَعْظَمُ حَادِثٍ ... مِمَّا يَمُرُّ عَلَى الجِبِلَّه
أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
الوَلِيْد البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، الطَّيَالِسِيُّ.وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَشُعْبَةَ، وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَدَاوُدَ بنِ أَبِي الفُرَاتِ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَزَائِدَةَ، وَأَبِي هَاشِمٍ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الضُّبَعِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَسَلْمِ بنِ زَرِيْرٍ، وَعُمَرَ بنِ مُرَقِّعِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، وَابْنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الغَسِيْلِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَبُنْدَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى، وَالذُّهْلِيُّ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الخَلاَّلُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَتَمْتَامُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ سَوْرَةَ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو القَطِرَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ شَاهِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَنْبَرٍ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بُكَيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَحْمَدُ
بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سَهْلٍ المُجَوِّزُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو الوَلِيْدِ مُتْقِنٌ.
وَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، أَبُو الوَلِيْدِ اليَوْمَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، مَا أُقَدِّمُ عَلَيْهِ اليَوْمَ أَحَداً مِنَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ الحَافِظُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
أَبُو الوَلِيْدِ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي شُعْبَةَ، أَوْ أَبُو النَّضْرِ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ أَبُو الوَلِيْدِ يَكْتُبُ عِنْدَ شُعْبَةَ، فَأَبُو الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا أَكْتُبُ عِنْدَ شُعْبَةَ، إِذْ بَصُرَ بِي، فَقَالَ: وَتَكْتُبُ؟
فَوَضَعْتُ الأَلْوَاحَ مِنْ يَدِي، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ كَرِهَ الكِتَابَةَ؛ لأَنَّهُ كَانَ قَادِراً عَلَى أَنْ يَحْفَظَ.
وَقَالَ ابْنُ وَارَةَ أَيْضاً: قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
اكْتُبْ عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ الأُصُوْلَ، فَإِنَّ غَيْرَ الأُصُوْلِ تُصِيْبُ.
وَقَالَ لِي أَبُو نُعَيْمٍ: لَوْلاَ أَبُو الوَلِيْدِ، مَا أَشَرْتُ عَلَيْكَ أَنْ تَقْدَمَ البَصْرَةَ، فَإِنْ دَخَلْتَهَا، لاَ تَجِدُ فِيْهَا إِلاَّ مُغَفَّلاً إِلاَّ أَبَا الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: عَفَا اللهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَدْ كَانَ إِذْ ذَاكَ بِالبَصْرَةِ مِثْلُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَعْلاَمِ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو الوَلِيْدِ، وَمَا أُرَانِي أَدْرَكْتُ مِثْلَهُ.قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَبُو الوَلِيْدِ شَيْخُ الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو حَفْصٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ غَالِبٍ، سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
لَوْ كُنْتُ عَبْداً لَكُم، لاَسْتُبِعْتُ، إِلَى مَتَى؟! هُوَ ذَا أُحَدِّثُ مُنْذُ سَبْعِيْنَ سَنَةً، أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ عَنِّي جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، كَتَبَ عَنِّي حَدِيْثَ القِلاَدَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: أَبُو الوَلِيْدِ: بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يَرْوِي عَنْ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً، وَكَانَتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَةُ بَعْد أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَذَكَرَ أَبَا الوَلِيْدِ - فَقَالَ:
أَدْرِكَ نِصْفَ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً فِي زَمَانِهِ، جَلِيْلاً عِنْدَ النَّاسِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَبُو الوَلِيْدِ: إِمَامٌ، فَقِيْهٌ، عَاقِلٌ، ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مَا رَأَيْتُ فِي يَدِهِ كِتَاباً قَطُّ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَحَجَّاجِ بنِ
مِنْهَالٍ، فَقَالَ: أَبُو الوَلِيْدِ عِنْدَ النَّاسِ أَكْبَرُ.كَانَ يُقَالُ: سَمَاعُهُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فِيْهِ شَيْءٌ، كَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ بِأَخَرَةٍ، وَكَانَ حَمَّادٌ سَاءَ حِفْظُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: مَا رَأَيْتُ قَطُّ بَعْدَهُ كِتَاباً أَصَحَّ مِنْ كِتَابِهِ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ البَصْرَةَ وَالنَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: مَا بِالبَصْرَةِ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَبَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ.
وَرَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، قَالَ:
اسْتَأَذَنَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى الوِسَادَةِ، ثُمَّ قَالَ لِلْخَادمِ: قُولِي لَهُ: السَّاعَةَ وَضَعَ رَأْسَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ أَبُو الوَلِيْدِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي صَفَرٍ مِنْهَا.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَنْبَأَكُم عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُوْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِذَا سُئِلَ المُسْلِمُ فِي القَبْرِ، فَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إِبْرَاهِيْمُ: 27] .
وَبِهِ: قَالَ البَجَلِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَالحَوْضِيِّ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَسَعْدَ بنِ رَوْحٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، حَدَّثَنَا شَهْرٌ، سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُوْلُ:
جَاءَتْ فَاطِمَةُ غُدَيَّةً بِثَرِيْدٍ لَهَا تَحْمِلُهَا فِي طَبَقٍ، حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهَا: (أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟)
قَالَتْ: هُوَ فِي البَيْتِ.
قَالَ: (ادْعِيْهِ، وَائْتِيْنِي بِابْنَيَّ) .
قَالَتْ: فَجَاءتْ تَقُودُ ابْنَيْهَا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَدٍ، وَعَلِيٌّ يَمْشِي فِي أَثَرِهَا، حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجلَسَهُمَا فِي حَجْرِهِ، وَجَلَسَ عَلِيٌّ عَلَى يَمِيْنِهِ، وَجَلَسَتْ فَاطِمَةُ عَنْ يَسَارِهِ.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَأَخَذتُ مِنْ تَحتِي كِسَاءً كَانَ بِسَاطَنَا عَلَى المَنَامَةِ فِي البَيْتِ، بِبُرْمَةٍ فِيْهَا خَزِيرَةٌ، فَجَلَسُوا يَأْكلُوْنَ مِنْ تِلْكَ البُرْمَةِ، وَأَنَا
أُصَلِّي فِي تِلْكَ الحُجْرَةِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ، وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْراً} [الأَحْزَابُ: 33] ، فَأَخَذَ فَضْلَ الكِسَاءِ، فَغَشَّاهُم، ثُمَّ أَخرَجَ يَدَهُ اليُمْنَى مِنَ الكِسَاءِ، وَأَلوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي وَحَامَتِي ) .قَالَتْ: فَأَدخَلْتُ رَأْسِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَأَنَا مَعَكُم.
قَالَ: (أَنْتِ إِلَى خَيْرٍ) مَرَّتَيْنِ.
رَوَاهُ: التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَراً، وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيْقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو
الوَلِيْد البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمْ، البَصْرِيُّ، الطَّيَالِسِيُّ.وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْ: عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّارٍ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَشُعْبَةَ، وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَهَمَّامِ بنِ يَحْيَى، وَدَاوُدَ بنِ أَبِي الفُرَاتِ، وَإِسْرَائِيْلَ، وَزَائِدَةَ، وَأَبِي هَاشِمٍ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَالمُثَنَّى بنِ سَعِيْدٍ الضُّبَعِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَسَلْمِ بنِ زَرِيْرٍ، وَعُمَرَ بنِ مُرَقِّعِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَجَرِيْرِ بنِ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلاَّمِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَسَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، وَابْنِ المَاجَشُوْنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الغَسِيْلِ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَمَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَبُنْدَارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى، وَالذُّهْلِيُّ، وَإِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الخَلاَّلُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ وَارَةَ، وَتَمْتَامُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ سَوْرَةَ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو القَطِرَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الرَّبِيْعِ بنِ شَاهِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَنْبَرٍ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بُكَيْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَحْمَدُ
بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سَهْلٍ المُجَوِّزُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، خَاتِمَتُهُم: أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ.قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَبُو الوَلِيْدِ مُتْقِنٌ.
وَقَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، أَبُو الوَلِيْدِ اليَوْمَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، مَا أُقَدِّمُ عَلَيْهِ اليَوْمَ أَحَداً مِنَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ الحَافِظُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
أَبُو الوَلِيْدِ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي شُعْبَةَ، أَوْ أَبُو النَّضْرِ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ أَبُو الوَلِيْدِ يَكْتُبُ عِنْدَ شُعْبَةَ، فَأَبُو الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
بَيْنَا أَنَا أَكْتُبُ عِنْدَ شُعْبَةَ، إِذْ بَصُرَ بِي، فَقَالَ: وَتَكْتُبُ؟
فَوَضَعْتُ الأَلْوَاحَ مِنْ يَدِي، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ كَرِهَ الكِتَابَةَ؛ لأَنَّهُ كَانَ قَادِراً عَلَى أَنْ يَحْفَظَ.
وَقَالَ ابْنُ وَارَةَ أَيْضاً: قَالَ لِي عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ:
اكْتُبْ عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ الأُصُوْلَ، فَإِنَّ غَيْرَ الأُصُوْلِ تُصِيْبُ.
وَقَالَ لِي أَبُو نُعَيْمٍ: لَوْلاَ أَبُو الوَلِيْدِ، مَا أَشَرْتُ عَلَيْكَ أَنْ تَقْدَمَ البَصْرَةَ، فَإِنْ دَخَلْتَهَا، لاَ تَجِدُ فِيْهَا إِلاَّ مُغَفَّلاً إِلاَّ أَبَا الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: عَفَا اللهُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَدْ كَانَ إِذْ ذَاكَ بِالبَصْرَةِ مِثْلُ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَعْلاَمِ الحَدِيْثِ.
قَالَ ابْنُ وَارَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو الوَلِيْدِ، وَمَا أُرَانِي أَدْرَكْتُ مِثْلَهُ.قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَبُو الوَلِيْدِ شَيْخُ الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو حَفْصٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ غَالِبٍ، سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
لَوْ كُنْتُ عَبْداً لَكُم، لاَسْتُبِعْتُ، إِلَى مَتَى؟! هُوَ ذَا أُحَدِّثُ مُنْذُ سَبْعِيْنَ سَنَةً، أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ عَنِّي جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، كَتَبَ عَنِّي حَدِيْثَ القِلاَدَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: أَبُو الوَلِيْدِ: بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يَرْوِي عَنْ سَبْعِيْنَ امْرَأَةً، وَكَانَتْ إِلَيْهِ الرِّحْلَةُ بَعْد أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ.
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ أَمِيْرُ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ - وَذَكَرَ أَبَا الوَلِيْدِ - فَقَالَ:
أَدْرِكَ نِصْفَ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً فِي زَمَانِهِ، جَلِيْلاً عِنْدَ النَّاسِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
أَبُو الوَلِيْدِ: إِمَامٌ، فَقِيْهٌ، عَاقِلٌ، ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مَا رَأَيْتُ فِي يَدِهِ كِتَاباً قَطُّ.
وَسُئِلَ أَبِي عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَحَجَّاجِ بنِ
مِنْهَالٍ، فَقَالَ: أَبُو الوَلِيْدِ عِنْدَ النَّاسِ أَكْبَرُ.كَانَ يُقَالُ: سَمَاعُهُ مِنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ فِيْهِ شَيْءٌ، كَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ بِأَخَرَةٍ، وَكَانَ حَمَّادٌ سَاءَ حِفْظُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضاً: مَا رَأَيْتُ قَطُّ بَعْدَهُ كِتَاباً أَصَحَّ مِنْ كِتَابِهِ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الزِّيَادِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ البَصْرَةَ وَالنَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: مَا بِالبَصْرَةِ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَبَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ.
وَرَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، قَالَ:
اسْتَأَذَنَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى الوِسَادَةِ، ثُمَّ قَالَ لِلْخَادمِ: قُولِي لَهُ: السَّاعَةَ وَضَعَ رَأْسَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، وَالبُخَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ أَبُو الوَلِيْدِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي صَفَرٍ مِنْهَا.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، أَنْبَأَكُم عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُوْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ البَجَلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ:عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِذَا سُئِلَ المُسْلِمُ فِي القَبْرِ، فَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِيْنَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إِبْرَاهِيْمُ: 27] .
وَبِهِ: قَالَ البَجَلِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا.
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ، وَالحَوْضِيِّ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَسَعْدَ بنِ رَوْحٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، حَدَّثَنَا شَهْرٌ، سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُوْلُ:
جَاءَتْ فَاطِمَةُ غُدَيَّةً بِثَرِيْدٍ لَهَا تَحْمِلُهَا فِي طَبَقٍ، حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهَا: (أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟)
قَالَتْ: هُوَ فِي البَيْتِ.
قَالَ: (ادْعِيْهِ، وَائْتِيْنِي بِابْنَيَّ) .
قَالَتْ: فَجَاءتْ تَقُودُ ابْنَيْهَا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَدٍ، وَعَلِيٌّ يَمْشِي فِي أَثَرِهَا، حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجلَسَهُمَا فِي حَجْرِهِ، وَجَلَسَ عَلِيٌّ عَلَى يَمِيْنِهِ، وَجَلَسَتْ فَاطِمَةُ عَنْ يَسَارِهِ.
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَأَخَذتُ مِنْ تَحتِي كِسَاءً كَانَ بِسَاطَنَا عَلَى المَنَامَةِ فِي البَيْتِ، بِبُرْمَةٍ فِيْهَا خَزِيرَةٌ، فَجَلَسُوا يَأْكلُوْنَ مِنْ تِلْكَ البُرْمَةِ، وَأَنَا
أُصَلِّي فِي تِلْكَ الحُجْرَةِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ، وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْراً} [الأَحْزَابُ: 33] ، فَأَخَذَ فَضْلَ الكِسَاءِ، فَغَشَّاهُم، ثُمَّ أَخرَجَ يَدَهُ اليُمْنَى مِنَ الكِسَاءِ، وَأَلوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي وَحَامَتِي ) .قَالَتْ: فَأَدخَلْتُ رَأْسِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَأَنَا مَعَكُم.
قَالَ: (أَنْتِ إِلَى خَيْرٍ) مَرَّتَيْنِ.
رَوَاهُ: التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَراً، وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيْقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ.