أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن قطاف النهشلي التميمي الكوفِي، سَمِعَ عَبْد الرحمن ابن الأسود قَالَ ابْن مهدي ذكرت لسفِيان عَنْ أَبِي بكر عَنْ عاصم بْن كليب أن عليا كَانَ يرفع يديه ثم لا يعود، فأنكره.
1398. أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني...2 1399. أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي...1 1400. أبو بكر بن عبد الله بن أبي سيرة1 1401. أبو بكر بن عبد الله بن الزبير1 1402. أبو بكر بن عبد الله بن حويطب بن عبد العزي...1 1403. أبو بكر بن عبد الله بن قطاف11404. أبو بكر بن عبد الله بن محمد1 1405. أبو بكر بن عبيد الله5 1406. أبو بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة...1 1407. أبو بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب...1 1408. أبو بكر بن عبيد بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري...1 1409. أبو بكر بن عثمان بن سهل1 1410. أبو بكر بن عثمان بن عبد الرحمن1 1411. أبو بكر بن علي1 1412. أبو بكر بن علي بن مقدم المقدمي1 1413. أبو بكر بن عمارة بن رويبة الثقفي1 1414. أبو بكر بن عمارة بن رويبة الثقفي الكوفي...1 1415. أبو بكر بن عمر3 1416. أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن1 1417. أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب...1 1418. أبو بكر بن عمر وبن عتبة1 1419. أبو بكر بن عمرو1 1420. أبو بكر بن عمرو باب عتبة الثقفي1 1421. أبو بكر بن عمرو بن عتبة الثقفي1 1422. أبو بكر بن عمرو الزهري1 1423. أبو بكر بن عمير1 1424. أبو بكر بن عياش6 1425. أبو بكر بن عياش المقرىء1 1426. أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي1 1427. أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الإمام المقرىء...1 1428. أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي المقرئ...1 1429. أبو بكر بن قطاف النهشلي1 1430. أبو بكر بن مجاهد1 1431. أبو بكر بن محمد5 1432. أبو بكر بن محمد بن زيد1 1433. أبو بكر بن محمد بن عمر1 1434. أبو بكر بن محمد بن عمر وبن1 1435. أبو بكر بن محمد بن عمرو1 1436. أبو بكر بن محمد بن عمرو الأنصاري الخزرجي النجاري المدني...1 1437. أبو بكر بن مرزوق1 1438. أبو بكر بن مقاتل الفقيه1 1439. أبو بكر بن نافع3 1440. أبو بكر بن نافع القرشي1 1441. أبو بكر بن نافع مولى ابن عمر القرشي العدوي...1 1442. أبو بكر بن يحيى بن النضر الأنصاري1 1443. أبو بكر بن يحيى بن النضر الانصاري1 1444. أبو بكر بن يزيد بن أبي بكر بن يزيد بن معاوية الأموي...1 1445. أبو بكر بن يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الموي...1 1446. أبو بكر بن يزيد بن سرجس1 1447. أبو بكر بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي...1 1448. أبو بكر جعفر الرازي عيسى بن أبي عيسى ماهان...1 1449. أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني...1 1450. أبو بكر عوذالله المخزومي1 1451. أبو بكر محمد بن أيوب بن شاذي الدويني1 1452. أبو بكر محمد بن علي بن داود بن عبد الله البغدادي...1 1453. أبو بكر وواقد بن محمد بن زيد1 1454. أبو بكر يحيى بن محمد بن عبد الرحمن البقويالقرطبي الشاعر المفلق...1 1455. أبو بكرة3 1456. أبو بكرة الثقفي1 1457. أبو بكرة الثقفي الطائفي نفيع بن الحارث...1 1458. أبو بكرة الصحابي1 1459. أبو بكرة نفيع بن الحارث1 1460. أبو بلال الأشعري3 1461. أبو بلج1 1462. أبو بلج الفزاري1 1463. أبو بلخ الصغير1 1464. أبو بهيشة1 1465. أبو بيان1 1466. أبو تجراة الكندي1 1467. أبو تراب أحمد بن حمدون النيسابوري1 1468. أبو تراب البلخي1 1469. أبو تراب الجوباري1 1470. أبو تراب العلوي1 1471. أبو تراب الكرميني1 1472. أبو تمام الدمشقي1 1473. أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي...1 1474. أبو تميلة المروزي1 1475. أبو تميلة يحيى بن واضح المروزي1 1476. أبو تميم1 1477. أبو تميم الأسلمي1 1478. أبو تميم الجيشاني3 1479. أبو تميم الجيشاني عبد الله بن مالك1 1480. أبو تميم الجيشاني، اسمه عبد1 1481. أبو تميم الصوفي1 1482. أبو تميم العبدي1 1483. أبو تميمة الجرمي1 1484. أبو تميمة السلمي1 1485. أبو تميمة السلي1 1486. أبو تميمة الهجيمي2 1487. أبو تميمة مولى بني مروان الأموي1 1488. أبو توبة1 1489. أبو توبة الجزري1 1490. أبو توبة الحلبي الربيع بن نافع2 1491. أبو توبة المصري1 1492. أبو توبة الهذلي1 1493. أبو ثابت2 1494. أبو ثابت الدمشقي1 1495. أبو ثابت المستملي1 1496. أبو ثامن العابد1 1497. أبو ثعلبة الأشجعي1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
أبو طالب عبد مناف
وقيل شيبة بن عبد المطلب، شيبة الحمل بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: إنه أسلم. قال المصنف: ولا يصح إسلامه.
قدم بصري مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكى عنه. روى علي قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد بن أخي وكان والله صدوقاً قال: قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وقال أبو طالب: حدثني محمد أن الله أمره بصلة الأرحام، وأن نعبد الله وحده، ولا نعبد معه أحداً، ومحمد عندي الصدوق الأمين. قال أبو طالب: كنت بذي المجاز مع ابن أخي يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأدركني العطش، فشكوت إليه
فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئاً إلا الجزع قال: فثنى وركه ثم نزل فقال: يا عم، أعطشت؟ قال: قلت: نعم. قال: فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب يا عم. قال: فشربت. وفي آخر قال: أرويت يا عم؟ قلت: نعم. وكان سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجر عمه أبي طالب بعد جده عبد المطلب، وإلى أبي طالب أوصى عبد المطلب برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أبو طالب حين توجه إلى بصرى: من الطويل
بكى طرباً لما رآنا محمد ... كأن لا يراني راجعاً لمعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه ... وقربته من مضجعي ووسادي
فقلت له قرب قعودك وارتحل ... ولا تخش مني جفوة ببلادي
وخل زمان العيس وارتحلن بنا ... على عزمة من أمرنا ورشاد
ورح رائحاً في الراشدين مشيعاً ... لذي رحمٍ في القوم غير معاد
فرحنا مع العير التي راح ركبها ... يؤمون من غوري أرض إياد
وحتى رأوا أخبار كل مدينة ... سجوداً له من عصبة وفراد
فما رجعوا حتى رأوا من محمد ... أحاديث تجلو غم كل فؤاد
زبيراً وتماماً وقد كلن شاهداً ... دريساً وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولاً بحيراً وأيقنوا ... له بعد تكذيب وطول تعاد
كما قال للرهط الذين تهودوا ... وجاهدهم في الله كل جهاد
فقال ولم يملك له النصح: رده ... فإن له أرصاد كل مضاد
فإني أخاف الحاسدين وإنه ... أخو الكتب مكتوب بكل مداد
قالوا: ولم يكن أحد يسود في الجاهلية إلا بمال إلا أبو طالب، وعتبة بن ربيعة. وقيل لتأبط شراً: أخبرنا عن أشراف العرب فقال: أفعل، سيد قريش ذو مالها، وإنما يسود في قريش ذو المال بالفعال. قال عمر بن الخطاب: إذا كان هذا المال في قريش فاض، وإذا كان في غيرها غاض. وكانت بيده السقاية، ثم أسلمها إلى العباس بن عبد المطلب، وكان نديمه مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس. وكان مسافر قد حبن، فخرج ليتداوى بالحيرة، فمات بهبالة. فقال أبو طالب يرثيه: من الخفيف
ليت شعري مسافر ابن أبي عم ... رو، وليت يقولها المحزون
كيف كانت مذاقة الموت إذ ... مت، وماذا بعد الممات يكون؟
رحل الركب قافلين إلينا ... وخليلي في مرمس مدفون
بورك الميت الغريب كما بو ... رك نضر الريحان والزيتون
ميت رزء على هبالة قد حا ... لت فياف من دونه وحزون
مدره يدفع الخصوم بأيدٍ ... وبوجه يزينه العرنين
كم خليل وصاحب وابن عمٍ ... وحميم قفت عليه المنون
فتعزيت بالجلادة والصب ... ر، وإني بصاحبي لضنين
كل من كان بالأباطح والجل ... س عليه من شيبه توشين
أصبحوا بعده كدابغة اله ... ناء منها معين وعطين
ولما هلك مسافر نادم أبو طالب عمرو بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي. ولذلك قال عمرو بن عبد لعلي بن أبي طالب يوم الخندق حين دعاه إلى البراز: إن أباك كان لي صديقاً. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بعثت ولي أربع عمومة، فأما العباس فيكنى بأبي الفضل، ولولده الفضل إلى يوم القيامة، وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى، فأعلى الله قدره في الدنيا والآخرة، وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب، فأدخله الله النار وألهبها عليه، وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب، فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة. وعن حبة العرني قال: رأيت علياً ضحك على المنبر ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي طالب، ظهر علينا أبو طالب، وأنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن ببطن نخلة زاد في رواية: نصلي فقال: ماذا تصنعان يا بن أخي؟ فدعاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام. فقال: ما بالذي تصنعان بأس، أو بالذي تقولان بأس، ولكن والله لا تعلوني استي أبداً. فضحك تعجباً بقول أبيه، ثم قال: اللهم لا أعرف أن عبداً لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً. وكان أبو طالب بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفيقاً شفيقاً، يمنعه من مشركي قريش. جاؤوه ذات صباح بعمارة بن الوليد، فقالوا له: قد عرفت حال عمارة بن الوليد في قريش،
ونحن ندفعه إليك مكان محمد، وادفعه إلينا. فقال: ما أنصفتموني، أعطيكم ابن أخي تقتلونه، وتعطوني ابن أخيكم أغذوه لكم؟! وهو الذي يقول: من الطويل
عجبت لحلمٍ يا بن شيبة حادث ... وأحلام أقوامٍ لديك سخاف
يقولون شايع من أراد محمداً ... بسوء، وقم في أمره بخلاف
أضاميم: إما حاسد ذو خيانة ... وإما قريب منك غير مصاف
فلا تركبن الدهر منك ظلامة ... وأنت امرؤ من خير عبد مناف
فإن له قربى إليك وسيلة ... وليس بذي حلف ولا بمضاف
ولكنه من هاشم في صميمها ... إلى أبحر فوق البحور طواف
فإن غضبت فيه قريش فقل لها ... بني عمنا ما قومكم بضعاف
فما قومكم بالقوم يغشون ظلمهم ... وما نحن فيما ساءكم بخفاف
وقال أبو طالب: من الطويل
كذبتم وبيت الله نبزى محمداً ... ولما نطا عن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم نحوكم غير عزلٍ ... يبيض حديث عهدها بالصياقل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى، عصمة للأرامل
جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد. فانطلقت إليه، فاستخرجته من كبسٍ أو قال: حفش يقول: بيت صغير فجاء به في الظهيرة، في شدة الحر، فجعل يطلب
الفيء يمشي فيه من شدة الحر، فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة. فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا وفي رواية ما كذبت ابن أخي قط.
قالوا: وازداد البلاء من قبل قريش على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن أخيه، فإن فعل، وإلا تعاقدوا على عقد ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يدفعوه إليهم، فكتبوا في صحيفتهم عهداً بينهم ألا يناكحوا من بني عبد المطلب، ولا يبايعوهم، ولا يجالسواهم، ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمداً، فيقتلونه. فمشوا إلى أبي طالب، وقد كتبوا كتابهم: قالوا: يا بن عبد المطلب، أنت أفضل قريش اليوم حلماً، وأكبرهم سناً، وأعظمهم شرفاً، وقد رأيت صنع ابن أخيك، والسفهاء الذين معه، الصباة المخلطين لأمرهم، إن قومك قد نفروا إلى أمر فيه صلاح قومك، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم، قد كتب قومك كتاباً فيه الذي تكرهون إن أبيتم أن تدفعوا إليهم حاجتهم. قال: وما حاجتكم فيما قبلي؟ قالوا: حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فنقتله، ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله، وندفع إليك ديته، ونعطيك أي أبنائنا شئت، فيكون لك ولداً مكان هذا الصابئ. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ابني وأغذو أولادكم؟ أولا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد، فتقتلونهم جميعاً، وتقتلون معهم محمداً، قالوا: لا لعمر أبيك، لا لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا
الصابئ، ولكن سنقتله سراً أو علانية، فائتمر لذلك أمرك. فعند ذلك قال: من الطويل
كذبتم وبيت الله نترك محمداً ... ولما نضارب دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض نهضاً في نحوركم القنا ... كنهض الروايا في طريق حلاحل
وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه ... من الطعن مشي الأنكب المتحامل
في قولٍ كثيرٍ يقول لهم. فلما سمعت بذلك قريش، عرفوا منه الجد، يئسوا منه، وأظهروا لبني عبد المطلب العداوة، واللفظ القبيح، والشتم، وأقسموا ليقتلنه سراً أو علانية. فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلوا ابن أخيه إن استطاعوا، خافهم وتتابعت معهم القبائل كلها، فلما رأى ذلك أبو طالب، جمع رهطه، فانطلق بهم، فقاموا بين الأستار والكعبة، فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم، وانتهاكهم محارمهم، وتناولهم سفك دمائهم، فقال أبو طالب:
إن أبى قومنا إلا البغي علينا، فعجل نصرنا، وحل بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي. ثم أقبل إلى جمع قريش، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه. فقال لهم: إنا قد دعونا رب هذا البيت على القاطع، المنتهك المحارم، والله، لتنتهن عن الذي تريدون، أو لينزلن الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون. قال: فأجابوه أن يا بن عبد المطلب، لا صلح بيننا وبينكم أبداً، ولا رحم، إلا على قتل الصابئ السفيه. ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه، ومن اتبعهم من بين مؤمنٍ دخل لنصر الله ونصر رسوله، ومن بين مشركٍ يحمي أنفاً، فدخلوا شعبهم، وهو شعب أبي طالب، ناحية مكة. ودعا على قومه في شعره.
قال: هشام بن عمرو العامري؛ الذي قام في نقض الصحيفة التي كتب مشركو قريش على بني هاشم في نفر قاموا معهم، منهم: مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وأبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة. تبرؤوا من الصحيفة. وفي ذلك يقول أبو طالب: من الطويل
جزى الله رهطاً من لؤي تتابعوا ... على ملأ يهدي لحزمٍ ويرشد
قعوداً لدى جنب الحطيم كأنهم ... مقاولة، بل هم أعز وأمجد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضياً ... فسر أبو بكر بها ومحمد
ألم يأتكم أن الصحيفة مزقت ... وأن كل ما لم يرضه الله مفسد
أعان عليها كل صقر كأنه ... شهاب بكفي قابسٍ يتوقد
جريءٍ على جل الأمور كأنه ... إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد
وكان سهل بن بيضاء الفهري الذي مشى إليهم في ذلك حتى اجتمعوا عليه. قالوا: وقال أبو جهل، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، والعاص بن سعيد، وأمية بن خلف: يا معشر قريش، إن هذا الأمر يزداد، وإن أبا طالب ذو رأي وشرف وسن، وهو على دينكم، وهو اليوم مدنف، فامشوا إليه، فأعطوه السواء يأخذ لكم وعليكم في ابن أخيه، فإنكم إن خلوتم بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وقد خالفا دينكم تكون الحرب بينكم وبين قومكم. فجاؤوا أبا طالب فقالوا: أنت سيدنا، وأنصفنا في أنفسنا، وقد رأيت هؤلاء السفهاء مع ابن أخيك من تركهم آلهتنا، وطعنهم في ديننا، وقد
فرق بيننا، وأكفر آلهتنا، وسب آباءنا، فأرسل إلى ابن أخيك، فأنت بيننا عدل. فأرسل أبو طالب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه، فقال له: هؤلاء قومك وذوو أسنانهم، وأهل الشرف منهم، وهم يعطونك السواء فلا تمل عليهم كل الميل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قولوا أسمع قولكم. فقال أبو جهل بن هشام: ترفضنا من ذكرك، ولا تكن منا ولا من آلهتنا في شيء، وندعك وربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أعطيتكم ما سألتم، أمعطي أنتم كلمة واحدة لكم فيها خير، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل وهو مستهزئ: نعم، لله أبوك لكلمة نعطيها وعشرة أمثالها فقال: قولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فنفروا من كلامه، وخرجوا مفارقين له. وقالوا: " امشوا، واصبروا على آلهتكم، إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق إلى قوله بل لما يذوقوا عذاب ". فكان ممشاهم إلى أبي طالب لما لقوا من عمر وسمعوا منه. وعن ابن عباس في قوله عز وجل " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤذى، وينأى ويجفوا عما جاء به " وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون " يعني أبا طالب.
ولما حضرت أبا طالب الوفاة قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بأخوالك بني النجار، فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرس، وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت عليه هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: يا عماه، إن الله قد عصمني من الجن والأنس.
وعن أنس بن مالك قال: مرض أبو طالب، فعاده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا بن أخي، ادع لي ربك الذي تعبده أن يعافيني. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم اشف عمي. فقام أبو طالب كأنما نشط من عقال، فقال: يا بن أخي، إن ربك الذي تعبده ليعطيك. قال: وأنت يا عماه، إن أطعت الله ليعطيك. وعنه قال: لما مرض أبو طالب مرضه الذي مات فيه، أرسل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادع ربك أن يشفيني، فإن ربك ليعطيك، وابعث إلي بقطاف من قطاف الجنة. فأرسل إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت يا عم، إن أطعت الله أطاعك. وعن عبد الله بن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيخاً أعمى يوم الفتح، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟ قال: أردت يا رسول الله أن يأجره الله، أما والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك. قال: صدقت. ولما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها، قالت له قريش: يا أبا طالب، أرسل إلى ابن أخيك، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكر شيئاً يكون لك شفاء. فخرج الرسول حتى وجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر جالساً معه، فقال: يا محمد، إن عمك يقول لك: يا بن أخي، إني كبير ضعيف سقيم، فأرسل إلي من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئاً يكون لي فيه شفاء. فقال أبو بكر: إن الله حرمهما على الكافرين. فرجع إليهم الرسول، فأخبرهم، فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولاً من عنده، فوجده الرسول في مجلسه، فقال له مثل ذلك. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله حرمهما على الكافرين، طعامها وشرابها. ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب فوجده مملوءاً رجالاً. فقال: خلوا بيني وبين عمي. قالوا: ما نحن بفاعلين، ما أنت بأحق به منا، إن كانت لك قرابة فلنا قرابة مثل قرابتك. فجلس إليه، فقال: يا عم، جزيت عني خيراً، كفلتني صغيراً وحطتني كبيراً، جزيت عني خيراً، يا عم، أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك
بها عند الله يوم القيامة. قال: وما هي يا بن أخي؟ قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. قال: إنك لي ناصح، والله لولا أن نعير بها فيقال خرع عمك من الموت لأقررت بها عينك. فصاح القوم: يا أبا طالب، أنت رأس الحنيفية، ملة الأشياخ. فقال: لا تحدث بيننا قريش أن عمك جزع عند الموت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني. فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا، ولذوي قرابتنا؟ قد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر لعمه. فاستغفروا للمشركين حتى نزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ". وفي حديث فقالوا: قد استغفر إبراهيم لأبيه، فنزلت: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " قال: لما مات على كفره تبين أنه عدو الله. قالوا: قال أبو طالب:
يا بن أخي، والله لولا رهبة أن تقول قريش دهرني الجزع، فيكون سبة عليك وعلى بني أبيك لفعلت الذي تقول، وأقررت عينك بها، لما أرى من شكرك، ووجدك بي ونصيحتك لي. ثم إن أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتأمرهم بها وتدعها لنفسك؟ فقال أبو طالب: أما إنك لو سألتني الكلمة وأنا صحيح لتابعتك على الذي تقول، ولكني أكره أن أجزع عند الموت، فترى قريش أنني أخذتها جزعاً، ورددتها في صحتي. وقيل: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى تكذيبهم بالحق قال: لقد دعوت قومي إلى أمر ما اشتططت في القول. فقال عمه: أجل لم تشتط. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذلك، وأعجبه قول عمه: يا عم، لك علي كرامة، ويدك عندي حسنة، ولست أجد اليوم
ما أجزيك به، غير أني أسألك كلمة تحل لي بها الشفاعة عند ربي، أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تصيب بها الكرامة عند الممات، فقد حيل بينك وبين الدنيا، وتنزل بكلمتك هذه الشرف الأعلى في الآخرة الحديث، وزاد في آخره فأنزل الله عز وجل " أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ". وعن العباس بن عبد المطلب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، قال له نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عم، قل كلمة واحدة أشفع لك بها يوم القيامة، لا إله إلا الله. فقال: لولا أن تكون عليك وعلى بني أبيك عبد الله غضاضة لأقررت بعينيك، ولو سألتني هذه في الحياة لفعلت. قال: وعنده جميلة ابنة حرب، حمالة الحطب، وهي تقول له: يا أبا طالب، مت على دين الأشياخ قال: فلما خفت صوته، فلم يبق منه شيء: قال: حرك شفتيه، فقال العباس: فأصغيت إليه، فقال قولاً خفياً: لا إله إلا الله. فقال العباس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن أخي قد والله قال أخي الذي سألته. فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لم أسمعه. وعن المسيب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية فقال: أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. قال أبو جهل وعبد اله بن أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ".
وعن علي قال: لما توفي أبو طالب أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: إن عمك الشيخ قد مات. قال: اذهب فواره، ولا تحدث من أمره شيئاً حتى تأتيني. فواريته ثم أتيته. فقال: اذهب فاغتسل، ولا تحدث شيئاً حتى تأتيني. فاغتسلت ثم أتيته، فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها. قالوا: وكان علياً إذا غسل ميتاً اغتسل. وفي رواية أخرى: إن عمك الشيخ الضال قد مات. وفي رواية: الكافر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهب فواره. فقلت: والله لا أواريه. قال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، فقلت له: والله، لا أواريه. فقال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، ثم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني الحديث ثم إنه قال: دعا لي بدعوات ما أحب لي بهن ما على الأرض من شيء. وعن ابن عباس قال: عارض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحم، جزاك الله خيراً يا عم. وعن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن لأبي طالب عندي رحماً سأبلها ببلاها.
وعن العباس أنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما ترجو لأبي طالب؟ قال: كل الخير أرجو من ربي. وعن علي قال: أخبرت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموت أبي طالب فبكى، ثم قال: اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت، وجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر له أياماً، ولا يخرج من بيته، حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال علي: وأمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلت.
قال الحسن: لما مات أبو طالب، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن إبراهيم ليستغفر لأبيه وهو مشرك، وأنا أستغفر لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله عز وجل " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " يعني به أبا طالب، فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال الله عز وجل لنبيه: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " يعني حين قال " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا " " فلما تبين له أنه عدو الله " يعني مات على الشرك " تبرأ منه " " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " يعني بالحليم: السيد. والأواه: الدعاء إلى الله. والمنيب: المستغفر. ذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي بن أبي طالب إلى قبر أبي طالب ليستغفرا له، فأنزل الله عز وجل: " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موت أبي طالب على الكفر، فأنزل الله على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنك لا تهدي من أحببت " يعني به: أبا طالب " ولكن الله يهدي من يشاء " يعني به العباس بن عبد المطلب. وكان العباس أحب عمومة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبي طالب إليه، لأنه كان يتيماً في حجره. ولما مات أبو طالب عرض لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفيه من سفهاء قريش، فألقى عليه تراباً، فرجع إلى بيته، فأتته امرأة من بناته، تمسح عن وجهه التراب وتبكي. قال: فجعل يقول: أي بنية، لا تبكين، فإن الله مانع أباك. ويقول ما بين ذلك: ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.
وعن أبي هريرة قال: لما مات أبو طالب ضرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ما أسرع ما وجدت فقدك يا عم. وعن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما زالت قريش كافة عني وفي رواية كاعةً عني حتى توفي أبو طالب. كاعة جمع كائع: وهو الجبان. يريد أنه كان يحوط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويذب عنه، وكانت قريش تكيع وتجبن عن أذاه. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب، وأخٍ لي كان في الجاهلية. وعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله ما أغنيت عن عمك، فقد كان يحوطك، ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاحٍ من النار، ولولا أنا كان في الدرك الأسفل من النار. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر عنده أبو طالب فقال: تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه.
وفي حديث: كان يحوطك وينفعك فهل تنفعه؟ قال: نعم، وجدته في غمرات النار، فأخرجته إلى ضحضاح. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، في رجليه نعلان من نارٍ يغلي منهما دماغه.
وفي حديث: وسئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن. قال: أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. وفي حديث: فقيل: إن فيها لضحضاحاً وغمراً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نعم، إن أدنى أهل النار منزلة لمن يحذى له منها نعلان من نار يغلي من وهجهما دماغه، حتى يسيل على قوائمه. وقيل: إنه ينادي. يرى أنه لا يعذب أحد عذابه من شدة ما هو فيه. وقال علي يرثي أباه أبا طالب: من الطويل
أرقت لنوح آخر الليل غردا ... لشيخي ينعى والرئيس المسددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى ... وذا الحلم لا جلفاً ولم يك قعددا
أخا الهلك خلى ثلمةً سيدها ... بنو هاشم أو تستباح وتضهدا
فأمست قريش يفرحون لفقده ... ولست أرى حياً لشيء مخلدا
أرادت أموراً زينتها حلومهم ... ستوردهم يوماً من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله ... وأن يفتروا بهتاً عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم ... صدور العوالي والصفيح المهندا
ويبدو منا منظر ذو كريهةٍ ... إذا ما تسربلنا الحديد المسردا
فإما تبيدونا وإما نبيدكم ... وإما تروا سلم العشيرة أرشدا
وإلا فإن الحي دون محمد ... بنو هاشم خير البرية محتدا
فإن له منكم من الله ناصراً ... ولست بلاقٍ صاحب الله أوحدا
نبي أتى من كل وحي بخطةٍ ... فسماه ربي في الكتاب محمدا
أغر كنور البدر صورة وجهه ... جلا الغيم عنه ضوؤه فتعددا
أمين على ما استودع الله قلبه ... وإن قال قولاً كان فيه مسددا
توفي أبو طالب في نصف شوال في السنة العاشرة من حين تنبي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يومئذٍ ابن بضع وثمانين سنة. وتوفيت خديجة بعده بشهر وخمسة أيام، وهي يومئذٍ بنت خمس وستين سنة. فاجتمعت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصيبتان: موت خديجة، وموت أبي طالب عمه. وقيل: إن خديجة توفيت قبل أبي طالب بخمس وثلاثين ليلة.
وقيل شيبة بن عبد المطلب، شيبة الحمل بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي عم سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: إنه أسلم. قال المصنف: ولا يصح إسلامه.
قدم بصري مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكى عنه. روى علي قال: سمعت أبا طالب يقول: حدثني محمد بن أخي وكان والله صدوقاً قال: قلت له: بما بعثت يا محمد؟ قال: بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. وقال أبو طالب: حدثني محمد أن الله أمره بصلة الأرحام، وأن نعبد الله وحده، ولا نعبد معه أحداً، ومحمد عندي الصدوق الأمين. قال أبو طالب: كنت بذي المجاز مع ابن أخي يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأدركني العطش، فشكوت إليه
فقلت: يا ابن أخي قد عطشت، وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئاً إلا الجزع قال: فثنى وركه ثم نزل فقال: يا عم، أعطشت؟ قال: قلت: نعم. قال: فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب يا عم. قال: فشربت. وفي آخر قال: أرويت يا عم؟ قلت: نعم. وكان سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجر عمه أبي طالب بعد جده عبد المطلب، وإلى أبي طالب أوصى عبد المطلب برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال أبو طالب حين توجه إلى بصرى: من الطويل
بكى طرباً لما رآنا محمد ... كأن لا يراني راجعاً لمعاد
فبت يجافيني تهلل دمعه ... وقربته من مضجعي ووسادي
فقلت له قرب قعودك وارتحل ... ولا تخش مني جفوة ببلادي
وخل زمان العيس وارتحلن بنا ... على عزمة من أمرنا ورشاد
ورح رائحاً في الراشدين مشيعاً ... لذي رحمٍ في القوم غير معاد
فرحنا مع العير التي راح ركبها ... يؤمون من غوري أرض إياد
وحتى رأوا أخبار كل مدينة ... سجوداً له من عصبة وفراد
فما رجعوا حتى رأوا من محمد ... أحاديث تجلو غم كل فؤاد
زبيراً وتماماً وقد كلن شاهداً ... دريساً وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولاً بحيراً وأيقنوا ... له بعد تكذيب وطول تعاد
كما قال للرهط الذين تهودوا ... وجاهدهم في الله كل جهاد
فقال ولم يملك له النصح: رده ... فإن له أرصاد كل مضاد
فإني أخاف الحاسدين وإنه ... أخو الكتب مكتوب بكل مداد
قالوا: ولم يكن أحد يسود في الجاهلية إلا بمال إلا أبو طالب، وعتبة بن ربيعة. وقيل لتأبط شراً: أخبرنا عن أشراف العرب فقال: أفعل، سيد قريش ذو مالها، وإنما يسود في قريش ذو المال بالفعال. قال عمر بن الخطاب: إذا كان هذا المال في قريش فاض، وإذا كان في غيرها غاض. وكانت بيده السقاية، ثم أسلمها إلى العباس بن عبد المطلب، وكان نديمه مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس. وكان مسافر قد حبن، فخرج ليتداوى بالحيرة، فمات بهبالة. فقال أبو طالب يرثيه: من الخفيف
ليت شعري مسافر ابن أبي عم ... رو، وليت يقولها المحزون
كيف كانت مذاقة الموت إذ ... مت، وماذا بعد الممات يكون؟
رحل الركب قافلين إلينا ... وخليلي في مرمس مدفون
بورك الميت الغريب كما بو ... رك نضر الريحان والزيتون
ميت رزء على هبالة قد حا ... لت فياف من دونه وحزون
مدره يدفع الخصوم بأيدٍ ... وبوجه يزينه العرنين
كم خليل وصاحب وابن عمٍ ... وحميم قفت عليه المنون
فتعزيت بالجلادة والصب ... ر، وإني بصاحبي لضنين
كل من كان بالأباطح والجل ... س عليه من شيبه توشين
أصبحوا بعده كدابغة اله ... ناء منها معين وعطين
ولما هلك مسافر نادم أبو طالب عمرو بن عبد بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤي. ولذلك قال عمرو بن عبد لعلي بن أبي طالب يوم الخندق حين دعاه إلى البراز: إن أباك كان لي صديقاً. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بعثت ولي أربع عمومة، فأما العباس فيكنى بأبي الفضل، ولولده الفضل إلى يوم القيامة، وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى، فأعلى الله قدره في الدنيا والآخرة، وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب، فأدخله الله النار وألهبها عليه، وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب، فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة. وعن حبة العرني قال: رأيت علياً ضحك على المنبر ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي طالب، ظهر علينا أبو طالب، وأنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن ببطن نخلة زاد في رواية: نصلي فقال: ماذا تصنعان يا بن أخي؟ فدعاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام. فقال: ما بالذي تصنعان بأس، أو بالذي تقولان بأس، ولكن والله لا تعلوني استي أبداً. فضحك تعجباً بقول أبيه، ثم قال: اللهم لا أعرف أن عبداً لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً. وكان أبو طالب بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفيقاً شفيقاً، يمنعه من مشركي قريش. جاؤوه ذات صباح بعمارة بن الوليد، فقالوا له: قد عرفت حال عمارة بن الوليد في قريش،
ونحن ندفعه إليك مكان محمد، وادفعه إلينا. فقال: ما أنصفتموني، أعطيكم ابن أخي تقتلونه، وتعطوني ابن أخيكم أغذوه لكم؟! وهو الذي يقول: من الطويل
عجبت لحلمٍ يا بن شيبة حادث ... وأحلام أقوامٍ لديك سخاف
يقولون شايع من أراد محمداً ... بسوء، وقم في أمره بخلاف
أضاميم: إما حاسد ذو خيانة ... وإما قريب منك غير مصاف
فلا تركبن الدهر منك ظلامة ... وأنت امرؤ من خير عبد مناف
فإن له قربى إليك وسيلة ... وليس بذي حلف ولا بمضاف
ولكنه من هاشم في صميمها ... إلى أبحر فوق البحور طواف
فإن غضبت فيه قريش فقل لها ... بني عمنا ما قومكم بضعاف
فما قومكم بالقوم يغشون ظلمهم ... وما نحن فيما ساءكم بخفاف
وقال أبو طالب: من الطويل
كذبتم وبيت الله نبزى محمداً ... ولما نطا عن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم نحوكم غير عزلٍ ... يبيض حديث عهدها بالصياقل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى، عصمة للأرامل
جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا، فقال: يا عقيل، انطلق فأتني بمحمد. فانطلقت إليه، فاستخرجته من كبسٍ أو قال: حفش يقول: بيت صغير فجاء به في الظهيرة، في شدة الحر، فجعل يطلب
الفيء يمشي فيه من شدة الحر، فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة. فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا وفي رواية ما كذبت ابن أخي قط.
قالوا: وازداد البلاء من قبل قريش على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فائتمروا بينهم أن يكلموا أبا طالب في ابن أخيه، فإن فعل، وإلا تعاقدوا على عقد ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم حتى يدفعوه إليهم، فكتبوا في صحيفتهم عهداً بينهم ألا يناكحوا من بني عبد المطلب، ولا يبايعوهم، ولا يجالسواهم، ولا يكلموهم حتى يدفعوا إليهم محمداً، فيقتلونه. فمشوا إلى أبي طالب، وقد كتبوا كتابهم: قالوا: يا بن عبد المطلب، أنت أفضل قريش اليوم حلماً، وأكبرهم سناً، وأعظمهم شرفاً، وقد رأيت صنع ابن أخيك، والسفهاء الذين معه، الصباة المخلطين لأمرهم، إن قومك قد نفروا إلى أمر فيه صلاح قومك، وصلاحهم لك صلاح إن فعلت، وإن أبيت فقد أبلغوا إليك في العذر، وفيه هلاكك وهلاك أهل بيتك، لا يعدوكم ذلك إلى أحد غيركم، قد كتب قومك كتاباً فيه الذي تكرهون إن أبيتم أن تدفعوا إليهم حاجتهم. قال: وما حاجتكم فيما قبلي؟ قالوا: حاجتنا أن تدفع إلينا هذا الصابئ الذي فرق كلمتنا، وأفسد جماعتنا، وقطع أرحامنا، فنقتله، ونعطيك ديته. قال: لا تطيب بذلك نفسي أن أرى قاتل ابن أخي يمشي بمكة وقد أكلت ديته. قالوا: فإنا ندفعه إلى بعض العرب فيكون هو يقتله، وندفع إليك ديته، ونعطيك أي أبنائنا شئت، فيكون لك ولداً مكان هذا الصابئ. فقال لهم: ما أنصفتموني، تقتلون ابني وأغذو أولادكم؟ أولا تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لم تحن إلى غيره؟ ولكن أمر هو أجمع لكم مما أراكم تخوضون فيه، تجمعون شباب قريش، من كان منهم بسن محمد، فتقتلونهم جميعاً، وتقتلون معهم محمداً، قالوا: لا لعمر أبيك، لا لا نقتل أبناءنا وإخواننا من أجل هذا
الصابئ، ولكن سنقتله سراً أو علانية، فائتمر لذلك أمرك. فعند ذلك قال: من الطويل
كذبتم وبيت الله نترك محمداً ... ولما نضارب دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض نهضاً في نحوركم القنا ... كنهض الروايا في طريق حلاحل
وحتى نرى ذا الدرع يركب ردعه ... من الطعن مشي الأنكب المتحامل
في قولٍ كثيرٍ يقول لهم. فلما سمعت بذلك قريش، عرفوا منه الجد، يئسوا منه، وأظهروا لبني عبد المطلب العداوة، واللفظ القبيح، والشتم، وأقسموا ليقتلنه سراً أو علانية. فلما عرف أبو طالب أن القوم قاتلوا ابن أخيه إن استطاعوا، خافهم وتتابعت معهم القبائل كلها، فلما رأى ذلك أبو طالب، جمع رهطه، فانطلق بهم، فقاموا بين الأستار والكعبة، فدعوا الله على ظلمة قومهم في قطيعتهم أرحامهم، وانتهاكهم محارمهم، وتناولهم سفك دمائهم، فقال أبو طالب:
إن أبى قومنا إلا البغي علينا، فعجل نصرنا، وحل بينهم وبين الذي يريدون من قتل ابن أخي. ثم أقبل إلى جمع قريش، وهم ينظرون إليه وإلى أصحابه. فقال لهم: إنا قد دعونا رب هذا البيت على القاطع، المنتهك المحارم، والله، لتنتهن عن الذي تريدون، أو لينزلن الله بكم في قطيعتنا بعض الذي تكرهون. قال: فأجابوه أن يا بن عبد المطلب، لا صلح بيننا وبينكم أبداً، ولا رحم، إلا على قتل الصابئ السفيه. ثم عمد فدخل الشعب بابن أخيه وبني أبيه، ومن اتبعهم من بين مؤمنٍ دخل لنصر الله ونصر رسوله، ومن بين مشركٍ يحمي أنفاً، فدخلوا شعبهم، وهو شعب أبي طالب، ناحية مكة. ودعا على قومه في شعره.
قال: هشام بن عمرو العامري؛ الذي قام في نقض الصحيفة التي كتب مشركو قريش على بني هاشم في نفر قاموا معهم، منهم: مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وأبو البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة. تبرؤوا من الصحيفة. وفي ذلك يقول أبو طالب: من الطويل
جزى الله رهطاً من لؤي تتابعوا ... على ملأ يهدي لحزمٍ ويرشد
قعوداً لدى جنب الحطيم كأنهم ... مقاولة، بل هم أعز وأمجد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضياً ... فسر أبو بكر بها ومحمد
ألم يأتكم أن الصحيفة مزقت ... وأن كل ما لم يرضه الله مفسد
أعان عليها كل صقر كأنه ... شهاب بكفي قابسٍ يتوقد
جريءٍ على جل الأمور كأنه ... إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد
وكان سهل بن بيضاء الفهري الذي مشى إليهم في ذلك حتى اجتمعوا عليه. قالوا: وقال أبو جهل، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، والعاص بن سعيد، وأمية بن خلف: يا معشر قريش، إن هذا الأمر يزداد، وإن أبا طالب ذو رأي وشرف وسن، وهو على دينكم، وهو اليوم مدنف، فامشوا إليه، فأعطوه السواء يأخذ لكم وعليكم في ابن أخيه، فإنكم إن خلوتم بعمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب، وقد خالفا دينكم تكون الحرب بينكم وبين قومكم. فجاؤوا أبا طالب فقالوا: أنت سيدنا، وأنصفنا في أنفسنا، وقد رأيت هؤلاء السفهاء مع ابن أخيك من تركهم آلهتنا، وطعنهم في ديننا، وقد
فرق بيننا، وأكفر آلهتنا، وسب آباءنا، فأرسل إلى ابن أخيك، فأنت بيننا عدل. فأرسل أبو طالب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه، فقال له: هؤلاء قومك وذوو أسنانهم، وأهل الشرف منهم، وهم يعطونك السواء فلا تمل عليهم كل الميل، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قولوا أسمع قولكم. فقال أبو جهل بن هشام: ترفضنا من ذكرك، ولا تكن منا ولا من آلهتنا في شيء، وندعك وربك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن أعطيتكم ما سألتم، أمعطي أنتم كلمة واحدة لكم فيها خير، تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل وهو مستهزئ: نعم، لله أبوك لكلمة نعطيها وعشرة أمثالها فقال: قولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فنفروا من كلامه، وخرجوا مفارقين له. وقالوا: " امشوا، واصبروا على آلهتكم، إن هذا لشيء يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق إلى قوله بل لما يذوقوا عذاب ". فكان ممشاهم إلى أبي طالب لما لقوا من عمر وسمعوا منه. وعن ابن عباس في قوله عز وجل " وهم ينهون عنه وينأون عنه " قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤذى، وينأى ويجفوا عما جاء به " وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون " يعني أبا طالب.
ولما حضرت أبا طالب الوفاة قال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليك بأخوالك بني النجار، فإنهم أمنع الناس لما في بيوتهم. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرس، وكان يرسل معه أبو طالب كل يوم رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت عليه هذه الآية " والله يعصمك من الناس " فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال: يا عماه، إن الله قد عصمني من الجن والأنس.
وعن أنس بن مالك قال: مرض أبو طالب، فعاده النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا بن أخي، ادع لي ربك الذي تعبده أن يعافيني. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم اشف عمي. فقام أبو طالب كأنما نشط من عقال، فقال: يا بن أخي، إن ربك الذي تعبده ليعطيك. قال: وأنت يا عماه، إن أطعت الله ليعطيك. وعنه قال: لما مرض أبو طالب مرضه الذي مات فيه، أرسل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادع ربك أن يشفيني، فإن ربك ليعطيك، وابعث إلي بقطاف من قطاف الجنة. فأرسل إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت يا عم، إن أطعت الله أطاعك. وعن عبد الله بن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيخاً أعمى يوم الفتح، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟ قال: أردت يا رسول الله أن يأجره الله، أما والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك. قال: صدقت. ولما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها، قالت له قريش: يا أبا طالب، أرسل إلى ابن أخيك، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكر شيئاً يكون لك شفاء. فخرج الرسول حتى وجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر جالساً معه، فقال: يا محمد، إن عمك يقول لك: يا بن أخي، إني كبير ضعيف سقيم، فأرسل إلي من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئاً يكون لي فيه شفاء. فقال أبو بكر: إن الله حرمهما على الكافرين. فرجع إليهم الرسول، فأخبرهم، فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولاً من عنده، فوجده الرسول في مجلسه، فقال له مثل ذلك. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله حرمهما على الكافرين، طعامها وشرابها. ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب فوجده مملوءاً رجالاً. فقال: خلوا بيني وبين عمي. قالوا: ما نحن بفاعلين، ما أنت بأحق به منا، إن كانت لك قرابة فلنا قرابة مثل قرابتك. فجلس إليه، فقال: يا عم، جزيت عني خيراً، كفلتني صغيراً وحطتني كبيراً، جزيت عني خيراً، يا عم، أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك
بها عند الله يوم القيامة. قال: وما هي يا بن أخي؟ قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. قال: إنك لي ناصح، والله لولا أن نعير بها فيقال خرع عمك من الموت لأقررت بها عينك. فصاح القوم: يا أبا طالب، أنت رأس الحنيفية، ملة الأشياخ. فقال: لا تحدث بيننا قريش أن عمك جزع عند الموت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني. فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون: ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا، ولذوي قرابتنا؟ قد استغفر إبراهيم لأبيه، وهذا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر لعمه. فاستغفروا للمشركين حتى نزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ". وفي حديث فقالوا: قد استغفر إبراهيم لأبيه، فنزلت: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " قال: لما مات على كفره تبين أنه عدو الله. قالوا: قال أبو طالب:
يا بن أخي، والله لولا رهبة أن تقول قريش دهرني الجزع، فيكون سبة عليك وعلى بني أبيك لفعلت الذي تقول، وأقررت عينك بها، لما أرى من شكرك، ووجدك بي ونصيحتك لي. ثم إن أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتأمرهم بها وتدعها لنفسك؟ فقال أبو طالب: أما إنك لو سألتني الكلمة وأنا صحيح لتابعتك على الذي تقول، ولكني أكره أن أجزع عند الموت، فترى قريش أنني أخذتها جزعاً، ورددتها في صحتي. وقيل: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى تكذيبهم بالحق قال: لقد دعوت قومي إلى أمر ما اشتططت في القول. فقال عمه: أجل لم تشتط. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ذلك، وأعجبه قول عمه: يا عم، لك علي كرامة، ويدك عندي حسنة، ولست أجد اليوم
ما أجزيك به، غير أني أسألك كلمة تحل لي بها الشفاعة عند ربي، أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تصيب بها الكرامة عند الممات، فقد حيل بينك وبين الدنيا، وتنزل بكلمتك هذه الشرف الأعلى في الآخرة الحديث، وزاد في آخره فأنزل الله عز وجل " أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ". وعن العباس بن عبد المطلب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، قال له نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا عم، قل كلمة واحدة أشفع لك بها يوم القيامة، لا إله إلا الله. فقال: لولا أن تكون عليك وعلى بني أبيك عبد الله غضاضة لأقررت بعينيك، ولو سألتني هذه في الحياة لفعلت. قال: وعنده جميلة ابنة حرب، حمالة الحطب، وهي تقول له: يا أبا طالب، مت على دين الأشياخ قال: فلما خفت صوته، فلم يبق منه شيء: قال: حرك شفتيه، فقال العباس: فأصغيت إليه، فقال قولاً خفياً: لا إله إلا الله. فقال العباس للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا بن أخي قد والله قال أخي الذي سألته. فقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لم أسمعه. وعن المسيب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية فقال: أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. قال أبو جهل وعبد اله بن أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ".
وعن علي قال: لما توفي أبو طالب أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: إن عمك الشيخ قد مات. قال: اذهب فواره، ولا تحدث من أمره شيئاً حتى تأتيني. فواريته ثم أتيته. فقال: اذهب فاغتسل، ولا تحدث شيئاً حتى تأتيني. فاغتسلت ثم أتيته، فدعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم وسودها. قالوا: وكان علياً إذا غسل ميتاً اغتسل. وفي رواية أخرى: إن عمك الشيخ الضال قد مات. وفي رواية: الكافر، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذهب فواره. فقلت: والله لا أواريه. قال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، فقلت له: والله، لا أواريه. فقال: فمن يواريه إن لم تواره؟ فانطلق فواره، ثم لا تحدث شيئاً حتى تأتيني الحديث ثم إنه قال: دعا لي بدعوات ما أحب لي بهن ما على الأرض من شيء. وعن ابن عباس قال: عارض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جنازة أبي طالب فقال: وصلتك رحم، جزاك الله خيراً يا عم. وعن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن لأبي طالب عندي رحماً سأبلها ببلاها.
وعن العباس أنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما ترجو لأبي طالب؟ قال: كل الخير أرجو من ربي. وعن علي قال: أخبرت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموت أبي طالب فبكى، ثم قال: اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت، وجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغفر له أياماً، ولا يخرج من بيته، حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " قال علي: وأمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلت.
قال الحسن: لما مات أبو طالب، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن إبراهيم ليستغفر لأبيه وهو مشرك، وأنا أستغفر لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله عز وجل " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " يعني به أبا طالب، فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال الله عز وجل لنبيه: " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه " يعني حين قال " سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا " " فلما تبين له أنه عدو الله " يعني مات على الشرك " تبرأ منه " " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " يعني بالحليم: السيد. والأواه: الدعاء إلى الله. والمنيب: المستغفر. ذهب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي بن أبي طالب إلى قبر أبي طالب ليستغفرا له، فأنزل الله عز وجل: " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " فاشتد على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موت أبي طالب على الكفر، فأنزل الله على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنك لا تهدي من أحببت " يعني به: أبا طالب " ولكن الله يهدي من يشاء " يعني به العباس بن عبد المطلب. وكان العباس أحب عمومة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبي طالب إليه، لأنه كان يتيماً في حجره. ولما مات أبو طالب عرض لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفيه من سفهاء قريش، فألقى عليه تراباً، فرجع إلى بيته، فأتته امرأة من بناته، تمسح عن وجهه التراب وتبكي. قال: فجعل يقول: أي بنية، لا تبكين، فإن الله مانع أباك. ويقول ما بين ذلك: ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب.
وعن أبي هريرة قال: لما مات أبو طالب ضرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ما أسرع ما وجدت فقدك يا عم. وعن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما زالت قريش كافة عني وفي رواية كاعةً عني حتى توفي أبو طالب. كاعة جمع كائع: وهو الجبان. يريد أنه كان يحوط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويذب عنه، وكانت قريش تكيع وتجبن عن أذاه. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب، وأخٍ لي كان في الجاهلية. وعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله ما أغنيت عن عمك، فقد كان يحوطك، ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاحٍ من النار، ولولا أنا كان في الدرك الأسفل من النار. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر عنده أبو طالب فقال: تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه.
وفي حديث: كان يحوطك وينفعك فهل تنفعه؟ قال: نعم، وجدته في غمرات النار، فأخرجته إلى ضحضاح. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، في رجليه نعلان من نارٍ يغلي منهما دماغه.
وفي حديث: وسئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن. قال: أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب. وفي حديث: فقيل: إن فيها لضحضاحاً وغمراً. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نعم، إن أدنى أهل النار منزلة لمن يحذى له منها نعلان من نار يغلي من وهجهما دماغه، حتى يسيل على قوائمه. وقيل: إنه ينادي. يرى أنه لا يعذب أحد عذابه من شدة ما هو فيه. وقال علي يرثي أباه أبا طالب: من الطويل
أرقت لنوح آخر الليل غردا ... لشيخي ينعى والرئيس المسددا
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى ... وذا الحلم لا جلفاً ولم يك قعددا
أخا الهلك خلى ثلمةً سيدها ... بنو هاشم أو تستباح وتضهدا
فأمست قريش يفرحون لفقده ... ولست أرى حياً لشيء مخلدا
أرادت أموراً زينتها حلومهم ... ستوردهم يوماً من الغي موردا
يرجون تكذيب النبي وقتله ... وأن يفتروا بهتاً عليه ويجحدا
كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم ... صدور العوالي والصفيح المهندا
ويبدو منا منظر ذو كريهةٍ ... إذا ما تسربلنا الحديد المسردا
فإما تبيدونا وإما نبيدكم ... وإما تروا سلم العشيرة أرشدا
وإلا فإن الحي دون محمد ... بنو هاشم خير البرية محتدا
فإن له منكم من الله ناصراً ... ولست بلاقٍ صاحب الله أوحدا
نبي أتى من كل وحي بخطةٍ ... فسماه ربي في الكتاب محمدا
أغر كنور البدر صورة وجهه ... جلا الغيم عنه ضوؤه فتعددا
أمين على ما استودع الله قلبه ... وإن قال قولاً كان فيه مسددا
توفي أبو طالب في نصف شوال في السنة العاشرة من حين تنبي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يومئذٍ ابن بضع وثمانين سنة. وتوفيت خديجة بعده بشهر وخمسة أيام، وهي يومئذٍ بنت خمس وستين سنة. فاجتمعت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصيبتان: موت خديجة، وموت أبي طالب عمه. وقيل: إن خديجة توفيت قبل أبي طالب بخمس وثلاثين ليلة.
أَبُو بكر بن عبد الله بن قطاف النَّهْشَلِي
روى عَن عبد الرحمن بن الْأسود فِي الصَّلَاة وَزِيَاد بن علاقَة فِي الصَّوْم
روى عَنهُ عون بن سَلام وبهز بن أَسد
وَيُقَال عبد الله بن فلَان بن قطاف وَيُقَال ابْن فلَان بن عبد الله بن قطاف
روى عَن عبد الرحمن بن الْأسود فِي الصَّلَاة وَزِيَاد بن علاقَة فِي الصَّوْم
روى عَنهُ عون بن سَلام وبهز بن أَسد
وَيُقَال عبد الله بن فلَان بن قطاف وَيُقَال ابْن فلَان بن عبد الله بن قطاف
أبو بكر النهشلى. قيل: اسمه كنيته، وهو الأكثر وقد سمى على ما ذكرنا في التأليف قبل هذا وهو عندهم كوفى ثقة. روى عن عاصم بن كليب والاعمش. روى عنه عبد الرحمن بن مهدى.
أَبُو بكر النَّهْشَلِي هُوَ ابْن عبد الله بن قطن وَيُقَال عبد الله بن فلَان بن قطاف
روى عَن عبد الرحمن بن الْأسود
روى عَنهُ عون بن سَلام فِي الصَّلَاة وبهز بن أَسد فِي الصَّوْم
روى عَن عبد الرحمن بن الْأسود
روى عَنهُ عون بن سَلام فِي الصَّلَاة وبهز بن أَسد فِي الصَّوْم
أبو بكر النّهشلى. عبد اللَّه بن معاوية بن القِطَاف . وقيل: وهب ابن قِطَاف. وقيل: معاوية بن قِطاف. وقال فيه وكيع: أبو بكر بن عبد اللَّه بن أبى القطاف . وقال ابن معين : (هذا (اشبه) عندى ممن قال: ابن قطاف). قال أبو عمر: روى أبو بكر النهشلى عن عاصم بن كليب والأعمش ومحمد بن الزبير وغيرهم. روى عنه يحيى بن آدم وعبد الرحمن بن مهدى وكيع. هو عندهم ثقة، إلّا أن أبا حاتم الرازى قال: "هو شيخ صالح يكتب حديثه قال: وهو عندى خير من أبى بكر الهذلى" .
أبو بكر النهشلي وهو ابن قطاف روى عن عاصم بن كليب وغيره روى عنه عبد الرحمن بن مهدي سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد روى عن الاعمش.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد [بن حنبل - ] فيما كتب إلى قال سألت ابى عن ابى بكر النهشلي فقال [هو - ] كوفي ثقة.
نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: أبو بكر النهشلي كوفي ثقة.
نا عبد الرحمن أنا يعقوب [بن إسحاق - ] فيما كتب إلي قال نا عثمان بن سعيد [الدارمي - ] قال: أبو بكر النهشلي هو الذى يقول وكيع أبو بكر ابن [عبد الله بن - ] ابى القطاف لا يقول النهشلي.
قال أبو محمد هو بابن ابى القطاف اشبه منه بابن القطاف.
نا عبد الرحمن نا أبو سعيد ( م )
ابن يحيى بن سعيد القطان نا [يحيى - ] بن آدم ثنا أبو بكر [بن عبد الله - ] النهشلي .
نا عبد الرحمن قال سألت ابى عن ابى [بكر - ] النهشلي فقال: شيخ صالح يكتب حديثه، وهو أحب إلي من ابى بكر الهذلى.
قال أبو محمد روى عن الاعمش.
حدثنا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد [بن حنبل - ] فيما كتب إلى قال سألت ابى عن ابى بكر النهشلي فقال [هو - ] كوفي ثقة.
نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول: أبو بكر النهشلي كوفي ثقة.
نا عبد الرحمن أنا يعقوب [بن إسحاق - ] فيما كتب إلي قال نا عثمان بن سعيد [الدارمي - ] قال: أبو بكر النهشلي هو الذى يقول وكيع أبو بكر ابن [عبد الله بن - ] ابى القطاف لا يقول النهشلي.
قال أبو محمد هو بابن ابى القطاف اشبه منه بابن القطاف.
نا عبد الرحمن نا أبو سعيد ( م )
ابن يحيى بن سعيد القطان نا [يحيى - ] بن آدم ثنا أبو بكر [بن عبد الله - ] النهشلي .
نا عبد الرحمن قال سألت ابى عن ابى [بكر - ] النهشلي فقال: شيخ صالح يكتب حديثه، وهو أحب إلي من ابى بكر الهذلى.
أَبُو بكر النَّهْشَلِي
أبو بكر النهشلي الكوفي
قال أبو داود: قلت لأحمد: أبو بكر النهشلي؟
قال: ثقة.
"سؤالات أبي داود" (415)
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: ما أنكره، وجعل يقدمه، وأقل من كتب عنه -يعني: أبا أسامة.
"سؤالات الآجري" (234)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو بكر بن عبد اللَّه النهشلي، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن علي: أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود. قال: وكان قد شهد معه صفين.
قال أبي: لم يروه عن عاصم غير أبي بكر النهشلي أعلمه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (717)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عبد اللَّه النهشلي- عن عبد العزيز بن رفيع قال: رأيت عائشة وعليها درع مورد وهي محرمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1994)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا أبو بكر النهشلي -يعني: ابن قطاف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3664)
وقال عبد اللَّه: سألته عن أبي بكر النهشلي؛ فقال: هذا أبو بكر بن عبد اللَّه بن قطاف النهشلي، كوفي ثقة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4371)
قال أبو داود: قلت لأحمد: أبو بكر النهشلي؟
قال: ثقة.
"سؤالات أبي داود" (415)
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل قال: ما أنكره، وجعل يقدمه، وأقل من كتب عنه -يعني: أبا أسامة.
"سؤالات الآجري" (234)
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو بكر بن عبد اللَّه النهشلي، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن علي: أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود. قال: وكان قد شهد معه صفين.
قال أبي: لم يروه عن عاصم غير أبي بكر النهشلي أعلمه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (717)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عبد اللَّه النهشلي- عن عبد العزيز بن رفيع قال: رأيت عائشة وعليها درع مورد وهي محرمة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (1994)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا أبو بكر النهشلي -يعني: ابن قطاف.
"العلل" رواية عبد اللَّه (3664)
وقال عبد اللَّه: سألته عن أبي بكر النهشلي؛ فقال: هذا أبو بكر بن عبد اللَّه بن قطاف النهشلي، كوفي ثقة.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4371)
أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ الكُوْفِيُّ
مِنْ عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ.
فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، وَلاَ يُعرَفُ إِلاَّ بِكُنْيَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ النَّخَعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَهْزُ بنُ أَسَدٍ، وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَجُبَارَةُ بنُ المُغَلِّسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي القَطَّافِ.
وَأَصحُّ مَا قِيْلَ فِي اسْمِهِ: عَبْدُ اللهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: كَانَ شَيْخاً صَالِحاً، فَاضِلاً، غَلَبَ عَلَيْهِ التَّقَشُّفُ، حَتَّى صَارَ يَهِمُ وَلاَ يَعْلَمُ، وَيُخطِئُ وَلاَ يَفهَمُ، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ، احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ صَالِحاً، يَثِبُ لِلصَّلاَةِ فِي مَرَضِهِ، وَلاَ يَقدِرُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُوْلُ: أُبَادِرُ طَيَّ الصَّحِيْفَةِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ النَّهْشَلِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
مِنْ عُلَمَاءِ الكُوْفَةِ.
فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، وَلاَ يُعرَفُ إِلاَّ بِكُنْيَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ النَّخَعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَزِيَادِ بنِ عِلاَقَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَهْزُ بنُ أَسَدٍ، وَعَوْنُ بنُ سَلاَّمٍ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَجُبَارَةُ بنُ المُغَلِّسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ وَكِيْعٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي القَطَّافِ.
وَأَصحُّ مَا قِيْلَ فِي اسْمِهِ: عَبْدُ اللهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ حِبَّانَ، فَقَالَ: كَانَ شَيْخاً صَالِحاً، فَاضِلاً، غَلَبَ عَلَيْهِ التَّقَشُّفُ، حَتَّى صَارَ يَهِمُ وَلاَ يَعْلَمُ، وَيُخطِئُ وَلاَ يَفهَمُ، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ، احْتجَّ بِهِ: مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ صَالِحاً، يَثِبُ لِلصَّلاَةِ فِي مَرَضِهِ، وَلاَ يَقدِرُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُوْلُ: أُبَادِرُ طَيَّ الصَّحِيْفَةِ.
قَالُوا: تُوُفِّيَ النَّهْشَلِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
- أبو بكر النهشلي, ابن قطاف. الطبقة الثامنة:
أبو بكر النّهشلي.
* قال عثمان بن سعيد الدّارمي: ليس أبو بكر النّهشلي ممن يحتجّ بروايته، أو تثبت به سنة لم يأت بها غيره (السنن الكبرى: 2/ 81).
* قال عثمان بن سعيد الدّارمي: ليس أبو بكر النّهشلي ممن يحتجّ بروايته، أو تثبت به سنة لم يأت بها غيره (السنن الكبرى: 2/ 81).
أبو بكر النهشلي
- أبو بكر النهشلي. من بني تميم من أنفسهم. وهو ابن عبد الله بن قطاف. وكان مرجيا. وكان عابدا ناسكا. وكانت له أحاديث. ومنهم من يستضعفه.
- أبو بكر النهشلي. من بني تميم من أنفسهم. وهو ابن عبد الله بن قطاف. وكان مرجيا. وكان عابدا ناسكا. وكانت له أحاديث. ومنهم من يستضعفه.