أبو صالح المتعبد الدمشقي
الذي ينتسب إليه المسجد خارج الباب الشرقي. قال أبو صالح: كنت أدور في جبل اللكام أطلب الزهاد، فرأيت رجلاً عليه مرقعة جالساً على حجر، مطرقاً إلى الأرض. فقلت له: يا شيخ، ما تصنع ها هنا؟ قال: أنظر وأرعى. فقلت له: ما أرى بين يديك إلا الحجارة، فما الذي تنظر وترعى؟ قال: فتغير لونه، ثم نظر إلي مغاضباً وقال: أنظر خواطر قلبي، وأرعى أوامر ربي، وبحق الذي أظهرك علي إلا جزت عني. فقلت له: كلمني بشيء أنتفع به حتى أمضي. فقال: من لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر ذكر الذنوب أكثر الندم، ومن استغنى بالله أمن العدم. ثم تركني ومضى. وقال أبو صالح: الدنيا حرام على القلوب، حلال على النفوس، لأن كل شيء يحل لك أن تنظر إليه بعين رأسك، فيحرم عليك أن تنظر إليه بعين قلبك. وقال: البدن لباس القلب والقلب لباس الفؤاد، والفؤاد لباس الضمير، والضمير لباس السر، والسر لباس المعرفة. قال أبو صالح: أقمت ستة أيام أو سبعة لم آكل ولم أشرب، ولحقني عطش عظيم، فخرجت إلى النهر الذي من وراء المسجد، وقعدت أنظر إلى الماء، فخطر بقلبي قوله عز وجل " وكان عرشه على الماء "، فذهب ما بي من العطش، انصرفت، فأقمت تمام عشرة أيام.
قال أبو صالح مفلح بن عبد الله: أقمت أربعين يوماً ما شربت، فلما مضى أربعون يوماً أخذ بيدي الشيخ أبو بكر محمد بن سيد بن حمدويه، وحملني إلى بيته، فأخرج لي ماء، وقال: اشرب، فشربت، فحكت امرأته أنه قال لها: اشربي فضلة رجل له أربعون يوماً ما شرب ماءً. قال أبو صالح: وما اطلع أحد على تركي لشرب الماء أحد إلا الله. جاء رجل إلى أبي صالح فقبل رأسه وقال: كان لي كيس فيه أربع مئة درهم ففقدته، ولم يفتح لي دكان. فقال: توضأ وصل ركعتين، فإن الله يرد عليك الكيس، فتوضأ، ودخل المسجد إلى الموضع الذي رسمه له الشيخ، فصلى ركعة، فلما قام إلى الثانية قطع الصلاة، ومضى يعدو. فقال الشيخ: قد رد عليه الكيس إلا أنه ما أتم الصلاة. فغاب ساعة ورجع، فجاء إلى الشيخ فقبل رأسه وقال: إلى الله، وإليك المعذرة، وذكرت أني كنت طمرته في زنبيل الملح، وكنت قبل أن أجيك أخرجت زنبيل الملح على باب الدكان، فخشيت أن يجيء إنسان فيأخذه. فقال له الشيخ: امض، فتمم الصلاة. توفي أبو صالح سنة ثلاثين وثلاث مئة.
الذي ينتسب إليه المسجد خارج الباب الشرقي. قال أبو صالح: كنت أدور في جبل اللكام أطلب الزهاد، فرأيت رجلاً عليه مرقعة جالساً على حجر، مطرقاً إلى الأرض. فقلت له: يا شيخ، ما تصنع ها هنا؟ قال: أنظر وأرعى. فقلت له: ما أرى بين يديك إلا الحجارة، فما الذي تنظر وترعى؟ قال: فتغير لونه، ثم نظر إلي مغاضباً وقال: أنظر خواطر قلبي، وأرعى أوامر ربي، وبحق الذي أظهرك علي إلا جزت عني. فقلت له: كلمني بشيء أنتفع به حتى أمضي. فقال: من لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر ذكر الذنوب أكثر الندم، ومن استغنى بالله أمن العدم. ثم تركني ومضى. وقال أبو صالح: الدنيا حرام على القلوب، حلال على النفوس، لأن كل شيء يحل لك أن تنظر إليه بعين رأسك، فيحرم عليك أن تنظر إليه بعين قلبك. وقال: البدن لباس القلب والقلب لباس الفؤاد، والفؤاد لباس الضمير، والضمير لباس السر، والسر لباس المعرفة. قال أبو صالح: أقمت ستة أيام أو سبعة لم آكل ولم أشرب، ولحقني عطش عظيم، فخرجت إلى النهر الذي من وراء المسجد، وقعدت أنظر إلى الماء، فخطر بقلبي قوله عز وجل " وكان عرشه على الماء "، فذهب ما بي من العطش، انصرفت، فأقمت تمام عشرة أيام.
قال أبو صالح مفلح بن عبد الله: أقمت أربعين يوماً ما شربت، فلما مضى أربعون يوماً أخذ بيدي الشيخ أبو بكر محمد بن سيد بن حمدويه، وحملني إلى بيته، فأخرج لي ماء، وقال: اشرب، فشربت، فحكت امرأته أنه قال لها: اشربي فضلة رجل له أربعون يوماً ما شرب ماءً. قال أبو صالح: وما اطلع أحد على تركي لشرب الماء أحد إلا الله. جاء رجل إلى أبي صالح فقبل رأسه وقال: كان لي كيس فيه أربع مئة درهم ففقدته، ولم يفتح لي دكان. فقال: توضأ وصل ركعتين، فإن الله يرد عليك الكيس، فتوضأ، ودخل المسجد إلى الموضع الذي رسمه له الشيخ، فصلى ركعة، فلما قام إلى الثانية قطع الصلاة، ومضى يعدو. فقال الشيخ: قد رد عليه الكيس إلا أنه ما أتم الصلاة. فغاب ساعة ورجع، فجاء إلى الشيخ فقبل رأسه وقال: إلى الله، وإليك المعذرة، وذكرت أني كنت طمرته في زنبيل الملح، وكنت قبل أن أجيك أخرجت زنبيل الملح على باب الدكان، فخشيت أن يجيء إنسان فيأخذه. فقال له الشيخ: امض، فتمم الصلاة. توفي أبو صالح سنة ثلاثين وثلاث مئة.